نفائس الأوقات
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين،ولا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير والصلاة والسلام على أشرف المرسَلين، وإمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وحجة الله على الهالكين، وعلى آله وصحبه والتابعين.أما بعد:فالدقائق الغالية هي حياة المسلم.فكل دقيقة تمر من حياة المسلم، ومن عمره تُحتسب عليه عند الله عز وجل.ولذلك قال سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ))، قال أهل العلم في النذير: هو الموت.وقالوا: هو محمد صلى الله عليه وسلم.وقالوا: القرآن.وقالوا: الإسلام.وقالوا: الشيب.وذكر عن بعض السلف أنه قال: من بلّغه الله ثمان عشرة سنة، فقد أعذر إليه وأنذر.وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من بلّغه الله ستين سنة فقد أعذر الله إليه) (1) .فإذا تفكر المسلم، أنه قد جاءته من الله نِذارة وإعذار، وجب عليه أن يستغل هذه الدقائق في مرضاة الله الواحد الأحد. أما معنى قوله سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ))، فالمعنى ألم نمهلكم؟ ألم نمد لكم في الأجل؟ أما تركناكم تعيشون حتى جاءتكم النذارة؟ أما تركنا لكم مُهلة؟ ولذلك قال بعض أهل العلم: الشيب هو: النذير.ومن شابت لحيته، أو شاب رأسه، فقد أتاه من الله نذير.قال سفيان بن سعيد الثوري : من شاب فليشترِ كفناً، وليعدّ للقبر عدته.ولقد بكى العلماء والصالحون الشيب، وعلموا أنه داعي القبر، وأنه بريد الموت، وأنه سائقٌ إلى الله سبحانه وتعالى.قال الإمام أحمد : والله ما مثلت الشباب إلا بشيء كان في يدي ثم سقط من يدي.وقال أبو العتاهية :
يقول: يا ليت الشباب أول العمر، يعود إليّ، فأخبره بما فعل بي المشيب، فقد غير لوني، وغير مهجتي، وحطم قوتي، وأذاب سكونه شعري، واحدودب ظهري، وأسهرني، وأبكاني.ولذلك نام شباب مع شيخ كبير في بيته، وكان قد بلغ الثمانين من عمره.فما نام طول الليل، فهو دائماً في أنين، وزفير، وفي شهيق حتى صلاة الفجر.فقال له الشباب لما صلى الفجر؟ ما تركتنا ننام البارحة.فعمل قصيدة يقول فيها:
قال ابن قتيبة : مرَّ شيخ كبير من بني غفار، عليه لحية بيضاء، وعلى صدره، والعرب كان فاجرهم ومؤمنهم، قويهم وضعيفهم، لا يحلقون لحاهم.فمرَّ على شباب يلعبون في الشارع، فقال أحد الأطفال: يا عم من الذي باعك هذا القوس؟ فدمعت عينا الشيخ وقال: يا بني، هذه اللحية أعطانيها الدهر بلا ثمن، وسوف يعطيك شيباً مثلها.يعني: اصبر، وسوف تجد مثلها.ولكن قال الصالحون: من حفظ الله في الشباب حفظه في الهرم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعَّرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفّت الصحف) (1) .وفي حديث آخر: (اغتنم خمساً قبل خمس ثم ذكر منها صلى الله عليه وسلم: شبابك قبل هرمك) (1) .قال ابن كثير وهو يترجم للمُحِبِّ الطبري الإمام الشافعي الكبير.يقول: ركب معه شباب في سفينة، فلما اقترب من الشاطئ، قفز من السفينة إلى الشاطئ، فحاول الشباب أن يقفزوا فما استطاعوا، فقالوا له: ما لك وأنت في الثمانين استطعت، ونحن شباب لم نستطع؟ قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.وذكر أهل العلم في كتب الحديث وغيرها أبواب الشيب، وعدوه من الإنذارات للمؤمن قبل أن يأتيه نذير الموت.ولذلك قال أهل السير: وقف عابد من بني إسرائيل أمام المرآة، وكان عمره ثمانين سنة، فرأى شيبة.وكان هذا الرجل قد أطاع الله أربعين سنة، ثم عصاه أربعين سنة، نعوذ بالله من الخذلان.لأن بعض الناس بعد أن يستمر في طريق الهداية يتراجع في اللحظات الأخيرة.فنظر إلى المرآة وقال: يا رب أطعتك أربعين سنة، وعصيتك أربعين سنة، فهل تقبلني إذا عدت إليك؟ فسمع هاتفاً يقول: أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإذا عدت إلينا قبلناك.لأن بعض الناس، كما قلت، يدركهم الخذلان، فيعود للمعصية بعد الطاعة.يذكر الذهبي في ترجمة عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، أنه لما تولى الخلافة كان عالماً من العلماء، بل كانوا يعدونه من علماء المدينة .فلما تولى الخلافة سفك الدم، وسل السيف.يقولون: أنه أول ما بويع بالخلافة أخذ المصحف، ثم نشره أمامه، ثم قرأ فيه قليلاً، ثم طبقه، وقال: هذا آخر العهد بك!قال الذهبي معلقاً: اللهم لا تمكر بنا.فأدركه الخذلان، والعياذ بالله، لما مكنه الله في الأرض.ولذلك لما أتته سكرات الموت، بكى طويلاً، ونزل من على سرير الملك، فمرغ وجهه في التراب، وبكى، وقال: يا ليت أمي لم تلدني، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة.فسمع غسالاً، وهو في سكرات الموت.وكان الغسال يغسل الملابس، ولا يحمل هموم الرئاسة والإمامة، ولا يخاف من الظلم ولا الإجحاف.فقال عبد الملك : يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني كنت غسّالاً.قال سعيد بن المسيب أحد علماء التابعين لما سمع الكلام: الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا وقت الممات ولا نفر إليهم.وإنما يتذكر قوله سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ))، من عقل وفهم عن الله عز وجل.أما الذي غلبه هواه، فهذا لا يسمع الآيات، ولا يستفيد من المواعظ، ولو أسمعته خطب الدنيا، ومواعظ الدنيا، ومحاضرات الدنيا، فلن يستفيق أبداً.وبالمناسبة، فالنساء أشد ما يغضبهن في الرجل، هو: الشيب.يقول حسان بن ثابت :
فالشيب هذا عدو للنساء.ولذلك أخذ بعض الناس السواد، وصبغوا لحاهم ورءوسهم.وهذا على الصحيح من أقوال أهل العلم أنه محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في أبي قحافة : (وجنِّبوه السواد) (1) ، والسر في ذلك كما قال بعض الفقهاء: أنه يوهم الناظر، وأن فيه تدليساً.ولكن الصبغ يجوز بالورس والحناء والكتم.هذا على سبيل الاستطراد.قال بعض الصالحين لما حضرته الوفاة: اللهم ارحم شيبتي، فإني سمعت في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يستحي أن يعذِّب شيخاً في الإسلام) (1) .وذكر أهل العلم في ترجمة يحيى بن أكثم أحد العلماء القضاة، وقد تولى القضاء للمأمون ، لكنه ما حُمد كثيراً في القضاء، فسياسته في القضاء ما كانت محمودة، إنما كان محدثاً صالحاً فيه خير.فلما توفي رؤي في المنام قالوا: ما فعل الله بك؟ قال: والذي نفسي بيده، لقد أوقفني بين يديه، تبارك وتعالى، ثم قال الله: (وعزتي وجلالي لولا شيبتك لعذبتك بالنار، ثم أدخلني الجنة) (1) .وهذا لا يعني أن الشيخ الكبير له أن يفعل ما شاء؛ لأن الله يستحي من شيبته، لا. بل معناه أن الله يستحي منه إذا استحى من الله.وإلا ففي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، منهم: شيخ زانٍ) (1) ، أي: شيخ كبير في السن ويزني، وقد شددت فيه العقوبة؛ لأنه قد انقطعت دواعي هذا الذنب في قلبه، فإن حدثت فإنما هي أمارة على خبث الطوية، وفساد القلب، نسأل الله أن يعفينا والمسلمين.فهذا ليس له عند الله قبول، ولا يكلمه الله يوم العرض الأكبر، ولا ينظر إليه ولا يزكيه، وله عذاب أليم.ونظر إبراهيم عليه السلام، في المرآة فرأى شيبة بيضاء، فقال: يا رب ما هذا البياض؟ قال: هذا وقار يا إبراهيم .قال: اللهم زدني وقاراً.وقالوا عن الإمام أحمد أنه كان لا يقوم لأحد من الناس، لا لملك، ولا لوزير، ولا لسلطان، ولا لغني، ولا لوجيه، إلا إذا رأى شيخاً كبيراً شابت لحيته، فإنه يقوم، فيقبله ويعانقه، ويجلسه بجانبه. وفي الحديث: (إن من إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم) (1) .وثلاثة يوقَّرون: السلطان المقسط، أي: العادل، وحامل القرآن، أي: طالب العلم العامل بعلمه، والشيخ الكبير.هؤلاء يوقرون لما أعطاهم الله عز وجل.ومقصودي من هذا، أيها الأحبة، أن نصل إلى مسألة حفظ العمر مع الله عز وجل، فإن كثيراً من الناس ذهبت لياليهم من بين أيديهم سدى، فلم يستغلوها في الطاعة، فبكوا وندموا.يقول سبحانه وتعالى عن المفرطين: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)).ويقول سبحانه وتعالى عنهم: ((يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا))، قال أهل العلم: يقولون يا ويلتنا على ما ضيعنا في حياتنا من الأوقات الثمينة.دخل عمر رضي الله عنه وأرضاه المسجد فوجد رجلاً حزيناً جالساً في المسجد فقال: [ما لك؟
قال: فاتتني صلاة الليل البارحة].أما نحن، فالكثير تفوته صلاة الفجر، وقلبه بارد لا حزن فيه، ولا غضب، ولا هم ولا خوف، فهو كما قال المتنبي :
قال عمر : [سبحان الله! قم فصلِّ، أما سمعت الله يقول: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا))]. فمن فاته ورده في الليل، وقراءة القرآن فليعوِّضه في النهار.ومن فاته في النهار.. فليعوِّضه في الليل.الجنيد بن محمد أحد الصالحين كان يُسبِّح ثلاثين ألف تسبيحة. ذكرها أهل العلم في ترجمته، فلما حضرته الوفاة أخذ يقرأ القرآن، وهو في سكرات الموت، فقال له أبناؤه: تقرأ القرآن، وأنت مشغول بالموت؟ قال: وهل هناك في الدنيا من هو أحوج مني إلى العمل الصالح؟ فيا إخوتي في الله، إن الدقائق الغالية في حياة المسلم لا تُقَدّر بثمن.وقد ذكر أهل العلم في حفظ الوقت نماذج أذكر شيئاً منها:كان كرز بن وبرة -أحد الصالحين- يقول له أصحابه: اجلس معنا نتحدَّث معك.قال: احبسوا الشمس.قال الحسن البصري : والذي نفسي بيده، ما أصبح صباح إلا نادى: يا ابن آدم اغتنمني، فوالله لا أعود لك إلى يوم القيامة.قال الجاحظ في كتاب ( الحيوان ): وأحسن ما أنشد العرب في حفظ الوقت:
ويصدق هذا الكلام قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: (يؤتى بأنعم أهل الأرض فيغمسه الله في النار غمسة ثم يقول: هل رأيت نعيماً قط؟
قال: لا والله يا رب ما مرَّ بي نعيم قط).ذهبت الدور والقصور، وذهب النعيم، وبقيت المعصية، تلاحقه حتى أدخلته النار.(ويؤتى بأتعس أهل الدنيا من أهل الجنة) هذا الرجل الضائع، الذي ينام في الخيمة، ولا يجد إلا كسرة الخبز، ولا يجد إلا جرعة الماء: (فيغمسه الله غمسة في النعيم ثم يقول الله له: هل مر بك بؤس قط؟
قال: لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط) (1) ، وهذه هي الحياة. ولذلك: سل مَن تنعَّم، وهو في الحياة الآن، هل تتذكر النعيم السابق الذي مرّ بك؟ سيقول: لا. لأنه لا يبقى إلا طاعة الله الواحد الأحد.ولذلك تواصى بها الصالحون قديماً وحديثاً.قال سليمان عليه السلام: تعلَّمنا ما تعلَّم الناس، ومما لم يتعلَّموا، فما وجدنا كتقوى الله.وقال عون بن عبد الله لزملائه، وهو يودعهم: أوصيكم بوصية: عليكم بتقوى الله، فإن المتقي لا وحشة عليه.ولذلك قليل العمل الصالح يعادل جبالاً من نعيم الدنيا، لو كانت في ميزان الحسنات.فلذلك لما مرّ سليمان عليه السلام -كما يُروى ذلك في الأثر- وهو راكب على بساط الريح يحمله إلى أين شاء بواسطة الريح التي سُخّرت له، كما قال سبحانه: ((فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ))، أي: حيث أمرها تتجه به حسب ذلك الأمر.فمر يوماً من أمام فلاح في مزرعته، فلما رآه الفلاح، وهو في أبهته، أعجبه المنظر، فقال: سبحان الله، لقد أوتى آل داود ملكاً عظيماً.فسمعها سليمان عليه السلام، فأمر بالنزول عنده، فلما قابله قال: والذي نفسي بيده لقولك: سبحان الله، خير مما أوتي آل داود.ويؤيد ذلك ما ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس) (1) .ولذلك قال الله عز وجل عن إدريس عليه السلام: ((وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)).يقولون: كان خياطاً، وكان بين أن يدخل الإبرة ويخرجها، يقول: سبحان الله، والحمد دلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يُخرج الإبرة.فأوحى الله إليه: يا إدريس وعزتي وجلالي لأرفعنك مكاناً علياً.قال: يا رب لماذا وأنا مذنب؟ يعني: معترف بالتقصير.قال: إنه يُرفع عملك مع عمل أهل الدنيا فتفوقهم بالتسبيح والتهليل.وهذا تسديد من الله: أن تجد العبد دائماً يسبِّح ويهلِّل.قال ابن رجب في ( جامع العلوم والحكم ): كان خالد بن معدان يُسبِّح في اليوم مائة ألف تسبيحة.وهذا توفيق من الله عز وجل.تجد بعض الناس دائماً يتمتم بالتسبيح حتى يقول له المنافقون: هذا موسوس!كان أحد الصالحين يُسبِّح.فقال له أحد الشباب: يا موسوَس.فقال في قصيدة:
يقول: من ذكري لك يا رب يقول الناس إن بي مرضاً، فقلت: لا زال بي هذا المرض.وقال ابن القيم في بيت جميل:
ولذلك تجد الصالحين دائماً يتمتمون بالذكر.قال النووي : من راقب الناس -أي: خاف من كلامهم- في هذه الأمور فاته أجر عظيم.لكن الواجب: أن تخلص العمل لله ثم لا يهمك قولهم، ولا تعليقاتهم، بل اذكر الله كثيراً، كما قال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)). أسأل الله لي ولكم أن يوفقنا إلى أن نستثمر أوقاتنا، ودقائقنا الغالية في طاعته ومرضاته.والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم. والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
د.عائض القرني***
نفائس الأوقات
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين،ولا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير والصلاة والسلام على أشرف المرسَلين، وإمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وحجة الله على الهالكين، وعلى آله وصحبه والتابعين.أما بعد:فالدقائق الغالية هي حياة المسلم.فكل دقيقة تمر من حياة المسلم، ومن عمره تُحتسب عليه عند الله عز وجل.ولذلك قال سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ))، قال أهل العلم في النذير: هو الموت.وقالوا: هو محمد صلى الله عليه وسلم.وقالوا: القرآن.وقالوا: الإسلام.وقالوا: الشيب.وذكر عن بعض السلف أنه قال: من بلّغه الله ثمان عشرة سنة، فقد أعذر إليه وأنذر.وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من بلّغه الله ستين سنة فقد أعذر الله إليه) (1) .فإذا تفكر المسلم، أنه قد جاءته من الله نِذارة وإعذار، وجب عليه أن يستغل هذه الدقائق في مرضاة الله الواحد الأحد. أما معنى قوله سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ))، فالمعنى ألم نمهلكم؟ ألم نمد لكم في الأجل؟ أما تركناكم تعيشون حتى جاءتكم النذارة؟ أما تركنا لكم مُهلة؟ ولذلك قال بعض أهل العلم: الشيب هو: النذير.ومن شابت لحيته، أو شاب رأسه، فقد أتاه من الله نذير.قال سفيان بن سعيد الثوري : من شاب فليشترِ كفناً، وليعدّ للقبر عدته.ولقد بكى العلماء والصالحون الشيب، وعلموا أنه داعي القبر، وأنه بريد الموت، وأنه سائقٌ إلى الله سبحانه وتعالى.قال الإمام أحمد : والله ما مثلت الشباب إلا بشيء كان في يدي ثم سقط من يدي.وقال أبو العتاهية :
يقول: يا ليت الشباب أول العمر، يعود إليّ، فأخبره بما فعل بي المشيب، فقد غير لوني، وغير مهجتي، وحطم قوتي، وأذاب سكونه شعري، واحدودب ظهري، وأسهرني، وأبكاني.ولذلك نام شباب مع شيخ كبير في بيته، وكان قد بلغ الثمانين من عمره.فما نام طول الليل، فهو دائماً في أنين، وزفير، وفي شهيق حتى صلاة الفجر.فقال له الشباب لما صلى الفجر؟ ما تركتنا ننام البارحة.فعمل قصيدة يقول فيها:
قال ابن قتيبة : مرَّ شيخ كبير من بني غفار، عليه لحية بيضاء، وعلى صدره، والعرب كان فاجرهم ومؤمنهم، قويهم وضعيفهم، لا يحلقون لحاهم.فمرَّ على شباب يلعبون في الشارع، فقال أحد الأطفال: يا عم من الذي باعك هذا القوس؟ فدمعت عينا الشيخ وقال: يا بني، هذه اللحية أعطانيها الدهر بلا ثمن، وسوف يعطيك شيباً مثلها.يعني: اصبر، وسوف تجد مثلها.ولكن قال الصالحون: من حفظ الله في الشباب حفظه في الهرم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعَّرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفّت الصحف) (1) .وفي حديث آخر: (اغتنم خمساً قبل خمس ثم ذكر منها صلى الله عليه وسلم: شبابك قبل هرمك) (1) .قال ابن كثير وهو يترجم للمُحِبِّ الطبري الإمام الشافعي الكبير.يقول: ركب معه شباب في سفينة، فلما اقترب من الشاطئ، قفز من السفينة إلى الشاطئ، فحاول الشباب أن يقفزوا فما استطاعوا، فقالوا له: ما لك وأنت في الثمانين استطعت، ونحن شباب لم نستطع؟ قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.وذكر أهل العلم في كتب الحديث وغيرها أبواب الشيب، وعدوه من الإنذارات للمؤمن قبل أن يأتيه نذير الموت.ولذلك قال أهل السير: وقف عابد من بني إسرائيل أمام المرآة، وكان عمره ثمانين سنة، فرأى شيبة.وكان هذا الرجل قد أطاع الله أربعين سنة، ثم عصاه أربعين سنة، نعوذ بالله من الخذلان.لأن بعض الناس بعد أن يستمر في طريق الهداية يتراجع في اللحظات الأخيرة.فنظر إلى المرآة وقال: يا رب أطعتك أربعين سنة، وعصيتك أربعين سنة، فهل تقبلني إذا عدت إليك؟ فسمع هاتفاً يقول: أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإذا عدت إلينا قبلناك.لأن بعض الناس، كما قلت، يدركهم الخذلان، فيعود للمعصية بعد الطاعة.يذكر الذهبي في ترجمة عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، أنه لما تولى الخلافة كان عالماً من العلماء، بل كانوا يعدونه من علماء المدينة .فلما تولى الخلافة سفك الدم، وسل السيف.يقولون: أنه أول ما بويع بالخلافة أخذ المصحف، ثم نشره أمامه، ثم قرأ فيه قليلاً، ثم طبقه، وقال: هذا آخر العهد بك!قال الذهبي معلقاً: اللهم لا تمكر بنا.فأدركه الخذلان، والعياذ بالله، لما مكنه الله في الأرض.ولذلك لما أتته سكرات الموت، بكى طويلاً، ونزل من على سرير الملك، فمرغ وجهه في التراب، وبكى، وقال: يا ليت أمي لم تلدني، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة.فسمع غسالاً، وهو في سكرات الموت.وكان الغسال يغسل الملابس، ولا يحمل هموم الرئاسة والإمامة، ولا يخاف من الظلم ولا الإجحاف.فقال عبد الملك : يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني كنت غسّالاً.قال سعيد بن المسيب أحد علماء التابعين لما سمع الكلام: الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا وقت الممات ولا نفر إليهم.وإنما يتذكر قوله سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ))، من عقل وفهم عن الله عز وجل.أما الذي غلبه هواه، فهذا لا يسمع الآيات، ولا يستفيد من المواعظ، ولو أسمعته خطب الدنيا، ومواعظ الدنيا، ومحاضرات الدنيا، فلن يستفيق أبداً.وبالمناسبة، فالنساء أشد ما يغضبهن في الرجل، هو: الشيب.يقول حسان بن ثابت :
فالشيب هذا عدو للنساء.ولذلك أخذ بعض الناس السواد، وصبغوا لحاهم ورءوسهم.وهذا على الصحيح من أقوال أهل العلم أنه محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في أبي قحافة : (وجنِّبوه السواد) (1) ، والسر في ذلك كما قال بعض الفقهاء: أنه يوهم الناظر، وأن فيه تدليساً.ولكن الصبغ يجوز بالورس والحناء والكتم.هذا على سبيل الاستطراد.قال بعض الصالحين لما حضرته الوفاة: اللهم ارحم شيبتي، فإني سمعت في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يستحي أن يعذِّب شيخاً في الإسلام) (1) .وذكر أهل العلم في ترجمة يحيى بن أكثم أحد العلماء القضاة، وقد تولى القضاء للمأمون ، لكنه ما حُمد كثيراً في القضاء، فسياسته في القضاء ما كانت محمودة، إنما كان محدثاً صالحاً فيه خير.فلما توفي رؤي في المنام قالوا: ما فعل الله بك؟ قال: والذي نفسي بيده، لقد أوقفني بين يديه، تبارك وتعالى، ثم قال الله: (وعزتي وجلالي لولا شيبتك لعذبتك بالنار، ثم أدخلني الجنة) (1) .وهذا لا يعني أن الشيخ الكبير له أن يفعل ما شاء؛ لأن الله يستحي من شيبته، لا. بل معناه أن الله يستحي منه إذا استحى من الله.وإلا ففي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، منهم: شيخ زانٍ) (1) ، أي: شيخ كبير في السن ويزني، وقد شددت فيه العقوبة؛ لأنه قد انقطعت دواعي هذا الذنب في قلبه، فإن حدثت فإنما هي أمارة على خبث الطوية، وفساد القلب، نسأل الله أن يعفينا والمسلمين.فهذا ليس له عند الله قبول، ولا يكلمه الله يوم العرض الأكبر، ولا ينظر إليه ولا يزكيه، وله عذاب أليم.ونظر إبراهيم عليه السلام، في المرآة فرأى شيبة بيضاء، فقال: يا رب ما هذا البياض؟ قال: هذا وقار يا إبراهيم .قال: اللهم زدني وقاراً.وقالوا عن الإمام أحمد أنه كان لا يقوم لأحد من الناس، لا لملك، ولا لوزير، ولا لسلطان، ولا لغني، ولا لوجيه، إلا إذا رأى شيخاً كبيراً شابت لحيته، فإنه يقوم، فيقبله ويعانقه، ويجلسه بجانبه. وفي الحديث: (إن من إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم) (1) .وثلاثة يوقَّرون: السلطان المقسط، أي: العادل، وحامل القرآن، أي: طالب العلم العامل بعلمه، والشيخ الكبير.هؤلاء يوقرون لما أعطاهم الله عز وجل.ومقصودي من هذا، أيها الأحبة، أن نصل إلى مسألة حفظ العمر مع الله عز وجل، فإن كثيراً من الناس ذهبت لياليهم من بين أيديهم سدى، فلم يستغلوها في الطاعة، فبكوا وندموا.يقول سبحانه وتعالى عن المفرطين: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)).ويقول سبحانه وتعالى عنهم: ((يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا))، قال أهل العلم: يقولون يا ويلتنا على ما ضيعنا في حياتنا من الأوقات الثمينة.دخل عمر رضي الله عنه وأرضاه المسجد فوجد رجلاً حزيناً جالساً في المسجد فقال: [ما لك؟
قال: فاتتني صلاة الليل البارحة].أما نحن، فالكثير تفوته صلاة الفجر، وقلبه بارد لا حزن فيه، ولا غضب، ولا هم ولا خوف، فهو كما قال المتنبي :
قال عمر : [سبحان الله! قم فصلِّ، أما سمعت الله يقول: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا))]. فمن فاته ورده في الليل، وقراءة القرآن فليعوِّضه في النهار.ومن فاته في النهار.. فليعوِّضه في الليل.الجنيد بن محمد أحد الصالحين كان يُسبِّح ثلاثين ألف تسبيحة. ذكرها أهل العلم في ترجمته، فلما حضرته الوفاة أخذ يقرأ القرآن، وهو في سكرات الموت، فقال له أبناؤه: تقرأ القرآن، وأنت مشغول بالموت؟ قال: وهل هناك في الدنيا من هو أحوج مني إلى العمل الصالح؟ فيا إخوتي في الله، إن الدقائق الغالية في حياة المسلم لا تُقَدّر بثمن.وقد ذكر أهل العلم في حفظ الوقت نماذج أذكر شيئاً منها:كان كرز بن وبرة -أحد الصالحين- يقول له أصحابه: اجلس معنا نتحدَّث معك.قال: احبسوا الشمس.قال الحسن البصري : والذي نفسي بيده، ما أصبح صباح إلا نادى: يا ابن آدم اغتنمني، فوالله لا أعود لك إلى يوم القيامة.قال الجاحظ في كتاب ( الحيوان ): وأحسن ما أنشد العرب في حفظ الوقت:
ويصدق هذا الكلام قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: (يؤتى بأنعم أهل الأرض فيغمسه الله في النار غمسة ثم يقول: هل رأيت نعيماً قط؟
قال: لا والله يا رب ما مرَّ بي نعيم قط).ذهبت الدور والقصور، وذهب النعيم، وبقيت المعصية، تلاحقه حتى أدخلته النار.(ويؤتى بأتعس أهل الدنيا من أهل الجنة) هذا الرجل الضائع، الذي ينام في الخيمة، ولا يجد إلا كسرة الخبز، ولا يجد إلا جرعة الماء: (فيغمسه الله غمسة في النعيم ثم يقول الله له: هل مر بك بؤس قط؟
قال: لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط) (1) ، وهذه هي الحياة. ولذلك: سل مَن تنعَّم، وهو في الحياة الآن، هل تتذكر النعيم السابق الذي مرّ بك؟ سيقول: لا. لأنه لا يبقى إلا طاعة الله الواحد الأحد.ولذلك تواصى بها الصالحون قديماً وحديثاً.قال سليمان عليه السلام: تعلَّمنا ما تعلَّم الناس، ومما لم يتعلَّموا، فما وجدنا كتقوى الله.وقال عون بن عبد الله لزملائه، وهو يودعهم: أوصيكم بوصية: عليكم بتقوى الله، فإن المتقي لا وحشة عليه.ولذلك قليل العمل الصالح يعادل جبالاً من نعيم الدنيا، لو كانت في ميزان الحسنات.فلذلك لما مرّ سليمان عليه السلام -كما يُروى ذلك في الأثر- وهو راكب على بساط الريح يحمله إلى أين شاء بواسطة الريح التي سُخّرت له، كما قال سبحانه: ((فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ))، أي: حيث أمرها تتجه به حسب ذلك الأمر.فمر يوماً من أمام فلاح في مزرعته، فلما رآه الفلاح، وهو في أبهته، أعجبه المنظر، فقال: سبحان الله، لقد أوتى آل داود ملكاً عظيماً.فسمعها سليمان عليه السلام، فأمر بالنزول عنده، فلما قابله قال: والذي نفسي بيده لقولك: سبحان الله، خير مما أوتي آل داود.ويؤيد ذلك ما ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس) (1) .ولذلك قال الله عز وجل عن إدريس عليه السلام: ((وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)).يقولون: كان خياطاً، وكان بين أن يدخل الإبرة ويخرجها، يقول: سبحان الله، والحمد دلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يُخرج الإبرة.فأوحى الله إليه: يا إدريس وعزتي وجلالي لأرفعنك مكاناً علياً.قال: يا رب لماذا وأنا مذنب؟ يعني: معترف بالتقصير.قال: إنه يُرفع عملك مع عمل أهل الدنيا فتفوقهم بالتسبيح والتهليل.وهذا تسديد من الله: أن تجد العبد دائماً يسبِّح ويهلِّل.قال ابن رجب في ( جامع العلوم والحكم ): كان خالد بن معدان يُسبِّح في اليوم مائة ألف تسبيحة.وهذا توفيق من الله عز وجل.تجد بعض الناس دائماً يتمتم بالتسبيح حتى يقول له المنافقون: هذا موسوس!كان أحد الصالحين يُسبِّح.فقال له أحد الشباب: يا موسوَس.فقال في قصيدة:
يقول: من ذكري لك يا رب يقول الناس إن بي مرضاً، فقلت: لا زال بي هذا المرض.وقال ابن القيم في بيت جميل:
ولذلك تجد الصالحين دائماً يتمتمون بالذكر.قال النووي : من راقب الناس -أي: خاف من كلامهم- في هذه الأمور فاته أجر عظيم.لكن الواجب: أن تخلص العمل لله ثم لا يهمك قولهم، ولا تعليقاتهم، بل اذكر الله كثيراً، كما قال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)). أسأل الله لي ولكم أن يوفقنا إلى أن نستثمر أوقاتنا، ودقائقنا الغالية في طاعته ومرضاته.والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم. والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
د.عائض القرني***