"نصائح وتوجيهات للشباب إبن باز رحمه الله"
مما يتعين على الشباب: أن يجدوا في طلب العلم، والعناية بالقرآن الكريم، حتى يعرف الشاب أحكام الله، وحتى يسير على بصيرة من الله في حال شبابه وبعد كبر سنه، بخلاف ما إذا كبر في السن، فإن المشاغل تكثر، والفهم يضعف، أما حال الشباب فهي أقوى على فهم النصوص، وأقرب إلى حفظها، وأقرب إلى العمل بها، وأقوى على ذلك، فلهذا ينبغي للشاب أن يحفظ وقته، وأن يصون شبابه، حتى لا يقع فيما حرم الله عليه، وحتى لا يتكاسل ولا يضعف عما أوجب الله عليه.
أيها الشباب:أيها الإخوة في الله! أيها الأبناء! إن الواجب عظيم، فعليكم بالجد والتشمير في طاعة الله، وفي طلب العلم، والتفقه في الدين، وحفظ الأوقات عما لا ينبغي، فالوقت في الحقيقة أعز وأغلى من الذهب، فينبغي أن يُصان عما لا ينبغي.. ينبغي أن يصان عن المحارم، وعن الرذائل، وعن كل ما يشين المؤمن، وينبغي أن يُحفظ فيما ينفع، وفيما يعين على طاعة الله، وفيما يقوي على الجهاد في سبيل الله، وفيما ينفع الأمة في دينها ودنياها. هكذا ينبغي للشاب أن يكون وقته محفوظاًَ في طاعة الله، وفي التعلم والتفقه في الدين، وفي تعلم الأشياء الأخرى التي تنفع الأمة، وتعينها وتغنيها عن الحاجة إلى الغير، فالأمة في حاجة إلى التفقه في الدين، وإلى ما يبصرها فيما شرع الله لها، وفيما أوجب الله عليها، كما أنها في حاجة إلى شباب يتعلموا كل ما تحتاجه الأمة في جميع شئونها الدفاعية، وشئونها التي تحتاج إليها في حياتها. فينبغي للشاب أن يكون ذا عناية وذا حفظ للوقت، يشغله بما ينفع في العلم النافع والعمل الصالح، وفي العلوم الدنيوية النافعة التي يُستعان بها على الإعداد للأعداء، وعلى حفظ البلاد، وعلى نصر دين الله، والجهاد في سبيله، وعلى الغنى عما عند أعداء الله، حتى لا نحتاج إليهم. ومعلوم أن الشباب قوته على العمل، وصبره على العمل، وقوة حفظه وفهمه أكثر بكثير مما إذا ارتفعت السن، وخطه الشيب، وجاءه الضعف، فإن الحال غير الحال، فينبغي له أن يحفظ هذا الوقت العظيم، وهذه الفرصة العظيمة حتى لا تصرف إلا فيما ينفع في الدين والدنيا، وفيما ينفعه لنفسه، وفيما ينفع الأمة الإسلامية، حتى ينفعها في دينها ودنياها، وحتى يساعد في بناء نهضتها الإسلامية النافعة المفيدة، وحتى يساعدها أيضاً في حمايتها من كيد أعدائها، وفي إعداد القوة النافعة المفيدة التي تعينها في جهاد الأعداء، وفي حماية البلاد وحفظها عن مكائد أعداء الله.......
الشباب.. والعناية بالقرآن
من أهم الأمور وأعظمها: العناية بالقرآن، فإن القرآن الكريم هو رأس كل خير، وهو ينبوع السعادة، فينبغي للشباب أن يُعنى بكتاب الله، وأن يكون له نصيب من تلاوته، وتدبر معانيه، وحفظه، حتى يستنبط منه ما أراد الله من العباد من أحكام وشرائع، من أوامر ونواهٍ، وأخبار وقصص، حتى يكون على بينة فيما مضى وفيما يأتي، وعلى بينة في أحكام الله وشرائعه.
الشباب.. والاهتمام بالسنة
بعد ذلك: السنة المطهرة، ينبغي للشباب أن يُعنى بها حفظاً ودراسة، وتفقهاً ومذاكرةً فيما بينهم، وسؤالاً للمدرسين والعلماء عما أشكل، فيكون وقته محفوظاً بين دراسة وحفظ، وبين مذاكرة، وبين سؤال من المدرسين والعلماء والموجهين عن كل ما يشكل من ذلك. ولا يتأتى هذا إلا بعد العناية والدراسة والتدبر في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا العلوم الأخرى التي يتعلمها لمصلحة الأمة، وحماية دينها ودنياها، وحماية الأوطان عن مكائد الأعداء. فهو لا يزال في علم نافع، وفي فوائد يستفيدها إما في دينه وإما في دنياه، مع حفظ الأوقات الأخرى في المذاكرة والسؤال والمطالعة فيما يحتاج إليه، وبقية الوقت يكون محفوظاًَ أيضاً في حاجته الخاصة.. في نومه، وتناول طعامه وشرابه، وفي صلته بأهله، وغير هذا من شئونه.
الشباب.. وحفظ الأوقات
لا ينبغي للعاقل أبداً أن يضيع الوقت في غير منفعة، إما في دين وإما في دنيا. ولهذا شرع الله لنا أن نحفظ أوقاتنا، وأن نصونها عما لا ينفع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي هو الذي يعتني بالأمور كلها، فيعتني بالعلم النافع، والتفقه في الدين، ويعتني بالعلوم الأخرى التي تنفع الأمة في دنياها ودينها، وتغنيها عن الحاجة إلى أعدائها. وهو أيضاً قوي في تنفيذ الأوامر والنواهي، قوي في طلب العلم، قوي في التفقه في الدين، قوي في أمر الله والدعوة إلى سبيله، قوي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قوي في جهاد الأعداء، قوي في وعيه وتفكيره، قوي في كل شأن من شئونه، هكذا المؤمن القوي، هكذا المتبصر الموفَّق، العالي الهمة، هذا شأنه أبداً، إما في علم وعمل، وإما في دعوة إلى الله، وإما في مذاكرة، وإما في أمور أخرى تنفع الأمة في دينها ودنياها، فهو قوي في قلبه، قوي في عمله، قوي في علمه، قوي في تفكيره، قوي في دعوته، قوي في أمره بالمعروف، قوي في نهيه عن المنكر، قوي في صبره على الجهاد، قوي على مصابرة الأعداء، قوي في تعلمه كل ما ينفع في أمر الدين والدنيا. ولهذا كان أحب إلى الله وخيراً عند الله من المؤمن الضعيف الذي ليس عنده همة عالية، وعناية تامة بالأمور الأخرى التي يتعدى نفعها إلى الأمة. ثم قال عليه الصلاة والسلام: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله) هذه كلمة جامعة من جوامع الكلم التي أوتيها النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الله جمع له العلوم الكثيرة والمعاني العظيمة في كلمات قليلة، يقال لها: جوامع الكلم، وهذه منها: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله) لما بين أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، بيَّن ما ينبغي للمؤمن، وما يُشرع له أن يسير عليه، فقال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله) هذا هو المطلوب من المؤمن، أن يحرص على ما ينفعه عاجلاً وآجلاً، في أمر دينه ودنياه، وأن يستعين بالله في ذلك، فلا يضعف ولا يكسل، ولا ينسى عون ربه فيعتمد على نفسه فقط، بل يعتمد على نفسه بعد الاستعانة بالله، وبعد اللَّجَأ إلى الله، وتعليق القلب به، والاستعانة به في كل شيء، فهو سبحانه المعين والموفق. والعبد ضعيف بدون ربه، فعليه أن يستعين بالله، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:4] فأخبر أنه المعبود، وأنه المستعان. فأنت عليك أن تعبده بطاعتك له سبحانه، وباللجوء إليه والاستعانة به سبحانه وتعالى، وعليك مع ذلك أن تحرص على ما ينفعك، مجتهداً في الأسباب، حريصاً على تعاطيها؛ لكن مع الاستعانة بالله عزَّ وجلَّ، واللجوء إليه، وإيمانك بأنه هو المعين وهو الموفق، وأنه لا عون لك إلا هو سبحانه وتعالى.
الشباب والجمع بين التوكل وتعاطي الأسباب النافعة
وهكذا ينبغي للمؤمن.. أن يكون جامعاً بين الأمرين، آخذاً بالأسباب، متعاطياً الأسباب النافعة في أمر الدين والدنيا، مستعيناً بالله على ذلك. هكذا شأن المؤمن، وهكذا شأن المتوكلين، وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23]. فالمتوكلون يجمعون بين الأمرين؛ بين الحرص على الأسباب النافعة، والعوامل المفيدة في أمر الدين والدنيا، ومع ذلك يعتمدون على الله، ويتوكلون عليه، ويستعينون به سبحانه وتعالى، مقرين ومعترفين بأنه لا غنى لهم عنه سبحانه وتعالى، وأنهم به جلَّ وعَلا، ليس لهم غنىً عنه طرفة عين، هكذا ينبغي للمؤمن في جميع أحواله. فإذا فات المحبوب أو حصل المكروه فلا يعجز، ولا يلجأ إلى التحسُّر وإلى إرضاء الشيطان، فيقول: لو فعلتُ كذا لكان كذا، لو فعلتُ لكان كذا، لا. بل يقول: قَدَرُ الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون، هكذا يقول المصاب الذي فاته المحبوب، أو حصل عليه المكروه، بعدما جدَّ واجتهد، وبعدما ثابر وعمل، وأخذ بالأسباب، فعند هذا يقول: قَدَرُ الله وما شاء فعل، قد فعل ما ينبغي، قد أخذ بالأسباب، وجدَّ واجتهد؛ ولكن قد سبق في علم الله وقدره أن هذا لا يحصل له، فهو جاد مجتهد في أسباب الخير والتوقي للشر، جاد مجتهد في طلب المعالي ومكارم الأخلاق، جاد مجتهد في الحذر من سفاسف الأمور، وسيئ الأخلاق، ولكن قد يفوته بعض مطلوبه، وقد يحصل له بعض المكروه، فعند ذلك لا يجزع ولا يتحسر ولا يضعف عن العمل، بل يستمر في العمل، ويصبر ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قَدَرُ الله وما شاء فعل، فهو وإن أخفق في بعض المسائل، ولم يحصل له المطلوب؛ لكنه في الغالب يفوز بالمطلوب، وهذه سنة الله في عباده. من جدَّ واجتهد وأخذ بالأسباب وصابر فإنه في الغالب يفوز بالمطلوب، ويسلم من المكروه، سنة الله في عباده، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الأحزاب:62]. وإن أهم الأمور أيها الأبناء الكرام الحفاظ على دين الله، والاستقامة عليه، كما قال جلَّ وعَلا في الفتية: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً [الكهف:13]. فالشباب إذا وفقهم الله في الحفاظ على دينه، والاستقامة عليه، والتفقه فيه، والدعوة إليه، والصبر والمصابرة، فإن الله جلَّ وعَلا يعينه فيما بقي من عمره، ويحفظ عليه بقية عمره، ويعينه على أداء الواجب وتبليغ الرسالة أينما كان، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4]. فمن اتقى الله، وجدَّ في الأعمال وصابر، فإن الله يعينه, ويفتح له أبواب الخير، ويسهل له الأسباب النافعة، ويمنحه الصبر على ذلك، ويثيبه الثواب الجزيل على صبره وإخلاصه وصدقه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].
فعلينا أيها الأبناء الكرام! أن نأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأباحها، وأن نجاهد في ذلك، ونصابر، وأن نحسن الظن بالله عزَّ وجلَّ، وعلينا مع ذلك أن نتوقَّى ونحذر مَحارمه، ونؤدي ما أوجب علينا بإخلاص وصدق، نرجو ثوابه، ونخشى عقابه.
الشباب.. والمصابرة في طلب المعالي
هكذا المؤمن يؤدي ما عليه، ويصبر على ما شرع الله له، ويحافظ عليه، ومع ذلك هو أيضاً يطلب المعالي، ويسير في ركاب الخير، ولا يلين، ولا يضعف، ولا يجزع، ولا يسخط، ولا ييئس، بل هو صابر مجاهد مسارع إلى كل خير، واقف عن كل شر، يرجو الخير ويطلب ويأخذ بأسبابه، ويتوقى الشر ويبتعد عن أسبابه, عالماً أن ربه جلَّ وعَلا على كل شيء قدير، وأنه مسبب الأسباب، وأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، وأنه شرع لنا أن نأخذ بالأسباب، وأن نأتي الأمور من أبوابها، ووعدنا التأييد والتوفيق والنصر: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5]. فوعده بأن يعطيه مطلوبه، ويسهل له مرغوبه، ومع ذلك يُعْظِم له الأجور، ويغفر له الذنوب سبحانه وتعالى، فهذه من نعمه وفضله سبحانه وتعالى على من طلب فضله, وجد في طلب مرضاته، وسارع إلى ما أمر به، وتباعد عما نُهي عنه عن فقه وبصيرة، وعن نظر فيما يجب عليه، وعن ابتعاد عما حرم الله عليه. وقال تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]. فالمؤمن سواء كان شاباً أو شيخاً فإنه يتقي الله، ويتزود مما يرضي الله سبحانه وتعالى، ويتباعد عن مساخط الله، ومع ذلك هو أيضاً جاد في الأسباب الأخرى النافعة في دينه ودنياه، التي تنفع الأمة، وتحفظ كيانها، وتغنيها عن شر أعدائها والحاجة إلى أعدائها، فلا يقف عند حد، بل هو دائم التشمير في طلب المعالي، كلما فرغ من شيء تشوف إلى ما هو أعلى منه وإلى ما هو فوقه من أعمال وعلوم ومنافع ينفع بها الأمة، وينفع بها نفسه. والله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الأحزاب:70-71]
فالمؤمن متى اتقى الله، وحفظ لسانه، أصلح الله أعماله، وغفر له ذنوبه. فأنت يا عبد الله متى اتقيت ربك، وجاهدت نفسك، وصابرت في طلب المعالي، وطلب ما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى ويباعد من سخطه، أصلح الله لك الأعمال، ويسر لك الأمور، وبلغك الآمال، وغفر لك الذنوب؛ فضلاًَ منه وإحساناً. فإياك والغفلة، وإياك والكسل، وإياك والعجز، وإياك وسوء الظن بالله،
كل هذه الأمور يجب أن تتضح، وأن تكون عالي الهمة، قوي الأمل، حسن الظن بالله عزَّ وجلَّ، صالح الأعمال، صادق الرغبة، نشيطاً في كل خير، بعيداً عن كل شر، وبهذا تكتسب المعالي، وتوفَّق لأحسن الأعمال، وأفضل الأعمال، وتُعان على كل خير، وتوقي كل شر.
وأسأل الله عزَّ وجلَّ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا وإياكم الصدق والنصح في العمل، وأن يعيننا وإياكم من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه رضاه، ولكل ما فيه فلاح الأمة ونجاتها. كما أسأله سبحانه أن يصلح حال المسلمين جميعاً، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يوفقهم لما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، إنه جلَّ وعَلا جواد كريم. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
إبن باز رحمه الله
مما يتعين على الشباب: أن يجدوا في طلب العلم، والعناية بالقرآن الكريم، حتى يعرف الشاب أحكام الله، وحتى يسير على بصيرة من الله في حال شبابه وبعد كبر سنه، بخلاف ما إذا كبر في السن، فإن المشاغل تكثر، والفهم يضعف، أما حال الشباب فهي أقوى على فهم النصوص، وأقرب إلى حفظها، وأقرب إلى العمل بها، وأقوى على ذلك، فلهذا ينبغي للشاب أن يحفظ وقته، وأن يصون شبابه، حتى لا يقع فيما حرم الله عليه، وحتى لا يتكاسل ولا يضعف عما أوجب الله عليه.
أيها الشباب:أيها الإخوة في الله! أيها الأبناء! إن الواجب عظيم، فعليكم بالجد والتشمير في طاعة الله، وفي طلب العلم، والتفقه في الدين، وحفظ الأوقات عما لا ينبغي، فالوقت في الحقيقة أعز وأغلى من الذهب، فينبغي أن يُصان عما لا ينبغي.. ينبغي أن يصان عن المحارم، وعن الرذائل، وعن كل ما يشين المؤمن، وينبغي أن يُحفظ فيما ينفع، وفيما يعين على طاعة الله، وفيما يقوي على الجهاد في سبيل الله، وفيما ينفع الأمة في دينها ودنياها. هكذا ينبغي للشاب أن يكون وقته محفوظاًَ في طاعة الله، وفي التعلم والتفقه في الدين، وفي تعلم الأشياء الأخرى التي تنفع الأمة، وتعينها وتغنيها عن الحاجة إلى الغير، فالأمة في حاجة إلى التفقه في الدين، وإلى ما يبصرها فيما شرع الله لها، وفيما أوجب الله عليها، كما أنها في حاجة إلى شباب يتعلموا كل ما تحتاجه الأمة في جميع شئونها الدفاعية، وشئونها التي تحتاج إليها في حياتها. فينبغي للشاب أن يكون ذا عناية وذا حفظ للوقت، يشغله بما ينفع في العلم النافع والعمل الصالح، وفي العلوم الدنيوية النافعة التي يُستعان بها على الإعداد للأعداء، وعلى حفظ البلاد، وعلى نصر دين الله، والجهاد في سبيله، وعلى الغنى عما عند أعداء الله، حتى لا نحتاج إليهم. ومعلوم أن الشباب قوته على العمل، وصبره على العمل، وقوة حفظه وفهمه أكثر بكثير مما إذا ارتفعت السن، وخطه الشيب، وجاءه الضعف، فإن الحال غير الحال، فينبغي له أن يحفظ هذا الوقت العظيم، وهذه الفرصة العظيمة حتى لا تصرف إلا فيما ينفع في الدين والدنيا، وفيما ينفعه لنفسه، وفيما ينفع الأمة الإسلامية، حتى ينفعها في دينها ودنياها، وحتى يساعد في بناء نهضتها الإسلامية النافعة المفيدة، وحتى يساعدها أيضاً في حمايتها من كيد أعدائها، وفي إعداد القوة النافعة المفيدة التي تعينها في جهاد الأعداء، وفي حماية البلاد وحفظها عن مكائد أعداء الله.......
الشباب.. والعناية بالقرآن
من أهم الأمور وأعظمها: العناية بالقرآن، فإن القرآن الكريم هو رأس كل خير، وهو ينبوع السعادة، فينبغي للشباب أن يُعنى بكتاب الله، وأن يكون له نصيب من تلاوته، وتدبر معانيه، وحفظه، حتى يستنبط منه ما أراد الله من العباد من أحكام وشرائع، من أوامر ونواهٍ، وأخبار وقصص، حتى يكون على بينة فيما مضى وفيما يأتي، وعلى بينة في أحكام الله وشرائعه.
الشباب.. والاهتمام بالسنة
بعد ذلك: السنة المطهرة، ينبغي للشباب أن يُعنى بها حفظاً ودراسة، وتفقهاً ومذاكرةً فيما بينهم، وسؤالاً للمدرسين والعلماء عما أشكل، فيكون وقته محفوظاً بين دراسة وحفظ، وبين مذاكرة، وبين سؤال من المدرسين والعلماء والموجهين عن كل ما يشكل من ذلك. ولا يتأتى هذا إلا بعد العناية والدراسة والتدبر في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا العلوم الأخرى التي يتعلمها لمصلحة الأمة، وحماية دينها ودنياها، وحماية الأوطان عن مكائد الأعداء. فهو لا يزال في علم نافع، وفي فوائد يستفيدها إما في دينه وإما في دنياه، مع حفظ الأوقات الأخرى في المذاكرة والسؤال والمطالعة فيما يحتاج إليه، وبقية الوقت يكون محفوظاًَ أيضاً في حاجته الخاصة.. في نومه، وتناول طعامه وشرابه، وفي صلته بأهله، وغير هذا من شئونه.
الشباب.. وحفظ الأوقات
لا ينبغي للعاقل أبداً أن يضيع الوقت في غير منفعة، إما في دين وإما في دنيا. ولهذا شرع الله لنا أن نحفظ أوقاتنا، وأن نصونها عما لا ينفع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي هو الذي يعتني بالأمور كلها، فيعتني بالعلم النافع، والتفقه في الدين، ويعتني بالعلوم الأخرى التي تنفع الأمة في دنياها ودينها، وتغنيها عن الحاجة إلى أعدائها. وهو أيضاً قوي في تنفيذ الأوامر والنواهي، قوي في طلب العلم، قوي في التفقه في الدين، قوي في أمر الله والدعوة إلى سبيله، قوي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قوي في جهاد الأعداء، قوي في وعيه وتفكيره، قوي في كل شأن من شئونه، هكذا المؤمن القوي، هكذا المتبصر الموفَّق، العالي الهمة، هذا شأنه أبداً، إما في علم وعمل، وإما في دعوة إلى الله، وإما في مذاكرة، وإما في أمور أخرى تنفع الأمة في دينها ودنياها، فهو قوي في قلبه، قوي في عمله، قوي في علمه، قوي في تفكيره، قوي في دعوته، قوي في أمره بالمعروف، قوي في نهيه عن المنكر، قوي في صبره على الجهاد، قوي على مصابرة الأعداء، قوي في تعلمه كل ما ينفع في أمر الدين والدنيا. ولهذا كان أحب إلى الله وخيراً عند الله من المؤمن الضعيف الذي ليس عنده همة عالية، وعناية تامة بالأمور الأخرى التي يتعدى نفعها إلى الأمة. ثم قال عليه الصلاة والسلام: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله) هذه كلمة جامعة من جوامع الكلم التي أوتيها النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الله جمع له العلوم الكثيرة والمعاني العظيمة في كلمات قليلة، يقال لها: جوامع الكلم، وهذه منها: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله) لما بين أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، بيَّن ما ينبغي للمؤمن، وما يُشرع له أن يسير عليه، فقال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله) هذا هو المطلوب من المؤمن، أن يحرص على ما ينفعه عاجلاً وآجلاً، في أمر دينه ودنياه، وأن يستعين بالله في ذلك، فلا يضعف ولا يكسل، ولا ينسى عون ربه فيعتمد على نفسه فقط، بل يعتمد على نفسه بعد الاستعانة بالله، وبعد اللَّجَأ إلى الله، وتعليق القلب به، والاستعانة به في كل شيء، فهو سبحانه المعين والموفق. والعبد ضعيف بدون ربه، فعليه أن يستعين بالله، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:4] فأخبر أنه المعبود، وأنه المستعان. فأنت عليك أن تعبده بطاعتك له سبحانه، وباللجوء إليه والاستعانة به سبحانه وتعالى، وعليك مع ذلك أن تحرص على ما ينفعك، مجتهداً في الأسباب، حريصاً على تعاطيها؛ لكن مع الاستعانة بالله عزَّ وجلَّ، واللجوء إليه، وإيمانك بأنه هو المعين وهو الموفق، وأنه لا عون لك إلا هو سبحانه وتعالى.
الشباب والجمع بين التوكل وتعاطي الأسباب النافعة
وهكذا ينبغي للمؤمن.. أن يكون جامعاً بين الأمرين، آخذاً بالأسباب، متعاطياً الأسباب النافعة في أمر الدين والدنيا، مستعيناً بالله على ذلك. هكذا شأن المؤمن، وهكذا شأن المتوكلين، وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23]. فالمتوكلون يجمعون بين الأمرين؛ بين الحرص على الأسباب النافعة، والعوامل المفيدة في أمر الدين والدنيا، ومع ذلك يعتمدون على الله، ويتوكلون عليه، ويستعينون به سبحانه وتعالى، مقرين ومعترفين بأنه لا غنى لهم عنه سبحانه وتعالى، وأنهم به جلَّ وعَلا، ليس لهم غنىً عنه طرفة عين، هكذا ينبغي للمؤمن في جميع أحواله. فإذا فات المحبوب أو حصل المكروه فلا يعجز، ولا يلجأ إلى التحسُّر وإلى إرضاء الشيطان، فيقول: لو فعلتُ كذا لكان كذا، لو فعلتُ لكان كذا، لا. بل يقول: قَدَرُ الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون، هكذا يقول المصاب الذي فاته المحبوب، أو حصل عليه المكروه، بعدما جدَّ واجتهد، وبعدما ثابر وعمل، وأخذ بالأسباب، فعند هذا يقول: قَدَرُ الله وما شاء فعل، قد فعل ما ينبغي، قد أخذ بالأسباب، وجدَّ واجتهد؛ ولكن قد سبق في علم الله وقدره أن هذا لا يحصل له، فهو جاد مجتهد في أسباب الخير والتوقي للشر، جاد مجتهد في طلب المعالي ومكارم الأخلاق، جاد مجتهد في الحذر من سفاسف الأمور، وسيئ الأخلاق، ولكن قد يفوته بعض مطلوبه، وقد يحصل له بعض المكروه، فعند ذلك لا يجزع ولا يتحسر ولا يضعف عن العمل، بل يستمر في العمل، ويصبر ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قَدَرُ الله وما شاء فعل، فهو وإن أخفق في بعض المسائل، ولم يحصل له المطلوب؛ لكنه في الغالب يفوز بالمطلوب، وهذه سنة الله في عباده. من جدَّ واجتهد وأخذ بالأسباب وصابر فإنه في الغالب يفوز بالمطلوب، ويسلم من المكروه، سنة الله في عباده، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الأحزاب:62]. وإن أهم الأمور أيها الأبناء الكرام الحفاظ على دين الله، والاستقامة عليه، كما قال جلَّ وعَلا في الفتية: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً [الكهف:13]. فالشباب إذا وفقهم الله في الحفاظ على دينه، والاستقامة عليه، والتفقه فيه، والدعوة إليه، والصبر والمصابرة، فإن الله جلَّ وعَلا يعينه فيما بقي من عمره، ويحفظ عليه بقية عمره، ويعينه على أداء الواجب وتبليغ الرسالة أينما كان، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4]. فمن اتقى الله، وجدَّ في الأعمال وصابر، فإن الله يعينه, ويفتح له أبواب الخير، ويسهل له الأسباب النافعة، ويمنحه الصبر على ذلك، ويثيبه الثواب الجزيل على صبره وإخلاصه وصدقه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].
فعلينا أيها الأبناء الكرام! أن نأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأباحها، وأن نجاهد في ذلك، ونصابر، وأن نحسن الظن بالله عزَّ وجلَّ، وعلينا مع ذلك أن نتوقَّى ونحذر مَحارمه، ونؤدي ما أوجب علينا بإخلاص وصدق، نرجو ثوابه، ونخشى عقابه.
الشباب.. والمصابرة في طلب المعالي
هكذا المؤمن يؤدي ما عليه، ويصبر على ما شرع الله له، ويحافظ عليه، ومع ذلك هو أيضاً يطلب المعالي، ويسير في ركاب الخير، ولا يلين، ولا يضعف، ولا يجزع، ولا يسخط، ولا ييئس، بل هو صابر مجاهد مسارع إلى كل خير، واقف عن كل شر، يرجو الخير ويطلب ويأخذ بأسبابه، ويتوقى الشر ويبتعد عن أسبابه, عالماً أن ربه جلَّ وعَلا على كل شيء قدير، وأنه مسبب الأسباب، وأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، وأنه شرع لنا أن نأخذ بالأسباب، وأن نأتي الأمور من أبوابها، ووعدنا التأييد والتوفيق والنصر: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5]. فوعده بأن يعطيه مطلوبه، ويسهل له مرغوبه، ومع ذلك يُعْظِم له الأجور، ويغفر له الذنوب سبحانه وتعالى، فهذه من نعمه وفضله سبحانه وتعالى على من طلب فضله, وجد في طلب مرضاته، وسارع إلى ما أمر به، وتباعد عما نُهي عنه عن فقه وبصيرة، وعن نظر فيما يجب عليه، وعن ابتعاد عما حرم الله عليه. وقال تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]. فالمؤمن سواء كان شاباً أو شيخاً فإنه يتقي الله، ويتزود مما يرضي الله سبحانه وتعالى، ويتباعد عن مساخط الله، ومع ذلك هو أيضاً جاد في الأسباب الأخرى النافعة في دينه ودنياه، التي تنفع الأمة، وتحفظ كيانها، وتغنيها عن شر أعدائها والحاجة إلى أعدائها، فلا يقف عند حد، بل هو دائم التشمير في طلب المعالي، كلما فرغ من شيء تشوف إلى ما هو أعلى منه وإلى ما هو فوقه من أعمال وعلوم ومنافع ينفع بها الأمة، وينفع بها نفسه. والله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الأحزاب:70-71]
فالمؤمن متى اتقى الله، وحفظ لسانه، أصلح الله أعماله، وغفر له ذنوبه. فأنت يا عبد الله متى اتقيت ربك، وجاهدت نفسك، وصابرت في طلب المعالي، وطلب ما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى ويباعد من سخطه، أصلح الله لك الأعمال، ويسر لك الأمور، وبلغك الآمال، وغفر لك الذنوب؛ فضلاًَ منه وإحساناً. فإياك والغفلة، وإياك والكسل، وإياك والعجز، وإياك وسوء الظن بالله،
كل هذه الأمور يجب أن تتضح، وأن تكون عالي الهمة، قوي الأمل، حسن الظن بالله عزَّ وجلَّ، صالح الأعمال، صادق الرغبة، نشيطاً في كل خير، بعيداً عن كل شر، وبهذا تكتسب المعالي، وتوفَّق لأحسن الأعمال، وأفضل الأعمال، وتُعان على كل خير، وتوقي كل شر.
وأسأل الله عزَّ وجلَّ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا وإياكم الصدق والنصح في العمل، وأن يعيننا وإياكم من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه رضاه، ولكل ما فيه فلاح الأمة ونجاتها. كما أسأله سبحانه أن يصلح حال المسلمين جميعاً، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يوفقهم لما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، إنه جلَّ وعَلا جواد كريم. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
إبن باز رحمه الله
تعليق