إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أإنا لنؤجر في الأمراض والحمى والمصائب؟ ما الذي ثبت هذا الرجل- "إن من عباد الله أناسًا ما هم بأنبياء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أإنا لنؤجر في الأمراض والحمى والمصائب؟ ما الذي ثبت هذا الرجل- "إن من عباد الله أناسًا ما هم بأنبياء

    أإنا لنؤجر في الأمراض والحمى والمصائب؟ ما الذي ثبت هذا الرجل- "إن من عباد الله أناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء
    الثبات للمريض في مرضه. يروي [ابن حجر] في الإصابة أن [عمران بن حصين]- رضى الله عنه- أصابه مرض أقعده ثلاثين سنة، وما اشتكى حتى إلى أهله، فكانت الملائكة تصافحه وقت السحر.
    [ أبي بن كعب] -رضي الله عنه- سيد القراء يقول للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أإنا لنؤجر في الأمراض والحمى والمصائب؟ فيقول –صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث المتفق عليه "والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن همٌّ ولا غمٌّ ولا نَصَب ولا وَصَب ولا بلاء حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها خطاياه" فقال: اللهم إني أسألك حمى لا تبعدني عن صلاة ولا حج ولا جهاد، فمكثت به ثلاثين سنة حتى ابيض شعر رأسه ولحيته، وكان لا يجلس بجانبه أحد من شدة فيح الحمى، ليلقى الله ثابتًا بالإيمان، وهكذا يفعل الإيمان. الثبات للمصاب في مصيبته لا يكون ذلك إلا للمؤمنين. يقول الحافظ [أبو نعيم]: لما توفي [ذر بن عمر الهمداني]، جاءه أبوه أو جاء أبوه، فوجده قد مات، فوجد أهل بيته يبكون، فقال: ما بكم؟ قالوا: مات ذر، فقال: الحمد لله، والله ما ظلمنا ولا قهرنا ولا ذهب لنا بحق، وما أريد غيرنا بما حصل لذر، ومالنا على الله من مأثم، ثم غسَّله وكفَّنه، وذهب ليصلي مع المصلين، ثم ذهب به إلي المقبرة، ولما وضعه في القبر قال: رحمك الله يا بني، قد كنت بي بارًا، وكنت لك راحمًا، ومالي إليك من وحشة ولا إلى أحد بعد الله فاقة، والله يا ذر ما ذهبت لنا بعز، وما أبقيت علينا من ذل، ولقد شغلني –والله- الحزن لك عن الحزن عليك، يا ذر –والله- لولا هول يوم المحشر لتمنيت أني صِرْت إلى ما إليه صرت. يا ليت شعري ماذا قيل لك وبماذا أجبت؟ ثم يرفع يديه أخري باكيًا، اللهم إنك قد وعدتني الثواب إن صبرت، اللهم ما وهبته لي من أجر فاجعله لذر صلة مني، وتجاوز عنه، فأنت أرحم به مني، اللهم إني قد وهبت [لذر] إساءته فهب له إساءته فأنت أجود مني وأكرم ثم انصرف ودموعه تقطر على لحيته
    وليس الذي يجري من العين ماؤها *** ولكنها روح تسيل فتقطر
    انصرف وهو يقول: يا ذر قد انصرفنا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك، وربنا قد استودعناك، والله يرحمنا وإياك. ما الذي ثبت هذا الرجل إلا الإيمان؟ .
    هذه آثار الإيمان على حياة الناس تظهر عند الشدائد، فيثبت لها الرجال ثبات الجبال الشُّم الراسيات، علوا في الحياة وفي الممات. ومن آثار الإيمان على حياة الناس: ديمومة اتهام النفس، والخوف من الرياء والنفاق، وعدم احتقار الذنب. يقول [ابن أبي مليكة] كما في [البخاري]: أدركت ثلاثين من صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبرائيل وميكائيل. المؤمن يرى ذنوبه كجبل يقعد تحت أصله، يخشى أن يسقط عليه، أما المنافق فيرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فأطاره بيده، ما خاف النفاق إلاَ مؤمن، وما أَمِنَه إلا منافق. يقول [أنس] كما في صحيح [البخاري]: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الموبقات يقول هذا لخير القرون، فماذا يقال فينا؟ نسأل الله أن يرحمنا برحمته.
    من آثار الإيمان على الحياة زيادة الأمن في البلدان وعلي الأموال والأعراض، والطمأنينة والهدوء في الأنفس والقلوب. يقول المولى سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) سنَّة الله لا تتخلف، ووعد الله (لاَ يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
    من أثار الإيمان نبذ كل ما يفرق الأمة من قوميات وعصبيات وعنصريات ونَعَرَات جاهلية؛ فالمقياس عند المؤمنين حقا التقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اخوة) لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، جسد مؤمن واحد، بنيان واحد، أمة واحدة ، لا شرق ولا غرب.
    لو كبرت في جموع الصين مئذنة *** سمعت في المغرب تهليل المصلين.
    أبا سليمان قلبي لا يطاوعني *** على تجاهل أحبابي وإخواني
    إذا اشتكي مسلم في الهند أرَّقني *** وإن بكى مسلم في الصين أبكاني
    ومصر ريحانتي والشام نرجسي *** وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
    أرى بُخَارَى بلادي وهي نائية *** وأستريح إلى ذكرى خُرَاسان
    وأينما ذكر اسم الله في بلدٍ *** عددت ذلك الحمى من صُلْب أوطاني
    شريعة الله لَمَّتْ شملنا *** وَبَنَتْ لنا معالم إحسان وإيمان
    يقول -صلى الله عليه وسلم -كما روى [أبو داود] وحَسَّن محققُ جامع الأصول- "إن من عباد الله أناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على قُرْبهم ومكانتهم من الله، قال صحابة رسول الله: تخبرنا من هم يا رسول الله؟ قال: هم أناس تحابوا بروح الله على غير أرحام فيما بينهم، ولا أموال يتعاطونها فيما بينهم، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يفزعون إذا فزع الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس". (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)
    يقع يوم من الأيام بين [أبي ذر] -رضي الله عنه- [وبلال] -رضي الله عنه- خصومة، فيغضب [أبو ذر] وتفلت لسانه بكلمة يقول فيها لبلال: يا ابن السوداء فيتأثر بلال، يوم أكرمه الله بالإسلام، ثم يعير بالعصبيات والعنصريات والألوان، ويذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ويشكو أبا ذر، ويستدعي النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر، فيقول -كما في الحديث المتفق علي صحته- يقول النبيصلى الله عليه وسلم-: " أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية"، فيتأثر أبو ذر ويتحسَّر ويندم، ويقول: وددت –والله- لو ضرب عنقي بالسيف، وما سمعت ذلك من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ويأخذ بلال –رضي الله عنه- كما روي ويضع خده على التراب ويقول: يا بلال؛ ضع قدمك على خدي، لا أرفعه حتى تضعه، فتذرف عينا بلال -رضي الله عنه- الدموع، ويقول: يغفر الله لك يا أبا ذر، يغفر الله لك يا أبا ذر، والله ما كنت لأضع قدمي على جبهة سجدت لله رب العالمين، ويعتنقان ويبكيان ذهب ما في القلوب، وانتهى ما في القلوب، والشاهد: إنك امرؤ فيك جاهلية.
    ويأتي [سهيل بن عمرو]، ويأتي [أبو سفيان] -رضيَ الله عنه وأرضاه- إلي أين يأتون؟ يأتون إلي مجلس [عمر] –رضيَ الله عنه وأرضاه- الذي لا يدخله إلا المؤمنون حقًا، فيستأذن أبو سفيان –وهو سيد من سادات قريش، بإشارة تتحرك ألوف، وبإشارة منه أخرى ترعد ألوف- يأتي إلى هذا المجلس فلا يؤذن له، وهو مسلم –رضى الله عنه وأرضاه- بعد إسلامه. ويأتي سهيل بن عمرو–وهو سيد من سادات قريش- ويستأذن في الدخول على عمر فلا يؤذن له، ويأتي [بلال] الحبشي الذي أكرمه الله بالإسلام فيؤذن له، ويأتي [صهيب]؛ صهيب الرومي فيؤذن له، ويأتي [سلمان] الفارسي فيؤذن له كذلك، فماذا كانت النتيجة؟ كان من أبي سفيان -رضى الله عنه- أن تأثر وتذمَّر وتنمَّر، وقال: والله ما ظننت أن أُحْبس على باب عمر، ويدخل هؤلاء الموالي قبلي، فقال سهيل -وكان لبيبًا عاقلا- قال: والله ما علينا أن نحبس على باب عمر، ولكن -والله- أخشى أن نُحْبسَ على أبواب الجنة، ويدخل هؤلاء، لقد دعوا إلي الإسلام فأسرعوا، ودعينا فأبطأنا وتأخرنا، فما علينا أن نحبس على باب عمر، إنما علينا أن لا نحبس على أبواب الجنة، أو كما قال. (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
    أنا مسلم وأقولها مِلء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤددي
    سلمان فيها مثل عمرو لا ترى *** جنسًا على جنس يفوق بمحددي
    وبلال بالإيمان يشمخ عزة *** ويدق تيجان العنيد الملحد
    وخبيب أخمد في القنا أنفاسه *** لكن صوت الحق ليس بمُخْمدِ
    ورمي صهيب بكل مال للعداء *** ولغير ربح عقيدة لم يقصد
    إن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهند
    من آثار الإيمان على حياة الناس: تنقية قلوبهم من الحسد، وتصفيتها من الحقد والغل، واستلال الضغائن والسخائم منها؛ لتصبح الأمة كما قال رب العالمين: (أَشدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) هاهو –صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح من رواية [أنس]، وكما في رواية [ابن اسحق] عن [أبي سعيد الخدري]، عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" أنه لما قسم غنائم حنين أعطى المهاجرين، وتألف قلوب بعض المشركين، ولم يعطِ الأنصار شيئًا، فوجدوا في أنفسهم، فقال قائلهم: وجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قومه فنسينا، وقال الآخر: غفر الله لرسول الله، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فيذهب أحدهم، بل سيد من ساداتهم؛ [سعد بن عبادة] إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ويقول وينقل المقالة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما روى: ما أنت؟ يعني أين موقفك أنت، حدِّد موقفك، هل أنت منهم؟ فيقول: يا رسول الله ما أنا إلاّ رجل من قومي، قد أقول ما يقولون -ما يعرفون الخداع، وما يعرفون الالتواء، إنما صرحاء أتقياء أنقياء-. فقال -صلى الله عليه وسلم-: اجمعهم لي، فجمعهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر الأنصار؛ ما حديث بلغني عنكم، ألم آتيكم ضُلالا فهداكم الله بي؟ وفقراء فأغناكم الله بي؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟ فيقولون: الله ورسوله أمنّ، الله ورسوله أمنّ. قال: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار، والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصُدِّقتم: أتيتنا مُكذَّبًا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلا فواسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم على لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب أقوام ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؟ والذي نفسي بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا وسلك الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار، أما ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير، وتعودون أنتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فو الله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، ألا إنكم ستلقون بعدي أَثَرَة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض فبكى القوم حتى اخضلَّت لِحَاهُم بالدموع وهم يقولون: رضينا برسول الله قسمًا وحظًّا، رضينا برسول الله قسمًا وحظًّا." لسان حالهم
    خذوا الشياة والجمال والبقر *** فقد أخذنا عنكم خير البشر


يعمل...
X