لماذا يشعر التائب بغم وهم أول توبته؟
إن كل تائب لا بد له في أول توبته من عصرة وضغطة في قلبه من هم أَو غم أو ضيق أو حزن، ولو لم يكن إلا تأَلمه بفراق محبوبه، فينضغط لذلك وينعصر قلبه ويضيق صدره، فأَكثر الخلق رجعوا من التوبة ونكسوا على رؤوسهم لأجل هذه [المحنة].
والعارف الموفق يعلم أن الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة، فكلما كانت أقوى وأشد كانت الفرحة واللذة أكمل وأتم ولذلك أسباب عديدة منها:
· أن هذه العصرة والقبض دليل على حياة قلبه، وقوة استعداده ولو كان قلبه ميتًا واستعداده ضعيفًا لم يحصل له ذلك.
· وأيضًا فإن الشيطان لص الإيمان واللص إنما يقصد المكان المعمور وأما المكان الخراب الذي لا يرجو أن يظفر منه بشيء فلا يقصده فإذا قويت المعارضات الشيطانية والعصرة دلَّ على أن في قلبه من الخير ما يشتد حرص الشيطان على نزعه منه.
· وأيْضًا فإن قوة المعارض والمضاد تدل على قوة معارضة وضده ومثل هذا إما أن يكون رأسًا في الخير أو رأسًا في الشر فإن النفوس الأبية القوية إن كانت خيرة رأست في الخير وإن كانت شريرة رأست في الشر.
· وأيضًا فإن بحسب موافقته لهذا العارض وصبره عليه يثمر له ذلك من اليقين والثبات والعزم ما يوجب زيادة انشراحه وطمأنينته.
· وأيضًا فإنه كلما عظم المطلوب كثرت العوارض والموانع دونه هذه سنة الله في الخلق.
فانظر إلى الجنة وعظمها وإلى الموانع والقواطع التي حالت دونها حتى أوجبت أن ذهب من كل ألف رجل واحد إليها، وانظر إلى محبة الله والانقطاع إليه والإنابة إليه والتبتل إليه وحده والأُنس به واتخاذه وليًا ووكيلًا [وكافيًا] وحسيبًا هل يكتسب العبد شيئًا أشرف منه؟ وانظر إلى القواطع والموانع الحائلة دونه حتى قد تعلق كل قوم بما تعلقوا به دونه والطالبون له منهم الواقف مع عمله والواقف مع علمه والواقف مع حاله والواقف مع ذوقه وجمعيته وحظه من ربه والمطلوب منهم وراءَ ذلك كله.
إن كل تائب لا بد له في أول توبته من عصرة وضغطة في قلبه من هم أَو غم أو ضيق أو حزن، ولو لم يكن إلا تأَلمه بفراق محبوبه، فينضغط لذلك وينعصر قلبه ويضيق صدره، فأَكثر الخلق رجعوا من التوبة ونكسوا على رؤوسهم لأجل هذه [المحنة].
والعارف الموفق يعلم أن الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة، فكلما كانت أقوى وأشد كانت الفرحة واللذة أكمل وأتم ولذلك أسباب عديدة منها:
· أن هذه العصرة والقبض دليل على حياة قلبه، وقوة استعداده ولو كان قلبه ميتًا واستعداده ضعيفًا لم يحصل له ذلك.
· وأيضًا فإن الشيطان لص الإيمان واللص إنما يقصد المكان المعمور وأما المكان الخراب الذي لا يرجو أن يظفر منه بشيء فلا يقصده فإذا قويت المعارضات الشيطانية والعصرة دلَّ على أن في قلبه من الخير ما يشتد حرص الشيطان على نزعه منه.
· وأيْضًا فإن قوة المعارض والمضاد تدل على قوة معارضة وضده ومثل هذا إما أن يكون رأسًا في الخير أو رأسًا في الشر فإن النفوس الأبية القوية إن كانت خيرة رأست في الخير وإن كانت شريرة رأست في الشر.
· وأيضًا فإن بحسب موافقته لهذا العارض وصبره عليه يثمر له ذلك من اليقين والثبات والعزم ما يوجب زيادة انشراحه وطمأنينته.
· وأيضًا فإنه كلما عظم المطلوب كثرت العوارض والموانع دونه هذه سنة الله في الخلق.
فانظر إلى الجنة وعظمها وإلى الموانع والقواطع التي حالت دونها حتى أوجبت أن ذهب من كل ألف رجل واحد إليها، وانظر إلى محبة الله والانقطاع إليه والإنابة إليه والتبتل إليه وحده والأُنس به واتخاذه وليًا ووكيلًا [وكافيًا] وحسيبًا هل يكتسب العبد شيئًا أشرف منه؟ وانظر إلى القواطع والموانع الحائلة دونه حتى قد تعلق كل قوم بما تعلقوا به دونه والطالبون له منهم الواقف مع عمله والواقف مع علمه والواقف مع حاله والواقف مع ذوقه وجمعيته وحظه من ربه والمطلوب منهم وراءَ ذلك كله.
والمقصود أن هذا الأمر الحاصل بالتوبة لما كان من أجل الأُمور وأعظمها نصبت عليه المعارضات والمحن ليتميز الصادق من الكاذب وتقع الفتنة ويحصل الابتلاءُ ويتميز من يصلح ممن لا يصلح قال تعالى:
{آلم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 1- 3] وقال: {لِيَبْلُوكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[الملك: 2] ولكن إذا صبر على هذه العصرة قليلًا أفضت به إلى رياض الأُنس وجنات الانشراح وإن لم يصبر لها انقلب على وجهه. والله الموفق لا إله غيره ولا رب سواه.
طريق الهجرتين وباب السعادتين
للإمام ابن القيم-رحمه الله-
تعليق