معجزة الذاكرة وقُدرة الله تعالي
تعالي أُختي نُلقي مع بعض لمحة بسيطة على هذه الآلة العجيبة التي أودعها الله في عباده ( المُخ ) ونلقي نظرة سطحية على ما توصل إليه العُلماء فيما يخُص الذاكرة. أولا لنعلم أن جميع خلايا الجسم في تجدد مُستمر سواء في العدد أو مدة
العُمُر، فالمُستهلك منها يتجدد غيره،إلا خلايا المُخ والجهاز العصبي،فكل ما يتكدس من معلومات تحتفظ به هذه الخلايا من المهد إلى اللحد.
لكن أُختي سنجد أمامنا عدة تساؤلات أهمها :
- ما قدر كميات المعلومات التي يُمكن أن تختزنها ذاكرة الإنسان ؟
- كيف يُمكن تخزين هذا القدر العظيم من المعلومات في هذا الحيز المساحي الضيق ؟
- كيف يُمكن استحضار المعلومات من هذا الأرشيف الهائل المُكدس بالملفات ؟
- هل تظل المعلومات مطبوعة في ذهن الإنسان إلى الأبد أم ينساها ؟
- ما المعلومات التي يظل مُحتفظا بها طوال حياته ؟
- هل يتفاوت الناس في قُدرتهم على الذاكرة ؟
لنختصر أُختي ما توصل إليه العُلماء فنقول:يستطيع الإنسان العادي أن يختزن كل يوم نصف مليون صورة من الصور المرئية ،وهذا فقط في مُستودعات الذاكرة للأشياء المرئية ،فإذا أضفنا إلى ذلك ما يُمكن اختزانه في مُستودع المسموعات والأشياء التي تُشم وتُذاق وتُلمس ،فسنجد أن هناك كما هائلا لا يُحصى ولا يُعد من كمية المحزونات داخل المُخ البشري لا يستطيع أن يتحملها أي جهاز كمبيوتر في العالم مهما توصل التقدم العلمي .
[
نعم أُختي لا زال العلم يقف حائرا حتى الآن أمام مُعجزة اختزان هذا الكم الهائل من المعلومات والذكريات،ولم يعثر العُلماء على منطقة مُعينة من الوجهة التشريحية تختص بالذاكرة بحيث إذا تم تخريبها فقدت الذاكرة،ولعل
ذلك من رحمة الله على البشرية،لأنه لو عُلم مكان تخزين الذاكرة في الدماغ وخُربت هذه المنطقة بفعل فاعل
لفقد الإنسان أعظم وأثمن شيء عنده وهي الذاكرة.
لقد وجد العُلماءُ أن تخريب 90في المائة من منطقة تتعلق بالذاكرة البصرية عند بعض الحيوانات لم يُؤد إلى فُقدان الذاكرة ،كما أن استئصال نصف الدماغ تماما عن بعض المرضى لم يجعلهم يفقدون ذاكرتهم .
سُبحانك يا رب ..أين توجد هذه الخلا يا المُؤتمنة على حفظ أمانة الذاكرة فاحتفظت بها خير احتفاظ ولم تُضيعها؟
وعجيبة أخرى أختي من عجائب المُخ وهي كيف أنه يصوغُ آلاف الآلاف من الكلمات التي تُشكل الجُمل والعبارات والأفكار واستخراج المعلومات من أرشيف المعلومات عند الحاجة إليها.
ولقد توصل العُلماء إلى أن كل ما فعله الإنسان أو سمعه أو رآه يكون محفوظا في أرشيف المُخ ولا يضيع منهُ شيئا :
(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)(الانفطار:10-12).
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ
وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ
لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا
وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا
الكهف/
قال تعالى :(((12) وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)))
نعم أُخيتي علينا أن نتذكر ذائما أن كُل لحظة من حياتنا مُدونة . ولا تنتهي الذاكرة إلا بانتهاء الأجل.
تعليق