السلااااام عليكم...
لكى يتطهر المجتمع
من المشكلات المضنية للبشر أن الغريزة الجنسية تولد وتتحرك وتقوى.
فى سِنّ اليفاعة،
أى حوالى الخامسة عشرة من العمر، أى قبل اكتمال القدرة العقلية، واستطاعة النهوض بأعباء الزواج، ورعاية الأسرة، ومعاملة الصاحب الآخر بعدالة وشرف..
إن الزواج ليس تنفيسا عن ميل بدنى فقط!
إنه شركة مادية وأدبية واجتماعية تتطلب مؤهلات شتى، وإلى أن يتم استكمال هذه المؤهلات وضع الإسلام أسس حياة تكفل الطهر والأدب للفتيان والفتيات على سواء..
وأرى أن شغل الناس بالصلوات الخمس طول اليوم له أثر عميق فى إبعاد الوساوس الهابطة، ينضم إلى ذلك منع كل الإثارات التى يمكن أن تفجِّر الرغبات الكامنة..
إن الحجاب المشروع، وغض البصر، وإخفاء الزينات، والمباعدة بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء فى أى اختلاط فوضوىّ، وملء أوقات الفراغ بضروب الجهاد العلمى والاجتماعى والعسكرى ـ عند الحاجة ـ كل ذلك يؤتى ثمارا طيبة فى بناء المجتمع على الفضائل.
.
ثم يجئ الزواج الذى يحسن التبكير به، كما يحسن تجريده من تقاليد الرياء والسرف والتكلف، التى برع الناس فى ابتداعها فكانت وبالا عليهم..
إن من غرائب السلوك الإنسانى، أنه هو الذى يصنع لنفسه القيود المؤذية، وهو الذى يخلق الخرافة ثم يقدسها!!
وقد رأيت أن المسلمين فى أقطار شتى جعلوا الحلال صعب المنال، وفتحوا الأبواب لوسائل الإغراء، كى تهيج الساكن من الغرائز، حتى الإعلان عن السلع فى التلفاز تقوم به الفتيات المتكشفات، بل إن بعض البرامج تشرف عليها فتيات يقدسن آخر تسريحة للشعر فى الغرب!
بل قد يظهرن بعدة تسريحات فى يوم واحد!
يقول الكاتب المؤرخ " ول ديورانت " فى كتابه " مباهج الفلسفة ": فحياة المدينة تفضى إلى كل مثبط عن الزواج، فى الوقت الذى تقدم فيه إلى الناس كل باعث على الصلة الجنسية، وتيسر كل سبيل يسهل أداءها.
ولكن النمو الجنسى يتم مبكرا عما كان من قبل،
كما يتأخر النمو الاقتصادى،
فإذا كان قمع الرغبة شينا عمليا ومعقولا فى ظل النظام الاقتصادى الزراعى، فإنه الآن يبدو أمرا عسيرا،
وغير طبيعى فى حضارة صناعية أجّلت الزواج حتى بالنسبة للرجال، فقد يصل إلى سن الثلاثين،
ولا مفرّ من أن يأخذ الجسم فى الثورة،
وأن تضعف القوة على ضبط النفس عما كان فى الزمن القديم، وتصبح العفة التى كانت فضيلة موضعا للسخرية، ويختفى الحياء الذى كان يضفى على الجمال جمالا.
ثم يفاخر الرجال بتعداد خطاياهم، وتطالب النساء بحقها فى مغامرات غير محدودة، على قدم المساواة مع الرجال،
ويصبح الاتصال قبل الزواج أمرا مألوفا،
وتختفى البغايا من الشوارع بمنافسة الهاويات لا برقابة الشرطة، لقد تمزقت أوصال القانون الأخلاقى الزراعى،
ولم يعد العالم المدق يحكم به.
ولسنا ندرى مقدار الشر الاجتماعى الذى يمكن أن نجعل تأخير الزواج مسئولا عنه..
ولكن معظم هذا الشر يرجع فى أكبر الظن فى عصرنا الحاضر إلى التأجيل غير الطبيعى للحياة الزوجية،
وما يحدث من إباحة بعد الزواج فهو فى الغالب ثمرة التعوّد قبله.
ولا يقل الجانب الآخر من الصورة كآبة، لأن كل رجل حين يؤجل الزواج يصاحب فتيات الشوارع ممن يتسكعن فى ابتذال ظاهر، ويجد الرجل لإرضاء غرائزه الخاصة فى هذه الفترة من التأجيل نظاما دوليا مجهزا بأحدث التحسينات،
ومنظما بأسمى ضروب
الإدارة العلمية،
ويبدو أن العالم قد ابتدع كل طريقة يمكن تصورها لإثارة الرغبات و إشباعها.
يتابع الكاتب بحثه فيقول: "حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار، اندفعت بما لم يسبق له مثيل فى تيار المغامرات الواهية،
فهى واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية،
وهدايا من الجوارب وحفلات من الشمبانيا فى نظير الاستمتاع بالمباهج الجنسية،
وقد ترجع حرية سلوكها فى بعض الأحيان إلى انعكاس حريتها الاقتصادية،
فلم تعد تعتمد على الرجل فى معاشها،
وقد لا يُقبل الرجل على الزواج من امرأة برعت مثله فى فنون الحب،
ولكن قدرتها على كسب دخل حسن هو الذى يجعل الزوج المنتظر يتخلى عن تردُّده،
إذ كيف يمكن أن يكفى أجره المتواضع للإنفاق عليهما معا، فى مستواهما الحاضر من المعيشة".
ذاك الوصف قبل ستين سنة مما يقع الآن، وهو أشد سوادا، والسر كله فى هجران الوحى واتباع الأهواء، وانطلاق الناس حسب رغباتهم، لا يَرْدَعْهُم دين، ولا يخافون عذاب الآخرة...!
إن الإسلام الحق هو الدواء الناجح، والعناصر التى يقدمها لقيام مجتمع طاهر، تصان فيه الأعراض، وتسود أرجاءه العفّة تبدأ من البيت، فالصلوات تنتظم أفراده كلهم الصبية والرجال، ويُراقَب أداؤها بتلطف وصرامة،
وتراعى شعائر الإسلام فى الطعام واللباس والمبيت والاستئذان، واستضافة الأقارب والأصدقاء...
والشارع ليكون إسلاميا ينبغى أن يتعاون الجالسون والمارون فيه، على سَحْق الكلمة البذيئة، والنظرة الجريئة، وعلى مطاردة العصيان والعُرْى بما فى الوسع كما حددته الشريعة فى قاعدة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
.
وعندما يتشبث كل جار بجاره فى مرضاة الله، فلن يبقى فى الشارع شاذ ولا متهاون، ولن تجد الرذيلة مهربا تختفى فيه..
والإعلام عليه أن يوسع دائرة الثقافات النافعة، وأن يقدم من التسلية أنظفها لفظا، وأشرفها غرضا، وأبعدها عن إيقاظ الشرور..
إن جوانب الحياة العامة كثيرة، وهى مسئولة عن صون البيت وإشاعة الطهر، وإنشاء أجيال أدنى إلى الاستقامة.
من كتاب ...
المرأة في الإسلام.. بين التقاليد الراكدة والوافدة
<b>لكى يتطهر المجتمع
من المشكلات المضنية للبشر أن الغريزة الجنسية تولد وتتحرك وتقوى.
فى سِنّ اليفاعة،
أى حوالى الخامسة عشرة من العمر، أى قبل اكتمال القدرة العقلية، واستطاعة النهوض بأعباء الزواج، ورعاية الأسرة، ومعاملة الصاحب الآخر بعدالة وشرف..
إن الزواج ليس تنفيسا عن ميل بدنى فقط!
إنه شركة مادية وأدبية واجتماعية تتطلب مؤهلات شتى، وإلى أن يتم استكمال هذه المؤهلات وضع الإسلام أسس حياة تكفل الطهر والأدب للفتيان والفتيات على سواء..
وأرى أن شغل الناس بالصلوات الخمس طول اليوم له أثر عميق فى إبعاد الوساوس الهابطة، ينضم إلى ذلك منع كل الإثارات التى يمكن أن تفجِّر الرغبات الكامنة..
إن الحجاب المشروع، وغض البصر، وإخفاء الزينات، والمباعدة بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء فى أى اختلاط فوضوىّ، وملء أوقات الفراغ بضروب الجهاد العلمى والاجتماعى والعسكرى ـ عند الحاجة ـ كل ذلك يؤتى ثمارا طيبة فى بناء المجتمع على الفضائل.
.
ثم يجئ الزواج الذى يحسن التبكير به، كما يحسن تجريده من تقاليد الرياء والسرف والتكلف، التى برع الناس فى ابتداعها فكانت وبالا عليهم..
إن من غرائب السلوك الإنسانى، أنه هو الذى يصنع لنفسه القيود المؤذية، وهو الذى يخلق الخرافة ثم يقدسها!!
وقد رأيت أن المسلمين فى أقطار شتى جعلوا الحلال صعب المنال، وفتحوا الأبواب لوسائل الإغراء، كى تهيج الساكن من الغرائز، حتى الإعلان عن السلع فى التلفاز تقوم به الفتيات المتكشفات، بل إن بعض البرامج تشرف عليها فتيات يقدسن آخر تسريحة للشعر فى الغرب!
بل قد يظهرن بعدة تسريحات فى يوم واحد!
يقول الكاتب المؤرخ " ول ديورانت " فى كتابه " مباهج الفلسفة ": فحياة المدينة تفضى إلى كل مثبط عن الزواج، فى الوقت الذى تقدم فيه إلى الناس كل باعث على الصلة الجنسية، وتيسر كل سبيل يسهل أداءها.
ولكن النمو الجنسى يتم مبكرا عما كان من قبل،
كما يتأخر النمو الاقتصادى،
فإذا كان قمع الرغبة شينا عمليا ومعقولا فى ظل النظام الاقتصادى الزراعى، فإنه الآن يبدو أمرا عسيرا،
وغير طبيعى فى حضارة صناعية أجّلت الزواج حتى بالنسبة للرجال، فقد يصل إلى سن الثلاثين،
ولا مفرّ من أن يأخذ الجسم فى الثورة،
وأن تضعف القوة على ضبط النفس عما كان فى الزمن القديم، وتصبح العفة التى كانت فضيلة موضعا للسخرية، ويختفى الحياء الذى كان يضفى على الجمال جمالا.
ثم يفاخر الرجال بتعداد خطاياهم، وتطالب النساء بحقها فى مغامرات غير محدودة، على قدم المساواة مع الرجال،
ويصبح الاتصال قبل الزواج أمرا مألوفا،
وتختفى البغايا من الشوارع بمنافسة الهاويات لا برقابة الشرطة، لقد تمزقت أوصال القانون الأخلاقى الزراعى،
ولم يعد العالم المدق يحكم به.
ولسنا ندرى مقدار الشر الاجتماعى الذى يمكن أن نجعل تأخير الزواج مسئولا عنه..
ولكن معظم هذا الشر يرجع فى أكبر الظن فى عصرنا الحاضر إلى التأجيل غير الطبيعى للحياة الزوجية،
وما يحدث من إباحة بعد الزواج فهو فى الغالب ثمرة التعوّد قبله.
ولا يقل الجانب الآخر من الصورة كآبة، لأن كل رجل حين يؤجل الزواج يصاحب فتيات الشوارع ممن يتسكعن فى ابتذال ظاهر، ويجد الرجل لإرضاء غرائزه الخاصة فى هذه الفترة من التأجيل نظاما دوليا مجهزا بأحدث التحسينات،
ومنظما بأسمى ضروب
الإدارة العلمية،
ويبدو أن العالم قد ابتدع كل طريقة يمكن تصورها لإثارة الرغبات و إشباعها.
يتابع الكاتب بحثه فيقول: "حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار، اندفعت بما لم يسبق له مثيل فى تيار المغامرات الواهية،
فهى واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية،
وهدايا من الجوارب وحفلات من الشمبانيا فى نظير الاستمتاع بالمباهج الجنسية،
وقد ترجع حرية سلوكها فى بعض الأحيان إلى انعكاس حريتها الاقتصادية،
فلم تعد تعتمد على الرجل فى معاشها،
وقد لا يُقبل الرجل على الزواج من امرأة برعت مثله فى فنون الحب،
ولكن قدرتها على كسب دخل حسن هو الذى يجعل الزوج المنتظر يتخلى عن تردُّده،
إذ كيف يمكن أن يكفى أجره المتواضع للإنفاق عليهما معا، فى مستواهما الحاضر من المعيشة".
ذاك الوصف قبل ستين سنة مما يقع الآن، وهو أشد سوادا، والسر كله فى هجران الوحى واتباع الأهواء، وانطلاق الناس حسب رغباتهم، لا يَرْدَعْهُم دين، ولا يخافون عذاب الآخرة...!
إن الإسلام الحق هو الدواء الناجح، والعناصر التى يقدمها لقيام مجتمع طاهر، تصان فيه الأعراض، وتسود أرجاءه العفّة تبدأ من البيت، فالصلوات تنتظم أفراده كلهم الصبية والرجال، ويُراقَب أداؤها بتلطف وصرامة،
وتراعى شعائر الإسلام فى الطعام واللباس والمبيت والاستئذان، واستضافة الأقارب والأصدقاء...
والشارع ليكون إسلاميا ينبغى أن يتعاون الجالسون والمارون فيه، على سَحْق الكلمة البذيئة، والنظرة الجريئة، وعلى مطاردة العصيان والعُرْى بما فى الوسع كما حددته الشريعة فى قاعدة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
.
وعندما يتشبث كل جار بجاره فى مرضاة الله، فلن يبقى فى الشارع شاذ ولا متهاون، ولن تجد الرذيلة مهربا تختفى فيه..
والإعلام عليه أن يوسع دائرة الثقافات النافعة، وأن يقدم من التسلية أنظفها لفظا، وأشرفها غرضا، وأبعدها عن إيقاظ الشرور..
إن جوانب الحياة العامة كثيرة، وهى مسئولة عن صون البيت وإشاعة الطهر، وإنشاء أجيال أدنى إلى الاستقامة.
من كتاب ...
المرأة في الإسلام.. بين التقاليد الراكدة والوافدة
للشيخ الغزالي رحمه الله..
</b>
تعليق