واصبر نفسك
يقول تبارك وتعالى: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)).
غذاء القلوب: ذكر علّام الغيوب، وقد نادى منادي حي على الفلاح، فأجابته الأرواح الصِّحاح.
جلس أهل الشهوات يدنِّسون ألسنتهم بانتهاك الأعراض، والوثوب على الحُرمات، واقتحام أستار المؤمنين، شادوا دورهم، وخرَّبوا قبورهم، زخرفوا برودهم، وهدّموا لحودهم.
عندها هبّ أهل الإيمان على بريد التوفيق مجيبين بلال العزم في سحر الأيّام، فأما قلوبهم فمطمئنة بذكر ربهم، وأما ألسنتهم ففي زجل بمدح ربهم، وأما عيونهم فجارية بماء الحبِّ، باعوا دماءَهم من الله، فهم ينتظرون الذبح في سبيله، وأرخصوا أنفسهم في خدمته، فكل تعب في مرضاته راحة، وكل سهر في عبادته أنس، وكل جوع لأجله غنيمة.
إذا رأيت خدَّام الدنيا يلوِّحون بالدنانير الملس، ويتهافتون كالذئاب العلس، فاصبر نفسك.
وإذا دعاك الناكثون في السهرات، الغافلون في الخلوات، المتثاقلون عن الطاعة، المتفلّتون عن صلاة الجماعة، فاصبر نفسك.
إذا سمعت نغمة الوتر، وصولة أهل البطر، وجموح المترفين، واستفزاز المرجفين فاصبر نفسك.
عندنا خير مما عندهم، حياتنا جد، وحياتهم هزل، ولايتهم في اضطراب، وولايتنا لا تقبل العزل، كلما كدنا نرضخ، صاح النذير: واصبر نفسك.
أيها المؤمنون، هل شممتم مسكاً أزكى من أنفاس التائبين؟
هل سمعتم بماء أعذب من دموع النادمين؟
هل رأيتم لباساً أجمل من لباس المحرومين؟
هل رأيتهم زحفاً أقدس من زحف الطائفين؟
يا ساري البرق خذ بالله من خلدي دمع المحبة مجتازاً إلى أضمِ
فالعين ساكبة والطرف مكتمل من السهاد وذو الأشواق لم يَنِم
يا مسلماً، هل من ركعتين ودمعتين؟
فالحياة بلا ركوع دمار، والعمر بلا دموع خسار.
خلا رسولنا صلى الله عليه وسلم في الغار، فهبطت عليه الأنوار، فأتت من الغيب بشرى النبوة تتنفس في السَحَر كالشذى، وشقّت صمت العالم وأنسام التوفيق تحملها السكينة من دار إلى دار، فاستقامت مكة على هَدهَدة أنامل الرسالة، فإذا بشمس الوحي تتهادى من خلف تلال التاريخ، وفي عينيها أسرار عشاق المبادئ وسمار المجد، وفي كف اليتيم شعل من طور سيناء ، وفي دمه عقيدة حارة تتحدَّى الطواغيت والجبابرة، وفي ملامحه وعد يقرؤه أتباعه من القراء والآيبين.
شبَّ اليتيم ونجم سعوده يهوي في بادية بني سعد، والملحمة تنادي: ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى))، فأشرقت شمسه، فكل أرض لم تسعد بها فهي شقية، وكل عين لم تشاهدها فهي عمياء، ذلك بأن الله يهدي برسوله من يشاء ويضل من يشاء.
((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)).والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
د.عائض القرني
***يقول تبارك وتعالى: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)).
غذاء القلوب: ذكر علّام الغيوب، وقد نادى منادي حي على الفلاح، فأجابته الأرواح الصِّحاح.
جلس أهل الشهوات يدنِّسون ألسنتهم بانتهاك الأعراض، والوثوب على الحُرمات، واقتحام أستار المؤمنين، شادوا دورهم، وخرَّبوا قبورهم، زخرفوا برودهم، وهدّموا لحودهم.
عندها هبّ أهل الإيمان على بريد التوفيق مجيبين بلال العزم في سحر الأيّام، فأما قلوبهم فمطمئنة بذكر ربهم، وأما ألسنتهم ففي زجل بمدح ربهم، وأما عيونهم فجارية بماء الحبِّ، باعوا دماءَهم من الله، فهم ينتظرون الذبح في سبيله، وأرخصوا أنفسهم في خدمته، فكل تعب في مرضاته راحة، وكل سهر في عبادته أنس، وكل جوع لأجله غنيمة.
إذا رأيت خدَّام الدنيا يلوِّحون بالدنانير الملس، ويتهافتون كالذئاب العلس، فاصبر نفسك.
وإذا دعاك الناكثون في السهرات، الغافلون في الخلوات، المتثاقلون عن الطاعة، المتفلّتون عن صلاة الجماعة، فاصبر نفسك.
إذا سمعت نغمة الوتر، وصولة أهل البطر، وجموح المترفين، واستفزاز المرجفين فاصبر نفسك.
عندنا خير مما عندهم، حياتنا جد، وحياتهم هزل، ولايتهم في اضطراب، وولايتنا لا تقبل العزل، كلما كدنا نرضخ، صاح النذير: واصبر نفسك.
أيها المؤمنون، هل شممتم مسكاً أزكى من أنفاس التائبين؟
هل سمعتم بماء أعذب من دموع النادمين؟
هل رأيتم لباساً أجمل من لباس المحرومين؟
هل رأيتهم زحفاً أقدس من زحف الطائفين؟
يا ساري البرق خذ بالله من خلدي دمع المحبة مجتازاً إلى أضمِ
فالعين ساكبة والطرف مكتمل من السهاد وذو الأشواق لم يَنِم
يا مسلماً، هل من ركعتين ودمعتين؟
فالحياة بلا ركوع دمار، والعمر بلا دموع خسار.
خلا رسولنا صلى الله عليه وسلم في الغار، فهبطت عليه الأنوار، فأتت من الغيب بشرى النبوة تتنفس في السَحَر كالشذى، وشقّت صمت العالم وأنسام التوفيق تحملها السكينة من دار إلى دار، فاستقامت مكة على هَدهَدة أنامل الرسالة، فإذا بشمس الوحي تتهادى من خلف تلال التاريخ، وفي عينيها أسرار عشاق المبادئ وسمار المجد، وفي كف اليتيم شعل من طور سيناء ، وفي دمه عقيدة حارة تتحدَّى الطواغيت والجبابرة، وفي ملامحه وعد يقرؤه أتباعه من القراء والآيبين.
شبَّ اليتيم ونجم سعوده يهوي في بادية بني سعد، والملحمة تنادي: ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى))، فأشرقت شمسه، فكل أرض لم تسعد بها فهي شقية، وكل عين لم تشاهدها فهي عمياء، ذلك بأن الله يهدي برسوله من يشاء ويضل من يشاء.
((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)).والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
د.عائض القرني
تعليق