خمس لا يعلمهن إلا الله
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .
( يَاأَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْاتَّقُواْاللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَتَمُوتُنَّ إِلاَّوَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
( يَاأَيُّهَاالنَّاسُ اتَّقُواْرَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًاوَنِسَاء وَاتَّقُواْاللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَا ن عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( يَاأَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوااللَّهَ وَقُولُواقَوْلاسَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْلَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَفَوْزًاعَظِيمًا)
أمـا بعـد :.
فإن الله تبارك وتعالى أثنى على الذين يؤمنون بالغيب ، وما ذلك إلا لأنهم آمنوا وصدقوا بما لم يروه من موعود الله ومن خبر رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الله جل جلاله : ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
والإيمان بالغيب هو الذي ينفع صاحبَه .
أما إذا عاين العبد ورأى رأي عين فإنه لا ينفعه الإيمان ، بل لا يكون إيمانا بالغيب .
كأن يُعاين ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب عند الاحتضار ، فإن الإيمان حينئذ لا ينفعه لأنه آمن بما هو مشاهد فلا يكون إيمان بالغيب .
قال الله : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )
ولذا لما آمن فرعون عند معاينة الموت ومُصارعة الغرق لم ينفعه إيمانه ، فقال لما أدركه الغرق : (آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
فقال الله جل جلاله : ( آَلآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )
يعني الآن تؤمن لما عاينت الهلاك ... فأين أنت وقت الإمهال وزمن قبول التوبة ؟
كما أنه لا ينفعه الإيمان حينما يُدرك طلوع الشمس من مغربها ، لأنه آمن بشيء مُشاهد .
قال الله تبارك وتعالى : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو
كسبت في إيمانها خيرا . متفق عليه .
وقال عليه الصلاة والسلام : ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض . رواه مسلم .
وقد يبتلي الله عباده ليعلم سبحانه من يخافُه بالغيب ومَنْ يعلم علم يقين أن الله مطّلعٌ عليه .
قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
وقد وعد الله الذين يخشونه بالغيب بالمغفرة في الدنيا والأجر الكبير في الآخرة .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )
وأما علم الغيب فهو مما اختص الله به نفسه وحَجَبَه عن عباده لمصلحتهم .
قال ابن القيم – رحمه الله – وهو يُبيّن العلم الممنوح للعباد والعلم الممنوع :
قال : ثم منعهم سبحانه علم ما سوى ذلك [ أي علم ما سوى ما ينفعهم ] مما ليس في شأنهم ولا فيه مصلحة لهم ولا نشأتهم قابلة لـه ، كعلم الغيب وعلمِ ما كان وكلّ ما يكون ، والعلم بعدد القطر وأمواج البحر وذرات الرمال ومساقط الاوراق وعدد الكواكب ومقادِيرها ، وعلمِ ما فوق السموات وما تحت الثرى وما في لجج البحار وأقطار العالم وما يُكِنُّه الناس في صدورهم ، وما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ، إلى سائر ما عزب عنهم علمه ، فمن تكلف معرفة ذلك فقد ظلم نفسه وبخس من التوفيق حظه ولم يحصل إلا على الجهل المركب والخيال الفاسد في أكثر أمره .
وقال أيضا : ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم علم الساعة ومعرفة آجالهم وفي ذلك من الحكمة البالغة مالا يحتاج إلى نظر فلو عرف الإنسان مقدار عمره فإن كان قصير العمر لم يتهنأ بالعيش وكيف يتهنأ به وهو يترقب الموت في ذلك الوقت فلولا طول الامل لخربت الدنيا وأنما عمارتها بالآمال ، وإن كان طويل العمر وقد تحقق ذلك فهو واثق بالبقاء فلا يبالي بالانهماك في الشهوات والمعاصي وأنواع الفساد ويقول إذا قرب الوقت أحدثت توبة ، وهذا مذهب لا يرتضيه الله تعالى عز وجل من عباده ولا يقبله منهم ولا تصلح عليه أحوال العالم ولا يصلح العالم إلا على هذا الذي اقتضته حكمته وسبق في علمه ، فلو أن عبدا من عبيدك عمل على أن يُسخطك أعواما ثم يرضيك ساعة واحدة إذا تيقن أنه صائر إليك لم تقبل منه ولم يفز لديك بما يفوز به من همه رضاك ، وكذا سُنة الله عز وجل أن العبد إذا عاين الانتقال إلى الله تعالى لم ينفعه توبة ولا إقلاع ...
إلى أن قال – رحمه الله – : فَبَانَ أن من حكمة الله ونِعمـه على عباده أنْ سـتر عنهم مقادير آجالهم ومبلغ أعمارهم ،فلا يزال الكيِّس يترقب الموت وقد وضعه بين عينيه فينكف عما يضره في معاده ويجتهد فيما ينفعه ويُسرُّ به عند القدوم ..
وإن الله اختص نفسه بعلم خمسة أشياء ، فلا يعلمها نبيٌّ مرسل ولا مَلَكٌ مُقرّب .
فمن ادّعى علم شيءٍ من هذه الخمس فقد أعظم الفرية ، وافترى على الله الكذب ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ )
وهذه الخمس سماها الله عز وجل مفاتح الغيب : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )
وكذلك سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قوله عليه الصلاة والسلام : مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله . رواه البخاري .
وإنما سُمّيت مفاتيح الغيب لأنها مفاتيح لما بعدها كما ذكر العلماء .
فقالوا :
قيام الساعة مفتاح لليوم الآخر .
ونزول الغيث مفتاح لحياة الأرض .
وعلم ما في الأرحام مفتاح لحياة المخلوقات .
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا مفتاح للأرزاق .
وما تدري نفس بأي أرض تموت مفتاح للقيامة الصغرى لكل إنسان بحسبه .
وهذه الخمس تُعرف بالعلامات والأمارات والدلائل
كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال رضي الله عنه :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزاً للناس ، فأتاه رجل ، فقال :يا رسول الله ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر . قال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال : يا رسول الله ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك قال : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربَّـها فذاك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها ، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها في خمـس لا يعلمهن إلا الله ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ثم أدبر ، فقال ردوه ، فلم يروا شيئا ، فقال : هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم رواه البخاري ومسلم .
فالله سبحانه هو عالِم الغيب والشهادة .
وقد وصف الله نفسه بذلك فقال تبارك وتعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )
وقال جل وعلا : ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلاّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا )
وقال سبحانه : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا )
وقال جل جلاله: ( وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )
وقال عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلاّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
ولما قالت جارية : وفينا نبي يعلم ما في غد . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين . رواه البخاري .
وقالت عائشة : ثلاث من حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) وقرأت : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) ومـن حدثك أنه يعلم ما في غد ، فقد كذب ، ثم قرأت : ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا )
ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ، ثم قرأت : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) الآية . متفق عليه .
وفي رواية لمسلم قالت رضي الله عنها : ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية – وذَكَرَتْ منهنّ - : ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقـول : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ )
ولما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة أمره الله عز وجل أن يقول : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )
ولما سأله جبريل متى الساعة ؟
قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل .
ولما خسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قام النبي عليه الصلاة والسلام فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى . والحديث متفق عليه .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى الساعة فغيره من باب أولى .
بل إن ملكا من الملائكة العِظام وهو إسرافيل الذي وُكِّل بالنفخ في الصور لا يعلم متى يؤمر .
قال عليه الصلاة والسلام : كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وأحنى جبهته وأصغى سمعه ينظر متى يؤمر . قال المسلمون : يا رسول الله فما نقول ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا . رواه الإمام أحمد والترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه قبض وفيه تقوم الساعة . ما على الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مصيخة حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا بن آدم . رواه الإمام أحمد وغيره .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
( يَاأَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْاتَّقُواْاللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَتَمُوتُنَّ إِلاَّوَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
( يَاأَيُّهَاالنَّاسُ اتَّقُواْرَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًاوَنِسَاء وَاتَّقُواْاللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَا ن عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( يَاأَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوااللَّهَ وَقُولُواقَوْلاسَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْلَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَفَوْزًاعَظِيمًا)
أمـا بعـد :.
فإن الله تبارك وتعالى أثنى على الذين يؤمنون بالغيب ، وما ذلك إلا لأنهم آمنوا وصدقوا بما لم يروه من موعود الله ومن خبر رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الله جل جلاله : ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
والإيمان بالغيب هو الذي ينفع صاحبَه .
أما إذا عاين العبد ورأى رأي عين فإنه لا ينفعه الإيمان ، بل لا يكون إيمانا بالغيب .
كأن يُعاين ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب عند الاحتضار ، فإن الإيمان حينئذ لا ينفعه لأنه آمن بما هو مشاهد فلا يكون إيمان بالغيب .
قال الله : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )
ولذا لما آمن فرعون عند معاينة الموت ومُصارعة الغرق لم ينفعه إيمانه ، فقال لما أدركه الغرق : (آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
فقال الله جل جلاله : ( آَلآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )
يعني الآن تؤمن لما عاينت الهلاك ... فأين أنت وقت الإمهال وزمن قبول التوبة ؟
كما أنه لا ينفعه الإيمان حينما يُدرك طلوع الشمس من مغربها ، لأنه آمن بشيء مُشاهد .
قال الله تبارك وتعالى : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو
كسبت في إيمانها خيرا . متفق عليه .
وقال عليه الصلاة والسلام : ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض . رواه مسلم .
وقد يبتلي الله عباده ليعلم سبحانه من يخافُه بالغيب ومَنْ يعلم علم يقين أن الله مطّلعٌ عليه .
قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
وقد وعد الله الذين يخشونه بالغيب بالمغفرة في الدنيا والأجر الكبير في الآخرة .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )
وأما علم الغيب فهو مما اختص الله به نفسه وحَجَبَه عن عباده لمصلحتهم .
قال ابن القيم – رحمه الله – وهو يُبيّن العلم الممنوح للعباد والعلم الممنوع :
قال : ثم منعهم سبحانه علم ما سوى ذلك [ أي علم ما سوى ما ينفعهم ] مما ليس في شأنهم ولا فيه مصلحة لهم ولا نشأتهم قابلة لـه ، كعلم الغيب وعلمِ ما كان وكلّ ما يكون ، والعلم بعدد القطر وأمواج البحر وذرات الرمال ومساقط الاوراق وعدد الكواكب ومقادِيرها ، وعلمِ ما فوق السموات وما تحت الثرى وما في لجج البحار وأقطار العالم وما يُكِنُّه الناس في صدورهم ، وما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ، إلى سائر ما عزب عنهم علمه ، فمن تكلف معرفة ذلك فقد ظلم نفسه وبخس من التوفيق حظه ولم يحصل إلا على الجهل المركب والخيال الفاسد في أكثر أمره .
وقال أيضا : ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم علم الساعة ومعرفة آجالهم وفي ذلك من الحكمة البالغة مالا يحتاج إلى نظر فلو عرف الإنسان مقدار عمره فإن كان قصير العمر لم يتهنأ بالعيش وكيف يتهنأ به وهو يترقب الموت في ذلك الوقت فلولا طول الامل لخربت الدنيا وأنما عمارتها بالآمال ، وإن كان طويل العمر وقد تحقق ذلك فهو واثق بالبقاء فلا يبالي بالانهماك في الشهوات والمعاصي وأنواع الفساد ويقول إذا قرب الوقت أحدثت توبة ، وهذا مذهب لا يرتضيه الله تعالى عز وجل من عباده ولا يقبله منهم ولا تصلح عليه أحوال العالم ولا يصلح العالم إلا على هذا الذي اقتضته حكمته وسبق في علمه ، فلو أن عبدا من عبيدك عمل على أن يُسخطك أعواما ثم يرضيك ساعة واحدة إذا تيقن أنه صائر إليك لم تقبل منه ولم يفز لديك بما يفوز به من همه رضاك ، وكذا سُنة الله عز وجل أن العبد إذا عاين الانتقال إلى الله تعالى لم ينفعه توبة ولا إقلاع ...
إلى أن قال – رحمه الله – : فَبَانَ أن من حكمة الله ونِعمـه على عباده أنْ سـتر عنهم مقادير آجالهم ومبلغ أعمارهم ،فلا يزال الكيِّس يترقب الموت وقد وضعه بين عينيه فينكف عما يضره في معاده ويجتهد فيما ينفعه ويُسرُّ به عند القدوم ..
وإن الله اختص نفسه بعلم خمسة أشياء ، فلا يعلمها نبيٌّ مرسل ولا مَلَكٌ مُقرّب .
فمن ادّعى علم شيءٍ من هذه الخمس فقد أعظم الفرية ، وافترى على الله الكذب ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ )
وهذه الخمس سماها الله عز وجل مفاتح الغيب : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )
وكذلك سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قوله عليه الصلاة والسلام : مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله . رواه البخاري .
وإنما سُمّيت مفاتيح الغيب لأنها مفاتيح لما بعدها كما ذكر العلماء .
فقالوا :
قيام الساعة مفتاح لليوم الآخر .
ونزول الغيث مفتاح لحياة الأرض .
وعلم ما في الأرحام مفتاح لحياة المخلوقات .
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا مفتاح للأرزاق .
وما تدري نفس بأي أرض تموت مفتاح للقيامة الصغرى لكل إنسان بحسبه .
وهذه الخمس تُعرف بالعلامات والأمارات والدلائل
كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال رضي الله عنه :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزاً للناس ، فأتاه رجل ، فقال :يا رسول الله ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر . قال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال : يا رسول الله ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك قال : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربَّـها فذاك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها ، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها في خمـس لا يعلمهن إلا الله ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ثم أدبر ، فقال ردوه ، فلم يروا شيئا ، فقال : هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم رواه البخاري ومسلم .
فالله سبحانه هو عالِم الغيب والشهادة .
وقد وصف الله نفسه بذلك فقال تبارك وتعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )
وقال جل وعلا : ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلاّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا )
وقال سبحانه : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا )
وقال جل جلاله: ( وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )
وقال عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلاّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
ولما قالت جارية : وفينا نبي يعلم ما في غد . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين . رواه البخاري .
وقالت عائشة : ثلاث من حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) وقرأت : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) ومـن حدثك أنه يعلم ما في غد ، فقد كذب ، ثم قرأت : ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا )
ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ، ثم قرأت : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) الآية . متفق عليه .
وفي رواية لمسلم قالت رضي الله عنها : ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية – وذَكَرَتْ منهنّ - : ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقـول : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ )
ولما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة أمره الله عز وجل أن يقول : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )
ولما سأله جبريل متى الساعة ؟
قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل .
ولما خسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قام النبي عليه الصلاة والسلام فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى . والحديث متفق عليه .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى الساعة فغيره من باب أولى .
بل إن ملكا من الملائكة العِظام وهو إسرافيل الذي وُكِّل بالنفخ في الصور لا يعلم متى يؤمر .
قال عليه الصلاة والسلام : كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وأحنى جبهته وأصغى سمعه ينظر متى يؤمر . قال المسلمون : يا رسول الله فما نقول ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا . رواه الإمام أحمد والترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه قبض وفيه تقوم الساعة . ما على الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مصيخة حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا بن آدم . رواه الإمام أحمد وغيره .
تعليق