إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما الذى يجب على من أفطر يوما من رمضان أو أكثر وما مقدار ووقت القضاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما الذى يجب على من أفطر يوما من رمضان أو أكثر وما مقدار ووقت القضاء

    ما الذى يجب على من أفطر يوما من رمضان أو أكثر وما مقدار ووقت القضاء

    الجواب :
    المفطرون فى رمضان على أقسام كما سبق بيانه :

    القسم الاول من اباح الشرع لهم الفطر:
    وهم المريض ومن اشتد عليه الصوم لشدة حر أو فرط جوع وعطش ونحوهم ، والمسافر ، والمغمى عليه ، والشيخ والشيخه والهرم ، والحامل والمرضع.
    وهؤلاء على حالين:
    الاول: من لايستطيع الصوم فى رمضان ولاغيره لدوام الحال المانع من الصيام فى حقهم كالهرم (كبير السن الذى ضعف ووهنت قوته للكبر) والمريض الذى لايرجى برؤه ، فهؤلاء عليهم الفدية ولا صيام عليهم.

    الثانى: من لايستطيع الصوم فى رمضان ويستطيع فى غيره كالمريض الذى مرض فى رمضان وشفى بعده ، وكالمسافر فى رمضان ويرجع مقيم فى رمضان أو بعده ، والشيخ والشيخة الذين لايطيقو صوما فى حر ويطيقوه فى برد ، ومثلهم الحامل والمرضع فى رمضان أو حوله ، ثم تصبح على غير هذا الحال بعد رمضان وتقدر على الصوم ، ومن أفطر لشدة جوع أو عطش ، فهؤلاء على ضربين:
    الضرب الاول من يلزمهم الصوم اياما أخر غير التى أفطروها فى رمضان وهولاء المسافر ، والمريض الذى شفى بعد رمضان ، ومن أفطر لشدة جوع أو عطش ، ولاتصح منهم الفدية ولو دفعوا فدية لايسقط عنهم الصوم بحال وتعد فديتهم صدقة عامه ، لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة:184].
    الضرب الثانى من لهم ان يقضوا الصيام ان استطاعوا مع تغير حالهم المُرخِص لفطرهم فى رمضان ولهم ان يفدوا ان شاءوا او أن يصوموا - بغير مشقة شديدة - وإن صاموا فهو خير لهم ، ولو أفدوا اجزأت الفدية عنهم ، وهؤلاء كالحامل والمرضع ، والشيخ والشيخه يجدوا فى انفسهم طاقة للصيام فى غير وقت رمضان
    قال تعالى :" وأن تصوموا خير لكم " والخطاب للمقيمين المطيقين الصوم ، أي : خير لكم من الفطر والفدية ، أو للمريض والمسافر ، أي : خير لكم من الفطر والقضاء ، أو : لمن أبيح له الفطر من الجميع .[ قاله أبو حيان ]
    وقيل: هذا في الشيخ الكبير لو تكلف الصوم وإن شق عليه فهو خير له من أن يفطر ويفدي [ قاله البغوى]

    القسم الثانى من وجب عليهم الفطر:
    وهؤلاء كالحائض والنفساء ، فإنه يجب عليهم قضاء الصوم ، ولا تجزء عنهم فدية بحال ماداموا قد أفطروا للحيض أو النفاس فقط ( يعنى لم يدخلوا فى اى من الاقسام السابقة)

    القسم الثالث من يحرم عليه الفطر:
    وهم من أفطروا عمدا بغير عذر أو رخصة ، وهؤلاء على ضربين:

    الضرب الاول من أفطر عمدا بالاكل والشرب ونحوه ، فهؤلاء يقضوا يوما ولا كفارة ولا فدية عليهم ، لعظيم جرمهم وفظيع صنيعهم ، لان المعلوم مما تقرر فى الشريعة أن ما له كفارة من الذنوب أهون مما ليس له كفارة مما هو من جنسه ، فمثلا القتل العمد لاكفارة له والقتل الخطأ له كفارة مما يشعر بأن القتل الخطأ أقل جرما من القتل العمد ، وهكذا هنا فالفطر العمد بالاكل والشرب لاكفارة له وعليه القضاء وذلك هو الراجح مع وجود الخلاف عند اهل المذاهب فى اثبات الكفارة على المفطر عامدا بالاكل والشرب ونحوه كما بينت انفا فى المسائل المتقدمه.
    وفى الاثر عن على بن أبى طالب قال: "من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقضه أبدا طول الدهر"
    وعن ابن مسعود: " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر وان صامه"
    وعن على بن الحسين عن أبى هريرة: أن رجلا أفطر في رمضان ، فقال أبو هريرة: "لا يقبل منه صوم سنة" . [ اورد هذه الاثار ابن حزم فى المحلى]


    الضرب الثانى من أفطر عامدا بالجماع - ليس الا – فهؤلاء عليهم القضاء والكفارة على الرجل دون المرأة – كما سبق بيانه – وهذا بحسب ما دل عليه الدليل.

    قال ابن حزم: [ المحلى - (ج 6 / ص 185)]

    ولا كفارة على من تعمد فطرا في رمضان بما لم يبح له ، إلا من وطئ في الفرج من امرأته أو أمته المباح له وطوهما إذا لم يكن صائما فقط فان هذا عليه الكفارة.... برهان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوجب الكفارة إلا على واطئ امرأته عامدا .أ.هـ ( كما فى حديث من واقع امرأته فى نهار رمضان وهو صائم )

    القسم الرابع من أفطر خطأً أو نسياناً أو بغير الاكل والشرب والجماع:
    وهؤلاء مثل من قاء عامدا ، ومن دخل حلقه ماء أو شئ من طعام بغير نية الاكل أو الشرب ، كمن يتذوق طعاما فبالغ حتى تسرب الى حلقه ، أو تداوى بغير نية افطار بدواء من الحلق او الانف فبلغ الجوف ، ومن استنشق او تمضمض بمبالغة فتسرب الماء الى الحلق ، ونحو ذلك ، فهؤلاء ليس عليهم الا القضاء ، والفرق بين هؤلاء وبين من افطر عامدا ، ان هؤلاء لاإثم عليهم لأنهم أخطأوا ، والخطأ عذر رافع للمؤخذة وموجب – بفضل الله – للعفوا كما جاء فى الحديث :" إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه "‌ [انظر حديث رقم‏:‏ 1731 في صحيح الجامع].‏‌

    س : متى وكيف يقضى قضاء رمضان ؟
    الجواب :
    بوب البخاري فى كتاب الصوم بَاب مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :" فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي صَوْمِ الْعَشْرِ لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ ...وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ الْإِطْعَامَ إِنَّمَا قَالَ:" فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر".أ.هـَ

    وأورد حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ :" كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ قَالَ يَحْيَى الشُّغْلُ مِنْ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
    وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَابْن خُزَيْمَةَ عَنْ عَائِشَة رضى الله عنها:" مَا قَضَيْت شَيْئًا مِمَّا يَكُون عَلَيَّ مِنْ رَمَضَان إِلَّا فِي شَعْبَان حَتَّى قُبِضَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

    قال ابن حجر فى الشرح:
    قَوْله : ( بَابٌ مَتَى يَقْضِي قَضَاء رَمَضَان ؟ ) أَيْ مَتَى تُصَام الْأَيَّام الَّتِي تُقْضَى عَنْ فَوَات رَمَضَان ؟ , وَمُرَاد الِاسْتِفْهَام هَلْ يَتَعَيَّن قَضَاؤُهُ مُتَتَابِعًا أَوْ يَجُوز مُتَفَرِّقًا ؟ وَهَلْ يَتَعَيَّن عَلَى الْفَوْر أَوْ يَجُوز عَلَى التَّرَاخِي ؟
    لِأَنَّ ظَاهِر قَوْله تَعَالَى ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ لِصِدْقِ " أَيَّامٍ أُخَرَ " سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَة , وَالْقِيَاس يَقْتَضِي التَّتَابُع إِلْحَاقًا لِصِفَةِ الْقَضَاء بِصِفَةِ الْأَدَاء , وَظَاهِر صَنِيع عَائِشَة يَقْتَضِي إِيثَار الْمُبَادَرَة إِلَى الْقَضَاء لَوْلَا مَا مَنَعَهَا مِنْ الشُّغْلِ , فَيُشْعِر بِأَنَّ مَنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّأْخِيرُ .
    وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْره عَنْ عَلِيّ وَعَائِشَة وُجُوبَ التَّتَابُع , وَلَا يَخْتَلِف الْمُجِيزُونَ لِلتَّفْرِيقِ أَنَّ التَّتَابُعَ أَوْلَى .

    قَوْله : وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : (لَا بَأْس أَنْ يُفَرَّق لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : " فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ").......وعَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ : لَا يَضُرُّك كَيْف قَضَيْتهَا إِنَّمَا هِيَ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر فَأُحْصِهِ........وعن مُعَاذ بْن جَبَل : إِذَا أَحْصَى الْعِدَّة فَلْيَصُمْ كَيْف شَاءَ.

    قَوْله : ( وَقَالَ إِبْرَاهِيم إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا , وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ إِطْعَامًا ) ، وَفِي رِوَايَة " حَتَّى جَازَ " ، وَفِي نُسْخَة " حَانَ " ، وَمِنْ طَرِيق الْحَارِث الْعُكْلِىّ عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : إِذَا تَتَابَعَ عَلَيْهِ رَمَضَانَانِ صَامَهُمَا فَإِنْ صَحَّ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَقْضِ الْأَوَّل فَبِئْسَمَا صَنَعَ فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلْيَصُمْ .

    قَوْله : ( وَلَمْ يَذْكُر اللَّه تَعَالَى الْإِطْعَام , إِنَّمَا قَالَ : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) هَذَا مِنْ كَلَام البخاري قَالَهُ تَفَقُّهًا...... لَكِنْ إِنَّمَا يَقْوَى مَا اِحْتَجَّ بِهِ إِذَا لَمْ يَصِحّ فِي السُّنَّة دَلِيل الْإِطْعَام إِذْ لَا يَلْزَم مِنْ عَدَم ذِكْرِهِ فِي الْكِتَاب أَنْ لَا يَثْبُتَ بِالسُّنَّةِ , وَلَمْ يَثْبُت فِيهِ شَيْء مَرْفُوع وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة

    وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى جَوَاز تَأْخِير قَضَاء رَمَضَان مُطْلَقًا سَوَاء كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْر لِأَنَّ الزِّيَادَة كَمَا بَيَّنَّاهُ مُدْرَجَةٌ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَرْفُوعَة لَكَانَ الْجَوَاز مُقَيَّدًا بِالضَّرُورَةِ لِأَنَّ لِلْحَدِيثِ حُكْمَ الرَّفْع لِأَنَّ الظَّاهِر اِطِّلَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ تَوَفُّر دَوَاعِي أَزْوَاجه عَلَى السُّؤَال مِنْهُ عَنْ أَمْر الشَّرْع فَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا لَمْ تُوَاظِبْ عَائِشَة عَلَيْهِ , وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لَا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ.أ.هـ

    قلت : خلاصة القول مما تقدم أن قضاء رمضان فى أى وقت شاء المكلف الا الايام التى يحرم صومها ، وعليه الاسراع لحسن العبودية وخشية الموت ، ولو اخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر فعليه القضاء ولا اطعام عليه وان قال به بعض الصحابة لكن ليس على ما قالوه دليل والله المستعان.

    أما عن كيفية اداء القضاء فقد قال ابن قدامة:
    وقضاء شهر رمضان متفرقا يجزئ والمتتابع أحسن ، هذا قول ابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة والحسن و سعيد بن المسيب ، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق وحكي وجوب التتابع عن علي و ابن عمر و النخعي والشعبي وقال داود : يجب ولا يشترط.
    وإطلاق قول الله تعالى : "فعدة من أيام أخر" غير مقيد بالتتابع ، وأيضا قول الصحابة قال ابن عمر : إن سافر فإن شاء فرق وإن شاء تابع وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقال أبو عبيدة بن الجراح في قضاء رمضان : إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه ولأنه صوم لا يتعلق بزمان بعينه فلم يجب فيه التتابع كالنذر المطلق ، والمتتابع أحسن لما فيه من موافقة الخبر والخروج من الخلاف وشبهه بالأداء والله أعلم أ.هـ [المغني - (ج 6 / ص 155)]


    س : ما هو مقدار قضاء الصوم لمن يلزمه القضاء عما أفطر فى رمضان ؟
    الجواب:

    قال ابن قدامه :
    والواجب في القضاء عن كل يوم يوم في قول عامة الفقهاء (يدل على ذلك) قول الله تعالى : " فعدة من أيام أخر " و " قال النبي صلى الله عليه و سلم في قصة المجامع " صم يوما مكانه " (رواه أبو داود) ، ولأن القضاء يكون على حسب الأداء بدليل سائر العبادات ، ولأن القضاء لا يختلف بالعذر وعدمه بدليل الصلاة والحج.أ.هـ [ المغنى - ج6 ص90]

    وبالتالى فمن أفطر أيّاماً من رمضان - كالمريض والمسافر - قضى بعدّة ما فاته ، لأنّ القضاء يجب أن يكون بعدّة ما فاته ...... ومن فاته صوم رمضان كلّه ، قضى الشّهر كلّه ، سواء ابتدأه من أوّل الشّهر أو من أثنائه ، كأعداد الصّلوات الفائتة........ فالقضاء لما فات من رمضان بالعدد : فمن أفطر رمضان كلّه ، وكان ثلاثين ، وقضاه في شهر بالهلال ، وكان تسعةً وعشرين يوماً ، صام يوماً آخر. وإن فاته صوم رمضان وهو تسعة وعشرون يوماً ، وقضاه في شهر - وكان ثلاثين يوماً - فلا يلزمه صوم اليوم الأخير ، لقوله تعالى : « فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ » .

    ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف ، ويجوز عكسه ، بأن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء ، وهذا لعموم الآية المذكورة وإطلاقها.

    وقضاء رمضان يكون على التّراخي (لايشترط فيه الفور ولاالتتابع)، لكن الجمهور قيّدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه ، بأن يهلّ رمضان آخر ، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها : " كان يكون عليّ الصّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان ، لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم " . [أخرجه البخارى ( 4/166 ـ فتح ) و مسلم ( 3/154) ].

    ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر ، من غير عذر، لحديث عائشة هذا ، فإن أخّر فعليه الفدية : إطعام مسكين لكلّ يوم ، لما روي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتّى أدركه رمضان آخر : عليه القضاء وإطعام مسكين لكلّ يوم ، وهذه الفدية للتّأخير.

    ومذهب الحنفيّة ، وهو وجه محتمل عند الحنابلة : إطلاق التّراخي بلا قيد ، فلو جاء رمضان آخر ، ولم يقض الفائت ، قدّم صوم الأداء على القضاء ، حتّى لو نوى الصّوم عن القضاء لم يقع إلاّ عن الأداء ، ولا فدية عليه بالتّأخير إليه ، لإطلاق النّصّ ، وظاهر قوله تعالى " فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" .
    والحق أن ما ذهب إليه الأحناف هو الصحيح ، وذلك أن فرض الفدية على من تأخَّر في القضاء حتى جاء رمضان آخر يحتاج إلى نصٍّ من الشرع ، ولا نصَّ هنا ، فلا يصح تشريع هذا الحكم.

    وعند غير الحنفيّة يحرم التّطوّع بالصّوم قبل قضاء رمضان ، ولا يصحّ تطوّعه بالصّوم قبل قضاء ما عليه من رمضان ، بل يبدأ بالفرض حتّى يقضيه ، وإن كان عليه نذر صامه بعد الفرض ، لأنّ الصّوم عبادة متكرّرة ، فلم يجز تأخير الأولى عن الثّانية ، كالصّلوات المفروضة.


    س : ماذا على من كان عليه قضاء فلم يقض حتى مات ؟
    الجواب :
    قال ابن قدامة:
    من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين :
    أحدهما:أن يموت قبل إمكان الصيام أما لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم وحكي عن طاوس و قتادة إنهما قالا : يجب الإطعام عنه لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام لعجزه عنه

    الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عائشة و ابن عباس وبه قال مالك و الليث و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و الخزرجي و ابن علية و أبو عبيد في الصحيح عنهم وقال أبو ثور : يصام عنه وهو قول الشافعي لما روت عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه " ( متفق عليه) وروي عن ابن عباس نحوه.ا.هـ [المغني - (ج 6 / ص 141)]


    بوب البخاري فى كتاب الصوم من جامعه - بَاب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ.

    قال ابن حجر فى الشرح:
    قَوْله : ( بَابٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ ) أَيْ هَلْ يُشْرَعُ قَضَاؤُهُ عَنْهُ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا شُرِعَ هَلْ يَخْتَصُّ بِصِيَامٍ دُونَ صِيَامٍ أَوْ يَعُمُّ كُلّ صِيَام ؟ وَهَلْ يَتَعَيَّن الصَّوْم أَوْ يُجْزِئُ الْإِطْعَام ؟ وَهَلْ يَخْتَصّ الْوَلِيّ بِذَلِكَ أَوْ يَصِحّ مِنْهُ وَمِنْ غَيْره ؟ وَالْخِلَاف فِي ذَلِكَ مَشْهُور لِلْعُلَمَاءِ.
    وعَنْ الْحَسَن فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَجُمِعَ لَهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَصَامُوا عَنْهُ يَوْمًا وَاحِدًا أَجْزَأَ عَنْهُ , قَالَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْح الْمُهَذَّبِ " : هَذِهِ الْمَسْأَلَة لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا فِي الْمَذْهَبِ , وَقِيَاس الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ . قُلْت : لَكِنَّ الْجَوَاز مُقَيَّد بِصَوْمٍ لَمْ يَجِب فِيهِ التَّتَابُع لِفَقْدِ التَّتَابُع فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة.
    وَقَوْله " صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْر تَقْدِيره فَلْيَصُمْ عَنْهُ وَلِيّه , وَلَيْسَ هَذَا الْأَمْر لِلْوُجُوبِ عِنْد الْجُمْهُور
    وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة : فَأَجَازَ الصِّيَام عَنْ الْمَيِّت أَصْحَابُ الْحَدِيث.... وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : هَذِهِ الْمَسْأَلَة ثَابِتَة لَا أَعْلَم خِلَافًا بَيْن أَهْل الْحَدِيث فِي صِحَّتهَا فَوَجَبَ الْعَمَل بِهَا........ وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد وَمَالِك وَأَبُو حَنِيفَة لَا يُصَام عَنْ الْمَيِّت . وَقَالَ اللَّيْث وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد : لَا يُصَام عَنْهُ إِلَّا النَّذْرُ.
    وَاخْتَلَفَ الْمُجِيزُونَ فِي الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " وَلِيُّهُ " فَقِيلَ كُلّ قَرِيب , وَقِيلَ الْوَارِث خَاصَّة , وَقِيلَ عَصَبَتُهُ , وَالْأَوَّل أَرْجَح , وَالثَّانِي قَرِيب , وَيَرُدُّ الثَّالِثَ قِصَّة الْمَرْأَة الَّتِي سَأَلَتْ عَنْ نَذْرِ أُمِّهَا . وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يَخْتَصّ ذَلِكَ بِالْوَلِيِّ ؟
    َقِيلَ يَخْتَصّ بِالْوَلِيِّ فَلَوْ أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ يَصُوم عَنْهُ أَجْزَأَ كَمَا فِي الْحَجِّ , وَقِيلَ يَصِحُّ اِسْتِقْلَال الْأَجْنَبِيّ بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْوَلِيّ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ , وَظَاهِر صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ اِخْتِيَارُ هَذَا الْأَخِير , وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَقَوَّاهُ بِتَشْبِيهِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ وَالدَّيْنُ لَا يَخْتَصّ بِالْقَرِيبِ.أ.هـ

    قال النووى فى شرح مسلم:
    وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهُ لَا يُصَام عَنْ مَيِّت لَا نَذْر وَلَا غَيْره , حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ اِبْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة , وَرِوَايَة عَنْ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ , وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره : هُوَ قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء , وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ , وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ , بَلْ بَاطِلٌ , وَأَيُّ ضَرُورَةٍ إِلَيْهِ وَأَيُّ مَانِع يَمْنَع مِنْ الْعَمَل بِظَاهِرِهِ مَعَ تَظَاهُرِ الْأَحَادِيثِ , مَعَ عَدَم الْمُعَارِض لَهَا , قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابنَا : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ صَلَاةٌ فَائِتَة , وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُصَام عَنْ أَحَد فِي حَيَاته , وَإِنَّمَا الْخِلَاف فِي الْمَيِّت . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
    وَالْمُرَاد بِالْوَلِيِّ الْقَرِيب , سَوَاء كَانَ عَصَبَةً أَوْ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُمَا , وَلَوْ صَامَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْوَلِيّ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَصَحّ , وَلَا يَجِب عَلَى الْوَلِيّ الصَّوْم عَنْهُ , لَكِنْ يُسْتَحَبّ .
    وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث جَوَاز صَوْم الْوَلِيِّ عَنْ الْمَيِّت كَمَا ذَكَرْنَا , وَفِيهَا : قَضَاءُ الدَّيْن عَنْ الْمَيِّت , وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَيْهِ , وَلَا فَرْق بَيْن أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهُ وَارِثٌ أَوْ غَيْره فَيَبْرَأُ بِهِ بِلَا خِلَاف.أ.هـ

    (قلت : الصحيح ما شهد له الدليل وهو الصوم عن الولى بنص الحديث ، الا ان يكون من مات كان على حال قبل الموت يجوز الاطعام عنه ... والله تعالى اعلى واعلم.)


    ]


يعمل...
X