بسم الله الرحمن الرحيم
كلمات تأثرت بها كثيرا فنقلتها لكم
رسـاله لإعتذار لآختى هبه الفلسطنيه وجميع أهلنا فى فلسـطين الحبيبه
لكم يتملكني الخجل وأنا جالس في مكتبي أسطر تلك السطور , وآخرون من إخواننا يكابدون عناء القصف والجوع والظلام , ولست أستطيع أن أخفف عنهم محنتهم ..
إنني ما تجرأت على أن أمسك القلم لأكتب لأهلنا في غزة إلا لأنها رسالة اعتذار , ولسنا للأسف نملك سوى الاعتذار ..
إنها رسالة اعتذار لكل مريض فقد دواءه ولم يستطع الحصول عليه , فيعاني شدة الآلام , ورسالة اعتذار لكل عائل أسرة قد فقد عمله ومصدر قوته , فيعاني كل حرقة إذ يرى أبناءه يتألمون من الجوع ..
ورسالة اعتذار إلى كل أم ثكلى قد فقدت وليدها بصاروخ مجرم , وراحت صرخاتها وسط ضجيج الصرخات ..
ورسالة اعتذار إلى كل يتيم فقد أباه برصاصة ملعونة , فراح يبحث عن بقايا جسد أبيه وسط الأشلاء ..
لكأن الطرق مسدودة بلون الدم , بلون الألم , والجدران تهدمت , بعدما نخرتها معاول الصمت واشتكت من جلد العدو وضعف الصديق ..
ولكأن الشوارع السابحة في الظلام الدامس تاهت أسماؤها , وتشابهت , فالكل يؤدي لمثوى واحد هو مثوى النحيب ..
كل ثلاجات الموتى قد امتلأت عن آخرها , وكل المستشفيات قد امتلأت بالجراح وبالأنين
عشرات الشهداء ومئات الجرحى تختلط دماؤهم بدماء بعض , وتختلط منهم قطرات الدم وقطرات الدمع المنهمر من قلوب جميع الشعب المجروح بجراح الغدر .
وصوبت الطائرات الحقود جام أذاها في صباح ايام مكلومة على البيوت والطرقات , فسقط أطفال صغار, وشيوخ كبار , ونساء أرهقهن عناء الطريق , بين قتيل زفته الحورإلى الشهادة , وجريح لا يلوى على شيء سوى الشهادة ..
فيا شعب الشهداء : أيكم الشهيد القادم حتى نعد له أكاليل الانتصار؟! حتى نكتب له ألف قصيدة شعر أبياتها من لون حياة أحمد يس ..
وظلت الأمهات يبحثن عن بقايا أطفالهن في كل مكان .. بجوار أطر السيارات , وأرصفة الشوارع , وأبواب الدكاكين المغلقة ..
فياأم الصغير الذي اغتالته دبابات الغل القديم : قولي للجالسين فوق موائد بيع فلسطين : إن ابنك الجميل قد قتل , وهو يلقى الحجر الصغير من قبضة يده الرقيقة , ليعود إليك يسعدك بخبر إلقاء ذاك الحجر , ويقول لك : يا أماه : ألقيت الحجر , وعدت كرجل !! عدت ببسمة على شفتي , يا أماه : إني الأمل , حتى لو مت , فانسجي من أنات موتى ثوبا جديدا وسميه باسم فلسطين .
إن المحنة دوما هي رحم التربية الناجحة , ومنطلق ولادة الانتصار , وإن آتون الآلام لتنصهر به الصفات فيتميز طيبها من خبيثها , فتنقى كما ينقى الذهب الإبريز , فلا يبقى ثَم في الأطفال بعد المحنة إلا صفات الرجولة والعزم ولا يبقى في النساء إلا صفات الفضيلة والصبر والقناعة ولا يبقى في الرجال إلا الكرامة والاستعلاء فوق الأزمات ..
والمربون الذين يتصورون انتاج جيل قائد من الأبناء بدون أن تدعكهم التجارب وتعتصرهم المحن وتمر بهم الابتلاءات , هم مخطئون ولاشك , إذ إنه قانون رباني خالد , ذاك الذي عقد الاختبار والابتلاء في ناصية الفوز والنصر والنجاح ,قال تعالى "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (البقره 214)
إن أظافر المحنة الجارحة لتفتل حبلا وثيقا يربط المؤمن بالله , حين يرى ضعفه وقلة حيلته , ويدرك فقره وخور قوته , فيلجأ إلى القوى العزيز ويقر له بكل حول وقوة وبكل قدرة وعزة وبكل قيومية وشهادة , فيسلم شأنه لربه , وتصبح حياته سابحة في يقين راسخ وتوكل مخلص ..تنتظر لحظة الانتصار
لقد استمعت إلى تصريحات الطبيب عن الشهداء والأطفال وهو يقول : إن الجثث وصلت محترقة ومقطعة بشكل كامل , ما صعب التعرف على هوية بعض الشهداء ..
وذكرت عندها مقولة عمر – رضي الله عنه - يوم لم يعرف أسماء بعض الشهداء .. فما زاد أن قال : ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرفهم !
فيا عمر بن الخطاب يا فاتح الأقصى , ومذل الظالمين وناشر العدل والحرية والكرامة : هل أتاك نبأ الأمة بعد قرون؟؟ دين مضطهد , وأمل مغتال , وطفل يقتل, ومسجد يتهدم ,.. وآخرون يصطفون في طوابير العمالة , يتقوتون الخبز من أيدٍ ملوثة بدماء أبنائنا .. ويصافحون الصهاينة في الأروقة !!
إنها مقارنة تفرض نفسها في كل وقت وحين , بين قوم طابت أنفسهم لما عند ربهم , ورأو الحياة كلها طاعة له وعبودية , فلم يهمهم ذكرهم ولا علوهم فيها , فراحوا ينشرون معاني التضحية والفداء , يرتجون رحمته ويسارعون إلى جنته , وبين آخرين غرتهم الأيام واجتالتهم ألوان الزخارف , وجذبهم بريق المال , واستكانة الراحة , وصولجان السيطرة على الناس , فذلوا لعدوهم , وقدموا له قرابين الولاء !
ثم أخبرت الأنباء أن قادة يهود قد اتخذوا قرارا أن يستمر سفك الدماء , غير آبهين بذاك البركان المتزلزل في القلوب والنفوس , غير آبهين بتلك المجازر , وأنهم أحكموا الحصار على القطاع , وأغلقوا المعابر , وقطعوا الكهرباء , وقصفوا المدارس , وسدوا الطريق إلى المساجد , واستهدفوا سيارات الإسعاف , وأن الطائرات التي قصفت الأطفال في الصباح , ستعود بالمساء , تريد إشباع النهم الصهيوني للون الدماء ..
ذكرت حينها مقولة الرنتيسي – رحمه الله – يربي أبناء فلسطين , يوم أن حاول اليهود قتله , وحاصروا طريقه وقتلوا أقرباءه وهددوه بموت قريب .. قام فقال : ( نحن لا يرهبنا الموت , فالموت شهادة عزيزة ننتظرها , وإننا يوم اخترنا ذاك الطريق كنا نعلم مقدار التضحيات , وإننا سنظل على سبيلنا ما حيينا وما نبضت منا العروق , وإن مت أنا وأصحابي وغيرنا , سيخرج للشعب رجال ورجال , يهزمون الغاصبين وينشرون العدل ويطهرون الأقصى , والله غالب على أمره ) ..هكذا قال الرجل ..
فأنتم يا فرسان فلسطين قد علّمتم العالم معنى المعجزة عندما تتحول إلى واقع يحيا , جسد مكبل وروح رفرافة , جيش مسلوب وسلاح حي , وصاروخ مصنوع من اليد النازفة , وغضبة موقوتة ملؤها يقين وثبات , وتوكل وإنابة ... ورغبة في الخلود
ثم هاأنتم يارجال فلسطين , وبعد سنين طوال تستقبلون يوما آخر من أيام النزف , وكعادتكم , ترفعون معه راية الانتصار , تزينها كل أسماء الشهداء والجرحى والثابتين من أبناء ذاك الشعب الأبي الكريم , ترفعون راية الانتصار .. فأنتم أصحاب الانتصار ...
انتصرتم يوم ظللتم ثابتين على مبادئكم لتلك السنين , وانتصرتم يوم زغردت أمهات الشهداء عندما بلغهم نبأ الوفاة , وانتصرتم يوم زف شهداءكم ملايين المشيعين في أرجاء العالم كله , وانتصرتم يوم استطعتم صناعة قادة أمثال هؤلاء الميامين , وانتصرتم يوم هزمتم الجدار المزعوم , وانتصرتم يوم دعوتم للسلام وسعيتم للحرص عليه ..
لقد رقيتم مرتقى علويا , وتركتمونا ها هنا , وحدنا , نعاني القيد وأسر الزخارف والشهوات , ونلملم في كل يوم بقايا الانكسار مصحوبة بثمن بخس مهين ..
لكم نشعر بمرارة في حلوقنا وحسرة في مشاعرنا أنا لم نستطع أن نقدم سوى النذرالنادر القليل , ولم نستطع أن نمسح دمعة طفل لفراق أبيه , ولم نستطع أن نعالج جرحا نازفا في صدر أبيّ صامد , ولم نستطع تقديم شربة ماء لحلق قد أكله الجفاف , ولم نستطع حتى أن نشارك في جنازة الشهداء .
إن اهتمامنا لأمركم ليس شأنا خاصا بنا , وبكاءنا على آلامكم ليس مجرد عاطفة عابرة في صدورنا , وحرصنا على خيركم ليس فضلا كامنا فينا , ورغبتنا في نصرتكم ليس صدقة نتصدقها , إنما اهتمامنا بكم واجب شرعي في أعناقنا , وبكاؤنا إنما هو على جراح أجسادنا التي إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائرها بالحمى والسهر , ونصرتكم ديانة وثواب , وعزة لنا وكرامة , وحرصنا على خيركم هو حرص النفس على خير ذاتها ..
فيا أيها الشعب الحبيب .. نستميحك عذرا أنا لا نقدر لك سوى على ذاك القليل , ولكن عزاءنا أنه قليل قد قطعناه من جوف قلوبنا , دعاء وابتهالا , ورجاء وتضرعا لله الكريم
كلمات تأثرت بها كثيرا فنقلتها لكم
رسـاله لإعتذار لآختى هبه الفلسطنيه وجميع أهلنا فى فلسـطين الحبيبه
لكم يتملكني الخجل وأنا جالس في مكتبي أسطر تلك السطور , وآخرون من إخواننا يكابدون عناء القصف والجوع والظلام , ولست أستطيع أن أخفف عنهم محنتهم ..
إنني ما تجرأت على أن أمسك القلم لأكتب لأهلنا في غزة إلا لأنها رسالة اعتذار , ولسنا للأسف نملك سوى الاعتذار ..
إنها رسالة اعتذار لكل مريض فقد دواءه ولم يستطع الحصول عليه , فيعاني شدة الآلام , ورسالة اعتذار لكل عائل أسرة قد فقد عمله ومصدر قوته , فيعاني كل حرقة إذ يرى أبناءه يتألمون من الجوع ..
ورسالة اعتذار إلى كل أم ثكلى قد فقدت وليدها بصاروخ مجرم , وراحت صرخاتها وسط ضجيج الصرخات ..
ورسالة اعتذار إلى كل يتيم فقد أباه برصاصة ملعونة , فراح يبحث عن بقايا جسد أبيه وسط الأشلاء ..
لكأن الطرق مسدودة بلون الدم , بلون الألم , والجدران تهدمت , بعدما نخرتها معاول الصمت واشتكت من جلد العدو وضعف الصديق ..
ولكأن الشوارع السابحة في الظلام الدامس تاهت أسماؤها , وتشابهت , فالكل يؤدي لمثوى واحد هو مثوى النحيب ..
كل ثلاجات الموتى قد امتلأت عن آخرها , وكل المستشفيات قد امتلأت بالجراح وبالأنين
عشرات الشهداء ومئات الجرحى تختلط دماؤهم بدماء بعض , وتختلط منهم قطرات الدم وقطرات الدمع المنهمر من قلوب جميع الشعب المجروح بجراح الغدر .
وصوبت الطائرات الحقود جام أذاها في صباح ايام مكلومة على البيوت والطرقات , فسقط أطفال صغار, وشيوخ كبار , ونساء أرهقهن عناء الطريق , بين قتيل زفته الحورإلى الشهادة , وجريح لا يلوى على شيء سوى الشهادة ..
فيا شعب الشهداء : أيكم الشهيد القادم حتى نعد له أكاليل الانتصار؟! حتى نكتب له ألف قصيدة شعر أبياتها من لون حياة أحمد يس ..
وظلت الأمهات يبحثن عن بقايا أطفالهن في كل مكان .. بجوار أطر السيارات , وأرصفة الشوارع , وأبواب الدكاكين المغلقة ..
فياأم الصغير الذي اغتالته دبابات الغل القديم : قولي للجالسين فوق موائد بيع فلسطين : إن ابنك الجميل قد قتل , وهو يلقى الحجر الصغير من قبضة يده الرقيقة , ليعود إليك يسعدك بخبر إلقاء ذاك الحجر , ويقول لك : يا أماه : ألقيت الحجر , وعدت كرجل !! عدت ببسمة على شفتي , يا أماه : إني الأمل , حتى لو مت , فانسجي من أنات موتى ثوبا جديدا وسميه باسم فلسطين .
إن المحنة دوما هي رحم التربية الناجحة , ومنطلق ولادة الانتصار , وإن آتون الآلام لتنصهر به الصفات فيتميز طيبها من خبيثها , فتنقى كما ينقى الذهب الإبريز , فلا يبقى ثَم في الأطفال بعد المحنة إلا صفات الرجولة والعزم ولا يبقى في النساء إلا صفات الفضيلة والصبر والقناعة ولا يبقى في الرجال إلا الكرامة والاستعلاء فوق الأزمات ..
والمربون الذين يتصورون انتاج جيل قائد من الأبناء بدون أن تدعكهم التجارب وتعتصرهم المحن وتمر بهم الابتلاءات , هم مخطئون ولاشك , إذ إنه قانون رباني خالد , ذاك الذي عقد الاختبار والابتلاء في ناصية الفوز والنصر والنجاح ,قال تعالى "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (البقره 214)
إن أظافر المحنة الجارحة لتفتل حبلا وثيقا يربط المؤمن بالله , حين يرى ضعفه وقلة حيلته , ويدرك فقره وخور قوته , فيلجأ إلى القوى العزيز ويقر له بكل حول وقوة وبكل قدرة وعزة وبكل قيومية وشهادة , فيسلم شأنه لربه , وتصبح حياته سابحة في يقين راسخ وتوكل مخلص ..تنتظر لحظة الانتصار
لقد استمعت إلى تصريحات الطبيب عن الشهداء والأطفال وهو يقول : إن الجثث وصلت محترقة ومقطعة بشكل كامل , ما صعب التعرف على هوية بعض الشهداء ..
وذكرت عندها مقولة عمر – رضي الله عنه - يوم لم يعرف أسماء بعض الشهداء .. فما زاد أن قال : ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرفهم !
فيا عمر بن الخطاب يا فاتح الأقصى , ومذل الظالمين وناشر العدل والحرية والكرامة : هل أتاك نبأ الأمة بعد قرون؟؟ دين مضطهد , وأمل مغتال , وطفل يقتل, ومسجد يتهدم ,.. وآخرون يصطفون في طوابير العمالة , يتقوتون الخبز من أيدٍ ملوثة بدماء أبنائنا .. ويصافحون الصهاينة في الأروقة !!
إنها مقارنة تفرض نفسها في كل وقت وحين , بين قوم طابت أنفسهم لما عند ربهم , ورأو الحياة كلها طاعة له وعبودية , فلم يهمهم ذكرهم ولا علوهم فيها , فراحوا ينشرون معاني التضحية والفداء , يرتجون رحمته ويسارعون إلى جنته , وبين آخرين غرتهم الأيام واجتالتهم ألوان الزخارف , وجذبهم بريق المال , واستكانة الراحة , وصولجان السيطرة على الناس , فذلوا لعدوهم , وقدموا له قرابين الولاء !
ثم أخبرت الأنباء أن قادة يهود قد اتخذوا قرارا أن يستمر سفك الدماء , غير آبهين بذاك البركان المتزلزل في القلوب والنفوس , غير آبهين بتلك المجازر , وأنهم أحكموا الحصار على القطاع , وأغلقوا المعابر , وقطعوا الكهرباء , وقصفوا المدارس , وسدوا الطريق إلى المساجد , واستهدفوا سيارات الإسعاف , وأن الطائرات التي قصفت الأطفال في الصباح , ستعود بالمساء , تريد إشباع النهم الصهيوني للون الدماء ..
ذكرت حينها مقولة الرنتيسي – رحمه الله – يربي أبناء فلسطين , يوم أن حاول اليهود قتله , وحاصروا طريقه وقتلوا أقرباءه وهددوه بموت قريب .. قام فقال : ( نحن لا يرهبنا الموت , فالموت شهادة عزيزة ننتظرها , وإننا يوم اخترنا ذاك الطريق كنا نعلم مقدار التضحيات , وإننا سنظل على سبيلنا ما حيينا وما نبضت منا العروق , وإن مت أنا وأصحابي وغيرنا , سيخرج للشعب رجال ورجال , يهزمون الغاصبين وينشرون العدل ويطهرون الأقصى , والله غالب على أمره ) ..هكذا قال الرجل ..
فأنتم يا فرسان فلسطين قد علّمتم العالم معنى المعجزة عندما تتحول إلى واقع يحيا , جسد مكبل وروح رفرافة , جيش مسلوب وسلاح حي , وصاروخ مصنوع من اليد النازفة , وغضبة موقوتة ملؤها يقين وثبات , وتوكل وإنابة ... ورغبة في الخلود
ثم هاأنتم يارجال فلسطين , وبعد سنين طوال تستقبلون يوما آخر من أيام النزف , وكعادتكم , ترفعون معه راية الانتصار , تزينها كل أسماء الشهداء والجرحى والثابتين من أبناء ذاك الشعب الأبي الكريم , ترفعون راية الانتصار .. فأنتم أصحاب الانتصار ...
انتصرتم يوم ظللتم ثابتين على مبادئكم لتلك السنين , وانتصرتم يوم زغردت أمهات الشهداء عندما بلغهم نبأ الوفاة , وانتصرتم يوم زف شهداءكم ملايين المشيعين في أرجاء العالم كله , وانتصرتم يوم استطعتم صناعة قادة أمثال هؤلاء الميامين , وانتصرتم يوم هزمتم الجدار المزعوم , وانتصرتم يوم دعوتم للسلام وسعيتم للحرص عليه ..
لقد رقيتم مرتقى علويا , وتركتمونا ها هنا , وحدنا , نعاني القيد وأسر الزخارف والشهوات , ونلملم في كل يوم بقايا الانكسار مصحوبة بثمن بخس مهين ..
لكم نشعر بمرارة في حلوقنا وحسرة في مشاعرنا أنا لم نستطع أن نقدم سوى النذرالنادر القليل , ولم نستطع أن نمسح دمعة طفل لفراق أبيه , ولم نستطع أن نعالج جرحا نازفا في صدر أبيّ صامد , ولم نستطع تقديم شربة ماء لحلق قد أكله الجفاف , ولم نستطع حتى أن نشارك في جنازة الشهداء .
إن اهتمامنا لأمركم ليس شأنا خاصا بنا , وبكاءنا على آلامكم ليس مجرد عاطفة عابرة في صدورنا , وحرصنا على خيركم ليس فضلا كامنا فينا , ورغبتنا في نصرتكم ليس صدقة نتصدقها , إنما اهتمامنا بكم واجب شرعي في أعناقنا , وبكاؤنا إنما هو على جراح أجسادنا التي إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائرها بالحمى والسهر , ونصرتكم ديانة وثواب , وعزة لنا وكرامة , وحرصنا على خيركم هو حرص النفس على خير ذاتها ..
فيا أيها الشعب الحبيب .. نستميحك عذرا أنا لا نقدر لك سوى على ذاك القليل , ولكن عزاءنا أنه قليل قد قطعناه من جوف قلوبنا , دعاء وابتهالا , ورجاء وتضرعا لله الكريم
تعليق