ذكر أحدهم مرة قصة رجل أكل حق أولاد أخيه الذي توفي في ميراث أبيهم، فشكوه إلى أحد الصالحين، فحاول إقناعه بالحسنى أن يعطيهم حقهم، فلم يفعل، فقال لهم: هذا عمكم، ومن غير المستحسن أن تشكوه إلى القاضي، ولكن اشكوه إلى الله.
في الحقيقة أنا لا أتفق مع هذا الرجل في أن يسكت الأولاد عن حقهم، أو أن يسكت أي أحد عن حقه، بل ينبغي أن يطالب به، وأن يعينه في ذلك كل من يستطيع أن يرد له حقه، وإلا فسينتشر الظلم أكثر، وستضيع الحقوق، ويبقى الضعيف مغلوباً على أمره، فتمتلئ القلوب بالحقد والكراهية وحب الانتقام، ثم يحدث ما لا يُحمد عقباه.
والنساء هم أكثر من تضيع حقوقهم في هذا العصر، عصر العلم والحضارة! حضارة الطين، حضارة المادة والنفعية والأثرة.
يأكلون حق المرأة في الميراث، ثم ينكرون عليها مطالبتها به عن طريق القانون، ويدّعون زوراً وبهتاناً أنها بهذا الفعل تضرُّ بالأسرة وبوشائج القربى!
سبحان الله!! وهل الأسرة التي تسلب النساء حقهن في الميراث أسرة تخاف الله؟ أو تقيم وزناً للرحم أو لوشائج القربى؟!
لا يا أختي، لا تتنازلي عن حقوقك، ولا ترضي بالظلم، فالله شرع لك حقوقاً، ليس لأحد أن يسلبك إياها:
حقك في الميراث، وفي التصرف في مالك، فأنت لك ذمة مالية مستقلة، قال تعالى: ﴿لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِّمّا تَرَكَ الوٰلِدانِ وَالأَقْرَبونَ وَلِلنِّسآءِ نَصيبٌ مِّمّا تَرَكَ الوٰلدانِ وَالأَقْرَبونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصيباً مَّفْروضاً﴾ {النساء:7}.
وحقك في المهر، وأن تتملكيه أنت لا وليّك، وليس لزوجك ولا لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاكِ، وعن طيب نفس منك، ودون إكراه، قال تعالى: ﴿وَءَاتُوا النِّسآءَ صَدُقـٰتِهِنَّ نِحْلةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنيـٓئاً مَرِيـٓئاً﴾ {النساء:4}.
وحقك ألا تتزوجي إلا برضاكِ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تُنكح البكرُ حتى تُستأذن، ولا الثيب حتى تُستأمر". فقيل: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: "إذا سكتت" [صحيح البخاري:6968].
وليس لوليك أن يعضلك ويمنعك من الزواج إذا جاءك الكفء في الدين والخلق، وإلا فارفعي أمرك إلى القاضي، وهو يزوجك.
وقبل كل هذا، حقك في المعاملة الإنسانية الكريمة، والإحسان إليك، والرفق بك، والتلطف معك، والوصايا بالنساء كثيرة في القرآن والسنة، فما بالنا اليوم نرى هذه القسوة وهذه الإهانة، وهذا الظلم وهذه الفظاظة في التعامل مع النساء، وعدم التورع عن أكل حقوقهن أو الاحتيال في ذلك؟
أنت يا أختي لك حقوق كثيرة في الإسلام، أكرمك الله بها وشرفك، وحفظ لك بها نفسك ومالك ومكانتك، فاعرفي ما هي، ودعك من أكذوبة المساواة وغيرها من الأفكار الوافدة والخارجة عن الدين، وطالبي بحقك الذي أوجبه الله لك.
منقول للافادة
تعليق