إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عزاء لأهل البلاء..........

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عزاء لأهل البلاء..........

    عزاء لأهل البلاء


    عبدالله بن محمد العسكر

    الحمد لله الصبور الشكور ، العلي الكبير ، السميع البصير ، جرت مشيئته في خلقه بتصاريف الأمور ، وأسمعت دعوته لليوم الموعود أصحاب القبور ، قدّر مقادير الخلائق وآجالهم ، وكتب آثارهم وأعمالهم ، وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور . القاهر القادرُ فكل عسير عليه يسير ، وهو المولى ، فنعم المولى ونعم النصير ، يسبِّح له ما فغي السموات وما في الأرض ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 0
    وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، جلّ عن الشبيه والنظير ، وتعالى عن الشريك والظهير ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير 0
    وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، خيرته من بريته ، وصفوته من خليقته ، أعرف الخلق به ، وأعظمهم له خشية ، أسلم قلبه وقالبه لربه ، وأناب إليه في كل أمره ، وقضى حياته عبادة وجهادا وصبرا ومصابرة حتى أتاه اليقين ، وما من خير إلا دلَّ أمته عليه ، وما من شر إلا حذَّرها منه ، وما مات وطائر يطير بجناحيه في السماء إلا وأعطانا منه خبرا ، فاللهم صلِّ عليه وسلم ، وبارك وأنعم ، وأجزه خير الجزاء وأوفاه ، وأعلاه وأسناه ، واحشرنا اللهم في زمرته يوم يقوم الأشهاد . واجعلنا من أتباع سنته ، وحماة شريعته ، وتوفنا على ذلك غير مبدلين ولا مضيعين ، آمين ، آمين . أما بعد :
    فالسلام عليكم معاشر الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته .وأسأل الله بمنه وكرمه أن يجعل هذا اللقاء مباركاً نافعاً لمن قاله ، ومن سمعه .

    أيها الأحبة الأجلاء : هذه تذكرة لأولي الألباب وتسلية لكل محزون ومصاب ، تشرح صدره ، وتجلب صبره ، وتهون خطبه ، وتنفس كربه .
    وهي وقفات مع آيات الكتاب العظيم ، وأحاديث المصطفى الكريم ، وتجوالٌ في سير عباد الله الصالحين ، ممن ألمت بهم المصائب ، وحلت بهم الكوارث والفواجع ، فثبتوا وصبروا ، وحمدوا ربهم وشكروا ، فكانوا مضرب المثل في الرضا بمرِّ القضا ، والصبر على ما كتب الله عليهم من عظيم البلا . إنها تسليةٌ لكل مكروب ومنكوب ، وعزاءٌ لمن حلت به مصيبة ، ونزلت به فجيعة .
    دعونا – أيها الإخوة والأخوات – نسير وإياكم في أفياء هذه الكلمات ، ونقف مع عبرها وآياتها وقفات ووقفات ، فلعل كلمة منها تقع في قلب مكروب طال حزنه ، وغشيه من الهم ما غشيه ، فتسليه وتعزيه ، وتصبره وتثبته .
    أيها الأخ المكروب ، أيها المحزون المهموم :

    إني أعزيك لا أني على ثقة *** من الحياة ، ولكن سنة الديـن

    فما المعزَّى بباقٍ بعد ميِّتـهِ *** ولا المعزِّي ، ولو عاشا إلى حينِ



    فأسلم إليَّ قلبك – وفقك الله- ، وأنصت إلى هذا الحديث ، فلعل الله أن يجمع لك به بين سعادة الدنيا ونعيمِ الآخرة ، وما ذلك على الله بعزيز .وتأمل معي هذه الوقفات ، ففيها آيات وعظات ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

    الوقفة الأولى : الابتلاء سنة الله في خلقه .
    هي سنة علينا وعلى من سبقنا ، ومن سيأتي بعدنا { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } .
    إن الدنيا – أخي – دار امتحان واختبار ، وأسقام وأكدار .

    فالمرء رهن مصائب لا تنقضي *** حتى يوسَّد جسمه في رمسه

    فمؤجلُ يلقى الردى في غيره *** ومعجل يلقى الردى في نفسه



    == تذكر أخي المكروب أن هناك خلقاً غيرك ممن حلت بهم المصائب ، فلست وحدك في ساحة الابتلاء ؛ بل لا أبالغ إذا قلت : إنه لا يوجد أحد إلا ولديه ما يُهِمُّه ويحزنه .

    كل من لاقيت يشكو دهره *** ليت شعري هذه الدنيا لمن؟

    == إن الدار التي ليس فيها كدر ولا حزن ، هي الجنة جعلني الله وإياك من أهلها . نعم تلك المَحَلَّة التي يكون فيها النعيم والسرور سرمدياً أبدياً ، لا يحول ولا يزول .
    وأهلها في فرح دائم ، ومتعة باقية { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } فاصبر وصابر لها واحصد ما استطعت من الحسنات فلعلك أن تظفر بها وتكون من أهلها .
    == إن هذه الدنيا أيها الحبيب مليئة بالهموم والأكدار
    قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : "إن لكل فرحة ترحة ، وما مليء بيت فرحاً إلا مليء ترحا" وقال ابن سيرين : "ما ضحكٌ إلا كان بعده بكاء ".

    الوقفة الثانية : سبب المصيبة
    إن المصيبة حين تحل بالعبد فلابدَّ أن يكون لنزولها سب ، وهذا السببُ في غالب الأمر لأجل ما كان من العبد من معصية اجترحتها يداه ، أو تفريطٍ في طاعة مولاه .
    قال تعالى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } ، وقال سبحانه : {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 0
    == وروى الطبري وصححه الألباني عن البراء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اختلج عرقُ (أي اضطرب ولا تحرك عرق) ولا عينُ إلا بذنب ، وما يدفع الله أكثر "
    الراوي:البراء بن عازب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5521
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    == قال ابن سيرين – رحمه الله – " إني لأعلم الذنب الذي حرمت به قيام الليل أربعة أشهر ذاك ني قلت لرجل : يا مفلس " !!
    قال أبو سليمان الداراني : " قلّت ذنوبهم فعرفوا من أين أوتوا وكثرت ذنوبناً فلم ندر من أين نؤتى "
    والله المستعان .
    == وسار أحد العلماء ومعه أحد طلابه فمرَّت امرأة فأطلق الطالب بصره فيها ، فقال الشيخ : " والله لتجدنَّ غبها ولو بعد حين " فنسيَ القرآن بعد أربعين سنة ، وقد كان حافظاً له . نعوذ بالله من سخطه وعقابه 0

    الوقفة الثالثة : من أسرار الابتلاء وحكمه
    ذكر ابن القيم – رحمه الله – بعضها في إغاثة اللهفان : ومنها : حصول الإخلاص في الدعاء ، وصدق الإنابة إلى الله ، والالتجاء وشدة التضرع بمن لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ...}
    ومن فوائد الابتلاء : تمحيص الذنوب والسيئات ، وبلوغ الدرجات العلية في الجنات "إلى آخر ما ذكر رحمه الله .
    == روي أنه كان في زمن حاتم الأصم رجل يقال له : معاذ الكبير . أصابته مصيبة ، فجزع منها وأمر بإحضار النائحات وكسر الأواني . فسمعه حاتم فذهب إلى تعزيته مع تلامذته ، وأمر تلميذاً له . فقال : إذا جلست فاسألني عن قوله تعالى : { إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } فسأله فقال حاتم : ليس هذا موضع السؤال . فسأله ثانيا ، وثالثا . فقال : معناه أن الإنسان لكفور ، عداد للمصائب ، نساء للنعم ، مثل معاذ هذا ، ان الله تعالى متعه بالنعم خمسين سنة ، فلم يجمع الناس عليها شاكراً لله عز وجل . فلما أصابته مصيبة جمع الناس يشكو من الله تعالى ؟!!
    فقال معاذ : بلى ، إن معاذاً لكنود عداد للمصائب نساء للنعم . فأمر بإخراج النائحات وتاب عن ذلك .

    الوقفة الرابعة : إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب
    { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
    قال صلى الله عليه وسلم : " ما رُزِقَ عبدُ عطاء خيراً له ولا أوسعَ من الصبر "

    الراوي: أبو هريرة و زيد بن خالد الجهني المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5626
    خلاصة حكم المحدث: صحيح
    أما مصيبة المرض ، فإن الله جعلها تذكرة وتنبيهاً للمؤمن ، ليعود إلى ربَّه ، وتنكسرَ نفسُه بين يديه جل وعلا . وقد جعل الله الأجور الوفيرة لمن صبر على مرضه الذي نزل به .
    == والمرض إما أن يكون حسياً عضوياً ، أو يكونَ مرضاً نفسياً ، والأمراض في كلَّ منهما تتفاوتُ درجاتُها ، ولكنْ على قدر المشقة والألم يكون الأجر والجزاء .
    فإذا حلَّ بك مرض – صغيراً أو كبيراً – فاصبر عليه صبر الراضي بقضاء الله وقدره ،

    وتذكر ما أعده الله للصابرين على ما أصابهم من الأمراض والأوجاع ، ومن ذلك مثلا :
    ما رواه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ ( تعب ) وَلَا وَصَبٍ ( مرض ) وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ
    " وفي هذا الحديث دلالة على أن المرض النفسي كالبدني في تكفير السيئات .

    في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِه)ِ بَلَغَتْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا أَوْ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا " .
    َوفي المسند أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فَكُلَّ سُوءٍ عَمِلْنَا جُزِينَا بِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْتَ تَمْرَضُ أَلَسْتَ تَنْصَبُ أَلَسْتَ تَحْزَنُ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ قَالَ بَلَى قَالَ فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ" .
    في صحيح مسلم عن جَابِر بن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ أَوْ أُمِّ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيَّبِ تُزَفْزِفِينَ قَالَتْ الْحُمَّى لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا فَقَالَ لَا تَسُبِّي الْحُمَّى فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيد "
    == والمرض خير للإنسان ، وعلامة من علامات الإيمان ، وأما من لم يصب بالمرض ولا بشيء من الأسقام فذاك نذير خطر ، وعلامة شر .
    جاء في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا فَإِذَا سَكَنَتْ اعْتَدَلَتْ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ " .
    وفي المسند وصححه أحمد شاكر وشعيب الأرناؤوط عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَخَذَتْكَ أُمُّ مِلْدَمٍ قَطُّ قَالَ وَمَا أُمُّ مِلْدَمٍ قَالَ حَرٌّ يَكُونُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ قَالَ مَا وَجَدْتُ هَذَا قَطُّ قَالَ فَهَلْ أَخَذَكَ هَذَا الصُّدَاعُ قَطُّ قَالَ وَمَا هَذَا الصُّدَاعُ قَالَ عِرْقٌ يَضْرِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي رَأْسِهِ قَالَ مَا وَجَدْتُ هَذَا قَطُّ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا "
    == وفي كتاب الزهد لهنّاد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " إنكم ترون الكافر من أصح الناس جسما وأمرضِهم قلبا ، وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبا ، وأمرضهم جسما ، وايم الله لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلان " .
    == الشيخ ابن باز يبكي لعدم إصابته بالمرض !!
    == ومن أعظم المصائب التي تقع كثيرا ويحسن الحديث عن فضل الصبر عليها واحتساب الأجر في حق من حلت به : المصيبة بفقد الأولاد والأحباب
    فلا شك أنها من أعظم البلاء على النفس وموتُ الولد خاصة (ذكراً كان أو أنثى) فجيعةٌ وأيُّ فجيعة ، ومن ذاق الفراق عرف طعمَه المر قال بعضهم :

    بُنيَّ إن عدمتُك في حياتي *** فلن أعدِمك ذخراً في المعادِ

    وكنتَ حُشاشتي وجلاءَ همَّي *** وإلفي والمفرَّجَ عن فؤادي



    ففقد الولد لا شك أنه من أشد البلاء وأقساه فالولد قطعة من والديه ولهذا جاء في سنن الترمذي وحسنه الألباني عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد "
    ولكن نقول : أيها المبتلى بفقد ولده : كان ما كان ، وذهب ولدك فما أنت صانع ؟! وإلى أين المفر والمشتكى ؟
    مالك إلا الصبرُ الجميل ، الصبر الذي لا شكوى فيه ، والرضا والتسليم بما كتب الله ، فتلك وديعة الله عندك ، وقد استردها ، ونحن ملكُه وعبيده ، والخلقُ خلقُه ، والأمر أمرُه .فاصبر وصابر 0

    اصبر لكل مصيبة وتجلَّدِ *** واعلم بأن المرء غير مخلَّد

    واصبر كما صبر الكرامُ فإنها *** نُوَبٌ تنوب اليوم تكشف في غدِ
    وإذا أتَتك مصيبة تَشجى لها *** فاذكر مصابك بالنبي محمد



    == وههنا أيها المفجوع بفقد ولده جملة من المبشرات لمن صبر على ما أصابه ، لعلَّها أن تسلَّيَك وتعزيَك ، وتنفس عنك شيئاً من همومك وأحزانك
    وفي سنن النسائي ومسند الإمام احمد بسند صححه الألباني معاوية بن قرة يحدث عن أبيه قال : ( قصة الأب وابنه الذي مات )
    في سنن ابن ماجه وحسنه الألباني عن عتبة بن عبد السلمي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل "
    الراوي: عتبة بن عبد السلمي المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/118
    خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
    وعند ابن ماجة وصححه الألباني عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته "
    الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1315
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    الوقفة الخامسة : الحزن لا ينافي الصبر
    في صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فائتنا فأرسل يقريء السلام ويقول إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع قال حسبته أنه قال كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله ما هذا ؟ فقال: " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء"
    == والحذر الحذر من الجزع عند نزول المصيبة فإنها علامة سوء وآية من آيات الخذلان . واعتراضٌ على الرب جل وتقدس ، ومن مظاهر الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره : النياحة على الميت ، والصراخُ والعويل ، وشقُ الجيوب ولطم الخدود ، ونحوُ ذلك مما هو من طباع أهلِ الجاهلية 0
    == ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية "

    الراوي:عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1298
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

    وجاء في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النائحةُ إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرعٌ من جرب "

    الراوي:أبو مالك الأشعري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 934
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

    فالصبر الصبر عباد الله فهو المربح والنجاة .
    وإذا تكالبت عليك – أخي الحبيب – الهموم ، وأحاطت بك الأحزان والغموم ، فيمم وجهك للحي القيوم وبث الشكوى إليه فهو السامع لكل شكوى العالم بكل نجوى .

    إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بما به الصدر الرحيب

    وأوطنت المكاره واطمأنت *** وأرست في أماكنها الخطوب
    ولم تر لانكشاف الضر نفعاً *** وما أجدى بحيلته الأريب
    أتاك على قنوط منك غوث *** يمن به اللطيف المستجيب
    اللهم فارج الهموم ، كاشف الغموم ، سامع النجوى ، رافع البلوى ، يا من عز جاره ، وجل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه ، يا غياث الملهوفين ، ويا رجاء المنقطعين ، ويا راحم المستضعفين ، ارزقنا الصبر على البلاء ، والرضا بمرّ القضا ، واملأ قلوبنا أنساً بذكرك ، وطمأنينة بوعدك .



    صيد الفوائد
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة لقاء الله; الساعة 11-06-2012, 01:13 PM. سبب آخر: تخريج الاحاديث وتشكيل الايات....بوركتى
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صمت نجا"



  • #2
    رد: عزاء لأهل البلاء..........

    بسم الله ما شاء الله
    موضوع جميل
    ربنا يجعله فى ميزان حسناتك اختى الكريمة
    -------------------------------------
    استغفرك بى واتوب اليك
    استغفرك ربى واتوب اليك
    استغفرك ربى واتوب اليك

    تعليق


    • #3
      رد: عزاء لأهل البلاء..........

      بارك الله فيكى أختى
      روى أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفَّهُ على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده.

      رحم الله الاخت هبة محمود وأسكنها الفردوس الاعلى من الجنة
      لا تبخلوا على اختكم من الدعاء عسى أن تجدوا من يدعو لكم بعد الممات

      تعليق


      • #4
        رد: عزاء لأهل البلاء..........

        السلام عليكم ورحمة الله
        جزاك الله خيرا
        أجمل اللحظات ...
        حين يفاجئك [ الله ] عزّ وجلّ بِـ شيءٍ جميل كنت تنتظره و تدعو به ...
        فتَبسم شفتاك ... و تغمض عينيك ...
        وتقول في سرّك كنت أعلم أنك لن تردّني يا الله أحبك ربي

        تعليق

        يعمل...
        X