إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2




    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
    فبعد أن تكلّمنا عن مباحث من أصول التفسير، نعطي في درسنا هذا نبذة عامة ومختصرة عن علوم القرآن.

    كان البعض يجعل علوم القرآن مرادفة لأصول التفسير، وقد بيّنّا أن هناك فرق بين علوم القرآن وأصول التفسير. وأنّ أصول التفسير تدخل في علوم القرآن، لكن ليس كل علم من علوم القرآن يدخل في أصول التفسير.
    والحقيقة.. علوم القرآن مباحثه كثيرة ومفيد جدًا لطالب التفسير؛ لأنّه يوقفه على معالم كثيرة تُحيط بالقرآن الكريم وبالتالي يكون عنده إدراك لما يمكن أن يكون حول كلام ربّــنــا –جَلَّ في عُلاه-.



    وللتعرف على المراد من علوم القرآن وجهود العلماء في جمع علوم القرآن وإضافة علوم جديدة إلى علوم القرآن والقرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم ومباحث فضائل القرآن ومبحث فضل التلاوة ومبحث الوحي وتعريف الوحي ومعانيه في القرآن وكيف جمع القرآن في عهد أبي بكر وفي عهد عثمان



    ولمعرفة المزيد
    ندعوكم للتعرف على درس بعنوان
    مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2


    لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد عطية



    تفضلوا معنا في تحميل الدرس الرابع بجميع الصيغ

    http://way2allah.com/khotab-item-127233.htm



    الجودة العالية wmv
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127233-198610.htm


    الصوت
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127233-198611.htm


    الساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/tafsir4


    اليوتيوب

    https://www.youtube.com/watch?v=sZYKdRWAPiQ


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/media/pdf/127/127233.pdf


    فهرس مادة التفسير وعلوم القرآن // الشيخ الدكتور محمد عطية // دورة بصائر العلمية 2



    :..: موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة التفسير وعلوم القرآن:..:


    مثبــت: جدول الدورة العلمية بصائر 2

    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2


    مثبــت: مقاطع الدورة العلمية بصائر 2 | من إنتاج فريق الصوتيات


    مثبــت: مقاطع الدورة العلمية بصائر 2 | من إنتاج فريق المونتاج




    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm





    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله

    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 26-10-2016, 02:49 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياكم الله وبياكم
    الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم:
    تفريغ:مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2
    لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد عطية

    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ



    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
    وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، ثم أما بعد،



    فبعد أن تكلّمنا عن مباحث من أصول التفسير، نعطي في درسنا هذا نبذة عامة ومختصرة عن علوم القرآن.

    كان البعض يجعل علوم القرآن مرادفة لأصول التفسير، وقد بيّنّا أن هناك فرق بين علوم القرآن وأصول التفسير. وأنّ أصول التفسير تدخل في علوم القرآن، لكن ليس كل علم من علوم القرآن يدخل في أصول التفسير.

    والحقيقة.. علوم القرآن مباحثه كثيرة ومفيد جدًا لطالب التفسير؛ لأنّه يوقفه على معالم كثيرة تُحيط بالقرآن الكريم وبالتالي يكون عنده إدراك لما يمكن أن يكون حول كلام ربّــنــا –جَلَّ في عُلاه-.


    ابتداءً نقول إن المُراد بعلوم القرآن:
    هو العلم الذي يبحث في المسائل المُتعلّقة بالقرآن الكريم من حيث: أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، ومعرفة المَكّيّ والمَدَنِيّ، والناسخ والمنسوخ، والمُحكَم والمُتشابه . . . وغير ذلك من العلوم التي لها صلة بالقرآن.

    وأنا أذكر ونحن ندرس في أصول الدين في قِسم التفسير كان شيخنا العلامة محمد عبد المنعم القيعي –عليه رحمة الله- كان له كتاب يُدرّسُنا إياه، كان سمَّاه "الأَصلان في علوم القرآن"، وهو يرى –رحمه الله- أن ما يتعلق بعلوم القرآن علوم تتعلق بالعربية وعلوم تتعلق بالشرع فقَسَمَ كتابه هكذا إلى أصلَين: أصلٌ في ما يتعلق بالعربية بعلوم القرآن، والأصل الثاني: ما يتعلق من غير العربية على حَسْب اصطلاح أهل العلم.

    طبعًا العربية مُهمة جدًا في دراسة القرآن؛ لأن القرآن نزل عربيًا، وقد قلنا في دروسنا في أصول التفسير أن الصحابة –رضوان الله عليهم- والتابعين لم يكونوا يحتاجون إلى التَّقعيد والتأصيل الذي أصَّله العلماء وقعَّدوه بعد ذلك في اللغة العربية؛ لأنهم كانوا عَربًا أقحاحًا يفهمون كلام الله –عَزَّ وجَلَّ- وما يُشكِل عليهم يسألون عنه، الصحابة يسألون النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم-، والتابعون كانوا يسألون صحابةَ رسولِ الله –صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم-


    تعريف هذا العلم "علوم القرآن":
    علوم جمع علم، وهي في اللغة الفَهم والإدراك.
    وفي الاصطلاح: العلم: هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازِمًا، لا شَكّ فيه ولا تردُّد ولا ظَنّ.
    هذا هو العِلم الذي يفيد اليقين، إن كان الإنسان بعيدًا ورأى شيئًا ربما يتردد فيه، لكن إذا اقترب منه قال أنه: كذا، هذا هو العِلم، أمَّا إذا كان بعيدًا عنه وتردَّد .. فهذا شك، إذا رجّح جانبًا على الآخر هذا ظَنٌّ، والآخر يكون وهمًا؛ ولذلك أهل العلم قالوا: مراتب الإدراك ستة:
    أولها: العلم: وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا يُقابله الجهل: وهو عدم إدراك الشيء، هذا الجهل البسيط؛ ولذلك الجهل نوعان: جهل بسيط: وهو عدم إدراك الشيء وعدم معرفته . . وأما الثاني وهو أشد منه وهو الجهل المركّب: وهو عدم إدراك الشيء مع الظن بأنّه يُدركه، قد يتكلم البعض بغير عِلم ويظن أنه يعلَم ذلك.. فهذا هو الجهل المركب –وما أكثره في عصرنا نسأل الله تعالى السلامة والعافية-.
    ثم إذا تردد كما ذَكَرنا إذا تردَّد في شيء بين أمرين هذا شَــك هل هو كذا ولا كذا.. هذا شك.
    إن ترجَّح أحد الأمرين على الآخر يكون المُرجَّح هذا ظـَن، والآخَر يكون وَهمًا.

    إذن هذه المراتب؛ العِلم ويُقابله الجهل البسيط والجهل المركب، الشك، الظن، الوهم. وكثيرًا ما نجِد في كُتب أهل العلم توهيم البعض سواء كان في روايته أو كان في ما يذكُر من شيءٍ يظن أنه علمًا وهو ليس بذلك.. هذا تعريف العلم.. طيب وتعريف القرآن؟

    القرآن في اللغة: مِن قَرَأَ، يَقرَأُ، قَرءًا، وقُرآنًا .. هذا هو الراجح من الأقوال في اللغة التي أُخِذَ منها القرآن أنه من قَرَأَ، يَقرَأُ، قَرءًا، وقراءةً، وقُرآنًا. ودليل ذلك قوله -تعالى- في سورة القيامة: "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ** فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" القيامة:17،18.
    وقال بعض العلماء: هو مِن قَرَنَ الشيءَ بالشيء، وعلى هذا لا يكون مهموزًا فيكون القُران، لكن المعروف أنّه مهموز وهو المشهور فيه.
    وأُخِذَ أيضًا من الجَمع؛ لأنّه جُمِعَت أياتُه فصارت سورًا، وجُمِعَت السور فصارت المصحف كما هو معروف.

    إذًا "علوم القرآن" :
    هي العلوم التي تبحث في المسائل المتعلقة بالقرآن من حيث: أسباب النزول، و المَكّيّ والمَدَنِيّ ، والمُحكَم والمُتشابه، والناسخ والمنسوخ . . . وغير ذلك مما يتعلَّق بالقرآن وكذلك يتعلّق بمباحث اللغة العربية التي يُفهَمُ بها القرآن، وهذا يدخل فيه أيضًا مباحث أصول الفقه، مباحث من مصطلح الحديث، وهذا كما ذكرنا من قبل أن "السيوطي" –عليه رحمة الله- في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" ذكَرَ ثمـــانين علمًا يدخل في هذا العِلم علم علوم القرآن.

    القرآن في اللغة كما ذكرنا .. طيب في الاصطلاح؟
    هو كلام الله، المُنَزَّل على نبيِّه محمد –صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم-، المُعجِز بأقصر سورة منه، المُتَعَبَّد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتُر، الموجود بن دَفَّتَي المُصحف من سورة الفاتحة إلى سورة الناس.

    كلام الله –عَزَّ وجَلَّ-، المُنَزَّل على محمد –صلَّى الله عليه وسلَّم-: فخرج بذلك ما نزل قبله على موسى وعلى عيسى وعلى باقي الأنبياء والرُّسُل.
    المُتَعَبَّد بتلاوته: فخَرَجَ بذلك الأحاديث القُدسية؛ فهي كلام الله أيضًا ولكن اللفظ من عند رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-.
    المُعجِز بأقصر سورة منه: أيضًا يخرج به الأحاديث القدسية، والكلام الكَونيَّ؛ لأن لله كلمات كونيَّة وكلمات شرعيَّة؛ الكلمات الشرعية: هي كلمات القرآن والأحاديث القدسية، وأما الكلمات الكونية: فهي قولُه للشيء كــُـن فيكـــون، فقول النبيّ –صلَّى الله عليه وسلَّم-: "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّات التي لا يُجاوِزُها بَرٌّ ولا فَاجِر" صحيح الجامع هذه أيُّها.. الكلمات الكونية أَم الكلمات الشرعية؟ الكلمات الكونية ü ؛ لأنّ الفاجر يُجاوِز كلام الله –عَزَّ وجّلَّ- الشرعيّ ويعصيه، أما في الكلمات الكونية.. فالكلمات الكونية تقع على الجميع البَرِّ والفاجِر "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّات التي لا يُجاوِزُها بَرٌّ ولا فَاجِر" إنما يُعنَى بها الكلمات الكونية التي بها يقول اللهُ –عَزَّ وجَلَّ- للشيء كُن فيكون.
    الذي وصل إلينا بالتواتُر: فالقرآن كــــله متواتِر، لــفظًا ومَعنًى.
    القرآن متواتر لفظًا: جاء به جبريل عن رب العِزَّة –تبارَكَ وتَعالَى- إلى النبيّ –صلَّى الله عليه وسلَّم-، ونقله النبيّ –صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى الصحابة، والصحابة إلى تابعيهم، وتابعيهم إلى تابعيهم . . . حتَّى انتهى إلينا كأنه نَزَل إلى رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم- الآن القــــــــرآن الذي بين أيدينا هو الذي جاء به رسولُ الله لــــــم يَمَسّه شيء من التحريف ولا التعطيل ولا أي شيء مما قد دخل على الكتب الأخرى كالتوراة والإنجيل، قد حفِظه الله وقال –سبحانه وتعالى-: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" الحِجر:9

    فهذا هو القرآن في اللغة وفي الاصطلاح، وهذه هي علوم القرآن في اللغة والاصطلاح أيضًا.


    وهذه العلوم إنما بُدِءَ بكتابتها في القرن الثاني للهجرة مع تدوين العِلم.
    ونعلم أن بعض العلماء ألَّفوا في مفرداتها كُتُبًا منفردة كمن ألَّف في الناسخ والمنسوخ، ومَن ألَّفَ في أسباب النزول ومَن ألَّفَ في فضائل القُرآن. وكل هذا كان مع حاجة الناس وحاجة العلماء له، أما الصحابة والتابعين فلم يكونوا –كما ذكرنا- في حاجة إلى ذلك؛ فهم كانوا على فَهمٍ لكتاب الله، وهذه العلوم المشتقة بعد ذلك من كلام الله –عَزَّ وجَلَّ- ومن اللغة لم يكونوا في حاجة إليها؛ لأنهم كانوا قد وَصلوا إلى الفَهم المطلوب منهم والعمل به، كما ورد ذلك عن مَن نقل عن الصحابة أنهم كانوا يحفظون عشر آيات.. عشر آيات، لا ينتقلون لغيرها حتى يعملوا بها، يقول: "فَعَلِمنَا القُرآنَ والعَمَلَ معًا"؛ لأن القرآن نزل لهذا، القرآن لم ينزل ليُستَفتَح به حفلات، ولا يُستَفتَح به إذاعات ولا ليُعَلَّق على الحوائط ولا ليكون في سيارات، ولا في مثل هذا الذي يستخدمه الناس اليوم!! ولكن القرآن نزل ليُتَدَبَّر وليُعمَل به؛ ولذلك هِجرة القرآن أنواع –كما ذكر ذلك أهل العلم-: هناك هجرة تلاوة، هجرة سماع، هجرة عمل، هجرة تطبيق . . . كل هذه من أنواع هجرة القرآن.

    فبدأ عصر التدوين –كما ذكرنا- في القرن الثاني الهجري، فدوَّن علماء الرواية "التفسير" كباب من أبواب السُّنَّة –ونعلم أن التفسير من علوم القرآن- وجمعوا فيه ما رُوِيَ من التفسير عن الرسول والصحابة والتابعين، وممن كتب في ذلك وكيع بن الجَرَّاح المتوفَّى سنة 197 ه، وسفيان بن عُيَينَة المتوفَّى بعده بسنة، وأيضًا كتب عبد الرزَّاق وسُنَيد وغيرهم، عبد الرزاق كتب في التفسير مُنفردًا وسُنَيد كذلك وعبد بن حُمَيد، أما وكيع بن الجراح وسفيان فقد كتبوا ذلك في أبواب من أبواب كتب السُّنَّة، وحتى كتب السنة المشهورة سواء كان البخاري أو مسلم أو أبو داود أو الترمذيّ أو غيرهم من كتب السنة عقدوا كتابًا فيما كتبوا في الصِّحاح والسُّنَن والمسانيد عن تفسير القرآن.

    ولعلنا ذكرنا أن أول من جمع القرآن كاملًا مفسرًا هو شيخ المفسرين ابن جرير الطبري – عليه رحمة الله-، وهو الذي جمع فيه الروايات وكان له اختيارات، وكان له استدراكات.
    وأيضًا ضمّ إلى ذلك ما يتعلق باللغة وله أيضًا اختيارات في اللغة؛ فهو المفسر اللغوي الحافظ –عليه رحمة الله-. ثم تتابع بعد ذلك العلماء في تناول القرآن بالتفسير بالرواية، والتفسير بالرأي المأثور، والتفسير بالرأي كما بينا في دروس أصول التفسير.


    · جهود العلماء في جمع علوم القرآن.
    أما علوم القرآن فقد كان الصحابة –رضيّ الله عنهم-من هذه العلوم عرفوها من مصاحبة التنزيل كما ذكرنا لا يحتاجون إلى تأصيل ذلك إنما عرفوا الناسخ والمنسوخ، عرفوا المكيّ والمدنيّ، عرفوا أسباب النزول، عاشوا ذلك فعرفوها فلا يحتاجون إلى أن يكتبوا ذلك؛ وكانت لهم حافظة قوية وهم الذين اختارهم الله –تبارك وتعالى- لصحبة نبيه ونقلوا ما عرفوه إلى التابعين ونقله بعد ذلك التابعون إلى من بعدهم؛ فلما اتسعت رقعة الإسلام ودخل الأعاجم فيه أصبحت الحاجة ملحة في أن يكتبوا هذا العلم ويتناقلوه، وينقله الخلف عن السلف.
    ألَّف عليّ بن المديني في أسباب النزول، وأبو أُبيّ بن القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ وفي القراءات، وابن قتيبة في مشكل القرآن وفي غريب القرآن.
    وابن الأنباري ألَّف في علوم القرآن، والباقلاني في إعجاز القرآن، وغيرهم كثير تناولوا في مباحث منفردة من علوم القرآن؛ ثم بعد ذلك أول من كتب في كتاب جامع في علوم القرآن كان محمد بن خلف بن المرزبان، وكان هو ممن توفي في أوائل القرن الرابع سنة ثلاثمائة وتسعة –عليه رحمة الله- وكتابه كان اسمه الحاوي في علوم القرآن، ثم تبعه إبراهيم الحوفي في كتابه البرهان في علوم القرآن لكنه تناوله على منهج التفسير، بمعنى أنه يذكر الآية ثم يبين ما يشتمل عليها من علوم القرآن؛ القول في الإعراب، القول في الناسخ، القول في كذا إن كانت من الآيات المنسوخة مثلًا أو شيء من هذا؛ فكان يذكر هذا على منهج أهل التفسير بخلاف منهج أهل التقعيد والتأصيل.


    · إضافة علوم جديدة إلى علوم القرآن.
    ثم قام بعض العلماء بجمع بعض العلوم ولم يحتويها كلها، كابن الجوزي –رحمه الله- فابن الجوزي مِنْ أول مَنْ كتب في علوم القرآن أجمع ممن سبقه، وهو متوفَى آواخر القرن السادس سنة خمسمائة وسبعة وتسعين.
    ثم جاء بعده الزركشي فكان أجمع؛ كتاب ابن الجوزي اسمه فنون الأفنان في علوم القرآن، كتاب الزركشي اسمه البرهان في علوم القرآن.
    ثم جاء السيوطي وجمع ماسبق، وأضاف إليه بعض العلوم حتى وصل فيها إلى ثمانين علم في كتابه الجامع "الإتقان في علوم القرآن"؛ وكل من جاء بعده أخذ عنه ولكن أيضًا هناك ممن أفاض الله عليه، فنقول أن الإمام السيوطي –عليه رحمة الله- كتب كتابه الإتقان في علوم القرآن وقدم تقدمة لذلك وبيّن أنه أخذ ذلك من أهل العلم وأنه استقى مما كتبه ممن كان سبقه، ثم أضاف إلى ذلك هذه العلوم التي أضافها حتى انتهى إلى أن يكون ثمانين علمًا من علوم القرآن.
    وأفاض الله عز وجل على بعض أهل العلم بعد ذلك بإضافة بعض العلوم كمقاصد القرآن ونحو ذلك؛ مما اشتهروا في العصر الحديث كتاب الزُرقاني مناهل العرفان في علوم القرآن؛ وما من كلية من كليات أصول الدين في قسم التفسير إلا وسنجد أن من يُدَرِّس علوم القرآن له إما كتاب وإما مذكرة يُدرسها لطلبته جمع فيها بعض هذه العلوم.


    · علم إعجاز القرآن.
    من المهم أن نعلم أن العلماء تكلموا عن إعجاز القرآن وهو علم من علوم القرآن؛ طبعًا إعجاز القرآن لا يخفى على أحد وقد أتت آيات الإعجاز مبينة في القرآن الكريم، فالقرآن كتاب إعجاز وكتاب هداية، القرآن كتاب إعجاز وكتاب هداية، فكتاب إعجاز.
    - المعجزة: هي أمر خارق للعادة، لا يستطيعه الخلق سواء كانوا جنًا أو إنسًا أو ملائكة.
    هذا شأن المعجزة، المعجزة هي فعل الله -جلّ وعلا- والقرآن صفة من صفات الله –عز وجل- لإن الكلام صفة من صفات الله، فالقرآن كلام الله غير مخلوق، وكلام الله هو أعلى الكلام "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا" النساء:87، لا أحد.
    فهنا نعلم أن الكلام على قدر المتكلم "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ" الأنعام:91، من حاول جاهدًا أن يأتي بشيء ويقول هو من عند الله هذا كذب "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ" الأنعام:93، ليس أحد أكذب من هؤلاء، ومن أظلم: يعني لا أحد أظلم ممن يدعيّ ذلك.
    أذكر هنا قصة؛ أن عبدالله بن عمرو بن العاص –رضيّ الله عنه- طبعاً أسلم وحسُن إسلامه، وهو في جاهليته كان سفير قريش إلى غيرها من القبائل والجماعات، أرسلته قريش في الجاهلية إلى شيطان اليمامة مسيلمة الكذاب وكان هو صديقه في الجاهلية، فلما انتهى إليه وجلس عنده سأله الكذاب مسيلمة ماذا أُنزل على محمد قبل أن تأتينا، قال: أُنزل عليه سورة وجيزة بليغة، قال: وما هي؟ قال: "وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" العصر3:1، فسكت ساعة كلمة سكت ساعة في اللغة يعني جزء من الوقت ليست الساعة ستين دقيقة، ثم قال له: الآن أنُزل عليّ مثلها قال: وماهي؟ قال: ياوبر يا وبر إنما إنت أذنان وصدر وسائرك فقر حقر؛ الوبر: ذويبة صحراوية أعظم ما فيها الأذنان والصدر، ثم قال له: ماذا تقول ياعمرو؟ قال: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب، وعمرو في الجاهلية كان كافرًا ولكنه لم يوافقه على ما قاله؛ وفرق عظيم بين سورة العصر وهذه الهراء الذي قاله مسيلمة الكذاب.
    · تحدي الله للمشركين بالقرآن.
    على أن المشركين كانوا يكذبون رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لكنهم لم يستطيعوا وهم البلغاء الذين بلغوا في اللغة أفصح ما يبلغه البشر لم يستطيعوا أن يأتوا لا بمثله "فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ" الطور:34، "فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ" هود:13، "فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ" البقرة:23 "بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ" يونس: 38، أو "بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ"، كل هذا عجزوا عنه.
    وختم الله الإعجاز بقوله: "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" الإسراء:88، "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" النساء:82، وعلى مدار القرون الماضية إلى أن وصلنا إلى القرن الخامس عشر الهجري لم نسمع عن أحد عارض القرآن بشيء يمكن أن يكون مضاهٍ أو قريب من كلام الله –تبارك وتعالى-.
    · القرآن معجزة النبي –صلى الله عليه وسلم-.
    كلام الله يرتفع ويعلو على كل كلام سبحان الله وتعالى عما يصفه الواصفون وتعالى علواً كبيراً، فالقرآن كتاب إعجاز، والإعجاز قائم وإلى قيام الساعة. قد جعله الله –تبارك وتعالى- حجة على البشرية جميعًا وإلى قيام الساعة فالمعجزة قائمة وموجودة، معجزات الأنبياء كانت حسية قبل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- انتهت بوقتها وأصبحت أثرًا بعد عين، وأما معجزة النبي –صلى الله عليه وسلم- الرئيسة فهي القرآن يستطيع كل مسلم أن يقف بيده القرآن ويقول محمد –صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله وهذه معجزته.
    والله –تبارك وتعالى- أكرم نبيه بكثير من المعجزات الحسية كما هو معروف كانشقاق القمر، والإسراء والمعراج، وتكثير الطعام في يده، ونبع الماء من بين أصابعه، وغير ذلك من المعجزات الحسية التي كتبها العلماء وسجلوها في كتب شمائل الرسول –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
    إذن القرآن كتاب إعجاز وكتاب هداية "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" إبراهيم:1، كتاب هداية "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" الإسراء:9، كتاب هداية "هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" البقرة:2، "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ" البقرة:185، استفتح الله سورة البقرة بقوله: "الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" البقرة:1:2، وفي آيات الصيام قال: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ" هدى للمتقين، وهدى للناس.
    الهداية للمتقين هداية خاصة، وأما الهداية للناس جميعًا هداية عامة، هداية الدلالة إلى الحق.
    هداية المتقين هذه هداية تثبيت وفهم وإدراك وعمل لأنهم هم الذين يستفيدون من القرآن الكريم، فهم الذين آمنوا وعرفوا عن الله –تبارك وتعالى- وعرفوا ربهم، وعرفوا أنه كلام الله –عز وجل- لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فاهتدوا به وكان هو نبراسهم ونورهم؛ ومن يقرأ التاريخ يعلم أن الجيل القرآني الذي تربى في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأخذ القرآن وعمل به هم الذين صاروا بعد ذلك قادة للأمم؛ ولما دخلت الدنيا قلوب العباد وسرى ذلك فيهم وانتشر، أُخذ منهم بعض ما أعطوا وإذا لم يعودوا إلى كتاب الله –عز وجل- وإلى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- فسيصير الأمر إلى نزول. هذه سنة الله في أرضه وسنن الله لا تحابي أحدًا ووعد الله –تبارك وتعالى- الذين آمنوا وعملوا الصالحات بموعود عظيم في سورة النور قال ربنا –جلّ في علاه-: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا" النور:55، اللهم ردّ المسلمين إلى دينهم ردًا جميلًا؛ إذن عرفنا أن القرآن كتاب هداية، وكتاب إعجاز وهذا مفصل في كتاب الله –عز وجل- لا يحتاج إلى كبير معاناة في فهمه فإن آياته واضحة ولا أوضح منها.


    مباحث فضائل القرآن
    من مباحث علوم القرآن فضائل القرآن، وقد كتب فيه كثير من أهل العلم ولعل أولهم أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله، وتبِعه ابن الدريس وكتب في ذلك كثير من العلماء حتى ابن كثير في تفسيره كان قد عقد فصلًا كبيرًا في فضائل القرآن ولم يُطبع مع الكتاب وطُبِعَ منفصلًا، ولكن هناك طبعة جديدة في 8 مجلدات طبعتها دار طيبة قدموا للتفسير بكتاب فضائل القرآن لابن كثير عليه رحمة الله. والحقُ أن القرآن له فضائل كثيرة جدًا لا تُعد ولا تُحصى ما عَده البشر هذا مما فتح الله به لأن هذا كلام الله عز وجل وفضائله كثيرة.


    القول في أحاديث فضل بعض السور
    وأما الحديث الوارد عن أُبى بن كعب في تفصيل فضائل القرآن سورة سورة فهذا حديث موضوع باتفاقِ أهل العلم. وإنما جاء في فضل الفاتحة أحاديث، وجاء في فضل البقرة، أحاديث وجاء في فضل البقرة مع آل عمران أحاديث، وجاء في فضل السبعِ الطول أحاديث، وجاء في فضل قل هو الله أحد، هناك من السور والآيات ما فيه أحاديث تُبين فضلها وعلى المسلم أن يتحرى في نقله لمثل هذا لإن هذا لا يجوز إلا بنصٍ صريح صحيح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- لا يثبتُ فضلٌ لشئٍ بأجرٍ معين إلا بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
    ونقول القرآن كله فضائل ولكن ورد في بعض الآيات كآية الكرسي؛ في بعض السور كما ذكرنا من السور وردت أحاديثُ صحيحة فيها فضل للقرآن فيلتمس في ذلك الحديث الصحيح ولنا فيه غُنية عن غيرهِ لأن هذا الباب فيه أحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة.


    مبحث فضل تلاوة القرآن
    من المباحث التي ربما يشترك فيها علوم القرآن وغيره فضل تلاوة القرآن؛ وهذا طبعًا فيه أحاديث كثيرة ما من مسلم إلا ويحفظ في ذلك أشياء ولا نحتاج إن شاء الله لسرد لأن هذه المقدمة التي نقولها إنما هي في إجمال عن علوم القرآن.


    مبحث الوحي
    من المباحث التي تحدث عنها العلماء أيضًا الوحي فعَرَّفوا الوحي وتكلموا عن الوحي؛ وحى الله عز وجل إلى ملائكته ووحي الله تبارك وتعالى إلى رسله، وكيفية الوحي إلى الملائكة وكيفية الوحي إلى الرسل، ولعل الآية في آخر سورة الشورى تختصر ما كان من إرسال الرسل " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ"الشورى:51


    تعريف الوحي ومعانيه في القرآن
    الوحي في القرآن يُطلق ويُراد به معانٍ؛ الوحي في اللغة معناه الإعلام الخفي السريع
    1- هناك الوحي بمعنى الإلهام الفطري وهذا كما قال الله عز وجل"وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ"القصص:7 فهذا بمعنى الإلهام ألهمنا أم موسى أن ترضعه يعنى قذف الله في قلبها هذا الإلهام أنها ترضعه "فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين" القصص:7 وليس هذا وحى الرسالات ولا وحى النبوة وإنما النبوة والرسالات في الرجالِ " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم"يوسف:109 فلم تكن أم موسى نبية ولم تكن أيضًا مريم عليها رضوان الله نبية وقال الله في حقها " وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ"المائدة:75 ومرتبة الصديقية بعد مرتبة النبوة، قد قال الله عز وجل " وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ"النساء:69 هذا الإلهام الفطري
    2- هناك إلهام غريزي هو ما ألهم الله عز وجل بهِ الحيوان كما قال تبارك وتعالى" وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ"النحل:68 فمملكة النحل مملكة عجيبة جداً ونظامها وما تقوم به من بناء بيتها وكيفيتها أمر عجب، فمن فعلًا يقف على تفاصيل ذلك لا يسعه إلا أن يقول سبحان الذي " َأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" النحل:68

    3- الوحي بمعنى الإشارة السريعة كما قال زكريا عليه السلام حكي الله عنه أنه قال " قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّاتُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً*فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً*"مريم:10:11 الوحي هنا معناه الإشارة السريعة لأن من آيات الله عز وجل لسيدنا زكريا في هذه الأيام أنه لا يتكلم، لسانه لا ينطق إلا بالذكر، ما يستطيع أن يتكلم هذه آية من آيات الله التي أعطاها لزكريا عندما طلب هو آية " قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّاتُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً"مريم:10 وفي سورة آل عمران " ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً "آل عمران:41 إذن الذكر هنا لا يُمتنع منه " وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً " فما طلب الله من عباده شيئًا كثيرًا إلا الذكر " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً "الأحزاب:41 فالإشارة السريعة كما قال الله عز وجل حكايةً عن زكريا " فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً "مريم:11
    4- أيضًا من الإطلاقات للوحي وسوسة الشيطان في نفس الإنسان " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً "الأنعام:112 فوسوسة الشيطان في نفس الإنسان جاءت في القرآن أيضًا بلفظ الوحي " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً " الأنعام:112 وأذكر هنا أيضًا قصة ظريفة كانت في عهدِ ابن عمر خرج رجل سبحان الله لا أذكر اسم الرجل إدعى النبوة؛ إدعى أنه يوحى إليه، وكان هذا الرجل أخو صفية زوجة ابن عمر - المختار العبيدى إدعى النبوة في عصر الصحابة فجاء الرجل وقال لابن عمر وأيضًا وردت هذه عن ابن عباس قال له المختار يزعُم أنه يوحى إليه قال صدق " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً " الأنعام:112 يعنى شياطين الإنس والجن.
    5- الإطلاق الخامس ما يلقيه اللهُ تعالى إلى ملائكتهِ من أمر ليفعلوه كما قال ربنا تبارك و تعالى"إذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ"الأنفال:12

    أما الوحي في شرع اللهِ تبارك وتعالى فهو كلامُ الله تعالى المنزل على نبي من أنبيائه أو رسول من رسله طبعًا أنبياء الله كثيرة ورسل الله كثيرة وقد قال ربنا تبارك وتعالى "مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ"غافر:78

    كيفية الوحي إلى الملائكة وكيفية وحى الله إلى رسله هذه من المباحث التي ذكرها أيضًا العلماء في هذا الباب.


    جمع القرآن
    وأيضًا من مباحث علوم القرآن جمع القرآن وقد كان الجمع على أيام النبي –صلى الله عليه وسلم- في الصدور وفي السطور. كان للنبي –صلى الله عليه وسلم كتبة للوحي فكان إذا جاءه الوحي استدعى هولاء وأملى عليهم ما نزل عليه فيكتبونه، وكانوا طبعًا في العموم يحفظون ما يكتبون، فجُمع القرآن في السطور وفي الصدور.
    وكان الصحابة رضوان الله عليهم يجلسون لتعليم القرآن وكذلك أخذ عنهم التابعون ثم التابعون نقلوه إلى من بعدهم حتى انتهى إلينا كما ذكرنا متواترًا كأنه نزل الآن غضًا طريا. هذا كان الجمع الأول في السطور والصدور ولم يكن جمعًا لمصحف كاملٍ في مصحفٍ واحد.


    - جمع القرآن في عهد أبى بكر الصديق –رضي الله عنه-
    كثر القتل في حفظة القرآن في حرب اليمامة فجاء عمر إلى أبى بكر وقال "أرى أن تجمع القرآن مخافة أن يُقتل أو يموت حفظة القرآن فلا يُنقل إلى الناس" أو كما قال رضي الله عنه فقال أبو بكر "لا أفعل شئ لم يفعلهُ النبي –صلى الله عليه وسلم-" ألح عمر عليه وقال واللهِ إنه لخير، ومع إلحاح عمر شرح الله صدر أبى بكر لذلك فاستدعى زيد بن ثابت –رضي الله عنه- وكان من الأنصار وكان من حفظة كتاب الله وكاتبًا لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يجمع القرآن فجمعه طبعًا من الألواح واللُخف وما كان من أدوات الكتابة في عصره وأيضًا من الصدور يعنى كان يسأل الصحابة رضوان الله عليهم حتى جمع القرآن في مصحف واحد بالأحرف السبعة فكان جمع القرآن في عهد أبى بكر بسبب أنه قد كثر القتل في حفظة القرآن وليجمع القرآن في مصحف واحد بالأحرف السبعة.


    - في عهد عثمان
    جاء حذيفة بعد أن كان مجاهدًا في الشام فلما رجع إلى عثمان قال أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في كتاب الله عز وجل فجُمع القرآن في عهد عثمان جمعًا أخيرًا وهو الذي بقى حتى يومنا هذا، والمعروف بالمصحف الإمام. فجمع عثمان القرآن على حرف قريش ليجمع الناس عليه ولا يختلفوا. ووزع هذه المصاحف نسخ منها نسخًا ووزعها على الأمصار وكان ذلك بسبب إن المسلمين اختلفوا في القراءة بعد أن نقلوا ما كانوا يسمعونه من الصحابة في لقاءاتهم في الجهاد وسمع ذلك منهم حذيفة –رضي الله عنه- فجاء إلى عثمان وقال له أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى فكان هذا الجمع في عصرِ عثمان –رضي الله عنه-.

    إذن الجمع أول كان في عصر النبي، الجمع الثاني كان في عهد أبى بكر، الجمع الثالث كان في عصر عثمان وهو الذي انتهى إلينا الكتاب المعروف بالمصحف الآن وهو كلام الله تبارك وتعالى. واجتمع عليه الصحابة ولم يختلفوا على ذلك فلا شبهة في أنه كلام الله سبحانه جل في علاه.


    طبعًا المباحث كثيرة ولكن هذه إن شاء الله نبذة سريعة عن بعضِ هذه العلوم وعن علوم القرآن بصفةً عامة أسأل الله تعالى أن يعلمنا وإياكم ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا من فضله علما إنه ولىُ ذلك والقادر عليه. والى لقاء آخر إن شاء الله أسأل الله لي ولكم التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:

    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    تم بحمد الله
    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزاك الله خيرا اخيتي
      وبارك الله في مجهودك
      عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

      تعليق


      • #4
        رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

        المشاركة الأصلية بواسطة سهير(بنت فلسطين) مشاهدة المشاركة
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        جزاك الله خيرا اخيتي
        وبارك الله في مجهودك
        اللهم آمين وإياكم اختنا
        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق


        • #5
          رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

          جزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم

          تعليق


          • #6
            رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

            "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
            وتولني فيمن توليت"

            "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

            تعليق


            • #7
              رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

              المشاركة الأصلية بواسطة *أمة الرحيم* مشاهدة المشاركة
              جزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم
              المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة
              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
              اللهم آمين وإياكم
              اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

              تعليق


              • #8
                رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الرابع (نبذة ومقدمة عن علوم القرآن) :: دورة بصائر العلمية 2

                جزاكم الله كل خير
                ذَرَفْنَا الدَّمْعَ مِدْرَارا لِكَي تمَحُو خَطَايَانَا..وَعُدْنَا اليَوم أطْهَارا فَنُورُ الله أَحْيَانَا..هَجَرْنَا الذَّنْبَ لَنْ نَرْجِع..إِلى العِصْيَانِ رَبَّاهُ.

                تعليق

                يعمل...
                X