وفي أنفسكم أفلا تبصرون
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره ا لمشركون.
أيها المسلمون! آيات الله في كتاب الكون كثيرة، فالله يحدثنا عن نفسه بآياته، بالليل والنهار، بالسماء والأرض، وبالماء والضياء.. بالبحار والأنهار.
فهل قرأنا كتاب الكون؟
وهل تدبَّرنا آيات الله؟
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره ا لمشركون.
أيها المسلمون! آيات الله في كتاب الكون كثيرة، فالله يحدثنا عن نفسه بآياته، بالليل والنهار، بالسماء والأرض، وبالماء والضياء.. بالبحار والأنهار.
فهل قرأنا كتاب الكون؟
وهل تدبَّرنا آيات الله؟
وكتاب الفضاء أقرأ فيه سوراً ما قرأتها في كتابي
أتى رجل من الصالحين قبل زمن قصير بورقة نخلة إلى عالم من العلماء لا يزال حياً مكتوب على هذه الورقة لفظ (الله) بالخط العربي الكوفي الجميل.
سخّرها الله لتكتب اسمه لتقول بلسان حالها: ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)).
أتى رجل من الصالحين قبل زمن قصير بورقة نخلة إلى عالم من العلماء لا يزال حياً مكتوب على هذه الورقة لفظ (الله) بالخط العربي الكوفي الجميل.
سخّرها الله لتكتب اسمه لتقول بلسان حالها: ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)).
انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضره
من شادها من بذره حتى استقامت شجره
انظر إلى النحلة في بستانها منقعره
من الذي علمها مصَّ رحيق الثمره
انظر إلى الليل غفى من هزّه وأظهره
انظر إلى لوح الكون من زانه وسطره
انظر إلى الأموات من يحييهم من مقبره
ذاك هو الله الذي أنعُمَه مُنهمرة
قال تعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).
من الذي يتدبر؟
من الذي يقرأ كتاب الكون؟
هل هو المغنِّي، أم المطرب، أم المزمِّر، أم الضائع.. صاحب المخدرات.. عبدُ الأغنيات.
لا..
الذي يذكر الله قائماً وقاعداً وعلى جنبه، هو الذي يقرأ كتاب الكون، ويتأمل في أسرار الحياة.
قال تعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).
من الذي يتدبر؟
من الذي يقرأ كتاب الكون؟
هل هو المغنِّي، أم المطرب، أم المزمِّر، أم الضائع.. صاحب المخدرات.. عبدُ الأغنيات.
لا..
الذي يذكر الله قائماً وقاعداً وعلى جنبه، هو الذي يقرأ كتاب الكون، ويتأمل في أسرار الحياة.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
فياعجباً كيف يُعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد
فرعون علم أن لا صانع إلا الله.. ولا مدبِّر إلا الله.. ولا رازق إلا الله.. ولكنه كفر بلسانه، فقال موسى له: ((قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا)).
يقول الكاتب الأمريكي صاحب كتاب: ( الإنسان لا يقوم وحده ): تأملت النحلة، كيف تذهب آلاف الأميال من خليتها، ثم تعود من وراء البحار، والقفار، فلا تخطئ، وتأوي إلى خلية غير خليتها.. من الذي دلها وقادها؟
من الذي علمها؟
كأن عندها جهاز أريل يطلق ذبذبات.
فقال له علماء الإسلام: إن الله يقول: ((وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ))، وأوحى أي: ألهم.
فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
فيا مسلمون! أقبل الكفار اليوم المخترعون يؤمنون. ويدخلون في هذا الدين.. وأخذ بعض شبابنا ينسحب من هذا الدين، فسبحان الله!
مؤلفوا كتاب ( الله يتجلى في عصر العلم ) ثمانية أمريكان.. كل منهم قد أتى بحقيقة تثبت وجود الله، وعظمة الله، وكبرياء الله.
نزل أحدهم في سفينة أبحرت في المحيط الأطلنطي، فأصبحوا في ظلام الليل، وفي ظلام اليم، وفجأة انقطع جهاز الإرسال عن السفينة فانقطعوا عن البر، والبحر، والجو، والجبال، والوهاد، ولم يبق إلا الاتصال بالله.
يقول الأمريكي الذي يروي القصة: فلما أبحرنا أظلمت بنا الدنيا، فحاولنا الاتصال فما وُفِّقنا وفشلنا، فانقطع اتصال الإرسال، وفي الأخير اتصلت قلوبنا بالله!
يقول الله عن كفار قريش، وعن كل مشرك: ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ))، أي: إذا هاجت الريح، وإذا تلاعبت بالسفينة الأمواج، انقطعت اتصالاتهم بالناس، واتصلوا بالله.. مثلما فعل يونس بن متى عليه السلام، انقطع اتصاله بالناس، وأصبح في ظلمات ثلاث: ظلمة اليم، وظلمة الحوت، وظلمة الليل، فقال في الظلمات: ((لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))، فأنجاه الله.
قال الأمريكي: فأخذنا نناجي الله.
فنجَّاهم الله إلى البر.. وأخيراً أعلنوا إسلامهم، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
آخر النظريات التي اكتشفها أحد الروس: أن للنبات ذبذبات يطلقها على النبات الآخر.. وللحشرات، وأن هذا دليل على قوة عظمى ليست في قوة البشر!
قلنا له: يا ملحد إنها قوة رب البشر.. لا إله إلا الله: ((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)).
يقول تعالى: ((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)).
سبحان الله! من أعطى حيوانات، ودواب القطبين فراءً؟
وأعطى حيوانات الصحراء أربع أرجل؟
وأعطى الطير في السماء أجنحة؟
وأعطى السمك في الماء مجاديف؟
فما أحكمه.. وما أعظمه.. وما أقدره.
فيا إخواني! هذا الشعور ينبغي أن يتحوَّل إلى إيمان وعمل.. لا إلى مجرد علم.. قال الله عن الكفار: ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)).
فهذه النصوص، والأحداث التي سمعتم، إذا لم يُستفد منها العمل، فلا فائدة منها.
وتخزين العلم في الذهن دون خشية الله، والإيمان به، والعمل بمرضاته، إنما يُكتب عليك حجة تلقى بها الله.
والذي نستفيده من هذه الأصول، والأسس، والآيات البيِّنات في الكون، والاكتشافات العلمية ثلاث فوائد:
أولها: مطالعة أسماء الله وصفاته في الكون ليتضح أن الله حكيم مدبِّر خالق رازق، أحسن كل شيء خلقه، لا تجد في خلقه تفاوت ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ))، ((أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)).
فكل شيء يدلك على الله.. انظر إلى جسمك.. انظر إلى حركاتك، وإلى كلماتك.. انظر إلى اندفاعاتك، ومشاعرك، وخواطرك، فأنت عالم من العوالم، وأنت كون، وفيك اختفى الكون الأكبر، فلماذا لا تتفكر في نفسك فتكون عبداً لله: ((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)).
فأول فائدة لنا هي: مطالعة أسماء الله في الكون وصفاته.. فإذا رأينا الزهرة الحمراء تفكرنا في من صبغها ولوّنها وجمّلها.
الفائدة الثانية: أن يتحول هذا الشعور وهذا الإدراك.. وهذا الفهم إلى إيمان.
فلا يكفي أن تعرف أن من خلق الزهرة هو الله، ولكن لا تصلي ولا تزكي ولا تسبّح ولا تذكر الله؛ لأن المخترع الكافر يعرف أن هذا صنع الله لكنه ما آمن بالله.
الفائدة الثالثة: أن تذكر الله بآياته، فتنظر إلى كتاب الكون الذي عرضه الله لك وتذكره سبحانه وتعالى.
تنظر إلى الشجرة فتقول: سبحان الله!
وإلى الجبل فتقول: سبحان الله!
وإلى الماء، وإلى الضياء، والى الأرض، وإلى السماء، وإلى الجبال، وإلى الوهاد، فتقول: سبحان الله!
نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فكان أول سورة نزلت هي: (اقرأ)، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب: ((وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ))، لكنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى غار حراء ، ويُخرج رأسه من الغار؛ ليقرأ في صحيفة الكون، فيقرأ في النجوم الساطعة، وفي الشمس الطالعة، وفي الوهاد، وفي الماء النمير، وفي الجدول والغدير، وفي الأنهار والأشجار، فيقرأ كل هذه الأشياء. ولذلك قال أهل العلم في الآية: (اقرأ) أي: اقرأ الكون بما يوجد فيه لتعرف الله تعالى.
فلا يكن أحدنا غافلاً عن هذه الآيات العظيمة، إذا خرج إلى نزهة، أو إلى برية، ينظر إلى أعمال البشر الحقيرة، ويدع عمل، وصنع رب البشر.
قال تعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).
فنسأل الله أن يقينا من النار، وأن يجعلنا ممّن يتفكر في أنفسنا، وفي آيات الله العظام.سبحان الله بحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته والحمد لله رب العالمين
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
د.عائض القرني
***
فرعون علم أن لا صانع إلا الله.. ولا مدبِّر إلا الله.. ولا رازق إلا الله.. ولكنه كفر بلسانه، فقال موسى له: ((قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا)).
يقول الكاتب الأمريكي صاحب كتاب: ( الإنسان لا يقوم وحده ): تأملت النحلة، كيف تذهب آلاف الأميال من خليتها، ثم تعود من وراء البحار، والقفار، فلا تخطئ، وتأوي إلى خلية غير خليتها.. من الذي دلها وقادها؟
من الذي علمها؟
كأن عندها جهاز أريل يطلق ذبذبات.
فقال له علماء الإسلام: إن الله يقول: ((وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ))، وأوحى أي: ألهم.
فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
فيا مسلمون! أقبل الكفار اليوم المخترعون يؤمنون. ويدخلون في هذا الدين.. وأخذ بعض شبابنا ينسحب من هذا الدين، فسبحان الله!
مؤلفوا كتاب ( الله يتجلى في عصر العلم ) ثمانية أمريكان.. كل منهم قد أتى بحقيقة تثبت وجود الله، وعظمة الله، وكبرياء الله.
نزل أحدهم في سفينة أبحرت في المحيط الأطلنطي، فأصبحوا في ظلام الليل، وفي ظلام اليم، وفجأة انقطع جهاز الإرسال عن السفينة فانقطعوا عن البر، والبحر، والجو، والجبال، والوهاد، ولم يبق إلا الاتصال بالله.
يقول الأمريكي الذي يروي القصة: فلما أبحرنا أظلمت بنا الدنيا، فحاولنا الاتصال فما وُفِّقنا وفشلنا، فانقطع اتصال الإرسال، وفي الأخير اتصلت قلوبنا بالله!
يقول الله عن كفار قريش، وعن كل مشرك: ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ))، أي: إذا هاجت الريح، وإذا تلاعبت بالسفينة الأمواج، انقطعت اتصالاتهم بالناس، واتصلوا بالله.. مثلما فعل يونس بن متى عليه السلام، انقطع اتصاله بالناس، وأصبح في ظلمات ثلاث: ظلمة اليم، وظلمة الحوت، وظلمة الليل، فقال في الظلمات: ((لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))، فأنجاه الله.
قال الأمريكي: فأخذنا نناجي الله.
فنجَّاهم الله إلى البر.. وأخيراً أعلنوا إسلامهم، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
آخر النظريات التي اكتشفها أحد الروس: أن للنبات ذبذبات يطلقها على النبات الآخر.. وللحشرات، وأن هذا دليل على قوة عظمى ليست في قوة البشر!
قلنا له: يا ملحد إنها قوة رب البشر.. لا إله إلا الله: ((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)).
يقول تعالى: ((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)).
سبحان الله! من أعطى حيوانات، ودواب القطبين فراءً؟
وأعطى حيوانات الصحراء أربع أرجل؟
وأعطى الطير في السماء أجنحة؟
وأعطى السمك في الماء مجاديف؟
فما أحكمه.. وما أعظمه.. وما أقدره.
فيا إخواني! هذا الشعور ينبغي أن يتحوَّل إلى إيمان وعمل.. لا إلى مجرد علم.. قال الله عن الكفار: ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)).
فهذه النصوص، والأحداث التي سمعتم، إذا لم يُستفد منها العمل، فلا فائدة منها.
وتخزين العلم في الذهن دون خشية الله، والإيمان به، والعمل بمرضاته، إنما يُكتب عليك حجة تلقى بها الله.
والذي نستفيده من هذه الأصول، والأسس، والآيات البيِّنات في الكون، والاكتشافات العلمية ثلاث فوائد:
أولها: مطالعة أسماء الله وصفاته في الكون ليتضح أن الله حكيم مدبِّر خالق رازق، أحسن كل شيء خلقه، لا تجد في خلقه تفاوت ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ))، ((أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)).
فكل شيء يدلك على الله.. انظر إلى جسمك.. انظر إلى حركاتك، وإلى كلماتك.. انظر إلى اندفاعاتك، ومشاعرك، وخواطرك، فأنت عالم من العوالم، وأنت كون، وفيك اختفى الكون الأكبر، فلماذا لا تتفكر في نفسك فتكون عبداً لله: ((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)).
فأول فائدة لنا هي: مطالعة أسماء الله في الكون وصفاته.. فإذا رأينا الزهرة الحمراء تفكرنا في من صبغها ولوّنها وجمّلها.
الفائدة الثانية: أن يتحول هذا الشعور وهذا الإدراك.. وهذا الفهم إلى إيمان.
فلا يكفي أن تعرف أن من خلق الزهرة هو الله، ولكن لا تصلي ولا تزكي ولا تسبّح ولا تذكر الله؛ لأن المخترع الكافر يعرف أن هذا صنع الله لكنه ما آمن بالله.
الفائدة الثالثة: أن تذكر الله بآياته، فتنظر إلى كتاب الكون الذي عرضه الله لك وتذكره سبحانه وتعالى.
تنظر إلى الشجرة فتقول: سبحان الله!
وإلى الجبل فتقول: سبحان الله!
وإلى الماء، وإلى الضياء، والى الأرض، وإلى السماء، وإلى الجبال، وإلى الوهاد، فتقول: سبحان الله!
نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فكان أول سورة نزلت هي: (اقرأ)، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب: ((وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ))، لكنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى غار حراء ، ويُخرج رأسه من الغار؛ ليقرأ في صحيفة الكون، فيقرأ في النجوم الساطعة، وفي الشمس الطالعة، وفي الوهاد، وفي الماء النمير، وفي الجدول والغدير، وفي الأنهار والأشجار، فيقرأ كل هذه الأشياء. ولذلك قال أهل العلم في الآية: (اقرأ) أي: اقرأ الكون بما يوجد فيه لتعرف الله تعالى.
فلا يكن أحدنا غافلاً عن هذه الآيات العظيمة، إذا خرج إلى نزهة، أو إلى برية، ينظر إلى أعمال البشر الحقيرة، ويدع عمل، وصنع رب البشر.
قال تعالى: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).
فنسأل الله أن يقينا من النار، وأن يجعلنا ممّن يتفكر في أنفسنا، وفي آيات الله العظام.سبحان الله بحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته والحمد لله رب العالمين
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
د.عائض القرني
***
تعليق