الحياة مطار كبير
أدخل المطار كغيري من المسافرين متخففا من الأحمال طاقتي ، وكثيراً ما أحاول أن أكتفي بحقيبة سفر صغيرة أصطحبها معي إلى الطائرة ، ولا أخفيكم أن أثقل الأشياء على نفسي أن يطلب مني أحدهم أن أحمل له حقيبة أو أمانة أو متاعاً... آتي مستعجلاُ للأسف كعادتي فالمرات التي قدمت فيها للمطار قبل الرحلة بوقت كافٍ مراتٌ قليلة بالكاد تعدُّ على أصابع اليد الواحدة ،.. أدخل المطار فأرى وجوها وأشكالاً ومشارب ، يجمعهم شأن واحد : هي العجلة ، والاضطراب ..
جلبة هنا وأصوات هناك ، وحركة لا تهدأ ، والقسمات فرح وترح ، ورضى وسخط ، تناقض مالنا إلا السكوت له ، ما أن ترتاح من الضجيج والصخب أو توشك طلبة أذنك حتى تسمع النداء الذي يختطف ساعات الصفو من آذاننا معلناً ومذكِّراً... تعلن الخطوط الجوية ال... عن موعد إقلاع رحلتها رقم ... والمتجهة إلى ... على السادة المسافرين سرعة التوجه إلى بوابة الخروج رقم ... استعداداً للسفر .
هو فعلا ما نعيشه يومياً ، نحن نعيش يومياً في مطار كبير ، فذا قادم نفرح بقدومه ونستقبله بالحفاوة والتكريم ، ونصنع لذلك طعاماً ونتهادى رائق العبارات وجميل الدعوات ، ثم لا يلبث أن يكون حدثاً عادياً ، ثم يأخذ دوره في الحياة رقماً كسائر الأرقام ثم لا يلبث أن يكون مملولاً ثقيلاً .
ونودِّع آخر بدمعٍ مسبل ووجه حزين وخاطر منكسِر تخال أن الدنيا انتهت عند وداعه ..ثم يمضي كلٌ إلى حيث هو فلا يلبث من بكيناه بالأمس حتى يتخذ موقعه بسلاسة وهدوء في ديوان الذكريات ، ويتبوأ مقعده من الإعراب نصباً على خبر كان ..
نعم نحن نعيش في المطار ، والنداء الذي يختطف ساعات الصفو منّا يذكرنا بالرحيل دوماً ، ويعاود التذكير مرات ومرات ولكننا نتصامم عنه جهلاً أو تجاهلاً .
وفي المطار أناس لا يعرفون وجهة ، فهم لا يعرفون من أين أتوا ولا لماذا أتوا ولا إلى أين يسيرون ، إنهم يصلون ويغادرون دون معرفة أو إحاطة ، غاية أمرهم أنهم يسافرون لأجل السفر وحيث وجدوا طائرة تقلهم ركبوا ، لم يعدّوا للرحيل عدة ، ولم يتزودوا له .. وآخرون تأهبوا وخططوا وحجزوا مقاعدهم مسبقاً وهؤلاء تعرفهم بالسكون والطمأنينة التي تحفهم ، فلا قلق ولا اضطراب ، ولا عجلة ولا جلبة ، بل تجدهم يقرؤون كتاباً أو يطالعون صحيفة ، أو يتجاذبون أطراف الحديث .
في المطار أناس لم يؤذن لهم بالدخول فعادوا من حيث أتوا ، حزن مستقبلوهم ولعل الخير كل الخير كان في عدم وصولهم لمن أدرك الحقيقة ، وآخرون تعثر دخولهم ووجدوا معاناة ، ولكنهم دخلوا .
في المطار تأخير على بعض الرحلات ، مؤذنٌ بأنّ الأمر لا كما تشاء دائما ، ولا كما تخطط دائماً ، لأن ثمّ إرادة فوق إرادتنا .
الدنيا مطار كبير ونحن في رحلة عظيمة ولكن .. من الذي يدرك الحقيقة ؟
أتمنى للجميع سفراً سعيداً وعوداً إلى الله حميداًوصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
للشيخ توفيق الصائغ
أدخل المطار كغيري من المسافرين متخففا من الأحمال طاقتي ، وكثيراً ما أحاول أن أكتفي بحقيبة سفر صغيرة أصطحبها معي إلى الطائرة ، ولا أخفيكم أن أثقل الأشياء على نفسي أن يطلب مني أحدهم أن أحمل له حقيبة أو أمانة أو متاعاً... آتي مستعجلاُ للأسف كعادتي فالمرات التي قدمت فيها للمطار قبل الرحلة بوقت كافٍ مراتٌ قليلة بالكاد تعدُّ على أصابع اليد الواحدة ،.. أدخل المطار فأرى وجوها وأشكالاً ومشارب ، يجمعهم شأن واحد : هي العجلة ، والاضطراب ..
جلبة هنا وأصوات هناك ، وحركة لا تهدأ ، والقسمات فرح وترح ، ورضى وسخط ، تناقض مالنا إلا السكوت له ، ما أن ترتاح من الضجيج والصخب أو توشك طلبة أذنك حتى تسمع النداء الذي يختطف ساعات الصفو من آذاننا معلناً ومذكِّراً... تعلن الخطوط الجوية ال... عن موعد إقلاع رحلتها رقم ... والمتجهة إلى ... على السادة المسافرين سرعة التوجه إلى بوابة الخروج رقم ... استعداداً للسفر .
هو فعلا ما نعيشه يومياً ، نحن نعيش يومياً في مطار كبير ، فذا قادم نفرح بقدومه ونستقبله بالحفاوة والتكريم ، ونصنع لذلك طعاماً ونتهادى رائق العبارات وجميل الدعوات ، ثم لا يلبث أن يكون حدثاً عادياً ، ثم يأخذ دوره في الحياة رقماً كسائر الأرقام ثم لا يلبث أن يكون مملولاً ثقيلاً .
ونودِّع آخر بدمعٍ مسبل ووجه حزين وخاطر منكسِر تخال أن الدنيا انتهت عند وداعه ..ثم يمضي كلٌ إلى حيث هو فلا يلبث من بكيناه بالأمس حتى يتخذ موقعه بسلاسة وهدوء في ديوان الذكريات ، ويتبوأ مقعده من الإعراب نصباً على خبر كان ..
نعم نحن نعيش في المطار ، والنداء الذي يختطف ساعات الصفو منّا يذكرنا بالرحيل دوماً ، ويعاود التذكير مرات ومرات ولكننا نتصامم عنه جهلاً أو تجاهلاً .
وفي المطار أناس لا يعرفون وجهة ، فهم لا يعرفون من أين أتوا ولا لماذا أتوا ولا إلى أين يسيرون ، إنهم يصلون ويغادرون دون معرفة أو إحاطة ، غاية أمرهم أنهم يسافرون لأجل السفر وحيث وجدوا طائرة تقلهم ركبوا ، لم يعدّوا للرحيل عدة ، ولم يتزودوا له .. وآخرون تأهبوا وخططوا وحجزوا مقاعدهم مسبقاً وهؤلاء تعرفهم بالسكون والطمأنينة التي تحفهم ، فلا قلق ولا اضطراب ، ولا عجلة ولا جلبة ، بل تجدهم يقرؤون كتاباً أو يطالعون صحيفة ، أو يتجاذبون أطراف الحديث .
في المطار أناس لم يؤذن لهم بالدخول فعادوا من حيث أتوا ، حزن مستقبلوهم ولعل الخير كل الخير كان في عدم وصولهم لمن أدرك الحقيقة ، وآخرون تعثر دخولهم ووجدوا معاناة ، ولكنهم دخلوا .
في المطار تأخير على بعض الرحلات ، مؤذنٌ بأنّ الأمر لا كما تشاء دائما ، ولا كما تخطط دائماً ، لأن ثمّ إرادة فوق إرادتنا .
الدنيا مطار كبير ونحن في رحلة عظيمة ولكن .. من الذي يدرك الحقيقة ؟
أتمنى للجميع سفراً سعيداً وعوداً إلى الله حميداًوصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
للشيخ توفيق الصائغ
تعليق