السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخواتي الغاليات ., هذه ابيات رقيقة نقرأها معا فلعل الله ان يجدد بها إيماننا ويرفع بها الهمة ...
وَقَفَتْ جَمِيعُ مَشَاعِري تَتَأَمَّلُ
وَفَمِي عن النُطْقِ المُبِينِ مُعَطّلُ.
ما كُنْتُ في حُلْمٍ ولا في يَقْظَةٍ
بل كُنْتُ بين يَدَيْهِمَا أَتَمَلْمَلُ,,.
أَرْنُو إلى الأُفُقِ البَعِيدِ فلا أرى
إلّا دُخَانً تَائهً يَتَجَوَّلُ.
وَحُشُودُ أَسْئِلَةٍ تَجُرُّ ذُيُولَها
نَحْوِي وبابُ الذِهْنِ عنها مُقْفَلُ.
أَحْسَسْتُ أَنَّ إِرَادَتِي مَسْلُوبةٌ
وَشَعُرْتُ أَنَّ مَخَاوِفِي تَتَرَهَّلُ.
وَشَعُرْتُ أنِّي في القِيامة واقِفٌ
والناسُ في سَاحَاتِها قد هَرْوَلوا.
يَسْعَوْنَ كَالمَوْجِ العَنِيفِ عُيُونُهُمْ
مَشْدُوهةٌ وعُقُولِهِم لا تَعْقِلُ.
والكَوْنُ من حَوْلِي ضَجِيجٌ مُرْعِبٌ
والأَرْضُ من حَوْلِي امْتِدَادٌ مُذْهِلُ.
والناسُ أَمْثالُ الفَرَاشِ تَقَاطَرُوا
من كلِ صَوْبٍ هَهُنَا وتكََتَّلوا.
كلُ الجِبَالُ تَحَوَّلَتْ من حَوْلِهِم
عَهْلاً وكلُّ الشَامِخَاتِ تُزَلْزَلُ
وجَمِيعُ مَن حَوْلِي بما في نَفْسِهِم
لاهِين فلا مُعْطٍ ولا مُتَفَضِّلُ
كلُ الخَلائِقِ في صَعِيدٍ واحِدٍ
جُمِعَتْ فَسُبْحَانَ الذي لا يَغْفُلُ.
وَأُقِيمَ مِيزَانُ العَدَالةِ بينَهُمْ
هذا بِهِ يَعْلُو وذلك يَنْزِلُ
وَتَجَمَّعَت كلُّ البَهَئمِ بَعْضُها
يَقْتَصُّ من بَعْضٍ ورَبُّكَ أعْدَلُ
حتى إذا فَرُغَ الحِسابُ وَأُنْصِفَتْ
من بَعْضِها نَزَلَ القضاءُ الأَمْثَلُ.
كُونِي تُرابً يا بهائمُ عندها
صاحَ الطُغَاةُ وبالأَمَاني جَلْجَلوا.
يا لَيْتَنا كُنَّا تُرابً مثلَها
يا لَيْتَنا عن أصْلِنا نَتَحَوَّلُ
هَيْهَاتَ لا تُجْدِي النَدَامةُ بعدَما
نُصِبَ الصِرَاطُ لَكُم وقام الفَيْصَلُ
وَمَضَيْتُ أقْرَأُ في الوُجُوهِ حِكايَةٌ
اجمَالُها عند الزَكِيِّ مُفَصَّلُ
وَرَأَيْتُ مالا كُنْتُ أَحْلُمُ أن أرى
حَوْلِي وقد كُشِفَ السِتَارُ المُسْدَلُ
هذا هو النَمْرُودُ يَنْدُبُ حَظَّهُ
والدَمْعُ من هَوْل المُصِيبةِ يَهْطُلُ
وهناكَ فِرْعَوْنُ المُؤلِّهُ نَفْسُهُ
يسعى بغيرِ بَصِيرةٍ ويُوَلْوِلُ
وهناكَ كِسْرا تاهَ عند إيوانِهِ
مُتَرَنِّحٌ في سَيْرِهِ مُتَمَلْمِلُ
وهناك قَيْصَرُ نَفْسُهُ مَكْسُورةٌ
وَبِقَلْبِهِ مما يُعَانِي مِرْجَلُ
وَهُنا أبُو جَهْلٍ يُرَاجِعُ نَفْسَهُ
عَيْناهُ تُوحِي أَنَّهُ يَتَوَسَّلُ
يا رَبُّ أَرْجِعْنا لِنَعْمَلَ صالِحً
غَيْرَ الذِي كُنَّا نَقُولُ وَنَعْمَلُ
هَيْهاتَ هَيْهاتَ لقد طُوِيَ الكتابُ
أَلَمْ يَكُنْ فيكم نَبِيٌّ بالهِدَايةِ مُرْسَلُ
سُبْحانَ رَبِّكَ هؤلاءِ جَمِيعِهِمْ
كانت لهم دارٌ هناك تُبَجَّلُ
لكنهم كَفَرُوا بِمَنْ أَعْطَاهُمُو
مُلْكً وا\عَاثوا في البِلادِ وقَتَّلوا.
وَرَمُوا بِشَرْعِ الله وراءَ ظُهُورِهِمْ
عَزَلُوهُ عن حُكْمِ الزمانِ وعَطَّلوا.
وَقَفوا وَآلافُ الضَحَايا حَوْلَهُمْ
فاليومَ يُنْظَرُ في الأُمورِ ويُنْظَرُ
واليومَ يَسْعَدُ مؤمِنٌ بِيَقِينِهِ
واليومَ يَشْقَا الفاسِدُ المُتَحَلِّلُ
واليوم يَمْتَدُّ الصِرَاطُ فَمُسْرِعٌ
نَحْوَ النَعِيمِ وزَاحِفٌ مُتَمَهِّلُ.
وَمُحَمَّلٌ بالذَنْبِ زَلّتْ رِجْلَهُ
فَهَوى ونارُ جَهَنَّمٍ تَسْتَقْبِلُ.
فَأزَلْتُ طَرْفِي ساعةً
فَرَأَيْتُ من أمْرِ القِيَمةِ ما يَرُوعُ وَيُذْهِلُ.
هذا أبٌ يسْعى إليهِ وَحِيدُهُ
وَبِمُقْلَتَيْهِ تَرَقُّبٌ وتَوَسُّلُ.
أَبَتَاهُ أرْهَقَنِي المَسيِرُ وحَاجَتِي أمْرٌ يَسِيرٌ لا يُمِدُّ ويُثْقِلُ
شَيْئٌ من الحَسَناتِ يُنْقِظُنِي
وقد خَفَّتْ موازِيني وفيكَ أُأَمِّلُ
أنتَ الذي عَوَّدتَنِي فيما مَضَابَذْلاً
ومِثْلُكَ في المصائبِ يَبْذِلُ
وازْوَرَّ وَجْهُ أبيهِ عنه مُرَدِدً
نَفسي أحَقُّ بما تَقولُ وأمثَلُ
ومَضا كَفِيفَ البالِ يَسْأَلُ نَفْسَهُ
ماذا جَرَا لِأَبِي أَهذا يُعْقَلُ؟.
وَبَدَتْ له بين الجُمُوعِ حَنينةً
كانت تَفَضِّلُهُ وكان يُفَضِّلُ
وغَدَى يُنادِيها رُوَيْدُكِ زَوْجَتِي
فأنا الحبيبُ وليس مثلُكِ يَجْهَلُ
رَيْحَانتِي أَنَسِيتِِ أَيَّامَ الصِبَا
أيَّامَ كُنَّا من هَوَانَا نَنْهَلُ
أنا من وَهَبْتُكِ في فؤادي مَنْزِلاً
ما كان فيه لِغيرِ حُبِّكِ مَنْزِلُ
شيئٌ من الحسناتِ يُنْقِظُني
وقد خَفَّتْ مَوازِيني وفيكِ أُأَمِّلُ
قالتْ لهُ والهمُ يُشْعِلُ قَلْبَهالَهَبً
وفي أَحْشائها يَتْغَلْغَلُ
عُذْراً فَأنتَ رَفِيقُ عُمْرِي إنّما
نَفْسِي أحَقُّ بما تَقُولُ وأَمْثَلُ
وَمَضَا كَفِيفَ البالِ حتى لاحَ في وَسَطِ الزِحَامِ
خَيَالُ مَنْ لا يَبْخَلُ.
أُمٌّ رَؤومٌ رَاحَ يَرْكُدُ نَحْوَها
جَدِلاً وَهَل بَعْدَ الأُمُومَةِ مَوْئلُ.
حَمَلَتْهُ في أَحْشَائها وتَحَمَّلَتْ
من أجْلِ رَاحَتِهِ الذي لا يُحْمَلُ
أُمَّاهُ يا أُمَّاهْ مُدِّي لي يَدً فَلَكَمْ
بَذَلْتِ إذا ما أَتَيْتُكِ أَسْأَلُ.
شيْئٌ من الحَسَناتِ يُنْقِذُنِي
فَلَقد خَفَّتْ موازِيني وفيكِ أُأَمِّلُ.
قالت لهُ والدَمْعُ يَغْلِبُ صَدْرَها
نَفْسِي أَحَقُّ بما تَقُولُ وأَمْثَلُ.
ونَقَلْتُ طَرْفِي لَحْظَةً
فَرَأَيْتُ مالا تَسْتَرِيحُ له النُفُوسُ وتَقْبَلُ.
بَشَرٌ كَأَنَّهُمُ الحَوامِلُ قد مَشَوْ
مَشْيً والمُصِيبةُ أَثْقَلُ.
مَن هؤلاؤِ فقال مَنْ يَدْرِي بِهِمْ
أَهْلُ الرِبَا بِئسَ المَقَامُ المُخْجِلُ.
أَكَلوا الرِبَا جَهْرً ولم يَتَوَرَّعوا عن أَكْلِهِ
وَمَشَو إليهِ وَأَرْمَلوا.
ما صَدَّهُمْ عن أكْلِهِ بُطْلانَهُ
وَكَذَاكَ بَاطِلُ كل قوْمٍ يُبْطِلُ.
وَأخَذْتُ نَاحِية أُفَكِّرُ بالذي يَجْرِي
وَأُرْسِلُ نَاظِرِي وَأُأَمِّلُ.
ماذا أَرَا؟ رَجُلٌ يُحِيطُ بِرَأْسِه طَوقٌ
وفي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ مُحْجِلُ.
مَنْ ذلك الرَجُلُ التَعِيسُ فقال لي
مَنْ عندهُ خَبَرٌ يَقِينٌ يُنْقَلُ.
هذا الذي خانَ العُهُودَ
وعاشَ في دنياهُ يَغْتَصِبُ الحُقُوقَ وَيَأْكُلُ.
يَسْطُو على مالِ الضعِيفِ وأَرْضِهِ
واليومَ يَجْنِي ما تراهُ وَيَحْمِلُ.
الشِبْرُ في الدنيا يُقَابِلُهُ هُنا
سَبْعٌ من الأَرَضِينِ بئسَ المَحْمَلُ.
ورأيْتُ قومً يُدْعَسون كَأَنَّهُمْ
نَمْلٌ وَقَدْ ذَاقوا الهَوانَ وَجُلِّلوا.
مَنْ هؤلاءِ البائسون أَرَاهُمُو
هانوا ومن كُتُبِ الكَرامةِ أُعْقِلوا.
فأَجَابَنِي هُمْ كُلُّ مُخْتَالٍ لهُ
فيما مضا كِبْرٌ عليهِ يُعَوَّلُ.
وَذَهَلْتُ عنهم حين أَبْصَرََ ناظِرِي
رَجُلٌ يُسَاق إلى الجَحِيمِ وَيُعْتَلُ.
وَوَ رَاؤَهُ امْرَأةٌ يُحِيطُ بِجِيدِها
حَبْلٌ يُلَفُّ من الجَحِيمِ وَيُفْتَلُ.
مَنْ ذلك الرَجُلُ الشَقِيُّ وهذه
تَجْرِي على أعقابِهِ وَتُوَلْوِلُ.
هذا أَبُو لَهَبٍ وَزَوْجَتُهُ التي
كانت تَجُولُ على النَبِيِّ وَتَجْهَلُ.
وَأَخَذْتُ نَاحِيةٍ فلاحَ لِنَاظِرِي
رَوْضٌ وأزهارٌ ونورٌ مُقْبِلُ.
غُرَفٌ بطَائِنُها الحريرُ وتُرْبُها
مِسْكٌ بماء المَكرُماتِ مُبَلَّلُ.
ونِسَاؤها حورٌ فوجْهٌ مُشْرِقٌ
كالشمسِ صاطِعَةٌ وَطَرْفٌ أَكْحَلُ.
أنهارُها عَسَلٌ وخَمْرٍ لَذَّةٍ للشاربينَ
وَشُرْبُها لا يُثْمِلُ.
وبِنَاؤها من فِضَّةٍ من فوقِها ذَهَبٌ
وعند الله ما هو أَفْضَلُ.
وَأَقَلُّ مَنْ فيها نَصِيبً حَظُّهُ
أضْعَافُ دنيانا ورَبُّكَ يُجْزِلُ.
ورَأيتُ من فيها السَاكِنِينَ رُبُوعَها
نَحْوَ الجِنانِ وفي المَنَازِلِ أُنْزِلوا.
وعلى الأَرَائِكِ يجلِسُونَ حَدِيثُهُمْ
مُسْتَبْشِرِينَ بما رَأوْهُ وحَصَّلوا.
طوبا لكم هذيمَنَزِلِكُم فما
خابت مساعيِ مَنْ يَجِّدُ ويعمَلُ.
يتذكّرونَ حوادثِ الدنيا التي صَمَضُوا لها
وعلى الإله توكّلوا.
وأجَلْتُ طَرْفِي في الوُجُوهِ
فلاحَ لي وَجْهٌ بدا وكأنَّما هو مِشْعَلُ.
وجهُ الرسولِ يَشِعُّ نورً صادقً
قد جاء في حُلَلِ السعادة يَرْفُلُ.
ورأيتُ أصحابَ الرسولِ وقد مَضَوْ
نَحْوَ الجِنانِ وفي المَنَازِلِ أُنْزِلوا.
ورَأيتُ مؤمنَ آلِ فِرْعَونِ الذي نَبَذوا
وصَفْحَةُ وجهِهِ تَتَهَلَّلُ
والكوثرُ الرقراق لا تَسْألْ فما مثلي يُجيبُ
وليس مثلي يُسْألُ.
نَهرٌ كأنَّ الدُرَّ يجرِي بينَهُ
او أنّهُ النور الذي يتسلَّلُ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ هَاهُنا حَصَلَ الذي
ماكانَ لولا فَضْلُ رَبِّكَ يَحْصُلُ.
ورفعتُ طرفي لحظةً
فرأيتُ منلا شيئَ يُشْبِهِهُ وليس يُمَثَّلُ.
نورٌ تَجَلَّ للخلائقِ كُلِّها
فتواضعوا لجلالِهِ وتذَلَّلوا.
وقعوا سُجُودً يَلْهَجُونَ بذكرِهِ
والكونُ بالصَمْتِ المَهِيبِ مُكَلَّلُ.
سجدوا وأمّا المُبْطِلونَ فَحاولوا أن يسجُدوا لكنهم لم يفعلوا.
وصَحَوْتُ من حُلُمِي ونفسي بالذي شَاهَدَتْ مؤمنةٌ وعيْنِيَ تَهْطِلُ.
وَشَعُرْتُ أن مَظَاهِرَ الدنيا التي
تُهْوا نَشْوَةٌ لا تَكْمُلُ.
وعَلِمْتُ أن الله يُمْهِلُ عبدَه
عطفً عليه وأنهُ لا يُهْمِلُ.
وهُنا وَقَفْتُ وفي فؤاديَ دوْحَةٌ
تَحْنو عليَّ غصونُها وتظَلِّلُ.
هي روضةُ الإيمانِ يجرِي نهرُها
عَذْبً ويشْدُو في رُبَاها البُلْبُلُ....
"منقول من درس لفضيلة الشيخ محمد الصاوي حفظه الله ورعاه..."
وَقَفَتْ جَمِيعُ مَشَاعِري تَتَأَمَّلُ
وَفَمِي عن النُطْقِ المُبِينِ مُعَطّلُ.
ما كُنْتُ في حُلْمٍ ولا في يَقْظَةٍ
بل كُنْتُ بين يَدَيْهِمَا أَتَمَلْمَلُ,,.
أَرْنُو إلى الأُفُقِ البَعِيدِ فلا أرى
إلّا دُخَانً تَائهً يَتَجَوَّلُ.
وَحُشُودُ أَسْئِلَةٍ تَجُرُّ ذُيُولَها
نَحْوِي وبابُ الذِهْنِ عنها مُقْفَلُ.
أَحْسَسْتُ أَنَّ إِرَادَتِي مَسْلُوبةٌ
وَشَعُرْتُ أَنَّ مَخَاوِفِي تَتَرَهَّلُ.
وَشَعُرْتُ أنِّي في القِيامة واقِفٌ
والناسُ في سَاحَاتِها قد هَرْوَلوا.
يَسْعَوْنَ كَالمَوْجِ العَنِيفِ عُيُونُهُمْ
مَشْدُوهةٌ وعُقُولِهِم لا تَعْقِلُ.
والكَوْنُ من حَوْلِي ضَجِيجٌ مُرْعِبٌ
والأَرْضُ من حَوْلِي امْتِدَادٌ مُذْهِلُ.
والناسُ أَمْثالُ الفَرَاشِ تَقَاطَرُوا
من كلِ صَوْبٍ هَهُنَا وتكََتَّلوا.
كلُ الجِبَالُ تَحَوَّلَتْ من حَوْلِهِم
عَهْلاً وكلُّ الشَامِخَاتِ تُزَلْزَلُ
وجَمِيعُ مَن حَوْلِي بما في نَفْسِهِم
لاهِين فلا مُعْطٍ ولا مُتَفَضِّلُ
كلُ الخَلائِقِ في صَعِيدٍ واحِدٍ
جُمِعَتْ فَسُبْحَانَ الذي لا يَغْفُلُ.
وَأُقِيمَ مِيزَانُ العَدَالةِ بينَهُمْ
هذا بِهِ يَعْلُو وذلك يَنْزِلُ
وَتَجَمَّعَت كلُّ البَهَئمِ بَعْضُها
يَقْتَصُّ من بَعْضٍ ورَبُّكَ أعْدَلُ
حتى إذا فَرُغَ الحِسابُ وَأُنْصِفَتْ
من بَعْضِها نَزَلَ القضاءُ الأَمْثَلُ.
كُونِي تُرابً يا بهائمُ عندها
صاحَ الطُغَاةُ وبالأَمَاني جَلْجَلوا.
يا لَيْتَنا كُنَّا تُرابً مثلَها
يا لَيْتَنا عن أصْلِنا نَتَحَوَّلُ
هَيْهَاتَ لا تُجْدِي النَدَامةُ بعدَما
نُصِبَ الصِرَاطُ لَكُم وقام الفَيْصَلُ
وَمَضَيْتُ أقْرَأُ في الوُجُوهِ حِكايَةٌ
اجمَالُها عند الزَكِيِّ مُفَصَّلُ
وَرَأَيْتُ مالا كُنْتُ أَحْلُمُ أن أرى
حَوْلِي وقد كُشِفَ السِتَارُ المُسْدَلُ
هذا هو النَمْرُودُ يَنْدُبُ حَظَّهُ
والدَمْعُ من هَوْل المُصِيبةِ يَهْطُلُ
وهناكَ فِرْعَوْنُ المُؤلِّهُ نَفْسُهُ
يسعى بغيرِ بَصِيرةٍ ويُوَلْوِلُ
وهناكَ كِسْرا تاهَ عند إيوانِهِ
مُتَرَنِّحٌ في سَيْرِهِ مُتَمَلْمِلُ
وهناك قَيْصَرُ نَفْسُهُ مَكْسُورةٌ
وَبِقَلْبِهِ مما يُعَانِي مِرْجَلُ
وَهُنا أبُو جَهْلٍ يُرَاجِعُ نَفْسَهُ
عَيْناهُ تُوحِي أَنَّهُ يَتَوَسَّلُ
يا رَبُّ أَرْجِعْنا لِنَعْمَلَ صالِحً
غَيْرَ الذِي كُنَّا نَقُولُ وَنَعْمَلُ
هَيْهاتَ هَيْهاتَ لقد طُوِيَ الكتابُ
أَلَمْ يَكُنْ فيكم نَبِيٌّ بالهِدَايةِ مُرْسَلُ
سُبْحانَ رَبِّكَ هؤلاءِ جَمِيعِهِمْ
كانت لهم دارٌ هناك تُبَجَّلُ
لكنهم كَفَرُوا بِمَنْ أَعْطَاهُمُو
مُلْكً وا\عَاثوا في البِلادِ وقَتَّلوا.
وَرَمُوا بِشَرْعِ الله وراءَ ظُهُورِهِمْ
عَزَلُوهُ عن حُكْمِ الزمانِ وعَطَّلوا.
وَقَفوا وَآلافُ الضَحَايا حَوْلَهُمْ
فاليومَ يُنْظَرُ في الأُمورِ ويُنْظَرُ
واليومَ يَسْعَدُ مؤمِنٌ بِيَقِينِهِ
واليومَ يَشْقَا الفاسِدُ المُتَحَلِّلُ
واليوم يَمْتَدُّ الصِرَاطُ فَمُسْرِعٌ
نَحْوَ النَعِيمِ وزَاحِفٌ مُتَمَهِّلُ.
وَمُحَمَّلٌ بالذَنْبِ زَلّتْ رِجْلَهُ
فَهَوى ونارُ جَهَنَّمٍ تَسْتَقْبِلُ.
فَأزَلْتُ طَرْفِي ساعةً
فَرَأَيْتُ من أمْرِ القِيَمةِ ما يَرُوعُ وَيُذْهِلُ.
هذا أبٌ يسْعى إليهِ وَحِيدُهُ
وَبِمُقْلَتَيْهِ تَرَقُّبٌ وتَوَسُّلُ.
أَبَتَاهُ أرْهَقَنِي المَسيِرُ وحَاجَتِي أمْرٌ يَسِيرٌ لا يُمِدُّ ويُثْقِلُ
شَيْئٌ من الحَسَناتِ يُنْقِظُنِي
وقد خَفَّتْ موازِيني وفيكَ أُأَمِّلُ
أنتَ الذي عَوَّدتَنِي فيما مَضَابَذْلاً
ومِثْلُكَ في المصائبِ يَبْذِلُ
وازْوَرَّ وَجْهُ أبيهِ عنه مُرَدِدً
نَفسي أحَقُّ بما تَقولُ وأمثَلُ
ومَضا كَفِيفَ البالِ يَسْأَلُ نَفْسَهُ
ماذا جَرَا لِأَبِي أَهذا يُعْقَلُ؟.
وَبَدَتْ له بين الجُمُوعِ حَنينةً
كانت تَفَضِّلُهُ وكان يُفَضِّلُ
وغَدَى يُنادِيها رُوَيْدُكِ زَوْجَتِي
فأنا الحبيبُ وليس مثلُكِ يَجْهَلُ
رَيْحَانتِي أَنَسِيتِِ أَيَّامَ الصِبَا
أيَّامَ كُنَّا من هَوَانَا نَنْهَلُ
أنا من وَهَبْتُكِ في فؤادي مَنْزِلاً
ما كان فيه لِغيرِ حُبِّكِ مَنْزِلُ
شيئٌ من الحسناتِ يُنْقِظُني
وقد خَفَّتْ مَوازِيني وفيكِ أُأَمِّلُ
قالتْ لهُ والهمُ يُشْعِلُ قَلْبَهالَهَبً
وفي أَحْشائها يَتْغَلْغَلُ
عُذْراً فَأنتَ رَفِيقُ عُمْرِي إنّما
نَفْسِي أحَقُّ بما تَقُولُ وأَمْثَلُ
وَمَضَا كَفِيفَ البالِ حتى لاحَ في وَسَطِ الزِحَامِ
خَيَالُ مَنْ لا يَبْخَلُ.
أُمٌّ رَؤومٌ رَاحَ يَرْكُدُ نَحْوَها
جَدِلاً وَهَل بَعْدَ الأُمُومَةِ مَوْئلُ.
حَمَلَتْهُ في أَحْشَائها وتَحَمَّلَتْ
من أجْلِ رَاحَتِهِ الذي لا يُحْمَلُ
أُمَّاهُ يا أُمَّاهْ مُدِّي لي يَدً فَلَكَمْ
بَذَلْتِ إذا ما أَتَيْتُكِ أَسْأَلُ.
شيْئٌ من الحَسَناتِ يُنْقِذُنِي
فَلَقد خَفَّتْ موازِيني وفيكِ أُأَمِّلُ.
قالت لهُ والدَمْعُ يَغْلِبُ صَدْرَها
نَفْسِي أَحَقُّ بما تَقُولُ وأَمْثَلُ.
ونَقَلْتُ طَرْفِي لَحْظَةً
فَرَأَيْتُ مالا تَسْتَرِيحُ له النُفُوسُ وتَقْبَلُ.
بَشَرٌ كَأَنَّهُمُ الحَوامِلُ قد مَشَوْ
مَشْيً والمُصِيبةُ أَثْقَلُ.
مَن هؤلاؤِ فقال مَنْ يَدْرِي بِهِمْ
أَهْلُ الرِبَا بِئسَ المَقَامُ المُخْجِلُ.
أَكَلوا الرِبَا جَهْرً ولم يَتَوَرَّعوا عن أَكْلِهِ
وَمَشَو إليهِ وَأَرْمَلوا.
ما صَدَّهُمْ عن أكْلِهِ بُطْلانَهُ
وَكَذَاكَ بَاطِلُ كل قوْمٍ يُبْطِلُ.
وَأخَذْتُ نَاحِية أُفَكِّرُ بالذي يَجْرِي
وَأُرْسِلُ نَاظِرِي وَأُأَمِّلُ.
ماذا أَرَا؟ رَجُلٌ يُحِيطُ بِرَأْسِه طَوقٌ
وفي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ مُحْجِلُ.
مَنْ ذلك الرَجُلُ التَعِيسُ فقال لي
مَنْ عندهُ خَبَرٌ يَقِينٌ يُنْقَلُ.
هذا الذي خانَ العُهُودَ
وعاشَ في دنياهُ يَغْتَصِبُ الحُقُوقَ وَيَأْكُلُ.
يَسْطُو على مالِ الضعِيفِ وأَرْضِهِ
واليومَ يَجْنِي ما تراهُ وَيَحْمِلُ.
الشِبْرُ في الدنيا يُقَابِلُهُ هُنا
سَبْعٌ من الأَرَضِينِ بئسَ المَحْمَلُ.
ورأيْتُ قومً يُدْعَسون كَأَنَّهُمْ
نَمْلٌ وَقَدْ ذَاقوا الهَوانَ وَجُلِّلوا.
مَنْ هؤلاءِ البائسون أَرَاهُمُو
هانوا ومن كُتُبِ الكَرامةِ أُعْقِلوا.
فأَجَابَنِي هُمْ كُلُّ مُخْتَالٍ لهُ
فيما مضا كِبْرٌ عليهِ يُعَوَّلُ.
وَذَهَلْتُ عنهم حين أَبْصَرََ ناظِرِي
رَجُلٌ يُسَاق إلى الجَحِيمِ وَيُعْتَلُ.
وَوَ رَاؤَهُ امْرَأةٌ يُحِيطُ بِجِيدِها
حَبْلٌ يُلَفُّ من الجَحِيمِ وَيُفْتَلُ.
مَنْ ذلك الرَجُلُ الشَقِيُّ وهذه
تَجْرِي على أعقابِهِ وَتُوَلْوِلُ.
هذا أَبُو لَهَبٍ وَزَوْجَتُهُ التي
كانت تَجُولُ على النَبِيِّ وَتَجْهَلُ.
وَأَخَذْتُ نَاحِيةٍ فلاحَ لِنَاظِرِي
رَوْضٌ وأزهارٌ ونورٌ مُقْبِلُ.
غُرَفٌ بطَائِنُها الحريرُ وتُرْبُها
مِسْكٌ بماء المَكرُماتِ مُبَلَّلُ.
ونِسَاؤها حورٌ فوجْهٌ مُشْرِقٌ
كالشمسِ صاطِعَةٌ وَطَرْفٌ أَكْحَلُ.
أنهارُها عَسَلٌ وخَمْرٍ لَذَّةٍ للشاربينَ
وَشُرْبُها لا يُثْمِلُ.
وبِنَاؤها من فِضَّةٍ من فوقِها ذَهَبٌ
وعند الله ما هو أَفْضَلُ.
وَأَقَلُّ مَنْ فيها نَصِيبً حَظُّهُ
أضْعَافُ دنيانا ورَبُّكَ يُجْزِلُ.
ورَأيتُ من فيها السَاكِنِينَ رُبُوعَها
نَحْوَ الجِنانِ وفي المَنَازِلِ أُنْزِلوا.
وعلى الأَرَائِكِ يجلِسُونَ حَدِيثُهُمْ
مُسْتَبْشِرِينَ بما رَأوْهُ وحَصَّلوا.
طوبا لكم هذيمَنَزِلِكُم فما
خابت مساعيِ مَنْ يَجِّدُ ويعمَلُ.
يتذكّرونَ حوادثِ الدنيا التي صَمَضُوا لها
وعلى الإله توكّلوا.
وأجَلْتُ طَرْفِي في الوُجُوهِ
فلاحَ لي وَجْهٌ بدا وكأنَّما هو مِشْعَلُ.
وجهُ الرسولِ يَشِعُّ نورً صادقً
قد جاء في حُلَلِ السعادة يَرْفُلُ.
ورأيتُ أصحابَ الرسولِ وقد مَضَوْ
نَحْوَ الجِنانِ وفي المَنَازِلِ أُنْزِلوا.
ورَأيتُ مؤمنَ آلِ فِرْعَونِ الذي نَبَذوا
وصَفْحَةُ وجهِهِ تَتَهَلَّلُ
والكوثرُ الرقراق لا تَسْألْ فما مثلي يُجيبُ
وليس مثلي يُسْألُ.
نَهرٌ كأنَّ الدُرَّ يجرِي بينَهُ
او أنّهُ النور الذي يتسلَّلُ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ هَاهُنا حَصَلَ الذي
ماكانَ لولا فَضْلُ رَبِّكَ يَحْصُلُ.
ورفعتُ طرفي لحظةً
فرأيتُ منلا شيئَ يُشْبِهِهُ وليس يُمَثَّلُ.
نورٌ تَجَلَّ للخلائقِ كُلِّها
فتواضعوا لجلالِهِ وتذَلَّلوا.
وقعوا سُجُودً يَلْهَجُونَ بذكرِهِ
والكونُ بالصَمْتِ المَهِيبِ مُكَلَّلُ.
سجدوا وأمّا المُبْطِلونَ فَحاولوا أن يسجُدوا لكنهم لم يفعلوا.
وصَحَوْتُ من حُلُمِي ونفسي بالذي شَاهَدَتْ مؤمنةٌ وعيْنِيَ تَهْطِلُ.
وَشَعُرْتُ أن مَظَاهِرَ الدنيا التي
تُهْوا نَشْوَةٌ لا تَكْمُلُ.
وعَلِمْتُ أن الله يُمْهِلُ عبدَه
عطفً عليه وأنهُ لا يُهْمِلُ.
وهُنا وَقَفْتُ وفي فؤاديَ دوْحَةٌ
تَحْنو عليَّ غصونُها وتظَلِّلُ.
هي روضةُ الإيمانِ يجرِي نهرُها
عَذْبً ويشْدُو في رُبَاها البُلْبُلُ....
"منقول من درس لفضيلة الشيخ محمد الصاوي حفظه الله ورعاه..."
تعليق