الـثـبـات حتى الممـات وسـائـل الثبـات أسـرار في حياة الصالحين
· الثبات على دين اللـه مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد، خصوصا في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات والشهوات والفتن.
· وسـائـل الثبـات:
1- الإقبال على القرآن:القرآن العظيم وسيلة الثبات الأولى، وهو حبل اللـه المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه اللـه، ومن اتبعه أنجاه اللـه، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.
2- التزام شرع اللـه تعالى، والعمل به:
- قال اللـه تعالى: ( يُثَبِّتُ اللـه الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللـه الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللـه مَا يَشَاء ) .
- قال قتادة:أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر.
3- الـدعـاء:من صفات عباد اللـه المؤمنين أنهم يتوجهون إلى اللـه بالدعاء أن يثبتهم:(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا). فكان رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) رواه الترمذي.
4- ذكـر اللـه تعـالى:تأمل في هذا الاقتران بين الأمرين في قوله عز وجل: ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا اللـه كثيرا لعلكم تفلحون ).
فجعله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد.
5- البيئة الصالحة وتهيئة الأجواء الإيمانية: والبحث عن الصالحين ، والالتفاف حولهم خير معين على الثبات على الدين.
· الفرق بين خاتمتين:
- أما أهل الكفر والفجورفإنهم يحرمون الثبات في أشد أوقات الكربة فلا يستطيعون التلفظ بالشهادة عند الموت.
- صور من سوء الخاتمة:
- قيل لرجل عند موته: قل لا إله إلا اللـه فجعل يحرك رأسه يمينا وشمالا يرفض قولها.
- وآخر يقول عند موته: هذه قطعة جيدة، هذه مشتراها رخيص.
- وثالث يذكر أسماء قطع الشطرنج.
- ورابع يدندن بألحان أو كلمات أغنية، أو ذكر معشوق.
ذلك لأن مثل هذه الأمور أشغلتهم عن ذكر اللـه في الدنيا.
- أما أهل الصلاح والدين فإن اللـه يوفقهم للثبات عند الممات، ويحسن خاتمتهم.
- من علامة حسن الخاتمة: النطق بالشهادتين،وقد يرى تهلل الوجه أو طيب رائحة ونوع استبشار عند خروج أرواحهم.أسأل الله أن يجعلناوإياكم منهم وكل من لهم علينا حق وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا أسـرار في حياة الصالحين
· يقول تعالى ذكره: ادعوا، أيها الناس، ربَّكم وحده، فأخلصوا له الدعاء، دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام "تضرعًا" ، يقول: تذلُّلا واستكانة لطاعته "وخفية" ، يقول بخشوع قلوبكم، وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما بينكم وبينه، لا جهارًا ومراءاةً، وقلوبكم غير موقنة بوحدانيته وربوبيته، فعلَ أهل النفاق والخداع لله ولرسوله،
- كما عن الحسن قال:إنْه كانَ الرجل ليجمع القرآن، وما يشعرُ جارُه.
- وإنه كان الرجل لقد فَقُه الفقهَ الكثير، وما يشعرُ به الناس.
- وإنه كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزَّوْار، وما يشعرون به.
- ولقد أدركنا أقوامًا ما كان على الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السرّ فيكون علانية أبدًا!
- ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يُسمع لهم صوت، إن كان إلا همسًا بينهم وبين ربهم، وذلك أن اللـه يقول:"ادعوا ربكم تضرعًا وخفية" ،وذلك أن اللـه ذكر عبدًا صالحًا فرضِي فعله فقال:( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ) اهـ بتصرف.
· المخلصون أحرص على إخفاء صالح أعمالهم من غيرهم على كتمان ذنوبهم ؛ رجاء أن ينالهم الخير الوارد في الحديث عن النبي صلى اللـه عليه وسلم:] إن اللـه يحب العبد التقي الغني الخفي [ رواه مسلم
· قال الخريبي:كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح ، لا تعلم به زوجته ولا غيرها.
والخبئ كل شي غائب مستور، ومنه الخبيئة.
· اكتم حسناتك:قال سلمة بن دينار:اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك.
· حلاوة الآخرة:
- قال بشر الحافي:أَخْمِل ذكرك ، وطيِّب مطعمك ، لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب في الدنيا أن يعرفه الناس.
- قال محمد بن العلاء:من أحب اللـه أحب أن لا يعرفه الناس .
- قال مسلم بن يسار:ما تلذّذ المتلذّذون بمثل الخلوة بمناجاة اللـه عزَّ وجلَّ.
· صـور من إسرار السلف في عباداتهم:
- ورد أن عمر بن الخطاب رضي اللـه عنه خرج في سواد الليل فرآه طلحة ، فذهب عمر فدخل بيتاً ، ثم دخل بيتاً آخر ، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت ، فإذا بعجوز عمياء مقعدة ، فقال لها : ما بال هذا الرجل يأتيك ؟ قالت : إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا ، يأتيني بما يصلحني ، ويخرج عني الأذى ، فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ! أَعثرات عمر تتبع ؟! .
- كان زين العابدين علي بن الحسين ينفق على أهل مئة بيت في المدينة ، يأتيهم في الليل بالطعام ، ولا يعرفون مَن الآتي به ، حتى مات ففقدوا ذلك ؛ فعرفوا أن ذلك منه ، ووجدوا في ظهره أثراً من نقل الطعام إلى بيوت الأرامل.
- قال محمد بن واسع: إنه كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم.
- كان ابن المبارك يضع اللثام على وجهه عند القتال لئلا يُعرف.
- قال الإمام أحمد:ما رفع اللـه ابن المبارك إلا بخبيئة كانت له.
- قال الإمام الشافعي:وددت أن الخلق يتعلمون هذا العلم ، ولا ينسب إليَّ منه شيء.
- تنبيه هام: هذا الإخفاء إنما هو لما يُشرع إخفاؤه من العمل ، وذلك مخصوص بالنوافل دون الفرائض ، واستثنى أهل العلم من ذلك من يقتدي الناس به ؛ إذ الإبداء في حقه أوْلى.
تعليق