ملخص الخطبة
1- فضل شهر رمضان وذكر الذين يُباح لهم الفطر فيه 2- متى يؤمرالصبي بالصوم وشأن الحائض وما يتعلّق بها من أحكم الصيام 3- المخالفات التي تقع في رمضان
الخطبة الأولى
أما بعد:
بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة، ولقد كان سلفنا الصالح يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، وكان من دعائهم إذا دخل شهر رجب : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان، وكان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا، وكان النبي يبشر أصحابه بقدوم رمضان، وكيف لا، وهو شهر يفتح الله فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، شهر فرض الله صيامه كما فرضه على الأمم السابقة، ومن رحمة الله تعالى ولطفه وتيسيره أن سهل الصوم على أمة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بعدة أشياء، منها:
أن الصوم إنما يكون في نهار رمضان، قال تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل وجاءت السنة تدعوا إلى تعجيل الإفطار وتأخير السحور، وثبت أن أصحاب رسول الله كانوا أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا.
وفي أحكام الصيام يتجلى اليسر والتخفيف فالإفطار يباح لسبعة: للمسافر، والمريض، والحامل والمرضع، والهرم، ومن أرهقه الجوع والعطش، والمكره.
فالمرأة الحامل إن خافت على نفسها أو على ولدها أفطرت، وقضت، وكذلك المرضع، أما الشيخ الكبير والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى شفاؤه، فهم يفطرون ويطعمون مسكينا بنحو صاع أو مد أو ما تيسر إن كانوا قادرين على الإطعام، وإلا فالله تعالى كريم جواد لا رب سواه.
ومن اليسر والتخفيف في الصيام أن قطرة الدواء في العين أو في الأذن لا تفطر وكذلك الطيب والكحل، وأخذ الدم للتحليل، والرعاف والحقنة، والشرجية (القوالب) والإبر غير المغذية والغبار، وذوق الطباخ للطعام دون دخوله إلى جوفه، ودواء الربو الذي يؤخذ بطريق الاستنشاق، وتنظيف الأسنان بمعجونها جائز طيلة النهار.
ومن أحكام الصيام التي يجب معرفتها: متى يؤمر الصبي بالصيام، إن الصبيان أمانة في أعناق مربيهم ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))، لذلك كان على المربي أن يكلف الطفل ما يطيق وأن يزرع في نفسه الشعور بمسؤولياته تجاه ربه ودينه وقد أرشدنا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أمر الطفل بالصلاة وهو في سن السابعة تدريبا له على تحمل مسؤوليات العبادة، وقد ذكر العلماء أن الطفل إذا بلغ عشر سنين وأطاق الصيام، أي كانت حالته الصحية تسمح له بالصوم، أخذ به، واستدلوا بأن النبي أمر بالضرب عندها على الصلاة، واعتبار الصوم بالصلاة أحسن لقرب إحداهما من الأخرى، ولقد كان الصحابة يصوّمون أطفالهم فإن بكوا من العطش أو الجوع شغلوهم بلعب يتلهون بها، وذلك لتنغرس العبادة في قلوبهم ويتعودوا عليها.
ومن أحكام النساء في الصيام أن المرأة إذا انقطع عنها دم الحيض بالليل وجب عليها أن تنوي الصيام ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر، وكذلك النفساء متى انقطع عنها دم النفاس لعشرة أيام أو أكثر أو أقل تبادر إلى الاغتسال وتصلي وتصوم، فإذا اغتسلت الحائض والنفساء ثم رأت شيئا من الصفرة أو الكدرة فلا تبالي به بل تصلي وتصوم والحامل إذا رأت شيئا من الدم فإن ذلك الدم ليس بحيض وإنما هو دم فساد، فتصوم وتصلي وتسأل الله تعالى أن يحفظها ويعافيها، ويعينها، ويهبها ذرية صالحة بمنه وفضله وكرمه.
عباد الله: أقسم النبي أنه ما مر بالمسلمين شهر خير لهم من رمضان، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وذلك بسبب تنافس الناس في العبادات والإكثار من الصلوات، وبذل الصدقات والإكثار من تلاوة كتاب الله والذكر والدعاء، إنه شهر القرآن لذلك كان على المؤمن أن يجتهد فيه في تلاوة القرآن، وأن ينظر إليه باعتباره شهرا للجد والاجتهاد، وتطهير القلوب من الفساد.
إنه شهر الصيام و((الصيام جُنّة)) كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، أي وقاية وسترة من الإجرام والآثام، من السب واللعن والغيبة والنميمة والكذب، فالمسلم إذا صام، صام سمعه وبصره ولسانه.
ولقد عمل الشيطان على إفساد ليل رمضان على من أطاعه وعصى الرحمان، فدعاهم إلى جعل ليله مناسبة للسهر على اللهو واللعب وزين لهم تقديم السحور مخالفة للسنة، وترك صلاة الفجر في وقتها، وما ذلك إلا من عدم معرفتهم بجلال هذا الشهر ومكانته وفضله وأنه شهر للعبادة والطاعة يتمنى أهل القبور أن لو مد الله في أعمارهم ليملأ ساعاته بما يرضي الله، وما يجدون ثوابه عند الله.
لقد عمل طائفة من الناس على إفساد شهر رمضان عندما جعلوا منه شهرا لاختيار ما لذ وطاب من الطعام والشراب، وعندما حولوا لياليه إلى ليالي للسهر في اللهو واللعب، ثم جاء عصر التلفاز والفضائيات فزادت الفساد فسادا بأشغال الناس بكل ما يصدهم عن ذكر الله.
رمضان شهر عبادة، فاستقبلوه بالتوبة واحرصوا فيه على الزيادة من كل أعمال الخير: من تلاوة القرآن وصلاة النوافل والذكر والصدقة وزيارة الأقارب وصلة الرحم، لتنالوا من عفوا الله ورحمته
1- فضل شهر رمضان وذكر الذين يُباح لهم الفطر فيه 2- متى يؤمرالصبي بالصوم وشأن الحائض وما يتعلّق بها من أحكم الصيام 3- المخالفات التي تقع في رمضان
الخطبة الأولى
أما بعد:
بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة، ولقد كان سلفنا الصالح يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، وكان من دعائهم إذا دخل شهر رجب : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان، وكان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا، وكان النبي يبشر أصحابه بقدوم رمضان، وكيف لا، وهو شهر يفتح الله فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، شهر فرض الله صيامه كما فرضه على الأمم السابقة، ومن رحمة الله تعالى ولطفه وتيسيره أن سهل الصوم على أمة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بعدة أشياء، منها:
أن الصوم إنما يكون في نهار رمضان، قال تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل وجاءت السنة تدعوا إلى تعجيل الإفطار وتأخير السحور، وثبت أن أصحاب رسول الله كانوا أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا.
وفي أحكام الصيام يتجلى اليسر والتخفيف فالإفطار يباح لسبعة: للمسافر، والمريض، والحامل والمرضع، والهرم، ومن أرهقه الجوع والعطش، والمكره.
فالمرأة الحامل إن خافت على نفسها أو على ولدها أفطرت، وقضت، وكذلك المرضع، أما الشيخ الكبير والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى شفاؤه، فهم يفطرون ويطعمون مسكينا بنحو صاع أو مد أو ما تيسر إن كانوا قادرين على الإطعام، وإلا فالله تعالى كريم جواد لا رب سواه.
ومن اليسر والتخفيف في الصيام أن قطرة الدواء في العين أو في الأذن لا تفطر وكذلك الطيب والكحل، وأخذ الدم للتحليل، والرعاف والحقنة، والشرجية (القوالب) والإبر غير المغذية والغبار، وذوق الطباخ للطعام دون دخوله إلى جوفه، ودواء الربو الذي يؤخذ بطريق الاستنشاق، وتنظيف الأسنان بمعجونها جائز طيلة النهار.
ومن أحكام الصيام التي يجب معرفتها: متى يؤمر الصبي بالصيام، إن الصبيان أمانة في أعناق مربيهم ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))، لذلك كان على المربي أن يكلف الطفل ما يطيق وأن يزرع في نفسه الشعور بمسؤولياته تجاه ربه ودينه وقد أرشدنا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أمر الطفل بالصلاة وهو في سن السابعة تدريبا له على تحمل مسؤوليات العبادة، وقد ذكر العلماء أن الطفل إذا بلغ عشر سنين وأطاق الصيام، أي كانت حالته الصحية تسمح له بالصوم، أخذ به، واستدلوا بأن النبي أمر بالضرب عندها على الصلاة، واعتبار الصوم بالصلاة أحسن لقرب إحداهما من الأخرى، ولقد كان الصحابة يصوّمون أطفالهم فإن بكوا من العطش أو الجوع شغلوهم بلعب يتلهون بها، وذلك لتنغرس العبادة في قلوبهم ويتعودوا عليها.
ومن أحكام النساء في الصيام أن المرأة إذا انقطع عنها دم الحيض بالليل وجب عليها أن تنوي الصيام ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر، وكذلك النفساء متى انقطع عنها دم النفاس لعشرة أيام أو أكثر أو أقل تبادر إلى الاغتسال وتصلي وتصوم، فإذا اغتسلت الحائض والنفساء ثم رأت شيئا من الصفرة أو الكدرة فلا تبالي به بل تصلي وتصوم والحامل إذا رأت شيئا من الدم فإن ذلك الدم ليس بحيض وإنما هو دم فساد، فتصوم وتصلي وتسأل الله تعالى أن يحفظها ويعافيها، ويعينها، ويهبها ذرية صالحة بمنه وفضله وكرمه.
عباد الله: أقسم النبي أنه ما مر بالمسلمين شهر خير لهم من رمضان، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وذلك بسبب تنافس الناس في العبادات والإكثار من الصلوات، وبذل الصدقات والإكثار من تلاوة كتاب الله والذكر والدعاء، إنه شهر القرآن لذلك كان على المؤمن أن يجتهد فيه في تلاوة القرآن، وأن ينظر إليه باعتباره شهرا للجد والاجتهاد، وتطهير القلوب من الفساد.
إنه شهر الصيام و((الصيام جُنّة)) كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، أي وقاية وسترة من الإجرام والآثام، من السب واللعن والغيبة والنميمة والكذب، فالمسلم إذا صام، صام سمعه وبصره ولسانه.
ولقد عمل الشيطان على إفساد ليل رمضان على من أطاعه وعصى الرحمان، فدعاهم إلى جعل ليله مناسبة للسهر على اللهو واللعب وزين لهم تقديم السحور مخالفة للسنة، وترك صلاة الفجر في وقتها، وما ذلك إلا من عدم معرفتهم بجلال هذا الشهر ومكانته وفضله وأنه شهر للعبادة والطاعة يتمنى أهل القبور أن لو مد الله في أعمارهم ليملأ ساعاته بما يرضي الله، وما يجدون ثوابه عند الله.
لقد عمل طائفة من الناس على إفساد شهر رمضان عندما جعلوا منه شهرا لاختيار ما لذ وطاب من الطعام والشراب، وعندما حولوا لياليه إلى ليالي للسهر في اللهو واللعب، ثم جاء عصر التلفاز والفضائيات فزادت الفساد فسادا بأشغال الناس بكل ما يصدهم عن ذكر الله.
رمضان شهر عبادة، فاستقبلوه بالتوبة واحرصوا فيه على الزيادة من كل أعمال الخير: من تلاوة القرآن وصلاة النوافل والذكر والصدقة وزيارة الأقارب وصلة الرحم، لتنالوا من عفوا الله ورحمته
تعليق