إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار دار متى ما أضحكت في يومها * * * أبكــ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار دار متى ما أضحكت في يومها * * * أبكــ

    يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار
    دار متى ما أضحكت في يومها * * * أبكــت غداً تبا ًلها من دار

    الحرص: هو الإفراط في حب الدنيا، والاستكثار منها، دون أن يكتفي فيها بالقدر المحدود. وهو من الصفات الذميمة، والخصال السيئة، الباعثة على ألوان المساوئ والآثام، وحسب الحريص ذماً أنه كلما ازداد حرصاً ازدادا غباءاً وغماً.

    عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ ، وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ : الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ. أخرجه أحمد 3/115(12166) و"البُخَارِي" 8/111(6421) و"مسلم" 3/99(2376) .

    في هذا الحديث العظيم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن المرء يشيب في هذه الحياة , ولكن يبقى حرصه وأمله في الحياة وحرصه على تحصيل الأموال والمناصب يكبران ولا يشيبان , والحرص على الدنيا والسعي إلى تحصيلها أصل المعاصي , قال حامد اللفاف: سمعت حاتم الأصم يقول : أصل الطاعة ثلاثة أشياء : الحزن والرضا والحب وأصل المعصية ثلاثة أشياء : الكبر والحرص والحسد . شعب الإيمان 6/26.

    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ إِلَى رَأْسِهِ مَرَّةً ، وَإِلَى رِجْلَيْهِ أُخْرَى ، هَلْ يَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْبُؤْسِ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ : كَمْ مَالُكَ ؟ قَالَ : أَرْبَعُونَ مِنَ الإِبِلِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُلْتُ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبٍ لاَبْتَغَى الثَّالِثَ ، وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ . فَقَالَ عُمَرُ : مَا هَذَا ؟ فَقُلْتُ : هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا أُبَيٌّ ، قَالَ : فَمُرْ بِنَا إِلَيْهِ ، قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أُبَيٍّ ، فَقَالَ : مَا يَقُولُ هَذَا ؟ قَالَ أُبَيٌّ : هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : أَفَأُثْبِتُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأَثْبَتَهَا.أخرجه أحمد 5/117(21428).

    وقال الحسن بن علي:«هلاك الناس في ثلاث: الكبر. والحرص. والحسد ؛ فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس , والحرص عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة , والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل.

    وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إياكم والكبر فإن إبليس حمله الكبر على أن لا يسجد لآدم وإياكم والحرص فإن آدم حمله الحرص على أن أكل من الشجرة وإياكم والحسد فإن ابني آدم إنما قتل أحدهما صاحبه حسدا فهو أصل كل خطيئة . أخرجه ابن عساكر (49/40) حديث رقم : 2208 في ضعيف الجامع .

    قيل لما ركب نوح السفينة، وحمل فيها من كل زوجين اثنين، كما أمر، فرأى في السفينة شيخاً لم يعرفه، فقال له نوح: " ما أدخلك؟ قال: دخلت لأصيب قلوب أصحابك، فتكون قلوبهم معي، وأبدانهم معك، قال نوح: " اخرج منها يا عدو الله فإنك رجيم، " وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين " ، فقال إبليس: خمس أهلك بهن الناس، وسأحدثك منهن بثلاث، ولا أحدثك بالثنتين، فأوحى الله إلى نوح أنه لا حاجة بك إلى الثلاث، مره يحدثك بالثنتين، قال: فهما أهلك للناس، وهما لا يكذبان، هما اللتان لا يخلفاني: الحسد، وبالحسد لعنت، وجعلت شيطاناً رجيماً، والحرص، أتيح آدم الجنة كلها، فأصبت حاجتي منه بالحرص. ابن منظور : مختصر تاريخ دمشق 8/38.

    قال أبو العتاهية :

    تعالى الله يا سلم بن عمرٍو * * * أذلّ الحرص أعناق الرِّجال

    هب الدُّنيا تساق إليك عفواً * * * أليس مصير ذاك إلى زوال

    2- أنواع الحرص :

    وحرص المرء يكون على الحياة نفسها وعلى جمع الأموال واكتنازها , وعلى تحصيل المناصب والولايات .

    1- الحرص على الحياة :

    وصف الله تعالى اليهود بأنهم أحرص الناس على الحياة وأنهم لا يعملون للموت والحساب , قال تعالى : " وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) سورة البقرة .

    والمؤمن وحده هو الذي يدرك حقيقية هذه الدنيا ويعرف أنها مزرعة للآخرة ومعبرا إليها , قال تعالى :" وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " (32) سورة الأنعام .

    كما وصفها تعالى بأنها لا بقاء لها ولا خلود لوجدوها , قال تعالى : "إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (24) سورة يونس .

    وقال :"َواضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا" (45) سورة الكهف.

    عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، قَالَ : كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، فَقَالَ : لاَ يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا ؟ قُلْتُ : أَجَلْ ، قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ ، فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ : لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ ، قَالَ : فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِئَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ.أخرجه أحمد 5/139(21582) و"مسلم" 8/175(7379).

    وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِالسُّوقِ ، دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ ؟ فَقَالُوا : مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ ؟ قَالَ : أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ ؟ قَالُوا : وَاللهِ ، لَوْ كَانَ حَيًّا ، كَانَ عَيْبًا فِيهِ لأَنَّهُ أَسَكُّ ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ ، فَقَالَ : فَوَاللهِ ، لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ. أخرجه أحمد 3/365(14992) و"البُخَارِي في (الأدب المفرد) 962 و"مسلم" 8/210(7528) .

    فالناس جميعا تتساوى في الدنيا , فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ ، كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ , وَإِنَّ اللَّهَ , عَزَّ وَجَلَّ , يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ ، وَمَنْ لاَ يُحِبُّ , وَلاَ يُعْطِي الدِّينَ إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ , فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لاَ يُسْلِمُ عَبْدٌ , حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ ، وَلاَ يُؤْمِنُ ، حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ , قَالُوا : وَمَا بَوَائِقُهُ , يَا نَبِيَّ اللهِ ؟ِ قَالَ : غَشْمُهُ , وَظُلْمُهُ , وَلاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ , فَيُنْفِقَ مِنْهُ , فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ , وَلاَ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ , وَلاَ يَتْرُكَ خَلْفَ ظَهْرِهِ , إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ , إِنَّ اللَّهَ , عَزَّ وَجَلَّ , لاَ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ , وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ , إِنَّ الْخَبِيثَ لاَ يَمْحُو الْخَبِيثَ.أخرجه أحمد 1/387(3672) الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 482.

    فالدنيا ظل، إن أعرضت عن ظلك لحقك، وإن طلبته تقاصر، اخدمي من خدمني، واستخدمي منخدمك.

    قال أحد الصالحين : مثل الحريص على الدنيا، مثل دودة القز كلما ازدادت من القز على نفسها لفاً، كان أبعد لها من الخروج، حتى تموت غماً.

    عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: " أَرْبَعٌ مِنْ عِلْمِ الشَّقَاءِ: طُولُ الْأَمَلِ، وَقَسْوَةُ الْقَلْبِ، وَجُمُودُ الْعَيْنِ، وَالْبُخْلُ " . شعب الإيمان 13/255.

    لذلك قال الشاعر:

    يفني البخيل بجمع المال مدته*** وللحوادث والأيام ما يدع

    كدودة القز ما تبنيه يهدمها*** وغيرها بالذي تبنيه ينتفع

    وقال محمد بن نصر المديني:

    يا كثير الحرص مشغولاً بدنيا ليس تبقى * * * ما رأيت الحرص أدنى من حريص قط رزقا

    لا ولكن في قضاء الله أن يعيا ويشقى * * * تعرف الحق ولكن لا ترى للحق حقا

    قال: ابن عباس رضي الله عنه : يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة الخلقة، لا يراها أحد إلا كرهها فتشرف على الخلائق فيقال لهم: أتعرفون هذه؟ هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها ثم يؤمر بها إلى النار، فتقول: يا رب أين أتباعي وأحبابي وأصحابي فيلحقونها.

    وقال الشاعر:

    يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار
    دار متى ما أضحكت في يومها * * * أبكــت غداً تبا ًلها من دار

    يقول داود بن هلال النصيبي : مكتوب في صحف إبراهيم عليه السلام : يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصنعتِ لهم وتزينتِ لهم ، إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك ، ما خلقت خلقا أهون عليَّ منك ، كل شأنك صغير ، وإلى الفناء تصيرين ، قضيت عليك يوم خلقتُ الخلق ألا تدومي لأحد ، ولا يدوم لك أحد ، وإن بخل بك صاحبك وشح عليك ، طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا ، وأطلعوني من ضميرهم على الصدق والاستقامة ، طوبى لهم ، ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم إلا النور يسعى أمامهم ، والملائكة حافون بهم حتى أبلغ بهم ما يرجون من رحمتي .الزهد " ابن أبي الدنيا (رقم/200).

    قال وهب بن منبه : خرج عيسى عليه السلام يسيح في الأرض فصحبه يهودي وكان معه رغيفان ومع سيدناعيسى رغيفاً واحداً ، فال سيدنا عيسى : تشاركني في طعامك ؟ قال اليهودي : نعم . ولما علم أن مع سيدنا عيسى رغيف واحد ندم .. ولما قام سيدنا عيسى إلى الصلاة ، أكلاليهودي رغيفاً مما كان معه .. فلما أتم سيدنا عيسى صلاته أحضر رغيفه ليأكل هوواليهودي ، وأحضر اليهودي رغيفه ، فسأله سيدنا عيسى : أين الرغيف الثاني ؟ قال : ماكان إلا رغيفاً واحداً .. فأكل سيدنا عيسى رغيف واليهودي أكل الرغيف الآخر .. ثمانطلقا فجاءا إلى شجرة فقال سيدنا عيسى : لو أنا بتنا تحت هذه الشجرة حتى نصبح ،فباتا ثم أصبحا منطلقين ، فلقيا أعمى فقال له سيدنا عيسى : أرأيت إن أنا عالجتك حتىيردّ الله بصرك فهل تشكره ؟ قال : نعم . فمس سيدنا عيسى بصره ودعا الله فأبصر الرجل ..فقال سيدنا عيسى لليهودي : بالذي أراك الأعمى يبصر أما كان معك إلا رغيف ؟ قال : والله ما كان إلا رغيفاً واحداً ، فسكت سيدنا عيسى عنه .. فمرا بظباء ترعى فأمسكسيدنا عيسى ظبياً منها فذبحه ثم قال له : قم بإذن الله ، فقام الظبي ، فقال اليهودي : سبحان الله ، قال سيدنا عيسى : بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف الثالث ؟ قالاليهودي : ما كان إلا رغيفاً واحداً .فمضيا فمرا بنهر عظيم ، فأخذ سيدنا عيسىاليهودي ومشى به على الماء حتى جاوزا النهر .. فقال سيدنا عيسى لليهودي : بالذيأراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ قال اليهودي مصرّاً : والله ما كان إلارغيفاً واحداً .. فخرجا حتى أتيا قرية عظيمة خربة ، وإذا قريب منها ثلاثة أحجار منالذهب فقال سيدنا عيسى عليه السلام : واحدة لي وواحدة لك وواحدة لصاحب الرغيفالثالث ، وهنا قال اليهودي : أنا صاحب الرغيف الثالث ..أكلته وأنت تصلي .. قالسيدنا عيسى : هي لك كلها وأعطاه الذهب وفارقه .. وجلس الرجل اليهودي ليلته لا يدريكيف يحمل قطع الذهب .. فمر عليه ثلاثة نفر فقتلوه وأخذوا الذهب .. فقال واحد منهملثاني : انطلق إلى القرية فائتنا بطعام ، ولما ذهب قال للآخر : عندما يعود نقتلهونقسم الذهب بيننا ..ووافق الآخر ..وقال الذي ذهب ليحضر الطعام في نفسه : أجعل فيالطعام سمّاً فأقتلهما وآخذ الذهب وحدي وفعل ما أملاه عليه شيطانه .. فلما عادبالطعام المسموم ودخل على زميليه انقضّا عليه فقتلاه .. ثم جلسا وأكلا من الطعامفماتا بجوار الذهب ... ومر سيدنا عيسى عليه السلام فرأى الأربعة رجال قتلى اليهودي والأشقياء الثلاثة فقال : هكذا الدنيا تفعل بأهلها فاحذروها. المستطرفللإبشيهي 2/606.

    2- الحرص على المال :

    الحرص على المال يفسد على المرء دينه ودنياه , فالمال ظل زائل وعارية مسترجعة , وهو فتنة لصاحبه , قال تعالى : " إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) سورة التغابن , وقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) سورة المنافقون.

    وعَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ ، أُرْسِلاَ فِي غَنَمٍ ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ ، وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ. أخرجه أحمد 3/456(15876) حديث رقم : 5620 في صحيح الجامع .

    والحرص على المال فهو نوعين: أحدهما: شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوهه مع الجهد والمشقة ، ولو لم يكن في الحرص على المال إلا تضييع العمر الشريف الذي يمكن أن يشتري به صاحبه الدرجات العلى والنعيم المقيم ، في طلب رزق مضمون مقسوم لا يأتي منه إلا ما قدر وقسم ، ثم لا ينتفع به بل يتركه لغيره.

    قيل لبعض الحكماء: إن فلانا جمع مالا، قال: فهل جمع أياما ينفقه فيها ؟ قيل :لا، قال: ما جمع شيئا.

    كان عبد الواحد بن زيد يقول: يا إخوتاه لا تغبطوا حريصا على ثروته وسعته في مكسب ولا مال، وانظروا له بعين المقت له في اشتغاله اليوم بما يرديه غدا في المعاد ثم يتكبر.

    وكان يقول: الحرص حرصان حرص فاجع وحرص نافع، فأما النافع فحرص المرء على طاعة الله، وأما الحرص الفاجع فحرص المرء على الدنيا، وهو مشغول معذب لا يسر ولا يلذ بجمعه لشغله، فلا يفرغ من محبة الدنيا لآخرته.

    قال البستي :

    ويا حريصا على الأموال تجمعها * * * أنسيت أن سرور المال أحزان؟

    زعِ الفؤاد عن الدنيا وزينتها * * * فصفوها كدر والوصل هجران

    وقال بعضهم:

    لا تغبطن أخا حرص على طمع * * * وانظـر إليه بعين الماقت القالي

    إن الحريص لمشغـول بثروته * * * عن السرور لما يحوي من المال

    كتب بعض الحكماء إلى أخ له كان حريصا على الدنيا: أما بعد فإنك قد أصبحت حريصا على الدنيا تخدمها، وهي تخرجك عن نفسها بالأعراض والأمراض والآفات والعلل، كأنك لم تر حريصا محروما، أو زاهدا مرزوقا، ولا ميتا عن كثير، ولا متبلغا من الدنيا باليسير.

    عاتب أعرابي أخا له على الحرص فقال له: يا أخي أنت طالب ومطلوب، يطلبك من لاتفوته، وتطلب من قد كفيته.

    قال الشاعر :

    حتى متى أنت في حل وترحال * * * وطـول سمـع وإدبـار وإقــبال

    ونازح الـدار لا ينفك مـغتربا * * * عـن الأحبـة لا يـدرون بالـحال

    بمشرق الأرض طورا ثم مغربها * * * لا يخطر الموت من حرص على بال

    ولو قنعت أتاني الرزق في دعة * * * إن الـقنوع الـغنى لا كـثرة المال

    3- الحرص على المناصب والوجاهات :

    أما الحرص على الشرف فهو أشد إهلاكا من الحرص على المال، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم والزهد فيه أصعب، فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف.

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَة. أخرجه أحمد 2/448(9790) و"البُخاري" 9/79(7148).

    عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ:قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي ؟ قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا ، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا.أخرجه مسلم 6/6(4746).

    تذكر روايات كتب الأخبار، أن عبد الملك، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، وعروة بن الزبير، وتقول بعض الروايات إن عبد الله بن عمر كان معهم، وقد اجتمعوا في المسجد الحرام، وكان ذلك في عهد معاوية، فقال بعضهم: هلم فلنتمنه، فقال عبد الله بن الزبير منيتي أن أملك الحرمين، وأنال الخلافة، وقال مصعب: منيتي أن أملك العراقين وأجمع بين عقيلتي قريش: سكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، وقال عبد الملك: منيتي أن أملك الأرض كلها، وأخلف معاوية فقال عروة: لست في شيء مما أنتم فيه، منيتي الزهد في الدنيا، والفوز بالجنة في الآخرة، وأن أكون ممن يروي عنه هذا العلم.وكان معهم عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال : وأنا أتمنى مغفرة ربي . وكأنما كانت أبواب السماء مفتوحة فاستجابت لهذه الأمنيات في ساحة الحرم، وكأنما ظل عبد الملك يتذكر ذلك المجلس، كلما طاف به طائف من ذكريات الشباب، وكان يرى كلا منهم إلا عروة كان معلق القلب بالسماء، فلم يتمن شيئا من عرض هذه الدنيا وبهجتها، وإنما تمنى الزهد فيها، والفوز بالجنة، وأن تكون أيامه فيها وقفا على نشر العلم بين الناس، وتفجير ينابيعه في قلوبهم، ولذلك كان عبد الملك يقول: من سره أن ينظر إلي رجل من أهل الجنة فلينظر إلي عروة بن الزبير. ومات ابن عمر وهو صائم قائم . انظر: السير (4/141.

    قال الإمام علي رضي الله عنه :

    دَعِ الحِرْصَ عَلَى الدُّنْيَا * * * وَفي العَيْشِ فَلاَ تَطْمَعْ
    وَلاَ تَجْمَعْ مِنَ المَالِ * * * فلا تدري لمن تجمع
    وَلاَ تَدْرِيِ أَفِي أَرْضِكَ * * * أم في غيرها تصرع
    فإنَّ الرزقَ مقسومٌ * * * وَسُوءُ الظَّنِّ لا يَنْفَعْ
    فَقِيْرٌ كُلُّ مَنْ يَطْمَعْ * * * غَنِيٌّ كُلُّ مَنْ يَقْنَعْ

    ومن طلب الشرف بالدين الجرأة على الفتيا، والحرص عليها، والمسارعة إليها، والإكثار منها, قال علقمة: كانوا يقولون: أجرؤكم على الفتيا أقلكم علما.

    وعن البراء قال: أدركت عشرين ومائة من الأنصار، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة، ما منهم من رجل إلا ود أن أخاه كفاه. وفي رواية فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول.

    وكان ابن سيرين إذا سئل عن الشيء من الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان.
    وكان النخعي يسأل فتظهر عليه الكراهة ثم يقول: ما وجدت أحدا تسأله غيري ؟ وقال: لقد تكلمت ولو وجدت بدّاً ما تكلمت، وإن زمانا أكون فيه فقيه أهل الكوفة لزمان سوء.

    وقال بعض العلماء لبعض المفتين: إذا سألت عن مسألة فلا يكن همّك تخليص السائل، ولكن تخليص نفسك أولا.



  • #2
    رد: يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار دار متى ما أضحكت في يومها * * * أ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكِ الله خيراً وبارك فيكِ وسدد خطاكِ
    اللهم ارضنا بقضائك ولا تجعل في قلوبنا غلاً ولا حسداً علي أحد


    بشارة خير لكل مشتركي الفيس بوك ..انشر الخير باقل مجهود
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=205417

    تعليق


    • #3
      رد: يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار دار متى ما أضحكت في يومها * * * أ

      المشاركة الأصلية بواسطة حجابي عزى ووقاري مشاهدة المشاركة
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزاكِ الله خيراً وبارك فيكِ وسدد خطاكِ
      اللهم ارضنا بقضائك ولا تجعل في قلوبنا غلاً ولا حسداً علي أحد
      جزاك الله خيرا ونفع بكم تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال جعلنا الله وإياكم من اهل الفردوس الأعلى


      تعليق


      • #4
        رد: يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار دار متى ما أضحكت في يومها * * * أ

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ

        الْحَافِـظُ الْمُتْقِـنُ قَـدْ سَــاوى الْمَـلَـكْ .....
        فَاسْتَعْمِـلِ الْـجِـدَّ فَـمَـنْ جَــدَّ مَـلَـكْ
        :rose::rose::rose:
        القرآن كلام الله ..... خطاب الملك....القرآن عزيز ...... مطلوب وليس طالب
        إذا تركته تركك ..... وإذا ذهبت عنه ذهب

        من تعاهدني ..... ويكون قلبـــــها القرآن ؟

        تعليق


        • #5
          رد: يا طالب الدنيا الدنية إنــها ‍* * * شرك الردى وقرارة الأقذار دار متى ما أضحكت في يومها * * * أ

          المشاركة الأصلية بواسطة الروح والريحان مشاهدة المشاركة
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ
          جزاك الله خيرا ونفع بكم تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال جعلنا الله وإياكم من اهل الفردوس الأعلى


          تعليق

          يعمل...
          X