إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أحصاه الله ونسوه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحصاه الله ونسوه

    أحصاه الله ونسوه إن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة فإنه صغير جرمه، عظيم طاعته وجرمه، إذ لا يستبين الكفر، والإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان([1]).
    فهذا المخلوق الصغير يعبر الإنسان عن بغيته ويفصح عن مشاعره، به يطلب حاجته ويدافع عن نفسه ويعبر عن مكنون فؤاده، يحادث جليسه ويآنس رفيقه، به السقطة والدنو وبه تظهر الهمة والعلو.
    واللسان: رحب الميدان ليس له مرد، ولا لمجاله منتهى وحد، له في الخير مجال رحب وله في الشر ذيل سحب، فمن أطلقه عذبه اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى دار البوار، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد. ألسنتهم ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة، ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله.
    وعلم ما يحمد فيه إطلاق اللسان أو يذم غامض عزيز والعمل بمقتضاه على من عرفه ثقيل عسير، وأعصى الأعضاء على الإنسان اللسان، فإنه لا تعب في إطلاقه ولا مؤنة في تحريمه وقد تساهل الخلق في الاحتراز عن آفاته وغوائله والحذر من مصائده وحبائله، وإنه أعظم آلة الشيطان في استغواء الإنسان([2]).
    إذا ترك له العنان يصول ويجول.. يتحدث عن فلان ويغتاب فلان، يستهزئ بهذا ويشتم هذا.
    وقلة هم الذين أمسكوا بعنان ألسنتهم ووقفوا به عن ما لا يعنيهم.
    فحد الكلام فيما لا يعنيك أن تتكلم بكلام لو سكت عنه لم تأثم ولم تستضر به في حال ولا مال.
    وينبغي لكل مكلف: أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام: إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لإنه قد ينجز الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء([3]).
    وفي اللسان آفتان عظيمتان: إن خلص من أحدهما لم يخلص من الأخرى، آفة الكلام وآفة السكوت.
    وقد يكون كل منهما أعظم من الأخرى في وقتها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاص لله، مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته، فهم بين هذين النوعين، وأهل الوسط وهم أهل الصراط المستقيم، كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة، فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلا عن أن تضره في آخرته، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها.
    ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به([4]).
    وكثرة آفات اللسان:من الخطأ والكذب والغيبة والنميمة والنفاق والفحش والمراء وتزكية النفس والخوض في الباطل والخصومة والفضول والتحريف والزيادة والنقصان، وإيذاء الخلق وهتك العورات، فهذه آفات وهي سياقة إلى اللسان لا تثقل عليه ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان، والخائض فيها قلما يقدر أن يمسك اللسان فيطلقه بما يحب ويكفه عما لا يحب.
    ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة فذلك عظمت فضيلته، هذا مع ما فيه من جمع الهمم ودوام الوقار والفراغ للفكر والذكر والعبادة والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة([5]).
    وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحًا حال الكثيرين:
    ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل ليشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول([6]).
    آفات اللسان
    آفات اللسان كثيرة متنوعة، ولها في القلب حلاة ولها بواعث من الطبع، ولا نجاة من خطرها إلا بالصمت أو التحرز في الكلام.
    ومن آفات اللسان ما يلي:
    الآفة الأولى:
    الكلام فيما لا يعني... اعلم أن من عرف قدر زمانه، وأنه رأس ماله، لم ينفقه إلا في فائدة، وهذه المعرفة توجب حبس اللسان عن الكلام فيما لا يعني، لأن من ترك ذكر الله واشتغل فيما لا يعني كان كمن قدر على أخذ جوهرة، فأخذ عوضها بدرة وهذا خسران العمر.
    الآفة الثانية:
    الخوض في الباطل، وهو الكلام في المعاصي، كذكر مجالس الخمر، ومقامات الفساق، وقريب من ذلك الجدال والمراء، وهو كثرة الملاحاة للشخص لبيان غلطه وإفحامه، والباعث على ذلك الترفع فينبغي للإنسان أن ينكر المنكر من القول، ويبين الصواب فإن قبل منه وإلا ترك المماراة، هذا إذا كان معلقا بالدين، فإما إن كان في أمور الدنيا فلا وجه للمجادلة فيه.
    الآفة الثالثة:
    التقعر في الكلام، وذلك يكون بالتشدق، وتكلف السجع.
    الآفة الرابعة:
    الفحش والسب والبذاء.
    الآفة الخامسة:
    المزاح... أما اليسير فلا ينهى عنه إذا كان صدقا.
    الآفة السادسة:
    السخرية والاستهزاء.. ومعنى السخرية الاحتقار والاستهانة والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه.
    الآفة السابعة:
    إفشاء السر وإخلاف الوعد والكذب في القول واليمين، وكل ذلك منهي عنه، إلا ما رخص فيه من الكذب لزوجته وفي الحرب فإن ذلك يباح
    وضابطه:أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب، فهو مباح إن كان ذلك المقصود مباحا، وإن كان المقصود واجبا فهو واجب، فينبغي أن يتحرز عن الكذب مهما أمكن.
    الآفة الثامنة:
    الغيبة، هي ذكر أخاك الغائب بما يكرهه إذا بلغه، سواء كان نقصًا في بدنه أو في نسبه أو في ثوبه([7]).
    الآفة التاسعة:
    النميمة، وهي إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه.
    وهناك آفات أخرى كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.. وقد حذر الله جل وعلا من تلك الآفات وأخبر أنها من الأعمال التي تحصى على ابن آدم ويحاسب عليها.
    قال تعالى: }مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{
    [ق: 18].

    وقال جل وعلا: }وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا{[الإسراء: 36].
    ومن الأحاديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" رواه البخاري ومسلم.
    وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" رواه الترمذي وابن ماجه.
    وحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل النار؟ قال: "الفم والفرج" وعندما سأل معاذ بن جبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: "كف عليك هذا" فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" رواه الترمذي.
    وانظر أخي الكريم وأختي الفاضلة إلى عظم الأمر وخطورة الكلمة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" متفق عليه.
    وهذا أبو بكر رضي الله عنه آخذا بطرف لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد([8]).
    والكلام أسيرك فإذا خرج من فيك صرت أنت أسيره، والله عند لسان كل قائل: }مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{[ق: 18]([9]).
    ([1])الإحياء: 3/ 117.

    ([2])الإحياء: 3/ 117.

    ([3])رياض الصالحين (414).

    ([4])الجواب الكافي (173).

    ([5])الإحياء (3/ 121).

    ([6])الجواب الكافي (171).

    ([7])مختصر منهاج القاصدين 165 وما بعدها باختصار.

    ([8])صفة الصفوة (1/ 253).

    ([9])الجواب الكافي (173)
    التعديل الأخير تم بواسطة تاركة الدنيا; الساعة 16-12-2010, 06:47 AM. سبب آخر: حذف روابط على بعض الارقام...بوركتِ



  • #2
    رد: أحصاه الله ونسوه

    جزاكِ الله خيرا أمة الله4
    اللهم لا تنقنا إلا بما يرضيك
    بوركتِ أختي


    رسائل مهمة في نصح الأمة " هام جدا لكل مسلمة
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

    تعليق


    • #3
      رد: أحصاه الله ونسوه

      يعطيك العافية..
      آحفظ الله يحفظك

      تعليق


      • #4
        رد: أحصاه الله ونسوه

        المشاركة الأصلية بواسطة لؤلؤ ومرجان مشاهدة المشاركة
        جزاكِ الله خيرا أمة الله4
        اللهم لا تنقنا إلا بما يرضيك
        بوركتِ أختي

        جزاك الله خيرا ونفع بك أكرمكم الله في الدنيا والآخرة
        اللهم ثبتنا وإياك على الحق إلى يوم أن نلقاه


        تعليق


        • #5
          رد: أحصاه الله ونسوه

          المشاركة الأصلية بواسطة الرياحـين مشاهدة المشاركة
          يعطيك العافية..
          جزاك الله خيرا ونفع بك أكرمكم الله في الدنيا والآخرة
          اللهم ثبتنا وإياك على الحق إلى يوم أن نلقاه


          تعليق

          يعمل...
          X