ما جاء في السحر
أي من الوعيد فيه والتحذير منه
س: ما وجه إدخال باب السحر في كتاب التوحيد؟
جـ: لأن كثيرًا من أقسامه لا يتأتى إلا بالشرك المنافي للتوحيد.
س: كيف دخل السحر في الشرك؟
جـ: دخل فيه من جهتين:
1- من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم.
2- ومن جهة ما فيه من ادعاء علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
س: عرّف السحر لغة وشرعًا؟
جـ: السحر لغة عبارة عما خفي ولطف سببه.
وشرعًا: عزائم ورقى وعُقَد وأعمال تؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه.
س: اذكر حكم السحر وحدَّ الساحر مع ذكر الدليل؟
جـ: السحر محرم لأنه كفر بالله مناف للإيمان والتوحيد قال تعالى:}وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ{ وحد الساحر القتل والدليل على ذلك:
1- ما روي عن جندب مرفوعًا حد الساحر ضربه بالسيف. رواه الترمذي موقوفًا.
2- ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى عمَّاله أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. رواه البخاري في صحيحه.
3- ما صح عن حفصة أم المؤمنين أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت([2]).
فصح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم عمر وابنته حفصه وجندب. قال تعالى: }وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ{ [سورة البقرة آية (102)].
س: بين مرجع الضمير في (علموا) و(اشتراه) وما هو الخلاق اشرح هذه الآية واذكر ما يستفاد منها؟
جـ: مرجع الضمير في (علموا) إلى اليهود وفي اشتراه إلى السحر أي اختاره واستبدله بكتاب الله والخلاق: النصيب.
يقول تعالى: ولقد علم اليهود الَّذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أن الساحر لا نصيب له في الآخرة وتفيد الآية تحريم السحر ووعيد الساحر.
قال تعالى: }يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ{ [سورة النساء آية (51) ].
س: ما المراد بالجبت والطاغوت؟
جـ: قال عمر بن الخطاب الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان.
وقال جابر الطواغيت: كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد.
س: ما معنى قول جابر هذا وما هو الحي؟
جـ: أراد أن الكهان من الطواغيب تنزل عليهم الشياطين فيخاطبونهم ويخبرونهم بما يسترقون من السمع. وقوله: (في كل حي واحد) الحي واحد الأحياء وهي القبائل أي في كل قبيلة كاهن يتحاكمون إليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هُنَّ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) متفق عليه.
س: ما معنى اجتنبوا وما هي الموبقات ولماذا سميت بهذا الاسم؟
جـ: اجتنبوا ابتعدوا والموبقات المهلكات وسميت موبقات لأنها تهلك فاعلها في الدنيا بما يترتب عليها من العقوبات وفي الآخرة من العذاب.
س: عرّف الشرك بالله ولماذا بدأ به واذكر الشاهد من الحديث للباب؟
جـ: الشرك بالله نوعان:
1- شرك أكبر وهو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله كالدعاء والخوف والذبح والنذر.
2- وشرك أصغر وهو كل وسيلة تؤدي إلى الشرك الأكبر من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة كالرياء والحلف بغير الله، وبدأ بالشرك لأنه أعظم الذنوب.
والشاهد من الحديث للباب قوله (والسحر) وتقدم تعريفه وحكمه.
س: ما المقصود بقتل النفس التي حرَّم الله؟ وما هو الحق الذي يبيح قتل النفس؟
جـ: المقصود بالنفس التي حرَّم الله قتلها: هي نفس المسلم المعصوم والمعاهد. والحق الذي يبيح قتل النفس هو أن تعمل ما يوجب قتلها مثل الشرك والردة بعد الإسلام والنفس بالنفس (القصاص) والزنا بعد الإحصان (الزواج).
س: عرّف الربا وما المقصود بأكله؟
جـ: الربا لغة الزيادة، وشرعًا زيادة في أشياء مخصوصة والمقصود بأكله تناوله على أي وجه كان.
س: ما المراد بأكل مال اليتيم ولماذا عبر بالأكل؟
جـ¨المراد بأكل مال اليتيم التعدي فيه ظلمًا وعبر بالأكل لأنه أعم وجوه الانتفاع واليتيم الذي مات أبوه وهو صغير لم يَبْلُغ.
س: ما معنى التولي يوم الزحف؟ ومتى يكون كبيرة؟
جـ: معنى التولي يوم الزحف الإدبار والفرار عن الكفار وقت التحام القتال وإنما يكون كبيرة إذا فر إلى غير فئة أو غير متحرف لقتال كما في الآية الكريمة }وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{ [سورة الأنفال آية (16) ].
س: ما المقصود بالمحصنات الغافلات المؤمنات؟ وما معنى قذفهن وعن أي شيء احترز بقوله المؤمنات؟
جـ: المحصنات بفتح الصاد النساء المحفوظات من الزنا وبكسرها الحافظات فروجهن منه وهن الحرائر العفيفات. ومعنى قذفهن رميهن بزنا أو لواط وهن الغافلات عن الفواحش وعن ما رمين به البريئات من ذلك المؤمنات بالله تعالى. واحترز بالمؤمنات عن الكافرات فإن قذفهن ليس من الكبائر.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم السحر والوعيد الشديد عليه وأنه من الكبائر.
2- وعيد الساحر وأنه يكفر ويقتل.
3- الوعيد الشديد على الشرك بأنواعه فإنه أكبر الكبائر.
4- تحريم قتل النفس وأنه من الكبائر وبيان الحق الذي يبيح قتلها.
5- تحريم أكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي عن الكفار وقت القتال وقذف المحصنات وأنها من الكبائر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
بيان شيء من أنواع السحر
س: ما صلة هذا الباب بالذي قبله؟
جـ: هي أنه لما ذكر المؤلف حكم السحر ذكر شيئًا من أنواعه. روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العيافة والطَّرْقُ والطيرة من الجبت).
س: اشرح الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: العيافة: زجر الطير وتنفيرها وإرسالها، والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها.
والطرق: الخط يخط في الأرض، وقيل هو الضرب بالحصى.
والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع.
والجبت: تقدم تعريفه وهو السحر، وقيل رنة الشيطان أي صوته كما قال الحسن.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) رواه أبو داود وإسناده صحيح.
س: ما معنى اقتبس، وما هي الشعبة؟ وما معنى قوله زاد ما زاد؟
جـ: معنى اقتبس أخذ وحصل وتعلم، شعبة من النجوم طائفة وجزء من علم النجوم، ومعنى قوله زاد ما زاد أي كل ما زاد من تعلم علم النجوم زاد في الإثم الحاصل بزيادة الاقتباس من شعبه.
س: ما حكم تعلم علم النجوم؟
جـ: هو على قسمين جائز ومحرم، فالجائز ما يدرك بطريق المشاهدة كالاستدلال بالشمس والقمر والنجوم على أوقات الصلاة وجهة القبلة ونحو ذلك.
والمحرم ما يَدَّعيه أهل التنجيم من معرفة الحوادث التي لم تقع كمجيء الأمطار، ووقت هبوب الرياح، وتغير الأسعار وغير ذلك مما استأثر الله بعلمه ولا يعلمه أحد غيره.
وللنسائي من حديث أبي هريرة (من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئًا وكل إليه).
س: ما المقصود بالعقدة؟ وما هو النفث؟ وما الذي يؤخذ من قوله (و من سحر فقد أشرك)؟ وما معنى قوله (من تعلق شيئًا وكل إليه)؟
جـ: العقدة جمعها عقد وهي ما يعقده الساحر، وبيان ذلك أن السحرة إذا أرادوا السحر عقدوا الخيوط ونفثوا فيها على كل عقدة حتى ينعقد ما يريدون من السحر، والنفث هو النفخ مع ريق وهو دون التفل.
ويؤخذ من قوله (ومن سحر فقد أشرك) أن الساحر مشرك ومعنى قوله (من تعلق شيئًا وكل إليه) أي من تعلق قلبه بشىء بحيث يعتمد عليه ويرجوه وكله الله إلى ذلك الشىء.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا هل أنبئكم ما العَضْة هي النميمة القالة بين الناس) رواه مسلم.
س: ما معنى ألا هل أنبئكم؟ وما المقصود بالعَضْة وما هي النميمة وبين حكمها؟ وما وجه ذكرها في أنواع السحر؟ وما معنى القالة بين الناس؟
جـ: ألا أداة تنبيه وهل أداة استفهام وأنبئكم: أخبركم، والعَضْه في الأصل: البهت والمراد بها هنا النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد بينهم وهي من الكبائر. ووجه ذكرها في أنواع السحر أن النمام يقصد الأذى بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة فأشبهت السحر لمشاركتها له في التفريق بين الناس. والقالة بينالناس هي كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى لبعضهم عن بعض.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من البيان لسحرًا) متفق عليه.
س: ما هو البيان واذكر أنواعه؟ ولماذا شبه بالسحر؟
جـ: البيان اجتماع الفصاحة وذكاء القلب مع اللسان وإنما شُبِّه بالسحر لشدة عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له.
والبيان على نوعين مذموم وممدوح. فالمذموم هو الذي يجعل الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق يستميل صاحبه قلوب الجهال حتى يقبلوا الباطل وينكروا الحق وهذا هو المقصود في الحديث. والممدوح هو الذي يوضح الحق ويقرره ويبطل الباطل ويبينه.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم تعلم علم النجوم لمن يدعى به معرفة علم الغيب وأن ذلك من السحر.
2- أن الساحر مشرك لأنه لا يتأتى السحر إلا بالشرك.
3- أن عقد الخيوط والنفث فيها من السحر.
4- أن النميمة من السحر.
5- أن بعض الفصاحة من السحر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما جاءالكهَّان ونحوهم
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن الكهانة لا تخلو من الشرك المنافي للتوحيد.
س: كيف دخلت الكهانة في الشرك؟
جـ: دخلت فيه من جهتين:
1- من جهة دعوى مشاركة الله في علم الغيب الذي اختص به.
2- ومن جهة التقرب إلى غير الله كاستخدام الشياطين والاستعانة بهم.
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدَّقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا).
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد r) رواه أبو داود. وللأربعة والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن (أبي هريرة) (من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
س: ما المراد بالمنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؟
جـ: الكتاب والسنة.
س: ما هو الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا وبين قوله فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم اذكر ما يستفاد من الأحاديث السابقة؟
جـ: الجمع بينهما أن الوعيد على عدم قبول الصلاة محمول على مجرد مجيء العرَّاف وسؤاله لأن في بعض روايات الصحيح لم يذكر فيها لفظ (فصَّدقه) والوعيد بالكفر محمول على مجيئه وتصديقه.
ما يستفاد من الأحاديث:
1- كفر الكاهن والعرَّاف ونحوهما لأنهم يدعون علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
2- تحريم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد الشديد على ذلك.
3- كفر من يأتيهم ويصدقهم.
4- أنه لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
وعن عمران بن حصين مرفوعًا (ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) رواه البزار بسند جيد.
س: وضح معاني الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: قوله صلى الله عليه وسلم (ليس منا) وعيد شديد يدل على أن هذه الأمور من الكبائر (من تطيَّر) فعل الطيرة (أو تطير له) أمر من يتطير له وقَبِلَ قول المتطير وتابعه، (أو تكهن) فعل الكهانة، (أو تكهن له) أتى الكاهن وسأله فصدقه، (سحر) عمل السحر، (سحر له) قبل قول الساحر وصدَّقه وتابعه. فكل من تلقى هذه الأمور عمن فعلها فقد بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
س: اذكر الفرق بين العراف والكاهن والمُنجَّم والرمَّال؟
جـ: هذه الأسماء لمن يدعي معرفة شيء من علم الغيب لكن طرقهم مختلفة:
فالعراف: هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك وقيل هو الكاهن.
والكاهن: هو الذي يأخذ عن مسترق السمع ويخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل هو الذي يخبر عما في الضمير.
والمُنجَّم: هو الذي يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية.
والرمَّال: هو الذي يدَّعي معرفة المغيبات بطريق الضرب بالحصى والخط في الرمل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية العرَّاف اسم للكاهن والمُنَجَّم والرمَّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
قال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق. رواه الطبراني وإسناده ضعيف.
س: ما المقصود بتعلم (أبا جاد) وما حكم تعلمه وما هو الخلاق، وما معنى قول ابن عباس هذا؟
جـ: المقصود به معرفة حساب الجمل فيقطعون حروف أبجد هوز، حطي، كِلمَنْ.. إلخ فيجعلون الألف عن واحد والباء عن اثنين، والجيم عن ثلاثة والدال عن أربعة إلى نهاية الحرف العاشر ثم يبدءون بالكاف من (كَلِمَنْ) فيجعلونها عن عشرين واللام عن ثلاثين وهكذا إلى أن تتم حروف هذه الكلمات.
وتعلمها على نوعين حرام وجائز، فالحرام لمن يدَّعي بتعلمها معرفة علم الغيب. والجائز لمن يتعلمها للهجاء وحساب الجمل، والخلاق: النصيب.
ويقول ابن عباس ما أعلم أو ما أظن أن من يكتب هذه الحروف ويتعلمها وينظر في النجوم ويعتقد أن لها تأثيرًا في الكون ما أظن أن له عند الله نصيبًا في الآخرة والله سبحانه وتعالى أعلم.
(علاج السحر)
س: اذكر مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن بعض أنواع النشرة من السحر وهو لا يحصل غالبًا إلا بالشرك المنافي للتوحيد.
س:عرف النشرة لغة وشرعًا، ولماذا سميت بهذا الاسم؟
جـ: النشرة لغة: الكشف والإزالة. وشرعًا: حل السحر عن المسحور بنوع من العلاج والرقية، سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء أي يكشف ويزال.
س: اذكر ما قيل في النشرة وكيف تجمع بين هذه الأقوال؟ وبين أنواع النشرة وحكم كل نوع؟
جـ: 1- عن جابر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان) رواه أحمد بسند جيد وأبو داود.
وقال سئل أحمد عنها فقال ابن مسعود يكره هذه كله. أي يكره النشرة التي هي من عمل الشيطان.
2-سعيد بن المسيب يقول لا بأس بها إنما يريدون بها الإصلاح رواه البخاري عن قتادة.
3-وروي عن الحسن البصري أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر([3]).
والجمع بين هذه الأقوال أن النشرة (حل السحر عن المسحور)نوعان:
1- حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن وهذا النوع محرم.
2- النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة فمثل هذا جائز وعليه يحمل قول سعيد بن المسيب.
وفي البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب رجل به طِب أو يُؤخذ عن امرأته أيُحَلّ عنه أو يُنشَّر قال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه. اهـ.
س: ما المقصود بالطب هنا؟ وما معنى يُؤخذ عن امرأته وما المراد بقوله (أيُحَلُّ عنه أو يُنَشَّر) فقال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح؟
جـ: المقصود بالطب هنا السحر. ومعنى يؤخذ عن امرأته يحبس عنها فلا يصل إلى جماعها. والمراد بقوله أيُحل عنه أي ينقض عنه السحر. أو يُنَشَّر أي يكشف ويزال عنه.
فقال: لا بأس به يعني أن النشرة لا بأس بها لأنهم يريدون بها الإصلاح وهو إزالة السحر ولم ينه عما يراد به الإصلاح وهذا محمول على النشرة الخالية من السحر كما تقدم والله أعلم. فضيلة الشيخ عبد الله ابن جار الله جار الله
([1]) من كتاب الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد للمؤلف ص 105 – 119.
([2]) رواه مالك في الموطأ.
([3]) ذكره ابن الجوزي في جامع المسانيد.
أي من الوعيد فيه والتحذير منه
س: ما وجه إدخال باب السحر في كتاب التوحيد؟
جـ: لأن كثيرًا من أقسامه لا يتأتى إلا بالشرك المنافي للتوحيد.
س: كيف دخل السحر في الشرك؟
جـ: دخل فيه من جهتين:
1- من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلق بهم.
2- ومن جهة ما فيه من ادعاء علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
س: عرّف السحر لغة وشرعًا؟
جـ: السحر لغة عبارة عما خفي ولطف سببه.
وشرعًا: عزائم ورقى وعُقَد وأعمال تؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه.
س: اذكر حكم السحر وحدَّ الساحر مع ذكر الدليل؟
جـ: السحر محرم لأنه كفر بالله مناف للإيمان والتوحيد قال تعالى:}وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ{ وحد الساحر القتل والدليل على ذلك:
1- ما روي عن جندب مرفوعًا حد الساحر ضربه بالسيف. رواه الترمذي موقوفًا.
2- ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى عمَّاله أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. رواه البخاري في صحيحه.
3- ما صح عن حفصة أم المؤمنين أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت([2]).
فصح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم عمر وابنته حفصه وجندب. قال تعالى: }وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ{ [سورة البقرة آية (102)].
س: بين مرجع الضمير في (علموا) و(اشتراه) وما هو الخلاق اشرح هذه الآية واذكر ما يستفاد منها؟
جـ: مرجع الضمير في (علموا) إلى اليهود وفي اشتراه إلى السحر أي اختاره واستبدله بكتاب الله والخلاق: النصيب.
يقول تعالى: ولقد علم اليهود الَّذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أن الساحر لا نصيب له في الآخرة وتفيد الآية تحريم السحر ووعيد الساحر.
قال تعالى: }يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ{ [سورة النساء آية (51) ].
س: ما المراد بالجبت والطاغوت؟
جـ: قال عمر بن الخطاب الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان.
وقال جابر الطواغيت: كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد.
س: ما معنى قول جابر هذا وما هو الحي؟
جـ: أراد أن الكهان من الطواغيب تنزل عليهم الشياطين فيخاطبونهم ويخبرونهم بما يسترقون من السمع. وقوله: (في كل حي واحد) الحي واحد الأحياء وهي القبائل أي في كل قبيلة كاهن يتحاكمون إليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هُنَّ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) متفق عليه.
س: ما معنى اجتنبوا وما هي الموبقات ولماذا سميت بهذا الاسم؟
جـ: اجتنبوا ابتعدوا والموبقات المهلكات وسميت موبقات لأنها تهلك فاعلها في الدنيا بما يترتب عليها من العقوبات وفي الآخرة من العذاب.
س: عرّف الشرك بالله ولماذا بدأ به واذكر الشاهد من الحديث للباب؟
جـ: الشرك بالله نوعان:
1- شرك أكبر وهو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله كالدعاء والخوف والذبح والنذر.
2- وشرك أصغر وهو كل وسيلة تؤدي إلى الشرك الأكبر من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة كالرياء والحلف بغير الله، وبدأ بالشرك لأنه أعظم الذنوب.
والشاهد من الحديث للباب قوله (والسحر) وتقدم تعريفه وحكمه.
س: ما المقصود بقتل النفس التي حرَّم الله؟ وما هو الحق الذي يبيح قتل النفس؟
جـ: المقصود بالنفس التي حرَّم الله قتلها: هي نفس المسلم المعصوم والمعاهد. والحق الذي يبيح قتل النفس هو أن تعمل ما يوجب قتلها مثل الشرك والردة بعد الإسلام والنفس بالنفس (القصاص) والزنا بعد الإحصان (الزواج).
س: عرّف الربا وما المقصود بأكله؟
جـ: الربا لغة الزيادة، وشرعًا زيادة في أشياء مخصوصة والمقصود بأكله تناوله على أي وجه كان.
س: ما المراد بأكل مال اليتيم ولماذا عبر بالأكل؟
جـ¨المراد بأكل مال اليتيم التعدي فيه ظلمًا وعبر بالأكل لأنه أعم وجوه الانتفاع واليتيم الذي مات أبوه وهو صغير لم يَبْلُغ.
س: ما معنى التولي يوم الزحف؟ ومتى يكون كبيرة؟
جـ: معنى التولي يوم الزحف الإدبار والفرار عن الكفار وقت التحام القتال وإنما يكون كبيرة إذا فر إلى غير فئة أو غير متحرف لقتال كما في الآية الكريمة }وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{ [سورة الأنفال آية (16) ].
س: ما المقصود بالمحصنات الغافلات المؤمنات؟ وما معنى قذفهن وعن أي شيء احترز بقوله المؤمنات؟
جـ: المحصنات بفتح الصاد النساء المحفوظات من الزنا وبكسرها الحافظات فروجهن منه وهن الحرائر العفيفات. ومعنى قذفهن رميهن بزنا أو لواط وهن الغافلات عن الفواحش وعن ما رمين به البريئات من ذلك المؤمنات بالله تعالى. واحترز بالمؤمنات عن الكافرات فإن قذفهن ليس من الكبائر.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم السحر والوعيد الشديد عليه وأنه من الكبائر.
2- وعيد الساحر وأنه يكفر ويقتل.
3- الوعيد الشديد على الشرك بأنواعه فإنه أكبر الكبائر.
4- تحريم قتل النفس وأنه من الكبائر وبيان الحق الذي يبيح قتلها.
5- تحريم أكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي عن الكفار وقت القتال وقذف المحصنات وأنها من الكبائر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
بيان شيء من أنواع السحر
س: ما صلة هذا الباب بالذي قبله؟
جـ: هي أنه لما ذكر المؤلف حكم السحر ذكر شيئًا من أنواعه. روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العيافة والطَّرْقُ والطيرة من الجبت).
س: اشرح الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: العيافة: زجر الطير وتنفيرها وإرسالها، والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها.
والطرق: الخط يخط في الأرض، وقيل هو الضرب بالحصى.
والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع.
والجبت: تقدم تعريفه وهو السحر، وقيل رنة الشيطان أي صوته كما قال الحسن.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) رواه أبو داود وإسناده صحيح.
س: ما معنى اقتبس، وما هي الشعبة؟ وما معنى قوله زاد ما زاد؟
جـ: معنى اقتبس أخذ وحصل وتعلم، شعبة من النجوم طائفة وجزء من علم النجوم، ومعنى قوله زاد ما زاد أي كل ما زاد من تعلم علم النجوم زاد في الإثم الحاصل بزيادة الاقتباس من شعبه.
س: ما حكم تعلم علم النجوم؟
جـ: هو على قسمين جائز ومحرم، فالجائز ما يدرك بطريق المشاهدة كالاستدلال بالشمس والقمر والنجوم على أوقات الصلاة وجهة القبلة ونحو ذلك.
والمحرم ما يَدَّعيه أهل التنجيم من معرفة الحوادث التي لم تقع كمجيء الأمطار، ووقت هبوب الرياح، وتغير الأسعار وغير ذلك مما استأثر الله بعلمه ولا يعلمه أحد غيره.
وللنسائي من حديث أبي هريرة (من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئًا وكل إليه).
س: ما المقصود بالعقدة؟ وما هو النفث؟ وما الذي يؤخذ من قوله (و من سحر فقد أشرك)؟ وما معنى قوله (من تعلق شيئًا وكل إليه)؟
جـ: العقدة جمعها عقد وهي ما يعقده الساحر، وبيان ذلك أن السحرة إذا أرادوا السحر عقدوا الخيوط ونفثوا فيها على كل عقدة حتى ينعقد ما يريدون من السحر، والنفث هو النفخ مع ريق وهو دون التفل.
ويؤخذ من قوله (ومن سحر فقد أشرك) أن الساحر مشرك ومعنى قوله (من تعلق شيئًا وكل إليه) أي من تعلق قلبه بشىء بحيث يعتمد عليه ويرجوه وكله الله إلى ذلك الشىء.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا هل أنبئكم ما العَضْة هي النميمة القالة بين الناس) رواه مسلم.
س: ما معنى ألا هل أنبئكم؟ وما المقصود بالعَضْة وما هي النميمة وبين حكمها؟ وما وجه ذكرها في أنواع السحر؟ وما معنى القالة بين الناس؟
جـ: ألا أداة تنبيه وهل أداة استفهام وأنبئكم: أخبركم، والعَضْه في الأصل: البهت والمراد بها هنا النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد بينهم وهي من الكبائر. ووجه ذكرها في أنواع السحر أن النمام يقصد الأذى بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة فأشبهت السحر لمشاركتها له في التفريق بين الناس. والقالة بينالناس هي كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى لبعضهم عن بعض.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من البيان لسحرًا) متفق عليه.
س: ما هو البيان واذكر أنواعه؟ ولماذا شبه بالسحر؟
جـ: البيان اجتماع الفصاحة وذكاء القلب مع اللسان وإنما شُبِّه بالسحر لشدة عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له.
والبيان على نوعين مذموم وممدوح. فالمذموم هو الذي يجعل الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق يستميل صاحبه قلوب الجهال حتى يقبلوا الباطل وينكروا الحق وهذا هو المقصود في الحديث. والممدوح هو الذي يوضح الحق ويقرره ويبطل الباطل ويبينه.
س: اذكر ما يستفاد من هذا الباب؟
جـ: يستفاد منه:
1- تحريم تعلم علم النجوم لمن يدعى به معرفة علم الغيب وأن ذلك من السحر.
2- أن الساحر مشرك لأنه لا يتأتى السحر إلا بالشرك.
3- أن عقد الخيوط والنفث فيها من السحر.
4- أن النميمة من السحر.
5- أن بعض الفصاحة من السحر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما جاءالكهَّان ونحوهم
س: ما مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن الكهانة لا تخلو من الشرك المنافي للتوحيد.
س: كيف دخلت الكهانة في الشرك؟
جـ: دخلت فيه من جهتين:
1- من جهة دعوى مشاركة الله في علم الغيب الذي اختص به.
2- ومن جهة التقرب إلى غير الله كاستخدام الشياطين والاستعانة بهم.
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدَّقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا).
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد r) رواه أبو داود. وللأربعة والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن (أبي هريرة) (من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
س: ما المراد بالمنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؟
جـ: الكتاب والسنة.
س: ما هو الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا وبين قوله فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم اذكر ما يستفاد من الأحاديث السابقة؟
جـ: الجمع بينهما أن الوعيد على عدم قبول الصلاة محمول على مجرد مجيء العرَّاف وسؤاله لأن في بعض روايات الصحيح لم يذكر فيها لفظ (فصَّدقه) والوعيد بالكفر محمول على مجيئه وتصديقه.
ما يستفاد من الأحاديث:
1- كفر الكاهن والعرَّاف ونحوهما لأنهم يدعون علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
2- تحريم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد الشديد على ذلك.
3- كفر من يأتيهم ويصدقهم.
4- أنه لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
وعن عمران بن حصين مرفوعًا (ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) رواه البزار بسند جيد.
س: وضح معاني الكلمات المذكورة في الحديث؟
جـ: قوله صلى الله عليه وسلم (ليس منا) وعيد شديد يدل على أن هذه الأمور من الكبائر (من تطيَّر) فعل الطيرة (أو تطير له) أمر من يتطير له وقَبِلَ قول المتطير وتابعه، (أو تكهن) فعل الكهانة، (أو تكهن له) أتى الكاهن وسأله فصدقه، (سحر) عمل السحر، (سحر له) قبل قول الساحر وصدَّقه وتابعه. فكل من تلقى هذه الأمور عمن فعلها فقد بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
س: اذكر الفرق بين العراف والكاهن والمُنجَّم والرمَّال؟
جـ: هذه الأسماء لمن يدعي معرفة شيء من علم الغيب لكن طرقهم مختلفة:
فالعراف: هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك وقيل هو الكاهن.
والكاهن: هو الذي يأخذ عن مسترق السمع ويخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل هو الذي يخبر عما في الضمير.
والمُنجَّم: هو الذي يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية.
والرمَّال: هو الذي يدَّعي معرفة المغيبات بطريق الضرب بالحصى والخط في الرمل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية العرَّاف اسم للكاهن والمُنَجَّم والرمَّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
قال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق. رواه الطبراني وإسناده ضعيف.
س: ما المقصود بتعلم (أبا جاد) وما حكم تعلمه وما هو الخلاق، وما معنى قول ابن عباس هذا؟
جـ: المقصود به معرفة حساب الجمل فيقطعون حروف أبجد هوز، حطي، كِلمَنْ.. إلخ فيجعلون الألف عن واحد والباء عن اثنين، والجيم عن ثلاثة والدال عن أربعة إلى نهاية الحرف العاشر ثم يبدءون بالكاف من (كَلِمَنْ) فيجعلونها عن عشرين واللام عن ثلاثين وهكذا إلى أن تتم حروف هذه الكلمات.
وتعلمها على نوعين حرام وجائز، فالحرام لمن يدَّعي بتعلمها معرفة علم الغيب. والجائز لمن يتعلمها للهجاء وحساب الجمل، والخلاق: النصيب.
ويقول ابن عباس ما أعلم أو ما أظن أن من يكتب هذه الحروف ويتعلمها وينظر في النجوم ويعتقد أن لها تأثيرًا في الكون ما أظن أن له عند الله نصيبًا في الآخرة والله سبحانه وتعالى أعلم.
(علاج السحر)
س: اذكر مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد؟
جـ: هي أن بعض أنواع النشرة من السحر وهو لا يحصل غالبًا إلا بالشرك المنافي للتوحيد.
س:عرف النشرة لغة وشرعًا، ولماذا سميت بهذا الاسم؟
جـ: النشرة لغة: الكشف والإزالة. وشرعًا: حل السحر عن المسحور بنوع من العلاج والرقية، سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء أي يكشف ويزال.
س: اذكر ما قيل في النشرة وكيف تجمع بين هذه الأقوال؟ وبين أنواع النشرة وحكم كل نوع؟
جـ: 1- عن جابر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان) رواه أحمد بسند جيد وأبو داود.
وقال سئل أحمد عنها فقال ابن مسعود يكره هذه كله. أي يكره النشرة التي هي من عمل الشيطان.
2-سعيد بن المسيب يقول لا بأس بها إنما يريدون بها الإصلاح رواه البخاري عن قتادة.
3-وروي عن الحسن البصري أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر([3]).
والجمع بين هذه الأقوال أن النشرة (حل السحر عن المسحور)نوعان:
1- حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن وهذا النوع محرم.
2- النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة فمثل هذا جائز وعليه يحمل قول سعيد بن المسيب.
وفي البخاري عن قتادة قلت لابن المسيب رجل به طِب أو يُؤخذ عن امرأته أيُحَلّ عنه أو يُنشَّر قال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه. اهـ.
س: ما المقصود بالطب هنا؟ وما معنى يُؤخذ عن امرأته وما المراد بقوله (أيُحَلُّ عنه أو يُنَشَّر) فقال لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح؟
جـ: المقصود بالطب هنا السحر. ومعنى يؤخذ عن امرأته يحبس عنها فلا يصل إلى جماعها. والمراد بقوله أيُحل عنه أي ينقض عنه السحر. أو يُنَشَّر أي يكشف ويزال عنه.
فقال: لا بأس به يعني أن النشرة لا بأس بها لأنهم يريدون بها الإصلاح وهو إزالة السحر ولم ينه عما يراد به الإصلاح وهذا محمول على النشرة الخالية من السحر كما تقدم والله أعلم. فضيلة الشيخ عبد الله ابن جار الله جار الله
([1]) من كتاب الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد للمؤلف ص 105 – 119.
([2]) رواه مالك في الموطأ.
([3]) ذكره ابن الجوزي في جامع المسانيد.