:LLL:
رغيييييف ورغيييييييف.
من الحياة وتضامنا مع الغلاء الذى نعيشه أردت مشاركتكم هذه القصة القصيرة.....
من الحياة وتضامنا مع الغلاء الذى نعيشه أردت مشاركتكم هذه القصة القصيرة.....
مدّت يدها الصغيرة.. أناملها ترتعش.. شفتاها أطبقتا على الكلماتِ تعتصرهما وكأنها ترفض السماح لها بالانطلاق..
صاح الرجلُ في خشونةِ بائعٍ متحجر: ما تريدين..؟ هيا انطقى..؟
ازداد تلعثُمها وهى تدفع بالحروف إلى الهواء: رغيفَيْ.. خبز..!
ضجّ الواقفونَ بالصخَبِ.. ارتفعتِ الأصوات.. هذا يسخر، وذاك يتضاحكُ...
تبادل البعض نكتةَ الصباح:
- الطفلة تريد رغيفَين...!
- ياللأيام..!
- تتقدمنا طفلةٌ تطلبُ رغيفَين...!
- ياللمسكينة ! لم تعرف القانونَ بعدُ...!
- بعد عشرةِ أعوامٍ يا صغيرة قد تستطيعين تحقيق هذا الحلم..!
التفتتْ إلى الصفّ الطويل المنتظِم... انتابها خوفٌ وفزع.. همستْ للرجُلِ تستعطفه:
معى نقود أيها السيد...!
ابتسم الرجل... أسرعتْ تمدُّ يدها في ثنايا ثوبها الممزق.. ارتسمتْ على وجهها البريء فرحة الفَوز وهى تلوّح له بالنقود...
هتفتْ كمن يرفع رايةَ النصر فوق تلٍّ عالٍ: تفضل...!
عادَ الرجل إلى خشونته وهو يقذف في وجهها برغيفٍ واحد ويصيح: مَن في الصفّ؟ هيّا خُذ رغيفك وارحل...
احتضنتْ رغيفها وسحبت أقدامها الضعيفة المرتعشةَ، ومضت..
في اليوم التالي عادت إلى ذات المخبز.. وقفت أمامَ ذات الرجل المتجهم..
قالت بنبرة فيها شيء من قوة: رغيفان من فضلك..!
هتفَ الوقوف، وماج الصف...! ألم تفهمِ الطفلةُ القانون بعدُ.. ياللغباء!
تناولتْ رغيفَها المقذوف، واحتضنته، ومضت..!
في الغد عادت إلى ذات الصف... نبرتها ازدادت قوة وإصراراً... صوتها ازداد ارتفاعًا... أصابعها الصغيرة ما عادت ترتعش..
قالت بلهجةٍ آمرة: رغيفان من فضلك...!
وتلعثمتِ الكلمات على شفتَي الرجل الخشن..:
ماذا؟.. رغيفان..؟... ألمْ..
قاطعتْهُ: رغيفٌ واحد يكفينى أيها السيد... الرغيف الثاني سأرسله إلى طفلة مثلي.. في مثل عمري... وأحلامي... مُنع عنها الطعام..
ألم ترَها مثلي فى نشرات الأخبار؟ ألم تصطدم عيناها بعينيك وهى تبحث عمن قد يحمل لها الطعام والكساء، ولأهلها الدواء؟
إنها على بعد أميال.. هناك في غزة!
نظر القومُ إلى الطفلة... عادوا يمعنون النظر من جديد...! إنها ذات الطفلة التى تصر كل يوم على أن تقول: رغيفان.. من فضلك..؟
عادوا إلى الرجل يصوّبون أنظارَهم إليه... كان الرجل قد ألقى بجسمه على كرسى متهالك مثله.. وسقطَ بعينيه على الأرض..
عادت تقول: إذا لم تعطني ما أريد، فسأرسل إليها هذا الرغيف...
تسللت الرقة إلى كلمات الرجل وهو يقول متوسلاً: ابتعدي يا صغيرة... فى الأرض أشواك كثيرة!
في اليوم التالي، لم تكن هناك الطفلة.. بحث عنها الرجل بين الصفوف، بحثتْ عنها العيون الحائرة بين الوقوف...
سادَ الوجوم، ونوعٌ ما من الألم... إن البشرَ يتآلفونَ في مواقف المحن...
تردّد صوتُها في أسماعهم: رغيفان من فضلك!
فجأة، مدّ الرجُل الصامتُ يده برغيفين... وقال: هاك يا فتاة.. رغيفٌ لك وآخرُ لتلك في نشرات الأخبار!
عادَ يسأل بوجهٍ فيه ملامح تحدٍّ: مَن التالي؟
أحدُهم أجاب: رغيفان من فضلك..
آخر قال مؤكداً: نعم رغيفان! ليست طفلةً واحدة في تلك النشرات....................
للكاتبة( سلوى عبد المعبود قدرة)
كاتبه اسلاميه
كاتبه اسلاميه
أرجو أن تنال رضاكم.........
تعليق