لماذا رمضان؟! الآن إبدأ رحلة التغيير
رمضان شهر مُناسب للتَّغْيِير بالذَّات على المستوى الإيماني والعمل الصالح والسلوك الفاضل، فهو موسم للطاعات وأجرها مضاعف، وفيه عوامل متعدِّدة تساعد على التغيير مثل:
1 – كسر العادات: من المعروف أنَّه عندما تكسر العادة يكون كسرُ غيرِها أسهلَ، وكلَّما كان نَمَط حياتك واحدًا كلَّما صعب تغييره، ولهذا في رمضان يتغيَّر نَمَط حياتك بفريضة الصيام لهذا يكون التغيير سهلاً ميسورًا.
2 – الدَّاعي إلى الخير أقوى: ففي رمضان تصفَّدُ الشَّياطين ويفتح مجال الداعي إلى الخير؛ يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ، يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، أقصِرْ، ولِلَّه عُتقاء من النار وذلك كل ليلة))؛ رواه الترمذي، وهل هناك أفضل من هذه الظروف؟
3 – يرتفع مستوى الإيمان: وهذا عند أغلب الناس خلال شهر رمضان، بسبب الجو الإيماني، وفريضة الصوم، ولهذا يسهل التغيير في هذا الشهر الكريم.
4 – رمضان شهر نصر للمسلمين: والمسلم أولى بالانتصار على شهوات نفسه خلال الشهر ومن ثم كسر حدَّتها بقية الشهور.
5 – الصوم بحد ذاته يعطيك شعورًا حقيقيًّا بقدرتك على كبح جماح النفس وتغيير عاداتك، وهذا يقوي إرادتك؛ فإذا كنتَ عازمًا على أن تكون أفضل فعليك بهذه الفرصة السانحة انتهزها.
الآن حدِّدْ: ما هدفُك؟
التَّغْيير يُمكن أن يشمل أيَّ شيء لكنْ عليْكَ في بداية هذا الشهر الكريم أن تُحَدِّدَ أهدافًا تبلغها في آخِره وعليْكَ بالتَّفْكِير مليًّا قبل أن تلتَزِم بِهذه الخُطَّة.
أولاً: عليك أن تجري مسحًا حول حياتك وعلاقاتك، مع الله، مع نفسك، مع بيتك، مع أقاربك والناس، مع جسدك، مع عملك، مع تعلمك وتطورك.
ثانيًا: ابحث عن هدفٍ يُمكنُك الاستمرار عليه بعد رمضان، فرمضان شهر خير عميم، والمسلم فيه ذو خير كثير لكن عليك إضافة إلى العبادة الخاصَّة برمضان إضافة الأهداف التي تسعى أن تبقَى عليْها في غير رمضان.
ثالثًا: ابدأ من حيثُ تكون أنت لا من حيثُ يكون الآخرون؛ فإذا كنت تقرأ صفحتين من القرآن يوميًّا فأضِفْ ثالثة ولا تُقارِنْ نفسَك بِمن يقرأ جزءًا في اليوم مثلاً.
رابعًا: حاول أن تتحسَّن في معظم أمورك ولو تدريجيًّا؛ وبتعبيرٍ بسيط: علماء التغيير يقولون: إنَّ كلَّ تغيير، ولو كان بسيطًا، يجرُّ معه تغييرات كثيرة في ذات الاتجاه، فحاول وضع أهداف معقولة لكثير من شؤونك ليصلح حالك بإذن الله.
خامسًا: يمكن وضع إطار للتغيير لا تقلُّ النتائج عنه ووضع حدٍّ أعلى تهدف إليه؛ فيمكن مثلاً أن تهدف إلى أن تصلِّي 7 ركَعَات كل ليلة كقيام لليل، لكن لا تسمح لنفسك أن تكون أقل من 3 مثلاً كحد أدنى.
سادسًا: لا تنتظِرْ من الآخرين مُساندتَك دائمًا، بل خطِّطْ لِلتَّغيير اعتِمادًا على الله ثُمَّ نفسك؛ لأنَّ الاعتِماد على الآخَرين ومُساندتِهم يَجعلك تعذُر نفسك عن كلِّ تقصير باعتبار أنَّهم لم يقوموا بِما عليهم.
حدد الهدف المناسب
الهدف الناضج:
1 – يكون على أساس النَّتيجة المطلوبة، وليس الجهود، فيكون الهدف هو "أن أكون مُحافِظًا على الصلاة أكثر"، وليس الهدف "مُحاولة أن أحافِظ على الصلاة أكثر".
2 – يكون محددًا: فلا يكفي أن تقول: "هدفي أن أكون محافظا على الصلاة أكثر"، بل أن تجعل هذا الأمر محددًا؛ وذلك بأن تحدد مثلاً "أن أؤدي كل صلاة في وقتها"، هذا إذا كنت من المفرطين في ذلك، أو تقول: "أن أصلِّي كلَّ صلاة جَماعة في المسجد (للرجال)" إذا كنت من الذين يصلون في الوقت ولكن ليس في المسجد.
وإذا كنت أفضل حالاً فيُمْكِنك أن تقول: "هدفي أن أُدْرِك تكبيرةَ الإحرام 3 صلواتٍ يوميًّا على الأقلِّ مع الإمام"، والبقية طبعًا تكون في المسجد مع الجماعة، وهكذا تَحديد الهدف بصورة واضحة يسهل عليك الوصول إليه ومحاسبة نفسك على ذلك.
3 – أن يكون لتحقيق النتيجة المحددة مدة زمنية محددة، فلا تقل: "سأكون أفضل السنة القادمة أو أكون أفضل من الماضي"، بل أن تقول: "خلال 3 أشهر سأقوم بتحقيق هذا الهدف المحدد، أو خلال رمضان سأحقق هذا".
4 – أن يكون الهدف قابلاً للقِياس بقدر المستطاع؛ فلو كنتَ تُحاول التقليل من وقوعك في الغيبة والنميمة فلا بدَّ أن تضع لنفسك مقياسًا تدونه كل يوم وسنشْرَحُ هذا لاحِقًا.
5 – أن يكون الهدف مهمًّا لديْك كي لا تستحقِره وتتهاون فيه ثُمَّ تفشل ويترسَّخ ذلك في ذهنك "أنك فاشل".
6 – أن يكون الهدف قابلاً للتحقيق وواقعيًّا، لا هدفًا مثاليًّا مستحيلاً.
أخيرًا.. ما تَمَّ تَحقيقه
من المفترض الآن أنَّك كونت فكرة عامة عن ما يمكنك القيام به لتغيير ما تريد تغييره، وأنك كونت إرادة قويَّة في اتجاه إيجابيٍّ لاستغلال رمضان في ذلك، وأنك بدأت تحاور نفسك حول بعض الأهداف التي قد تكون مناسبة لك وترغب في تحقيقها خلال هذا الشهر الكريم.
أقترح عليك أن تكتب الأشياء التي تُؤذيك في قرارة نفسك وتريد تغييرها، أو أهدافك الأخرى التي تود تحقيقها.
مثلاً: فكر بالأمور التالية، وهل تناسبك كأهداف؟!
- تحسين صلاتك إما بأدائها جماعة أو إدراك تكبيرة الإحرام أو التبكير إلى المسجد.
- الحفاظ على الورد اليومي وورد النَّوم.
- قراءة القرآن يوميًّا.
- طلب العلم الشرعي الضروري لك إما باستماع الأشرطة أو قراءة كتب محددة وبإطار زمني محدد.
- أن تصبح واصلاً للرحم وبارًّا بوالديك، ووضع مقياس محدد لذلك.
- أن تحسن علاقتك مع زوجك/ زوجتك وأولادك وبناتك، وكذلك وضع مقياس محدد لذلك.
- أن تخطط للالتزام بشيء من النوافل/ صوم/ صدقة/ صلاة/ دعاء بظهر الغيب/ تعليم الناس.
- أن تقلل من صفات لا تحبها مثل شح النفس، سوء الظن، والبخل، الغيبة، النميمة، الكذب، وغيرها.
الآن ابدأ رحلة التغيير
- إذا وصلت إلى مستوى إرادة جيد لتغيير بعض شؤون حياتك خلال هذا الشهر الكريم.
- حدد هدفًا أو أهدافًا بعينها للتغيير.
- وعليك أن تبدأ رحلة التغيير والوسائل المعينة لك لمواصلة هذه الرحلة.
ولبدء التغيير أنت بحاجة إلى:
1 – هدفٍ واضح وصريح.
2 – مدى زمني محدد.
3 – طريقة متابعة وتقييم تساعدك على تحقيق الهدف خلال الفترة الزمنية المحددة.
4 – أن تكونَ الأهداف جيدة.
وإليك أمثلة للأهداف الجيدة وغير الجيدة فيما يلي:
أن أصلي الصلوات الخمس في وقتها يوميًّا
* لاحظ التَّحديد بالتفصيل (الهدف عملي ويمكن قياسه).
كيف تتابع التغيير؟!
أي سلوك تحتاج لتغييره أو تهدف أن تتمسَّك به عليك مراقبته بواسطة مذكرة أو جدول يومي، وهذا يمكن أن يكون عبارة عن:
- عبارة واحدة وأبواب عليها مثل:
قراءة القرآن - تمت
ويكون الجدول يوميًّا كما في المثال أدناه
- أو أن يكون جدولاً تفصيليًّا، وإليك نموذجًا لموضوع مثل الصلاة:
أو أن يكون جدولاً يشمل عدَّة أمور ويعطي كل شيء درجة من 10، على أن تكون العشرة: هي أفضل شيء ممكن، وصفر: لم يتم عمل شيء.
اليوم
فمثلاً تكون قراءة جزء كامل من القرآن 10 ونصف جزء 5، وكف اللسان يتم تقديرها بينك وبين نفسك وكذلك غض البصر، أمَّا صِلة الرَّحِم فَتَضَعُ لَها تصوُّرًا إمَّا بزيارة يوميًّا وتستحقُّ 10 أو مكالمة وتكون الدرجة 5 أو ما شابه ذلك.
والمقصود بالجدول:
1 – معرفة واقعِك على حقيقتِه وبقياس محدَّد؛ لأنَّ الكثير منَّا يعتقِد مثلاً أنَّه يقرأ القرآن كثيرًا، لكن إذا قاس ذلك بالجدول وجد أنه لا يقرأُ القرآن بالحد الذي كان يتوقعه.
وكذلك إدراك تكبيرة الإحرام أو صلاة الجماعة يعتقد أكثَرُنا أنَّه يواظب عليها، لكن إذا قام بمراقبة ذلك بشكل دقيق وجد أنَّه غير مصيب أو مبالغ فيما يظن أنه يفعله.
2 – متابعة السلوك بشكل دقيق إلى حدٍّ ما، وهذا بحدِّ ذاته من شأنه أن يساعد في تَحسين السلوك؛ لأنَّك إذا فتحتَ الجدول ووجدت أنَّك لم تقرأ القرآن أمسِ تَحمَّست أكثر للقراءة، وكذلك الامتناع عن المعاصي، حينما تمتنع وترى ذلك في الجدول يصيبك نوع من الفخر والقدرة أيضًا وإن وجدت أنَّك عدت إلى سلوكك تكرارًا ومرارًا زادت همتك وتحمَّست للتغيير وللمحاولة مرَّة أخرى في حال صدق العزيمة وعلوِّ الهمة.
أيضا و 3 – التَّقييم المتوازن المرحلي فمثلاً كل أسبوع أو 10 أيَّام يُمكِنُك النَّظر فيما تَمَّ تَحقيقُه وقياس ذلك إمَّا بالنَّظرة العامة للجدول أو بوَضْعِ مقاييس عامة مثل.
- جمع نقاط اليوم.
- جمع نقاط الأسبوع.
المهم:
- أن تضع جدولاً يناسبك ويناسب أهدافك.
- أن تقوم بتعبئته يوميًّا على الأقل.
- أو عند كل مهمة، مثلاً إذا قرأت قرآن تكتب في الجدول أو بعد كل صلاة تكتب ما هو مطلوب منك.
- وكحلٍّ غير مثالي وقد يكون غير دقيق - مما يؤثر على النتائج - يُمكنك تعبئة الجدول قبل النوم مثلاً، لكن هذا غير محبذ عمومًا.
- أحد أسباب الفشل عدم تعبئة الجدول بشكل منتظم
أين تضع الجدول:
احرص على أن يكون الجدول في متناول يدك ويفضل أن يكون في جيبك أو شنطة اليد التي تأخذها معك دائمًا، ويمكن أن يكون الجدول في جهاز جوالك إِن كان مما يمكن برمجتُه أو على طاولتك أو في أي مكان تتردَّد عليه مرارًا وتكرارًا.
وهذه نقطة مهمة لأن الجدول الذي ليس معك أو بعيد عنك يكثر أن تنسى تعبئته ومن ثَمَّ تفقد حَماسك؛ لأنَّك عندما تُهْمِل قليلاً تصاب باليأس أنه لا يمكن النجاح ومن ثم تتوقف بسرعة ولا تكمل المحاولة.
عوائق متوقعة:
1 – هدف غير واضح.
2 – هدف غير مناسب.
3 – عدم القدرة على فهم الجدول.
4 – نسيان الجدول.
5 – تغيير الهدف مرات متعددة.
6 – عدم التركيز في عملية التغيير.
7 – عدم وجود قناعة كافية من البداية.
8 – الصعوبة في التغيير.
تنبيه:
كل تجربة هي رصيد مهم لك مهما كانت، فعليك أن تستفيد منها وتعتبرها خبرة.
جدول متابعة أداء الصلوات:
* تعليمات المتابعة:
1 – الدرجة لكل فريضة أو أداء عمل 5 درجات.
2 – قدِّر لنفسك من صفر إلى 5 بحسب أداء العمل، مثلاً بالنسبة لصلاة الفريضة:
- أدركت الجماعة مع السنة الراتبة: 5 درجات.
- أدركت الإقامة: 4 درجات.
- فاتتك ركعات: 3 درجات.
- صليت منفردًا: 2 درجة.
- أخرت الصلاة عن وقتها: صفر.
- اجمع مجموع الدرجات نهاية الأسبوع.
تذكر أنَّ المقصود التحسن في إتقان العبادات والقيام بالواجبات وصولاً لتغيير الذات.
* كرِّرِ الجدول على مدار الأسابيع الأربعة في رمضان
جدول متابعة أعمال البر وعبادات أخر:
* تعليمات المتابعة:
الدرجة الكاملة للعمل في اليوم: 5 درجات.
قدر لنفسك من 0 إلى 5 بحسب أداء العمل على أساس أفضل شيء متوقع يساوي 5، وعدم القيام بالعمل تكون الدرجة صفرًا.
* تذكر أنَّ المقصود التحسن في إتقان العبادات والقيام بالواجبات وصولاً إلى تغير الذات.
* كرر الجدول على مدار الأسابيع الأربعة في رمضان
وأذكرك، أخي الكريم أختي الفاضلة بحديث عظيم رواه أهل السنة، وهو كما جاء في صحيح ابن خزيمة من رواية الصحابي الجليل أبو هريرة – رضي الله عنه -: ((أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رقي المنبر فقال: ((آمين آمين آمين))، فقيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا فقال: ((قال لي جبريل: أرغَم الله أنف عبد أو بعد؛ دخل رمضان فلم يغفر له، فقلت آمين، ثم قال: رغم أنف عبد أو بعد، أدرك والديه أو أحدهما؛ لم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد أو بعد؛ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين))؛ صحيح ابن خزيمة 1888.اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين
رمضان شهر مُناسب للتَّغْيِير بالذَّات على المستوى الإيماني والعمل الصالح والسلوك الفاضل، فهو موسم للطاعات وأجرها مضاعف، وفيه عوامل متعدِّدة تساعد على التغيير مثل:
1 – كسر العادات: من المعروف أنَّه عندما تكسر العادة يكون كسرُ غيرِها أسهلَ، وكلَّما كان نَمَط حياتك واحدًا كلَّما صعب تغييره، ولهذا في رمضان يتغيَّر نَمَط حياتك بفريضة الصيام لهذا يكون التغيير سهلاً ميسورًا.
2 – الدَّاعي إلى الخير أقوى: ففي رمضان تصفَّدُ الشَّياطين ويفتح مجال الداعي إلى الخير؛ يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ، يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، أقصِرْ، ولِلَّه عُتقاء من النار وذلك كل ليلة))؛ رواه الترمذي، وهل هناك أفضل من هذه الظروف؟
3 – يرتفع مستوى الإيمان: وهذا عند أغلب الناس خلال شهر رمضان، بسبب الجو الإيماني، وفريضة الصوم، ولهذا يسهل التغيير في هذا الشهر الكريم.
4 – رمضان شهر نصر للمسلمين: والمسلم أولى بالانتصار على شهوات نفسه خلال الشهر ومن ثم كسر حدَّتها بقية الشهور.
5 – الصوم بحد ذاته يعطيك شعورًا حقيقيًّا بقدرتك على كبح جماح النفس وتغيير عاداتك، وهذا يقوي إرادتك؛ فإذا كنتَ عازمًا على أن تكون أفضل فعليك بهذه الفرصة السانحة انتهزها.
الآن حدِّدْ: ما هدفُك؟
التَّغْيير يُمكن أن يشمل أيَّ شيء لكنْ عليْكَ في بداية هذا الشهر الكريم أن تُحَدِّدَ أهدافًا تبلغها في آخِره وعليْكَ بالتَّفْكِير مليًّا قبل أن تلتَزِم بِهذه الخُطَّة.
أولاً: عليك أن تجري مسحًا حول حياتك وعلاقاتك، مع الله، مع نفسك، مع بيتك، مع أقاربك والناس، مع جسدك، مع عملك، مع تعلمك وتطورك.
ثانيًا: ابحث عن هدفٍ يُمكنُك الاستمرار عليه بعد رمضان، فرمضان شهر خير عميم، والمسلم فيه ذو خير كثير لكن عليك إضافة إلى العبادة الخاصَّة برمضان إضافة الأهداف التي تسعى أن تبقَى عليْها في غير رمضان.
ثالثًا: ابدأ من حيثُ تكون أنت لا من حيثُ يكون الآخرون؛ فإذا كنت تقرأ صفحتين من القرآن يوميًّا فأضِفْ ثالثة ولا تُقارِنْ نفسَك بِمن يقرأ جزءًا في اليوم مثلاً.
رابعًا: حاول أن تتحسَّن في معظم أمورك ولو تدريجيًّا؛ وبتعبيرٍ بسيط: علماء التغيير يقولون: إنَّ كلَّ تغيير، ولو كان بسيطًا، يجرُّ معه تغييرات كثيرة في ذات الاتجاه، فحاول وضع أهداف معقولة لكثير من شؤونك ليصلح حالك بإذن الله.
خامسًا: يمكن وضع إطار للتغيير لا تقلُّ النتائج عنه ووضع حدٍّ أعلى تهدف إليه؛ فيمكن مثلاً أن تهدف إلى أن تصلِّي 7 ركَعَات كل ليلة كقيام لليل، لكن لا تسمح لنفسك أن تكون أقل من 3 مثلاً كحد أدنى.
سادسًا: لا تنتظِرْ من الآخرين مُساندتَك دائمًا، بل خطِّطْ لِلتَّغيير اعتِمادًا على الله ثُمَّ نفسك؛ لأنَّ الاعتِماد على الآخَرين ومُساندتِهم يَجعلك تعذُر نفسك عن كلِّ تقصير باعتبار أنَّهم لم يقوموا بِما عليهم.
حدد الهدف المناسب
الهدف الناضج:
1 – يكون على أساس النَّتيجة المطلوبة، وليس الجهود، فيكون الهدف هو "أن أكون مُحافِظًا على الصلاة أكثر"، وليس الهدف "مُحاولة أن أحافِظ على الصلاة أكثر".
2 – يكون محددًا: فلا يكفي أن تقول: "هدفي أن أكون محافظا على الصلاة أكثر"، بل أن تجعل هذا الأمر محددًا؛ وذلك بأن تحدد مثلاً "أن أؤدي كل صلاة في وقتها"، هذا إذا كنت من المفرطين في ذلك، أو تقول: "أن أصلِّي كلَّ صلاة جَماعة في المسجد (للرجال)" إذا كنت من الذين يصلون في الوقت ولكن ليس في المسجد.
وإذا كنت أفضل حالاً فيُمْكِنك أن تقول: "هدفي أن أُدْرِك تكبيرةَ الإحرام 3 صلواتٍ يوميًّا على الأقلِّ مع الإمام"، والبقية طبعًا تكون في المسجد مع الجماعة، وهكذا تَحديد الهدف بصورة واضحة يسهل عليك الوصول إليه ومحاسبة نفسك على ذلك.
3 – أن يكون لتحقيق النتيجة المحددة مدة زمنية محددة، فلا تقل: "سأكون أفضل السنة القادمة أو أكون أفضل من الماضي"، بل أن تقول: "خلال 3 أشهر سأقوم بتحقيق هذا الهدف المحدد، أو خلال رمضان سأحقق هذا".
4 – أن يكون الهدف قابلاً للقِياس بقدر المستطاع؛ فلو كنتَ تُحاول التقليل من وقوعك في الغيبة والنميمة فلا بدَّ أن تضع لنفسك مقياسًا تدونه كل يوم وسنشْرَحُ هذا لاحِقًا.
5 – أن يكون الهدف مهمًّا لديْك كي لا تستحقِره وتتهاون فيه ثُمَّ تفشل ويترسَّخ ذلك في ذهنك "أنك فاشل".
6 – أن يكون الهدف قابلاً للتحقيق وواقعيًّا، لا هدفًا مثاليًّا مستحيلاً.
أخيرًا.. ما تَمَّ تَحقيقه
من المفترض الآن أنَّك كونت فكرة عامة عن ما يمكنك القيام به لتغيير ما تريد تغييره، وأنك كونت إرادة قويَّة في اتجاه إيجابيٍّ لاستغلال رمضان في ذلك، وأنك بدأت تحاور نفسك حول بعض الأهداف التي قد تكون مناسبة لك وترغب في تحقيقها خلال هذا الشهر الكريم.
أقترح عليك أن تكتب الأشياء التي تُؤذيك في قرارة نفسك وتريد تغييرها، أو أهدافك الأخرى التي تود تحقيقها.
مثلاً: فكر بالأمور التالية، وهل تناسبك كأهداف؟!
- تحسين صلاتك إما بأدائها جماعة أو إدراك تكبيرة الإحرام أو التبكير إلى المسجد.
- الحفاظ على الورد اليومي وورد النَّوم.
- قراءة القرآن يوميًّا.
- طلب العلم الشرعي الضروري لك إما باستماع الأشرطة أو قراءة كتب محددة وبإطار زمني محدد.
- أن تصبح واصلاً للرحم وبارًّا بوالديك، ووضع مقياس محدد لذلك.
- أن تحسن علاقتك مع زوجك/ زوجتك وأولادك وبناتك، وكذلك وضع مقياس محدد لذلك.
- أن تخطط للالتزام بشيء من النوافل/ صوم/ صدقة/ صلاة/ دعاء بظهر الغيب/ تعليم الناس.
- أن تقلل من صفات لا تحبها مثل شح النفس، سوء الظن، والبخل، الغيبة، النميمة، الكذب، وغيرها.
الآن ابدأ رحلة التغيير
- إذا وصلت إلى مستوى إرادة جيد لتغيير بعض شؤون حياتك خلال هذا الشهر الكريم.
- حدد هدفًا أو أهدافًا بعينها للتغيير.
- وعليك أن تبدأ رحلة التغيير والوسائل المعينة لك لمواصلة هذه الرحلة.
ولبدء التغيير أنت بحاجة إلى:
1 – هدفٍ واضح وصريح.
2 – مدى زمني محدد.
3 – طريقة متابعة وتقييم تساعدك على تحقيق الهدف خلال الفترة الزمنية المحددة.
4 – أن تكونَ الأهداف جيدة.
وإليك أمثلة للأهداف الجيدة وغير الجيدة فيما يلي:
أهداف جيدة
أهداف غير جيدة
أن أصلي
أن أدرك تكبيرة الإحرام مع الجماعة ثلاث مرات يوميًّا
أن أدرك تكبيرة الإحرام
أن أزور قريبًا لصلة الرحم
أن أصل رحمي
أن أصلي على جنازة مرة أسبوعيًّا
أن أصلي على الجنائز
أن لا أغتاب أحدًا أبدًا
أن أخفف من الغيبة
أن أصلي 3 ركعات وتر يوميًّا
أن أصلي الوتر
* لاحظ التَّحديد بالتفصيل (الهدف عملي ويمكن قياسه).
كيف تتابع التغيير؟!
أي سلوك تحتاج لتغييره أو تهدف أن تتمسَّك به عليك مراقبته بواسطة مذكرة أو جدول يومي، وهذا يمكن أن يكون عبارة عن:
- عبارة واحدة وأبواب عليها مثل:
قراءة القرآن - تمت
ويكون الجدول يوميًّا كما في المثال أدناه
اليوم
قراءة القرآن
المقدار
السبت
جزء/ حزب
الأحد
- أو أن يكون جدولاً تفصيليًّا، وإليك نموذجًا لموضوع مثل الصلاة:
اليوم
الصلاة
في وقتها
جماعة
تكبيرة إحرام
1 رمضان
الفجر
1 رمضان
الظهر
1 رمضان
العصر
1 رمضان
المغرب
1 رمضان
العشاء
2 رمضان
الفجر
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
أو أن يكون جدولاً يشمل عدَّة أمور ويعطي كل شيء درجة من 10، على أن تكون العشرة: هي أفضل شيء ممكن، وصفر: لم يتم عمل شيء.
أعمال
الصلاة
1 – 10
قراءة القرآن
1 – 10
غض البصر
1 - 10
كف اللسان
1 – 10
صلة الرحم
1 – 10
السبت 1/ 9
8/ 10
5/ 10
5/ 10
6/ 10
9/ 10
فمثلاً تكون قراءة جزء كامل من القرآن 10 ونصف جزء 5، وكف اللسان يتم تقديرها بينك وبين نفسك وكذلك غض البصر، أمَّا صِلة الرَّحِم فَتَضَعُ لَها تصوُّرًا إمَّا بزيارة يوميًّا وتستحقُّ 10 أو مكالمة وتكون الدرجة 5 أو ما شابه ذلك.
والمقصود بالجدول:
1 – معرفة واقعِك على حقيقتِه وبقياس محدَّد؛ لأنَّ الكثير منَّا يعتقِد مثلاً أنَّه يقرأ القرآن كثيرًا، لكن إذا قاس ذلك بالجدول وجد أنه لا يقرأُ القرآن بالحد الذي كان يتوقعه.
وكذلك إدراك تكبيرة الإحرام أو صلاة الجماعة يعتقد أكثَرُنا أنَّه يواظب عليها، لكن إذا قام بمراقبة ذلك بشكل دقيق وجد أنَّه غير مصيب أو مبالغ فيما يظن أنه يفعله.
2 – متابعة السلوك بشكل دقيق إلى حدٍّ ما، وهذا بحدِّ ذاته من شأنه أن يساعد في تَحسين السلوك؛ لأنَّك إذا فتحتَ الجدول ووجدت أنَّك لم تقرأ القرآن أمسِ تَحمَّست أكثر للقراءة، وكذلك الامتناع عن المعاصي، حينما تمتنع وترى ذلك في الجدول يصيبك نوع من الفخر والقدرة أيضًا وإن وجدت أنَّك عدت إلى سلوكك تكرارًا ومرارًا زادت همتك وتحمَّست للتغيير وللمحاولة مرَّة أخرى في حال صدق العزيمة وعلوِّ الهمة.
أيضا و 3 – التَّقييم المتوازن المرحلي فمثلاً كل أسبوع أو 10 أيَّام يُمكِنُك النَّظر فيما تَمَّ تَحقيقُه وقياس ذلك إمَّا بالنَّظرة العامة للجدول أو بوَضْعِ مقاييس عامة مثل.
- جمع نقاط اليوم.
- جمع نقاط الأسبوع.
المهم:
- أن تضع جدولاً يناسبك ويناسب أهدافك.
- أن تقوم بتعبئته يوميًّا على الأقل.
- أو عند كل مهمة، مثلاً إذا قرأت قرآن تكتب في الجدول أو بعد كل صلاة تكتب ما هو مطلوب منك.
- وكحلٍّ غير مثالي وقد يكون غير دقيق - مما يؤثر على النتائج - يُمكنك تعبئة الجدول قبل النوم مثلاً، لكن هذا غير محبذ عمومًا.
- أحد أسباب الفشل عدم تعبئة الجدول بشكل منتظم
أين تضع الجدول:
احرص على أن يكون الجدول في متناول يدك ويفضل أن يكون في جيبك أو شنطة اليد التي تأخذها معك دائمًا، ويمكن أن يكون الجدول في جهاز جوالك إِن كان مما يمكن برمجتُه أو على طاولتك أو في أي مكان تتردَّد عليه مرارًا وتكرارًا.
وهذه نقطة مهمة لأن الجدول الذي ليس معك أو بعيد عنك يكثر أن تنسى تعبئته ومن ثَمَّ تفقد حَماسك؛ لأنَّك عندما تُهْمِل قليلاً تصاب باليأس أنه لا يمكن النجاح ومن ثم تتوقف بسرعة ولا تكمل المحاولة.
عوائق متوقعة:
1 – هدف غير واضح.
2 – هدف غير مناسب.
3 – عدم القدرة على فهم الجدول.
4 – نسيان الجدول.
5 – تغيير الهدف مرات متعددة.
6 – عدم التركيز في عملية التغيير.
7 – عدم وجود قناعة كافية من البداية.
8 – الصعوبة في التغيير.
تنبيه:
كل تجربة هي رصيد مهم لك مهما كانت، فعليك أن تستفيد منها وتعتبرها خبرة.
جدول متابعة أداء الصلوات:
اليوم
الفجر
الظهر
العصر
المغرب
العشاء
السنن الرواتب
التراويح
المجموع الكامل 40 درجة
السبت
الأحد
الاثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة
* تعليمات المتابعة:
1 – الدرجة لكل فريضة أو أداء عمل 5 درجات.
2 – قدِّر لنفسك من صفر إلى 5 بحسب أداء العمل، مثلاً بالنسبة لصلاة الفريضة:
- أدركت الجماعة مع السنة الراتبة: 5 درجات.
- أدركت الإقامة: 4 درجات.
- فاتتك ركعات: 3 درجات.
- صليت منفردًا: 2 درجة.
- أخرت الصلاة عن وقتها: صفر.
- اجمع مجموع الدرجات نهاية الأسبوع.
تذكر أنَّ المقصود التحسن في إتقان العبادات والقيام بالواجبات وصولاً لتغيير الذات.
* كرِّرِ الجدول على مدار الأسابيع الأربعة في رمضان
جدول متابعة أعمال البر وعبادات أخر:
أعمال البر
السبت
الأحد
الاثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة
قراءة القرآن
حفظ اللسان
غض البصر
صلة الرحم: الوالدين/ الأسرة
الصدقة
زيارة مريض
اتباع جنازة
أعمال أخرى
* تعليمات المتابعة:
الدرجة الكاملة للعمل في اليوم: 5 درجات.
قدر لنفسك من 0 إلى 5 بحسب أداء العمل على أساس أفضل شيء متوقع يساوي 5، وعدم القيام بالعمل تكون الدرجة صفرًا.
* تذكر أنَّ المقصود التحسن في إتقان العبادات والقيام بالواجبات وصولاً إلى تغير الذات.
* كرر الجدول على مدار الأسابيع الأربعة في رمضان
خاتمة وذكرى
تعليق