إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نور الطاعة ...وسعادة الدارين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نور الطاعة ...وسعادة الدارين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نور الطاعة ...وسعادة الدارين




    أيها الباحثون المنقِّبون عن السعادة وأسبابِها يا من تعيشون في حيرة وشتات اقرؤوا معي هذه الكلمات :
    نعيش حالة من السعادة والطمأنينة وراحة البال في مواسم الخير ونفحات الرحمن في رمضان والعشر من ذي الحجة وفي الحج وعند صلاة الجمعة و الأيام الطيبة هذه ، فنجد صفاء الروح وطمأنينة النفس وقرة العين وبعد انقضاء هذه الأيام تتغير الحال فلا نشعر بما كنا نشعر به ، فما السبب في هذه الحال ؟ التي نكون عليها في هذه الأيام ، وما السبب في تغيرها وانتهاء ثمرتها ؟ وكيف الوصول إلي دوام السعادة واستمرار راحة البال ؟ ومقام الرضا والطمأنينة ؟

    السر ليس في الأيام والليالي ، وإنما السر في الأعمال التي نعملها في هذه الأيام ، السر في الطاعة ، في القرآن الذي كنا نقرأه ، وفي الصيام الذي يرتقي بالروح ويزكِّي النفس وما فيه من مراقبة لله عز وجل ، وفي الصلاة التي هي الصلة بين العبد وربه ، والدعاء والتسامح ، والتزاور ، والتغافر ، وصلة الأرحام ، والتهادي ، وانتشار المودة والمحبة بين الناس .

    الطاعة مفتاح السعادة وسبب كل خير:

    يقول الله عز وجل {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد :28) أي: تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره، وترضى به مولى ونصيرًا؛ولهذا قال:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } أي: هو حقيق بذلك.{ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: فرح وقُرة عين وقال عِكْرِمة: نعم مالهم. وقال الضحاك: غبطة لَهُم. وقال إبراهيم النَّخعي: خير لهم. وقال قتادة: هي كلمة عربية يقول الرجل:"طوبى لك" أي: أصبت خيرًا. وقال في رواية:{ طُوبَى لَهُمْ }حسنى لهم.{وَحُسْنُ مَآبٍ } أي: مرجع. وهذه الأقوال شيء واحد لا منافاة بينها. تفسير بن كثير .

    فذكر الله سبب الراحة والطمأنينة والسعادة ،وهو الإيمان وعمل الصالحات .فطوبى لهم وفرح لهم وقُرة عين لهم ونعم مالهم وغبطة لَهُم وخير لهم وحسنى لهم ونعمة لهم وبركة لهم وسعادة لهم وطمأنينة لهم وكل خير لهم .لهم وحدهم وكأن الخير والسعاة واقفة عندهم فلا يَسْعَدُ ولا يُفْلِح ولا يهنأ غيرهم غير أهل الله وأهل طاعته سبحانه وتعالي .


    وأن الحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص من الأجر الحسن في الآخرة .في ظلال القرآن .

    فيا أهل الله أنتم الأغنياء، وأهل الدنيا وأرباب المال والثروات هم الفقراء ، فبارك الله لأهل الدنيا في دنياهم .



    لا تخطيء الطريق :
    طريق السعادة والنعيم والراحة هي طريق الله طريق الطاعة والالتزام بمنهج القرآن هي أن تتعامل بالقرآن فتزرع بالقرآن أي وفق منهج القرآن وتصنع بالقرآن وتتاجر بالقرآن وتمارس كل حياتك بالقرآن فتحيى بالقرآن وتعيش مع القرآن لا طريق غيرها
    أما من أخطأ الطريق وظن أن طريق السعادة في جمع المال وقال أن التجارة شطارة فغش ودلس في سبيل المال والربح الكثير ووطأ علي رقاب الضعفاء والمساكين باسم التجارة والاقتصاد وتاجر بالأطعمة الفاسدة واحتكر فقد أخطأ الطريق .
    ومن حسب أن طريق السعادة في السلطان والجاه وقال إن السياسة خداع ومراوغة فكذب ودلس وزور وقال بالبهتان وظن أن هذه هي الفطنة والذكاء وانتظر من بعدها السعادة فقد أخطأ الطريق .
    ومن حسب أن السعادة في الطعام والشراب والنساء والملذات والشهوات فقد أخطأ الطريق وضل ضلالا مبينا .

    إنما السعادة أن تطعم بطونا جائعة وتكسوا أجسادا عارية وتداوي أناسا مرضى وأن تخفف عن آلام المتألمين أو أن تزيح الهم والحزن عن المهمومين هذه هي السعادة الحقيقية عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ « إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ » . رواه أحمد وحسنه الألباني. هذه هي مليِّنَات القلوب .فلم يصف له إجازة في مصيف أو أكلة شهية أو نومة هنية أو قصرا مريحا أو سيارة فارهة - ولسنا نحرم شيئا من هذا فربما احتاجها المرء - بل وصف له طاعة يتعدي نفعها إلي غيره , أن يفعل الخير للناس... وهي التي تلين القلب وتزيح عنه قسوته .

    فمن حافظ علي المعروف بينه وبين الناس وحافظ علي الخلق الحسن فليشعرن بكل سعادة وكل طيب في الدنيا وله في الآخرة الأجر الجزيل .
    قَالَ الْحُطَيْئَةُ : وَلَسْت أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ *** وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ
    كَانَ ابْنُ عَطَاءٍ يَقُولُ فِي مُنَاجَاتِهِ: مَاذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ، وَمَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ..لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِيَ بِدُونِكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً.
    ولما حضرت معاذا رضي الله عنه الوفاة قال : اللهم إني قد كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا
    وطول البقاء فيها لجرى الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر. إحياء علوم الدين والثبات عند الممات - ابن الجوزي
    ما كان يعجبهم من الدنيا ويسعدهم إلا الساعات التي يخلون فيها مع الله محبوبهم وعلموا أنها طريق الراحة والسعادة والنعيم لذلك كانوا سعداء .
    قال إبراهيم بن بشار ،: خرجت أنا وإبراهيم بن أدهم ، وأبو يوسف الغسولي ، وأبو عبد الله السنجاري نريد الإسكندرية ، فمررنا بنهر يقال له نهر الأردن ، فقعدنا نستريح ، وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات ، فألقاها بين أيدينا فأكلناها وحمدنا الله تعالى ، فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم ، فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبته ، فقال بكفيه في الماء فملأها ، ثم قال : ( بسم الله ) وشرب الماء ، ثم قال : ( الحمد لله ) ، ثم ملأ كفيه من الماء وقال : ( بسم الله ) وشرب ، ثم قال : ( الحمد لله ) ، ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه ، ثم قال : يا أبا يوسف ، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب ، فقلت : يا أبا إسحاق ، طلب القوم الراحة والنعيم ، فأخطأوا الطريق المستقيم . فتبسم ، ثم قال : من أين لك هذا الكلام ؟ ! من كتاب الزهد والرقائق الخطيب البغدادي

    نعم سعادة البسطاء الأتقياء لا تضاهيها حياة الملوك لأنهم يأكلون شهيا ويشربون هنيئا وينامون عميقا لا ينتابهم خوف أو قلق. وآباؤنا وأجدادنا وهم الآن في رغد من العيش ويترحمون علي زمن مضي كانوا فيه يأكلون قليلا مما تخرج الأرض بكسرات من الخبز اليابس ويشربون ربما من الترع وربما شبعوا مرة وجاعوا آخري ولكن كانوا يشعرون بسعادة غامرة افتقدوها مع تطور الحياة وكثرة الخيرات لأنه قد انتزعت البركة من كثير من حياتنا .

    أما أصحاب المال والكنوز فيؤرِّقهم الخوف علي ثرواتهم وينغِّص عيشهم القلق علي كنوزهم . وأصحاب السلطان غير العادلين ربما ملكوا شيئا ولكن لم يفوزوا بالسعادة لأن الخوف علي أنفسهم لا يهنئهم بلذة .

    أيها الباحثون علي السعادة وراحة البال يا من تدخل إلي بيتك فتجد هما وغما ونكدا ؛ لا تعتاضوا عن الأيمان بالله عَرَض الحياة الدنيا وزينتها، فإنها قليلة، ولو حيزت لابن آدم الدنيا بحذافيرها لكان ما عند الله هو خير له، وجزاء الله وثوابه خير لمن رجاه وآمن به ، وحفظ عهده . والمؤمن يحمل بين جنبيه وبداخله قلب سعيد لأنه امتلأ إيمانا وثقة بخالقه وبتدبيره فاستراح قلبه حتى ولو لم ينل من متاع الدنيا شيئا وإن كان في الحقيقة فاز بكل شيء الراحة والسعادة .

    عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ » . صحيح مسلم

    النبي صلي الله عليه وسلم يعجب ممن حمل السعادة علي كل حال حتى في الضراء فهو سعيد أو مرتاح ولا يتحصل علي هذه الدرجة إلا بالإيمان إلا بالأنس بالله والرضا بقضائه وقدره .





  • #2
    رد: نور الطاعة ...وسعادة الدارين

    ثمار الحسنات:

    وتأمل معي قول ابن عباس الذي يبين فيه ما يحصده الطائعون من ثمار حسناتهم

    يقول ابن عباس رضي الله عنهما : « إنَّ للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسَعةً في الرزق ، وقوةً في البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق . وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمةً في القلب ، ووهناً في البدن ، ونقصاً في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق» .

    ضياء في الوجه:
    وإليك حديث النبي صلي الله عليه وسلم ليطمئن قبلك أن للطاعة ضياءً وبهاءً في الوجه : عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئاً فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ » . الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وفي رواية « نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثاً فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ » . . رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني وأخرجه أحمد و الدارمي و ابن حبان وابن عبد البر و أبو داود الطيالسي عن شعبة بنحوه .

    ويقول ربنا عزوجل {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(فصلت:33)

    فمن أفضل ممكن هو مبلغ عن الله وعن رسوله ممن يعمل عند الله من أحسن حظا وأشد ضياء وأعظم بهاء في وجهه ممن دعا له النبي صلي الله عليه وسلم المستجاب الدعوة الكريم علي ربه ليس من هو أفضل من المنشغل بدعوة الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم .



    ونوراً في القلب:

    إن السائر في طريق مظلمة يصطحب معه مصباحا أو شعلة تضيء له طريقه وإلا تخبط في الظلمات فأصابه الضر من شوك أو أذي أو وقع في حفرة فكسرت عظامه أو شج رأسه . وكذلك السائر في الحياة الدنيا التي هي ممر للحياة الآخر يحتاج إلي مصباح يضيء له طريقه لأن الطريق حالكة الظلام فتن كقطع الليل المظلم ونور هذه الرحلة يستمد من تقوي الله والعمل الصالحمن القرآن العظيم
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (النساء :174) قد جاءكم دليل الفلاح والسعادة

    فالنور والهداية والبصيرة والتوفيق في الحياة يستمد من بيوت الله في الصلاة في السجود لله عز وجل في الخلوة مع الله بالليل في طاعته سبحانه وتعالى .

    سئل الحسن البصري ما بال من يقومون الليل وجوههم مضيئة قال : قوم خلوا بالرحمن فكساهم نورا من نوره .

    قال أبي بن كعب: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} فهو يتقلب في خمسة من النور، فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة. إنها هي السعادة إذا والطمأنينة .
    ألا إن بيوتي في الأرض المساجد، وإنه من توضأ فأحسن وضوءه، ثم زارني في بيتي أكرمته، وحَقّ على المَزُور كرامةُ الزائر ابن كثير

    وعن سلمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر الله وحق على المزور أن يكرم الزائر} قال الألباني رواه الطبراني في الكبير بإسنادين أحدهما جيد . صحيح الترغيب والترهيب


    قال صاحب الظلالفي قوله تعالي:{يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء} ممن يفتحون قلوبهم للنور فتراه . فهو شائع في السماوات والأرض ، فائض في السماوات والأرض . دائم في السماوات والأرض . لا ينقطع ، ولا يحتبس ، ولا يخبو . فحيثما توجه إليه القلب رآه . وحيثما تطلع إليه الحائر هداه . وحيثما اتصل به وجد الله . إنما المثل الذي ضربه الله لنوره وسيلة لتقريبه إلى المدارك ، وهو العليم بطاقة البشر : {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ذلك النور الطليق ، الشائع في السماوات والأرض ، الفائض في السماوات والأرض ، يتجلى ويتبلور في بيوت الله التي تتصل فيها القلوب بالله ، تتطلع إليه وتذكره وتخشاه ، وتتجرد له وتؤثره على كل مغريات الحياة ، وهناك صلة تصويرية بين مشهد المشكاة هناك ومشهد البيوت هنا ، على طريقة التناسق القرآنية في عرض المشاهد ذات الشكل المتشابه أو المتقارب . وهناك صلة مثلها بين المصباح المشرق بالنور في المشكاة ، والقلوب المشرقة بالنور في بيوت الله .

    {.... وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (النــور :40) ونور الله هدى في القلب ؛ وتفتح في البصيرة ؛ واتصال في الفطرة بنواميس الله في السماوات والأرض؛ والتقاء بها على الله نور السماوات والأرض . فمن لم يتصل بهذا النور فهو في ظلمة لا انكشاف لها ، وفي مخالفة لا أمن فيها ، وفي ضلال لا رجعة منه . ونهاية العمل سراب ضائع يقود إلى الهلاك والعذاب ؛ لأنه لا عمل بغير عقيدة ، ولا صلاح بغير إيمان . إن هدى الله هو الهدى . وإن نور الله هو النور . في ظلال القرآن

    والسعادة في الهدي والنور والشقاء والضيق في الغي والظلام . {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأنعام :122)

    فيا من تبحثون عن السعادة مع أزواجكم وأولادكم وفي أعمالكم والتوفيق في حياتكم الدنيا والسداد في آرائكم واختياراتكم , الطريق من هنا , ما تبحثون عنه في التقوى في الطاعة في فعل الحسنات في عمل الخيرات . في التقرب إلي الله والبعد عمَّا يغضبه

    روى البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ » .

    فكيف يكون حالك إذا كنت تري بنور الله وتسمع بسمعه وتسير ببركته وما تتمنى فطوع إرادتك وإذا كنت مسددا مجبورا مستورا ؟

    ويوم القيامة يكون النور علي قدر الإيمان وعلي مقدار العمل الصالح يقول ربنا تقدست أسماؤه عن المؤمنين يوم الوعيد .


    إن الله يدعونا نحن المسلمين بأن نقرضه ونعطيه فماذا نعطي الله ؟! فنحن الفقراء ولا نملك شيئا بل الملك كله لله ومع هذا يطلب منا أن نقرضه إنها الرحمة الإلهية أن يستقرضنا وهو الغني عنا وفي الحقيقة ما نقرض وما نعطي إلا أنفسنا نعطيها أضعافا مضاعفة من النور والسعادة والعيشة الهنية والأجر الكريم والأجر العظيم حقا يوم القيامة يوم الظلمات لأهل المعاصي والنور لأهلة الطاعات فها هم المؤمنون يشع منهم النور فيكسوهم ويكسو المكان حولهم بين أيدهم وبأيمانهم فهذه البشرية تضيء وتنير إنه نور للمؤمنين نتاج لأعمالهم حصدوه يوم ينفع النور فبشرى لهم هذا الفوز العظيم وجنات النعيم فلقد دعيتم إلي جمع النور في الدنيا فسارعتم إلي كنزه لينفعكم اليوم

    وها هم المنافقون والعصاة في حالك الظلمات يرون المؤمنين في نور وضياء وبهاء فيطلبوا هذا النور ليسيروا في ركب المؤمنين وينادون عليهم دعونا نتلمس نوركم ونمشي في ضيائكم فينادي عليهم ارجعوا إلي حيث يلتمس النور إنه يلتمس في الطاعات والقربات في الصلاة والذكر إنه في القرآن إنه في المساجد في بيوت الله ولكن أني لهم ليرجعوا ليتمسوا هذه الأعمال وينادون عليهم لقد كنا سويا في الدنيا ويجيب المؤمنين نعم كنتم معنا في الدنيا كنتم معنا أجساما وقلوبكم مظلمة أظلمتها عليكم المعاصي وخربتها الشهوات ولكنكم لم تلتمسوا نور الله ولم تسعوا لهداه وكان النور في الدنيا وكذا الهدي ولكنكم أعرضتم واستكبرتم وتربستم وارتبتم وغرتكم المعاصي والشهوات فأفقدتكم الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة فلم تربحوا الدنيا ولم تكونوا من الفائزين في الآخرة فاليوم لا ينفع الندم ولا ينفع أن تقدموا فداء لتفدوا به أنفسكم أو حتى ثمنا لتشتروا به قبسا من النور فلتتخبطوا في حالك الظلمات ولتسقطوا من علي الصراط في قعر النار ولتخطفكم الكلاليب .

    قال الضحاك: ليس لأحد إلا يعطى نورًا يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين، فلما رأي ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طُفئ نور المنافقين، فقالوا: ربنا، أتمم لنا نورنا . تفسير ابن كثير.

    لكأني أسمع صرخاتهم وهم ينادون ندما علي تفريطهم في حق أنفسهم {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (فاطر:37)

    وقال الحسن في قوله{ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } يعني: على الصراط.. تفسير ابن كثير

    عن مسروق عن عبد الله قال : " يجمع الله الناس يوم القيامة " إلى أن يقول : " فيعطون نورهم على قدر أعمالهم ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ مرة إذا أضاء قدم قدمه وإذا طفئ قام قال : فيمر ويمرون على الصراط والصراط كحد السيف دحض مزلة فيقال لهم : امضوا على قدر نوركم فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالطرف ومنهم من يمر كشد الرجل يرمل رملا فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه تخر يد وتعلق يد فيخلصون فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجانا منك بعد ما أراناك لقد أعطانا الله ما لم يعط أحد " أخرجه الحاكم وقال صحيح علي شرط الشيخين صححه الألباني

    فعلي قدر عملك في الدنيا يكون الخير والبشر والسعادة وراحة البال والطمأنينة والفوز في الدنيا والآخرة {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (الحديد :19)

    ومن أعظم هذه الأعمال التي تجلب السعادة والراحة وصفاء النفس وهدوء الأعصاب التوبة الصادقة النصوح توبة الندم والدموع

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التحريم :8) هذا هو طريق الخير والسعادة ، التوبة النصوح ،توبة تنصح القلب وتخلِّصه وتصفِّيه من كل شائبة ، ثم لا تدع فيه غشا ولا خديعة .

    توبة عن كل ما يغضب الله وإذا ما رضي الله فثم الرضا والسعادة ، توبة أولها ندم على ما سلف وكان ، وثانيها الإقلاع عن المعاصي والآثام ،وثالثها دوام الاستغفار ، ورابعها العمل الصالح والطاعة والتزام منهج القرآن . فهي بهذه الصورة تنصح القلب فتخلِّصه من رواسب المعاصي وعكارها؛ وتحضه على العمل الصالح بعدها . فهذه هي التوبة النصوح .

    فإذا ما حققنا هذه الصورة والتزمنا بهذه التوبة فنرجوا الله أن يكفر بها السيئات . وأن يدخلنا الجنات . في يوم يخزي الله فيه أهل معصيته وينعم علي أهل طاعته . ولا يخزي الله نبيه والذين آمنوا معه .

    وتأمل معي مدي التكريم والتعظيم أن يضم الله المؤمنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيجعلهم معه زمرة واحدة يكرمون بتكريمه ويعظمون بتعظيمه . ثم يجعل لهم نوراً { يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } . نوراً يتميزون به في ذلك اليوم العصيب عن المنافقين وأهل المعاصي والشهوات. ونوراً يهتدون به في الزحام نورا ييسر عليهم مرور الصراط كالبرق الخاطف . ونوراً يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يبصرون به طريق الجنة في نهاية المطاف!

    وهم في هذه الأهوال يلهجون بالدعاء الصالح بين يدي الله: { يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ومن رحمة الله بهم أن يلهمهم هذا الدعاء في هذا الموقف الذي تخرص الألسنة وترجف القلوب ، هو علامة الاستجابة . فما ألهمهم الله هذا الدعاء إلا لأنه قدر لهم الإجابة فأي سعادة هذه ؟!



    تعليق


    • #3
      رد: نور الطاعة ...وسعادة الدارين

      وسعة في الرزق:

      {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الأعراف :96)

      بركات السماء بالمطر ، وبركات الأرض بالنبات والثمار ، وكثرة المواشي والأنعام ، وحصول الأمن والسلامة ، وذلك لأن السماء تجري مجرى الأب ، والأرض تجري مجرى الأم ، ومنها يحصل جميع المنافع والخيرات بخلق الله تعالى وتدبيره .الرازي

      يقول صاحب الظلال : إن الإيمان بالله ، وتقواه ، ليؤهلان لفيض من بركات السماء والأرض . وعدا من الله . ومن أوفى بعهده من الله؟ بركات مفتوحة بلا حساب . من فوقهم ومن تحت أرجلهم . والتعبير القرآني بعمومه وشموله يلقي ظلال الفيض الغامر ، الذي لا يتخصص بما يعهده البشر من الأرزاق والأقوات . .

      ونحن - المؤمنين بالله - نتلقى هذا الوعد بقلب المؤمن ، فنصدقه ابتداء ، لا نسأل عن علله وأسبابه؛ ولا نتردد لحظة في توقع مدلوله . . نحن نؤمن بالله - بالغيب - ونصدق بوعده بمقتضى هذا الإيمان . . ثم ننظر إلى وعد الله نظرة التدبر - كما يأمرنا إيماننا كذلك - فنجد علته وسببه! وهذه كذلك من مؤهلات النجاح في الحياة الواقعية .

      وحين تسير الحياة متناسقة بين الدوافع والكوابح ، عاملة في الأرض ، متطلعة إلى السماء ، متحررة من الهوى والطغيان البشري ، عابدة خاشعة لله . . تسير سيرة صالحة منتجة تستحق مدد الله بعد رضاه ، فلا جرم تحفها البركة ، ويعمها الخير ، ويظلها الفلاح . . والمسألة - من هذا الجانب - مسألة واقع منظور - إلى جانب لطف الله المستور - واقع له علله وأسبابه الظاهرة ، إلى جانب قدر الله الغيبي الموعود . .

      والبركات التي يَعِدُ الله بها الذين يؤمنون ويتقون ، في توكيد ويقين ، ألوان شتى لا يفصلها النص ولا يحددها وإيحاء النص القرآني يصور الفيض الهابط من كل مكان ، النابع من كل مكان ، بلا تحديد ولا تفصيل ولا بيان . فهي البركات بكل أنواعها وألوانها ، وبكل صورها وأشكالها ، ما يعهده الناس وما يتخيلونه ، وما لم يتهيأ لهم في واقع ولا خيال!

      والذين يتصورون الإيمان بالله وتقواه مسألة تعبدية بحتة ، لا صلة لها بواقع الناس في الأرض ، لا يعرفون الإيمان ولا يعرفون الحياة! وما أجدرهم أن ينظروا هذه الصلة قائمة يشهد بها الله - سبحانه - وكفى بالله شهيداً . ويحققها النظر بأسبابها التي يعرفها الناس :

      ولقد ينظر بعض الناس فيرى أمماً - يقولون : إنهم مسلمون - مضيقاً عليهم في الرزق ، لا يجدون إلا الجدب والمحق! . . ويرى أمماً لا يؤمنون ولا يتقون ، مفتوحاً عليهم في الرزق والقوة والنفوذ . . فيتساءل : وأين إذن هي السنة التي لا تتخلف؟

      ولكن هذا وذلك وهم تخيله ظواهر الأحوال!

      إن أولئك الذين يقولون : إنهم مسلمون . . لا مؤمنون ولا متقون! إنهم لا يخلصون عبوديتهم لله ، ولا يحققون في واقعهم شهادة أن لا إله إلا الله! إنهم يسلمون رقابهم لعبيد منهم ، يتألهون عليهم ، ويشرعون لهم - سواء القوانين أو القيم والتقاليد - وما أولئك بالمؤمنين . فالمؤمن لا يدع عبداً من العبيد يتأله عليه ، ولا يجعل عبداً من العبيد ربه الذي يصرف حياته بشرعه وأمره . . ويوم كان أسلاف هؤلاء الذين يزعمون الإيمان مسلمين حقاً . دانت لهم الدنيا ، وفاضت عليهم بركات من السماء والأرض ، وتحقق لهم وعد الله .

      فأما أولئك المفتوح عليهم في الرزق .


      وما معنى البركة؟ . البركة هي أن يعطي الموجودُ فوق ما يتطلبه حجمه؛ كواحد مرتبه قليل ونجده يعيش هو وأولاده في رضا وسعادة ، ودون ضيق ، فنتساءل : كيف يعيش؟ ويجيبك : إنها البركة . وللبركة تفسير كوني لأن الناس دائماً - كما قلنا سابقاً - ينظرون في وارداتهم إلى رزق الإِيجاب ، ويغفلون رزق السلب . رزق الإِيجاب أن يجعل سبحانه دخلك آلاف الجنيهات ولكنك قد تحتاج إلى أضعافهم ، ورزق السلب يجعل دخلك قليلا ويسلب عنك مصارف كثيرة ، كأن يمنحك العافية فلا تحتاج إلى أجر طبيب أو نفقة علاج وكأن يبارك في أولادك فلا يحتاجون إلي دروس خصوصية و ...... تفسير الشعراوي بتصريف

      {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيم * ِوَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} (المائدة :65-66)

      إن تطبيق شرع الله والتزام منهجه واتباع سنة نبيه تكفير للسيئات وفوز بالسعادة ودخول لجنة الفردوس في الدنيا قبل الآخرة

      وتأمل معي كيف يكون دخول فردوس الدنيا قبل فردوس الآخرة بأن يأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم .إنه فيض الخير وعموم البركات ولكل نفس ما تمنت وما اشتهت إنه السعادة الغامرة والحياة الرضية والعيشة الهنية .

      { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * } (نوح :10-14) إن لزوم الاستغفار صائد للخيرات ومفرج الكربات فيا من تعاني من قلة الرزق وضيق العيش الزم الاستغفار ويا من تتمنى النسل والولد الصالح ويا من ترجو صلاح ولدك الزم الاستغفار يا من تشكوا من أي ضائقة ويا من ترجو أي نفع وتتمني أي خير إنه الاستغفار إنه الركن الركين إن الملك كله بيد مالك خزائن السموات والأرض إنه بيد من {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يــس :82)

      وصلة الرحم وهي من الطاعات تبارك في الرزق وتوسعه وتزيد في العمر روى البخاري ومسلم عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ » .

      وقوة في البدن:

      عن عَلِىٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا ، فَأَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سَبْىٌ ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ ، فَأَخْبَرَتْهَا ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِىءِ فَاطِمَةَ ، فَجَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا ، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَقَالَ « عَلَى مَكَانِكُمَا » . فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى وَقَالَ « أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْراً مِمَّا سَأَلْتُمَانِى إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ ، وَتُسَبِّحَا ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ ، وَتَحْمَدَا ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ » . البخاري ومسلم
      وفي الصحيحين قَالَ عَلِىٌّ مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم . قِيلَ لَهُ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينِ .

      يقول ابن حجر : وفيه أن من واظب على هذا الذكر عند النوم لم يصبه إعياء لأن فاطمة شكت التعب من العمل فأحالها صلى الله عليه و سلم على ذلك , كذا أفاده بن تيمية وفيه نظر ولا يتعين رفع التعب بل يحتمل أن يكون من واظب عليه لا يتضرر بكثرة العمل ولا يشق عليه ولو حصل له التعب والله اعلم ( فتح الباري - ابن حجر )

      ويعضد ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَاداً الْمَلاَئِكَةُ جُلَسَاؤُهُمْ إِنْ غَابُوا يَفْتَقِدُونَهُمْ وَإِنْ مَرِضُوا عَادُوهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِى حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ » . أحمد والحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين موقوف و لم يخرجاه وتعليق الذهبي في التلخيص : على شرط البخاري ومسلم

      ويعضد ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَاداً الْمَلاَئِكَةُ جُلَسَاؤُهُمْ إِنْ غَابُوا يَفْتَقِدُونَهُمْ وَإِنْ مَرِضُوا عَادُوهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِى حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ » . أحمد والحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين موقوف و لم يخرجاه وتعليق الذهبي في التلخيص : على شرط البخاري ومسلم


      وثبت كذلك أن اختيار ساعات الصلاة في أوقاتها الخمسة إعجاز علمي حيث يحتاج الجسم في هذه الأوقات إلي النهوض وأداء الصلاة ليتخلص من مواد ضارة تصيبه وتزوده بهرمونات ترفع من كفاءة الجسم وخاصة صلاة الفجر . وما يتنزل في وقت السحر من غازات مفيدة للجسم .

      ومن هنا نفهم ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ . فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا ، فَأَصْبَحَ نَشِيطاً طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ » . وفي رواية مسلم (وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ)

      وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ « ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِى أُذُنَيْهِ » . أَوْ قَالَ « فِى أُذُنِهِ » . متفق عليه .

      ومحبة في قلوب الخلق:

      عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّى أُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبَّهُ - قَالَ - فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِى فِى السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ - قَالَ - ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى الأَرْضِ . وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّى أُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضْهُ - قَالَ - فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِى فِى أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضُوهُ - قَالَ - فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِى الأَرْضِ » . البخاري ومسلم

      روى أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَلْتَمِسُ مَرْضَاةَ اللَّهِ وَلاَ يَزَالُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجِبْرِيلَ إِنَّ فُلاَناً عَبْدِى يَلْتَمِسُ أَنْ يُرْضِيَنِى أَلاَ وَإِنَّ رَحْمَتِى عَلَيْهِ . فَيَقُولُ جِبْرِيلُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى فُلاَنٍ . وَيَقُولُهَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَيَقُولُهَا مَنْ حَوْلَهُمْ حَتَّى يَقُولَهَا أَهْلُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ ثُمَّ تَهْبِطُ لَهُ إِلَى الأَرْضِ »

      الطاعة المثمرة ... من الحال إلي المقام :

      السر إذا ليس في الأيام والليالي وإنما السر في الأعمال التي نعملها في هذه الأيام , السر في طاعة الله في القرآن الذي كنا نقرأه وفي الصيام ومراقبتنا فيه لله عز وجل وفي الصلاة والدعاء والتسامح والتزاور والتغافر وصلة الأرحام والتهادي وانتشار المودة والمحبة بين الناس فإذا عشنا أوقاتٍ للطاعة كنا علي حال طيبة وشعرنا بالسعادة , وعند انتهاء هذه الطاعة نعود إلي أصل حالنا فيكف نستمر علي حالة السعادة ؟ أن نظل علي حال الطاعة لأننا بتركنا للطاعة سرعان ما تزول عنا هذه الحال وذلك بعودة المشاعر إلى حالتها الأولى، فنجد الشخص يتأثر بالموعظة ويبكي وينتحب ثم بعد ذلك يعود إلى سابق عهده من الانشغال بالدنيا والغفلة عن الآخرة، فإذا استمر الطرق على المشاعر في اتجاه ما كالخوف أو الحب..استمرت الحالة الشعورية للشخص، وشيئا فشيئا يستقر "الحال" في المشاعر ليصبح "مقاما"، أي تُشكل هذه الحالة جزءاً ثابتاً من المشاعر، ويسهُل استثارتها بأدنى مؤثر، وتصبح منطلقا دائما للسلوك. من هنا يتضح لنا أنه لكي نصل إلي دوام الراحة والسعادة لابد أن نلتزم بالطاعة أولاً، وأن تنتقل هذه الطاعة من العقل إلى القلب، وأن تكون مستمرة حتى يرسخ مدلولها في مشاعر الإنسان وقلبه وتصبح إيماناً راسخاً فتشكل بذلك منطلقاً للسلوك.

      روى مسلم حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِىِّ قَالَ - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ - لَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ قَالَ قُلْتُ نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيراً قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا . فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « وَمَا ذَاكَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيراً . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِى وَفِى الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِى طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً » . ثَلاَثَ مَرَّاتٍ .

      نعم، أغلبنا يشتكي من اضطراب في نفسه وعدم استقرار مع ما نعمله من طاعة وحسنات ، والسبب في ذلك هو أن الطاعة المطلوبة والتي من شأنها أن تسعد العبد ، وتصل به إلي الطمأنينة ، لابد لها أن تكون طاعة تنبع من داخله ترسخ في يقين الإنسان وتؤثر في قلبه، أو بعبارة أخرى: تؤثر في مشاعره باعتبار أن القلب هو مجمع المشاعر داخل الإنسان، ومن ثَمَّ تشكل هذه الطاعة جزءاً أصيلاً من إيمانه، مثل ما قال الله عز وجل: { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } (الحج:54) .

      أما الطاعة المحدودة العابرة فلا يمكنها أن تؤثر تأثيراً مستمراً في حياة العبد، والدليل على ذلك أننا عندما نقيم الليل علي سبيل المثال في ليالي رمضان وخاصة ليلة القدر وتكون القراءة مؤثرة ببكاء وخشية ، فإن المشاعر تعلو، ويزداد الإيمان ونشعر وكأننا نحلق في السماء ثم بعد ذلك تخفت حرارة تلك المشاعر بانتهاء أثر العبادة التي أقمناها، وهذا هو الفارق بين الحال والمقام.

      "فالحال" هو الحالة الشعورية العابرة التي تنتاب المرء عندما تُستثار مشاعره في اتجاه ما.

      معنى هذا أننا بحاجة إلى أن نجعل معرفتنا بالله ومن ثم طاعته تستقر في القلب وترسخ فيه وتنمو شيئا فشيئا حتى تشكل الجزء الأكبر من المشاعر، فيصير حبه سبحانه أحب الأشياء لدينا وخشيته أخوف الأشياء عندنا، وهكذا في بقية المشاعر فتظهر تبعاً لذلك الثمار الطيبة لهذه المعرفة النافعة والطاعة المثمرة كما في الحديث:عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ » البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الإِيمَانِ »

      وعند مسلم عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً » . أي استقر الحب في قلبه فإذا ما اكتفت الطاعة علي وقت معين أو موسم فقط، ولم تصل إلى الدوام عليها والاستمرار ، ولم يستقر حبها في القلب، لن تظهر ثمارها راحة وسعادة واستقرارا .

      من هنا يتضح لنا أنه لكي نصل إلي حالة الرضا والاستقرار علينا بالطاعة المثمرة التي يكون القلب فيها حاضرا خاشعا أي الطاعة المؤثرة وكلما ازدادت مساحة هذه الطاعة، ازداد انجذاب المشاعر لله عز وجل، وتمكن الإيمان من القلب، وتجلت فيه أنواره، وظهر أثر ذلك على حالة العبد، فيسعد بحياته ويري كل الأمور ما دامت في رضا الله يراها خيرا وصدق ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم فيما يرويه الإمام مسلم عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ » .

      هل تأملت أن السراء التي تصيب العبد المؤمن لا تخرجه عن مقام الرضا والطمأنينة فلا يسخط ولا يجزع .

      فإذا أرت أن تعيش كما كنت في رمضان أو أي مناسبة سعيدة فما عليك سوى أن تجعل كل أيامك رمضان وكل لحظاتك طاعة ومرتبطة بالله وأن تعيش في رحاب الله وتحيى مع الله وبالله وانظر ما كنت تفعل فيها من طاعات فلا تبرحها وداوم عليها ومن هنا نعلم أن رمضان انطلاقة له ما بعده وبداية لهل تتابعها .

      نسأل الله العلي العظيم أن يديم علينا فضله وأن يكلأنا برحمته وأن يحفظنا بعينه التي لا تنام اللهم احفظنا بحفظك القوي المتين الذي حفظت به أنبياءك والمرسلين واحفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا واحفظنا أن نختال من تحتنا

      وإلي لقاء مع ( ظلمة المعصية ... وشقاء الدارين )

      {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الصافات:1


      تعليق


      • #4
        رد: نور الطاعة ...وسعادة الدارين

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        تبارك الخلاااااق ||موضوع راائع للغاية
        تقبل الله منا ومنكِ رفيقتى وهدى قلبك
        |||لاتنسى ذكر الله||سبحان الله

        تعليق


        • #5
          رد: نور الطاعة ...وسعادة الدارين

          المشاركة الأصلية بواسطة eman.bio مشاهدة المشاركة
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          تبارك الخلاااااق ||موضوع راائع للغاية
          تقبل الله منا ومنكِ رفيقتى وهدى قلبك
          |||لاتنسى ذكر الله||سبحان الله
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرا ونفع بكم رفيقتي
          تقبل الله منا ومنكم
          لا تنسوا ذكر الله
          صلوا على رسول الله
          صل الله عليه وسلم



          تعليق

          يعمل...
          X