مباراة فاصلة..!
فيا لها من أيام تقف هذه الجمعة على رأسها..! ويا له من موسم تقف هذه الجمعة على ذروته..!
يا لها من مباراة.. تقف هذه الجمعة على حافتها،في خضم آلام وآمال يعيشها المؤمن.. المؤمن؛ في خضم آمال بالحج وآلام في الأقصى، في خضم آلام وآمال.. حيث علق المؤمن قلبه ببيوت الله، وأي مسجد أشرف من المسجد الحرام تتعلق القلوب به.. فهي آمال، وأي مسجد أولى بالألم من مسجدنا الأقصى.. مسجد بيت المقدس.. أرض المحشر والمنشر.. أرض الإسراء والمعراج.. كي يتعلق قلب المؤمن به، وهي آلام في الأقصى إذ يدنس ويقتحم، وآمال بالمسجد الحرام أن ينال المرء الحج.
وما كنا لنلهو مع أهل اللعب، وما كنا لنلهو مع أهل الإعلام، وما كنا نعلق قلوبنا بين أقدام التافهين، وما كنا لنعلق قلوبنا بين أقدام الذين لا يستحون أنهم في خضم الآلام والآمال يلعبــــــــون!، فاجتمعت حولهم قلوب، وسلطت عليهم أضواء!!
إنها مباراة المفسدين والمصلحين، إنها مباراة بين فريق المصلحين، المتألمين، الغيورين، الوجلين، المتقين، العابدين، الزاهدين، الواعظين، المجاهدين، المُذَّكرين، وبين المفسدين، الماكرين، اللاهين، أهل الشهوات، أهل الملذات، أهل الغفلات، أهل السيئات، أهل القطيعات، أهل البخل والنزوات، أهل الأنانية، أهل الطمع، أهل الفجور، أهل المال، أهل الغفلة.
فتعالوا - معاشر المصلحين- لنصلح ما أراد أن يفسده أهل عداوة الدين، إننا نعيش معركة بين الذين يحثون المسلمين على العفاف وبين الذين يحاربونه، بين الذين يحثون المسلمين على ذكر الله وبين الذين يحضون الناس إلى الغفلة، إننا نعيش معركة بين الذين يحضون الناس على صلة الرحم والأضاحي والكرم، وبين الذين يُعيشونهم في ألم الأزمات الاقتصادية والفقر والعلة والذلة والمسكنة، لكي يدفعوا المسلم أن لا يضحي، ولا يتصدق، ولا ينفق، ويبخل على أبيه وأمه، وإخوانه وأرحامه، فإنها معركة بمعنى الكلمة ، لا تعرف شرف المنافسة، قد اشتدت فيها حيل الماكرين والمفسدين، واشتدت فيها همم عباد الله المصلحين، فاستشعر - أخي- معنى المنافسة، التي خلقت لها، وفطرت عليها، ونشأت العداوة من أجلها. وتعرف على خطة اللعب لتلتزم بها، كي تلتزم بخطتنا على أرضنا، لتربح هذه المباراة، ولا تخزى.
علق ديونك على هذه الآية، حمِّل المصاريف على هذا الحساب، لا تسمح أن يدخل هدف من أهداف المفسدين إلى مرماك، فيلقى في قلبك أن رزقك في غير يد الله، قال تعالى {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}.. سمعها أعرابي فقال: "من الذي أغضب الجبار حتى يقسم؟!"، من الذي شك في الجبار حتى يقسم؟!!، تعالى الله عن كل ذلك، لكنه سبحانه وتعالى أقسمأن رزقك في السماء.
وتأمل معي المد بالست حركات، في كلمة{في السماء}.. لتعلم أن رزقك بعيدًا عن الجيوب والأيدي.. بعيدًا عن الأرصدة، فرزقك في السماء، بعيدا عن صاحب العمل، لا تطوله يد، ولا تناله يد، فرزقك عال، فلا تخسر هذه المباراة، من أول قذيفة.. ومن أول جولة.. من أول دقيقة، فأوقن أن رزقك بيد الله.
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}سبحان الله رب العرش عما يصفون، هذه أول خطة في معركة المفسدين والمصلحين، فآمن يا رجل، آمن يا مسلم، آمن يا مسترزَق، آمن يا راجٍ، آمن يا طامع، آمن يا فقير، آمن يا ذا العيال، آمن يا ذا المصاريف، رزقك في السماء بيد الله، ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، هذه أول خطة وما تزال معك الخطط.
إن أحدهم يقول أن ولده أصيب بالأنفلونزا ولم يصنع كل هذه الضجة، إنما هو أسبوع من التداوي وانتهت القضية، لماذا إذن تثار كل هذه الضجة حول هذا المرض؟! ... إنها قضية من قضايا المفسدين والغوا فيه {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }، فيريدون أن يشغلونا بالأنفلونزا، بالانشغال بتقارير يومية عن المصابين، الانشغال،.. هذا تأثير سمعي، وحض على لبس الكمامات.. وهذا تأثير بصري، فأنت تسمع عنها وترى المتكممين فماذا بقي إذن من منافذ القلب حتى يدخلوها؟! فملئوا قلوب المسلمين خوفًا، والله جل جلاله يقول { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}.
فيأتيك من الشرع ما يضعك على المنهج.. قال رسول الله: "لا عدوى، ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"، هل عندكم يا قومي معنيين لقول رسول الله "لا عدوى" هل عرفت اللغة لـ "لا" معنى آخر؟ "لا عدوى" عدها رسول الله بين التخاريف، كانوا يقولون صفر شهر الصر والضرر، فكانوا يتشاءمون منه، ، وكانوا يقولون "هامة" وهي هامة تطير، لها صوت إذا رآها أحد ظنّ أنّه ميّت، كالذي يرى البومة، فيتشاءم منها..، ولا طيرة، فالطيرة هي التشاؤم كمن يقول "إذا دخلت أمتحن بهذا القلم سأرسب."، فهذا التشاؤم، وهذه الطيرة، وهذا الصفر، خص رسول الله بينهم العدوى لتطمئن.
حينما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا صفر" فقال رجل أعرابي: "يا رسول الله؛ فما بال إبلي تكون في الرّمَل كالظّباء، فإذا دخل الإبل الأجرب أصابها؟" ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له : "فمن أعدى الأوّل؟".
من أعدى الأول؟.. هذا السؤال الذي أعجزهم، وأنهى القضية وحسم المباراة، فقد أنهى رسول الله هذه المباراة من أول دقيقة.
من أعدى الأول؟... أجيبوا يا أبحاث الطب على رسول الله.
من أعدى الأول؟.. ها؟
إن الذي قدر ذلك على الأول هو الذي قدر ذلك على الآخر، فكل شيء بقدر الله جل جلاله، أفإن قدر علينا الوباء نكفر؟ أفإن قدر علينا الوباء نهجر الحج ؟ ونهجر بيت الله ؟
فاطمئن بقول رسول الله "لا عدوى"، فإن حدث المرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"تداووا عباد الله"فتنتهي القضية من دون مخاوف ولا قلق، ولا ريبة ولا حزن، ولا تقارير، ولا كمامات ولا تحذيرات، ولا كل هذا. فكلام رسول الله يطمئن المسلمين كي لا يصابوا بالهلع، فمن له مصلحة في هذا الهلع إلا المفسدين، كي تلهو أنت وتلغو وتنسى وتغيب عما أرادك الله له جل جلاله.
إذن، الكل يتبع الحق وليس العكس، فلا نقول للحاج انتظر هذا العام حتى تنتهي الأنفلونزا، وإنما نقول للأنفلونزا: لا عدوى يا أنفلونزا، اتبعينا، لا عدوى. ولا تزال معنا خطط في مباراتنا المصيرية، الحاسمة، التي تخلوا من شرف المنافسة.
احرز هدفا في مرمى المفسدين:
- أمامك مباراة لصلة الأرحام، فاحرز هدفًاأننا ولا تقطع ما أمر الله به أن يوصل.
- أصلح..احرز هذا الهدف يا هداف، احرزه بمرمى المفسدين بصلح المؤمنين على بعضهم {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}
اغرم من مالك لتصل بين المسلمين، واحسبه من زكاة المال، كم تحملت غرامات، تحمل لله من زكاتك، أصلح بين الناس، اربح هذه الجولة.
انتصر على نفسك انتصر على نفسك الأمارة ولا تبق أي غل أو حقد في قلبك، اقبل على أخاك وضمه ضمة الفائزين المنتصرين، على المفسدين والشياطين، واهزم الذي يحضك على أن تبخل على أمك أو أبيك، اهزم الذي يعظم في نفسك الكبر أن تصالح المسلمين، وتحن على إخوانك
قاعدة من قواعد النجاح: إن علاج كل نكد أن تضع أمامك هذا الدواء{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
فخلاصة القضية في إرادتك.. حسم مصيرك في إرادتك، من كان يريد الحياة الدنيا.. يأخذ الدنيا، ومن أراد الآخرة.. يأخذ الآخرة { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} .
تتمنى أن تجدد السيارة، أو تحلم بسيارة، تحلم بأن تغير كذا، وتبدل كذا، فانتبه..! أن الدار الآخرة للذين {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ}، قد أذن لك بالتوسع ولم يؤذن لك بالعلو، قد أذن لك بطلب السعة فقد قال رسول الله: "اللهم وسع لي في داري"، ولم يؤذن لك بطلب العلو، و قد تتساءل "ما الفرق؟".. السعة كأنك تقول لله "امنحني شيء يلمني.. يسعني"، والعلو أن تطلب التعالى على ماضيك، فؤذن لك في طلب السعة، لكي يسعك هذا الحال، وتستطيع أن تعبد الله، وليسعك بيتك، فالسعة مرضية في الشرع، أما العلو حرام.
قف الآن هذا الموقف { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } طبقها على الكفار تفهم القضية.
إنك تسمع عبارات من قبيل: "هم كفار ولكن عندهم أحسن صناعة، أحسن مواعيد، أحسن اتفاقات.."، "أنا أتاجر مع فلان و لا أتاجر مع المسلم، لأنه إذا قال كلمة وفى بها،هؤلاء الذينقال الله فيهم { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } لا يعرفون إلا شيئا من الدنيا، نصيبًا من الدنيا.
إذن، فخطتنا الأخيرة لنفوز بهذه المباراة، أن لا نريد علوا في الأرض، أن لا نريد شيئًا من الأرض، لنكون من أهل الآخرة.
فأيها الفائزون في المعركة المنتهية المحسومة بإذن الله، بين المفسدين و المؤمنين، فإن الله جل جلاله قد حسمها من قبل أن تبدأ، فقال وقوله الحق {وإن جندنا لهم الغالبون}، لأن هؤلاء الجند ليسوا يلعبون، وإنما جند مرابطون، واعظون، مذكرون، تائبون منيبون مخبتون.
ولله در رياح القيسي وهو يقول لصاحبه: "يا أبا إسحاق انطلق بنا إلى أهل الآخرة نُحدث بقربهم عهدًا". فانطلقت معه، فأتى المقابر فجلسنا إلى بعض تلك القبور، فقال: "يا أبا إسحاق ما ترى هذا متمنيًا لو مُنِّيَ؟" قلت: "أن يُرَدَّ والله إلى الدنيا فيستمتع من طاعة الله ويصلح". قال: فها نحن. ثم نهض فجد واجتهد.
فتعالوا نزور القبور، أرأيت لو أن أباك رحمه الله، أو أن جدك، أو صاحبك فلانا.. -تذكر معي الآن واحدا من الموتى الذين شيعتهم بنفسك، وحملتهم بيدك، وعاينت انتهاء دنياهم بيدك- وقل لي، لو علم هذا أن غدا مباراة مصر والجزائر، ومُنِّي: ماذا كان يتمنى؟ لو مُنِّي أن يعود، هل كان يتمنى أن يعود إليه النفس والنظر، والقدرة على القراءة والمتابعة لكي يعلم أخبار المباراة، أو يشاهدها، أو ينشغل بها، أو يفرح بها، أو يحزن لها ؟ لو مُنِّي هذا وعاد، أكان يتمنى الحج؟ أكان يتمنى أن ينصر الأقصى؟ أكان يصوم؟ أكان يذكر؟ أكان يتوب من المعصية؟ أكان يتوب من السيئات؟ لو مُنِّي صاحبك الذي دفنته وعاد، فماذا كان سيزيد من الدنيا؟
ها أنت ذا في الدنيا، وتوشك أن ترقد بجواره، فلا تنفعك مباراة ولا ينفعك حرص على الدنيا، ولا إرادة للدنيا، ولا فساد، ولكن ينفعك حج أو بكاء على فوات الحج، وتنفعك أضحية، وينفعك هجر معصية الله.
إن الناس معادن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة"،فأنت معدن، والناس معادن، والمعدن له علاقة بالتسخين والتبريد، أنت تُسَخَّن كالمعدن كي تنصهر، ثم يتركونك تجمد على الحال الذي أرادوك، فتنصهر أيها المعدن لتجمد على غفلة، وتجمد على حرص على الدنيا ومتابعة للهو وما فيها، ومن كان انصهاره سريعًا.. كان تجمده سريعًا، أما من سخًّن على الآخرة وحُرَّض على الآخرة، وسخن لها ظل متوهجًا.. نافعا، قد سبكه الله وصبغه {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ }.
فإخوتي في الله..عواطفكم أمانة أيها المعادن، سخونتكم أمانة، لا تسخنوا من أجل اللاعبين، لا تسخنوا من أجل التافهين، إن رفع الرايات أعلى من هذه الأعلام التي على هذه السيارات، إن الصرخات والتشجيع أغلى من أن يبذل لقطعة من جلد وأنتم تعلمون أنها تافهة، وأن أهلها تافهون، وأنهم يحصدون المال لأنكم أنتم المشجعون، ولو أعرضنا جميعًا لبارت سلعتهم، ولخسرت تجارتهم، ولمضى هذا السفه واللهف على التفه إلى مزابل التاريخ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها"، أجيب بهذا الحديث على سؤال من يسأل: هل يجوز أن أشاهد؟ هل يجوز أن أتابع، إن أديت الصلاة ولم أتأخر عنها، هل يجوز؟ وأجيبك: "إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما بعد، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيا لها من أيام تقف هذه الجمعة على رأسها..! ويا له من موسم تقف هذه الجمعة على ذروته..!
يا لها من مباراة.. تقف هذه الجمعة على حافتها،في خضم آلام وآمال يعيشها المؤمن.. المؤمن؛ في خضم آمال بالحج وآلام في الأقصى، في خضم آلام وآمال.. حيث علق المؤمن قلبه ببيوت الله، وأي مسجد أشرف من المسجد الحرام تتعلق القلوب به.. فهي آمال، وأي مسجد أولى بالألم من مسجدنا الأقصى.. مسجد بيت المقدس.. أرض المحشر والمنشر.. أرض الإسراء والمعراج.. كي يتعلق قلب المؤمن به، وهي آلام في الأقصى إذ يدنس ويقتحم، وآمال بالمسجد الحرام أن ينال المرء الحج.
في خضم آلام وآمال.. مباراة..!!
في خضم هذه الآلام وفي زحمة هذه الآمال، وبينما يزدحم صراخ أبنائنا ونسائنا عند الأقصى مع زغاريد وتهاني الحجاج، بينما تلتحم أحزان القتلى، وأحزان الذين عاينوا اقتحام المسجد الأقصى،تزدحم هذه المرائي والمناظر بمناظر الحجاج وزغاريدهم وهم يُطَّعمون من الوباء العالمي، وهم يستعدون للسفر لبيت الله الحرام؛ بينما تلتحم هذه الآمال، وهذه الآلام يأتيك خبر مباراة!! وما كنا لنلهو مع أهل اللعب، وما كنا لنلهو مع أهل الإعلام، وما كنا نعلق قلوبنا بين أقدام التافهين، وما كنا لنعلق قلوبنا بين أقدام الذين لا يستحون أنهم في خضم الآلام والآمال يلعبــــــــون!، فاجتمعت حولهم قلوب، وسلطت عليهم أضواء!!
مباراة مصيرية..!!
ولكنني أدعوكم إلى مباراة هي أشد فتكًا.. مباراة مصيرية، مباراة أنا وأنتم المنافسين فيها، مباراة قد قدر الله علينا أن نلعبها ونعيشها، ونتنافس فيها، إنها مباراة مصيرية، كبيرة، حاسمة، فاصلة، إنها مباراة حاسمة، ولا تعرف شرف المنافسة!إنها مباراة المفسدين والمصلحين، إنها مباراة بين فريق المصلحين، المتألمين، الغيورين، الوجلين، المتقين، العابدين، الزاهدين، الواعظين، المجاهدين، المُذَّكرين، وبين المفسدين، الماكرين، اللاهين، أهل الشهوات، أهل الملذات، أهل الغفلات، أهل السيئات، أهل القطيعات، أهل البخل والنزوات، أهل الأنانية، أهل الطمع، أهل الفجور، أهل المال، أهل الغفلة.
مباراة على ملعبنا..!!
فهؤلاء يتعاركون مع هؤلاء على أرض الدنيا،ولكنني أبشركم أننا هذه المرة نلعب على ملعبنا، وأننا هذه المرة نلعب بين شعاراتنا، فقد جاءت هذه المعركة في خضم أيامنا، أيام الله الحرام، وعلى مشارف الأيام العشر، التي قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عنها"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"فنحن في ملعبنا، وفي زماننا.. فنحن في أيام العشر أقبلت وأوشكت، وقد وجب عليك إنك كنت مضحيا أن لا تمس أظفارك من أول هلال ذي الحجة كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتستشعر أن الله شرفك بما شرف به الحجيج، ومنعك مما منه منعوا، بل سبقتهم فهم سيمتنعون من أول الإحرام، لا من أول ذي الحجة، أما أنت فسبقت لتتذكر وتحرم الإحرام الأشد، فإن كنت منعت الحلال المباح من مس الأظفار أو شعر أو أي شيء من بشرك، فمن الأولى أن تمتنع عن الحرام، ثم تستعد للأضحية، وتجهز الأضحية، وتسأل "ماذا أشتري؟.. بم أضحي؟ لكي تقر عيون الذين سأطعمهم؟" فتفكر في أمك وأبيك، وأختك وأخيك، وخالك وعمك، وأرحامك، وأقارب زوجك، وجيرانك، وعمالك، ومن لا تعرف من المسلمين، ومن لا تعرف، هكذا نربح هذه الجولة، ونحرز هذا الهدف في مرمى المفسدين.فتعالوا - معاشر المصلحين- لنصلح ما أراد أن يفسده أهل عداوة الدين، إننا نعيش معركة بين الذين يحثون المسلمين على العفاف وبين الذين يحاربونه، بين الذين يحثون المسلمين على ذكر الله وبين الذين يحضون الناس إلى الغفلة، إننا نعيش معركة بين الذين يحضون الناس على صلة الرحم والأضاحي والكرم، وبين الذين يُعيشونهم في ألم الأزمات الاقتصادية والفقر والعلة والذلة والمسكنة، لكي يدفعوا المسلم أن لا يضحي، ولا يتصدق، ولا ينفق، ويبخل على أبيه وأمه، وإخوانه وأرحامه، فإنها معركة بمعنى الكلمة ، لا تعرف شرف المنافسة، قد اشتدت فيها حيل الماكرين والمفسدين، واشتدت فيها همم عباد الله المصلحين، فاستشعر - أخي- معنى المنافسة، التي خلقت لها، وفطرت عليها، ونشأت العداوة من أجلها. وتعرف على خطة اللعب لتلتزم بها، كي تلتزم بخطتنا على أرضنا، لتربح هذه المباراة، ولا تخزى.
خمس خطط للفوز والتأهل والإطاحة بالخصم
الخطة الأولى
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا }
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا }
علق ديونك على هذه الآية، حمِّل المصاريف على هذا الحساب، لا تسمح أن يدخل هدف من أهداف المفسدين إلى مرماك، فيلقى في قلبك أن رزقك في غير يد الله، قال تعالى {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}.. سمعها أعرابي فقال: "من الذي أغضب الجبار حتى يقسم؟!"، من الذي شك في الجبار حتى يقسم؟!!، تعالى الله عن كل ذلك، لكنه سبحانه وتعالى أقسمأن رزقك في السماء.
وتأمل معي المد بالست حركات، في كلمة{في السماء}.. لتعلم أن رزقك بعيدًا عن الجيوب والأيدي.. بعيدًا عن الأرصدة، فرزقك في السماء، بعيدا عن صاحب العمل، لا تطوله يد، ولا تناله يد، فرزقك عال، فلا تخسر هذه المباراة، من أول قذيفة.. ومن أول جولة.. من أول دقيقة، فأوقن أن رزقك بيد الله.
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}سبحان الله رب العرش عما يصفون، هذه أول خطة في معركة المفسدين والمصلحين، فآمن يا رجل، آمن يا مسلم، آمن يا مسترزَق، آمن يا راجٍ، آمن يا طامع، آمن يا فقير، آمن يا ذا العيال، آمن يا ذا المصاريف، رزقك في السماء بيد الله، ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، هذه أول خطة وما تزال معك الخطط.
الخطة الثانية: المنهج
{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ }
يقول جل جلاله {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} هنا تأتيك خطة أعداء الله، خطة المفسدين.ففي لحظة غيرة على الأقصى، لحظة غيرة على النقاب، في لحظة غيرة عن البدعة، في لحظة غيرة، يفكر فيها المؤمن ماذا يفعل وكيف ينصر الأقصى؟ وكيف ينصر شعائر الله التي تتهم وتحارب؟، يُهددونه ويشغلونه بوباء الأنفلونزا، وهو المُصَّدر لنا، وهو أمريكي المنشأ، فأول المرضى وأكثر المرضى أمريكيون، فإلى أين ذهبت بهم المخاوف؟ ماذا فعلوا في شعائرهم، هل أجلوها أو منعوها؟ أو ضيقوها؟ ماذا فعلوا؟، لا شيء، فلم كل هذه الضجة؟!!{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ }
إن أحدهم يقول أن ولده أصيب بالأنفلونزا ولم يصنع كل هذه الضجة، إنما هو أسبوع من التداوي وانتهت القضية، لماذا إذن تثار كل هذه الضجة حول هذا المرض؟! ... إنها قضية من قضايا المفسدين والغوا فيه {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }، فيريدون أن يشغلونا بالأنفلونزا، بالانشغال بتقارير يومية عن المصابين، الانشغال،.. هذا تأثير سمعي، وحض على لبس الكمامات.. وهذا تأثير بصري، فأنت تسمع عنها وترى المتكممين فماذا بقي إذن من منافذ القلب حتى يدخلوها؟! فملئوا قلوب المسلمين خوفًا، والله جل جلاله يقول { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}.
فيأتيك من الشرع ما يضعك على المنهج.. قال رسول الله: "لا عدوى، ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"، هل عندكم يا قومي معنيين لقول رسول الله "لا عدوى" هل عرفت اللغة لـ "لا" معنى آخر؟ "لا عدوى" عدها رسول الله بين التخاريف، كانوا يقولون صفر شهر الصر والضرر، فكانوا يتشاءمون منه، ، وكانوا يقولون "هامة" وهي هامة تطير، لها صوت إذا رآها أحد ظنّ أنّه ميّت، كالذي يرى البومة، فيتشاءم منها..، ولا طيرة، فالطيرة هي التشاؤم كمن يقول "إذا دخلت أمتحن بهذا القلم سأرسب."، فهذا التشاؤم، وهذه الطيرة، وهذا الصفر، خص رسول الله بينهم العدوى لتطمئن.
حينما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا صفر" فقال رجل أعرابي: "يا رسول الله؛ فما بال إبلي تكون في الرّمَل كالظّباء، فإذا دخل الإبل الأجرب أصابها؟" ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له : "فمن أعدى الأوّل؟".
من أعدى الأول؟.. هذا السؤال الذي أعجزهم، وأنهى القضية وحسم المباراة، فقد أنهى رسول الله هذه المباراة من أول دقيقة.
من أعدى الأول؟... أجيبوا يا أبحاث الطب على رسول الله.
من أعدى الأول؟.. ها؟
إن الذي قدر ذلك على الأول هو الذي قدر ذلك على الآخر، فكل شيء بقدر الله جل جلاله، أفإن قدر علينا الوباء نكفر؟ أفإن قدر علينا الوباء نهجر الحج ؟ ونهجر بيت الله ؟
فاطمئن بقول رسول الله "لا عدوى"، فإن حدث المرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"تداووا عباد الله"فتنتهي القضية من دون مخاوف ولا قلق، ولا ريبة ولا حزن، ولا تقارير، ولا كمامات ولا تحذيرات، ولا كل هذا. فكلام رسول الله يطمئن المسلمين كي لا يصابوا بالهلع، فمن له مصلحة في هذا الهلع إلا المفسدين، كي تلهو أنت وتلغو وتنسى وتغيب عما أرادك الله له جل جلاله.
إذن، الكل يتبع الحق وليس العكس، فلا نقول للحاج انتظر هذا العام حتى تنتهي الأنفلونزا، وإنما نقول للأنفلونزا: لا عدوى يا أنفلونزا، اتبعينا، لا عدوى. ولا تزال معنا خطط في مباراتنا المصيرية، الحاسمة، التي تخلوا من شرف المنافسة.
الخطة الثالثة: التوبة من السيئات كافة
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
{ظَهَرَ الْفَسَادُ}..فترى حولك فساد بالأعمال والنيات، علقوا قلوبنا بغير الله، علقوا قلوبنا بالأموال، تعلقت قلوبنا في مباراة يومية للسعي على طلب الرزق، فعلقوا قلوبنا بصاحب العمل، والسيارة، والأرض، والأرصدة..إلخ، وصار أعظم ما يتمناه المرء أن يسمع كلمة: "هناك مكافأة"، وأسوأ ما يسمعه في يومه: صوت قائل "نفذ رصيدك"، فتعلق قلبك بالمال والدنيا، من دون الله جل جلاله، وهذه معركة كاد أن يربحها المفسدون، فخطتنا للفوز بهذه المعركة.. بالتوبة من كافة السيئات {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}، فتب الآن بصدق لتفوز في معركتك مع المفسدين {وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوةً إلىقوتكم ولا تتولوا مجرمين} {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
الخطة الرابعة:: صلة ما أمر الله به أن يوصل
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
إن المفسدين في هذه المباراة لهم خطة يحاورونك بها.. لتشعر دوما أنك بحاجة للمزيد من المال.. فإذا دخلت إلى بيتك ورأيت الأثاث قلت: "متى يتجدد؟"، وإذا رأيت الأولاد تذكرت الدروس الخصوصية، وإذا رأيت زوجك تذكرت الطلبات المنزلية، وإذا دخلت الحمام رأيت التجديدات المطلوبة... إلخ، فتمضي أنانيًا تبحث عن سد هذه الأفواه، وملء هذه الأرصدة، وهذه لعمر الله باب لا يغلق، وأفواه لا تشبع، ونفوس لا تقنع، إنما تمتلئ عين الذي رأى الله رزاقًا.. الذي رأى أن الله هو الذي رزقه هذه الحال فقرَّ واستقر، ثم جاد وأفاض وتكرم وتصدق. {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
احرز هدفا في مرمى المفسدين:
- أمامك مباراة لصلة الأرحام، فاحرز هدفًاأننا ولا تقطع ما أمر الله به أن يوصل.
- أصلح..احرز هذا الهدف يا هداف، احرزه بمرمى المفسدين بصلح المؤمنين على بعضهم {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}
اغرم من مالك لتصل بين المسلمين، واحسبه من زكاة المال، كم تحملت غرامات، تحمل لله من زكاتك، أصلح بين الناس، اربح هذه الجولة.
انتصر على نفسك انتصر على نفسك الأمارة ولا تبق أي غل أو حقد في قلبك، اقبل على أخاك وضمه ضمة الفائزين المنتصرين، على المفسدين والشياطين، واهزم الذي يحضك على أن تبخل على أمك أو أبيك، اهزم الذي يعظم في نفسك الكبر أن تصالح المسلمين، وتحن على إخوانك
الخطة الخامسة: تقويم الإرادة بزهد العلو في الدنيا
ثم تعالوا إلى آخر الخطط، ومجمل المباراة، مباراة العمر، المباراة المصيرية الكبرى.. إنها إعلان المسابقة: { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }قاعدة من قواعد النجاح: إن علاج كل نكد أن تضع أمامك هذا الدواء{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
فخلاصة القضية في إرادتك.. حسم مصيرك في إرادتك، من كان يريد الحياة الدنيا.. يأخذ الدنيا، ومن أراد الآخرة.. يأخذ الآخرة { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} .
تتمنى أن تجدد السيارة، أو تحلم بسيارة، تحلم بأن تغير كذا، وتبدل كذا، فانتبه..! أن الدار الآخرة للذين {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ}، قد أذن لك بالتوسع ولم يؤذن لك بالعلو، قد أذن لك بطلب السعة فقد قال رسول الله: "اللهم وسع لي في داري"، ولم يؤذن لك بطلب العلو، و قد تتساءل "ما الفرق؟".. السعة كأنك تقول لله "امنحني شيء يلمني.. يسعني"، والعلو أن تطلب التعالى على ماضيك، فؤذن لك في طلب السعة، لكي يسعك هذا الحال، وتستطيع أن تعبد الله، وليسعك بيتك، فالسعة مرضية في الشرع، أما العلو حرام.
قف الآن هذا الموقف { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } طبقها على الكفار تفهم القضية.
إنك تسمع عبارات من قبيل: "هم كفار ولكن عندهم أحسن صناعة، أحسن مواعيد، أحسن اتفاقات.."، "أنا أتاجر مع فلان و لا أتاجر مع المسلم، لأنه إذا قال كلمة وفى بها،هؤلاء الذينقال الله فيهم { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } لا يعرفون إلا شيئا من الدنيا، نصيبًا من الدنيا.
إذن، فخطتنا الأخيرة لنفوز بهذه المباراة، أن لا نريد علوا في الأرض، أن لا نريد شيئًا من الأرض، لنكون من أهل الآخرة.
المعركة محسومة
ألم أقل لكم إنها مباراة محسومة ؟؟ ولا علاقة ولا مقارنة في الإمكانيات والطاقات والتدريب والجمهور، لا مقارنة ولا منافسة.فأيها الفائزون في المعركة المنتهية المحسومة بإذن الله، بين المفسدين و المؤمنين، فإن الله جل جلاله قد حسمها من قبل أن تبدأ، فقال وقوله الحق {وإن جندنا لهم الغالبون}، لأن هؤلاء الجند ليسوا يلعبون، وإنما جند مرابطون، واعظون، مذكرون، تائبون منيبون مخبتون.
ولله در رياح القيسي وهو يقول لصاحبه: "يا أبا إسحاق انطلق بنا إلى أهل الآخرة نُحدث بقربهم عهدًا". فانطلقت معه، فأتى المقابر فجلسنا إلى بعض تلك القبور، فقال: "يا أبا إسحاق ما ترى هذا متمنيًا لو مُنِّيَ؟" قلت: "أن يُرَدَّ والله إلى الدنيا فيستمتع من طاعة الله ويصلح". قال: فها نحن. ثم نهض فجد واجتهد.
فتعالوا نزور القبور، أرأيت لو أن أباك رحمه الله، أو أن جدك، أو صاحبك فلانا.. -تذكر معي الآن واحدا من الموتى الذين شيعتهم بنفسك، وحملتهم بيدك، وعاينت انتهاء دنياهم بيدك- وقل لي، لو علم هذا أن غدا مباراة مصر والجزائر، ومُنِّي: ماذا كان يتمنى؟ لو مُنِّي أن يعود، هل كان يتمنى أن يعود إليه النفس والنظر، والقدرة على القراءة والمتابعة لكي يعلم أخبار المباراة، أو يشاهدها، أو ينشغل بها، أو يفرح بها، أو يحزن لها ؟ لو مُنِّي هذا وعاد، أكان يتمنى الحج؟ أكان يتمنى أن ينصر الأقصى؟ أكان يصوم؟ أكان يذكر؟ أكان يتوب من المعصية؟ أكان يتوب من السيئات؟ لو مُنِّي صاحبك الذي دفنته وعاد، فماذا كان سيزيد من الدنيا؟
ها أنت ذا في الدنيا، وتوشك أن ترقد بجواره، فلا تنفعك مباراة ولا ينفعك حرص على الدنيا، ولا إرادة للدنيا، ولا فساد، ولكن ينفعك حج أو بكاء على فوات الحج، وتنفعك أضحية، وينفعك هجر معصية الله.
أيها المعادن..عواطفكم أمانة!
إن الناس معادن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة"،فأنت معدن، والناس معادن، والمعدن له علاقة بالتسخين والتبريد، أنت تُسَخَّن كالمعدن كي تنصهر، ثم يتركونك تجمد على الحال الذي أرادوك، فتنصهر أيها المعدن لتجمد على غفلة، وتجمد على حرص على الدنيا ومتابعة للهو وما فيها، ومن كان انصهاره سريعًا.. كان تجمده سريعًا، أما من سخًّن على الآخرة وحُرَّض على الآخرة، وسخن لها ظل متوهجًا.. نافعا، قد سبكه الله وصبغه {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ }.
فإخوتي في الله..عواطفكم أمانة أيها المعادن، سخونتكم أمانة، لا تسخنوا من أجل اللاعبين، لا تسخنوا من أجل التافهين، إن رفع الرايات أعلى من هذه الأعلام التي على هذه السيارات، إن الصرخات والتشجيع أغلى من أن يبذل لقطعة من جلد وأنتم تعلمون أنها تافهة، وأن أهلها تافهون، وأنهم يحصدون المال لأنكم أنتم المشجعون، ولو أعرضنا جميعًا لبارت سلعتهم، ولخسرت تجارتهم، ولمضى هذا السفه واللهف على التفه إلى مزابل التاريخ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها"، أجيب بهذا الحديث على سؤال من يسأل: هل يجوز أن أشاهد؟ هل يجوز أن أتابع، إن أديت الصلاة ولم أتأخر عنها، هل يجوز؟ وأجيبك: "إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها"
اللهم اجمع أمتنا على الجد، وانصرها في معارك الجد
اللهم زهد أمتنا في اللعب.. اللهم إنا نعوذ بك من أن تُؤخذ الأمة وهي تلعب..
اللهم بغض إلى المسلمين السفاسف.. وثبت قلوبهم على حب الجد ومعالي الأمور
المصدر : موقع الشيخ محمد يعقوب
http://www.yaqob.com/web2/index.php/maqalat/maqal/382
اللهم زهد أمتنا في اللعب.. اللهم إنا نعوذ بك من أن تُؤخذ الأمة وهي تلعب..
اللهم بغض إلى المسلمين السفاسف.. وثبت قلوبهم على حب الجد ومعالي الأمور
المصدر : موقع الشيخ محمد يعقوب
http://www.yaqob.com/web2/index.php/maqalat/maqal/382
تعليق