التوبه
هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً.. وهي اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان..
هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط،
هي الينبوع الفياض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة...
هي ملاك الأمر، ومبعث الحياة، ومناط الفلاح.
.. هي أول المنازل وأوسطها وآخرها... هي بداية العبد ونهايته...
هي ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه،
والندم على فعله، والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه...
هي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكف عن الذنب.
قال الله سبحانه وتعالى
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النور
هذه الايه فى سوره مدنيه وهى سورة النور فقد خاطب الله بها اهل الايمان من
اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ان يتوبوا اليه بعد ايمانهم وصبرهم
وهجرتهم وجهادهم وعلق الفلاح بالتوبه فلا يرجو الفلاح الا التائبون
قال الله سبحانه وتعالى
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) سورة الحجرات
قسم الله سبحانه وتعالى عباده الى تائب وظالم
والظالم هو الذى لم يتب الى الله عز وجل
عن ابى هريره رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
صحيح البخارى
هذا هو رسول الله الذى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يتوب الى الله فى
اليوم اكثر من سبعين مره فماذا عنا ونحن اصحاب ذنوب كالجبال
شروط التوبه
شروط التوبه الصادقه ::
أولاً: الإخلاص لله تعالى:
فيكون الباعث على التوبة حب الله وتعظيمه ورجاؤه والطمع في ثوابه، والخوف من عقابه، لا تقرباً إلىمخلوق، ولا قصداً في عرض من أعراض الدنيا الزائلة، ولهذا قال سبحانه { إِلاَّالَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ
وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْدِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }
[النساء:146].
ثانياً: الإقلاع عن المعصية:
فلا تتصور صحة التوبة معالإقامة على المعاصي حال التوبة.
أما إن عاود الذنب بعد التوبة الصحيحة،
فلا تبطلتوبته المتقدمة، ولكنه يحتاج إلى توبته جديدة وهكذا.
ثالثاً: الاعتراف بالذنب:
إذ لا يمكن أن يتوب المرء من شئ لا يعده ذنباً.
رابعاً: الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي:
ولا تتصور التوبة إلا من نادم حزين آسف على مابدر منه من المعاصي،
لذا لا يعد نادماً من يتحدث بمعاصيه السابقة ويفتخر بذلك ويتباهى بها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
« الندم توبة » [رواه حمد وابن ماجةوصححه الألباني].
خامساً: العزم على عدم العودة:
فلا تصح التوبة من عبد ينوي الرجوع إلى الذنب بعد التوبة،
وإنما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدث نفسه ألايعود إليه في المستقبل.
سادساً: ردّ المظالم إلى أهلها:
فإن كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين وجب عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها إذا أراد أن تكون توبتهصحيحة مقبولة ؛
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
« من كانت عنده مظلمة لأحد من عرضأو شئ فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذمنه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه » [رواه البخاري].
سابعاً: أن تصدر في زمن قبولها:
وهو ما قبل حضور الأجل،وطلوع الشمس من مغربها،
وقال صلى الله عليه وسلم:
« إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر »
[رواه أحمد والترمذي وصححه النووي].
وقال:
« إن الله يبسط يده بالليل ليتوبمسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها » [رواه مسلم]
*** الله يدعو الكون كله للتوبه ***
إن الله سبحانه وتعالى دعا الناس جميعا الى التوبه الصادقه والرجوع اليه
فقد دعا الله المشركين للتوبه قال الله عز وجل
فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ (11) سورة التوبه
ودعا الله اهل الكتاب من اليهود والنصارى للتوبه اليهود والنصارى الذين قال
الله فى شأنهم
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ
يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا
وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا
اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) سورة المائده
والذين قال الله فيهم
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) سورة المائده
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا
عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) سورة المائده
ومع ذلك فتح الله لهم بابا للتوبه فقال عز وجل
أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) سورة المائده
ودعا الله النافقين الى التوبه المنافقين الذين قال الله فى شأنهم
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)
سورة النساء
فدعاهم الله الى التوبه وقال
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ
الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) سورة النساء
وفتح الله باب التوبه لأصحاب الكبائر ان يتوبوا
قال الله سبحانه وتعالى
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ
يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ
خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) سورة المائده
ففتح الله لهم باب التوبه وقال
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)
سورة المائده
فتح الله باب التوبه لأهل الشرك والقتل والزنا ودعاهم للتوبه
قال الله عز وجل
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)
سورة الفرقان
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَحِيمًا (70) سورة الفرقان
يتوب الله عليهم ويبدل السيئات حسنات
ما اعظمك يارب
وهؤلاء الذين اضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات وتهاونوا فى حق الله سبحانه
وتعالى ماذا يقول الله عنهم
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) سورة مريم
الغى وادى فى جهنم شديد حره بعيد قعره خبيث طعمه
ففتح الله لهم باب التوبه وقال
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا
(60) سورة مريم
بل ودعا الله المسرفين على انفسهم بالذنوب والمعاصى أن يتوبوا الى العزيز
الغفار فقال الله عز وجل
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر
كل هذه الامثله تفتح لنا باب الرجاء فى الله سبحانه وتعالى وليس باب الجرأه
على الله بالذنوب والمعاصى فالله وصف نفسه بأنه غفور رحيم ولكن لا ننسى
ان الله وصف نفسه بأنه شديد العقاب
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)
سورة الحجر
وللتوبة علامات تدل على صحتها وقبولها، ومن هذه العلامات:
1- أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها:
وكل إنسان يستشعر ذلك من نفسه، فمن كان بع التوبة مقبلاً على الله، عالي الهمة قوي العزيمة دلّ ذلك على صدق توبته وصحتها وقبولها.
2- ألا يزال الخوف من العودة الى الذنب مصاحباً له:
فإن العاقل لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر حتى يسمع الملائكة الموكلين بقبض روحه: ( أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) [فصلت:30]، فعند ذلك يزول خوفه ويذهب قلقه.
3- أن يستعظم الجناية التي تصدر منه وإن كان قد تاب منها:
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:
{ إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه، فقال له هكذا }. وقال بعض السلف: (لا تنظر الى صغر المعصية ولكن انظر الى من عصيت).
4- أن تحدث التوبة للعبد انكساراً في قلبه وذلاً وتواضعاً بين يدي ربه:
وليس هناك شئ أحب الى الله من أن يأتيه عبده منكسراً ذليلاً خاضعاً مخبتاً منيباً، رطب القلب بذكر الله، لا غرور، ولا عجب، ولا حب للمدح، ولا معايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم. فمن لم يجد ذلك فليتهم توبته، وليرجع الى تصحيحها.
5- أن يحذر من أمر جوارحه:
فليحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة وفضول الكلام، ويشغله بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه. ويحذر من أمر بطنه، فلا يأكل إلا حلالاً. ويحذر من أمر بصره، فلا ينظر الى الحرام، ويحذر من أمر سمعه، فلا يستمع الى غناء أو كذب أو غيبة، ويحذر من أمر يديه، فلا يمدهما في الحرام، ويحذر من أمر رجليه فلا يمشي بهما الى مواطن المعصية، ويحذر من أمر قلبه، فيطهره من البغض والحسد والكره، ويحذر من أمر طاعته، فيجعلها خالصة لوجه الله، ويبتعد عن الرياء والسمعة
*** الله يفرح بتوبتك ***
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«لله أشد فرحا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض
فلاة. فانفلتت منه. وعليها طعامه وشرابه. فأيس منها. فأتى شجرة. فاضطجع
في ظلها. قد أيس من راحلته. فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده. فأخذ
بخطامها. ثم قال من شدة الفرح: اللهم! أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة
الفرح» [رواه مسلم].
فتخيلوا فرحة الله بتوبة عبده اشد من فرحة هذا العبد برجوع اسباب الحياه اليه
بعد ان فقد الامل
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: "يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ
غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ
السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ
خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً"
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحَيْحٌ
وعن أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّه عنه عن النبي صَلَّى اللّه
عليه وسلّم قال: " إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط
يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها رواه مسلم
دروس عن التوبه
التوبة الصادقة للشيخ خالد الراشد
قرار التوبه للشيخ هانى حلمى
علامات قبول التوبة للشيخ محمد حسان
التوبه للشيخ محمود المصرى
مجهود مشترك لا تنسوونا من طيب الدعاء
هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً.. وهي اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان..
هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط،
هي الينبوع الفياض لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة...
هي ملاك الأمر، ومبعث الحياة، ومناط الفلاح.
.. هي أول المنازل وأوسطها وآخرها... هي بداية العبد ونهايته...
هي ترك الذنب مخافة الله، واستشعار قبحه،
والندم على فعله، والعزيمة على عدم العودة إليه إذا قدر عليه...
هي شعور بالندم على ما وقع، وتوجه إلى الله فيما بقي، وكف عن الذنب.
قال الله سبحانه وتعالى
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النور
هذه الايه فى سوره مدنيه وهى سورة النور فقد خاطب الله بها اهل الايمان من
اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ان يتوبوا اليه بعد ايمانهم وصبرهم
وهجرتهم وجهادهم وعلق الفلاح بالتوبه فلا يرجو الفلاح الا التائبون
قال الله سبحانه وتعالى
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) سورة الحجرات
قسم الله سبحانه وتعالى عباده الى تائب وظالم
والظالم هو الذى لم يتب الى الله عز وجل
عن ابى هريره رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة
صحيح البخارى
هذا هو رسول الله الذى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يتوب الى الله فى
اليوم اكثر من سبعين مره فماذا عنا ونحن اصحاب ذنوب كالجبال
شروط التوبه
شروط التوبه الصادقه ::
أولاً: الإخلاص لله تعالى:
فيكون الباعث على التوبة حب الله وتعظيمه ورجاؤه والطمع في ثوابه، والخوف من عقابه، لا تقرباً إلىمخلوق، ولا قصداً في عرض من أعراض الدنيا الزائلة، ولهذا قال سبحانه { إِلاَّالَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ
وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْدِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }
[النساء:146].
ثانياً: الإقلاع عن المعصية:
فلا تتصور صحة التوبة معالإقامة على المعاصي حال التوبة.
أما إن عاود الذنب بعد التوبة الصحيحة،
فلا تبطلتوبته المتقدمة، ولكنه يحتاج إلى توبته جديدة وهكذا.
ثالثاً: الاعتراف بالذنب:
إذ لا يمكن أن يتوب المرء من شئ لا يعده ذنباً.
رابعاً: الندم على ما سلف من الذنوب والمعاصي:
ولا تتصور التوبة إلا من نادم حزين آسف على مابدر منه من المعاصي،
لذا لا يعد نادماً من يتحدث بمعاصيه السابقة ويفتخر بذلك ويتباهى بها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
« الندم توبة » [رواه حمد وابن ماجةوصححه الألباني].
خامساً: العزم على عدم العودة:
فلا تصح التوبة من عبد ينوي الرجوع إلى الذنب بعد التوبة،
وإنما عليه أن يتوب من الذنب وهو يحدث نفسه ألايعود إليه في المستقبل.
سادساً: ردّ المظالم إلى أهلها:
فإن كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين وجب عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها إذا أراد أن تكون توبتهصحيحة مقبولة ؛
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
« من كانت عنده مظلمة لأحد من عرضأو شئ فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذمنه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه » [رواه البخاري].
سابعاً: أن تصدر في زمن قبولها:
وهو ما قبل حضور الأجل،وطلوع الشمس من مغربها،
وقال صلى الله عليه وسلم:
« إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر »
[رواه أحمد والترمذي وصححه النووي].
وقال:
« إن الله يبسط يده بالليل ليتوبمسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها » [رواه مسلم]
*** الله يدعو الكون كله للتوبه ***
إن الله سبحانه وتعالى دعا الناس جميعا الى التوبه الصادقه والرجوع اليه
فقد دعا الله المشركين للتوبه قال الله عز وجل
فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ (11) سورة التوبه
ودعا الله اهل الكتاب من اليهود والنصارى للتوبه اليهود والنصارى الذين قال
الله فى شأنهم
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ
يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا
وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا
اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) سورة المائده
والذين قال الله فيهم
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) سورة المائده
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا
عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) سورة المائده
ومع ذلك فتح الله لهم بابا للتوبه فقال عز وجل
أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) سورة المائده
ودعا الله النافقين الى التوبه المنافقين الذين قال الله فى شأنهم
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)
سورة النساء
فدعاهم الله الى التوبه وقال
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ
الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) سورة النساء
وفتح الله باب التوبه لأصحاب الكبائر ان يتوبوا
قال الله سبحانه وتعالى
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ
يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ
خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) سورة المائده
ففتح الله لهم باب التوبه وقال
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)
سورة المائده
فتح الله باب التوبه لأهل الشرك والقتل والزنا ودعاهم للتوبه
قال الله عز وجل
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)
سورة الفرقان
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَحِيمًا (70) سورة الفرقان
يتوب الله عليهم ويبدل السيئات حسنات
ما اعظمك يارب
وهؤلاء الذين اضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات وتهاونوا فى حق الله سبحانه
وتعالى ماذا يقول الله عنهم
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) سورة مريم
الغى وادى فى جهنم شديد حره بعيد قعره خبيث طعمه
ففتح الله لهم باب التوبه وقال
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا
(60) سورة مريم
بل ودعا الله المسرفين على انفسهم بالذنوب والمعاصى أن يتوبوا الى العزيز
الغفار فقال الله عز وجل
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) سورة الزمر
كل هذه الامثله تفتح لنا باب الرجاء فى الله سبحانه وتعالى وليس باب الجرأه
على الله بالذنوب والمعاصى فالله وصف نفسه بأنه غفور رحيم ولكن لا ننسى
ان الله وصف نفسه بأنه شديد العقاب
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)
سورة الحجر
وللتوبة علامات تدل على صحتها وقبولها، ومن هذه العلامات:
1- أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها:
وكل إنسان يستشعر ذلك من نفسه، فمن كان بع التوبة مقبلاً على الله، عالي الهمة قوي العزيمة دلّ ذلك على صدق توبته وصحتها وقبولها.
2- ألا يزال الخوف من العودة الى الذنب مصاحباً له:
فإن العاقل لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر حتى يسمع الملائكة الموكلين بقبض روحه: ( أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) [فصلت:30]، فعند ذلك يزول خوفه ويذهب قلقه.
3- أن يستعظم الجناية التي تصدر منه وإن كان قد تاب منها:
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:
{ إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه، فقال له هكذا }. وقال بعض السلف: (لا تنظر الى صغر المعصية ولكن انظر الى من عصيت).
4- أن تحدث التوبة للعبد انكساراً في قلبه وذلاً وتواضعاً بين يدي ربه:
وليس هناك شئ أحب الى الله من أن يأتيه عبده منكسراً ذليلاً خاضعاً مخبتاً منيباً، رطب القلب بذكر الله، لا غرور، ولا عجب، ولا حب للمدح، ولا معايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم. فمن لم يجد ذلك فليتهم توبته، وليرجع الى تصحيحها.
5- أن يحذر من أمر جوارحه:
فليحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة وفضول الكلام، ويشغله بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه. ويحذر من أمر بطنه، فلا يأكل إلا حلالاً. ويحذر من أمر بصره، فلا ينظر الى الحرام، ويحذر من أمر سمعه، فلا يستمع الى غناء أو كذب أو غيبة، ويحذر من أمر يديه، فلا يمدهما في الحرام، ويحذر من أمر رجليه فلا يمشي بهما الى مواطن المعصية، ويحذر من أمر قلبه، فيطهره من البغض والحسد والكره، ويحذر من أمر طاعته، فيجعلها خالصة لوجه الله، ويبتعد عن الرياء والسمعة
*** الله يفرح بتوبتك ***
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
«لله أشد فرحا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض
فلاة. فانفلتت منه. وعليها طعامه وشرابه. فأيس منها. فأتى شجرة. فاضطجع
في ظلها. قد أيس من راحلته. فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده. فأخذ
بخطامها. ثم قال من شدة الفرح: اللهم! أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة
الفرح» [رواه مسلم].
فتخيلوا فرحة الله بتوبة عبده اشد من فرحة هذا العبد برجوع اسباب الحياه اليه
بعد ان فقد الامل
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: "يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ
غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ
السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ
خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً"
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحَيْحٌ
وعن أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّه عنه عن النبي صَلَّى اللّه
عليه وسلّم قال: " إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط
يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها رواه مسلم
دروس عن التوبه
التوبة الصادقة للشيخ خالد الراشد
قرار التوبه للشيخ هانى حلمى
علامات قبول التوبة للشيخ محمد حسان
التوبه للشيخ محمود المصرى
مجهود مشترك لا تنسوونا من طيب الدعاء
تعليق