رمضان فرصةللشباب
الحمد لله الذي جعلشهر رمضان موسماً للأجور والأرباح ، والصلاة والسلام على نبي الهُدى والفلاح ، وعلىآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم السرور والأفراح .. أما بعد
*حديثي إليك – أخي الشاب – حديث أخ لأخيه ، ومحبٍّ لحبيبه ، وصديق مشفق ناصح لصديقه ، يريد له الخير ، ويرجواله الفوز والفلاح .
فأرعني سمعك ، وافتح لكلماتي قلبك ، ولا تنظر إلى عيبالناصح ، بل انظر فيما يدعوك إليه ، فإن كان خيراً قبلتَه ، وإن كان غير ذلك فلستُعليك بوكيل .
*أخي الحبيب، ماذا أعددت لنفسك في شهر رمضان ؟ ذلك الشهر العظيم الذي تُفَتَّح فيهأبواب الجنة ، وتُغَلَّقُ أبواب النار ، وتُسَلْسًلُ الشياطين ، وفيه يعتِقُ اللهعباده الصالحين من النار .
*هل عزمتفيه على التوبة ؟ وهل قررت العودة والأوبة ؟وهل نويتالتخلص من جميعالمعاصي والمنكرات ، وفتح صفحة جديدة مع ربِّ الأرض والسموات ؟وهل خططتلبرنامجك التعبدياليومي في هذا الشهر ؟وبماذاستستقبل أيامه ولياليه ؟
أسئلة لا بد من الإجابة عليها بكلصدق وأمانة ،ومصارحة للنفس في ذلك حتى لا يدخل الشهر ويخرج بلا عبادة ولا طاعة ،وتضيع أيامه وساعاته هباء منثوراً .
*أخي الشاب!لست أتهمُك بنصيحتي إياك أن تبدأ بالتوبة ، فالتوبة هي بدايةالطريق ونهايته ، وهي المنزلة التي يفتقر إليها السائرون إلى الله في جميع مراحلسفرهم وهجرتهم إليه سبحانه .
*فليست التوبة– إذن – من منازل العصاة والمخلِّطين فحسب كما يظن كثير منالناس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – وهو سيد الطائعين وإمام العابدين – (( ياأيها الناس ! توبوا إلى الله ، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة )) [رواهمسلم].
*ولما أمرالله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال سبحانه : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِجَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور:31] ، ونحنجميعاً ذوو ذنوب وأخطاء ومخالفات ، فمن منا لا يخطئ ؟ ومن منا لا يُذنب ؟ ومن منالا يعصي ؟
*والله سبحانه غفَّار الذنوب، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهارليتوب مسيء الليل ، ويفرح بتوبة التائبين وندم العصاة والمذنبين ، ولذلك فقد جعلسبحانه للتوبة باباً من قِبَلِ المغرب عرضُه أربعون سنة ، لا يُغْلِقُه حتى تطلعالشمس من مغربها ، كما قال الصادق المصدوق .[رواه أحمد والترمذي وقال:حسن صحيح ].
*والتوبة – أخي الشاب –أمر سهل ميسور ، ليس فيه مشقة ، ولا معاناة عمل ، فهي امتناعوندم وعزم ؛ امتناع عن الذنوب والمخالفات ، وندم على اقترافها في الماضي ، وعزم علىعدم العودة إليها في المستقبل .
*أخي الشاب !إذا ندمت على ما فات ، وتركت المخالفات والذنوب في المستقبل، توجَّب عليك بعد ذلك الاهتمام بعمرك ، وإصلاح وقتك الحاضر الذي بين ما مضى ومايُستقبل ، فإنك إن أضعته أضَعْتَ سعادتك ونجاتك ، وإن حفظته بما ذكرت نجوت وفُزْتَبالراحة واللذة والنعيم .
*قال الإمام ابن الجوزي :رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ؛ إن طال الليل فبحديث لاينفع ، أو بقراءة كتاب سمر . وإن طال النهار فبالنوم ، وهم في أطراف النهار على نهردجلة أو في الأسواق !! فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم ، وما عندهم خبر ،ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل .. فاللهالله في مواسم العمل ، والبدار البدار قبل الفوات .
*وقال أيضاً :ينبغي للإنسان أن يعرف شرفزمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قرية ، ويقدم الأفضل فالأفضل من القولوالعمل ، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل ،وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات ، فنُقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلاً قالله : كلِّمني ، فقال له : أمسك الشمس !!
*ودخلوا على بعض السلفعند موته وهو يصلي، فعاتبوه على ذلك فقال : الآن تطوى صحيفتي !!
* فإذا علم الإنسان – وإن بالغ في الجد – أن الموت يقطعه عن العمل ، عمِل فيحياته ما يدوم له أجره بعد موته .
*هذه – أخي الشاب –نماذج مضيئة وصور مشرقة تشير إلى اجتهاد سلفناالكرام في عبادة الله تعالى وطاعته ، لعلك إن نظرت فيها أورثك ذلك علوّ الهمةوالإقبال على العبادة :
1-صلى النبي صلى الله عليهوسلمحتى تفطَّرت قدماه ، فراجعوه في ذلك فقال : (( أفلا أكون عبداً شكوراً )) [متفق عليه].
2-وكان أبو بكر رضي الله عنهكثير البكاءوبخاصة في الصلاة وعند قراءة القرآن .
3-وكان في خدِّ عمر رضي الله عنهخطَّانأسودان من كثرة البكاء .
4-وكان عثمان رضي اللهعنهيختم القرآن في ركعة .
5-وكان علي رضي الله عنهيبكي في محرابه حتى تَخْضَل لحيته بالدموع ، وكان يقول : يا دنيا غرِّي غيري ، قدطلَّقتُك ثلاثاً لا رجعة فيه !
6-وكان قتادةيختم القرآن في كل سبع دائماًوفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة .
7-وكان سفيان الثورييبكيالدم من الخوف !
8-كان سعيد بن المسيبملازماً للمسجد ، فلم تَفُتْه صلاة في جماعةأربعين سنة !!
*أخي الشاب !
*إن تجار الدنيا لا يألون جهداً ، ولا يدّخرون وسعاً فياغتنام أي فرصة ، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير ، والمكسب الوفير ،فلماذا لا تتاجر أنت مع الله ؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات ، لتفوزبالربح الوفير والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى .
*ورمضان – أخي الشاب – من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون ، ويَعُدَّ لهاعُدَّتها المتقون ، ولا يغفل عن اقتناصها المتيقظون ، فهو شهر مغفرة الذنوب ،والفوز بالجنة ، والعتق من النيران ، لمن سلم قلبه ، واستقامت جوارحه ، ولميُضَيَّع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد .
*وإليك – أخي الشاب –بعض الأمور التيتُعينك على اغتنام أوقات هذا الشهر وإعمارها بالأعمال الصالحات :
1- الصيام عبادة وليس عادة :
* قال النبي صلى الله عليه وسلم (( منصام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] ، ومعنى قوله : (( إيماناً )) أي : إيماناً بالله وبما أعده من الثواب للصائمين . ومعنى قوله : (( احتساباً )) أي : طلباً لثواب الله ، لم يحمله على ذلك رياء ولا سمعة ، ولا طلبمال ولا جاه .
2- رمضان نعمة يجب شكرها :
* تأمل – أخي الشاب – في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان ، فقد انقطعت أعمالهموطُويت صحائفهم ، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة ، ولا فعل معروف وإن كان يسيراً .
* أماأنت – أخي الشاب – فقد مد الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم ، وهيَّأكلاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور . وهذا – والله – نعمة كبرى ينبغي شكرها ، والثناءعلى الله تعالى بإسدائها .
3- النوم والسهر :
* أخيالحبيب ، إذا قضيت نهار رمضان في النوم ، وليله في السهر واللعب ، حُرمت أجر الصياموالقيام ، وخرجت من الشهر صفر اليدين ، فهي - والله –أيام معدودة ، وليال مشهودة ،ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام ، فاجتهد فيها – رحمك الله – بالطاعة والعبادةتفز باللذة والنعيم غداً . وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة ، فقد قال النبي صلىالله عليه وسلم : (( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ، ثم انسلخ قبل أن يغفر له )) [ رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني ] .
4- تلاوة القرآن :
* رمضان شهر القرآن ، وقد كان السلف إذا دخل رمضان يجتهدون في قراءة القرآنويقدمونها على كل عبادة ، حتى رُوي عن بعضهم أنه كان يختم القرآن كل ليلة ، فاجتهدرحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر ، واقرأ بترسُّل وترتيل وتدبر وخشوع ،والتزم بأحكام التلاوة ما استطعت .
5- قيامالليل :
* قيام الليل سنة مؤكدة في غير رمضان ، وهو أشد تأكيداً في رمضان ، وهو صلاة التراويحالتي يصليها الناس في المساجد ، فينبغي الحرص عليها وإتمامها كاملة مع الإمام ، فقدقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) [ رواه أهل السنن وقال الترمذي :حديث صحيح ]
6- الصدقة :
* الصدقة في رمضان لها مزية وفضيلة عن غيره من الشهور ، وقدكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة ، فاحرصعلى التصدُّق في هذا الشهر والجود بما عندك .
7- تفطير الصائمين :
* واحرص كذلك على تفطير الصائمين ، وإطعام الفقراء والمساكين ،فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من فطَّر صائماً كان له مثل أجره )) [رواه أحمدوالترمذي وصححه]
8- لزوم المساجد :
* خيربقاع الأرض المساجد ، فاحرص على صلاة الجماعة في المساجد ، وانتظار الصلاة بعدالصلاة ، ولا تدع شيئاً من النوافل ، فإنها تسدُّ خلل الفرائض ، وتوجب محبة اللهتعالى ؛ قال تعالى في الحديث القدسي : (( ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتىأحبه )) [رواه البخاري].
9- العمرة في رمضان :
* للعمرة في رمضان فضل كبير ، فقد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( عمرة في رمضانتعدل حجة – أو قال حجة معي )) [ رواه البخاري].
10- العشر الأواخر :
* احرص – أخي الشاب – على أن يكون اجتهادك في العشر الأواخرأكثر من اجتهادك فيما قبلها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أيقظأهله ، وأحيا ليله ، وجدَّ وشدَّ المئزر .[متفق عليه].
11- ليلة القدر :
* تحرَّ ليلة القدر في العشر الأواخر منرمضان ، وبخاصة في ليالي الوتر منها ، فأحي الليالي بالعبادة من صلاة وقيام وقراءةقرأن وذكر ودعاء وغير ذلك من الطاعات ، فإن ثواب العبادة في هذه الليلة أفضل منثواب العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
12- غضُّ البصر :
* غضُّ البصر عبادة قل العمل بها ، فلم لا تحيي هذه الفريضةالعظيمة .
13- الذكر :
* كن ذاكراً لله على كلحال ، فقد فاز الذاكرون بخيري الدنيا والآخرة .
14- الدعاء :
* الدعاء هو العبادة ، وهو دليلٌ على افتقار العبد إلى ربِّهوضرورته إليه في كل حال ، وقد سماه الله تعالى عبادة في قوله : { وَقَالَ رَبُّكُمْادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِيسَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر:60]. فأين أنت – أخي الشاب – من عبادةالدعاء ؟
15- الاعتكاف :
* وهو لزوم المسجدوالانفراد لطاعة الله ، فلا تضيَّع أيام اعتكافك وساعاته في اللغو والكلام في سفاسفالأمور ، فيكون الذي لم يعتكف أفضل منك !!
16- الطعام والشراب :
* إياك وكثرة الطعام أو الشراب فإنها تؤدي إلى التراخي والفتوروالتكاسل عن العبادة .
17- منكرات يجباجتنابها :
* إقلاعك عن التدخين في نهار رمضان دليل على قوة عزيمتك ، فلم لا تمتنع عنهبالكلية في الليل والنهار ؟!
* إياك وسماع الغناء ، فإنه يفسد القلب ، وينبت فيه الرعونةوقلة الغيرة .
* اجعل من شهر رمضان فرصة للتخلص من أسرِ مشاهدة المسلسلات والأفلاموالمسابقات والبرامجالتافهة .
* إياك وكثرة المزاح والضحك ، فإنها يورثان قسوة القلب والغفلةعن ذكر الله .
* لا تصاحب الأشرار الفارغين ، فإنك إن صاحبتهم كنت مثلهم .
* شرُّ بقاع الأرض الأسواق، فإياك والتواجد فيها لغير حاجة .
* الخلوة والاختلاط بالنساء الأجنبيات منأكبر أسباب الشرور والفساد والعقوبات العامة ؛ فاحذر من ذلك .
* إياك ومنكرات اللسان ،فإنها تُضعف ثواب الصيام جداً ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من لم يدع قول الزوروالعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) [ رواهالبخاري].
الحمد لله الذي جعلشهر رمضان موسماً للأجور والأرباح ، والصلاة والسلام على نبي الهُدى والفلاح ، وعلىآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم السرور والأفراح .. أما بعد
*حديثي إليك – أخي الشاب – حديث أخ لأخيه ، ومحبٍّ لحبيبه ، وصديق مشفق ناصح لصديقه ، يريد له الخير ، ويرجواله الفوز والفلاح .
فأرعني سمعك ، وافتح لكلماتي قلبك ، ولا تنظر إلى عيبالناصح ، بل انظر فيما يدعوك إليه ، فإن كان خيراً قبلتَه ، وإن كان غير ذلك فلستُعليك بوكيل .
*أخي الحبيب، ماذا أعددت لنفسك في شهر رمضان ؟ ذلك الشهر العظيم الذي تُفَتَّح فيهأبواب الجنة ، وتُغَلَّقُ أبواب النار ، وتُسَلْسًلُ الشياطين ، وفيه يعتِقُ اللهعباده الصالحين من النار .
*هل عزمتفيه على التوبة ؟ وهل قررت العودة والأوبة ؟وهل نويتالتخلص من جميعالمعاصي والمنكرات ، وفتح صفحة جديدة مع ربِّ الأرض والسموات ؟وهل خططتلبرنامجك التعبدياليومي في هذا الشهر ؟وبماذاستستقبل أيامه ولياليه ؟
أسئلة لا بد من الإجابة عليها بكلصدق وأمانة ،ومصارحة للنفس في ذلك حتى لا يدخل الشهر ويخرج بلا عبادة ولا طاعة ،وتضيع أيامه وساعاته هباء منثوراً .
ابدأبالتوبة
*فليست التوبة– إذن – من منازل العصاة والمخلِّطين فحسب كما يظن كثير منالناس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – وهو سيد الطائعين وإمام العابدين – (( ياأيها الناس ! توبوا إلى الله ، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة )) [رواهمسلم].
*ولما أمرالله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال سبحانه : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِجَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور:31] ، ونحنجميعاً ذوو ذنوب وأخطاء ومخالفات ، فمن منا لا يخطئ ؟ ومن منا لا يُذنب ؟ ومن منالا يعصي ؟
*والله سبحانه غفَّار الذنوب، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهارليتوب مسيء الليل ، ويفرح بتوبة التائبين وندم العصاة والمذنبين ، ولذلك فقد جعلسبحانه للتوبة باباً من قِبَلِ المغرب عرضُه أربعون سنة ، لا يُغْلِقُه حتى تطلعالشمس من مغربها ، كما قال الصادق المصدوق .[رواه أحمد والترمذي وقال:حسن صحيح ].
*والتوبة – أخي الشاب –أمر سهل ميسور ، ليس فيه مشقة ، ولا معاناة عمل ، فهي امتناعوندم وعزم ؛ امتناع عن الذنوب والمخالفات ، وندم على اقترافها في الماضي ، وعزم علىعدم العودة إليها في المستقبل .
أهمية الوقت
*قال الإمام ابن الجوزي :رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ؛ إن طال الليل فبحديث لاينفع ، أو بقراءة كتاب سمر . وإن طال النهار فبالنوم ، وهم في أطراف النهار على نهردجلة أو في الأسواق !! فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم ، وما عندهم خبر ،ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل .. فاللهالله في مواسم العمل ، والبدار البدار قبل الفوات .
*وقال أيضاً :ينبغي للإنسان أن يعرف شرفزمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قرية ، ويقدم الأفضل فالأفضل من القولوالعمل ، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل ،وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات ، فنُقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلاً قالله : كلِّمني ، فقال له : أمسك الشمس !!
*ودخلوا على بعض السلفعند موته وهو يصلي، فعاتبوه على ذلك فقال : الآن تطوى صحيفتي !!
* فإذا علم الإنسان – وإن بالغ في الجد – أن الموت يقطعه عن العمل ، عمِل فيحياته ما يدوم له أجره بعد موته .
صّوَرٌ مناجتهاد السلف
1-صلى النبي صلى الله عليهوسلمحتى تفطَّرت قدماه ، فراجعوه في ذلك فقال : (( أفلا أكون عبداً شكوراً )) [متفق عليه].
2-وكان أبو بكر رضي الله عنهكثير البكاءوبخاصة في الصلاة وعند قراءة القرآن .
3-وكان في خدِّ عمر رضي الله عنهخطَّانأسودان من كثرة البكاء .
4-وكان عثمان رضي اللهعنهيختم القرآن في ركعة .
5-وكان علي رضي الله عنهيبكي في محرابه حتى تَخْضَل لحيته بالدموع ، وكان يقول : يا دنيا غرِّي غيري ، قدطلَّقتُك ثلاثاً لا رجعة فيه !
6-وكان قتادةيختم القرآن في كل سبع دائماًوفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة .
7-وكان سفيان الثورييبكيالدم من الخوف !
8-كان سعيد بن المسيبملازماً للمسجد ، فلم تَفُتْه صلاة في جماعةأربعين سنة !!
رمضان فرصةللشباب
*إن تجار الدنيا لا يألون جهداً ، ولا يدّخرون وسعاً فياغتنام أي فرصة ، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير ، والمكسب الوفير ،فلماذا لا تتاجر أنت مع الله ؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات ، لتفوزبالربح الوفير والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى .
*ورمضان – أخي الشاب – من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون ، ويَعُدَّ لهاعُدَّتها المتقون ، ولا يغفل عن اقتناصها المتيقظون ، فهو شهر مغفرة الذنوب ،والفوز بالجنة ، والعتق من النيران ، لمن سلم قلبه ، واستقامت جوارحه ، ولميُضَيَّع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد .
*وإليك – أخي الشاب –بعض الأمور التيتُعينك على اغتنام أوقات هذا الشهر وإعمارها بالأعمال الصالحات :
1- الصيام عبادة وليس عادة :
* قال النبي صلى الله عليه وسلم (( منصام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه ] ، ومعنى قوله : (( إيماناً )) أي : إيماناً بالله وبما أعده من الثواب للصائمين . ومعنى قوله : (( احتساباً )) أي : طلباً لثواب الله ، لم يحمله على ذلك رياء ولا سمعة ، ولا طلبمال ولا جاه .
2- رمضان نعمة يجب شكرها :
* تأمل – أخي الشاب – في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان ، فقد انقطعت أعمالهموطُويت صحائفهم ، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة ، ولا فعل معروف وإن كان يسيراً .
* أماأنت – أخي الشاب – فقد مد الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم ، وهيَّأكلاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور . وهذا – والله – نعمة كبرى ينبغي شكرها ، والثناءعلى الله تعالى بإسدائها .
3- النوم والسهر :
* أخيالحبيب ، إذا قضيت نهار رمضان في النوم ، وليله في السهر واللعب ، حُرمت أجر الصياموالقيام ، وخرجت من الشهر صفر اليدين ، فهي - والله –أيام معدودة ، وليال مشهودة ،ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام ، فاجتهد فيها – رحمك الله – بالطاعة والعبادةتفز باللذة والنعيم غداً . وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة ، فقد قال النبي صلىالله عليه وسلم : (( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ، ثم انسلخ قبل أن يغفر له )) [ رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني ] .
4- تلاوة القرآن :
* رمضان شهر القرآن ، وقد كان السلف إذا دخل رمضان يجتهدون في قراءة القرآنويقدمونها على كل عبادة ، حتى رُوي عن بعضهم أنه كان يختم القرآن كل ليلة ، فاجتهدرحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر ، واقرأ بترسُّل وترتيل وتدبر وخشوع ،والتزم بأحكام التلاوة ما استطعت .
5- قيامالليل :
* قيام الليل سنة مؤكدة في غير رمضان ، وهو أشد تأكيداً في رمضان ، وهو صلاة التراويحالتي يصليها الناس في المساجد ، فينبغي الحرص عليها وإتمامها كاملة مع الإمام ، فقدقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )) [ رواه أهل السنن وقال الترمذي :حديث صحيح ]
6- الصدقة :
* الصدقة في رمضان لها مزية وفضيلة عن غيره من الشهور ، وقدكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة ، فاحرصعلى التصدُّق في هذا الشهر والجود بما عندك .
7- تفطير الصائمين :
* واحرص كذلك على تفطير الصائمين ، وإطعام الفقراء والمساكين ،فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من فطَّر صائماً كان له مثل أجره )) [رواه أحمدوالترمذي وصححه]
8- لزوم المساجد :
* خيربقاع الأرض المساجد ، فاحرص على صلاة الجماعة في المساجد ، وانتظار الصلاة بعدالصلاة ، ولا تدع شيئاً من النوافل ، فإنها تسدُّ خلل الفرائض ، وتوجب محبة اللهتعالى ؛ قال تعالى في الحديث القدسي : (( ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتىأحبه )) [رواه البخاري].
9- العمرة في رمضان :
* للعمرة في رمضان فضل كبير ، فقد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( عمرة في رمضانتعدل حجة – أو قال حجة معي )) [ رواه البخاري].
10- العشر الأواخر :
* احرص – أخي الشاب – على أن يكون اجتهادك في العشر الأواخرأكثر من اجتهادك فيما قبلها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أيقظأهله ، وأحيا ليله ، وجدَّ وشدَّ المئزر .[متفق عليه].
11- ليلة القدر :
* تحرَّ ليلة القدر في العشر الأواخر منرمضان ، وبخاصة في ليالي الوتر منها ، فأحي الليالي بالعبادة من صلاة وقيام وقراءةقرأن وذكر ودعاء وغير ذلك من الطاعات ، فإن ثواب العبادة في هذه الليلة أفضل منثواب العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
12- غضُّ البصر :
* غضُّ البصر عبادة قل العمل بها ، فلم لا تحيي هذه الفريضةالعظيمة .
13- الذكر :
* كن ذاكراً لله على كلحال ، فقد فاز الذاكرون بخيري الدنيا والآخرة .
14- الدعاء :
* الدعاء هو العبادة ، وهو دليلٌ على افتقار العبد إلى ربِّهوضرورته إليه في كل حال ، وقد سماه الله تعالى عبادة في قوله : { وَقَالَ رَبُّكُمْادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِيسَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [غافر:60]. فأين أنت – أخي الشاب – من عبادةالدعاء ؟
15- الاعتكاف :
* وهو لزوم المسجدوالانفراد لطاعة الله ، فلا تضيَّع أيام اعتكافك وساعاته في اللغو والكلام في سفاسفالأمور ، فيكون الذي لم يعتكف أفضل منك !!
16- الطعام والشراب :
* إياك وكثرة الطعام أو الشراب فإنها تؤدي إلى التراخي والفتوروالتكاسل عن العبادة .
17- منكرات يجباجتنابها :
* إقلاعك عن التدخين في نهار رمضان دليل على قوة عزيمتك ، فلم لا تمتنع عنهبالكلية في الليل والنهار ؟!
* إياك وسماع الغناء ، فإنه يفسد القلب ، وينبت فيه الرعونةوقلة الغيرة .
* اجعل من شهر رمضان فرصة للتخلص من أسرِ مشاهدة المسلسلات والأفلاموالمسابقات والبرامجالتافهة .
* إياك وكثرة المزاح والضحك ، فإنها يورثان قسوة القلب والغفلةعن ذكر الله .
* لا تصاحب الأشرار الفارغين ، فإنك إن صاحبتهم كنت مثلهم .
* شرُّ بقاع الأرض الأسواق، فإياك والتواجد فيها لغير حاجة .
* الخلوة والاختلاط بالنساء الأجنبيات منأكبر أسباب الشرور والفساد والعقوبات العامة ؛ فاحذر من ذلك .
* إياك ومنكرات اللسان ،فإنها تُضعف ثواب الصيام جداً ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من لم يدع قول الزوروالعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) [ رواهالبخاري].
وصلى اللهوسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . مع تحيات العضو الجديد احمد بدر
تعليق