السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا عبد الله،
عقلك عقلكَ، وسمعك وقلبك، أعرنيهما وأرعنيهما لحظات قد تطول راجيا أن يتسع صدرك احتسابا لما أقول، ثم حلق معي بخيالكَ متخيلا ما هو واقعُ، ومتصورا ما هو حقيقةٌ على الحقيقةِ.
تخيل وليداً عمرُه شهرٌ واحد، قضى اللهُ أن لا يعيشَ سوى هذا الشهرَ فقبضَهُ ديانُ يومُ الدين، وقبرَ مع المقبورين، وبينما هم في قبورِهم:
إذ نفخَ في الصور، وبُعثرَتِ القبور، وخرج المقبور، وكان في من خرجَ ذلكم الصبيُ ذو الشهرِ الواحد، حافياً عاريا أبهمَ، نظر فإذا الناسُ حفاةٌ عراةٌ رجالاً والنساء كالفراشِ المبثوث.
الجبالُ كالعهنِ المنفوش، السماءُ انفطرت ومارت وانشقت وفتحت وكشطت وطويت.
والجبالُ سيرت ونسفت ودكت، والأرضُ زلزلة ومدت وألقت ما فيها وتخلت.
العشار عطلت، الوحوشُ حشرت، البحارُ فجرت وسجرت.
الأمم على الرُكبِ جثت وإلى كتابها دُعيت، الكواكبُ انتثرت، النجومُ انكدرت.
الشمسُ كورت ومن رؤوسِ الخلائقِ أدنيت.
الأممُ ازدحمت وتدافعت، الأقدامُ اختلفت، الأجوافُ احترقت، الأعناقُ من العطشِ وحر الشمسِ ووهجِ أنفاسِ الخلائقِ انقطعت، فاض العرق فبلغ الحقوين والكعبين وشحمة الأذنين.
والناسُ بين مستظلِ بظلِ العرش، ومصهورٍ في حر الشمسِ.
الصحفُ نشرت، والموازينُ نصبت، والكتبُ تطايرت، صحيفةُ كلٍ في يده مُخبرةٌ بعمله، لا تغادرُ بليةً كتمها، ولا مخبأة أسرها.
اللسان كليلُ والقلبُ حسيرُ كسير، الجوارحُ اضطربت، الألوانُ تغيرت لما رأت، الفرائصُ ارتعدت، القلوبُ بالنداءِ قُرعت، والموءودةُ سألت، والجحيمُ سعرت، والجنةُ أزلفت.
عظمَ الأمر، وأشتدَ الهول، والمُرضعةُ عما أرضعت ذُهلت، وكلُ ذاتِ حملٍ حملها أوقعت.
زاغتِ الأبصارُ وشخصت، والقلوبُ الحناجرَ بلغت، وانقطعت علائقُ الأنسابِ.
وتراكمت سحائبُ الأهوالِ، وأنعجم البليغُ بالمقالِ وعنتِ الوجوهُ للقيوم.
واقتُصَ من ذي الظلمِ للمظلومِ وساوتَ الملوكُ للأجنادِ، وأُحضرَ الكتابُ والأشهادِ.
وشهدَ الأعضاءُ والجوارح، وبدت السوءاتُ والفضائح، وابتليت هنالك السرائرُ، وانكشفَ المخفيُ في الضمائر.
هنا، تخيل ذلك الوليدُ صاحبَ الشهرِ الواحد، ما اقترفَ ذنباً وما ارتكبَ جُرما والأهوالُ محدقةٌ به من بين يديه، ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، تخيلهُ مذعوراً قلبُه، اشتعل رأسُه شيبا في الحال لهولِ ما يرى، فيا لله لذلك الموقف.
يوم عبوس قنطرير شره……. وتشيب منه مفارق الولدان
هذا بلا ذنبُ يخاف مصيره…… كيف المصرُ على الذنوبِ دهورُ
قال اللهُ عز وجل ( فكيفَ تتقونَ إن كفرتم يوماً يجعلُ الولدانَ شيبا)
عباد الله:
في خضمِ هذه الأهوالِ التي تبيضُ منها مفارقُ الولدانِ، ما النجاة وما المخرج؟
إن النجاةَ والمخرجَ في أمرٍ لا غير، لا يصلحُ قلبٌ، ولا تستقيمُ نفسٌ ولا تسعدُ إلا به، خوطبَ به الخلقُ أجمعين، خصَ به المؤمنون، أُوصيَ به الأنبياءُ والمرسلون، وخاتَمَهم سيدُ ولد أدم أجمعين عليه وعليهم صلوات وسلام رب العالمين. أي أمرٍ هذا أيها المؤمنون؟
إنه وصية الله للأولين والأخرين:
( ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).
تقوى اللهِ وكفى، قال جل وعلا :
(وينجي اللهُ اللذين اتقوا بمفارتهم لا يمسُهم السواءُ ولا هم يحزنون).
ويقول ( وإن منكم إلا واردَها كان على ربكَ حتماً مقضيا، ثم ننجي الذينَ اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثيا). أيُ تقوىً تُنجي بين يدي الله؟
أهي كلمةٌ تنتقى وتدبج في مقال؟
أم هي شعارٌ يرفعُ بلا رصيدٍ من واقع؟
كلا ما كلُ منتسبٍ للقولِ قوالُ:
ولو أن أسباب العفاف بلا تقى……..… نفعت لقد نفعت إذا إبليسُ
فهو القائل (إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين).
لا ينجي واللهِ في تلك الأهوالِ إلا حقيقةٌ التقوى، لبُها كنهها ماهيتها مضمونُها.
فما حقيقةُ تلك الكلمة يا عباد الله؟
إنها هيمنةُ استشعارِ رقابةِ اللهِ على حياتِك أيها الفرد حتى كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتلك أعلى مراتب الإيمان وهي مرتبة الإحسان،
وتلك أعلاها لدى الرحمن
وهي رسوخ القلب في العرفان
حتى يكون الغيب كالعيان
بل هي هيمنةُ الدينِ على الحياة كلها عقيدةً وشريعة، عبادةً ومعاملةً، خُلقا ونظاماً، رابطةً وأخوة.
هيمنَةً كما أرادها الله تجعلُ الحياةَ خاضعة في عقيدة المسلم وتصوره لله، لا يند منها شاردة ولا واردة ولا شاذة ولا فاذة.
هيمنةُ تُسلم النفسَ كلَها لله، حتى تكونا أفكارَ ومشاعرَ وأحاسيسَ وسلوكاً، محكومةً بوحي الله فلا تخضع لغير سلطانه، ولا تحكم بغير قرأنه، ولا تتبعُ غير رسولِه، لا يحركُها إلا دينُ الله، تأتمرُ بأمر الله وتنتهي عن نهيه، متجردةً من ذاتها متعلقةً بربها وحالُ صاحبِها:
خضعت نفسيَ للباري فسدوا الكائنات……… أنا عبدُ الله لا عبدُ الهوى والشهوات
فهِم هذا أصحابُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فصاغوه واقعاً حياً نابضا، انفعلت بهِ نفوسُهم فترجموه في واقعِ سلوكُهم، صِرتَ ترى شرع الله يدبُ على الأرضِ في صورةِ أناسٍ يأكلون الطعام ويمشونَ في الأسواق.
إذا ما دعو للهدى هرولوا…..…..وإن تدعهم للهوى قرفصوا
روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال:
(كنتُ ساقي القوم في بيتِ أبي طلحة (يعني الخمر) وإني لقائمُ أسقي فلاناً وفلاناً وفلانا، إذ جاء رجلُ فقال هل بلغَكم الخبر، قالوا وما ذاك؟
قال لقد حُرمتِ الخمر، وقد أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي آلا إن الخمرَ قد حُرمت، فقالوا أهرق هذه القلال يا انس.
فما سألوا عنها، ولا راجعوها بعد خبرِ الرجل، وما دخلَ داخلٌ ولا خرجَ خارج حتى اهراقوا الشراب وكسرتِ القلال، ثم توضئ بعضهم واغتسل بعضهم ثم أصابوا من طيب أم سليم ثم خرجوا إلى المسجدِ يخوضونَ في الخمر قد جرت بها سكِك المدينة، فقد تواطئتُ المدينة كلُها على تحريمه)
فلما قرأت عليهم الآية:
( فهل أنتم منتهون )؟
بعض القوم كانت شربته في يده فلم يرفعها لفيه بل أراق ما في كأسه وصب ما في باقيته وقال انتهينا ربنُا انتهينا.
لم يقولوا تعودنا عليه منذ سنين و ورثناها عن آبائنا كما يفعل بعض مسلمي زماننا.
ما تكونت عصابات لتهريب المخدرات لأن الدين هيمن على حياتهم فاستشعروا رقابةَ ربِهم فبادروا في يسرٍ إلى تنفيذه امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن النبيَ صلى الله عليه وسلم، يأمر أهلَ المدينة أن لا يكلموا كعباً حين تخلف عن تبوك.
فإذا الأفواه ملجمةٌ لا تنبسُ ببنت شفةٍ، وإذا الثغور لا تفترُ حتى عن بسمة.
بل إن أبن عمه وحميمَه وصديقَه أبا قتادة، نعم لما آتاه ليسلمَ عليه كعب ما رد عليه السلام، فاستعبرت عينا كعبٍ رضي الله عنه ورجع كسير البال كاسف الحال.
فأمرُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء القوم فوق كل خُلة.
ثم انظر إليهم لما نزلت توبةُ اللهِ على هذا الرجل، على كعبٍ رضي الله عنه وأرضاه.
تتحركُ المدينةِ وتنتفضُ عن بكرةِ أبيها إلى كعب فإذا الأفواه تلهج له بالتهنئةِ وقد كانت ملجمة، وإذا الثغور تفتروا عن بسمات مضيئة صادقة وقد كانت عابسة.
نفوس لا يحركها إلا دينُ الله حالها:
ما بعت نفسي إلا لله عز وجلَ…….…..فمن تولى سواه يوله ما تولىَ
إنهم لم يقفوا عند امتثال أمره واجتناب نهيه بل تابعوا أفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم ولاحظوا تصرفاته بكل دقة وشوق وحرص على الإقتداء حتى إذا ما فعل شيئا سارعوا إلى فعله مباشرة لأنهم يعلمون أن سنته سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك.
ثبت عند أبي دؤود في سننه عن سعيد الخدري قال:
(بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فألقاهما عن يساره.
فلما رأى ذلك أصحابه رضوان الله عليهم القوا نعالهم.
فلما قضى صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم؟
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا). توحيد في الإتباع:
فمن قلد الآراء ضل عن الهدى……... ومن قلد المعصوم في الدين يهتدي
بل كان الناس إذا نزلوا منزلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره تفرقوا في الشعاب والأودية فقال لهم صلى الله عليه وسلم إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان.
فما نزلوا بعد ذلك منزلا إلا انظم بعضهم إلى بعض حتى لو وضع عليهم بساط لعمهم.
تنفيذ في يسر وطاعة وامتثال، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
هم ذلك السلف الذين لسانهم……….….تنحط عنه جميع اللسنة الورى
تلك العصابة من يحد عن سبيلها…….حقا يقال لمثله أطرف كرى
مما سمعتم أيها المؤمنون يتجلى لنا مظهرُ أفرادِ المجتمعِ المسلم في ظلِ إدراكهمُ الصحيحُ لمفهوم الإسلام، فليستِ المسألةُ عندَهم فرائضَ يفرِضها هذا الدين على الناس بلا موجبٍ إلا رغبةُ التحكمِ في العباد.
بل هيَ مسألة وجودِ الإنسانِ إذا رغبَ أن يكونَ إنسانٍ حقا، لا مجردَ كائنٍ يأكلُ الطعامَ ويشربَ الشرابَ، ويقضي أيامَه على الأرضِ كيفما أتفق، بل هيَ وضعُ للإنسانِ في وضعه الصحيح كإنسان يستشعر رقابة المولى وتلك هي حقيقةُ التقوى.
واتقى اللهَ حقيقةً من يشهدُ أن لا إله إلا الله، ويصبح دائبا مجداً مجتهداً في مطعمِ حرام وملبس حرام وغذاءِ حرام؟ يصبحُ وقد ضربَ هذا وشتمَ هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دم هذا ووقعَ في عرضِ ذاكَ وذا.
يصغّر ذا بأراجيفه….… ويرجو بذلك أن يكبرا
ولو عاش في عالم أمثل……. لكان من الحتم أن يصغرا
هل استشعرَ رقابةَ الله؟
من يجلبُ النار ليحرقَ بيتَه وأهله، من يُخربَ بيتَه بيده بوسائلَ لا تزال تُمطره بوابلٍ أو طل من أغاني وأفلامِ ماجنة وقصص سافلة، وترويض للنفوسِ على الكذبِ والنفاقِ وقلب الحقائق؟ قائماً على هدمِ بيتهِ كالدودة التي تخرج من الميت ثم لا تأكل إلا ذلك الميت؟
ألم يستشعرَ أنه لو مات َ على حالته تلك مات غاشاً لرعيته خائنا لأمانته.
حاملاً وزرَه ووزرَ ما جلبه لبيته على ظهره يوم القيامة بقدرِ ما أفسدت هذه الوسائلُ في نفوس أبنائه وأهله من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا.
واللهِ لا يعفيك من حساب الله ولا من لوم الناس ولا تأنيبَ الضمير أن تقول أنا ضحية، وما البديل وما البدل وما المبدل منه؟
وبيتك حقل لاستقبال الأفكارِ والاوضار والأقذارِ تنبتُ فيه وتترعرع، وأنت تسأل ماذا افعل؟
لا يفل الحديد إلا الحديد، والباب الذي يأتيك منه القبيح لا حيلة فيه إلا بسده لتستريح.
آلا إن الشراب له إناء …….فإن دنسته دنس الشراب
أما في هذه الدنيا آمور………….…سوى الشهوات تحرزها الطلاب
أما في هذه الدنيا أُسود…….كما في هذه الدنيا كلاب؟
هل استشعرَ رقابةَ الله؟
من يتعبدُ بأعمالٍ ليس عليها أمرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وحجته ازديادُ الخيرِ وحبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكم من مريدٍ للخير لا يصيبه.
أي فتنةٍ أعظم من أن ترى أنك خصصت بفضلٍ لم يخصَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه.
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
هل استشعرَ رقابةَ الله؟
من ليلُه سهرٌ على ما حرم الله، ويصبحُ مجاهراً بمعصيةِ ؟
من إذا وصل إلى بيئةٍ أجنبيةٍ لا يعرف أمن اليهودِ هو أم من النصارى والمجوس والذين أشركوا:
كلفظ ما له معنى……. كتمثال من الجبس
يسير لغير ما هدف….. ويصبح غير ما يمسي
……………………………………………………………………
حقيقة الكلمة لجؤ إلى الله:
وتعرفُ عليه في الشدةِ والرخاء لا على سواه عرافاً كانَ أو ساحراً أو كاهنا أو مقبورا:
لا قبة ترجى ولا وثن ولا قبر….. ولا نصب من الأنصاب….الله ينفعني ويدفع ما بي.
بالله ثق وله أنب وبه استعن…….….. فإذا فعلت فأنت خير معان.
ها هوَ سيدُ المتقين صلوات اللهِ وسلامهُ عليه في الشدةِ والرخاء، لا تراهُ إلا أواباً منيباً مخبتاً إلى ربه فبهداه يهتدي المقتدون.
(ثبت عند ابن حبان في صحيحه عن عطاءٍ رضي الله عنه قال دخلتُ أنا وعبيدُ بنُ عميرٍ على عائشةَ رضي اللهُ عنها، فقال عبيد:
( حدثينا بأعجبِ شيء رأيتهِ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فبكت وقالت قام ليلةً من الليالي فقال يا عائشةَ ذريني أتعبدُ لربي،
قالت فقلتُ واللهِ إني لأحبُ قربك، وأحبُ ما يسرُك، فقام وتطهرَ ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجرَهُ، ثم لم يزل يبكي حتى بل الأرض من حولِه.
وجاء بلالُ رضي الله عنه يستأذنه لصلاة الفجر، فلما رآه يبكي بكى وقال يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك،!!
وقال يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك،!!
قال يا بلال أفلا أكون عبداً شكورا،
آياتٍ أنزلت على الليلةَ ويلُ لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها، ويلُ لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها:
(إن في خلق السماواتِ والأرض و اختلافِ الليلِ والنهار لآياتٍ لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).
هذا في رخائه صلى الله عليه وسلم
يا نائما مستغرقا في المنام…..……. قم واذكر الحي الذي لا ينام
وفي الشدةِ تنقلُ لنا أمُ المؤمنين عائشة رضي الله عنه أيضا كما ثبت في البخاري أنها قالت لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم (هل أتى عليكَ يومُ كان أشدَ من يومِ أحد؟، قال لقد لقيتُ من قومِك ما لقيت، وكان أشدُ ما لقيتُ منهم يوم العقبةِ إذ عرضت نفسي على ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب)
يا لله يعيشُ قضيتهَ بكل أحاسيسه ومشاعره.
همُ بلغَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن لا يشعرَ بنفسه من الطائفِ إلى السيلِ الكبير.
بما كان يفكر؟ ترى بما استغرقَ هذا الاستغراقَ الطويل؟
لعلَه كان يفكرُ في أمر دعوته التي مضى عليها عشرُ سنينَ ولم يستطع نشر الإسلام بالحجمِ الذي كان يتمنى، لعلَه كان يفكرُ كيف سيدخلُ مكةَ فهو بين عدوين.
عدوٍ خلفّه وراء ظهرهِ أساء إليه ولم يقبل دعوته، وعدوٍ أمامهُ ينتظرَه ليوقِع به الأذى.
(يقول صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني فنظرة فإذا فيها جبريلُ عليه السلام ( لطفُ الله ورحمةُ الله في لمن يتعرفونَ عليه في الرخاء)، فناداني فقال إن الله قد سمِع قول قومِك وما ردوا عليك، وقد بعث اللهُ إليك ملكُ الجبالِ لتأمرَه بما شاءت، فناداني ملكُ الجبالِ فسلمَ علي ثم قالَ يا محمد ذلك فيما شئت، إن شاءتَ أن أطبقَ عليهمُ الأخشبين)
الله ينصر من يقوم بنصره…….…والله يخذل ناصر الشيطان
كان صلى الله عليه وسلم رحيماً بقومه، فما أرسلَ إلا رحمةً للعالمين، الأمل في هدايتِهم يفوقُ في إحساسهِ الشعورُ بالرغبةِ في الانتقامِ من أعدائهِ والتشفي من قومِه اللذينَ أوقعوا به صنوفَ الأذى.
(فقال صلى الله عليه وسلم لملكَ الجبال ، كلا بل أرجو أن يخرجَ اللهُ من أصلابِهم من يعبدُ اللهَ وحدَه لا يشركُ به شيئا). وكان ما رجاه وأملَه بذرة طيبة في أرض خصبة لم تلبث أن صارت شجرة مورقة.
يبني الرجال وغيره يبني القرى…..شتان بين قرى وبين رجال
رخاءُ وشدةٌ لله وتلك حقيقةٌ تقوى الله.
حقيقة الكلمة أن تكون كراكب على ظهرِ خشبةٍ في عرضِ البحرِ:
تتقاذفُك الأمواجُ والأثباج وأنت تدعُ يا رب يا ربِ لعل اللهَ أن ينجيك.حالك ومقالك:
يا مالك الملك جد لي بالرضاء كرما…….فأنت لي محسن في سائر العمر
يا رب زدنيَ توفيقا ومعرفة…………...وحسن عاقبة في الورد والصدر
حقيقة الكلمة أن لا تنطقَ بكلمةٍ:
ولا تتحرك حركةٍ ولا تسكنَ سكوناً إلا وقد أعددتَ لهُ جواباً بين يدي الله فإنك مسؤولٌ فأعدَ لسؤالِ جواباً صوابا.
وعندها يثبت المهيمن ….. بثابت القول الذين أمنوا
ويوقن المرتاب عند ذلك……….بإنما مورده المهالك
حقيقة الكلمة حذارك أن يأخُذَك الله وأنت على غفلةٍ:
أن لا يحضرَ حقٌ لله إلا وأنت متهيء له، أن لا تكونَ عدواً لإبليسَ في العلانيةِ صديقاً له في السر.
حقيقة الكلمة استشعار قدرَةِ الله:
خصوصاً عند إرادةِ الظلم لعبادِ الله، عاملاً أو خادماً كائناً من كان، يحسبُ المرء أنه يُعجزُ اللهَ فيلهو ويملئ الأرض ظلماً.
روى الإمام مسلم رحمه الله عن أبي مسعودٍ البدريَ قال:
(كنتُ أضربُ غلاماً لي بالسوط، فسمعتُ صوتاً من خلفي ينادي "اعلم أبا مسعود" فلم أفهمِ الصوت من الغضب.
فلما دنى مني فإذا هوَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول "اعلم أبا مسعود" ، "اعلم أبا مسعود".
فألقيتُ السوطَ من يدي هيبةً من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم و إذا به يكرر:
اعلم أبا مسعود لله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام.
قال فقلت لا أضربُ مملوكاً بعد اليومِ أبدا يا رسول الله،هوَ حرٌ لوجه الله.
فقال صلى الله عليه وسلم ، أما أنك لو لم تفعل ذلك للفحتك النار أو لمستك النار)
من سارا في درب الردى غاله الردى…….ومن سار في درب الخلاص تخلصا
ثبت عن عبد اللهِ ابن اونيسٍ كما في المسند أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال:
( يحشرُ الناسَ يومَ القيامة عراةً غُرلا فيناديهِم اللهُ نداءً بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعَه من قرُب أنا الملك أنا الديان لا ينبغيَ لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أن يدخلَ الجنة ولأحدٍ من أهلِ النارِ عندَه مظلمة حتى اللطمة، ولا ينبغيَ لأحدٍ من أهلِ النارِ أن يدخلَ النار ولأحدٍ من أهلِ الجنةِ عندَه مظلمةُ حتى اللطمة)
من يعمل السوء سيجزى مثلها….….أو يعمل الحسنى يفوز بجنان
خلقَ الظلمُ أمه قلتُ الدين وسوءٌ الأخلاقِ أبوه.
حقيقة الكلمة نصرة ونجدة المظلومين:
وإنصافهم عند القدرة من الظالمين، ومن نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الآخرة، وليس من شأن المسلم المتقي الله حقا أن يدع أخاه فريسة في يد من يظلمه أو يذله وهو قادر على أن ينصره.
(من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة)
ثبت عند ابن ماجة في سننه عن جابر قال:
( لما رجعت مهاجرة البحر (مهاجر الحبشة) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
آلا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟
قال فتية منهم بلى يا رسول الله، بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلما قامت التفتت إليه وقالت " سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الله الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون كيف يكون أمري وأمرك عنده غدا".
فقال صلى الله عليه وسلم صدقت، صدقت كيف يقدس الله أمة لا يأخذ لضعيفهم من شديدهم.
أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم). بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم.
إن من الضعفاء من لو أقسم على الله لأبره، فإذا استنصروكم فعليكم النصر.
كم يستغيثون، كم هم يئنون.
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسان.
والعالم اليوم شاهد بهذا، فالمستذل الحر، والمزدرى عالي الذرى والاوضع الاشرف.
كم في المسلمين من ذوي حاجة، وأصحاب هموم وصرعى مظالم وفقراء وجرحى قلوب في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين أنّا اتجهت:
كبلوهم قتلوهم مثلوا ……………..بذوات الخدر عاثوا باليتامى
ذبحوا الأشياخ والمرضى ولم ……يرحموا طفلا ولم يبقوا غلاما
هدموا الدور استحلوا كل ما ……….حرم الله ولم يرعوا ذماما
أين من أضلاعنا أفئدة …………تنصر المظلوم تأبى أن يضاما
نسأل الله الذي يكلأنا……….. نصرة المظلوم شيخا أو أياما
لا تكن العصافير أحسن مرؤة منا، إذا أوذي أحد العصافير صاح فاجتمعت لنصرته ونجدته كلها، بل إذا وقع فرخ لطائر منه طرنا جميعا حوله يعلمنه الطيران فأين المسلم الإنسان؟
إذا أخصبت أرض وأجدب أهلها……فلا أطلعت نبتا ولا جادها السماء
انصر الحق والمظلوم حيث كان ولا تطمع بوسام التقوى حقيقة إلا أن كنت فاعلا متفاعلا نصيرا بكلمة بشفاعة بإعانة بإشارة خير بدعاء بعزم ومضاء:
عبئ له العزم واهتف ملئ مسمعه….لا بد لليل مهما طال من فلق
هذا عرينك لكن أين هيبته…….والليث ليث فتي كان أو هرما
على الليالي على الأيام في ثقة……نّقل خطاك وإلا فابتر القدما
كالسيل منطلقا، كالليل مهتدما….. حتى ترى حائط الطغيان منهدما
حقيقة الكلمة إيثار رضاء الله:
على رضاء أي أحد وإن عظمت المحن وثقلت المؤن وضعف الطول والبدن.
تقديم حب الله على حب كل أحد إن كان أبا أو أخا أو زوجا أو ابنا، أو غيره مالا سكنا. نعم:
( قل إن كان آبائكم و أبنائكم و إخوانكم و أزواجكم وعشيرتكم وأموالا اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادا في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره).
لما بلغت الدعوة في مكة نهايتها واستنفذت مقاصدها، أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة إلى المدينة وللمسلمين معه فما تلكئوا ولا ترددوا بل خرجوا يبتغون فضلا من الله ورضوان.
تركوا الأهل والوطن تركوا المال والولد ولم يبقى منهم إلا مفتون أو محبوس أو مريض أو ضعيف.
وقد كانت الهجرة عظيمة شاقة صعبة على المسلمين الذين ولدوا في مكة ونشئوا بها.
ومع هذا هاجروا منها استجابة لأمر الله تعالى ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولسان حالهم:
مرحبا بالخطب يبلوني إذا……. كانت العلياء فيه السبب.
ثم مرضوا في المدينة، أصابتهم الحمى فأباحوا بأشعار وأقوال خلال المرض تدل على صعوبة ما لاقوه وعانوه على نفوسهم.
فها هي عائشة تأتي إلى أبيها رضي الله عنهما وقد أصيب بالحمى يرعد كما ترعد السعفة في مهب الريح، فتقول له كيف تجدك يا أبي؟
فيقول :كل امرؤ مصبح في أهله….….والموت أدنى من شراك نعله.
فتقول عائشة والله ما يدري أبي ما يقول.
وبلال رضي الله عنه محموم فيسائل نفسه، هل سيرى سوق مجنة ومجاز وجبال مكة كشامة وطفيل ونباتها كا الإذخر والجليل ثم يرفع عقيرته فيقول:
آلا ليت شعري هل أبيتنا ليلة……..…بواد وحول إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة………... وهل يبدوا لي شامة وطفيل
ولما رءا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بأصحابه أمضه ذلك وآلمه إذ كان يعز عليه معاناتهم فدعا ربه (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وبارك لنا في مدها وصاعها وأنقل حماها إلى مهيعة أو إلى الجحفة). فكانت بعدها من أحب البلدان إلى أصحابه حالهم:
اختر لنفسك منزلا تعلو به……..…..أو مت كريما تحت ظل القسطل
وإذا نبا بك منزل فتحول.
أخيرا|||||||
هذه مشاعر مسلم حول الهجرة هو أبو أحمد ابن جحش رضي الله عنه وأرضاه يصورها مع زوجته في أسلوب عظيم يبين فيه أنه يطلب ويرغب ما عند الله في هجرته ولو كان ذلك في شدة مشقة وتعب ونصب وكد، راجيا أن لا يخيبه الله كما يروى فيقول:
ولما رأتني أم أحمد غاديا………….…بذمة من أخشى بغيب وأرهب
تقول فإما كنت لا بد فاعل………..فيمم بنا البلدان ولُتنأ يثرب
فقلت بل يثرب اليوم وجهنا…………..وما يشأ الرحمن فالعبد يركب
إلى الله وجهي يا عذولي ومن يقم…..إلى الله يوما وجهه لا يخيب
فكم قد تركنا من حميم وناصح……ونائحة تبكي بدمع وتندب
ترى أن موتا نأينا عن بلادنا…………ونحن نرى أن الرغائب نطلب
في هذا ما يصور قساوة الخروج من أرضهم لكنه خروج في سبيل ربهم فماذا يضرهم والله مولاهم.
حنوا إلى أوطانهم واشتاقوا إلى خيام اللؤلؤ في جنة مولاهم فغلبوا الأعلى على الأدنى والأنفس على الأرخص والأسمى على الأخس:
شتان بين امرأ في نفسه حرم قدس……… وبين امرأ في قلبه صنم
خذني إلى بيتي، أرح خدي على…… عتباته وأقّبل مقبض بابه
خذني إلى وطن أموت مشردا……… إن لم اكحل ناضري بترابه
إنه الجنة والذي نفسي بيده لو كنت أقطع اليدين والرجلين مذ خلق الله الخلق تسحب على وجهك إلى يوم القيامة، ثم كان مأواك الجنة ما رأيت بؤسا قط.
فأسمع وعي، لا تأثر الأدنى على الأعلى فتحرم ذا وذا، يا ذلة الحرمان.
آلا ربّ مبيض ثيابه اليوم مدنس لدينه،
آلا ربّ مكرم لنفسه اليوم مهين له غدا،
أدفعُ سيئات الأمس بحسنات اليوم:
( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين).
ومن حقيقة هذه الكلمة أن لا تنظر إلى صغر الخطيئة:
بل تنظر إلى عظم من عصيت إنه الله الجليل الأكبر الخالق البارئ والمصور،
كم من ذنب حقير استهان به العبد فكان هلاك له:
(وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).
ثبت عند أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه قال(كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار.
وكان مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما رجل يخدمهما.
فناما واستيقظا وهو نائم لم يهيأ لهما طعاما.
فقالَ أحدُهما لصاحبه إن هذا لنؤم (يعني كثير النوم).
ثم أيقظاه فقالا إئتي سولَ الله صلى الله عليه وسلم فقل له:
إن أبا بكرٍ وعمرَ يقرئانكَ السلام وهما يستأدمانك (أي يطلبان منك الايدام).
فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره.
فقال أقرئهما السلام وأخبرهما أنكما قد إئتدما.
فرجع وأخبرهما أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم يقولُ إنكما قد ائتدمتما.
ففزعا فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلا يا رسولَ الله بعثنا إليك نستأدمك، فقلت قد أئتدمنا.
فبأي شيء أئتدمنا؟ قال بلحم أخيكما.
والذي نفسي بيده إني لأراء لحمه بين أنيابكما.
قالا فأستغفر لنا يا رسولَ الله.
قال عليه الصلاة والسلام بل أمروه هوَ أن يستغفرَ لكما)
عباد الله إن أبا بكرٍ وعمرَ ما نظرا إلى ما قالا، فقد كانت كلمةً قد نقولُ أكبر منها مئات المرات.
لكنهما نظرا إلى عظمةِ من عصوا إنه الله، وتلكَ حقيقة تقوى الله، فإياكم ومحقراتِ الذنوب فأنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن لها من اللهِ طالبا.
لا تحقرنَ صغيرةً إن الجبال من الحصى
والقطرُ منه تدفقِ الخلاجانِ.
حقيقة الكلمة الحذر من استحلالِ محارمِ الله:
بالمكرِ والاحتيال، وليعلم العبدُ أنه لا يخلّصُه من الله ما أظهره مكرا من الأقوالِ والأفعال.
فأن لله يوماً تكعُ فيه الرجالُ وتشهدُ فيه الجوارح والأوصال.
وتجري أحكامُ الله على القصودِ والنيات، كما جرت على ظاهرِ الأقوالِ والحركات.
يومَ تبيضُ وجوهٌ بما في قلوبِ أصحابِها من الصدق والإخلاصِ للكبير المتعال.
وتسودُ وجوهٌ بما في قلبِ أصحابِها من الخديعةِ والمكرِ والاحتيال.
هناك يعلمُ المخادعون أنهم لأنفسَهم يخدعون وبها يمكرون:
(وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون، والدار الآخرة خير للذين يتقون، أفلا تعقلون).
هذه بعض حقائق الكلمة.
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد.
اللهم آتي نفوسنا تقواها.
اللهم زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولها. وأنت أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين.
اللهم ارحم من لا راحم له سواك، ولا ناصر له سواك ولا مأوى له سواك، ولا مغيث له سواك.
اللهم ارحم سائلك ومؤملك لا منجأ له ولا ملجئ إلا إليك.
اللهم كن للمستضعفين والمضطهدين والمظلومين.
اللهم فرج همهم ونفس كربهم وارفع درجتهم واخلفهم في أهلهم.
اللهم أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء.
يا سميع الدعاء
الله ارحم موتى المسلمين، اللهم إنهم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابهم، الله زد في حسناتهم، وتجاوز عن سيئاتهم أنت أرحم بهم وأنت أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين.
فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني
يا عبد الله،
عقلك عقلكَ، وسمعك وقلبك، أعرنيهما وأرعنيهما لحظات قد تطول راجيا أن يتسع صدرك احتسابا لما أقول، ثم حلق معي بخيالكَ متخيلا ما هو واقعُ، ومتصورا ما هو حقيقةٌ على الحقيقةِ.
تخيل وليداً عمرُه شهرٌ واحد، قضى اللهُ أن لا يعيشَ سوى هذا الشهرَ فقبضَهُ ديانُ يومُ الدين، وقبرَ مع المقبورين، وبينما هم في قبورِهم:
إذ نفخَ في الصور، وبُعثرَتِ القبور، وخرج المقبور، وكان في من خرجَ ذلكم الصبيُ ذو الشهرِ الواحد، حافياً عاريا أبهمَ، نظر فإذا الناسُ حفاةٌ عراةٌ رجالاً والنساء كالفراشِ المبثوث.
الجبالُ كالعهنِ المنفوش، السماءُ انفطرت ومارت وانشقت وفتحت وكشطت وطويت.
والجبالُ سيرت ونسفت ودكت، والأرضُ زلزلة ومدت وألقت ما فيها وتخلت.
العشار عطلت، الوحوشُ حشرت، البحارُ فجرت وسجرت.
الأمم على الرُكبِ جثت وإلى كتابها دُعيت، الكواكبُ انتثرت، النجومُ انكدرت.
الشمسُ كورت ومن رؤوسِ الخلائقِ أدنيت.
الأممُ ازدحمت وتدافعت، الأقدامُ اختلفت، الأجوافُ احترقت، الأعناقُ من العطشِ وحر الشمسِ ووهجِ أنفاسِ الخلائقِ انقطعت، فاض العرق فبلغ الحقوين والكعبين وشحمة الأذنين.
والناسُ بين مستظلِ بظلِ العرش، ومصهورٍ في حر الشمسِ.
الصحفُ نشرت، والموازينُ نصبت، والكتبُ تطايرت، صحيفةُ كلٍ في يده مُخبرةٌ بعمله، لا تغادرُ بليةً كتمها، ولا مخبأة أسرها.
اللسان كليلُ والقلبُ حسيرُ كسير، الجوارحُ اضطربت، الألوانُ تغيرت لما رأت، الفرائصُ ارتعدت، القلوبُ بالنداءِ قُرعت، والموءودةُ سألت، والجحيمُ سعرت، والجنةُ أزلفت.
عظمَ الأمر، وأشتدَ الهول، والمُرضعةُ عما أرضعت ذُهلت، وكلُ ذاتِ حملٍ حملها أوقعت.
زاغتِ الأبصارُ وشخصت، والقلوبُ الحناجرَ بلغت، وانقطعت علائقُ الأنسابِ.
وتراكمت سحائبُ الأهوالِ، وأنعجم البليغُ بالمقالِ وعنتِ الوجوهُ للقيوم.
واقتُصَ من ذي الظلمِ للمظلومِ وساوتَ الملوكُ للأجنادِ، وأُحضرَ الكتابُ والأشهادِ.
وشهدَ الأعضاءُ والجوارح، وبدت السوءاتُ والفضائح، وابتليت هنالك السرائرُ، وانكشفَ المخفيُ في الضمائر.
هنا، تخيل ذلك الوليدُ صاحبَ الشهرِ الواحد، ما اقترفَ ذنباً وما ارتكبَ جُرما والأهوالُ محدقةٌ به من بين يديه، ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، تخيلهُ مذعوراً قلبُه، اشتعل رأسُه شيبا في الحال لهولِ ما يرى، فيا لله لذلك الموقف.
يوم عبوس قنطرير شره……. وتشيب منه مفارق الولدان
هذا بلا ذنبُ يخاف مصيره…… كيف المصرُ على الذنوبِ دهورُ
قال اللهُ عز وجل ( فكيفَ تتقونَ إن كفرتم يوماً يجعلُ الولدانَ شيبا)
عباد الله:
في خضمِ هذه الأهوالِ التي تبيضُ منها مفارقُ الولدانِ، ما النجاة وما المخرج؟
إن النجاةَ والمخرجَ في أمرٍ لا غير، لا يصلحُ قلبٌ، ولا تستقيمُ نفسٌ ولا تسعدُ إلا به، خوطبَ به الخلقُ أجمعين، خصَ به المؤمنون، أُوصيَ به الأنبياءُ والمرسلون، وخاتَمَهم سيدُ ولد أدم أجمعين عليه وعليهم صلوات وسلام رب العالمين. أي أمرٍ هذا أيها المؤمنون؟
إنه وصية الله للأولين والأخرين:
( ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).
تقوى اللهِ وكفى، قال جل وعلا :
(وينجي اللهُ اللذين اتقوا بمفارتهم لا يمسُهم السواءُ ولا هم يحزنون).
ويقول ( وإن منكم إلا واردَها كان على ربكَ حتماً مقضيا، ثم ننجي الذينَ اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثيا). أيُ تقوىً تُنجي بين يدي الله؟
أهي كلمةٌ تنتقى وتدبج في مقال؟
أم هي شعارٌ يرفعُ بلا رصيدٍ من واقع؟
كلا ما كلُ منتسبٍ للقولِ قوالُ:
ولو أن أسباب العفاف بلا تقى……..… نفعت لقد نفعت إذا إبليسُ
فهو القائل (إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين).
لا ينجي واللهِ في تلك الأهوالِ إلا حقيقةٌ التقوى، لبُها كنهها ماهيتها مضمونُها.
فما حقيقةُ تلك الكلمة يا عباد الله؟
إنها هيمنةُ استشعارِ رقابةِ اللهِ على حياتِك أيها الفرد حتى كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتلك أعلى مراتب الإيمان وهي مرتبة الإحسان،
وتلك أعلاها لدى الرحمن
وهي رسوخ القلب في العرفان
حتى يكون الغيب كالعيان
بل هي هيمنةُ الدينِ على الحياة كلها عقيدةً وشريعة، عبادةً ومعاملةً، خُلقا ونظاماً، رابطةً وأخوة.
هيمنَةً كما أرادها الله تجعلُ الحياةَ خاضعة في عقيدة المسلم وتصوره لله، لا يند منها شاردة ولا واردة ولا شاذة ولا فاذة.
هيمنةُ تُسلم النفسَ كلَها لله، حتى تكونا أفكارَ ومشاعرَ وأحاسيسَ وسلوكاً، محكومةً بوحي الله فلا تخضع لغير سلطانه، ولا تحكم بغير قرأنه، ولا تتبعُ غير رسولِه، لا يحركُها إلا دينُ الله، تأتمرُ بأمر الله وتنتهي عن نهيه، متجردةً من ذاتها متعلقةً بربها وحالُ صاحبِها:
خضعت نفسيَ للباري فسدوا الكائنات……… أنا عبدُ الله لا عبدُ الهوى والشهوات
فهِم هذا أصحابُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فصاغوه واقعاً حياً نابضا، انفعلت بهِ نفوسُهم فترجموه في واقعِ سلوكُهم، صِرتَ ترى شرع الله يدبُ على الأرضِ في صورةِ أناسٍ يأكلون الطعام ويمشونَ في الأسواق.
إذا ما دعو للهدى هرولوا…..…..وإن تدعهم للهوى قرفصوا
روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال:
(كنتُ ساقي القوم في بيتِ أبي طلحة (يعني الخمر) وإني لقائمُ أسقي فلاناً وفلاناً وفلانا، إذ جاء رجلُ فقال هل بلغَكم الخبر، قالوا وما ذاك؟
قال لقد حُرمتِ الخمر، وقد أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي آلا إن الخمرَ قد حُرمت، فقالوا أهرق هذه القلال يا انس.
فما سألوا عنها، ولا راجعوها بعد خبرِ الرجل، وما دخلَ داخلٌ ولا خرجَ خارج حتى اهراقوا الشراب وكسرتِ القلال، ثم توضئ بعضهم واغتسل بعضهم ثم أصابوا من طيب أم سليم ثم خرجوا إلى المسجدِ يخوضونَ في الخمر قد جرت بها سكِك المدينة، فقد تواطئتُ المدينة كلُها على تحريمه)
فلما قرأت عليهم الآية:
( فهل أنتم منتهون )؟
بعض القوم كانت شربته في يده فلم يرفعها لفيه بل أراق ما في كأسه وصب ما في باقيته وقال انتهينا ربنُا انتهينا.
لم يقولوا تعودنا عليه منذ سنين و ورثناها عن آبائنا كما يفعل بعض مسلمي زماننا.
ما تكونت عصابات لتهريب المخدرات لأن الدين هيمن على حياتهم فاستشعروا رقابةَ ربِهم فبادروا في يسرٍ إلى تنفيذه امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن النبيَ صلى الله عليه وسلم، يأمر أهلَ المدينة أن لا يكلموا كعباً حين تخلف عن تبوك.
فإذا الأفواه ملجمةٌ لا تنبسُ ببنت شفةٍ، وإذا الثغور لا تفترُ حتى عن بسمة.
بل إن أبن عمه وحميمَه وصديقَه أبا قتادة، نعم لما آتاه ليسلمَ عليه كعب ما رد عليه السلام، فاستعبرت عينا كعبٍ رضي الله عنه ورجع كسير البال كاسف الحال.
فأمرُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء القوم فوق كل خُلة.
ثم انظر إليهم لما نزلت توبةُ اللهِ على هذا الرجل، على كعبٍ رضي الله عنه وأرضاه.
تتحركُ المدينةِ وتنتفضُ عن بكرةِ أبيها إلى كعب فإذا الأفواه تلهج له بالتهنئةِ وقد كانت ملجمة، وإذا الثغور تفتروا عن بسمات مضيئة صادقة وقد كانت عابسة.
نفوس لا يحركها إلا دينُ الله حالها:
ما بعت نفسي إلا لله عز وجلَ…….…..فمن تولى سواه يوله ما تولىَ
إنهم لم يقفوا عند امتثال أمره واجتناب نهيه بل تابعوا أفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم ولاحظوا تصرفاته بكل دقة وشوق وحرص على الإقتداء حتى إذا ما فعل شيئا سارعوا إلى فعله مباشرة لأنهم يعلمون أن سنته سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك.
ثبت عند أبي دؤود في سننه عن سعيد الخدري قال:
(بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فألقاهما عن يساره.
فلما رأى ذلك أصحابه رضوان الله عليهم القوا نعالهم.
فلما قضى صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم؟
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا). توحيد في الإتباع:
فمن قلد الآراء ضل عن الهدى……... ومن قلد المعصوم في الدين يهتدي
بل كان الناس إذا نزلوا منزلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره تفرقوا في الشعاب والأودية فقال لهم صلى الله عليه وسلم إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان.
فما نزلوا بعد ذلك منزلا إلا انظم بعضهم إلى بعض حتى لو وضع عليهم بساط لعمهم.
تنفيذ في يسر وطاعة وامتثال، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
هم ذلك السلف الذين لسانهم……….….تنحط عنه جميع اللسنة الورى
تلك العصابة من يحد عن سبيلها…….حقا يقال لمثله أطرف كرى
مما سمعتم أيها المؤمنون يتجلى لنا مظهرُ أفرادِ المجتمعِ المسلم في ظلِ إدراكهمُ الصحيحُ لمفهوم الإسلام، فليستِ المسألةُ عندَهم فرائضَ يفرِضها هذا الدين على الناس بلا موجبٍ إلا رغبةُ التحكمِ في العباد.
بل هيَ مسألة وجودِ الإنسانِ إذا رغبَ أن يكونَ إنسانٍ حقا، لا مجردَ كائنٍ يأكلُ الطعامَ ويشربَ الشرابَ، ويقضي أيامَه على الأرضِ كيفما أتفق، بل هيَ وضعُ للإنسانِ في وضعه الصحيح كإنسان يستشعر رقابة المولى وتلك هي حقيقةُ التقوى.
عباد الله:
هل استشعرَ رقابةَ الله؟واتقى اللهَ حقيقةً من يشهدُ أن لا إله إلا الله، ويصبح دائبا مجداً مجتهداً في مطعمِ حرام وملبس حرام وغذاءِ حرام؟ يصبحُ وقد ضربَ هذا وشتمَ هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دم هذا ووقعَ في عرضِ ذاكَ وذا.
يصغّر ذا بأراجيفه….… ويرجو بذلك أن يكبرا
ولو عاش في عالم أمثل……. لكان من الحتم أن يصغرا
هل استشعرَ رقابةَ الله؟
من يجلبُ النار ليحرقَ بيتَه وأهله، من يُخربَ بيتَه بيده بوسائلَ لا تزال تُمطره بوابلٍ أو طل من أغاني وأفلامِ ماجنة وقصص سافلة، وترويض للنفوسِ على الكذبِ والنفاقِ وقلب الحقائق؟ قائماً على هدمِ بيتهِ كالدودة التي تخرج من الميت ثم لا تأكل إلا ذلك الميت؟
ألم يستشعرَ أنه لو مات َ على حالته تلك مات غاشاً لرعيته خائنا لأمانته.
حاملاً وزرَه ووزرَ ما جلبه لبيته على ظهره يوم القيامة بقدرِ ما أفسدت هذه الوسائلُ في نفوس أبنائه وأهله من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا.
واللهِ لا يعفيك من حساب الله ولا من لوم الناس ولا تأنيبَ الضمير أن تقول أنا ضحية، وما البديل وما البدل وما المبدل منه؟
وبيتك حقل لاستقبال الأفكارِ والاوضار والأقذارِ تنبتُ فيه وتترعرع، وأنت تسأل ماذا افعل؟
لا يفل الحديد إلا الحديد، والباب الذي يأتيك منه القبيح لا حيلة فيه إلا بسده لتستريح.
آلا إن الشراب له إناء …….فإن دنسته دنس الشراب
أما في هذه الدنيا آمور………….…سوى الشهوات تحرزها الطلاب
أما في هذه الدنيا أُسود…….كما في هذه الدنيا كلاب؟
هل استشعرَ رقابةَ الله؟
من يتعبدُ بأعمالٍ ليس عليها أمرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وحجته ازديادُ الخيرِ وحبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكم من مريدٍ للخير لا يصيبه.
أي فتنةٍ أعظم من أن ترى أنك خصصت بفضلٍ لم يخصَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه.
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
هل استشعرَ رقابةَ الله؟
من ليلُه سهرٌ على ما حرم الله، ويصبحُ مجاهراً بمعصيةِ ؟
من إذا وصل إلى بيئةٍ أجنبيةٍ لا يعرف أمن اليهودِ هو أم من النصارى والمجوس والذين أشركوا:
كلفظ ما له معنى……. كتمثال من الجبس
يسير لغير ما هدف….. ويصبح غير ما يمسي
……………………………………………………………………
حقيقة الكلمة لجؤ إلى الله:
وتعرفُ عليه في الشدةِ والرخاء لا على سواه عرافاً كانَ أو ساحراً أو كاهنا أو مقبورا:
لا قبة ترجى ولا وثن ولا قبر….. ولا نصب من الأنصاب….الله ينفعني ويدفع ما بي.
بالله ثق وله أنب وبه استعن…….….. فإذا فعلت فأنت خير معان.
ها هوَ سيدُ المتقين صلوات اللهِ وسلامهُ عليه في الشدةِ والرخاء، لا تراهُ إلا أواباً منيباً مخبتاً إلى ربه فبهداه يهتدي المقتدون.
(ثبت عند ابن حبان في صحيحه عن عطاءٍ رضي الله عنه قال دخلتُ أنا وعبيدُ بنُ عميرٍ على عائشةَ رضي اللهُ عنها، فقال عبيد:
( حدثينا بأعجبِ شيء رأيتهِ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فبكت وقالت قام ليلةً من الليالي فقال يا عائشةَ ذريني أتعبدُ لربي،
قالت فقلتُ واللهِ إني لأحبُ قربك، وأحبُ ما يسرُك، فقام وتطهرَ ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجرَهُ، ثم لم يزل يبكي حتى بل الأرض من حولِه.
وجاء بلالُ رضي الله عنه يستأذنه لصلاة الفجر، فلما رآه يبكي بكى وقال يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك،!!
وقال يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك،!!
قال يا بلال أفلا أكون عبداً شكورا،
آياتٍ أنزلت على الليلةَ ويلُ لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها، ويلُ لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها:
(إن في خلق السماواتِ والأرض و اختلافِ الليلِ والنهار لآياتٍ لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).
هذا في رخائه صلى الله عليه وسلم
يا نائما مستغرقا في المنام…..……. قم واذكر الحي الذي لا ينام
وفي الشدةِ تنقلُ لنا أمُ المؤمنين عائشة رضي الله عنه أيضا كما ثبت في البخاري أنها قالت لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم (هل أتى عليكَ يومُ كان أشدَ من يومِ أحد؟، قال لقد لقيتُ من قومِك ما لقيت، وكان أشدُ ما لقيتُ منهم يوم العقبةِ إذ عرضت نفسي على ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب)
يا لله يعيشُ قضيتهَ بكل أحاسيسه ومشاعره.
همُ بلغَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن لا يشعرَ بنفسه من الطائفِ إلى السيلِ الكبير.
بما كان يفكر؟ ترى بما استغرقَ هذا الاستغراقَ الطويل؟
لعلَه كان يفكرُ في أمر دعوته التي مضى عليها عشرُ سنينَ ولم يستطع نشر الإسلام بالحجمِ الذي كان يتمنى، لعلَه كان يفكرُ كيف سيدخلُ مكةَ فهو بين عدوين.
عدوٍ خلفّه وراء ظهرهِ أساء إليه ولم يقبل دعوته، وعدوٍ أمامهُ ينتظرَه ليوقِع به الأذى.
(يقول صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني فنظرة فإذا فيها جبريلُ عليه السلام ( لطفُ الله ورحمةُ الله في لمن يتعرفونَ عليه في الرخاء)، فناداني فقال إن الله قد سمِع قول قومِك وما ردوا عليك، وقد بعث اللهُ إليك ملكُ الجبالِ لتأمرَه بما شاءت، فناداني ملكُ الجبالِ فسلمَ علي ثم قالَ يا محمد ذلك فيما شئت، إن شاءتَ أن أطبقَ عليهمُ الأخشبين)
الله ينصر من يقوم بنصره…….…والله يخذل ناصر الشيطان
كان صلى الله عليه وسلم رحيماً بقومه، فما أرسلَ إلا رحمةً للعالمين، الأمل في هدايتِهم يفوقُ في إحساسهِ الشعورُ بالرغبةِ في الانتقامِ من أعدائهِ والتشفي من قومِه اللذينَ أوقعوا به صنوفَ الأذى.
(فقال صلى الله عليه وسلم لملكَ الجبال ، كلا بل أرجو أن يخرجَ اللهُ من أصلابِهم من يعبدُ اللهَ وحدَه لا يشركُ به شيئا). وكان ما رجاه وأملَه بذرة طيبة في أرض خصبة لم تلبث أن صارت شجرة مورقة.
يبني الرجال وغيره يبني القرى…..شتان بين قرى وبين رجال
رخاءُ وشدةٌ لله وتلك حقيقةٌ تقوى الله.
حقيقة الكلمة أن تكون كراكب على ظهرِ خشبةٍ في عرضِ البحرِ:
تتقاذفُك الأمواجُ والأثباج وأنت تدعُ يا رب يا ربِ لعل اللهَ أن ينجيك.حالك ومقالك:
يا مالك الملك جد لي بالرضاء كرما…….فأنت لي محسن في سائر العمر
يا رب زدنيَ توفيقا ومعرفة…………...وحسن عاقبة في الورد والصدر
حقيقة الكلمة أن لا تنطقَ بكلمةٍ:
ولا تتحرك حركةٍ ولا تسكنَ سكوناً إلا وقد أعددتَ لهُ جواباً بين يدي الله فإنك مسؤولٌ فأعدَ لسؤالِ جواباً صوابا.
وعندها يثبت المهيمن ….. بثابت القول الذين أمنوا
ويوقن المرتاب عند ذلك……….بإنما مورده المهالك
حقيقة الكلمة حذارك أن يأخُذَك الله وأنت على غفلةٍ:
أن لا يحضرَ حقٌ لله إلا وأنت متهيء له، أن لا تكونَ عدواً لإبليسَ في العلانيةِ صديقاً له في السر.
حقيقة الكلمة استشعار قدرَةِ الله:
خصوصاً عند إرادةِ الظلم لعبادِ الله، عاملاً أو خادماً كائناً من كان، يحسبُ المرء أنه يُعجزُ اللهَ فيلهو ويملئ الأرض ظلماً.
روى الإمام مسلم رحمه الله عن أبي مسعودٍ البدريَ قال:
(كنتُ أضربُ غلاماً لي بالسوط، فسمعتُ صوتاً من خلفي ينادي "اعلم أبا مسعود" فلم أفهمِ الصوت من الغضب.
فلما دنى مني فإذا هوَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول "اعلم أبا مسعود" ، "اعلم أبا مسعود".
فألقيتُ السوطَ من يدي هيبةً من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم و إذا به يكرر:
اعلم أبا مسعود لله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام.
قال فقلت لا أضربُ مملوكاً بعد اليومِ أبدا يا رسول الله،هوَ حرٌ لوجه الله.
فقال صلى الله عليه وسلم ، أما أنك لو لم تفعل ذلك للفحتك النار أو لمستك النار)
من سارا في درب الردى غاله الردى…….ومن سار في درب الخلاص تخلصا
ثبت عن عبد اللهِ ابن اونيسٍ كما في المسند أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال:
( يحشرُ الناسَ يومَ القيامة عراةً غُرلا فيناديهِم اللهُ نداءً بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعَه من قرُب أنا الملك أنا الديان لا ينبغيَ لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أن يدخلَ الجنة ولأحدٍ من أهلِ النارِ عندَه مظلمة حتى اللطمة، ولا ينبغيَ لأحدٍ من أهلِ النارِ أن يدخلَ النار ولأحدٍ من أهلِ الجنةِ عندَه مظلمةُ حتى اللطمة)
من يعمل السوء سيجزى مثلها….….أو يعمل الحسنى يفوز بجنان
خلقَ الظلمُ أمه قلتُ الدين وسوءٌ الأخلاقِ أبوه.
حقيقة الكلمة نصرة ونجدة المظلومين:
وإنصافهم عند القدرة من الظالمين، ومن نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الآخرة، وليس من شأن المسلم المتقي الله حقا أن يدع أخاه فريسة في يد من يظلمه أو يذله وهو قادر على أن ينصره.
(من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة)
ثبت عند ابن ماجة في سننه عن جابر قال:
( لما رجعت مهاجرة البحر (مهاجر الحبشة) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
آلا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟
قال فتية منهم بلى يا رسول الله، بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلما قامت التفتت إليه وقالت " سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الله الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون كيف يكون أمري وأمرك عنده غدا".
فقال صلى الله عليه وسلم صدقت، صدقت كيف يقدس الله أمة لا يأخذ لضعيفهم من شديدهم.
أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم). بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم.
إن من الضعفاء من لو أقسم على الله لأبره، فإذا استنصروكم فعليكم النصر.
كم يستغيثون، كم هم يئنون.
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسان.
والعالم اليوم شاهد بهذا، فالمستذل الحر، والمزدرى عالي الذرى والاوضع الاشرف.
كم في المسلمين من ذوي حاجة، وأصحاب هموم وصرعى مظالم وفقراء وجرحى قلوب في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين أنّا اتجهت:
كبلوهم قتلوهم مثلوا ……………..بذوات الخدر عاثوا باليتامى
ذبحوا الأشياخ والمرضى ولم ……يرحموا طفلا ولم يبقوا غلاما
هدموا الدور استحلوا كل ما ……….حرم الله ولم يرعوا ذماما
أين من أضلاعنا أفئدة …………تنصر المظلوم تأبى أن يضاما
نسأل الله الذي يكلأنا……….. نصرة المظلوم شيخا أو أياما
لا تكن العصافير أحسن مرؤة منا، إذا أوذي أحد العصافير صاح فاجتمعت لنصرته ونجدته كلها، بل إذا وقع فرخ لطائر منه طرنا جميعا حوله يعلمنه الطيران فأين المسلم الإنسان؟
إذا أخصبت أرض وأجدب أهلها……فلا أطلعت نبتا ولا جادها السماء
انصر الحق والمظلوم حيث كان ولا تطمع بوسام التقوى حقيقة إلا أن كنت فاعلا متفاعلا نصيرا بكلمة بشفاعة بإعانة بإشارة خير بدعاء بعزم ومضاء:
عبئ له العزم واهتف ملئ مسمعه….لا بد لليل مهما طال من فلق
هذا عرينك لكن أين هيبته…….والليث ليث فتي كان أو هرما
على الليالي على الأيام في ثقة……نّقل خطاك وإلا فابتر القدما
كالسيل منطلقا، كالليل مهتدما….. حتى ترى حائط الطغيان منهدما
حقيقة الكلمة إيثار رضاء الله:
على رضاء أي أحد وإن عظمت المحن وثقلت المؤن وضعف الطول والبدن.
تقديم حب الله على حب كل أحد إن كان أبا أو أخا أو زوجا أو ابنا، أو غيره مالا سكنا. نعم:
( قل إن كان آبائكم و أبنائكم و إخوانكم و أزواجكم وعشيرتكم وأموالا اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادا في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره).
لما بلغت الدعوة في مكة نهايتها واستنفذت مقاصدها، أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة إلى المدينة وللمسلمين معه فما تلكئوا ولا ترددوا بل خرجوا يبتغون فضلا من الله ورضوان.
تركوا الأهل والوطن تركوا المال والولد ولم يبقى منهم إلا مفتون أو محبوس أو مريض أو ضعيف.
وقد كانت الهجرة عظيمة شاقة صعبة على المسلمين الذين ولدوا في مكة ونشئوا بها.
ومع هذا هاجروا منها استجابة لأمر الله تعالى ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولسان حالهم:
مرحبا بالخطب يبلوني إذا……. كانت العلياء فيه السبب.
ثم مرضوا في المدينة، أصابتهم الحمى فأباحوا بأشعار وأقوال خلال المرض تدل على صعوبة ما لاقوه وعانوه على نفوسهم.
فها هي عائشة تأتي إلى أبيها رضي الله عنهما وقد أصيب بالحمى يرعد كما ترعد السعفة في مهب الريح، فتقول له كيف تجدك يا أبي؟
فيقول :كل امرؤ مصبح في أهله….….والموت أدنى من شراك نعله.
فتقول عائشة والله ما يدري أبي ما يقول.
وبلال رضي الله عنه محموم فيسائل نفسه، هل سيرى سوق مجنة ومجاز وجبال مكة كشامة وطفيل ونباتها كا الإذخر والجليل ثم يرفع عقيرته فيقول:
آلا ليت شعري هل أبيتنا ليلة……..…بواد وحول إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة………... وهل يبدوا لي شامة وطفيل
ولما رءا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بأصحابه أمضه ذلك وآلمه إذ كان يعز عليه معاناتهم فدعا ربه (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وبارك لنا في مدها وصاعها وأنقل حماها إلى مهيعة أو إلى الجحفة). فكانت بعدها من أحب البلدان إلى أصحابه حالهم:
اختر لنفسك منزلا تعلو به……..…..أو مت كريما تحت ظل القسطل
وإذا نبا بك منزل فتحول.
أخيرا|||||||
هذه مشاعر مسلم حول الهجرة هو أبو أحمد ابن جحش رضي الله عنه وأرضاه يصورها مع زوجته في أسلوب عظيم يبين فيه أنه يطلب ويرغب ما عند الله في هجرته ولو كان ذلك في شدة مشقة وتعب ونصب وكد، راجيا أن لا يخيبه الله كما يروى فيقول:
ولما رأتني أم أحمد غاديا………….…بذمة من أخشى بغيب وأرهب
تقول فإما كنت لا بد فاعل………..فيمم بنا البلدان ولُتنأ يثرب
فقلت بل يثرب اليوم وجهنا…………..وما يشأ الرحمن فالعبد يركب
إلى الله وجهي يا عذولي ومن يقم…..إلى الله يوما وجهه لا يخيب
فكم قد تركنا من حميم وناصح……ونائحة تبكي بدمع وتندب
ترى أن موتا نأينا عن بلادنا…………ونحن نرى أن الرغائب نطلب
في هذا ما يصور قساوة الخروج من أرضهم لكنه خروج في سبيل ربهم فماذا يضرهم والله مولاهم.
حنوا إلى أوطانهم واشتاقوا إلى خيام اللؤلؤ في جنة مولاهم فغلبوا الأعلى على الأدنى والأنفس على الأرخص والأسمى على الأخس:
شتان بين امرأ في نفسه حرم قدس……… وبين امرأ في قلبه صنم
خذني إلى بيتي، أرح خدي على…… عتباته وأقّبل مقبض بابه
خذني إلى وطن أموت مشردا……… إن لم اكحل ناضري بترابه
إنه الجنة والذي نفسي بيده لو كنت أقطع اليدين والرجلين مذ خلق الله الخلق تسحب على وجهك إلى يوم القيامة، ثم كان مأواك الجنة ما رأيت بؤسا قط.
فأسمع وعي، لا تأثر الأدنى على الأعلى فتحرم ذا وذا، يا ذلة الحرمان.
آلا ربّ مبيض ثيابه اليوم مدنس لدينه،
آلا ربّ مكرم لنفسه اليوم مهين له غدا،
أدفعُ سيئات الأمس بحسنات اليوم:
( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين).
ومن حقيقة هذه الكلمة أن لا تنظر إلى صغر الخطيئة:
بل تنظر إلى عظم من عصيت إنه الله الجليل الأكبر الخالق البارئ والمصور،
كم من ذنب حقير استهان به العبد فكان هلاك له:
(وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).
ثبت عند أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه قال(كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار.
وكان مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما رجل يخدمهما.
فناما واستيقظا وهو نائم لم يهيأ لهما طعاما.
فقالَ أحدُهما لصاحبه إن هذا لنؤم (يعني كثير النوم).
ثم أيقظاه فقالا إئتي سولَ الله صلى الله عليه وسلم فقل له:
إن أبا بكرٍ وعمرَ يقرئانكَ السلام وهما يستأدمانك (أي يطلبان منك الايدام).
فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره.
فقال أقرئهما السلام وأخبرهما أنكما قد إئتدما.
فرجع وأخبرهما أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم يقولُ إنكما قد ائتدمتما.
ففزعا فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلا يا رسولَ الله بعثنا إليك نستأدمك، فقلت قد أئتدمنا.
فبأي شيء أئتدمنا؟ قال بلحم أخيكما.
والذي نفسي بيده إني لأراء لحمه بين أنيابكما.
قالا فأستغفر لنا يا رسولَ الله.
قال عليه الصلاة والسلام بل أمروه هوَ أن يستغفرَ لكما)
عباد الله إن أبا بكرٍ وعمرَ ما نظرا إلى ما قالا، فقد كانت كلمةً قد نقولُ أكبر منها مئات المرات.
لكنهما نظرا إلى عظمةِ من عصوا إنه الله، وتلكَ حقيقة تقوى الله، فإياكم ومحقراتِ الذنوب فأنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن لها من اللهِ طالبا.
لا تحقرنَ صغيرةً إن الجبال من الحصى
والقطرُ منه تدفقِ الخلاجانِ.
حقيقة الكلمة الحذر من استحلالِ محارمِ الله:
بالمكرِ والاحتيال، وليعلم العبدُ أنه لا يخلّصُه من الله ما أظهره مكرا من الأقوالِ والأفعال.
فأن لله يوماً تكعُ فيه الرجالُ وتشهدُ فيه الجوارح والأوصال.
وتجري أحكامُ الله على القصودِ والنيات، كما جرت على ظاهرِ الأقوالِ والحركات.
يومَ تبيضُ وجوهٌ بما في قلوبِ أصحابِها من الصدق والإخلاصِ للكبير المتعال.
وتسودُ وجوهٌ بما في قلبِ أصحابِها من الخديعةِ والمكرِ والاحتيال.
هناك يعلمُ المخادعون أنهم لأنفسَهم يخدعون وبها يمكرون:
(وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون، والدار الآخرة خير للذين يتقون، أفلا تعقلون).
هذه بعض حقائق الكلمة.
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد.
اللهم آتي نفوسنا تقواها.
اللهم زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولها. وأنت أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين.
اللهم ارحم من لا راحم له سواك، ولا ناصر له سواك ولا مأوى له سواك، ولا مغيث له سواك.
اللهم ارحم سائلك ومؤملك لا منجأ له ولا ملجئ إلا إليك.
اللهم كن للمستضعفين والمضطهدين والمظلومين.
اللهم فرج همهم ونفس كربهم وارفع درجتهم واخلفهم في أهلهم.
اللهم أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء.
يا سميع الدعاء
الله ارحم موتى المسلمين، اللهم إنهم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابهم، الله زد في حسناتهم، وتجاوز عن سيئاتهم أنت أرحم بهم وأنت أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين.
فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني
تعليق