كيفية الرقـــى
وردت عدة كيفيات للرقى :
أولا : النفث والتفل في الرقية :
النفث : هو نفخ يسير مع ريق يسير وهو أقل من التفل وقيلإنه بلا ريق .
التفل : شبيه بالبزاق وهو أقل منه .
عن أبي قتادة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
" الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًايَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ ") صحيح البخاري
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الرقية : "بِسْمِ اللَّهِ ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا . بِرِيقَةِ بَعْضِنَا ، يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا"صحيح البخاري
وعن عائشة رضي الله عنها أنهاقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
"إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِى كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ ".
صحيح البخاري
كل هذه الأحاديث ذكرت في البخاري وكلهاتدل على جواز النفث والتفل في الرقية ، وإذا تأملنا هذه النصوص الواردة في الرقى ،والتي ذكر فيها النفث أو التفل وجد أن ذلك وقع قبل القراءة وبعدها ومعها فيفهم منهذه النصوص جواز ذلك كله .
ومن هذه النصوص التي تدل على ذلك الي وردتفي صحيح البخاري :
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) وَ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ"
فهذا الحديث يدل على أن النفث قبل القراءة.
وفي رواية أخرى :
عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِى كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْجَسَدِهِ .
قال بن حجر :
أي يقرؤها وينفثحالة القراءة.
وجاء في قصة المعتوه الذي رقاهأحد الصحابة قول الراوي : " فرقاه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية ، كلماختمها جمع بزاقه ثم تفل ......
فهذا الحديث يدل على وقوع النفث بعد القراءة .
ثانيا: الرقية بدون نفث :
وتجوز الرقية بدون نفث وتفل لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان إذا عاد مريضا يقول
"أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّشِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُسَقَمًا"
وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يرقي بتلك الرقية.
ثالثا : خلط بعض التراب معالريق:
ويجوز خلط بعض التراب مع الريق وكيفية هذه الرقية أن ينفث علىالإصبع بشيء من الريق ثم يوضع في التراب ويمسح به المريض في أثناء الرقية .
ومما يدل على هذه الكيفية ما رواه البخاري في صحيحه بسنده
عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ " بِسْمِ اللَّهِ ،تُرْبَةُ أَرْضِنَا . بِرِيقَةِ بَعْضِنَا ، يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا"
قال النووي :
"معنى الحديث أنه أخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها من شيء ، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل ويقول هذا الكلام حالة المسح . والله أعلم ."انتهى
والمراد بقوله " أرضنا "
قال النووي :" قال جمهور العلماء المراد بأرضنا هنا : جملة الأرض ، وقيل : أرض المدينة خاصة لبركتها " انتهى.
والراجح هنا قول الجمهور وهو (جملة الأرض ) لعدم ورود ما يخصص أرض المدينة دون سواها والله أعلم.
رابعا: مسح الجسد باليد :
ومسح الجسد باليدأن يمسح الراقي جسده بعد الرقية ، وأن يضع يده محل الوجع ويمسحه وكذلك إذا رقى غيره .
ما جاء فيالبخاري:
عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ " اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ ،اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِى ، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لاَيُغَادِرُ سَقَمًا "
وأما وضع اليد على مكان الألم عند الرقية
مارواه مسلم في صحيحه
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ الثَّقَفِىِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِى جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِى تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ. ثَلاَثًا. وَقُلْ سَبْعَ
مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُوَأُحَاذِرُ"
فهذه الأحاديث تدل على جواز مسح الجسد باليد وجوازمسح الوجع باليد اليمنى كما ورد في بعضها ، وحكمة ذلك التبرك باليمين وقيل على طرق التفاؤل لزوال ذلك الوجع .
وسواء علمت الحكمة أو لم تعلم فإن هذا العمل مشروع طالما ثبت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خامسا :الرقية في الماءثم شربه أو الإغتسال به
وكيفية هذه الرقية أن يؤتى بماء في إناء ثم يقرأ على هذا الماء بالرقى المشروعة وينفث فيه ،وبعد ذلك يغتسل به المريض أو يشربه أو يمسح به مكان المرض .
عن علي رضي الله عنه قال : لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال : "" لعن الله العقرب ؛ لا تدع مصليا ولا غيره . ثم دعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ بـ (قل يا أيها الكافرون) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس )" .
وعن أبي معشر عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء ثم يصب على المريض
وروى ابن أبي حاتم في تفسيره في سورة يونس عن ليث بن أبي سليم قال : " بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور ... "وجاء في كتب وهببن منبه :
أنه يأخذ سبع ورقاتمن سدر أخضر فيدقه بين حجرتين ، ثم يضربه بالماء ، ويقرأ فيه آية الكرسي ، والقواقل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجل إذاحبس عن أهله .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد :
ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه ، وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بالفاتحة آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارا ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثيرمن الأوجاع فأنتفع بها غاية الإنتفاع.
وقال أيضا رحمه الله تعالى في مدارج السالكين :
وقد جربت أنا من ذلك في نفسي وفي غيري أمورا عجيبة ، ولا سيما مدة المقام بمكة . فإنه كان يعرض لي آلام مزعجة ، بحيث تكاد تقطع الحركة مني ، وذلك في أثناء الطواف وغيره ، فأبادر إلى قراءة الفاتحة ، وأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط ، جربت ذلك مرار عديدة ،وكنت آخذ قدحا من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مرارا فأشربه فأجد فيه من النفع والقوة مالم أعهد مثله في الدواء ، والأمر أعظم من ذلك لكن بحسب قوة الإيمان وصحةاليقين والله المستعان ..
وقد يستفاد جواز هذه الكيفية مما يلي أيضا :
حيث ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الماء بأنه علاج للحمى حيث قال : "الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء " صحيح البخاري .
وأمر العائن بالإغتسال للمعين .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نفث على التراب .
وقال صلى الله عليه وسلم" من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل "
وقال" لابأس بالرقى مالم يكن فيه شرك "
وثبت الإنتفاع بذلك وليس في هذا العمل شرك . وقد تقدم أن من فائدة النفث التبرك بريق النافث الذي صاحب الرقية الشرعية فإذا انتقل إلى الماء حصل المراد إن شاء الله ، واللهأعلم.
سادسا : كتابة بعض الآيات من القرآن ثم محوها بالماء وشربها وغسل البدن بها:
وصفة هذه الكيفيةأن تكتب آيات من القرآن الكريم في ورقة أو في إناء ثم تمحى هذه الكتابة بالماء وبعدذلك يشربها المريض ويغتسل بها ، وممن نقل عنه جواز هذه الكيفية ، ابن عباس ، وأحمدبن حنبل ، والقاضي عياض ، وابن تيمية ، وابن القيم وغيرهم
تعليق