إن من يعش على وتيرة واحدة جدير أن يصيبه الملل , لان النفس ملولة ,فان الإنسان بطبعه يمل
الحالة الواحدة , ولذلك غاير سبحانه وتعالى بين الأزمنة والأمكنة , والمطعومات والمشروبات ,
والمخلوقات , ليل ونهار, وسهل وجبل , وابيض واسود , وحار وبارد ,وظل وحرور ,وقد ذكر الله هذا
التنوع والاختلاف في كتابه : [يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {النحل:69} [صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ ] {الرعد:4}
وقد مل بنو إسرائيل أجود الطعام ,لأنهم أداموا أكله [لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ]
وكان المأمون يقرأ مرة جالساً , ومرة قائماً ,ومرة وهو يمشى .
ومن يتأمل العبادات يجد التنوع والجدة , فأعمال قلبية وقولية وعملية ومالية , صلاة وصوم وحج
وجهاد , والصلاة قيام وركوع وسجود وجلوس , فمن أراد الارتياح والنشاط ومواصلة العطاء فعليه
بالتنويع في عمله , واطلاعه وحياته اليوميه .
فعند القراءة مثلاً ينوع الفنون , ما بين قرآن وتفسير وسيرة وحديث وفقه وتاريخ وأدب وثقافة عامة
وهكذا يوزع وقته ما بين عبادة وتناول مباح , وزيارة واستقبال ضيوف , ورياضة ونزهة
فسوف يجد نفسه متوثبة مشرقة , لأنها تحب التنويع وتستملح الجديد .