العبادة الخفية ..
قبل عشر سنوات .. في أيام ربيع .. وفي ليلة باردة كنت في البر مع أصدقاء ..
تعطلت إحدى السيارات .. فاضطررنا إلى المبيت في العراء ..
أذكر أنا أشعلنا ناراً تحلقنا حولها .. وما أجمل أحاديث الشتاء في دفء النار ..
طال مجلسنا فلاحظت أحد الإخوة انسلَّ من بيننا ..
كان رجلاً صالحاً .. كانت له عبادات خفية ..
كنت أراه يتوجه إلى صلاة الجمعة مبكراً .. بل أحياناً وباب الجامع لم يفتح بعد ..!!
قام وأخذ إناءً من ماء ..
ظننت أنه ذهب ليقضي حاجته ..
أبطأ علينا .. فقمت أترقبه .. فرأيته بعيداً عنا .. قد لف جسده برداء من شدة البرد وهو ساجد على التراب .. في ظلمة .. يتملق ربه ويتحبب إليه ..
أيقنت أن لهذه العبادة الخفية .. عِزاً في الدنيا قبل الآخرة ..
مضت السنوات ..
وأعرفه اليوم .. قد وضع الله له القبول في الأرض ..
له مشاركات في الدعوة .. وهداية الناس ..
إذا مشى في السوق أو المسجد .. رأيت الصغار قبل الكبار يتسابقون إليه .. مصافحين .. ومحبين ..
كم يتمنى الكثيرون من تجار .. وأمراء .. ومشهورين .. أن ينالوا في قلوب الناس من المحبة مثل ما نال ..
ولكن هيهاااات ..
أأبيت سهران الدجى .. وتبيته *** نوماً ! وتبغي بعد ذاك لحاقي ؟
نعم .. ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُداً ) .. أي يجعل لهم محبة في قلوب الخلق ..
إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض ..
قال e : إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل .. فقال :
إني قد أحببت فلاناً فأحبه ..
قال : فيحبه جبريل ..
ثم يُنادى في أهل السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه ..
فيحبه أهل السماء ..
قال : ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض ..
فذلك قول الله " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدّاً " ..
وإذا أبغض الله عبداً .. نادى جبريل : إني أبغضت فلاناً فأبغضه .. فيبغضه جبريل .. ثم يُنادى في أهل السماء : إن الله يبغض فلاناً فأبغضه ..
فيبغضه أهل السماء ..
ثم تنزل له البغضاء في الأرض .. ([1]) ..
قال الزبير بن العوام t : من استطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل ..
والعبادة الخفية أنواع ..
منها .. الحفاظ على صلاة الليل .. ولو ركعة واحدة وتراً كل ليلة .. تصليها بعد العشاء مباشرة .. أو قبل أن تنام .. أو قبل الفجر .. لتكتب عند الله من قوام الليل ..
قال e : إن الله وتر يحب الوتر .. فأوتروا يا أهل القرآن ..
ومنها .. السعي في الإصلاح بين الناس .. بين الزملاء المتخاصمين .. بين الجيران .. بين الزوجين ..
قال e : الا أخبركم بأفضل من درجة الصلاةوالصياموالصدقة ؟
قالوا : بلى ..
قال : إصلاح ذات البين .. وفساد ذات البين هي الحالقة([2])
ومنها الإكثار من ذكر الله ..
فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ..
وفي الحديث .. قال e : ألا أنبئكم بخير أعمالكم .. وأزكاها عند مليككم .. وأرفعها في درجاتكم .. وخير لكم من إعطاء الذهب والورق .. وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ..؟
قالوا : بلى .. وما ذاك يا رسول الله ؟
قال : ذكر الله عز وجل ([3]) ..
ومنها .. صدقة السر .. فصدقة السرّ تطفئ غضب الرب ..
كان أبو بكر t إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء .. فاحتبس فيها شيئاً يسيراً .. ثم عاد إلى المدينة ..
فعجب عمر t من خروجه .. فتبعه يوماً خفية بعدما صلى الفجر ..
فإذا أبو بكر يخرج من المدينة ويأتي على خيمة قديمة في الصحراء .. فاختبأ له عمر خلف صخرة ..
فلبث أبو بكر في الخيمة شيئاً يسيراً .. ثم خرج ..
فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة .. فإذا فيها امرأة ضعيفة عمياء .. وعندها صبية صغار ..
فسألها عمر : من هذا الذي يأتيكم ..
فقالت : لا أعرفه .. هذا رجل من المسلمين .. يأتينا كل صباح .. منذ كذا وكذا ..
قال فماذا يفعل : قالت : يكنس بيتنا .. ويعجن عجيننا .. ويحلب داجننا .. ثم يخرج ..
فخرج عمر وهو يقول : لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر .. لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر ..
* * * * * * * *
ولم يكن عمر t بعيداً في تعبده وإخلاصه عن أبي بكر ..
فقد رآه طلحة بن عبيد الله ..
خرج في سواد الليل .. فدخل بيتاً ثم .. خرج منه ودخل بيتاً آخر .. فعجب طلحة .. ماذا يفعل عمر في هذه البيوت !!
فلما أصبح طلحة ذهب إلى البيت الأول..فإذا عجوز عمياء مقعدة..
فقال لها : ما بال هذا الرجل يأتيك ؟
قالت : إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا .. يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى ..
فخرج طلحة وهو يقول: ثكلتك أمك يا طلحة..أعثراتُ عمرَ تتبع؟
* * * * * * * *
وخرج مرة t إلى ضواحي المدينة .. فإذا برجل عابر سبيل نازل وسط الطريق .. وقد نصب خيمة قديمة .. وقعد عند بابها .. مضطربَ الحال .. فسأله عمر : من الرجل ؟
قال : من أهل البادية .. جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله ..
فسمع عمر أنين امرأة داخل الخيمة .. فسأله عنه ؟
فقال : انطلق رحمك الله لحاجتك ..
قال عمر : هذا من حاجتي ..
فقال : امرأتي في الطلق - يعني تلد - وليس عندي مال ولا طعام ولا أحد ..
فرجع عمر إلى بيته سريعاً .. فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي : هل لك في خير ساقه الله إليك ؟
قالت : وما ذاك .. فأخبرها بخبر الرجل .. فحملت امرأته معها متاعاً .. وحمل هو جراباً فيه طعام .. وقدراً وحطباً .. ومضى إلى الرجل ..
ودخلت امرأة عمر على المرأة في خيمتها ..
وقعد هو عند الرجل .. فأشعل النار وأخذ ينفخ الحطب .. ويصنع الطعام .. والدخان يتخلل لحيته .. والرجل قاعد ينظر إليه ..
فبينما هو على ذلك .. إذ صاحت امرأته من داخل الخيمة .. يا أمير المؤمنين .. بشر صاحبك بغلام ..
فلما سمع الرجل .. أمير المؤمنين .. فزع وقال : أنت عمر بن الخطاب .. قال : نعم .. فاضطرب الرجل .. وجعل يتنحى عن عمر.. فقال له عمر : مكانك ..
ثم حمل عمر القدر .. وقربه إلى الخيمة وصاح بامرأته .. أشبعيها ..
فأكلت المرأة من الطعام .. ثم أخرجت باقي الطعام خارج الخيمة ..
فقام عمر فأخذه فوضعه بين يدي الرجل .. وقال له : كل .. فإنك قد سهرت من الليل ..
ثم نادى عمر امرأته فخرجت إليه ..
فقال للرجل : إذا كان من الغد .. فأتنا نأمر لك بما يصلحك ..
* * * * * * * *
وكان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل .. فيتصدق بها..ويقول : إن صدقة السر تطفىء غضب الرب ..
فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد .. فقالوا : هذا ظهر حمال .. وما علمناه اشتغل حمالاً ..
فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينة .. من بيوت الأرامل والأيتام .. كان يأتيهم طعامهم بالليل .. لا يدرون من يحضره إليهم .. فعلموا أنه الذي ينفق عليهم ..
وصام أحد السلف عشرين سنة .. يصوم يوماً ويفطر يوماً .. وأهله لا يدرون عنه .. كان له دكان يخرج إليه إذا طلعت الشمس ويأخذ معه فطوره وغداءه .. فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام .. وإذا كان يوم فطره أكله ..
فإذا غربت الشمس .. رجع إلى أهله وتعشى معهم ..
نعم .. كانوا يستشعرون العبودية لله في جميع أحوالهم ..
هم المتقون .. والله يقول : } إِنَّلِلْمُتَّقِينَمَفَازًا * حَدَائِقَوَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَأَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَّايَسْمَعُونَفِيهَالَغْوًاوَلَاكِذَّابًا * جَزَاءمِّنرَّبِّكَعَطَاء حِسَابًا { ..
فاطلب محبة الخالق .. وهو يتكفل بزرع محبتك في قلوب خلقه .. وصلى الله على سيدنامحمد وعلى اله وصحبه وسلم
لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
الدكتور محمد العريفي
إضاءة ..
ليس الغاية أن تكون ظواهر الآخرين تحبك .. إنما الغاية أن تحبك بواطنهم أيضاً
( [1] ) رواه البخاري ومسلم ، والترمذي واللفظ له .
( [2] ) رواه أحمد وغيره .
( [3] ) رواه أحمد والترمذي وغيرهما ، صحيح .
قبل عشر سنوات .. في أيام ربيع .. وفي ليلة باردة كنت في البر مع أصدقاء ..
تعطلت إحدى السيارات .. فاضطررنا إلى المبيت في العراء ..
أذكر أنا أشعلنا ناراً تحلقنا حولها .. وما أجمل أحاديث الشتاء في دفء النار ..
طال مجلسنا فلاحظت أحد الإخوة انسلَّ من بيننا ..
كان رجلاً صالحاً .. كانت له عبادات خفية ..
كنت أراه يتوجه إلى صلاة الجمعة مبكراً .. بل أحياناً وباب الجامع لم يفتح بعد ..!!
قام وأخذ إناءً من ماء ..
ظننت أنه ذهب ليقضي حاجته ..
أبطأ علينا .. فقمت أترقبه .. فرأيته بعيداً عنا .. قد لف جسده برداء من شدة البرد وهو ساجد على التراب .. في ظلمة .. يتملق ربه ويتحبب إليه ..
أيقنت أن لهذه العبادة الخفية .. عِزاً في الدنيا قبل الآخرة ..
مضت السنوات ..
وأعرفه اليوم .. قد وضع الله له القبول في الأرض ..
له مشاركات في الدعوة .. وهداية الناس ..
إذا مشى في السوق أو المسجد .. رأيت الصغار قبل الكبار يتسابقون إليه .. مصافحين .. ومحبين ..
كم يتمنى الكثيرون من تجار .. وأمراء .. ومشهورين .. أن ينالوا في قلوب الناس من المحبة مثل ما نال ..
ولكن هيهاااات ..
أأبيت سهران الدجى .. وتبيته *** نوماً ! وتبغي بعد ذاك لحاقي ؟
نعم .. ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُداً ) .. أي يجعل لهم محبة في قلوب الخلق ..
إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض ..
قال e : إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل .. فقال :
إني قد أحببت فلاناً فأحبه ..
قال : فيحبه جبريل ..
ثم يُنادى في أهل السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه ..
فيحبه أهل السماء ..
قال : ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض ..
فذلك قول الله " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدّاً " ..
وإذا أبغض الله عبداً .. نادى جبريل : إني أبغضت فلاناً فأبغضه .. فيبغضه جبريل .. ثم يُنادى في أهل السماء : إن الله يبغض فلاناً فأبغضه ..
فيبغضه أهل السماء ..
ثم تنزل له البغضاء في الأرض .. ([1]) ..
قال الزبير بن العوام t : من استطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل ..
والعبادة الخفية أنواع ..
منها .. الحفاظ على صلاة الليل .. ولو ركعة واحدة وتراً كل ليلة .. تصليها بعد العشاء مباشرة .. أو قبل أن تنام .. أو قبل الفجر .. لتكتب عند الله من قوام الليل ..
قال e : إن الله وتر يحب الوتر .. فأوتروا يا أهل القرآن ..
ومنها .. السعي في الإصلاح بين الناس .. بين الزملاء المتخاصمين .. بين الجيران .. بين الزوجين ..
قال e : الا أخبركم بأفضل من درجة الصلاةوالصياموالصدقة ؟
قالوا : بلى ..
قال : إصلاح ذات البين .. وفساد ذات البين هي الحالقة([2])
ومنها الإكثار من ذكر الله ..
فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ..
وفي الحديث .. قال e : ألا أنبئكم بخير أعمالكم .. وأزكاها عند مليككم .. وأرفعها في درجاتكم .. وخير لكم من إعطاء الذهب والورق .. وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ..؟
قالوا : بلى .. وما ذاك يا رسول الله ؟
قال : ذكر الله عز وجل ([3]) ..
ومنها .. صدقة السر .. فصدقة السرّ تطفئ غضب الرب ..
كان أبو بكر t إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء .. فاحتبس فيها شيئاً يسيراً .. ثم عاد إلى المدينة ..
فعجب عمر t من خروجه .. فتبعه يوماً خفية بعدما صلى الفجر ..
فإذا أبو بكر يخرج من المدينة ويأتي على خيمة قديمة في الصحراء .. فاختبأ له عمر خلف صخرة ..
فلبث أبو بكر في الخيمة شيئاً يسيراً .. ثم خرج ..
فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة .. فإذا فيها امرأة ضعيفة عمياء .. وعندها صبية صغار ..
فسألها عمر : من هذا الذي يأتيكم ..
فقالت : لا أعرفه .. هذا رجل من المسلمين .. يأتينا كل صباح .. منذ كذا وكذا ..
قال فماذا يفعل : قالت : يكنس بيتنا .. ويعجن عجيننا .. ويحلب داجننا .. ثم يخرج ..
فخرج عمر وهو يقول : لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر .. لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر ..
* * * * * * * *
ولم يكن عمر t بعيداً في تعبده وإخلاصه عن أبي بكر ..
فقد رآه طلحة بن عبيد الله ..
خرج في سواد الليل .. فدخل بيتاً ثم .. خرج منه ودخل بيتاً آخر .. فعجب طلحة .. ماذا يفعل عمر في هذه البيوت !!
فلما أصبح طلحة ذهب إلى البيت الأول..فإذا عجوز عمياء مقعدة..
فقال لها : ما بال هذا الرجل يأتيك ؟
قالت : إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا .. يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى ..
فخرج طلحة وهو يقول: ثكلتك أمك يا طلحة..أعثراتُ عمرَ تتبع؟
* * * * * * * *
وخرج مرة t إلى ضواحي المدينة .. فإذا برجل عابر سبيل نازل وسط الطريق .. وقد نصب خيمة قديمة .. وقعد عند بابها .. مضطربَ الحال .. فسأله عمر : من الرجل ؟
قال : من أهل البادية .. جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله ..
فسمع عمر أنين امرأة داخل الخيمة .. فسأله عنه ؟
فقال : انطلق رحمك الله لحاجتك ..
قال عمر : هذا من حاجتي ..
فقال : امرأتي في الطلق - يعني تلد - وليس عندي مال ولا طعام ولا أحد ..
فرجع عمر إلى بيته سريعاً .. فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي : هل لك في خير ساقه الله إليك ؟
قالت : وما ذاك .. فأخبرها بخبر الرجل .. فحملت امرأته معها متاعاً .. وحمل هو جراباً فيه طعام .. وقدراً وحطباً .. ومضى إلى الرجل ..
ودخلت امرأة عمر على المرأة في خيمتها ..
وقعد هو عند الرجل .. فأشعل النار وأخذ ينفخ الحطب .. ويصنع الطعام .. والدخان يتخلل لحيته .. والرجل قاعد ينظر إليه ..
فبينما هو على ذلك .. إذ صاحت امرأته من داخل الخيمة .. يا أمير المؤمنين .. بشر صاحبك بغلام ..
فلما سمع الرجل .. أمير المؤمنين .. فزع وقال : أنت عمر بن الخطاب .. قال : نعم .. فاضطرب الرجل .. وجعل يتنحى عن عمر.. فقال له عمر : مكانك ..
ثم حمل عمر القدر .. وقربه إلى الخيمة وصاح بامرأته .. أشبعيها ..
فأكلت المرأة من الطعام .. ثم أخرجت باقي الطعام خارج الخيمة ..
فقام عمر فأخذه فوضعه بين يدي الرجل .. وقال له : كل .. فإنك قد سهرت من الليل ..
ثم نادى عمر امرأته فخرجت إليه ..
فقال للرجل : إذا كان من الغد .. فأتنا نأمر لك بما يصلحك ..
* * * * * * * *
وكان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل .. فيتصدق بها..ويقول : إن صدقة السر تطفىء غضب الرب ..
فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد .. فقالوا : هذا ظهر حمال .. وما علمناه اشتغل حمالاً ..
فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينة .. من بيوت الأرامل والأيتام .. كان يأتيهم طعامهم بالليل .. لا يدرون من يحضره إليهم .. فعلموا أنه الذي ينفق عليهم ..
وصام أحد السلف عشرين سنة .. يصوم يوماً ويفطر يوماً .. وأهله لا يدرون عنه .. كان له دكان يخرج إليه إذا طلعت الشمس ويأخذ معه فطوره وغداءه .. فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام .. وإذا كان يوم فطره أكله ..
فإذا غربت الشمس .. رجع إلى أهله وتعشى معهم ..
نعم .. كانوا يستشعرون العبودية لله في جميع أحوالهم ..
هم المتقون .. والله يقول : } إِنَّلِلْمُتَّقِينَمَفَازًا * حَدَائِقَوَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَأَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَّايَسْمَعُونَفِيهَالَغْوًاوَلَاكِذَّابًا * جَزَاءمِّنرَّبِّكَعَطَاء حِسَابًا { ..
فاطلب محبة الخالق .. وهو يتكفل بزرع محبتك في قلوب خلقه .. وصلى الله على سيدنامحمد وعلى اله وصحبه وسلم
لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
الدكتور محمد العريفي
إضاءة ..
ليس الغاية أن تكون ظواهر الآخرين تحبك .. إنما الغاية أن تحبك بواطنهم أيضاً
( [1] ) رواه البخاري ومسلم ، والترمذي واللفظ له .
( [2] ) رواه أحمد وغيره .
( [3] ) رواه أحمد والترمذي وغيرهما ، صحيح .
تعليق