السلام عليكم
قد يتصوَّر البعض أن الله تعالى يحبه؛ لأنه يستجيب لدعائه ويُعطيه كل ما سأل .. ولا يعلم أن الله تعالى يُعطي من يُحب ومن لا يحب ..
فقد استجاب لدعاء إبليس عندما سأله {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (*) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}[الأعراف: 14,15]
يقول ابن القيم "وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه. ويكون منعه منها، لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانةً وحفظًا لا بخلاً، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ويراه يقضي حوائج غيره فيسيء ظنه بربِّه وهذا حشو قلبه ولا يشعر به والمعصوم من عصمه الله" [مدارج السالكين (1:79)]
مثال ذلك: شخص يُلِح في الدعـــاء لكي يرزقه الله أموالاً طائلة، فإذا أعطاه الله تلك الأموال انشغل بها عن طاعة ربِّه سبحانه وتعالى وتوقف عن الدعـــاء .. وهكذا الحال مع كل نعمة يطلبها العبد، فينشغل بها ربِّه عزَّ وجلَّ ..
قال أبو حبيب لسفيان الثوري: "يا سفيان، منع الله عطاء وذلك أنه لايمنع من بخل ولا عدم، إنما منعه نظر واختبار" [حلية الأولياء (3:491)]
فالله سبحانه وتعالى كريــــم، قادر على أن يعطي ما يشـــاء لمن يشـــاء .. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: 82]
واللطف نوعان: ظاهر وباطن ..
اللطف الظاهر .. الذي تكون حكمته ظاهرةً لك .. كأن تتوقف عن عبور الطريق في لحظة، وفي النفس اللحظة يحدث حادث في المكان الذي من المُفترض أن تكون واقفًا فيه .. فهذا لطفٌ ظاهري، قد اتضحت لك فيه حكمة الله عزَّ وجلَّ وحفظه لك.
أما اللطف الباطن .. الذي لا تعرف كنهه ولا تتوصل إلى الحكمة منه .. كأن يبتلي الله العبد بمرضٍ ما، فيكون هذا المرض سببًا في تقربه أكثر من ربِّه وزيادة إيمانه .. فصار البلاء في حقه نعمة، مع إن بعض الناس قد لا يدري الحكمة من الابتلاء فيتعذَّب.
وإن أردت أن تعرف إن كان الله تعالى يحبك أم يكرهك، فعليك أن تنظر إلى أمرين:
أولاً: الأمور التي يحبها الله تعالى فيك .. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" [رواه مسلم]
ثانيًا: الأمور التي يكرهها الله تعالى فيك .. ومن الأمور التي يكرهها الله عزَّ وجلَّ:
1) أن تتكاسل عن عمل ما يحبه الله، بينما تسارع لعمل ما تحبه أنت ..
فإذا نادى المؤذن "حي على الصلاة"، تكاسلت وتباطئت في الذهاب إلى المسجد .. إنما إذا قيل لك سيتم توزيع أموال في المسجد، لذهبت مسرعًا!
2) أن تحب ما يكرهه، أو تكره ما يحبه .. وهذه أخطر من الأولى.
ومن علامات الإيمان: أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته، إذا عَلِم أن الله يكرههُ .. فتصير لذته فيما يرضى مولاه وإن كان مخالفًا لهواه، ويكون ألمه فيما يكرهُ مولاه وإن كان موافقًا لهواه. وإذا كان هذا فيما حُرِم لعارض الصوم من الطعام والشراب ومباشرة النساء، فينبغي أن يتأكد ذلك فيما حُرِمَ على الإطلاق: كالزنا وشرب الخمر وأخذ الأموال أو الأعراض بغير حق وسفك الدماء المحرمة، فإن هذا يسخط الله على كل حال وفي كل زمان ومكان.
فإذا كَمُلَ إيمان المؤمن، كره ذلك كله أعظم من كراهته للقتل والضرب .. ولهذا جعل النبي صلى الله عليه و سلم من علامات وجود حلاوة الإيمان أن "يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"[رواه الترمذي وصححه الألباني] .. وقال يوسف عليه السلام: {.. رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ..}[يوسف: 33]. [لطائف المعارف (1:168)]
ولهذا أشتمل الصيـــام على أرقى المعاني؛ لأن العبد يترك ما يحب لأجل الله عزَّ وجلَّ ..
والله عزَّ وجلَّ يحب العبد الذي يضحي بشهوته؛ لأجل طاعة ربِّه ومرضاته .. كالعبد الذي آثر الوقوف بين يدي مولاه على شهوته، مع أنه لن يأثم بتركه لقيـــام الليل .. عن أبي الدرداء : عن النبي قال: "ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم .." ومنهم: "والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل. فيقول: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد"[رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (629)] ..
فأحبه الله وضَحِك له، وقد قال " .. فإذا ضَحِكَ ربُّك إلى عبدٍ في موطن فلا حساب عليه"[رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني]
هل يحبك الله؟
قد يتصوَّر البعض أن الله تعالى يحبه؛ لأنه يستجيب لدعائه ويُعطيه كل ما سأل .. ولا يعلم أن الله تعالى يُعطي من يُحب ومن لا يحب ..
فقد استجاب لدعاء إبليس عندما سأله {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (*) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}[الأعراف: 14,15]
فاستجابة الدعـــاء ليست شرطًا للمحبة ..
يقول ابن القيم "وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه. ويكون منعه منها، لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانةً وحفظًا لا بخلاً، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ويراه يقضي حوائج غيره فيسيء ظنه بربِّه وهذا حشو قلبه ولا يشعر به والمعصوم من عصمه الله" [مدارج السالكين (1:79)]
وقد يعطي الله العبد؛ لكي يطرده عن بــــــابه ..
مثال ذلك: شخص يُلِح في الدعـــاء لكي يرزقه الله أموالاً طائلة، فإذا أعطاه الله تلك الأموال انشغل بها عن طاعة ربِّه سبحانه وتعالى وتوقف عن الدعـــاء .. وهكذا الحال مع كل نعمة يطلبها العبد، فينشغل بها ربِّه عزَّ وجلَّ ..
فإذا أعطـــاك ما يُبعدك ويشغلك عنه، فهذا يعني أنه يكرهك ولا يريدك ..
وإن أعطاك ما يقربك منه ويجعلك تزداد إيمانًا وطاعةً له سبحانه، فهذا يعني أنه يحبك.
قال أبو حبيب لسفيان الثوري: "يا سفيان، منع الله عطاء وذلك أنه لايمنع من بخل ولا عدم، إنما منعه نظر واختبار" [حلية الأولياء (3:491)]
فالله سبحانه وتعالى كريــــم، قادر على أن يعطي ما يشـــاء لمن يشـــاء .. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: 82]
وعندما يمنع عنك مسألتك، فاعلم إن ذلك لُطفًا منه سبحانه ..
واللطف نوعان: ظاهر وباطن ..
اللطف الظاهر .. الذي تكون حكمته ظاهرةً لك .. كأن تتوقف عن عبور الطريق في لحظة، وفي النفس اللحظة يحدث حادث في المكان الذي من المُفترض أن تكون واقفًا فيه .. فهذا لطفٌ ظاهري، قد اتضحت لك فيه حكمة الله عزَّ وجلَّ وحفظه لك.
أما اللطف الباطن .. الذي لا تعرف كنهه ولا تتوصل إلى الحكمة منه .. كأن يبتلي الله العبد بمرضٍ ما، فيكون هذا المرض سببًا في تقربه أكثر من ربِّه وزيادة إيمانه .. فصار البلاء في حقه نعمة، مع إن بعض الناس قد لا يدري الحكمة من الابتلاء فيتعذَّب.
فيــا عبد الله، إذا رأيت سربال النعمة يتقلَّص عنك، فحسِّن ظنَّك في المُنعم، فإنما رفعه عنك لكي لا تتعثر،،
وإن أردت أن تعرف إن كان الله تعالى يحبك أم يكرهك، فعليك أن تنظر إلى أمرين:
أولاً: الأمور التي يحبها الله تعالى فيك .. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" [رواه مسلم]
فانظر إلى أعمالك وما بداخل قلبك .. هل يرضى الله تعالى عنها؟!
ثانيًا: الأمور التي يكرهها الله تعالى فيك .. ومن الأمور التي يكرهها الله عزَّ وجلَّ:
1) أن تتكاسل عن عمل ما يحبه الله، بينما تسارع لعمل ما تحبه أنت ..
فإذا نادى المؤذن "حي على الصلاة"، تكاسلت وتباطئت في الذهاب إلى المسجد .. إنما إذا قيل لك سيتم توزيع أموال في المسجد، لذهبت مسرعًا!
والله تعالى يكره أن يرى ما تحبهُ أنت مقدمٌ على ما يحبه الله سبحانه وتعالى،،
2) أن تحب ما يكرهه، أو تكره ما يحبه .. وهذه أخطر من الأولى.
وعليك أن تُكمل بقية القائمة بالأمور التي تعلم أن الله يكرهها فيك،،
ومن علامات الإيمان: أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته، إذا عَلِم أن الله يكرههُ .. فتصير لذته فيما يرضى مولاه وإن كان مخالفًا لهواه، ويكون ألمه فيما يكرهُ مولاه وإن كان موافقًا لهواه. وإذا كان هذا فيما حُرِم لعارض الصوم من الطعام والشراب ومباشرة النساء، فينبغي أن يتأكد ذلك فيما حُرِمَ على الإطلاق: كالزنا وشرب الخمر وأخذ الأموال أو الأعراض بغير حق وسفك الدماء المحرمة، فإن هذا يسخط الله على كل حال وفي كل زمان ومكان.
فإذا كَمُلَ إيمان المؤمن، كره ذلك كله أعظم من كراهته للقتل والضرب .. ولهذا جعل النبي صلى الله عليه و سلم من علامات وجود حلاوة الإيمان أن "يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"[رواه الترمذي وصححه الألباني] .. وقال يوسف عليه السلام: {.. رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ..}[يوسف: 33]. [لطائف المعارف (1:168)]
ولهذا أشتمل الصيـــام على أرقى المعاني؛ لأن العبد يترك ما يحب لأجل الله عزَّ وجلَّ ..
والله عزَّ وجلَّ يحب العبد الذي يضحي بشهوته؛ لأجل طاعة ربِّه ومرضاته .. كالعبد الذي آثر الوقوف بين يدي مولاه على شهوته، مع أنه لن يأثم بتركه لقيـــام الليل .. عن أبي الدرداء : عن النبي قال: "ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم .." ومنهم: "والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل. فيقول: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد"[رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (629)] ..
فأحبه الله وضَحِك له، وقد قال " .. فإذا ضَحِكَ ربُّك إلى عبدٍ في موطن فلا حساب عليه"[رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني]
وللصيــــام فوائد عديدة جليلة، نتعرَّف عليها في المقالة القادمة إن شاء الله تعالى،،
المصادر:
الحلقة الثالثة من (أسرار المحبين في رمضان) لفضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب.
تعليق