الذوق
الدكتور عمر عبدالكافي
الجزء الثاني
الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم، ولا اله الا اللهوحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قديرالحمدلله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا، سبحانه له دعوة الحق حرص عليها وأوجب التبشير بها : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) "آل عمران : 104 و أشهد أن لا إله إلا الله ة حده لا شريك له وضع الحجة و أتم المحجة ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسول الله بلغ الرسالة و أدى الأمامة، ونصح الأمة وكشف الغمة ، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صل اللهم عليه و على آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه الذين آمنوا ولم يلبسو إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.
أما بعد:
لقد دخل الإسلام رجل عالم في جامعة أكسفورد لسبب بسيط ماهو؟
أما بعد:
لقد دخل الإسلام رجل عالم في جامعة أكسفورد لسبب بسيط ماهو؟
اثنان من الأساتذة المسلمين من أصل عربي ، كان إذا جلس أحدهما مع الآخر تكلما العربية فإذا شاركهم الثالث الإنكليزي تكلموا الإنكليزية ، فالرجل لاحظ فسأل: أنا عندما أدخل أجدكم تتكلمون لغتكم ، فإذا شاركتكم كلمتموني بالإنكليزية ؟! فقالا: هكذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم (إذا جلس ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر،فإن ذلك يحزنه). أي : لا يسر أحدهما مع الآخر، فالثالث ماذا يقول في نفسه؟ يقول: لابد أنهم يعملون مؤامرة ضدي ، لا بد أنهم سوف يفصلوني من العمل، لابد.. أول ما يدخل الثالث يتكلمون لغته كي يفهم ، فقال هذا دين كله ذوق وأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله.
فإذا القضية ببساطة شديدة ، أن الدين و الإخلاص و التعبد و الدعوة إلى لله شيء هين : وجهٌ غضٌ ولسانٌ لينٌ، أن تبتسم ، أن تقول كلاما سهلا لينا ميسوراً.
لنا شيخ – رحمه الله رحمة واسعة - وجد شابا صالحا بجواره على محياه شمس الإسلام بلحيته وجلبابه،وفي بلاد كثيرة بعد أن تنتهي الصلاة يقول أحدهم للآخر : تقبل الله ، فالرجل الشيخ الكبير من باب التودد للولد ، قال : حرما إن شاء الله ، و معناها أدعو الله لك أن تصلي هذه الصلاة في الحرم، قال: هذه بدعة هذه لم ترد، قال: وقلة الذوق وردت ؟! .سبحان الله ، هل إذا كانت هذه ما وردت ، فقلة الذوق ترد على رجل في سن أبيك وردت ؟! قل : جزاك الله خيرا، أو آمين يارب العالمين، و من ثم اسأله: هل وردت هذه أم لم ترد.
أيها الإخوة إن النصوصيون قتلونا، و أبناء الكتاب قتلونا، نحن نريد أبناء العلماء الذين تربوا عند أقدام العلماء ، اللهم علمنا ديننا حقا يارب العالمين ، واغفر لنا وارحمنا أنت خير الغافرين. أحبتي في الله، يدرسون في العالم آداب المراسم و البروتوكولات في استقبال الضيوف وكبار الشخصيات، و لا حظتها جميعا تعامل هؤلاء الموظفين في كل الدواوين وكل الأماكن ، فوجدت بفضل الله سبحانه و تعالى الذوق الإسلامي هو منبع هذه البروتوكولات ومنبع تلك المراسم و منبع الإتيكيت
لأن النبي صلى الله عليه و سلم عندما تراه و هو يأكل ، فكان إذا أكل يأكل بأصابع ثلاث ، و كان لما يضع اللقمة في فمه يمضغها و لا يأخذ غيرها إلا إذا ابتلع الأولى، و كان يمضغ الأولى و بعد أن يبتلعها يمد يده للثانية، و كان يأمر أنسا رضي الله عنه ألا تطيش يده في الصحفة ، قال: (سمي الله وكل بيمينك و كل مما يليك).واستثنى الصحابة طبق الفواكه لما رأوا النبي صلى الله عليه و سلم أنه في طبق الفواكه كان يختار الفاكهة، و هذا مباح لك ، أما في بقية الطعام كل ممايليك، فانظر إلى عظمة هذا الدين.
و نهانا أن نتنفس في الإناء ، علم ابنك ألا يتنفس في الإناء، كذلك علمنا صلى الله عليه و سلم أن نشرب على دفعات ثلاث، هذه ذوقيات في الطعام و الشراب. و في النوم علينا أن ننام على جنبنا الأيمن، و ان الشيطان ينام على بطنه كما ورد في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم. و أن الإنسان يقوم على ذكر وينام على ذكر. ولايجرح أحاسيس الآخرين ويتقي الله رب العالمين، وورد أن أحد الصحابة أكل لحم جزور عند جابر رضي الله عنه فأخرج أحدهم ريحا فقال صلى الله عليه وسلم (من أكل لحم جزور فليتوضأ)، قالو: وكلنا أكلنا ؟ فتوضأ الجميع كي لا يحرج صاحب الريح بما صنع، صلى الله عليه و سلم على هذا آداب وأذواق عالية، فمتى تعود إلينا هذه الذوقيات؟!
أليس للطرقات حقوقا، تراه يتعدى على هذه السيارة ويضيق على هذه السيارة ويزعج المارة، وأخلاقيات الزحام تظهر منا أسوأ وأفظع الخلق، حتى لو رآنا غير المسلم قال : لا أتمنى أن أعيش بين هؤلاء الناس، بل على العكس. يا أخي راعِ الأضعف: راكب السيارة الضخمة الكبيرة التي تحمل البضاعة يجب أن يرق على صاحب السيارة الصغيرة، و صاحب السيارة الصغيرة يرق على راكب الدراجة ، و راكب الدراجة يكون حنونا على السائر على قدميه ، و نعطي الطريق حقها.
و للأسف المقاهي كلها على الطرقات،يقول صلى الله عليه و سلم (إذا جلستم على الطريق فأعطو الطريق حقه) ، و ما حق الطريق يا رسول الله ؟... غض البصر، كف الأذى ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، رد السلام ، و غير ذلك. إذا جلست في الطريق بهذا المنطق ، فخير وبركة ؛ لأن الطريق له حقوق.
و أنتم أيها المتهورون في القيادة ما أعطيتم الطريق حقهها : أرعبتم الناس، وملأتم المستشفيات و أقلقتم راحة الأطباء، ووضعتم الفجيعة في قلب الأب و الأم عندما قُتِلت منتحرا و تماديت في سرعتك، وخالفت العقد الذي بينك و بين المؤسسة كما قلنا من قبل.
يا أخوتاه ، إن ديننا دين يسر، سهل بسيط، ولكن لا بد أن نعود إلى ينابيعه الصافية ، و لا بد ألا نختلف في كلام وصفصقة جدلية، نسأل الله سبحانه و تعالى أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
أيها الأخوة فرق الناس تماما ما بين جانب العبادات و جانب المعاملات ، مع أن العبادات الحقة تؤدي إلى معاملات صادقة، والمعاملات الصادقة تؤدي إلى عبادة صحيحة ، فهما ورقتان أو جزءان يكمل أحدهما الآخر، فلماذا تبخر الذوق العام من نفوس كثير من الناس.
فأنت تضيق ذرعا من فضول البعض في الحياة ، فلماذا أنت تكون فضوليا مع الآخرين؟ و أنت تعلم أن فلانا لو سألك عن كذا و كذا أنت تضيق، إذا لماذا تقوم بنفس الشيئ؟
و إذا جاءك أحد الناس في وقت أنت تستريح فيه دون إذن مسبق فإنك ستضيق ذرعا منه.
وهذا عمر رضي الله عنه يعطل من الحدود حدا لأنه ارتكب مالا يحب أن يرتكب، وذلك عندما سمع ثلاثة داخل بيت ولعبت برؤوسهم الخمر ، وأراد أن يفتح الباب فلم يستطيع ، فتسور الجدار ، قال: يا أعداء الله أتظنون أن الله لا يراكم ؟ قالوا: يا أمير المؤمنين إن كنا قد أخطأنا في واحدة فأنت أخطـأت في ثلاث - يعني سكيري خمر لكنهم فقهاء - على طريقتهم يعني : 1- أين تستأذنوا؟ 2- وأين تستأنسوا؟ 3- وأين تسلموا على أهلها؟ قال: افتحوا الباب ، فقال: إن تركتكم تتوبون ؟ قالوا: تبنا يا أمير المؤمنين. و حسنت توبتهم، هكذا بهذه الرقة وهذا الأسلوب.
أذكر قصة لشيخنا الغزالي رحمه الله : دخلت معه في السبعينات نصلي في مسجد فكنا مسبوقين بركعة، أنهى الإمام صلاة العصر قمنا نأتي بركعة ، كان الشيخ يحرك سبابته في التشهد، فوجئنا بواحد من أبناء الكتب، وأبناء الكتب هؤلاء كطفل الأنابيب لا تعرف له شيخا، فهوة جامد، يأخذ النص كما هو، لم يعلمه له شيخ، ولم يروه على لسان شيخ، و لا تربية و لا تهذيب ... فإذا أنا جالس في التشهد بجانب الشيخ في التحيات، أفاجأ بحركة ، واضطررت أن أنظر ، فإذا الولد الجالس على يمين الشيخ قد أمسك سبابة الشيخ، و الشيخ يحاول أن يخلص سبابته، حتى استسلم ، ولما انتهت الصلاة، كان الشيخ بسام الوجه وكان وديعا رحمه الله ، قال له: خيرا يا بني مالذي صنعت؟ أما الثاني من أجل ان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر فلذلك كان يجب عليه أن يقطب الجبين، هذه من الموجبات عند أبناء الكتب، قال: ألا تعرف أن تحريك السبابة في التشهد مكروه ، فقال الشيخ: جيد ولكن كسر إصبعي فرض؟ فماذا تكسب من كسر إصبعي و أنا رجل كبير في السن؟
كان الشيخ جالسا – رحمه الله – يلقي محاضرة ، فكان أحد الجالسين أول صف يمسك السواك، فشغل الشيخ وهو جالس في مجلس علم يعلم طلابه، قال له: انته يا بني، فالولد ولا كأن الشيخ قال شيئا، فيعيد الشيخ: يا بني انته عما تصنع، ثلاث مرات، الولد – وهو أيضا من أهل الكتب- : أتمنعني سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وظن نفسه أتى بالحجة الدامغة أمام الشيخ، فقال الشيخ له : الاستنجاء سنة فلماذا لا تستنجي أمامي؟ هذه سنة و هذه سنة!!.
وهناك أناس من قلة الذوق عندهم أن أحدهم لا يحمل السواك في جيبه، فيدخل اصبعه في فمه، و عندما يريد أن يسلم ؟ قل له لا يا أخي لا أريد أن أسلم عليك، فليس هذا من الدين،
لا داع للخروج عن قضية الإسلام، فالإسلام كله إحساس، يحافظ ويراعي شؤون الآخرين. أما سمعت الحكم الذي أخبرتك به من قبل الإستحسان عند أبي حنيفة، قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لو أن إنسانا نشأ في بلد، ولدت مثلا في العراق أو في الشام أو في مصر أو في أي بلد، جئت مثلا إلى الإمارات، اصبحت تجلس في الإمارات سنة أو سنتين وتذهب لزيارة أهلك في المكان الذي هم فيه، يبيح لك الفقهاء أن تصير بلدك التي صرت إليها، فأصبحت تقصر الصلاة في البلد التي ولدت فيها، أبو حنيفة له حكم عجيب، يقول إذا كان الأب و الأم ما زالا على قيد الحياة أو أحدهما، يتم الابن أو الإبنة صلاتهما رباعية مخالفا للرخصة لأجل ألا يدخل الحزن على قلب الأب أو الأم!! هل يوجد ذوق بالله عليك أعظم من هذا الذوق،
وذلك لأن الإسلام دين إلهي وليس إنساني ؛ وكان لمصلحة الإنسان فكان بهذه الذوقيات العالية ، و هذا هو شرع نبينا صلى الله عليه وسلم ، هذا هو منطقه.
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و عامر بن أبي فهيرة و أبو بكر يتناوبون على الراحلة في إحدى الغزوات لأنه كان كل ثلاثة على راحلة، فالرسول صلى الله عليه و سلم جاء نصيبه مع أبو بكر و عامر بن أبي فهيرة ، فيأتي دور عامر فينزل رسول الله فيقول عامر : لا تنزل يا رسول الله ، فيأبى الرسول صلى الله عليه وسلم، يأتي دور أبي بكر فالرسول ينزل أيضا، أبو بكر يريد أن يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول لهما ( ما أنتما بأغنى من الثواب مني)، أي أنا أيضا أبحث عن الثواب، و أن أغزو أيضا في سبيل الله راجلا على قدمي؛ و إن الله يكره من العبد أن يكون متميز عن أقرانه.
ولما كان صلى الله عليه و سلم يحمل شيئا كان الصحابة يجرون خلفه يريدون أن يحملوا عنه، فيقول: (لا، صاحب الشيئ أولى بحمله) من أجل أن يضع النقاط فوق الحروف في قضية الذوق العام وكيفية التعامل.
أقسم بالله يا أخوتي، ونحن في المسجد و بعد ظهر الجمعة أنه لو عاد إلينا الفهم الحقيقي للإسلام وعاد إلينا الذوق العام الذي يجب أن نتعامل به لاسترحنا و أرحنا، لكن العجيب في الذوق الإسلامي أنه يختلف عن الذوق الغربي؛ لأن الذوق الإسلامي عليه ثواب.
مثلا لو أن زميلتك في العمل – دعني أكلمك في الواقع المر- تقول لها : ممكن يا أستاذة فلانة أن تعطيني الملف رقم 9، بارك الله فيك وشكر الله لك و جزاك الله خيرا، يأتي الشيطان وو يقول لها : يا سلام انظري إلى هذا الملاك الطاهر!! والله يا أخي لو أن زوجتك في البيت قدمت لك أفضل الأطعمة و جلست من الصبح إلى الظهر ثلاث لأربع ساعات في المطبخ إلى وقت قدومك فوضعت الطعام ، فبعد أن تنتهي من الطعام تقول: ارفعي الطعام..أين جزاك الله خيرا اللطيفة التي قلتها الصبح، و أين بارك الله فيك!! لا حول و لا قوة إلا بالله ، هذه مصيبة أين الذوق؟ يا أخي قل جزاك الله خيرا يا أم فلان، بارك الله فيك، قم يا ولد أو يا بنت قبلي يد الأم التي طبخت هذا الطبخ اللذيذ ، رضي الله عليها و بارك الله فيها، ادعوا لها بالصحة و طول العمر.. فيستشعر الولد أن أمه هذه أهم شخصية عند والده، و أنا دائما أنصح الأخوات أنه لما يدخل الرجل يجب أن تشعريه أنه أهم شخص في العالم دخل إلى البيت ، فتستقبليه بوجه بشوش وتقولين له: أهلا و سهلا بأبي فلان ، الحمدلله على سلامتك ، كيف حالك؟.. كلمات طيبة.
هذه الأدبيات يجب أن نغرسها ففي بناتنا ، وعليك اليوم أن ترجع و تقول لبنتك التي هي في سن الزواج في الجامعة أو في الثانوية ، و البنات الحمدلله أصبحو الآن من الإبتدائي يفكرون في هذه المسائل.. (إذا بلغ الأطفال منكم الحلم)، حتى عام 85 كان الحلم و كنا نفسره للناس بأنه البلوغ ، عند الولد و عند البنت ، أما في سنة 2007 و بعد ربع قرن ، إذا بلغ الأطفال منكم الحلم يعني 6 سنوات. هل القصد من الحلم هو الفهم أم الحلم نفسه؟ فالأطفال في أيامنا هذه يفهم كل شيء تقريبا – من ساعة ما ينزل من بطن أمه -
فالمسألة أننا نريد أن نفهم الأولاد مسألة الاستئذان من الآن، أحد إخواننا الفضلاء من أهل العلم ، يقول لحفيده، الذي دخل عليه وجدته وهم جالسون في الغرفة ، قال له: يا ولد أنت لا تفهم؟! يجب أن تطرق الباب ثم أقول لك أن تدخل أو لا تدخل!! قال: حاضر يا جدي.
يقول الشيخ: وفي اليوم الثاني دعينا إلى أحد المطاعم للعائلات الي فيه غرف مغلقة، فدخل الموظف يقدم الطعام ، فقال الولد الصغير: ماذا هناك ؟ ألا تفهم، كيف تدخل دون أن تطرق الباب فنأذن لك أو لا نأذن ؟ هذا هو ابن الكتاب.
المهم أريد أن أقول إن هذه الذوقيات مع الكل ، تدخل أحيانا إلى مصعد من المصاعد مثلا في بناء عال، تدخل تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فتجد اثنين او ثلاثة من الموجودين ينظرون إليك، ويفكرون هل يرد عليك أم لا ؟ وربما يفكر أن يصلي الاستخارة قبل أن يرد عليك، لماذا؟!! يا أخي إن السلام على من عرفت و على من لم تعرف، عليك أن تسلم، رد أم لم يرد، هذا لا يهم، يقول ابن مسعود رضي الله عنه : يا ليت كل الذين ألقي عليهم السلام لا يردون. لماذا يا ابن مسعود؟ قال: لأن الذي يرد هو الله رب العالمين.
تجد إخواننا في التشريفات الذين يستقبلوننا من الطائرة ويقومون بالترحيب بنا، وما يقومون به أفكر به، هل هذه من الإسلام؟ فوجدت أن كل خطوة علموها إياهم في التشريفات و البروتوكولات موجودة في ديننا الحنيف. ولكن من الذي سيقرأ و من الذي يعيد الحسابات.
فحقيقة الأمر كما أراها -و الله أعلم- أن كل واحد يعود للبيت ويسأل نفسه: هل أنا عندي ذوق أم أنا عديم الذوق أو قليل الذوق ؟ سؤال ذو فروع ثلاثة ، ابدأ الأول في أم المساكين الزوجة: المسكينة أم المساكين، يا ترى أنا صاحب الذوق معها ، هل أهددها بال... ؟ هل أنغص عليها حياتها ؟
وجه لنفسك سؤال آخر: هل تتمنى أن تزوج ابنتك لرجل له مثل أخلاقك ؟ أنا أعرف الجواب: لا طبعا لماذا؟ لأني فعلا لا أتمنى أن تهان ابنتي لأنها أغلى الناس عندي ، لكن أن تهين بنت الناس- أي الزوجة – هذا من عدم الذوق وليس من قلة الذوق.
اسأل نفسك بعض الأسئلة مع زوجتك و مع الإخوة في العمل: لماذا في العمل عندما يدخل شخص معين أو موظفة ما، فلماذا الجميع يسكت ويقول هس، إذاً ماذا ثبت على هذا الرجل؟
إما أنه نمَّام أو فتَّان يوقع الناس في بعضها ويصنع مشاكل في الشغل، وهذا يكرَّم اتقاءً لشرِّه، وهو من أسوأ العباد عند الله: (الذي أكرمه لأتقي شره)، وموظف آخر عندما يحال إلى التقاعد فموظفي المؤسسة كلها تبكي، والجميع يدعون له: الله يبارك فيك، كان كالبلسم الشافي: "كونوا مع الناس إن سافرتم حَنّوا إليكم، وإن متٌّم ترحَّموا عليكم".
فأنت اسأل نفسك هذا السؤال، مع زملائي مع أقاربي: صلة الرحم من الذوق ؟ (من أراد أن يٌنسَأ له في أَجلِه ويبارك له في رزقه فليصل رحمه). صل الرحم تجد الخيرات تنزل عليك، ويضع لك ربنا البركة في الأولاد، لأن الرحم مقطوعة، العمة الكبيرة، الخالة الكبيرة العجوز، هؤلاء لابد من صلتهم ولو بالهاتف، يقولون : أصبح العالم قرية صغيرة ، استغل ذلك واستغل ما أعطاك الله لأن تضع في ميزان حسناتك الخير كلَّه، إن شاء الله رب العالمين.ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
لنا شيخ – رحمه الله رحمة واسعة - وجد شابا صالحا بجواره على محياه شمس الإسلام بلحيته وجلبابه،وفي بلاد كثيرة بعد أن تنتهي الصلاة يقول أحدهم للآخر : تقبل الله ، فالرجل الشيخ الكبير من باب التودد للولد ، قال : حرما إن شاء الله ، و معناها أدعو الله لك أن تصلي هذه الصلاة في الحرم، قال: هذه بدعة هذه لم ترد، قال: وقلة الذوق وردت ؟! .سبحان الله ، هل إذا كانت هذه ما وردت ، فقلة الذوق ترد على رجل في سن أبيك وردت ؟! قل : جزاك الله خيرا، أو آمين يارب العالمين، و من ثم اسأله: هل وردت هذه أم لم ترد.
أيها الإخوة إن النصوصيون قتلونا، و أبناء الكتاب قتلونا، نحن نريد أبناء العلماء الذين تربوا عند أقدام العلماء ، اللهم علمنا ديننا حقا يارب العالمين ، واغفر لنا وارحمنا أنت خير الغافرين. أحبتي في الله، يدرسون في العالم آداب المراسم و البروتوكولات في استقبال الضيوف وكبار الشخصيات، و لا حظتها جميعا تعامل هؤلاء الموظفين في كل الدواوين وكل الأماكن ، فوجدت بفضل الله سبحانه و تعالى الذوق الإسلامي هو منبع هذه البروتوكولات ومنبع تلك المراسم و منبع الإتيكيت
لأن النبي صلى الله عليه و سلم عندما تراه و هو يأكل ، فكان إذا أكل يأكل بأصابع ثلاث ، و كان لما يضع اللقمة في فمه يمضغها و لا يأخذ غيرها إلا إذا ابتلع الأولى، و كان يمضغ الأولى و بعد أن يبتلعها يمد يده للثانية، و كان يأمر أنسا رضي الله عنه ألا تطيش يده في الصحفة ، قال: (سمي الله وكل بيمينك و كل مما يليك).واستثنى الصحابة طبق الفواكه لما رأوا النبي صلى الله عليه و سلم أنه في طبق الفواكه كان يختار الفاكهة، و هذا مباح لك ، أما في بقية الطعام كل ممايليك، فانظر إلى عظمة هذا الدين.
و نهانا أن نتنفس في الإناء ، علم ابنك ألا يتنفس في الإناء، كذلك علمنا صلى الله عليه و سلم أن نشرب على دفعات ثلاث، هذه ذوقيات في الطعام و الشراب. و في النوم علينا أن ننام على جنبنا الأيمن، و ان الشيطان ينام على بطنه كما ورد في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم. و أن الإنسان يقوم على ذكر وينام على ذكر. ولايجرح أحاسيس الآخرين ويتقي الله رب العالمين، وورد أن أحد الصحابة أكل لحم جزور عند جابر رضي الله عنه فأخرج أحدهم ريحا فقال صلى الله عليه وسلم (من أكل لحم جزور فليتوضأ)، قالو: وكلنا أكلنا ؟ فتوضأ الجميع كي لا يحرج صاحب الريح بما صنع، صلى الله عليه و سلم على هذا آداب وأذواق عالية، فمتى تعود إلينا هذه الذوقيات؟!
أليس للطرقات حقوقا، تراه يتعدى على هذه السيارة ويضيق على هذه السيارة ويزعج المارة، وأخلاقيات الزحام تظهر منا أسوأ وأفظع الخلق، حتى لو رآنا غير المسلم قال : لا أتمنى أن أعيش بين هؤلاء الناس، بل على العكس. يا أخي راعِ الأضعف: راكب السيارة الضخمة الكبيرة التي تحمل البضاعة يجب أن يرق على صاحب السيارة الصغيرة، و صاحب السيارة الصغيرة يرق على راكب الدراجة ، و راكب الدراجة يكون حنونا على السائر على قدميه ، و نعطي الطريق حقها.
و للأسف المقاهي كلها على الطرقات،يقول صلى الله عليه و سلم (إذا جلستم على الطريق فأعطو الطريق حقه) ، و ما حق الطريق يا رسول الله ؟... غض البصر، كف الأذى ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، رد السلام ، و غير ذلك. إذا جلست في الطريق بهذا المنطق ، فخير وبركة ؛ لأن الطريق له حقوق.
و أنتم أيها المتهورون في القيادة ما أعطيتم الطريق حقهها : أرعبتم الناس، وملأتم المستشفيات و أقلقتم راحة الأطباء، ووضعتم الفجيعة في قلب الأب و الأم عندما قُتِلت منتحرا و تماديت في سرعتك، وخالفت العقد الذي بينك و بين المؤسسة كما قلنا من قبل.
يا أخوتاه ، إن ديننا دين يسر، سهل بسيط، ولكن لا بد أن نعود إلى ينابيعه الصافية ، و لا بد ألا نختلف في كلام وصفصقة جدلية، نسأل الله سبحانه و تعالى أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
أيها الأخوة فرق الناس تماما ما بين جانب العبادات و جانب المعاملات ، مع أن العبادات الحقة تؤدي إلى معاملات صادقة، والمعاملات الصادقة تؤدي إلى عبادة صحيحة ، فهما ورقتان أو جزءان يكمل أحدهما الآخر، فلماذا تبخر الذوق العام من نفوس كثير من الناس.
فأنت تضيق ذرعا من فضول البعض في الحياة ، فلماذا أنت تكون فضوليا مع الآخرين؟ و أنت تعلم أن فلانا لو سألك عن كذا و كذا أنت تضيق، إذا لماذا تقوم بنفس الشيئ؟
و إذا جاءك أحد الناس في وقت أنت تستريح فيه دون إذن مسبق فإنك ستضيق ذرعا منه.
وهذا عمر رضي الله عنه يعطل من الحدود حدا لأنه ارتكب مالا يحب أن يرتكب، وذلك عندما سمع ثلاثة داخل بيت ولعبت برؤوسهم الخمر ، وأراد أن يفتح الباب فلم يستطيع ، فتسور الجدار ، قال: يا أعداء الله أتظنون أن الله لا يراكم ؟ قالوا: يا أمير المؤمنين إن كنا قد أخطأنا في واحدة فأنت أخطـأت في ثلاث - يعني سكيري خمر لكنهم فقهاء - على طريقتهم يعني : 1- أين تستأذنوا؟ 2- وأين تستأنسوا؟ 3- وأين تسلموا على أهلها؟ قال: افتحوا الباب ، فقال: إن تركتكم تتوبون ؟ قالوا: تبنا يا أمير المؤمنين. و حسنت توبتهم، هكذا بهذه الرقة وهذا الأسلوب.
أذكر قصة لشيخنا الغزالي رحمه الله : دخلت معه في السبعينات نصلي في مسجد فكنا مسبوقين بركعة، أنهى الإمام صلاة العصر قمنا نأتي بركعة ، كان الشيخ يحرك سبابته في التشهد، فوجئنا بواحد من أبناء الكتب، وأبناء الكتب هؤلاء كطفل الأنابيب لا تعرف له شيخا، فهوة جامد، يأخذ النص كما هو، لم يعلمه له شيخ، ولم يروه على لسان شيخ، و لا تربية و لا تهذيب ... فإذا أنا جالس في التشهد بجانب الشيخ في التحيات، أفاجأ بحركة ، واضطررت أن أنظر ، فإذا الولد الجالس على يمين الشيخ قد أمسك سبابة الشيخ، و الشيخ يحاول أن يخلص سبابته، حتى استسلم ، ولما انتهت الصلاة، كان الشيخ بسام الوجه وكان وديعا رحمه الله ، قال له: خيرا يا بني مالذي صنعت؟ أما الثاني من أجل ان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر فلذلك كان يجب عليه أن يقطب الجبين، هذه من الموجبات عند أبناء الكتب، قال: ألا تعرف أن تحريك السبابة في التشهد مكروه ، فقال الشيخ: جيد ولكن كسر إصبعي فرض؟ فماذا تكسب من كسر إصبعي و أنا رجل كبير في السن؟
كان الشيخ جالسا – رحمه الله – يلقي محاضرة ، فكان أحد الجالسين أول صف يمسك السواك، فشغل الشيخ وهو جالس في مجلس علم يعلم طلابه، قال له: انته يا بني، فالولد ولا كأن الشيخ قال شيئا، فيعيد الشيخ: يا بني انته عما تصنع، ثلاث مرات، الولد – وهو أيضا من أهل الكتب- : أتمنعني سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وظن نفسه أتى بالحجة الدامغة أمام الشيخ، فقال الشيخ له : الاستنجاء سنة فلماذا لا تستنجي أمامي؟ هذه سنة و هذه سنة!!.
وهناك أناس من قلة الذوق عندهم أن أحدهم لا يحمل السواك في جيبه، فيدخل اصبعه في فمه، و عندما يريد أن يسلم ؟ قل له لا يا أخي لا أريد أن أسلم عليك، فليس هذا من الدين،
لا داع للخروج عن قضية الإسلام، فالإسلام كله إحساس، يحافظ ويراعي شؤون الآخرين. أما سمعت الحكم الذي أخبرتك به من قبل الإستحسان عند أبي حنيفة، قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لو أن إنسانا نشأ في بلد، ولدت مثلا في العراق أو في الشام أو في مصر أو في أي بلد، جئت مثلا إلى الإمارات، اصبحت تجلس في الإمارات سنة أو سنتين وتذهب لزيارة أهلك في المكان الذي هم فيه، يبيح لك الفقهاء أن تصير بلدك التي صرت إليها، فأصبحت تقصر الصلاة في البلد التي ولدت فيها، أبو حنيفة له حكم عجيب، يقول إذا كان الأب و الأم ما زالا على قيد الحياة أو أحدهما، يتم الابن أو الإبنة صلاتهما رباعية مخالفا للرخصة لأجل ألا يدخل الحزن على قلب الأب أو الأم!! هل يوجد ذوق بالله عليك أعظم من هذا الذوق،
وذلك لأن الإسلام دين إلهي وليس إنساني ؛ وكان لمصلحة الإنسان فكان بهذه الذوقيات العالية ، و هذا هو شرع نبينا صلى الله عليه وسلم ، هذا هو منطقه.
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و عامر بن أبي فهيرة و أبو بكر يتناوبون على الراحلة في إحدى الغزوات لأنه كان كل ثلاثة على راحلة، فالرسول صلى الله عليه و سلم جاء نصيبه مع أبو بكر و عامر بن أبي فهيرة ، فيأتي دور عامر فينزل رسول الله فيقول عامر : لا تنزل يا رسول الله ، فيأبى الرسول صلى الله عليه وسلم، يأتي دور أبي بكر فالرسول ينزل أيضا، أبو بكر يريد أن يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول لهما ( ما أنتما بأغنى من الثواب مني)، أي أنا أيضا أبحث عن الثواب، و أن أغزو أيضا في سبيل الله راجلا على قدمي؛ و إن الله يكره من العبد أن يكون متميز عن أقرانه.
ولما كان صلى الله عليه و سلم يحمل شيئا كان الصحابة يجرون خلفه يريدون أن يحملوا عنه، فيقول: (لا، صاحب الشيئ أولى بحمله) من أجل أن يضع النقاط فوق الحروف في قضية الذوق العام وكيفية التعامل.
أقسم بالله يا أخوتي، ونحن في المسجد و بعد ظهر الجمعة أنه لو عاد إلينا الفهم الحقيقي للإسلام وعاد إلينا الذوق العام الذي يجب أن نتعامل به لاسترحنا و أرحنا، لكن العجيب في الذوق الإسلامي أنه يختلف عن الذوق الغربي؛ لأن الذوق الإسلامي عليه ثواب.
مثلا لو أن زميلتك في العمل – دعني أكلمك في الواقع المر- تقول لها : ممكن يا أستاذة فلانة أن تعطيني الملف رقم 9، بارك الله فيك وشكر الله لك و جزاك الله خيرا، يأتي الشيطان وو يقول لها : يا سلام انظري إلى هذا الملاك الطاهر!! والله يا أخي لو أن زوجتك في البيت قدمت لك أفضل الأطعمة و جلست من الصبح إلى الظهر ثلاث لأربع ساعات في المطبخ إلى وقت قدومك فوضعت الطعام ، فبعد أن تنتهي من الطعام تقول: ارفعي الطعام..أين جزاك الله خيرا اللطيفة التي قلتها الصبح، و أين بارك الله فيك!! لا حول و لا قوة إلا بالله ، هذه مصيبة أين الذوق؟ يا أخي قل جزاك الله خيرا يا أم فلان، بارك الله فيك، قم يا ولد أو يا بنت قبلي يد الأم التي طبخت هذا الطبخ اللذيذ ، رضي الله عليها و بارك الله فيها، ادعوا لها بالصحة و طول العمر.. فيستشعر الولد أن أمه هذه أهم شخصية عند والده، و أنا دائما أنصح الأخوات أنه لما يدخل الرجل يجب أن تشعريه أنه أهم شخص في العالم دخل إلى البيت ، فتستقبليه بوجه بشوش وتقولين له: أهلا و سهلا بأبي فلان ، الحمدلله على سلامتك ، كيف حالك؟.. كلمات طيبة.
هذه الأدبيات يجب أن نغرسها ففي بناتنا ، وعليك اليوم أن ترجع و تقول لبنتك التي هي في سن الزواج في الجامعة أو في الثانوية ، و البنات الحمدلله أصبحو الآن من الإبتدائي يفكرون في هذه المسائل.. (إذا بلغ الأطفال منكم الحلم)، حتى عام 85 كان الحلم و كنا نفسره للناس بأنه البلوغ ، عند الولد و عند البنت ، أما في سنة 2007 و بعد ربع قرن ، إذا بلغ الأطفال منكم الحلم يعني 6 سنوات. هل القصد من الحلم هو الفهم أم الحلم نفسه؟ فالأطفال في أيامنا هذه يفهم كل شيء تقريبا – من ساعة ما ينزل من بطن أمه -
فالمسألة أننا نريد أن نفهم الأولاد مسألة الاستئذان من الآن، أحد إخواننا الفضلاء من أهل العلم ، يقول لحفيده، الذي دخل عليه وجدته وهم جالسون في الغرفة ، قال له: يا ولد أنت لا تفهم؟! يجب أن تطرق الباب ثم أقول لك أن تدخل أو لا تدخل!! قال: حاضر يا جدي.
يقول الشيخ: وفي اليوم الثاني دعينا إلى أحد المطاعم للعائلات الي فيه غرف مغلقة، فدخل الموظف يقدم الطعام ، فقال الولد الصغير: ماذا هناك ؟ ألا تفهم، كيف تدخل دون أن تطرق الباب فنأذن لك أو لا نأذن ؟ هذا هو ابن الكتاب.
المهم أريد أن أقول إن هذه الذوقيات مع الكل ، تدخل أحيانا إلى مصعد من المصاعد مثلا في بناء عال، تدخل تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فتجد اثنين او ثلاثة من الموجودين ينظرون إليك، ويفكرون هل يرد عليك أم لا ؟ وربما يفكر أن يصلي الاستخارة قبل أن يرد عليك، لماذا؟!! يا أخي إن السلام على من عرفت و على من لم تعرف، عليك أن تسلم، رد أم لم يرد، هذا لا يهم، يقول ابن مسعود رضي الله عنه : يا ليت كل الذين ألقي عليهم السلام لا يردون. لماذا يا ابن مسعود؟ قال: لأن الذي يرد هو الله رب العالمين.
تجد إخواننا في التشريفات الذين يستقبلوننا من الطائرة ويقومون بالترحيب بنا، وما يقومون به أفكر به، هل هذه من الإسلام؟ فوجدت أن كل خطوة علموها إياهم في التشريفات و البروتوكولات موجودة في ديننا الحنيف. ولكن من الذي سيقرأ و من الذي يعيد الحسابات.
فحقيقة الأمر كما أراها -و الله أعلم- أن كل واحد يعود للبيت ويسأل نفسه: هل أنا عندي ذوق أم أنا عديم الذوق أو قليل الذوق ؟ سؤال ذو فروع ثلاثة ، ابدأ الأول في أم المساكين الزوجة: المسكينة أم المساكين، يا ترى أنا صاحب الذوق معها ، هل أهددها بال... ؟ هل أنغص عليها حياتها ؟
وجه لنفسك سؤال آخر: هل تتمنى أن تزوج ابنتك لرجل له مثل أخلاقك ؟ أنا أعرف الجواب: لا طبعا لماذا؟ لأني فعلا لا أتمنى أن تهان ابنتي لأنها أغلى الناس عندي ، لكن أن تهين بنت الناس- أي الزوجة – هذا من عدم الذوق وليس من قلة الذوق.
اسأل نفسك بعض الأسئلة مع زوجتك و مع الإخوة في العمل: لماذا في العمل عندما يدخل شخص معين أو موظفة ما، فلماذا الجميع يسكت ويقول هس، إذاً ماذا ثبت على هذا الرجل؟
إما أنه نمَّام أو فتَّان يوقع الناس في بعضها ويصنع مشاكل في الشغل، وهذا يكرَّم اتقاءً لشرِّه، وهو من أسوأ العباد عند الله: (الذي أكرمه لأتقي شره)، وموظف آخر عندما يحال إلى التقاعد فموظفي المؤسسة كلها تبكي، والجميع يدعون له: الله يبارك فيك، كان كالبلسم الشافي: "كونوا مع الناس إن سافرتم حَنّوا إليكم، وإن متٌّم ترحَّموا عليكم".
فأنت اسأل نفسك هذا السؤال، مع زملائي مع أقاربي: صلة الرحم من الذوق ؟ (من أراد أن يٌنسَأ له في أَجلِه ويبارك له في رزقه فليصل رحمه). صل الرحم تجد الخيرات تنزل عليك، ويضع لك ربنا البركة في الأولاد، لأن الرحم مقطوعة، العمة الكبيرة، الخالة الكبيرة العجوز، هؤلاء لابد من صلتهم ولو بالهاتف، يقولون : أصبح العالم قرية صغيرة ، استغل ذلك واستغل ما أعطاك الله لأن تضع في ميزان حسناتك الخير كلَّه، إن شاء الله رب العالمين.ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
بارك الله فيكم ولا تنسوني من صالح الدعاء.
والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
والحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
تعليق