السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع عن صلة الارحام
وددت أن أصلكم بهذا الموضوع وكم أتمنى أن تتقبلوا وصلي فأنتم أحبتي واخواتى
**********
لقد أمر الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر عن قطيعتهم والإساءة إليهم، وعدَّ صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين، ومُصْلٍ للمسيئين لأرحامهم بنار الجحيم.
فهذا بحث مختصر عن صلة الأرحام، وعن حقوق الأقارب والأهل، عن تعريف الرحم بنوعيها الخاصة والعامة، وعن فضل وثواب الصلة، ووزر وعقوبة القطيعة، وعن الفروق الرئيسية بين صلة الرحم المؤمنة المستقيمة، والرحم الكافرة والفاجرة، وما يتعلق بذلك، فأقول:
تعريف صلة الرحم
الصلة: الوصل، وهو ضد القطع، ويكون الوصل بالمعاملة نحو السلام، وطلاقة الوجه، والبشاشة، والزيارة، وبالمال، ونحوها.
الرحم: اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى قصر الرحم على المحارم، بل ومنهم من قصرها على الوارثين منهم، وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله، والراجح الأول.
نوعا الرحم
الرحم التي أمر الله بها أن توصل نوعان:
الأول: رحم الدين، وهي رحم عامة تشمل جميع المسلمين، وتتفاوت صلتهم حسب قربهم وبعدهم من الدين، وكذلك حسب قربهم وبعدهم الجغرافي.
ويدل على ذلك قوله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم"[2]، فأثبت الله الأخوة الإيمانية لجميع المسلمين، وقوله: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسـدوا في الأرض وتقطِّعوا أرحـامكـم"[3]، قال القرطبي: (وظاهر الآية أنها خطاب لجميع الكفار).[4]
الثاني: رحم القرابة، القريبة والبعيدة، من جهتي الأبوين.
ولكل من هذين النوعين حقوق ونوع صلة.
حكم صلة الرحم وقطعها
صلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة، ومن الكبائر.
قال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة).[8]
وقال ابن عابدين الحنفي: (صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل).
والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
1. قوله تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".[9]
2. وقوله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم".[10]
3. وجاء في حديث أبي سفيان لهرقل عندما قال له: فما يأمر؟ قال: "يأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والصلة".[11]
4. وعن عائشة رضي الله عنها ترفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم شُجْنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته".[12]
فضل وثواب واصل الرحم في الدنيا والآخرة
لقد وعد الله ورسوله واصل الرحم بالفضل العظيم، والأجر الكبير، والثواب الجزيل، من ذلك:
أولاً: في الدنيا
1. فهو موصول بالله عز وجل في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق الخلق، حتى إذا فَرَغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة؛ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب؛ قال: فهو لك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا إن شئتم: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم".
2. يُبسط له في رزقه.
3. يُنسأ له في أجله – أن يزاد في عمره بسبب صلته لرحمه.
4. تعمر داره.
5. صلة الرحم تدفع عن صاحبها ميتة السوء.
6. يحبه الله.
7. يحبه أهله.
ثانياً: في الآخرة
صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة مع أول الداخلين، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم".[17]
عقوبة ووزر قاطع الرحم في الدنيا والآخرة
أولاً: في الدنيا
1. لا يرفع له عمل ولا يقبله الله
2. لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع الشر يعم والخير يخص، فلا تنزل رحمة على قوم فيهم قاطع رحم، ولهذا يجب التواصي ببر الآباء وصلة الأرحام، والتحذير من العقوق، فإذا فعلوا ذلك سلموا من هذه العقوبة.
3. تعجيل العقوبة للعاق في الدنيا قبل الآخرة
4. أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم
ثانياً: في الآخرة
1. لا يدخل الجنة مع أول الداخلين
2. لا تفتح له أبواب الجنة أولاً.
3. يدخر له من العذاب يوم القيامة مع تعجيل العقوبة في الدنيا إن لم يتب أويتغمده الله برحمته.
4. يُسف المَلّ، وهو الرماد الحار
بم توصل الرحم؟
الصلة تكون بالفعل وهو الإحسان، أوبالترك وهو كف الأذى، وهي درجات دنيا وعليا.
أولاً: صلة الرحم العامة
وهي رحم الدين، ووشيجة التقوى، فإنها تحصل بالآتي:
1. التناصح والتشاور.
2. التوادد.
3. العدل والإنصاف.
4. القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة على قدر الطاقة.
5. التعليم، والإرشاد، والتوجيه.
6. الأمر والنهي.
7. الشفاعة الحسنة.
8. تحمل الأذى.
9. كفُّ الأذى عنهم، وهذا أضعف الإيمان أن يكفَّ الإنسان أذاه عن إخوانه المسلمين.
والأدلة على ذلك كثيرة جداً، فمن القرآن:
1. "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم".[25]
2. "واخفض جناحك للمؤمنين".[26]
ومن السنة:
1. "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضاً"[27]، وشبَّك بين أصابعه.
2. "مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".[28]
3. "المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه، وماله، ودمه، التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن يحْقِر أخاه المسلم".[29]
ثانياً: صلة الرحم الخاصة
وهم جميع القرابات من جهة النسب، من قبل الأم والأب، وهؤلاء صلتهم عامة كذلك وخاصة:
(أ) الصلة العامة
وهي شاملة لجميع حقوق الصلة لعامة المسلمين التي ذكرناها آنفاً.
(ب) صلة خاصة
وهي زيادة حقوق على حقوق المسلم العامة.
على المرء أن يسع جميع أرحامه بالحقوق العامة والخاصة، فإن تزاحمت أرحامُه فعليه أن يصل الأقرب فالأقرب، كما ورد في الحديث: "من أحقُّ الناس بحسن صحابتي"، الذي جاء فيه: "ثم أدناك أدناك".
وفي الجملة فإن الصلة الخاصة تكون بالآتي:
الحد الأدنى
وهذا يحصل بـ:
1. السلام.
2. طلاقة الوجه، التبسم.
3. كف الأذى.
الحد الأعلى
وهذا يحصل بـ:
1. الزيارة.
2. عيادة المريض.
3. الإهداء.
4. الإنفاق على المعسرين.
5. المشاركة في الأفراح والأتراح.
6. التهنئة بالأعياد، وليس للمسلمين سوى عيدي الفطر والأضحى.
7. تمييزهم على غيرهم في الصدقات الواجبة والصدقات التطوعية.
8. تمييزهم في الشفاعات الحسنة.
9. تمييزهم في التوجيه والتعليم.
10. تمييزهم على غيرهم في الجيرة.
11. تمييزهم على غيرهم في تحمل الأذى.
تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
مما يدل على مكانة صلة الأرحام في الإسلام وعلو منزلتها أن الشارع الحكيم أمر بتعلم الأنساب ومعرفة القرابات التي تعين على صلة الأرحام والإحسان إليهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم".[51]
فيجب على الآباء والأجداد تبصير الأبناء والأحفاد بحقوق القرابات، وبصلتهم بها، فإن كثيراً من شباب اليوم لا يعرف شيئاً عن كثير من أرحامهم، ويرجع ذلك إلى تقصير الكبار في هذا الشأن، فقد جاء في الأثر: "لا يزال الناس بخير ما تعلم الصغير قبل موت الكبير"، فإذا مات الكبار ذهبوا بما عندهم من علوم وتجارب ومعارف قد لا توجد عند غيرهم من الناس.
صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك
وأخيراً أخي الحبيب عليك بفواضل الأعمال، ودع عنك قبيحها وسيئها، واعمل بوصية ربك ورسولك، وتخلق بخلق الأنبياء الأخيار، واحذر سلوك الحمقى الأغمار.
عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: لقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال؛ فقال: "يا عقبة، صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".[56]
واحرص أخي المسلم أن تكون سيرتك مع أهلك وأقاربك المحسنين منهم والمسيئين كسيرة المقنع الكندي[57] مع أهله وعشيرته، لتسعد في آخرتك، وتُحمد وتُشكر في دنياك، حيث قال مبيناً منهجه ومعاملته لهم:
يعـاتبني في الديـن قومي وإنمـا ** ديوني في أشيـاء تكسبهـم حَمْداً
أسُـدُّ به ما قد أخلـوا وضيعـوا ** حقـوق ثغـور ما أطاقوا لها سداً
و لي جفنة لا يغلق البـاب دونهـا ** مكللــة لحمــاً مدفقـة ثـرداً
ولي فرس نهـد عتيــق جعلته ** حجـاباً لبيتي ثم أخـدمته عبــداً
وإن الـذي بيني وبيـن بني أبي ** وبيـن بني عمي لمختلـف جـداً
إذا أكلوا لحمي وفـرتُ لحومهـم ** وإن هدمـوا مجدي بنيتُ لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم ** وإن هُمْ هَووا غيِّي هويتُ لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هُمُ ** دَعَـوْني إلى نصـر أتيتُهم شـداً
وإن زجروا طيراً بنحس يمـر بي ** زجـرت لهم طيـراً يمر بهم سَعْداً
ولا أحمل الحقـد القديـم عليهـم ** وليس رئيسُ القوم من يحملُ الحقدا
لهم جـلُّ مالي إنْ تتـابع لي غنى ** وإن قـلَّ مـالي لم أكلفهم رفــداً
وإني لعبـد الضيف مـا دام نازلاً ** وما شيمة لي غيرهـا تشبه العبـدا
وأخيراً اعلم أيها الأخ الكريم أن العبرة بسلامة الصدر، وتقارب القلوب، ونقاء الطوية والسريرة، ولله در ابن عباس حين قال: "قد تقطع الرحم، وقد تكفر النعمة، ولا شيء كتقارب القلوب"؛ وفي رواية عنه: "تكفر النعمة، والرحم تقطع، والله يؤلف بين القلوب لم يُزحزحها شيء أبداً"؛ ثم تلا: "لو أنفقتَ ما في الأرض جميعاً ما ألفتَ بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم".[58]
اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفتن والآثام.
ونسألك اللهم قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، ونسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، ونسألك من خير ما نعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم، إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلى الله وسلم وبارك على محمد صاحب القلب السليم، والقدر العظيم، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
موضوع عن صلة الارحام
وددت أن أصلكم بهذا الموضوع وكم أتمنى أن تتقبلوا وصلي فأنتم أحبتي واخواتى
**********
لقد أمر الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر عن قطيعتهم والإساءة إليهم، وعدَّ صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين، ومُصْلٍ للمسيئين لأرحامهم بنار الجحيم.
فهذا بحث مختصر عن صلة الأرحام، وعن حقوق الأقارب والأهل، عن تعريف الرحم بنوعيها الخاصة والعامة، وعن فضل وثواب الصلة، ووزر وعقوبة القطيعة، وعن الفروق الرئيسية بين صلة الرحم المؤمنة المستقيمة، والرحم الكافرة والفاجرة، وما يتعلق بذلك، فأقول:
تعريف صلة الرحم
الصلة: الوصل، وهو ضد القطع، ويكون الوصل بالمعاملة نحو السلام، وطلاقة الوجه، والبشاشة، والزيارة، وبالمال، ونحوها.
الرحم: اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى قصر الرحم على المحارم، بل ومنهم من قصرها على الوارثين منهم، وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله، والراجح الأول.
نوعا الرحم
الرحم التي أمر الله بها أن توصل نوعان:
الأول: رحم الدين، وهي رحم عامة تشمل جميع المسلمين، وتتفاوت صلتهم حسب قربهم وبعدهم من الدين، وكذلك حسب قربهم وبعدهم الجغرافي.
ويدل على ذلك قوله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم"[2]، فأثبت الله الأخوة الإيمانية لجميع المسلمين، وقوله: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسـدوا في الأرض وتقطِّعوا أرحـامكـم"[3]، قال القرطبي: (وظاهر الآية أنها خطاب لجميع الكفار).[4]
الثاني: رحم القرابة، القريبة والبعيدة، من جهتي الأبوين.
ولكل من هذين النوعين حقوق ونوع صلة.
حكم صلة الرحم وقطعها
صلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة، ومن الكبائر.
قال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة).[8]
وقال ابن عابدين الحنفي: (صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل).
والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
1. قوله تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".[9]
2. وقوله تعالى: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم".[10]
3. وجاء في حديث أبي سفيان لهرقل عندما قال له: فما يأمر؟ قال: "يأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والصلة".[11]
4. وعن عائشة رضي الله عنها ترفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم شُجْنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته".[12]
فضل وثواب واصل الرحم في الدنيا والآخرة
لقد وعد الله ورسوله واصل الرحم بالفضل العظيم، والأجر الكبير، والثواب الجزيل، من ذلك:
أولاً: في الدنيا
1. فهو موصول بالله عز وجل في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق الخلق، حتى إذا فَرَغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة؛ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب؛ قال: فهو لك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا إن شئتم: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم".
2. يُبسط له في رزقه.
3. يُنسأ له في أجله – أن يزاد في عمره بسبب صلته لرحمه.
4. تعمر داره.
5. صلة الرحم تدفع عن صاحبها ميتة السوء.
6. يحبه الله.
7. يحبه أهله.
ثانياً: في الآخرة
صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة مع أول الداخلين، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم".[17]
عقوبة ووزر قاطع الرحم في الدنيا والآخرة
أولاً: في الدنيا
1. لا يرفع له عمل ولا يقبله الله
2. لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع الشر يعم والخير يخص، فلا تنزل رحمة على قوم فيهم قاطع رحم، ولهذا يجب التواصي ببر الآباء وصلة الأرحام، والتحذير من العقوق، فإذا فعلوا ذلك سلموا من هذه العقوبة.
3. تعجيل العقوبة للعاق في الدنيا قبل الآخرة
4. أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم
ثانياً: في الآخرة
1. لا يدخل الجنة مع أول الداخلين
2. لا تفتح له أبواب الجنة أولاً.
3. يدخر له من العذاب يوم القيامة مع تعجيل العقوبة في الدنيا إن لم يتب أويتغمده الله برحمته.
4. يُسف المَلّ، وهو الرماد الحار
بم توصل الرحم؟
الصلة تكون بالفعل وهو الإحسان، أوبالترك وهو كف الأذى، وهي درجات دنيا وعليا.
أولاً: صلة الرحم العامة
وهي رحم الدين، ووشيجة التقوى، فإنها تحصل بالآتي:
1. التناصح والتشاور.
2. التوادد.
3. العدل والإنصاف.
4. القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة على قدر الطاقة.
5. التعليم، والإرشاد، والتوجيه.
6. الأمر والنهي.
7. الشفاعة الحسنة.
8. تحمل الأذى.
9. كفُّ الأذى عنهم، وهذا أضعف الإيمان أن يكفَّ الإنسان أذاه عن إخوانه المسلمين.
والأدلة على ذلك كثيرة جداً، فمن القرآن:
1. "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم".[25]
2. "واخفض جناحك للمؤمنين".[26]
ومن السنة:
1. "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضاً"[27]، وشبَّك بين أصابعه.
2. "مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".[28]
3. "المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه، وماله، ودمه، التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن يحْقِر أخاه المسلم".[29]
ثانياً: صلة الرحم الخاصة
وهم جميع القرابات من جهة النسب، من قبل الأم والأب، وهؤلاء صلتهم عامة كذلك وخاصة:
(أ) الصلة العامة
وهي شاملة لجميع حقوق الصلة لعامة المسلمين التي ذكرناها آنفاً.
(ب) صلة خاصة
وهي زيادة حقوق على حقوق المسلم العامة.
على المرء أن يسع جميع أرحامه بالحقوق العامة والخاصة، فإن تزاحمت أرحامُه فعليه أن يصل الأقرب فالأقرب، كما ورد في الحديث: "من أحقُّ الناس بحسن صحابتي"، الذي جاء فيه: "ثم أدناك أدناك".
وفي الجملة فإن الصلة الخاصة تكون بالآتي:
الحد الأدنى
وهذا يحصل بـ:
1. السلام.
2. طلاقة الوجه، التبسم.
3. كف الأذى.
الحد الأعلى
وهذا يحصل بـ:
1. الزيارة.
2. عيادة المريض.
3. الإهداء.
4. الإنفاق على المعسرين.
5. المشاركة في الأفراح والأتراح.
6. التهنئة بالأعياد، وليس للمسلمين سوى عيدي الفطر والأضحى.
7. تمييزهم على غيرهم في الصدقات الواجبة والصدقات التطوعية.
8. تمييزهم في الشفاعات الحسنة.
9. تمييزهم في التوجيه والتعليم.
10. تمييزهم على غيرهم في الجيرة.
11. تمييزهم على غيرهم في تحمل الأذى.
تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
مما يدل على مكانة صلة الأرحام في الإسلام وعلو منزلتها أن الشارع الحكيم أمر بتعلم الأنساب ومعرفة القرابات التي تعين على صلة الأرحام والإحسان إليهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم".[51]
فيجب على الآباء والأجداد تبصير الأبناء والأحفاد بحقوق القرابات، وبصلتهم بها، فإن كثيراً من شباب اليوم لا يعرف شيئاً عن كثير من أرحامهم، ويرجع ذلك إلى تقصير الكبار في هذا الشأن، فقد جاء في الأثر: "لا يزال الناس بخير ما تعلم الصغير قبل موت الكبير"، فإذا مات الكبار ذهبوا بما عندهم من علوم وتجارب ومعارف قد لا توجد عند غيرهم من الناس.
صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك
وأخيراً أخي الحبيب عليك بفواضل الأعمال، ودع عنك قبيحها وسيئها، واعمل بوصية ربك ورسولك، وتخلق بخلق الأنبياء الأخيار، واحذر سلوك الحمقى الأغمار.
عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: لقيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال؛ فقال: "يا عقبة، صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".[56]
واحرص أخي المسلم أن تكون سيرتك مع أهلك وأقاربك المحسنين منهم والمسيئين كسيرة المقنع الكندي[57] مع أهله وعشيرته، لتسعد في آخرتك، وتُحمد وتُشكر في دنياك، حيث قال مبيناً منهجه ومعاملته لهم:
يعـاتبني في الديـن قومي وإنمـا ** ديوني في أشيـاء تكسبهـم حَمْداً
أسُـدُّ به ما قد أخلـوا وضيعـوا ** حقـوق ثغـور ما أطاقوا لها سداً
و لي جفنة لا يغلق البـاب دونهـا ** مكللــة لحمــاً مدفقـة ثـرداً
ولي فرس نهـد عتيــق جعلته ** حجـاباً لبيتي ثم أخـدمته عبــداً
وإن الـذي بيني وبيـن بني أبي ** وبيـن بني عمي لمختلـف جـداً
إذا أكلوا لحمي وفـرتُ لحومهـم ** وإن هدمـوا مجدي بنيتُ لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم ** وإن هُمْ هَووا غيِّي هويتُ لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هُمُ ** دَعَـوْني إلى نصـر أتيتُهم شـداً
وإن زجروا طيراً بنحس يمـر بي ** زجـرت لهم طيـراً يمر بهم سَعْداً
ولا أحمل الحقـد القديـم عليهـم ** وليس رئيسُ القوم من يحملُ الحقدا
لهم جـلُّ مالي إنْ تتـابع لي غنى ** وإن قـلَّ مـالي لم أكلفهم رفــداً
وإني لعبـد الضيف مـا دام نازلاً ** وما شيمة لي غيرهـا تشبه العبـدا
وأخيراً اعلم أيها الأخ الكريم أن العبرة بسلامة الصدر، وتقارب القلوب، ونقاء الطوية والسريرة، ولله در ابن عباس حين قال: "قد تقطع الرحم، وقد تكفر النعمة، ولا شيء كتقارب القلوب"؛ وفي رواية عنه: "تكفر النعمة، والرحم تقطع، والله يؤلف بين القلوب لم يُزحزحها شيء أبداً"؛ ثم تلا: "لو أنفقتَ ما في الأرض جميعاً ما ألفتَ بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم".[58]
اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفتن والآثام.
ونسألك اللهم قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، ونسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، ونسألك من خير ما نعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم، إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلى الله وسلم وبارك على محمد صاحب القلب السليم، والقدر العظيم، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تعليق