دموع الخائفين.. أغلى دموع! وبكاء المخبتين.. أحلى بكاء! كم من دموع لغير الله أريقت! وكم من بكاء لأجل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله تعالى وهب وأنعم، وهدى وأكرم، والصلاة والسلام على سيد الأمم وعلى آله وأصحابه أرباب الهمم.
أخي المسلم: استشعار عظمة الله تعالى.. وجلاله..وملكه الذي لا تحيط به العقول.. وجبروته.. إن ذلك شغل القلوب التي عرفت الله تعالى.. وأفردته بالعبادة والقصد..
إن القلوب إذا استشعرت عظمة ملك الملوك، ملكها الخوف منه تبارك وتعالى.. والخشية.. والرهبة..
وهذه أخي المسلم وقفة أخرى في سلسلة المحاسبة.. وسؤال آخر، ينبغي أن يسأله كل مسلم لنفسه، هل هو من الباكين من خشية الله تعالى؟!
دموع الخائفين.. أغلى دموع!
وبكاء المخبتين.. أحلى بكاء!
وأنين المنيبين.. أصدق أنين!
خشية الله تعالى.. ملكت قلوب العارفين.. واستحوذت على أفئدة الصادقين..
البكاء من خشية الله تعالى، أصدق بكاء تردد في النفوس.. وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة
..قال يزيد بن ميسرة رحمه الله: "البكاء من سبعة أشياء: البكاء من الفرح، والبكاء من الحزن، والفزع والرياء، والوجع، والشكر، وبكاء من خشية الله تعالى، فذلك الذي تُطفئ الدمعة منها أمثال البحور من النار!"
أخي المسلم: ما أحلى دموع الخشية إذا أهملت من أعين الخائفين! هنالك تتنزل الرحمات.. وتُكتب الحسنات.. وتُرفع الدرجات!
فهل حاسبت نفسك يوماً: أين كنت من تلك اللحظات؟! أين كنت من ركب الباكين؟!
كم من دموع لغير الله أريقت!
وكم من بكاء لأجل شهوات النفوس توالى!
قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:
"لأن أدمع من خشية الله أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار!"
فهنيئاً لمن أسعفته الدمعات.. قبل حسرات يوم اللقاء!
هنيئاً لمن تعجل البكاء.. قبل حسرات يوم اللقاء!
فيا من شغلته الدنيا بغفلاتها!
ويا من صدته الشهوات بأباطيلها!
أنسيت أنك في ملك ملك الملوك؟!
أنسيت أنك في مُلك من ليس كمثله شيء تبارك وتعالى؟!
تذكر الجبار في ملكه.. والمتعالي في كبريائه..
تذكر من إليه مرجعك.. ومن هو أقرب إليك من حبل الوريد!
فهل حاسبت نفسك أيها العاقل: كم مرة دمعت عيناك من خشية الله تعالى؟!
هل يتحرك قلبك إذا قرعك القرآن بوعيده؟!
هل يتحرك قلبك إذا رأيت القبور وسكونها؟!
هل تذكرت الموت وكرباته؟!
هل تذكرت القبر وأهواله؟!
هل تذكرت الحشر وشدائده؟!
هل تذكرت الصراط وفظائعه؟!
شدائد لا ينجو منها إلا أهل الصدق.. الذي استعدوا قبل الممات.. وأعدُّوا قبل الحسرات..
بكوا قبل يوم البكاء.. وهراقوا الدموع قبل يوم تصبح الدموع دماء!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عينان لا تمسهما النار: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله»
[رواه الترمذي]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخانُ جهنم» [رواه الترمذي]
تعليق