إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علامات : سوء الخاتمة أعاذنا الله منهاوأسبابها وكيف النجاة منها بإذن الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علامات : سوء الخاتمة أعاذنا الله منهاوأسبابها وكيف النجاة منها بإذن الله

    علامات : سوء الخاتمة أعاذنا الله منهاوأسبابها وكيف النجاة منها بإذن الله

    أما الخاتمة السيئة فهي: أن تكون وفاة الإنسان وهو مُعرِضٌ عن ربه جلا وعلا، مقيمٌ على مساخطه سبحانه، مضيِّعِ لِمَا أوجب الله عليه.
    ولا ريب أن تلك نهاية بئيسة وخاتمة تعيسة، طالما خافها المتقون، وتضرَّعوا إلى ربهم سبحانه أن يجنِّبهم إياها.
    وقد تظهر على بعض المحتضرين علامات أو أحوال تدل على سوء الخاتمة، مثل: النُّكُول عن نطق الشهادة – أن لا إله إلا الله – ورفض ذلك، ومثل التحدُّث في سياق الموت بالسيئات والمحرَّمات وإظهار التعلُّق بها، ونحو ذلك من الأقوال والفعال التي تدل على الإعراض عن دين الله تعالى والتبرُّم لنزول قضائه.
    ولعلَّ من المناسب أن نذكر بعض الأمثلة الواقعية على ذلك, فمن الأمثلة:
    ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه: «الجواب الكافي» أن أحد الناس قيل له وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فقال: وما يُغْنِي عني وما أعرف أني صَلَّيتُ لله صلاة؟ ولم يَقُلْها.
    ونقل الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه: «جامع العلوم والحكم» عن أحد العلماء، وهو عبد العزيز بن أبي روَّاد أنه قال: حضرتُ رجلاً عند الموت يُلقَّن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. وماتَ على ذلك. قال: فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر، كان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب، فإنها هي التي أوقعته.
    ونحو هذا ما ذكره الحافظ الذهبي رحمه الله أن رجلاً كان يجالس شُّرَّاب الخمر، فلمَّا حضرته الوفاة جاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له: اشرب واسقني. ثم مات.
    وذكر الحافظ الذهبي رحمه الله أيضًا في كتابه: «الكبائر» أن رجلاً ممن كانوا يلعبون الشطرنج احتُضِر، فقيل له: قل لا إله إلا الله، فقال: شاهك. ثم مات، غَلَب على لسانه ما كان يعتاده حال حياته في اللعب، فقال عِوَضَ كلمة التوحيد: شاهك.
    ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله عن رجل عُرف بحبه للأغاني وترديدها، فلما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول: تاتنا تنتنا.. حتى قضى، ولم ينطق بالتوحيد.
    وقال ابن القيم أيضًا: أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه: لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مُشترى جيد، هذه كذا. حتى قضى ولم ينطق التوحيد. ولا يزال يظهر للناس في كثير من الأزمنة والبلاد من سوء الخاتمة للمجاهرين بالمعاصي المجرمين بها ما شاء الله، نسأل الله العافية والسلامة من كل ذلك.

    وها هنا تعليق للعلامة ابن القيم رحمه الله نورد ما تيسر منه، حيث عقَّب على بعض القصص المذكورة آنفًا، فقال:
    «وسبحان الله، كما شاهد الناس من هذا عِبرًا؟ والذي يخفى عليهم منن أحوال المحتضرين أعظم وأعظم.
    فإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوَّته وكمال إدراكه، قد تمكَّن منه الشيطان، واستعمله فيما يريد من معاصي الله، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله، وعطَّل لسانه عن ذِكْرِه، وجوارحَهُ عن طاعته، فكيف الظن به عند سقوط قواه، واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع؟ وجمع الشيطان له كل قوته وهمَّته، وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرصته، فإن ذلك آخر العمل، فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت، وأضعف ما يكون هو في تلك الحال، فمن ترى يسلم على ذلك؟ فهناك }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ{[إبراهيم: 27].
    فكيف يوفَّق بحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قَلْبَهُ عن ذكره، واتبع هواه، وكان أمره فرطًا؟ فبعيدٌ مَنْ قَلْبُهُ بَعِيدٌ عن الله تعالى، غافلٌ عنه، متعبدٌ لهواه، أسير لشهواته، ولسانه يابسٌ من ذكره، وجوارحه معطَّلة من طاعته، مشتغلة بمعصيته – بعيدٌ – أن يوفق للخاتمة بالحسنى». اهـ.
    وسوء الخاتمة على رتبتين نعوذ بالله من ذلك:
    الأولى: وهي العظيمة الشنيعة، فهي أن يغلب على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله, إما الشك، وإما الجحود، فتُقبض الروح على تلك الحال، وتكون حجابًا بينه وبين الله، وذلك يقتضي البُعد الدائم والعذاب المخلَّد.
    والثانية: وهي دونها، أن يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا أو شهوة من شهواتها المحرمة، فيتمثَّل له ذلك في قلبه، والمرء يموت على ما عاش عليه، فإن كان ممن يتعاطون الربا فقد يُختم له بذلك، وإن كان ممن يتعاطون المحرمات الأخرى من مثل المخدرات والأغاني والتدخين ومشاهدة الصور المحرمة وظلم الناس ونحو ذلك فقد يختم له بذلك، أي بما يُظهر سوء خاتمته والعياذ بالله، ومثل ذلك إذا كان معه أصل التوحيد فهو مخطور بالعذاب والعقاب.
    * * * *
    أسباب سوء الخاتمة

    وبهذا يعلم أن سوء الخاتمة يرجع لأسباب سابقة، يجب الحذر منها.ومن أعظمها: فساد الاعتقاد، فإنَّ مَنْ فسدت عقيدته ظهر عليه أثر ذلك أحوج ما يكون إلى العون والتثبيت من الله تعالى.
    ومنها: الإقبال على الدنيا والتعلُّق بها, وتعاطيها من سُبُلٍ محرمة.
    ومنها: العدول عن الاستقامة والإعراض عن الخير والهدى.
    ومنها: الإصرار على المعاصي وإلفُها، فإن الإنسان إذا أَلِفَ شيئًا مدة حياته وأحبَّه وتعلَّق به؛ فعاد ذكره إليه عند الموت، وردَّده حال الاحتضار في كثير من الأحيان.
    قال الحافظ ابن كثير: «إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت، مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة، قال تعالى: }وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا{[الفرقان: 29].
    وسوء الخاتمة – أعاذنا الله – لا يقع فيها مَن صلح ظاهره وباطنه مع الله، وصدق في أقواله وأعماله، فإن هذا لم يُسمع به، وإنما تقع سوء الخاتمة لمن فسد باطنه عَقْدًا، وظاهره عملاً، ولمن له جُرْأَةٌ على الكبائر، وإقدامٌ على الجرائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة». اهـ.
    لأجل ذلك كان جديرًا بالعاقل أن يحذر من تعلق قلبه بشيء من المحرمات، وجديرًا به أن يُلزِم قلبه ولسانه وجوارحه ذكر الله تعالى، وأن يحافظ على طاعة الله حيثما كان، من أجل تلك اللحظة التي إن فاتت وخُذل فيها شَقى شقاوة الأبد.
    اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أعمارنا أواخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، اللهم وفِّقنا جميعًا لفعل الخيرات واجتناب المنكرات؟
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.




يعمل...
X