وتوبوا الى الله
الحمد لله غافر الذنب .. وقابل التوب ..
شديد العقاب ذي الطول .. لا إله إلا هو إليه المصير
الحمد لله الذي يقول للشيء كن فيكون
وبرحمته نجى موسى وقومه من فرعون
الحمد لله الذي كان نعم المجيب لنوح لما دعاه
وبرحمته كشف الضر عن يونس إذ ناداه
وسبحان من كشف الضر عن أيوب
ورد يوسف بعد طول غياب إلى يعقوب
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله وسلم وبارك عليه
ما ذكره الذاكرون الأبرار
وما تعاقب الليل والنهار
أما بعد :
فالتائبون هم أحب الخلق إلى الله ..
والله أخبر أنه يحب التوابين ..
لكنه يبغض المعتدين الظالمين ..
وكم من عاصٍ يمسي ويصبح ضاحكاً ..
وربه من فوقه يلعنه .. والملائكة تبغضه ..
والصالحون يدعون عليه .. والنار تشتاق إليه ..
أتم الله له سمعه وبصره .. وسلم له عقله وفكره ..
فبارز ربه بالعصيان .. وصار من أنصار الشيطان ..
يعصي ولا يتوب .. ويتتبع الشهوات والذنوب ..
عجباً .. ينعم الله عليك وتعصيه بنعمه ..
هب أنك كنت مشلولاً مقعداً .. أو مريضاً مجهداً ..
أو مسلوب السمع والبصر .. فكيف يكون حالك ؟!
فأنت يا سليماً من الأمراض والأسقام .. يا معافىً من الأدواء والأورام ..
يا من تتقلب في النعم .. ولا تخشى النقم ..
ماذا فعل الله بك فقابلته بالعصيان .. بأي شيء آذاك .. أليست نعمه عليك تترى .. وأفضاله عليك لا تحصى ؟
أما تخاف .. أن توقف بين يدي الله غداً ..
فيقول لك .. يا عبدي ألم أصح لك في بدنك .. وأوسع عليك في رزقك ..
وأسلم لك سمعك وبصرك ..؟
فتقول:بلى
فيسألك الجبار :
فلم عصيتني بنعمي .. وتعرضت لغضبي ونقمي ؟
فعندها تنشر في الملأ عيوبك .. وتعرض عليك ذنوبك ..
فتباً للذنوب .. ما أشد شؤمها .. وأعظم خطرها ..
أولها عناء .. وأوسطها بلاء .. وآخرها فناء ..
وهل أخرج أبانا من الجنة إلا ذنب من الذنوب ..
وهل أغرق قوم نوح إلا الذنوب ..
وهل أهلك عاداً وثمود إلا الذنوب ..
وهل قلب على قوم لوط ديارهم .. وعجل لقوم شعيب عذابهم ..
وأمطر على أبرهة حجارة من سجيل .. وأنزل بفرعون العذاب الوبيل ..
إلا المعاصي والذنوب ..
قال الله : { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .
ولا تعجب .. إذا عُذبت بذنبك في الدنيا ..
فمرضت في بدنك .. أو ابتليت في ولدك ..
أو خسرت في تجارتك .. أو ضاق عليك رزقك ..
أو كثر عليك البلاء .. ولم يستجب منك الدعاء ..
فتتابعت عليك المصائب .. وأحاطت بك المتاعب
فبادر إلى التوبة من ذنوبك
ولقد كان الصالحون .. يصبّرون أنفسهم على الطاعات .. وينهونها عن المحرمات .. ويجعلون موعد الراحة الجنات ..
كان الإمام أحمد بن حنبل يكثر على نفسه التعبد .. والصلاة والقيام ..
فقال له ابنه عبد الله يوماً : يا أبتِ .. متى ترتاح ؟!
فقال : أبو عبد الله : أرتاح .. إذا وضعت أولى قدمي في الجنة
فاجمع قواك لما هناك وغمض * العينين واصبر ساعة لزمان
ما هاهنا والله ما يسوى قلا * مة ظفر واحدة ترى بجنان
يا غافلا عما خلقت له انتبه * جد الرحيل فلست باليقظان
سار الرفاق وخلفوك مع الألى * قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني
ورأيت أكثر من ترى متخلفاً * فتبعتهم ورضيت بالحرمان
والله لا يرضى بهذا تائب * ذو همة طلباً لهذا الشان
والله ما ينجي الفتى من ربه * شيء سوى التقوى مع الإيمان
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا *ماذا صنعت وكنت ذا إمكان
ومن عظم قدر ربه في قلبه .. حاسب نفسه أشد المحاسبة ..
وعاتبها أعظم المعاتبة ..
قال زيد بن أرقم :
كان لأبي بكر الصديق مملوك .. يعمل .. ويشتري طعاماً كل يوم ..
فأتاه ليلة بطعام .. فتناول أبو بكر منه لقمة ..
فقال له المملوك : مالك كنت تسألني كل ليلة عن الطعام .. ولم تسألني الليلة ..
قال : حملني على ذلك الجوع .. فمن أين جئت بهذا ..؟
قال : مررت بقوم في الجاهلية .. فتكهنت لهم .. ولا أحسن كهانة ..
فوعدوني بأجرة .. فلما أن كان اليوم مررت بهم .. فإذا عرس لهم .. فأعطوني هذا الطعام ..
فقال أبو بكر : أف لك .. كدت تهلكني ..
فأدخل يده في حلقه .. فجعل يتقيأ .. وجعلت لا تخرج ..
فقيل له : إن هذه لا تخرج إلا بالماء ..
فدعا بطست ماء فجعل يشرب .. ويتقيأ ..
حتى رمى بها ..
فقيل له : يرحمك الله !! كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟!!
فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ..
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )
فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة ..
هذا حال المتقين .. الأوابين الخاشعين ..
أما المتهالكون في الشهوات ..
فهم في شقوة في حياتهم .. وحسرة عند مماتهم ..
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ } ..
وقبل الختام .. هنا أربع مسائل مهمة تتعلق بالتوبة
المسألة الأولى :
أن المعاصي التي تجب التوبة منها تتفاوت ..
فأكبرها وأعظمها .. الشرك بالله
ومن الشرك : تعليق التمائم الشركية .. في الأجساد أو على الأولاد .. أو في السيارات والبيوت .. لدفع العين أو غيرها ..
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد : ( من علَّق تميمة فقد أشرك )
ومن الشرك : الحلف بغير الله تعالى :
فلا يجوز الحلف بالكعبة .. ولا بالأمانة .. ولا بالشرف .. ولا ببركة فلان .. ولا بحياة فلان ..ولا بجاه النبي .. ولا بجاه الولي .. ولا بالآباء والأمهات .. كل ذلك حرام
ومن أكبر الذنوب ..
استعمال السحر والكهانة والعرافة ..
أما السحر فإنه من أكبر الكبائر .. وقد يصل إلى حد كفر ..
ولا يجوز الذهاب إلى السحرة ..
قال صلى الله عليه وسلم كما في المسند : \"من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد\" صلى الله عليه وسلم..
ومن أكبر المعاصي ..
الزنا .. وهو أعظم الذنوب بعد الشرك والقتل .. قال تعالى : { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً } ..
وفي عصرنا فتحت كثير من أبواب الفاحشة .. ففشا التبرج والاختلاط ومجلات الخنا .. وأفلام الفحش ..
فنسألك اللهم رحمتك ولطفك .. وسترك وعصمة من عندك ..
طهر قلوبنا .. وتحصن فروجنا .. واجعل بيننا وبين الحرام برزخاً .. وحجراً محجوراً
ومن المعاصي :
أكل أموال الناس .. أو أكل الربا .. { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )
ومن المعاصي : سماع الغناء :
وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري معلقاً :\" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ... \"..
المسألة الثانية :
أن بعض الناس إذا أراد أن يتوب من معصية سماع الحرام مثلاً .. قال له الشيطان .. لا يصح أن تتوب منها وأنت مقيم على معصية التدخين .. أو التساهل بالصلاة ..
فإما أم تتوب منها كلها .. أو لا تتعب نفسك ..
وهذا باطل .. فإن لكل ذنب توبة .. فيمكن أن تقبل التوبة من الزنا .. مع وجود معاص أخرى .. ولكن عليه أن يجتهد في التوبة من الذنوب كلها ..
واعلم أن الوقوع في الذنب مرة أخرى بعد التوبة منه .. لا يعني أن التوبة بطلت وأن العبد ييأس ويعود إلى المعاصي .. لا .. بل يسارع إلى توبة أخرى ..
وصح في السنن .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ) ثم قرأ هذه الآية : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )
المسألة الثالثة :
شروط التوبة خمسة ..
أولها : الإقلاع عن الذنب فوراً ..
وثانيها : الندم على ما فات ..
وثالثها : العزم على عدم العودة ..
ورابعها : إرجاع حقوق من ظلمهم .. أو طلب البراءة منهم ..
أما الخامس فهو :
أن تكون التوبة في وقت المهلة .. فلا تقبل عند الموت .. ولا تأمن متى ينزل بك ..
ولا تقبل عند طلوع الشمس من مغربها ..
المسألة الأخيرة ..
من أهم عوامل الثبات على التوبة .. مفارقة مكان المنكر ..
بل ومفارقة الأصحاب الذين يذكرونك به .. أو يدعونك إليه ..
أسأل الله أن يتوب علينا جميعا
منقول
الحمد لله غافر الذنب .. وقابل التوب ..
شديد العقاب ذي الطول .. لا إله إلا هو إليه المصير
الحمد لله الذي يقول للشيء كن فيكون
وبرحمته نجى موسى وقومه من فرعون
الحمد لله الذي كان نعم المجيب لنوح لما دعاه
وبرحمته كشف الضر عن يونس إذ ناداه
وسبحان من كشف الضر عن أيوب
ورد يوسف بعد طول غياب إلى يعقوب
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله وسلم وبارك عليه
ما ذكره الذاكرون الأبرار
وما تعاقب الليل والنهار
أما بعد :
فالتائبون هم أحب الخلق إلى الله ..
والله أخبر أنه يحب التوابين ..
لكنه يبغض المعتدين الظالمين ..
وكم من عاصٍ يمسي ويصبح ضاحكاً ..
وربه من فوقه يلعنه .. والملائكة تبغضه ..
والصالحون يدعون عليه .. والنار تشتاق إليه ..
أتم الله له سمعه وبصره .. وسلم له عقله وفكره ..
فبارز ربه بالعصيان .. وصار من أنصار الشيطان ..
يعصي ولا يتوب .. ويتتبع الشهوات والذنوب ..
عجباً .. ينعم الله عليك وتعصيه بنعمه ..
هب أنك كنت مشلولاً مقعداً .. أو مريضاً مجهداً ..
أو مسلوب السمع والبصر .. فكيف يكون حالك ؟!
فأنت يا سليماً من الأمراض والأسقام .. يا معافىً من الأدواء والأورام ..
يا من تتقلب في النعم .. ولا تخشى النقم ..
ماذا فعل الله بك فقابلته بالعصيان .. بأي شيء آذاك .. أليست نعمه عليك تترى .. وأفضاله عليك لا تحصى ؟
أما تخاف .. أن توقف بين يدي الله غداً ..
فيقول لك .. يا عبدي ألم أصح لك في بدنك .. وأوسع عليك في رزقك ..
وأسلم لك سمعك وبصرك ..؟
فتقول:بلى
فيسألك الجبار :
فلم عصيتني بنعمي .. وتعرضت لغضبي ونقمي ؟
فعندها تنشر في الملأ عيوبك .. وتعرض عليك ذنوبك ..
فتباً للذنوب .. ما أشد شؤمها .. وأعظم خطرها ..
أولها عناء .. وأوسطها بلاء .. وآخرها فناء ..
وهل أخرج أبانا من الجنة إلا ذنب من الذنوب ..
وهل أغرق قوم نوح إلا الذنوب ..
وهل أهلك عاداً وثمود إلا الذنوب ..
وهل قلب على قوم لوط ديارهم .. وعجل لقوم شعيب عذابهم ..
وأمطر على أبرهة حجارة من سجيل .. وأنزل بفرعون العذاب الوبيل ..
إلا المعاصي والذنوب ..
قال الله : { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .
ولا تعجب .. إذا عُذبت بذنبك في الدنيا ..
فمرضت في بدنك .. أو ابتليت في ولدك ..
أو خسرت في تجارتك .. أو ضاق عليك رزقك ..
أو كثر عليك البلاء .. ولم يستجب منك الدعاء ..
فتتابعت عليك المصائب .. وأحاطت بك المتاعب
فبادر إلى التوبة من ذنوبك
ولقد كان الصالحون .. يصبّرون أنفسهم على الطاعات .. وينهونها عن المحرمات .. ويجعلون موعد الراحة الجنات ..
كان الإمام أحمد بن حنبل يكثر على نفسه التعبد .. والصلاة والقيام ..
فقال له ابنه عبد الله يوماً : يا أبتِ .. متى ترتاح ؟!
فقال : أبو عبد الله : أرتاح .. إذا وضعت أولى قدمي في الجنة
فاجمع قواك لما هناك وغمض * العينين واصبر ساعة لزمان
ما هاهنا والله ما يسوى قلا * مة ظفر واحدة ترى بجنان
يا غافلا عما خلقت له انتبه * جد الرحيل فلست باليقظان
سار الرفاق وخلفوك مع الألى * قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني
ورأيت أكثر من ترى متخلفاً * فتبعتهم ورضيت بالحرمان
والله لا يرضى بهذا تائب * ذو همة طلباً لهذا الشان
والله ما ينجي الفتى من ربه * شيء سوى التقوى مع الإيمان
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا *ماذا صنعت وكنت ذا إمكان
ومن عظم قدر ربه في قلبه .. حاسب نفسه أشد المحاسبة ..
وعاتبها أعظم المعاتبة ..
قال زيد بن أرقم :
كان لأبي بكر الصديق مملوك .. يعمل .. ويشتري طعاماً كل يوم ..
فأتاه ليلة بطعام .. فتناول أبو بكر منه لقمة ..
فقال له المملوك : مالك كنت تسألني كل ليلة عن الطعام .. ولم تسألني الليلة ..
قال : حملني على ذلك الجوع .. فمن أين جئت بهذا ..؟
قال : مررت بقوم في الجاهلية .. فتكهنت لهم .. ولا أحسن كهانة ..
فوعدوني بأجرة .. فلما أن كان اليوم مررت بهم .. فإذا عرس لهم .. فأعطوني هذا الطعام ..
فقال أبو بكر : أف لك .. كدت تهلكني ..
فأدخل يده في حلقه .. فجعل يتقيأ .. وجعلت لا تخرج ..
فقيل له : إن هذه لا تخرج إلا بالماء ..
فدعا بطست ماء فجعل يشرب .. ويتقيأ ..
حتى رمى بها ..
فقيل له : يرحمك الله !! كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟!!
فقال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ..
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )
فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة ..
هذا حال المتقين .. الأوابين الخاشعين ..
أما المتهالكون في الشهوات ..
فهم في شقوة في حياتهم .. وحسرة عند مماتهم ..
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ } ..
وقبل الختام .. هنا أربع مسائل مهمة تتعلق بالتوبة
المسألة الأولى :
أن المعاصي التي تجب التوبة منها تتفاوت ..
فأكبرها وأعظمها .. الشرك بالله
ومن الشرك : تعليق التمائم الشركية .. في الأجساد أو على الأولاد .. أو في السيارات والبيوت .. لدفع العين أو غيرها ..
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد : ( من علَّق تميمة فقد أشرك )
ومن الشرك : الحلف بغير الله تعالى :
فلا يجوز الحلف بالكعبة .. ولا بالأمانة .. ولا بالشرف .. ولا ببركة فلان .. ولا بحياة فلان ..ولا بجاه النبي .. ولا بجاه الولي .. ولا بالآباء والأمهات .. كل ذلك حرام
ومن أكبر الذنوب ..
استعمال السحر والكهانة والعرافة ..
أما السحر فإنه من أكبر الكبائر .. وقد يصل إلى حد كفر ..
ولا يجوز الذهاب إلى السحرة ..
قال صلى الله عليه وسلم كما في المسند : \"من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد\" صلى الله عليه وسلم..
ومن أكبر المعاصي ..
الزنا .. وهو أعظم الذنوب بعد الشرك والقتل .. قال تعالى : { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً } ..
وفي عصرنا فتحت كثير من أبواب الفاحشة .. ففشا التبرج والاختلاط ومجلات الخنا .. وأفلام الفحش ..
فنسألك اللهم رحمتك ولطفك .. وسترك وعصمة من عندك ..
طهر قلوبنا .. وتحصن فروجنا .. واجعل بيننا وبين الحرام برزخاً .. وحجراً محجوراً
ومن المعاصي :
أكل أموال الناس .. أو أكل الربا .. { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )
ومن المعاصي : سماع الغناء :
وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري معلقاً :\" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ... \"..
المسألة الثانية :
أن بعض الناس إذا أراد أن يتوب من معصية سماع الحرام مثلاً .. قال له الشيطان .. لا يصح أن تتوب منها وأنت مقيم على معصية التدخين .. أو التساهل بالصلاة ..
فإما أم تتوب منها كلها .. أو لا تتعب نفسك ..
وهذا باطل .. فإن لكل ذنب توبة .. فيمكن أن تقبل التوبة من الزنا .. مع وجود معاص أخرى .. ولكن عليه أن يجتهد في التوبة من الذنوب كلها ..
واعلم أن الوقوع في الذنب مرة أخرى بعد التوبة منه .. لا يعني أن التوبة بطلت وأن العبد ييأس ويعود إلى المعاصي .. لا .. بل يسارع إلى توبة أخرى ..
وصح في السنن .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ) ثم قرأ هذه الآية : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )
المسألة الثالثة :
شروط التوبة خمسة ..
أولها : الإقلاع عن الذنب فوراً ..
وثانيها : الندم على ما فات ..
وثالثها : العزم على عدم العودة ..
ورابعها : إرجاع حقوق من ظلمهم .. أو طلب البراءة منهم ..
أما الخامس فهو :
أن تكون التوبة في وقت المهلة .. فلا تقبل عند الموت .. ولا تأمن متى ينزل بك ..
ولا تقبل عند طلوع الشمس من مغربها ..
المسألة الأخيرة ..
من أهم عوامل الثبات على التوبة .. مفارقة مكان المنكر ..
بل ومفارقة الأصحاب الذين يذكرونك به .. أو يدعونك إليه ..
أسأل الله أن يتوب علينا جميعا
منقول