" يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"المائدة/105
إخواني... الإنسان مؤلف من نفس وروح وجسد …لكن ما الفرق بينها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نفسه هي ذاته ، هي حقيقته ، نفسه هي التي تؤمن أو تكفر ، هي التي تسعد أو تشقى ، هي التي ترضى أو تغضب ، هي التي تذوق الموت ولا تموت ، قال تعالى:" كل نفس ذائقة الموت " . ال عمران/185....هي التي تخلد في جنةٍ يدوم نعيمها ، أو في نارٍ لا ينفذُ عذابها .
لكن الجسد ما هو إلاّ قالبٌ لهذه النفس ، وعاءٌ يحتويها ، ثيابٌ ترتديها فالنفس من خلال الجسد ترى ، والنفس من خلال الجسد تسمع ، والنفس من خلال الجسد تتحرك ، وقد تبطش ، وقد تحسن ، فما الجسد إلا وعاءٌ أو قالبٌ لهذه النفس .
والروح هي القوة المحركة ، فلولا الروح لما رأى الإنسان بعينه ، ولا سمع بأذنه ، ولا تقلصت عضلاته ، ولا عملت أجهزته .
والروح هي القوة المحركة ، فلولا الروح لما رأى الإنسان بعينه ، ولا سمع بأذنه ، ولا تقلصت عضلاته ، ولا عملت أجهزته .
ربنا عز وجل يقول : "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم " اي،احفظوها والزموا صلاحها،
يعني إذا اعتنيت بالجسد ، فالجسد فانٍ ، اعتنيت ، أكلت أطيب الأكل ، وتمتعت بأجمل المناظر ، وسكنت في أجمل البيوت
، واقترنت بأجمل النساء ، هذا الجسد مؤدَّاه إلى التراب ، فكل عنايتك وكل طاقتك ، وكل رعايتك لهذا الجسد خسارة ، لأنه سينتهي إلى القبر ، وإلى الفناء .
اعتنِ بنفسك لأنها باقية ، لأنها خالدة ، لأنها في جنةٍ ، أو في نار ، لذلك يقول الله عز وجل: "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم "( سورة الشعراء : 88 ـ 89 )يقول سيدنا عمر رضي الله عنه : "تعَاهَدْ قلبك ".
أمراض الجسد أيها الإخوة مهما تفاقمت تنتهي عند الموت ، لكن أمراض النفس تبدأ بعد الموت ،
أمراض الجسد مهما كانت عضالة أو خطيرة ، مرض خبيث فإذا مات الجسد انتهى أثرُ المرض ، والموت يُنهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وصحة الصحيح ، ومرض المريض ، وغنى الغني ، وفقر الفقير ، الموت ينهي كل شيءٍ ، فأي عناية وأي جهدٍ منصَبٍّ على هذا الجسد فهو خسارة .
أمراض الجسد مهما كانت عضالة أو خطيرة ، مرض خبيث فإذا مات الجسد انتهى أثرُ المرض ، والموت يُنهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وصحة الصحيح ، ومرض المريض ، وغنى الغني ، وفقر الفقير ، الموت ينهي كل شيءٍ ، فأي عناية وأي جهدٍ منصَبٍّ على هذا الجسد فهو خسارة .
كيف نعتني بهذه النفس؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بتزكيتها
قال تعالى " قد أفلح من زكاها " سورة الشمس/9
الفلاح كل الفلاح ، والتفوق كل التفوق ، والفوز كل الفوز والنجاح كل النجاح ، والذكاء كل الذكاء ، والعقل كل العقل ، بأن تعتني بنفسك ، أن تُعرفها بربك ، أن تحملها على طاعة الله ، لأنه إذا جاء الموت ، وأصبح الجسد جثة هامدة ، بعد حين تتفسخ ، والروح انقطع إمدادها ، بقيت هذه النفس التي هي أنت ، إما أن تسعد لتزكيتها ، وإما أن تشقى لفسادها .
فالآية الكريمة ، "عليكم أنفسكم " ،يعني الزموا أنفسكم ، طهروا أنفسكم ، زكُّوا أنفسكم ، عِّرفوا أنفسكم بربها ، احملوها على طاعته ، عرِّفوها كتاب الله ، عرِّفوها سنة رسوله ، احملوها على العمل الصالح ، لتعرف حقيقتها جوهرها ، موقعها ، أين كانت ؟ ماذا تفعل هنا ؟ ماذا بعد الموت ؟
عليكم اسم فعل أمر بمعنى الزم ، يعني انتبه لنفسك ، هي الأصل ، يعني المرض بالجسم ينتهي عند الموت ، لكن مرض النفس يبدأ عند الموت ، "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم "،
عليكم اسم فعل أمر بمعنى الزم ، يعني انتبه لنفسك ، هي الأصل ، يعني المرض بالجسم ينتهي عند الموت ، لكن مرض النفس يبدأ عند الموت ، "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم "،
*"لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ".
من إعجاز القرآن الكريم ، أن بعض آياته لها عدة معانٍ في وقت واحد.........
"لا يضركم من ضل إذا اهتديتم "
لا تقل : يا أخي الناس هكذا يفعلون ، أنا مع الناس ، هذا هو الإمعة ، الذي يقول : أنا مع الناس ، إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، وكل إنسان يحتجُّ بالتيار العام ، يحتجُّ بقوله : الناس كلهم هكذا ، هكذا يكون كسب المال، والتجارة هكذا كما يتاجر الناس ، إذا ما غششنا لا نعيش ، عندنا أولاد ، هذا الذي يقول : أنا مع الناس ، إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، هذا إمعة ، وطِّنْ نفسك على أن الناس لو أساءوا جميعاً ، عليك أن تحسن .
---
حديث ضعيف
فإذا اهتدى إنسان إلى الله ، وعرف الحق ينبغي ألاّ يقلد الناس ، الناس في ضلال ، في بُعد ، في غفلة ، في جهل .
حديث ضعيف
فإذا اهتدى إنسان إلى الله ، وعرف الحق ينبغي ألاّ يقلد الناس ، الناس في ضلال ، في بُعد ، في غفلة ، في جهل .
" وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ".سورة الانعام/116
.... إذا عرفت الحق ، لو أن الأكثرية كانت مع الباطل ، الأكثرية مع أكلِ الربا ، الأكثرية مع الاختلاط ، الأكثرية مع إطلاق البصر, الأكثرية مع كسب المال الحرام ، الأكثرية مع التفلت من الدين ، الأكثرية مع الانغماس في الشهوات ، أنت عليك نفسك ، لا يضرك من ضل إذا اهتديت ،
وهناك معنى آخر للآية ، يعني أنت إذا لزمت نفسك وزكيتها ، وطهرتها وحملتها على طاعة الله ، عندئذٍ هؤلاء الذين ضلوا
لا يستطيعون أن يصلوا إليك ، "لا يضركم من ضل "، إذا عُرِف عن الإنسان أنّه مقصر، ومرتكب معاصٍ ، وآكل
حقوق ، معتدٍ على أعراض ، مقصّر في واجبات ، هؤلاء الضلال أقوياء غالباً ، فسيصلون إليه ويؤدبونه ، وينالون منه ،...
أما أنت ؛ إذا عرفت الله، وحملت نفسك على طاعته فلا يستطيع هذا الضال أن يضرك .
لذلك ورد في الحديث: " أئتِمَرُوا بالمَعرُوِفِ، وانهوا عن المُنكَرِ، فإذَا رَأيتَ دُنيا مُؤثَرةٍ، وشُحًا مُطاعًا، وإعجَابَ كُلِّ ذِي رأي بِرأيِه، فَعَليكَ بخويصة نَفسِك، وَذَر عوامَهم؛ فإنّ وَراءكُم أيامًا، العامِلُ فيها كأجرِ خَمسِينَ مِنكُم ".
ففي القرآن الكريم إعجاز ، يتماشى مع كل العصور ، ففي عصر النفاق ، والفجور ، والضلال ، في عصر الفتن ، في عصر الضلالات ، عليك مِن نفسك ، لا يضرك من ضل إذا اهتديت ، أو عليك نفسك ، يعني الزم نفسك ، عرفها بربها ، عرفها بمنهج ربها ، احملها على طاعته ، زكِّها كي تسمو بها ، إن كنت كذلك فلا يستطيع الضال أن يصل إليك ، ولا أن ينال منك ، ولا أن يؤذيك .
فصارت الآية ، إذا كنت في زمنٍ صعبٍ ، في زمن القابض على دينه كالقابض على جمر ، في زمن يصبح المعروف منكراً ، والمنكر معروفًا ، في زمن يُؤمر فيهُ بالمنكر وينهى عن المعروف ، في زمن يُكَذَّب الصادق ، ويُصَدَّق الكاذب ، يُؤتمن الخائن ويُؤمَّن الخائن .
فصارت الآية ، إذا كنت في زمنٍ صعبٍ ، في زمن القابض على دينه كالقابض على جمر ، في زمن يصبح المعروف منكراً ، والمنكر معروفًا ، في زمن يُؤمر فيهُ بالمنكر وينهى عن المعروف ، في زمن يُكَذَّب الصادق ، ويُصَدَّق الكاذب ، يُؤتمن الخائن ويُؤمَّن الخائن .
في هذا الزمن الصعب ، "عليكم أنفسكم" ، يعني لا تحمل همَّ الناس ، أنت في زمن صعب فعليك مِن نفسك ، عِّرف نفسك بربها ، واحملها على طاعته ، لا يضرك من ضل ، لو أن الناس جميعاً ضلوا ، لهم رب يحاسبهم ، هذا معنى .
المعنى الثاني عليك نفسك ، يعني الزمها ، اعتنِ بها ، عرفها ، احرص على إيمانها ، احرص على طاعتها ، فإذا سمت نفسك وزكت ، عندئذٍ لا يستطيع الضال أن يصل إليك، ولا أن يتسلط عليك ، ولا أن ينال منك ، ولا أن يضيق عليك ، أو أن يفعل معك شيئاً يضرك ، لقوله تعالى : "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " . سورة النساء : 141 .
فهذه الآية أيها الإخوة لك أن تفهمها على أي وجه ، وكلا الوجهين صحيح ، وكما قال سيدنا علي كرم الله وجهه : "القرآن حمال أوجه ".
يعني إذا كان الإنسان بإمكانه أن ينكر المنكر بقلبه ، فلينكره بقلبه ، طبعاً إذا كان لا يستطيع أن ينكره بلسانه .
الله سبحانه وتعالى لا يقبل أن تنكر المنكر بقلبك إذا كنت قادرًا على أن تنكره بلسانك ، كما أنه لا يقبل منك أن تنكره بلسانك إذا كنت قادرًا على أن تنكره بيدك ، فإذا رأى الإنسان منكرًا ، وليس بإمكانه أن يصلحه فليقل : اللهم هذا منكر لا أرضى به ، ولا أقوى على تغييره .
قال ابن عطية: وجملة ما عليه أهل العلم في هذا: أن الأمر بالمعروف متعين متى رجى القبول، أو رجى رد المظالم، ولو بعُنف، ما لم يخف الآمِرُ ضررًا يلحقه في خاصته، أو فتنة يدخلها عن المسلمين، إما بشق عصًا، وإما بضرر يلحق طائفة من الناس، فإذا خيف هذا فعليكم أنفسكم، حُكمٌ واجب أن يوقف عنده. هـ.
المستفاد من الاية
قال اين عجيبة:في الآية إغراء وتحضيض على الاعتناء بإصلاح النفوس وتطهيرها من الرذائل، وتحليتها بالفضائل، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } عليكم بإصلاح أنفسكم أولاً، فإذا صلحت فأصلحوا غيركم، فعلى العبد أن يشتغل بشأن نفسه ولا يلتفت إلى غيره، حتى إذا كمل تطهيرُها، وفرغ من تأديبها، فإن أمره الحق ـ جل جلاله ـ بإصلاح غيره ...وإلا فعليه بخاصة نفسه، كما تقدم. والله ـ تعالى ـ أعلم.
وفقنا الله تعالى الى اصلاح نفوسنا وتزكيتها والى الامر بالمعروف و النهي عن المنكر...وجعلنا ممن يستمعون القول فبتبعون أحسنه
آمين
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
آمين
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تفسير هذه الاية نقل لكم من تفسير فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي وتفسير ابن عجيبة .
تعليق