كيف استطاعوا القيام وإطلاق السهام ؟!..-: بمن تنتصر الأمة ؟!..
-: بمن تنتصر الأمة ؟!..
تنتصر الأمة ..
بأولياء الله الصالحين ..
بالمخلصين ..
والصادقين ..
الذين رباهم القرآن ..
أولئك الذين تربوا ..
في روضة القرآن ..
وفي ظل الأحاديث الصحاح ..
قال الحسن البصري رحمه الله ..
قرّاء القرآن ثلاثة أصناف ..
صنف اتخذوه بضاعة _ قاتلهم الله _ ..
وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده ..
وصنف وضعوا القرآن على داء قلوبهم فاستشعروا الخوف فقاموا في محاريبهم ..
بمثل هؤلاء ..
تنتصر الأمة ..
بمثل هؤلاء ..
تنتصر الأمة على أعدائها ..
و بمثل هؤلاء ..
يُستسقى الغيث من السماء ..
قال : فوالله الذي لا إله إلا هو لهذا الصنف من حملة القرآن أقل من الكبريت الأحمر ..
لما صفَّ المسلمون يوم اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب ومن معه ..
حمل راية المهاجرين سالم مولى أبي حذيفة ..
فقالوا له : إنا لنخشى أن نُؤتى من قِبلك ..
فقال : إن أوتيتم من قبلي بئس حامل القرآن أنا أكون ..
إن أوتيتم من قبلي بئس حامل القرآن أنا أكون ..
بات محمد القاسم ليلة لقائه مع الترك متضرعاً باكياً فلما أصبح الصباح سأل أين محمد بن الواسع ؟!..
فبحثوا عنه ..
فوجدوه يصلي ويدعو رافعاً أصبعه إلى السماء ..
فأخبروا محمد بن القاسم بذلك فقال :
والله ..
لأصبع محمد بن الواسع أحبّ إلي من ألف سيف شهير ، وألف شاب طرير ..
ولما حاصر عمرو بن العاص رضي الله عنه حصن بابليون بمصر طلب من عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يمده بمدد عدده أربعة آلاف مقاتل يستعين بهم على إتمام فتح مصر ..
فأرسل إليه عمر أربعة رجال وعلى رأسهم الزبير بن العوام ..
كتب إليه :
بعثت إليك بأربعة رجال وعلى رأسهم الزبير ؛ كل رجل بألف رجل ..
كل رجل بألف رجل ..
ولقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( جيش فيه المقداد لا يُهزم بإذن الله ) ..
بمثل هؤلاء ..
تنتصر الأمة ..
أولئك الذين ..
إذا رؤوا ذكروا بالله عز وجل ..
أولئك الذين ..
إذا رؤوا ذُكر الله عزَّ وجل ..
أولئك الذين ..
تنبعث من وجوههم أنوار الطاعة ..
أولئك الذين ..
قال الله عنهم : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )..
أولئك الذين ..
إذا قال المرء منهم : يا رب ..
قال الله : لبيك وسعديك ..
أولئك الذين ..
تربوا في محاريب الظلام ..
أولئك الذين ..
تدربوا على إطلاق السهام في صلاة القيام ..
لما انتدب الله محمداً صلى الله عليه وسلم للدور الكبير الشاق الثقيل قال له : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً } ..
وربّى محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه في تلك المدرسة ..
مدرسة الليل ..
{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ } ..
في مدرسة الإخلاص تربّى الرجال والنساء ..
إنها التربية على ..
الصبر ..
والإخلاص ..
ومجاهدة النفس ..
وعلو الهمة ..
قال قتادة رحمه الله : لا يقوم الليل منافق ..
_ وصدق والله _ لا يقوم الليل منافق ..
لا يقوم الليل إلا ..
مؤمن صادق ..
فإذا أردت الانضمام إلى ركب الصالحين فعليك ..
بسهام الليل ..
والدعاء ..
إن كنت ..
فقيراً تشتكي الفقر ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
مظلوماً تريد الانتصار ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
قد أثقلتك الذنوب والمعاصي ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
مريضاً تطلب الشفاء ..
عليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
عقيماً تريد الأطفال ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( عليكم بقيام الليل فإنه ..
دأب الصالحين قبلكم ..
ومقربة لكم إلى ربكم ..
ومُكّفرة للسيئات ..
وملهاة عن الإثم ..
ومطردة للداء عن الجسد ) رواه الطبراني في الكبير ..
قال ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه :
فضل صلاة الليل على صلاة النهار ..
كفضل صدقة السرّ على صدقة العلانية ..
وإنما فُضّلت صلاة الليل على صلاة النهار ..
لأنها ..
أبلغ في الإسرار ..
وأقرب إلى الإخلاص ..
مدح الله سبحانه وتعالى المستيقظين بالليل ..
لذكره ..
ودعائه ..
واسغفاره ..
ومناجاته ..
بقوله : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } ..
وقال : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } ..
وقال عن ليلهم : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ..
ونفى سبحانه ..
التسوية بين المتهجدين القانتين وغيرهم في قوله : { أَمّن هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ..} { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } ..
من مزايا أهل الليل ..
أنَّ الله يحبهم ..
ويستجيب دعاءهم
ويباهي بهم ..
ويستجيب دعاءهم ..
روى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ..
فذكر منهم الذي له امرأة حسناء ، وفراش حسن ..
فيقوم من الليل ..
فيقول الله تعالى : يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد ..
والذي إذا كان في سفر وكان معه رهط فسهروا ثم هجعوا ..
قام هو من السحر يتملقني ) ..
قال بعض السلف :
قيام الليل يهوّن طول القيام يوم القيامة ..
قيام الليل يهوّن طول القيام يوم القيامة ..
-لكن السؤال الذي يطرح نفسه ..
السؤال الذي يطرح نفسه ..
كيف استطاعوا القيام وإطلاق السهام ؟!..
الجواب : استطاعوا بأمور ..
منها وأهمها :
الصدق والإخلاص ..
ومنها :
سلامة الصدور ، وخلوها من الأحقاد ، وتعلقها بالآخرة ..
فلا همّ إلا همّ الآخرة ..
كان داود الطائي يناجي في الليل :
اللهم همك عطَّل عليَّ الهموم ، وحالف بيني وبين السهاد ..
والأهم منها خوف لازم القلوب وقصَّر الأمل ..
لأنه ..
من خاف أدلج ..
ومن أدلج بلغ المنزل ..
لأنه ..
من تفكر في أهوال الآخرة ..
وأهوال جهنم ..
طار نومه ..
وعظم حذره ..
كما قال طاووس :
إنَّ ذكر جهنم طيَّر نوم العابدين ..
وكما قال ابن المبارك :
ومن الأمور أيضاً ..
عرفوا فضل قيام الليل يوم تليت عليهم الآيات ..
قال الله جلَّ في علاه : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }..
سمعوا قوله : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}..
سمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( إنَّ في الجنة غرفاً ..
يُرى ظاهرها من باطنها ..
وباطنها من ظاهرها )..
قيل : لمن يا رسول الله ؟!..
قال :
( لمن ..
أفشى السلام ..
وطيّب الكلام ..
وصلى بالليل والناس نيام ) ..
ومن الأمور أيضاً وأعجبها ..
الحب الصادق ..
جربوا ..
لذة المناجاة ..
وحلاوة الخلوة مع الحبيب ..
قال أحدهم :
أفرح لقدوم الليل لأني أخلو بربي ..
وأكره قدوم النهار لملاقاة الناس ..
قال علي البكَّار :
أربعين سنة ..
أربعين سنة ..
ما أحزنني شيء ..
سوى طلوع الفجر ..
ما أحزنني شيء ..
سوى طلوع الفجر ..
- السهم التالي ..
إن كانت صواريخهم طويلة المدى فصواريخ الدعاء سهام عابرة للقارات ..
اسمع واسمعي ..
ماذا يصنع الدعاء ..
خرج رجل من الصالحين من العبّاد الزاهدين ..
خرج في تجارة فاعترضه قاطع طريق ..
فقال : أقتلك ..
قال : خذ المال والتجارة ، ودعني أمضي في طريقي ..
فقال : سآخذ المال والتجارة ، وسأقتلك ..
فقال العابد الزاهد : دعني أصلي لله قبل أن ألقاه ..
دعني أصلي لله قبل أن ألقاه ..
قال : صلي ما بدا لك ..
فصلى ..
ورفع شكواه إلى الذي يسمع سره ونجواه ..
دعاه سرَّاً ، وناجاه :
يا ودود ..
يا ذا العرش المجيد ..
يا فعَّالاً لما تريد ..
أسألك بعزك الذي لا يُرام ..
وبملكك الذي لا يُضام ..
وبنورك الذي ملأ أركان عرشك ..
يا مغيث أغثني ..
يا مغيث أغثني ..
يا مغيث أغثني ..
سلَّم وأنهى صلاته ..
فإذا بقاطع الطريق ملقىً على الأرض ينزف دماً وعلى رأسه فارس أبيض ، ذو ثياب بيضاء ، وعمامة بيضاء ، على فرس أبيض ..
قال من شدة الفرح : من أنت ؟!..
من أنت الذي أنقذني الله بك ؟!..
قال : أنا مَلَك من السماء الرابعة ..
أنا مَلَك من السماء الرابعة ..
لما دعوت الدعاء الأول ..
قرقعت أبواب السماء ..
ولما دعوت الدعاء الثاني ..
ضجت الملائكة في السماء ..
ولما دعوت الدعاء الثالث ..
قُلت : يا ربي مضطر يناديك ..
قُلت : يا ر بي مضطر يناديك ..فأذن لي في إغاثته ..
أنا من جند { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } ..
أنا من جند { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } ..
يا صاحبي في شدتي ..
يا مؤنسي في وحدتي ..
ويا حافظي عند غربتي ..
ويا وليي في نعمتي ..
ويا كاشف كربتي ..
ويا سامع دعوتي ..
ويا راحم عبرتي ..
ويا مقيل عثرتي ..
يا إلهي بالتحقيق ..
يا ركني الوثيق ..
يا رجائي عند الضيق ..
يا مولاي الشفيق ..
ويا ربَّ البيت العتيق ..
أخرجني من حلق المضيق إلى سعة الطريق ..
وفرج من عندك قريب وثيق ..
واكشف عني كل شدة وضيق ..
واكفني ما أطيق وما لا أطيق ..
اللهم فرج عني كل همّ وكرب ..
وأخرجني من كل غم وحزن ..
يا فارج الهم ..
يا كاشف الغم ..
يا منزل القطر ..
يا مجيب دعوة المضطرين ..
يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ..
يا كاشف كل ضرّ وبلية ..
ويا عالم كل سرّ وخفية ..
يا أرحم الراحمين ..
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
ادعو الله يوم سراءك ..
يستجيب لك يوم ضراءك ..
_ أي وربي _ ..
من تعرف على الله في الرخاء ..
تعرف الله عليه في الشدة ..
إن الدعاء ..عباد الله ..
من أقوى الأسباب ..
في دفع المكروه ..
وحصول المطلوب ..
ومن أنفع الأدوية ..
وهو يدفع البلاء ..
ويعالجه ..
و يمنع نزوله ..
ويرفعه ..
ويخففه إذا نزل ..
أخرج أحمد بسند حسن عن معاذ رضي اللع عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لن ينفع حذر من قدر ، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم بالدعاء ) ..
عليكم بالدعاء عباد الله ..
رجل يُقال له صهيب ..
يسهر الليل ، يبكي ، ويناجي ..
فعوتب على ذلك ..
قالت له مولاته : أفسدت على نفسك يا صهيب ..
فقال : إن صهيباً ..
إذا ذكر الجنة طال شوقه ..
وإذا ذكر النار طار نومه ..
سبحانك ..
ما أضيق الطريق ..
على من لم تكن دليله ..
وما أوحش الطريق ..
على من لم تكن أنيسه ..
طوبى ..
لقلوب ملأتها خشيتك ..
واستولت عليها محبتك ..
فمحبتك ..
مانعة عليها من كل لذة غير مناجاتك ..
والاجتهاد في مرضاتك ..
وخشيتك ..
قاطعة لها عن كل معصيه ..
خوفاً من أليم عقابك ..
ما ضرَّ المقبلين على الله ما فاتهم من الدنيا _ والله _ ..
ما ضرَّ المقبلين على الله ما فاتهم من الدنيا _ والله _ إذا كان الله لهم حظاً ..
وما ضرهم من عاداهم إذا كان الله لهم سَلَماً ..
ولله درّ القائل :
وصدق الله ..{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً } ..
قال سبحانه : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } ..
والدعاء ..
سلاح المؤمن والمؤمنة ..
والسلاح بضاربه ..
فمتى كان السلاح ..
قوياً لا آفة فيه ..
والساعد ..
قوياً ..
والمانع مفقوداً ..
حصلت النكاية في العدو ..
ومتى تخلَّف واحداً من هذه الثلاث ..
تخلَّف التأثير..
فتدربوا على استعمال السلاح ..
واعلموا ..
أن العلم بالتعلم ..
والصبر بالتصبّر ..
والحلم بالتحلّم ..
فيا معلم آدم وإبراهيم علمنا ..
ويا مفهم سليمان فهمنا ..
علمنا ما ينفعنا ..
وانفعنا بما علمتنا ..
وزدنا علماً يا ربَّ العالمين ..
- بالدعاء والتضرع تُفتح أبواب الجنان ..
قال سبحانه في سورة الطور : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ، فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ، مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ، وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ، يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } ..
اسمعي واسمع رعاك الله ..
إذا استقر المتقون في الجنان دار بينهم هذا الحوار ..
قال الله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ، قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }..
اسمعي واسمع أثر الدعاء ..
اسمعي واسمع أثر الدعاء ..
{ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ } ..
قال السعدي رحمه الله في قوله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } ..
قال يتساءلون عن الدنيا وأحوالها ..
ثم أخذوا في ذكر وبيان الذي أوصلهم إلى ما هم فيه من الحبرة والسرور :
{ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} ..
أي في الدنيا كنا خائفين وجلين ..
فتركنا من خوفه الذنوب ..
وأصلحنا لذلك العيوب ..
فكان نتيجة ذلك { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } ..
أي منَّ علينا بالهداية والتوفيق ..
وأجارنا وأنقذنا من عذاب الجحيم ..
ثم بينوا حالهم وما الذي كان سبباً في فوزهم ونجاتهم ..
{ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } ..
كنا نسأله وندعوه أن يقينا عذاب السموم وأن يوصلنا إلى جنات النعيم ..
فمن بره ورحمته بنا ..
أنالنا رضاه ، والجنة ..
ووقانا سخطه ، والنار ..
سرّ نجاتهم ..
عاشوا ..
على حذر من هذا اليوم ..
عاشوا ..
على حذر من هذا اليوم ..
عاشوا ..
في خشية من لقاء ربهم ..
عاشوا ..
مشفقين من حسابه ..
عاشوا ..
كذلك وهم في أهلهم حيث الأمان الخادع ..
لكنهم لم ينخدعوا حيث المشغلة الملهية ..
لكنهم لم ينشغلوا ..
رفعوا إلى الله سؤالهم وحاجاتهم ..
وتضرعوا إليه ..
طلباً للفوز والنجاة ..
وهم يعرفون من صفاته ..
البرُّ ، والرحمة بعباده ..
أخرج أحمد في مسنده عن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم :
( ليس شيء أكرم على الله من ..
الدعاء ) ..
( ليس شيء أكرم على الله من ..
الدعاء ) ..
في إحدى معارك المسلمين قال المغيرة بن حكيم :
لما برزنا للعدو قال عبد الله بن غالب :
هذه الجنان تزينت ..
هذه الجنان تزينت ..
فعلام آسى من الدنيا ..
فوالله ما فيها لعاقل مقام ..
ووالله ..
لولا محبيتي لمباشرة السهر بصفحة وجهي ..
وافتراش جبهتي في ظلم الليل رجاء الثواب وحلول الرضوان ..
لتمنيت فراق الدنيا وأهلها ..
ثم كسر جفن سيفه وتقدَّم وقاتل حتى قُتل ..
فلما دُفن أصابوا من قبره رائحة المسك ..
فرآه رجل فيما يرى النائم فقال له : يا أبا سراق ؛ ماذا صنعت ؟!..
قال : خير الصنيع ..
قال : إلى ما صرت ؟!..
قال : إلى الجنة ..
قال : إلى الجنة ..
قال : بمَ ؟!..
قال :
بحسن اليقين ..
وطول التهجد ..
وظمأ الهواجر ..
وكثرة الدعاء ..
قال : فما هذه الرائحة الطيبة التي توجد من قبرك ؟!..
قال : تلك رائحة التلاوة والظمأ ..
قال : تلك رائحة التلاوة والظمأ ..
قال : أوصني !!..
قال : أوصيك بكل خير ..
قال : أوصني !!..
قال : اكسب لنفسك خيراً ..
لا تخرج عنك الليالي والأيام عطلاً ..
فإني رأيت الأبرار نالوا البرَّ بالبرّ ..
إني رأيت الأبرار نالوا البرَّ بالبرّ ..
قال سبحانه : { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ، وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ ، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } ..
حتى تكون منهم ..
عليك بالدعاء ..
والتضرع ..
فلقد { قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } ..
ردد وقل :
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ..
- السهم التالي : أجمل الأوقات ..
أجمل الأوقات هي ساعات الإجابة ..
فمنها ..
عند الأذان ..
وبين الأذان والإقامة ..
وأدبار الصلوات المكتوبة ..
وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تُقضى الصلاة ..
وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم ..
ما أجملها وما أحلاها تلك الساعات ..
ما أجملها وما أحلاها تلك الساعات ..
أما أجمل منها وأحلى منها ..
فثلث الليل الأخير ..ساعة السحر ..
كيف لا ؛ وهي وقت نزول الإله ..
أخرج أحمد في مسنده وغيره من حديث أبوهريرة رضي الله عنه قال ؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم :
( ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول :
من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ..
من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ..
من ذا الذي يسترزقني فأرزقه ..
من ذا الذي يستكشف الضر أكشفه عنه ..
حتى ينفجر الفجر ) ..
قال سبحانه : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } ..
جاء في كتب التفاسير أنه لما قال أبناء يعقوب له : { اسْتَغْفِرْ لَنَا }
أخرهم إلى السحر بقوله { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ } ..
وفي الزهد لابن حنبل أنَّ داود عليه السلام سأل لجبريل عليه السلام :
يا جبريل ؛ أي الليل أفضل ؟!..
قال : يا داود لا ادري إلا أن العرش يهتز من السحر ..
قال صلى الله عليه وسلم :
إنَّ من الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه وذلك كل ليلة ) ..
فأين السائلين !!..
فيا الله ..
ما أحلى ..
حديثهم ..
ودموعهم ..
ومناجاتهم في تلك الساعات ..
فقائل منهم يناجي ويقول :
يا خير معبود ..
ويا خير مسؤول ..
وخير مشكور ..
ويا خير محمود ..
ويا خير مقصود ..
أحلى العطايا في قلبي ..
رجاؤك ..
وأعذب الكلام على لساني ..
ثناؤك ..
اللهم أغلقت الملوك أبوابها ..
وقام عليها حراسها وحجّابها ..
وبابك مفتوح للسائلين ..
نامت العيون ..
وغارت النجوم ..
وعينك لا تنام ..
يا حيّ يا قيوم ..
وآخر يردد ويقول :
إلهي فُرشت الفُرش ..
وخلا كل حبيب بحبيبه ..
وأنت حبيب المتهجدين ..
وأنيس المستوحشين ..
إلهي ..
إن طردتني عن بابك ..
فإلى باب من ألتجي ..
وإن قطعت عني خدمتك ..
فخدمة من أرتجي ..
إلهي ..
إن عذبتني ..
فإني مستحق العذاب والنقم ..
وإن عفوت ..
فأنت أهل الجود والكرم ..
إلهي ..
أخلص لك العارفون ..
وبفضلك نجى الصالحون ..
وبرحمتك أناب المقصرون ..
يا جميل العفو ..
أذقني برد عفوك ..
إن لم أكن أهلاً لذلك ..
فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ..
فاز _ والله _ من ..
سبح والناس هجوع ..
يدفن الرغبة ما بين الطلوع
يغشاه سكون ، وخشوع
بذكر الله والدموع هموع ..
سوف يغدو _ والله _ ذاك الدمع شموع ..
كان بعض السلف يقول :
اللهم إن منعتني ثواب الصالحين ..
فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته ..
اللهم إن لم ترضَ عنا فاعفو عنا يا أرحم الراحمين ..
أين أحباب الرحمن !!..
أين خطَّاب الجنان !!..
يا قوَّام الليل في الأسحار ..
اشبعوا في النوَّام
يا أحياء القلوب ..
ترحموا على الأموات ..
مالك بن دينار ..
سهوت ليلة عن وردي ونمت ؛ فإذا أنا في المنام بجارية كأحسن ما يكون وبيدها رقعة ، فقالت : أتحسن القراءة ؟..
فقلت : نعم ..
فدفعت إليَّ الرقعة فإذا فيها :
يقول ابن القيم :
عجباً ..
لمن آثر الحظ الفاني الخفيف ..
على الباقي النفيس ..
فباع جنة عرضها السماوت ..
بسجن ضيق بين أرباب العاهات ..
تأمل في قول أ هل الجنان : { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } ..
فكيف غفلت عن تلك الساعة التي ينزل الله فيها إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظيم سلطانه فيقول :
هل من تائب ؟!..
هل من مستغفر ؟!..
هل من داع ؟!..
والله ..
لو قام أهل الحاجات ..
والله ..
لو قام أهل الحاجات ..
وأهل الذنوب ..
في الأسحار ..
وسألوا مولاهم ..
وقدموا الطلبات ..
ورفعوا الحاجات ..
وأتبعوها بالاستغفار والآهات ..
لرَّقت قلوبهم ..
وقُضيت حاجاتهم ..
وسُترت عيوبهم ..
وغُفرت ذنوبهم ..
وأُقيلت العثرات ..
ومُحيت الزلات ..
والله ..
لو شممت رحيق الأسحار ..
لاستفاق منك قلبك المخمور ..
والله ..
لو شممت رحيق الأسحار ..
لاستفاق منك قلبك المخمور ..
- فكيف تعطل ذلك السلاح ؟!..
كيف تعطل ذلك السلاح ؟!.
تعطل ..
يوم أن تُرك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
عن حذيفة رضي الله عنه قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( والذي نفسي بيده ..
لتأمرن بالمعروف ..
ولتنهون عن المنكر ..
أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ..
ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ..
فهل أمرنا بالمعروف ..
ونهينا عن المنكر ..
لعل الله أن يستجيب دعاءنا ..
تعطل السلاح ..
يوم أُكل الحرام ..
جاء عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( قال في الرجل يمد إليه إلى السماء ويقول : يا رب ..يا رب ..
مطعمه حرام ..
ومشربه حرام ..
وملبسه حرام ..
وغُذّي بالحرام ..
فأنّى يُستجاب له ) ..
تعطل السلاح ..
يوم كثرت الذنوب والمعاصي ..
جاء في الأثر : ( ما طفَّت قوم كيلاً ، ولا بخسوا ميزاناً ، إلا منعهم الله عز وجلّ القطر ، وما ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت ، وما ظهر في قوم الربا إلا سلط الله عليهم الجنون ، ولا ظهر في قوم القتل _ يقتل بعضهم بعضاً _ إلا سلط عليهم عدوهم ، ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف ، وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم تُرفع أعمالهم ، ولم يُسمع دعاؤهم ) رواه ابن أبي الدنيا والطبراني ..
قال يحيى بن معاذ عن هؤلاء :
آثروا النوم على القيام ..
والراحة على الجهاد والمجاهدة ..
تعطل السلاح ..
يوم قلَّ المستغفرون بالأسحار ..
تعطل السلاح ..
يوم قلَّ فرسان الليل ..
وقلّ فرسان النهار ..
فتطاول علينا الكفار ..
قيل لإبراهيم بن أدهم :
ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟! ..
قال لأنكم :
عرفتم الله ، فلم تطيعوه ..
أما قال الله : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } ..
وعرفتم الرسول ، فلم تتبعوا سنته ..
أما قال سبحانه : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ } ..
وعرفتم القرآن ، فلم تعملوا به ..
أما قال جل في علاه : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } ..
أكلتم نعمة الله ، فلم تؤدوا شكرها ..
أما قال سبحانه : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } ..
وعرفتم الجنه ، فلم تطلبوها ..
أما قال سبحانه : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ..
وعرفتم النار ، فلم تهربوا منها ..
أما قال جل في علاه : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } ..
وعرفتم الشيطان ، فلم تحاربوه ووافقتموه ..
أما قال سبحانه : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }..
وعرفتم الموت ، فلم تستعدوا له ..
أما قال سبحانه : { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ }..
دفنتم الأموات ، فلم تعتبروا ..
أما قال سبحانه : { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } ..
وتركتم عيوبكم ، واشتغلتم بعيوب الناس..
أما قال سبحانه : { لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } ..
- آخر السهام ..
آخر السهام ..
اسمعي واسمع ..
يا من توقن أنك لا شك راحل ..
قم في الدجى قيام مشفق سائل
وأجب منادي هل من سائل ..
لعلكِ ولعلك ..
تحظى بالقبول ..
وتفوز بالمسؤول ..
وتدرك المطلوب والمأمول ..
لله درّ أقوام ..
هجروا الدنيا وتركوها ..
وطلبوا الآخرة بالجد وآثروها ..
إن جاء النهار قطعوه بالصيام ..
وإن جاء الليل نصبوا أقدامهم للقيام ..
لله درهم ..
أبصروا عيوب الدنيا وميزوها ..
عرفوا طرق الجنة فسلكوها ..
وعرفوا طرق الضياع وتجنبوها ..
إن أظلم الليل صفوا أقدامهم وأنصبوها ..
وإن أقبل النهار حفظوا جوارحهم وكفوها ..
لله درهم ..
كم ..
تعبت أبدانهم بين جوع ، وسهر ..
كم ..
كفت جوارحهم عن لهو ، وبطر ..
كم ..
حفظوا ألسنتهم وأعينهم عن الكلام ، والنظر ..
كم ..
تغنوا بكلامه والقلب خاشع وحاضر في السحر ..
يا حسنهم ..
والليل قد أجنهم ..
ونورهم يفوق نور الأنجم ..
فماذا أعد الله لهم ؟!..
فماذا أعدَّ الله لهم ؟!..
{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ..
-: بمن تنتصر الأمة ؟!..
تنتصر الأمة ..
بأولياء الله الصالحين ..
بالمخلصين ..
والصادقين ..
الذين رباهم القرآن ..
أولئك الذين تربوا ..
في روضة القرآن ..
وفي ظل الأحاديث الصحاح ..
عبَّاد ليل إذا جنَّ الظلام بهم
وأُسد غابٍ إذا نادى الجهاد بهم
كم عابد دمعه على الخدين أجراه
خرجوا للموت يستجدون رؤياه
خرجوا للموت يستجدون رؤياه
قال الحسن البصري رحمه الله ..
قرّاء القرآن ثلاثة أصناف ..
صنف اتخذوه بضاعة _ قاتلهم الله _ ..
وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده ..
وصنف وضعوا القرآن على داء قلوبهم فاستشعروا الخوف فقاموا في محاريبهم ..
بمثل هؤلاء ..
تنتصر الأمة ..
بمثل هؤلاء ..
تنتصر الأمة على أعدائها ..
و بمثل هؤلاء ..
يُستسقى الغيث من السماء ..
قال : فوالله الذي لا إله إلا هو لهذا الصنف من حملة القرآن أقل من الكبريت الأحمر ..
لما صفَّ المسلمون يوم اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب ومن معه ..
حمل راية المهاجرين سالم مولى أبي حذيفة ..
فقالوا له : إنا لنخشى أن نُؤتى من قِبلك ..
فقال : إن أوتيتم من قبلي بئس حامل القرآن أنا أكون ..
إن أوتيتم من قبلي بئس حامل القرآن أنا أكون ..
بات محمد القاسم ليلة لقائه مع الترك متضرعاً باكياً فلما أصبح الصباح سأل أين محمد بن الواسع ؟!..
فبحثوا عنه ..
فوجدوه يصلي ويدعو رافعاً أصبعه إلى السماء ..
فأخبروا محمد بن القاسم بذلك فقال :
والله ..
لأصبع محمد بن الواسع أحبّ إلي من ألف سيف شهير ، وألف شاب طرير ..
ولما حاصر عمرو بن العاص رضي الله عنه حصن بابليون بمصر طلب من عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يمده بمدد عدده أربعة آلاف مقاتل يستعين بهم على إتمام فتح مصر ..
فأرسل إليه عمر أربعة رجال وعلى رأسهم الزبير بن العوام ..
كتب إليه :
بعثت إليك بأربعة رجال وعلى رأسهم الزبير ؛ كل رجل بألف رجل ..
كل رجل بألف رجل ..
ولقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( جيش فيه المقداد لا يُهزم بإذن الله ) ..
بمثل هؤلاء ..
تنتصر الأمة ..
أولئك الذين ..
إذا رؤوا ذكروا بالله عز وجل ..
أولئك الذين ..
إذا رؤوا ذُكر الله عزَّ وجل ..
أولئك الذين ..
تنبعث من وجوههم أنوار الطاعة ..
أولئك الذين ..
قال الله عنهم : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )..
أولئك الذين ..
إذا قال المرء منهم : يا رب ..
قال الله : لبيك وسعديك ..
أولئك الذين ..
تربوا في محاريب الظلام ..
أولئك الذين ..
تدربوا على إطلاق السهام في صلاة القيام ..
لما انتدب الله محمداً صلى الله عليه وسلم للدور الكبير الشاق الثقيل قال له : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً } ..
وربّى محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه في تلك المدرسة ..
مدرسة الليل ..
{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ } ..
في مدرسة الإخلاص تربّى الرجال والنساء ..
إنها التربية على ..
الصبر ..
والإخلاص ..
ومجاهدة النفس ..
وعلو الهمة ..
قال قتادة رحمه الله : لا يقوم الليل منافق ..
_ وصدق والله _ لا يقوم الليل منافق ..
لا يقوم الليل إلا ..
مؤمن صادق ..
فإذا أردت الانضمام إلى ركب الصالحين فعليك ..
بسهام الليل ..
والدعاء ..
إن كنت ..
فقيراً تشتكي الفقر ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
مظلوماً تريد الانتصار ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
قد أثقلتك الذنوب والمعاصي ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
مريضاً تطلب الشفاء ..
عليك بسهام الليل ، والدعاء ..
إن كنت ..
عقيماً تريد الأطفال ..
فعليك بسهام الليل ، والدعاء ..
عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( عليكم بقيام الليل فإنه ..
دأب الصالحين قبلكم ..
ومقربة لكم إلى ربكم ..
ومُكّفرة للسيئات ..
وملهاة عن الإثم ..
ومطردة للداء عن الجسد ) رواه الطبراني في الكبير ..
قال ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه :
فضل صلاة الليل على صلاة النهار ..
كفضل صدقة السرّ على صدقة العلانية ..
وإنما فُضّلت صلاة الليل على صلاة النهار ..
لأنها ..
أبلغ في الإسرار ..
وأقرب إلى الإخلاص ..
مدح الله سبحانه وتعالى المستيقظين بالليل ..
لذكره ..
ودعائه ..
واسغفاره ..
ومناجاته ..
بقوله : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } ..
وقال : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } ..
وقال عن ليلهم : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ..
ونفى سبحانه ..
التسوية بين المتهجدين القانتين وغيرهم في قوله : { أَمّن هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ..} { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } ..
من مزايا أهل الليل ..
أنَّ الله يحبهم ..
ويستجيب دعاءهم
ويباهي بهم ..
ويستجيب دعاءهم ..
روى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ..
فذكر منهم الذي له امرأة حسناء ، وفراش حسن ..
فيقوم من الليل ..
فيقول الله تعالى : يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد ..
والذي إذا كان في سفر وكان معه رهط فسهروا ثم هجعوا ..
قام هو من السحر يتملقني ) ..
قال بعض السلف :
قيام الليل يهوّن طول القيام يوم القيامة ..
قيام الليل يهوّن طول القيام يوم القيامة ..
-لكن السؤال الذي يطرح نفسه ..
السؤال الذي يطرح نفسه ..
كيف استطاعوا القيام وإطلاق السهام ؟!..
الجواب : استطاعوا بأمور ..
منها وأهمها :
الصدق والإخلاص ..
ومنها :
سلامة الصدور ، وخلوها من الأحقاد ، وتعلقها بالآخرة ..
فلا همّ إلا همّ الآخرة ..
كان داود الطائي يناجي في الليل :
اللهم همك عطَّل عليَّ الهموم ، وحالف بيني وبين السهاد ..
والأهم منها خوف لازم القلوب وقصَّر الأمل ..
لأنه ..
من خاف أدلج ..
ومن أدلج بلغ المنزل ..
لأنه ..
من تفكر في أهوال الآخرة ..
وأهوال جهنم ..
طار نومه ..
وعظم حذره ..
كما قال طاووس :
إنَّ ذكر جهنم طيَّر نوم العابدين ..
وكما قال ابن المبارك :
إذا ما الليل أظلم كابدوه
أطار الخوف نومهم فقاموا
فيسفر عنهم وهم ركوع
وأهل الأمن في الدنيا هجوع
وأهل الأمن في الدنيا هجوع
ومن الأمور أيضاً ..
عرفوا فضل قيام الليل يوم تليت عليهم الآيات ..
قال الله جلَّ في علاه : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }..
سمعوا قوله : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}..
سمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( إنَّ في الجنة غرفاً ..
يُرى ظاهرها من باطنها ..
وباطنها من ظاهرها )..
قيل : لمن يا رسول الله ؟!..
قال :
( لمن ..
أفشى السلام ..
وطيّب الكلام ..
وصلى بالليل والناس نيام ) ..
ومن الأمور أيضاً وأعجبها ..
الحب الصادق ..
جربوا ..
لذة المناجاة ..
وحلاوة الخلوة مع الحبيب ..
قال أحدهم :
أفرح لقدوم الليل لأني أخلو بربي ..
وأكره قدوم النهار لملاقاة الناس ..
قال علي البكَّار :
أربعين سنة ..
أربعين سنة ..
ما أحزنني شيء ..
سوى طلوع الفجر ..
ما أحزنني شيء ..
سوى طلوع الفجر ..
- السهم التالي ..
إن كانت صواريخهم طويلة المدى فصواريخ الدعاء سهام عابرة للقارات ..
اسمع واسمعي ..
ماذا يصنع الدعاء ..
خرج رجل من الصالحين من العبّاد الزاهدين ..
خرج في تجارة فاعترضه قاطع طريق ..
فقال : أقتلك ..
قال : خذ المال والتجارة ، ودعني أمضي في طريقي ..
فقال : سآخذ المال والتجارة ، وسأقتلك ..
فقال العابد الزاهد : دعني أصلي لله قبل أن ألقاه ..
دعني أصلي لله قبل أن ألقاه ..
قال : صلي ما بدا لك ..
فصلى ..
ورفع شكواه إلى الذي يسمع سره ونجواه ..
دعاه سرَّاً ، وناجاه :
يا ودود ..
يا ذا العرش المجيد ..
يا فعَّالاً لما تريد ..
أسألك بعزك الذي لا يُرام ..
وبملكك الذي لا يُضام ..
وبنورك الذي ملأ أركان عرشك ..
يا مغيث أغثني ..
يا مغيث أغثني ..
يا مغيث أغثني ..
سلَّم وأنهى صلاته ..
فإذا بقاطع الطريق ملقىً على الأرض ينزف دماً وعلى رأسه فارس أبيض ، ذو ثياب بيضاء ، وعمامة بيضاء ، على فرس أبيض ..
قال من شدة الفرح : من أنت ؟!..
من أنت الذي أنقذني الله بك ؟!..
قال : أنا مَلَك من السماء الرابعة ..
أنا مَلَك من السماء الرابعة ..
لما دعوت الدعاء الأول ..
قرقعت أبواب السماء ..
ولما دعوت الدعاء الثاني ..
ضجت الملائكة في السماء ..
ولما دعوت الدعاء الثالث ..
قُلت : يا ربي مضطر يناديك ..
قُلت : يا ر بي مضطر يناديك ..فأذن لي في إغاثته ..
أنا من جند { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } ..
أنا من جند { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } ..
يا صاحبي في شدتي ..
يا مؤنسي في وحدتي ..
ويا حافظي عند غربتي ..
ويا وليي في نعمتي ..
ويا كاشف كربتي ..
ويا سامع دعوتي ..
ويا راحم عبرتي ..
ويا مقيل عثرتي ..
يا إلهي بالتحقيق ..
يا ركني الوثيق ..
يا رجائي عند الضيق ..
يا مولاي الشفيق ..
ويا ربَّ البيت العتيق ..
أخرجني من حلق المضيق إلى سعة الطريق ..
وفرج من عندك قريب وثيق ..
واكشف عني كل شدة وضيق ..
واكفني ما أطيق وما لا أطيق ..
اللهم فرج عني كل همّ وكرب ..
وأخرجني من كل غم وحزن ..
يا فارج الهم ..
يا كاشف الغم ..
يا منزل القطر ..
يا مجيب دعوة المضطرين ..
يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ..
يا كاشف كل ضرّ وبلية ..
ويا عالم كل سرّ وخفية ..
يا أرحم الراحمين ..
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
ادعو الله يوم سراءك ..
يستجيب لك يوم ضراءك ..
_ أي وربي _ ..
من تعرف على الله في الرخاء ..
تعرف الله عليه في الشدة ..
إن الدعاء ..عباد الله ..
من أقوى الأسباب ..
في دفع المكروه ..
وحصول المطلوب ..
ومن أنفع الأدوية ..
وهو يدفع البلاء ..
ويعالجه ..
و يمنع نزوله ..
ويرفعه ..
ويخففه إذا نزل ..
أخرج أحمد بسند حسن عن معاذ رضي اللع عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لن ينفع حذر من قدر ، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم بالدعاء ) ..
عليكم بالدعاء عباد الله ..
رجل يُقال له صهيب ..
يسهر الليل ، يبكي ، ويناجي ..
فعوتب على ذلك ..
قالت له مولاته : أفسدت على نفسك يا صهيب ..
فقال : إن صهيباً ..
إذا ذكر الجنة طال شوقه ..
وإذا ذكر النار طار نومه ..
سبحانك ..
ما أضيق الطريق ..
على من لم تكن دليله ..
وما أوحش الطريق ..
على من لم تكن أنيسه ..
طوبى ..
لقلوب ملأتها خشيتك ..
واستولت عليها محبتك ..
فمحبتك ..
مانعة عليها من كل لذة غير مناجاتك ..
والاجتهاد في مرضاتك ..
وخشيتك ..
قاطعة لها عن كل معصيه ..
خوفاً من أليم عقابك ..
ما ضرَّ المقبلين على الله ما فاتهم من الدنيا _ والله _ ..
ما ضرَّ المقبلين على الله ما فاتهم من الدنيا _ والله _ إذا كان الله لهم حظاً ..
وما ضرهم من عاداهم إذا كان الله لهم سَلَماً ..
ولله درّ القائل :
هنيئاً لمن أضحى وأنت حبيبه
وطوبي لقلب أنت ساكن سره
فما ضرَّ قلباً أن يبيت وما له
ومن تك راضياً عنه في طيِّ غيبه
فيا علة في الصدر أنت شفاؤها
فما ضرَّ قلباً أن يبيت وما له
ومن تك راضياً عنه في طيِّ غيبه
فيا علة في الصدر أنت شفاؤها
ولو أنَّ لوعات الغرام تذيبه
ولو بان عنه ألفه وقريبه
نصيب من الدنيا وأنت نصيبه
فما ضرّه في الناس من يستغيبه
ويا مرضاً في القلب أنت طبيبه
ولو بان عنه ألفه وقريبه
نصيب من الدنيا وأنت نصيبه
فما ضرّه في الناس من يستغيبه
ويا مرضاً في القلب أنت طبيبه
وصدق الله ..{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً } ..
قال سبحانه : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } ..
والدعاء ..
سلاح المؤمن والمؤمنة ..
والسلاح بضاربه ..
فمتى كان السلاح ..
قوياً لا آفة فيه ..
والساعد ..
قوياً ..
والمانع مفقوداً ..
حصلت النكاية في العدو ..
ومتى تخلَّف واحداً من هذه الثلاث ..
تخلَّف التأثير..
فتدربوا على استعمال السلاح ..
واعلموا ..
أن العلم بالتعلم ..
والصبر بالتصبّر ..
والحلم بالتحلّم ..
فيا معلم آدم وإبراهيم علمنا ..
ويا مفهم سليمان فهمنا ..
علمنا ما ينفعنا ..
وانفعنا بما علمتنا ..
وزدنا علماً يا ربَّ العالمين ..
- بالدعاء والتضرع تُفتح أبواب الجنان ..
قال سبحانه في سورة الطور : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ، فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ، مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ، وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ، يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } ..
اسمعي واسمع رعاك الله ..
إذا استقر المتقون في الجنان دار بينهم هذا الحوار ..
قال الله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ، قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }..
اسمعي واسمع أثر الدعاء ..
اسمعي واسمع أثر الدعاء ..
{ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ } ..
قال السعدي رحمه الله في قوله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } ..
قال يتساءلون عن الدنيا وأحوالها ..
ثم أخذوا في ذكر وبيان الذي أوصلهم إلى ما هم فيه من الحبرة والسرور :
{ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} ..
أي في الدنيا كنا خائفين وجلين ..
فتركنا من خوفه الذنوب ..
وأصلحنا لذلك العيوب ..
فكان نتيجة ذلك { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } ..
أي منَّ علينا بالهداية والتوفيق ..
وأجارنا وأنقذنا من عذاب الجحيم ..
ثم بينوا حالهم وما الذي كان سبباً في فوزهم ونجاتهم ..
{ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } ..
كنا نسأله وندعوه أن يقينا عذاب السموم وأن يوصلنا إلى جنات النعيم ..
فمن بره ورحمته بنا ..
أنالنا رضاه ، والجنة ..
ووقانا سخطه ، والنار ..
سرّ نجاتهم ..
عاشوا ..
على حذر من هذا اليوم ..
عاشوا ..
على حذر من هذا اليوم ..
عاشوا ..
في خشية من لقاء ربهم ..
عاشوا ..
مشفقين من حسابه ..
عاشوا ..
كذلك وهم في أهلهم حيث الأمان الخادع ..
لكنهم لم ينخدعوا حيث المشغلة الملهية ..
لكنهم لم ينشغلوا ..
رفعوا إلى الله سؤالهم وحاجاتهم ..
وتضرعوا إليه ..
طلباً للفوز والنجاة ..
وهم يعرفون من صفاته ..
البرُّ ، والرحمة بعباده ..
أخرج أحمد في مسنده عن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم :
( ليس شيء أكرم على الله من ..
الدعاء ) ..
( ليس شيء أكرم على الله من ..
الدعاء ) ..
في إحدى معارك المسلمين قال المغيرة بن حكيم :
لما برزنا للعدو قال عبد الله بن غالب :
هذه الجنان تزينت ..
هذه الجنان تزينت ..
فعلام آسى من الدنيا ..
فوالله ما فيها لعاقل مقام ..
ووالله ..
لولا محبيتي لمباشرة السهر بصفحة وجهي ..
وافتراش جبهتي في ظلم الليل رجاء الثواب وحلول الرضوان ..
لتمنيت فراق الدنيا وأهلها ..
ثم كسر جفن سيفه وتقدَّم وقاتل حتى قُتل ..
فلما دُفن أصابوا من قبره رائحة المسك ..
فرآه رجل فيما يرى النائم فقال له : يا أبا سراق ؛ ماذا صنعت ؟!..
قال : خير الصنيع ..
قال : إلى ما صرت ؟!..
قال : إلى الجنة ..
قال : إلى الجنة ..
قال : بمَ ؟!..
قال :
بحسن اليقين ..
وطول التهجد ..
وظمأ الهواجر ..
وكثرة الدعاء ..
قال : فما هذه الرائحة الطيبة التي توجد من قبرك ؟!..
قال : تلك رائحة التلاوة والظمأ ..
قال : تلك رائحة التلاوة والظمأ ..
قال : أوصني !!..
قال : أوصيك بكل خير ..
قال : أوصني !!..
قال : اكسب لنفسك خيراً ..
لا تخرج عنك الليالي والأيام عطلاً ..
فإني رأيت الأبرار نالوا البرَّ بالبرّ ..
إني رأيت الأبرار نالوا البرَّ بالبرّ ..
قال سبحانه : { إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ، وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ ، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } ..
حتى تكون منهم ..
عليك بالدعاء ..
والتضرع ..
فلقد { قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } ..
ردد وقل :
أتيتك سائلاً فارحم عنائي
فيا مولى الورى جُد لي بعفوٍ
رأيت كثير ما أُهدي قليلاً
رأيت كثير ما أُهدي قليلاً
فعندك يا كريم دواء دائي
ومُنَّ بنظرة فيها شفائي
لمثلك فاقتصرت على الثناء
ومُنَّ بنظرة فيها شفائي
لمثلك فاقتصرت على الثناء
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ..
- السهم التالي : أجمل الأوقات ..
أجمل الأوقات هي ساعات الإجابة ..
فمنها ..
عند الأذان ..
وبين الأذان والإقامة ..
وأدبار الصلوات المكتوبة ..
وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تُقضى الصلاة ..
وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم ..
ما أجملها وما أحلاها تلك الساعات ..
ما أجملها وما أحلاها تلك الساعات ..
أما أجمل منها وأحلى منها ..
فثلث الليل الأخير ..ساعة السحر ..
كيف لا ؛ وهي وقت نزول الإله ..
أخرج أحمد في مسنده وغيره من حديث أبوهريرة رضي الله عنه قال ؛ قال رسول صلى الله عليه وسلم :
( ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول :
من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ..
من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ..
من ذا الذي يسترزقني فأرزقه ..
من ذا الذي يستكشف الضر أكشفه عنه ..
حتى ينفجر الفجر ) ..
قال سبحانه : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } ..
جاء في كتب التفاسير أنه لما قال أبناء يعقوب له : { اسْتَغْفِرْ لَنَا }
أخرهم إلى السحر بقوله { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ } ..
وفي الزهد لابن حنبل أنَّ داود عليه السلام سأل لجبريل عليه السلام :
يا جبريل ؛ أي الليل أفضل ؟!..
قال : يا داود لا ادري إلا أن العرش يهتز من السحر ..
قلت لليل هل في جوفك
قال لم أرَ حديثاً كحديث
سرّ عامر بالحديث والأخبار
الأحباب في الأسحار
الأحباب في الأسحار
قال صلى الله عليه وسلم :
إنَّ من الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه وذلك كل ليلة ) ..
فأين السائلين !!..
فيا الله ..
ما أحلى ..
حديثهم ..
ودموعهم ..
ومناجاتهم في تلك الساعات ..
فقائل منهم يناجي ويقول :
يا خير معبود ..
ويا خير مسؤول ..
وخير مشكور ..
ويا خير محمود ..
ويا خير مقصود ..
أحلى العطايا في قلبي ..
رجاؤك ..
وأعذب الكلام على لساني ..
ثناؤك ..
اللهم أغلقت الملوك أبوابها ..
وقام عليها حراسها وحجّابها ..
وبابك مفتوح للسائلين ..
نامت العيون ..
وغارت النجوم ..
وعينك لا تنام ..
يا حيّ يا قيوم ..
وآخر يردد ويقول :
إلهي فُرشت الفُرش ..
وخلا كل حبيب بحبيبه ..
وأنت حبيب المتهجدين ..
وأنيس المستوحشين ..
إلهي ..
إن طردتني عن بابك ..
فإلى باب من ألتجي ..
وإن قطعت عني خدمتك ..
فخدمة من أرتجي ..
إلهي ..
إن عذبتني ..
فإني مستحق العذاب والنقم ..
وإن عفوت ..
فأنت أهل الجود والكرم ..
إلهي ..
أخلص لك العارفون ..
وبفضلك نجى الصالحون ..
وبرحمتك أناب المقصرون ..
يا جميل العفو ..
أذقني برد عفوك ..
إن لم أكن أهلاً لذلك ..
فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ..
فاز _ والله _ من ..
سبح والناس هجوع ..
يدفن الرغبة ما بين الطلوع
يغشاه سكون ، وخشوع
بذكر الله والدموع هموع ..
سوف يغدو _ والله _ ذاك الدمع شموع ..
كان بعض السلف يقول :
اللهم إن منعتني ثواب الصالحين ..
فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته ..
اللهم إن لم ترضَ عنا فاعفو عنا يا أرحم الراحمين ..
أين أحباب الرحمن !!..
أين خطَّاب الجنان !!..
يا قوَّام الليل في الأسحار ..
اشبعوا في النوَّام
يا أحياء القلوب ..
ترحموا على الأموات ..
مالك بن دينار ..
سهوت ليلة عن وردي ونمت ؛ فإذا أنا في المنام بجارية كأحسن ما يكون وبيدها رقعة ، فقالت : أتحسن القراءة ؟..
فقلت : نعم ..
فدفعت إليَّ الرقعة فإذا فيها :
أألهتك اللذائذ والأماني
تعيش مخلداً لا موت فيها
تنبه من منامك فإن خيراً
تنبه من منامك فإن خيراً
عن البيض الأوانس في الجنان
وتلهو في الجنان مع الحسان
من النوم التهجد بالقرآن
وتلهو في الجنان مع الحسان
من النوم التهجد بالقرآن
يقول ابن القيم :
عجباً ..
لمن آثر الحظ الفاني الخفيف ..
على الباقي النفيس ..
فباع جنة عرضها السماوت ..
بسجن ضيق بين أرباب العاهات ..
عجباً للجنة كيف نام طالبها
وكيف طاب العيش في هذه
وكيف لم يدفع بمهرها خاطبها
الدار بعد سماع أخبارها
الدار بعد سماع أخبارها
تأمل في قول أ هل الجنان : { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } ..
فكيف غفلت عن تلك الساعة التي ينزل الله فيها إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظيم سلطانه فيقول :
هل من تائب ؟!..
هل من مستغفر ؟!..
هل من داع ؟!..
والله ..
لو قام أهل الحاجات ..
والله ..
لو قام أهل الحاجات ..
وأهل الذنوب ..
في الأسحار ..
وسألوا مولاهم ..
وقدموا الطلبات ..
ورفعوا الحاجات ..
وأتبعوها بالاستغفار والآهات ..
لرَّقت قلوبهم ..
وقُضيت حاجاتهم ..
وسُترت عيوبهم ..
وغُفرت ذنوبهم ..
وأُقيلت العثرات ..
ومُحيت الزلات ..
والله ..
لو شممت رحيق الأسحار ..
لاستفاق منك قلبك المخمور ..
والله ..
لو شممت رحيق الأسحار ..
لاستفاق منك قلبك المخمور ..
- فكيف تعطل ذلك السلاح ؟!..
كيف تعطل ذلك السلاح ؟!.
تعطل ..
يوم أن تُرك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
عن حذيفة رضي الله عنه قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( والذي نفسي بيده ..
لتأمرن بالمعروف ..
ولتنهون عن المنكر ..
أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ..
ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ..
فهل أمرنا بالمعروف ..
ونهينا عن المنكر ..
لعل الله أن يستجيب دعاءنا ..
تعطل السلاح ..
يوم أُكل الحرام ..
جاء عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( قال في الرجل يمد إليه إلى السماء ويقول : يا رب ..يا رب ..
مطعمه حرام ..
ومشربه حرام ..
وملبسه حرام ..
وغُذّي بالحرام ..
فأنّى يُستجاب له ) ..
تعطل السلاح ..
يوم كثرت الذنوب والمعاصي ..
جاء في الأثر : ( ما طفَّت قوم كيلاً ، ولا بخسوا ميزاناً ، إلا منعهم الله عز وجلّ القطر ، وما ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت ، وما ظهر في قوم الربا إلا سلط الله عليهم الجنون ، ولا ظهر في قوم القتل _ يقتل بعضهم بعضاً _ إلا سلط عليهم عدوهم ، ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف ، وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم تُرفع أعمالهم ، ولم يُسمع دعاؤهم ) رواه ابن أبي الدنيا والطبراني ..
قال يحيى بن معاذ عن هؤلاء :
آثروا النوم على القيام ..
والراحة على الجهاد والمجاهدة ..
تعطل السلاح ..
يوم قلَّ المستغفرون بالأسحار ..
تعطل السلاح ..
يوم قلَّ فرسان الليل ..
وقلّ فرسان النهار ..
فتطاول علينا الكفار ..
قيل لإبراهيم بن أدهم :
ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟! ..
قال لأنكم :
عرفتم الله ، فلم تطيعوه ..
أما قال الله : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } ..
وعرفتم الرسول ، فلم تتبعوا سنته ..
أما قال سبحانه : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ } ..
وعرفتم القرآن ، فلم تعملوا به ..
أما قال جل في علاه : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } ..
أكلتم نعمة الله ، فلم تؤدوا شكرها ..
أما قال سبحانه : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } ..
وعرفتم الجنه ، فلم تطلبوها ..
أما قال سبحانه : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ..
وعرفتم النار ، فلم تهربوا منها ..
أما قال جل في علاه : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } ..
وعرفتم الشيطان ، فلم تحاربوه ووافقتموه ..
أما قال سبحانه : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }..
وعرفتم الموت ، فلم تستعدوا له ..
أما قال سبحانه : { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ }..
دفنتم الأموات ، فلم تعتبروا ..
أما قال سبحانه : { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } ..
وتركتم عيوبكم ، واشتغلتم بعيوب الناس..
أما قال سبحانه : { لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } ..
- آخر السهام ..
آخر السهام ..
اسمعي واسمع ..
يا من توقن أنك لا شك راحل ..
قم في الدجى قيام مشفق سائل
وأجب منادي هل من سائل ..
لعلكِ ولعلك ..
تحظى بالقبول ..
وتفوز بالمسؤول ..
وتدرك المطلوب والمأمول ..
لله درّ أقوام ..
هجروا الدنيا وتركوها ..
وطلبوا الآخرة بالجد وآثروها ..
إن جاء النهار قطعوه بالصيام ..
وإن جاء الليل نصبوا أقدامهم للقيام ..
لله درهم ..
أبصروا عيوب الدنيا وميزوها ..
عرفوا طرق الجنة فسلكوها ..
وعرفوا طرق الضياع وتجنبوها ..
إن أظلم الليل صفوا أقدامهم وأنصبوها ..
وإن أقبل النهار حفظوا جوارحهم وكفوها ..
لله درهم ..
كم ..
تعبت أبدانهم بين جوع ، وسهر ..
كم ..
كفت جوارحهم عن لهو ، وبطر ..
كم ..
حفظوا ألسنتهم وأعينهم عن الكلام ، والنظر ..
كم ..
تغنوا بكلامه والقلب خاشع وحاضر في السحر ..
يا حسنهم ..
والليل قد أجنهم ..
ونورهم يفوق نور الأنجم ..
فماذا أعد الله لهم ؟!..
فماذا أعدَّ الله لهم ؟!..
{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ..
اللهم إنا نعوذ بك من بدن لا ينتصب بين يديك ..
ونعوذ بك اللهم من قلب لا يشتاق إليك ..
ونعوذ بك من دعاء لا يصل إليك ..
ونعوذ بك من عين لا تبكي عليك ..
سبحانك ..يا من تفرَّد بك المتفردون في الخلوات ..
وسبحانك ..من سبحت لعظمتك الحيتان في البحار الزاخرات ..
ولجلال قدسك اصطفت الأمواج المتلاطمات ..
أنت الذي سجد لك ..
سواد الليل ، وضوء النهار ، والفلك الدوار ، والبحار الزخار ، والقمر النوَّار
وكل شيء عندك بمقدار ..
يا مؤنس الأغوار في خلواتهم يا خير من حطت به النزال ..
سبحانك لك الجمال ، والجلال ، ولك الكمال ..
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ..
ونعوذ بك اللهم من سخطك والنار ..
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ..
كره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ..
و اجعلنا من الراشدين ..
اللهم اجمع شملنا ، ووحد صفنا ، وأصلح ولاة أمورنا ، وانصرنا يا قوي يا عزيز على القوم الكافرين ..
نسألك اللهم إيماناً كاملاً ، ويقيناً صادقاً ، وصلاةً خاشعةً ، وعلماً نافعاً ، ورزقاً حلالاً واسعاً ..
اللهم عاملنا بما أنت أهله ، ولا تعاملنا بما نحن أهله إنك سبحانك أهل التقوى وأهل المغفرة ..
أستغفر الله العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
وآخر دعوانا { أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
تعليق