Tweet
واصلت قوات الإطفائية الإسرائيلية، السبت 4-12-2010، مستعينة بطائرات الإطفاء المحلية والأجنبية مكافحة الحريق الهائل والأعنف الذي لا يزال مندلعاً منذ ثلاثة أيام، على جبل الكرمل شمال فلسطين المحتلة عام 1948، فيما أخذت ألسنة النيران تقترب من حي "ياد لبانيم" في دالية الكرمل بفعل الرياح الشرقية التي تهب في المنطقة.
وتسود حالة من الخوف في صفوف السكان، في وقت تستعد فيه طواقم الإنقاذ لإخلاء سكان قرية دالية الكرمل من بيوتهم، بعد أن اقتربت النيران من الأحياء الغربية للقرية.
وأفادت مصادر إعلامية إسرائيلية، أن النيران باتت على مشارف قرية دالية الكرمل من ثلاث مناطق، فيما تعجز طواقم الإطفاء عن محاصرة النيران ومنع امتدادها لبيوت السكان هناك.
وأكد رئيس المجلس المحلي لدالية الكرمل التي تبلغ مساحتها ما يقارب 9000 دونم، أن الاستعدادات تجري لإخلاء السكان من الأحياء الغربية للقرية بعد أن اقتربت النيران من بيوتهم.
الإهمال وراء الحريق
وأظهرت تحقيقات كشفتها الشرطة الإسرائيلية، السبت، أن أسباب الحريق كانت "نتيجة الإهمال"، ووفقاً لإذاعة الاحتلال، فإن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحريق "نجم على ما يبدو عن إهمال أبدته عائلة من المتنزهين قرب عسفيا، حيث أضرمت النار لتحضير القهوة وتدخين الأرجيلة، وتعتقد الشرطة بأن أفراد العائلة أضرموا النار ثم غادروا المكان بدون التأكد من أنه تم إخمادها فعلاً".
وارتفع عدد ضحايا الحريق إلى ثلاثة وأربعين شخصاً بعد أن تم العثور على جثة مفقود من فرق الإطفاء، وجثة شخص آخر في منطقة تم إخماد الحرائق فيها، علماًَ أن ثمانية وثلاثين شخصاً من بين القتلى هم سجانون.
وتواجه فرق الإطفاء مشاكل في التعامل مع الحرائق المتزايدة، إذ أُعلن أن عدة منازل في "قرى (عين هود) و(نير عتصيون) و(يمين اورد) أصبحت "طعمة" لألسنة النار، فيما تمكنت أمس، قوات الإطفاء من منع انتشار الحريق باتجاه حي (دِنيا) في حيفا، إلا أن النيران اشتعلت بشدة في المنطقة ما بين مفرق الطريق رقم 4 وقرية (بيت اورن).
كما اندلع حريق آخر إلى الجنوب من مفرق "بيت ريمون" على طريق رقم (77)، وتحقق الشرطة فيما إذا كان هذا الحريق مفتعلا.
وكانت مصادر إسرائيلية رسمية أفادت، أن حريقاً كبيراً شب، صباح السبت، في حقل ألغام على الطريق بين "مارغاليوت" ومنارة في الجليل الأعلى شمال فلسطين المحتلة، وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود لإخماد الحريق الذي أتى على أكثر من خمسة ملايين شجرة على مساحة خمسين ألف دونم.
ونقلت وكالة "قدس برس" عن تلك المصادر :"إن حريقاً شب في حقل ألغام قرب الطريق رقم 886 بين قريتي "مارغاليوت" و"منارة"، نتيجة إقدام مزارعين على إضرام النار في هشيم"، وأغلقت الشرطة الطريق خشية من انفجار الألغام، في حين عملت قوات من الإطفائية على إخماد الحريق.
وفي قرية "بسمة طبعون" في الجليل؛ شب قبل ظهر أمس، حريق أسفر عن اشتعال النار في عدة أماكن قرب القرية، حيث تعمل طواقم الإطفائية على احتواء الحريق.
أكثر صعوبة
إلى ذلك، قال طيارون روس شاركوا في عملية الإطفاء إن الأوضاع أكثر صعوبة مما توقعوا، إذ انضمت طائرة روسية ثالثة ضخمة إلى الطائرتين الروسيتين.
وقال قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عيدو نحشوتون :"إنه من المقرر زيادة الطلعات الجوية"، لافتاً إلى وجود جهود دولية كبيرة لمساعدة (إسرائيل) في مواجهة الحرائق وتوفير معدات إطفاء غير متوفرة في (إسرائيل).
وكان رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" قد أجرى، الليلة قبل الماضية، اتصالات مع قادة دول عدة لإرسال طائرات إطفاء إضافية للتغلب على النيران المشتعلة في جبل الكرمل. ونقل موقع "هآرتس" عن نتنياهو قوله: "من الواضح أن المعركة لوقف النيران ستحسم من الجو، أعمل عبر كافة القنوات لجلب المزيد من طائرات الإطفاء بسرعة للمعركة الجوية".
وقدر أن تشارك ما بين ثلاثين إلى أربعين طائرة في عملية الإطفاء وصلت وستصل من اليونان وتركيا وقبرص وبريطانيا وفرنسا وأذربيجان وبلغاريا وروسيا ومصر وأسبانيا وكرواتيا والأردن وأسبانيا، لافتاً إلى أن الطائرات نفذت عشرات الطلعات الجوية لإخماد الحرائق.
وأرسلت روسيا ثلاث طائرات ضخمة من طراز "ايلوشن" بمقدورها تخزين ٤٥ طنا من المياه وإفراغها خلال سبع ثوانٍ فقط ويستغرق تزويدها بالمياه أقل من ساعة. وقال طيارون روس شاركوا في عمليات الإطفاء :"إن النيران لا تزال منتشرة وإن صورة الوضع من الجو تبدو غير جيدة".
وقدرت قوات الإطفاء أن يستغرق إطفاء النيران نحو أسبوع، وأوضحت أن المشكلة الأساسية في مواجهة النيران هي عدم القدرة على الاستعانة بالطائرات في ساعات المساء.
ومن المقرر أن تصل (لإسرائيل) مساعدات من الولايات المتحدة تشمل مواد إطفاء وطائرتي إطفاء هي الأكبر في العمل بمقدورها تخزين تسعين طناً من مواد مكافحة النيران، كما من المقرر أن تصل طائرتان من فرنسا ومن أسبانيا ومروحية من سويسرا.
في غضون ذلك، تعقد حكومة الاحتلال، اليوم، جلستها الأسبوعية في منطقة الكرمل تضامنا مع سكان المنطقة، ووفقاً للإذاعة العبرية فإن "الوزراء سيناقشون خلال جلستهم الخاصة مسألة تعويض منكوبي الحريق وتبني خطة لترميم الكرمل".
من جهة ثانية، أعرب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في برقية وجهها إلى رئيس دولة الاحتلال "شمعون بيريس"، عن "تضامنه وأسفه للخسائر البشرية والمادية التي نتجت عن الحريق في غابات جبل الكرمل بحيفا".
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" التابعة للسلطة بأن "الرئيس عباس عبّر لنظيره الإسرائيلي عن استعداد السلطة الفلسطينية لوضع إمكانياتها للمساهمة في أي مساعدة مطلوبة، مقدماً التعازي لأسر القتلى الإسرائيليين"، في وقت شكر فيه "بيريس" عباس على تعازيه.
ويشار إلى أن قوات من الدفاع المدني والإطفائية التابعة للسلطة في رام الله تشارك في عمليات إخماد الحرائق أيضاً.
مؤسسة الأقصى تحذر
من جهة أخرى، أكدت "مؤسسة الأقصى" أن عملية الإحراق كانت في ستة مواقع يتواجد فيها الشجر، كلها في المحيط الملاصق لقبر الشهيد عزّ الدين القسام شمال فلسطين المحتلة.
وأضافت المؤسسة في بيان لها، أمس :"من الواضح أن الأيدي الآثمة كانت تستهدف قبر الشهيد عز الدين القسام، حيث أحرقت عدة أشجار ملاصقة للقبر، كما أن الحريق أدى إلى إحراق نحو عشرين قبرًا، وتضرر قبور أخرى".
وأشارت إلى أنّ آثار الحريق ما زالت موجودة، بل إن بعض الشجر ما زالت النار الخفيفة مشتعلة بها والدخان الخفيف يتصاعد منها.
وبحسب معلومات وصلت إلى المؤسسة "فإن الإحراق كان ليلة أمس الجمعة وعلى مرتين، وإنه تمّ إطفاء الحريق من قبل سيارات الإطفائية التي وصلت إلى المكان بعد معرفة خبر الإحراق".
واستنكر رئيس المؤسسة زكي إغبارية، هذا العمل "الجبان"، ودعا المسلمين في مدينة حيفا والمنطقة إلى أخذ الحيطة والحذر والانتباه ومراقبة كل تحرك قريب من المقدسات الإسلامية في المنطقة.
وحذرت "مؤسسة الأقصى" من إقدام المتطرفين على استغلال الكارثة البيئية في منطقة الكرمل للاعتداء على المقدسات والأوقاف الإسلامية في المنطقة، داعية الأهالي إلى التيقظ والحذر من مثل هذه الاعتداءات.
ويذكر أن مقبرة القسام تعرضت مرات عدة لانتهاكات واعتداءات من قبل جهات إسرائيلية، وتقوم "مؤسسة الأقصى" بتعهد وصيانة وتنظيف المقبرة منذ سنين طويلة.
تعليق