الحمد لله المذكور بكل لسان المشكور على كل إحسان خلق الخلق ليعبدوه وأظهر لهم آياته ليعرفوه ويسر لهم طرق الوصول إليه ليصلوه فهو ذو الفضل العظيم والخير الواسع العميم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد:
فيا أيها الناس (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً)(الأحزاب: من الآية41) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب:42) كونوا من أولي الألباب (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ )(آل عمران: من الآية191) كونوا من (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) وتنفرج الكروب وبذكر الله يحصل النصر ويثبت الله القلب في مواطن الفزع ولهذا قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأنفال:45) إن ذكر الإنسان لربه يملأ قلبه سرورا ويكسوا وجهه نورا ويذكره الله تعالى به يقول الله تعالى في كتابه العزيز (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152) ويقول تعالى في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت فذاكر الله حي ومن لا يذكر الله ميت وسئل النبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله قال من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وأمر صلى الله عليه وسلم أن يلقن الميت هذه الكلمة عند موته فقال صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ولهذا ينبغي لمن حضر جنازة أن يقول للمحتضر أن يقول له لا إله إلا الله يذكره بذلك فإن لم ينتبه ولم يخش عليه فتنة فإنه يقول له قل لا إله إلا الله فإن خشي عليه الفتنة أن يقول لا أقولها لأن الإنسان عند موته أشد ما يكون ضيقا في الصدر ربما إذا قيل له قل لا إله إلا الله فمن شدة ضيق صدره يقول لا وحينئذ يموت على الشرك ولكن العلماء يقولون يذكر الله عنده برفع صوت حتى يسمع لعله ينتبه وهذا من التلقين فإن لم ينتبه ولم يخف الإنسان عليه فتنة فإنه لا بأس أن يأمره بذلك وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب عند موته حين قال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فلأن أبا طالب كان كافرا فلو أنه قال لا أقولها لم يكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بضار ولهذا كان عند أبي طالب رجلان من المشركين فلما قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله قال له هذان الجليسان الشريران أترغب عن ملة عبد المطلب يعني ملة الشرك فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب نعوذ بالله من سوء الخاتمة أيها المسلمون وإن من أكبر ذكر الإنسان للشهادة عند موته أن يكون مكثرا لها في حياته لأن من أكثر من ذكر شيء ألفه وصار على لسانه دائما ولهذا نجد كثيرا من المسلمين الذين يبلغون من الكبر عتيا حتى يصلوا إلى الهرم وإلى الهذيان نجدهم إذا كانوا يكثرون الصلاة لا يفكرون ولا يذكرون إلا الصلاة في هذه الحال وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من شهادة لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك فهذه خمس فوائد عظيمة لمن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قال العلماء وينبغي أن يقولها في الصباح الباكر حتى تكون له حرزا من الشيطان من أول اليوم وقال النبي صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وقال صلى الله عليه وسلم لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه فقال كيف يكسب أحدنا ألف حسنة قال يسبح الله مائة تسبيحة فتكتب له ألف حسنة أيها المسلمون احمدوا الله تعالى على هذه النعم واتقوا ربكم وأكثروا من هذه المكاسب العظيمة من أعمال يسيرة أكثروا من ذكر الله عز وجل بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ليكن ذكر الله تعالى في قلوبكم قياما وقعودا وعلى جنوبكم كونوا متذكرين دائما لعظمته وجلاله وكمال أسمائه وصفاته وأفعاله ففي كل شيء له آية تدل على وحدانيته وتذكركم به وتبين عظمته وقدرته وتبرز بها آثار رحمته وحكمته اذكروا الله تعالى بألسنتكم قولوا لا إله إلا الله سبحان الله الحمد لله الله أكبر واعلموا أن كل قول من الخير تريدون به وجه الله فإنه من ذكر الله فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ابتغاء وجه الله من ذكر الله وتعلم العلم وتعليمه ابتغاء وجه الله من ذكر الله وهكذا كل قول من الخير تريدون به وجه الله فإنه من ذكر الله عز وجل واذكروا الله تعالى بجوارحكم بفعل الطاعات وترك المعاصي فإن كل فعل أو ترك تقومون به طاعة لله وتقربا إليه فهو من ذكر الله فالصلاة من ذكر الله والصدقة من ذكرالله والصيام من ذكر الله والسعي إلى المساجد من ذكر الله وكل فعل تريدون به وجه الله فهو من ذكر الله أكثروا أيها المسلمون من ذكر الله ولا تكونوا ممن أغفل الله قلبه عن ذكره واتبع هواه فإن ذلك تضيع عليه حياته ويكون أمره فرطا لا يكتسب شيئا ينزع الله البركة من عمره وعمله كما قال الله عز وجل ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)(الكهف: من الآية28) أيها المسلمون أكثروا من ذكر الله قبل أن يحال بينكم وبينه إما بموت أو بعجز أو بالحرمان من ذكر الله عقوبة لكم على غفلتكم نسأل الله أن يعفو عنا جميعا وأن يحيي قلوبنا بذكره أيها المسلمون لا يشغلنكم عن ذكر الله مال ولا بنون فإنما (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف:46) إن الباقيات الصالحات كل عمل صالح وعلى رأسها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله عباد الله إن ذكر الله ربح وغنيمة وإن الغفلة عن ذكره غرم وخسارة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تره فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم وإن التره إن التره هي النقص والحرمان فكل مجلس لا تذكر الله فيه ولا تصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه خسارة عليك أيها المسلمون إن ذكر الله تعالى يكون عاما مطلقا في كل وقت كما قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ويكون مقيدا إما بعمل كأذكار الوضوء والصلاة والحج وإما بزمن كأذكار الصباح والمساء وإما بأحوال ففي الوضوء التسمية في أوله والتشهد في آخره أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين والأذكار بعد الصلوات معروفة ومنها أن تستغفر الله ثلاثا حين تسلم وتقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وتسبح عشرا وتحمد عشرا وتكبر عشرا فتقول سبحان الله عشر مرات والحمد لله عشر مرات والله أكبر عشر مرات هذه صفة أو تقول سبحان الله ثلاث وثلاثين مرة والحمد لله ثلاث وثلاثين مرة والله أكبر أربع وثلاثين مرة وهذه صفة أو تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاث وثلاثين مرة فالجميع تسعة وتسعون وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لتكون مائة فهذه صفة ثالثة أو تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس وعشرين مرة لتكون مائة فهذه صفة رابعة وكذلك تقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار أما الصفات الأربع فإن بعضها بدل عن بعض أي أنك تقول هذا مرة وتقول هذا مرة وفي الحج يقول الله عز وجل (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرا)(البقرة: من الآية200) وأذكار الصباح والمساء معلومة ومنها أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو عل كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده وأعوذ بك من شر هذا اليوم ومن شر ما بعده رب أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر أو سوء الكبر وأعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر ويقول في الليل بدل أصبحنا وأصبح الملك لله يقول أمسينا وأمسى الملك لله ويقول بدل اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم يقول في الليل أسألك خير ما في هذه الليلة وأما الذكر في الأحوال فأنواعه كثيرة بحسب الحال فمن ذلك الذكر عند الكرب إذا أصاب الإنسان كرب فإنه يقول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ما دعا بها صاحب غم إلا فرج الله له بها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند ا لكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ومن ذلك أيضا الذكر إذا عصفت الريح واشتدت يقول اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ومن ذلك عند الرعد فقد كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا سمع الرعد وهو يتكلم قطع الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وقد صنف العلماء رحمهم الله كتبا كثيرة في الأذكار منها كتاب الأذكار للنووي والوابل الصيب لابن القيم والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيميه فرحمة الله عليهم أجمعين اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم اجعلنا في أهلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات من الذين اغتنموا أوقاتهم بالباقيات الصالحات اللهم أعصمنا يا مولانا من الغفلة عن ذكرك ومن التشاغل بما لا يقربنا إليك (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8) واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول
أما بعد:
فيا أيها الناس (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً)(الأحزاب: من الآية41) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب:42) كونوا من أولي الألباب (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ )(آل عمران: من الآية191) كونوا من (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) وتنفرج الكروب وبذكر الله يحصل النصر ويثبت الله القلب في مواطن الفزع ولهذا قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأنفال:45) إن ذكر الإنسان لربه يملأ قلبه سرورا ويكسوا وجهه نورا ويذكره الله تعالى به يقول الله تعالى في كتابه العزيز (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152) ويقول تعالى في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت فذاكر الله حي ومن لا يذكر الله ميت وسئل النبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله قال من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وأمر صلى الله عليه وسلم أن يلقن الميت هذه الكلمة عند موته فقال صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ولهذا ينبغي لمن حضر جنازة أن يقول للمحتضر أن يقول له لا إله إلا الله يذكره بذلك فإن لم ينتبه ولم يخش عليه فتنة فإنه يقول له قل لا إله إلا الله فإن خشي عليه الفتنة أن يقول لا أقولها لأن الإنسان عند موته أشد ما يكون ضيقا في الصدر ربما إذا قيل له قل لا إله إلا الله فمن شدة ضيق صدره يقول لا وحينئذ يموت على الشرك ولكن العلماء يقولون يذكر الله عنده برفع صوت حتى يسمع لعله ينتبه وهذا من التلقين فإن لم ينتبه ولم يخف الإنسان عليه فتنة فإنه لا بأس أن يأمره بذلك وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب عند موته حين قال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فلأن أبا طالب كان كافرا فلو أنه قال لا أقولها لم يكن أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بضار ولهذا كان عند أبي طالب رجلان من المشركين فلما قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله قال له هذان الجليسان الشريران أترغب عن ملة عبد المطلب يعني ملة الشرك فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب نعوذ بالله من سوء الخاتمة أيها المسلمون وإن من أكبر ذكر الإنسان للشهادة عند موته أن يكون مكثرا لها في حياته لأن من أكثر من ذكر شيء ألفه وصار على لسانه دائما ولهذا نجد كثيرا من المسلمين الذين يبلغون من الكبر عتيا حتى يصلوا إلى الهرم وإلى الهذيان نجدهم إذا كانوا يكثرون الصلاة لا يفكرون ولا يذكرون إلا الصلاة في هذه الحال وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من شهادة لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك فهذه خمس فوائد عظيمة لمن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قال العلماء وينبغي أن يقولها في الصباح الباكر حتى تكون له حرزا من الشيطان من أول اليوم وقال النبي صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وقال صلى الله عليه وسلم لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه فقال كيف يكسب أحدنا ألف حسنة قال يسبح الله مائة تسبيحة فتكتب له ألف حسنة أيها المسلمون احمدوا الله تعالى على هذه النعم واتقوا ربكم وأكثروا من هذه المكاسب العظيمة من أعمال يسيرة أكثروا من ذكر الله عز وجل بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ليكن ذكر الله تعالى في قلوبكم قياما وقعودا وعلى جنوبكم كونوا متذكرين دائما لعظمته وجلاله وكمال أسمائه وصفاته وأفعاله ففي كل شيء له آية تدل على وحدانيته وتذكركم به وتبين عظمته وقدرته وتبرز بها آثار رحمته وحكمته اذكروا الله تعالى بألسنتكم قولوا لا إله إلا الله سبحان الله الحمد لله الله أكبر واعلموا أن كل قول من الخير تريدون به وجه الله فإنه من ذكر الله فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ابتغاء وجه الله من ذكر الله وتعلم العلم وتعليمه ابتغاء وجه الله من ذكر الله وهكذا كل قول من الخير تريدون به وجه الله فإنه من ذكر الله عز وجل واذكروا الله تعالى بجوارحكم بفعل الطاعات وترك المعاصي فإن كل فعل أو ترك تقومون به طاعة لله وتقربا إليه فهو من ذكر الله فالصلاة من ذكر الله والصدقة من ذكرالله والصيام من ذكر الله والسعي إلى المساجد من ذكر الله وكل فعل تريدون به وجه الله فهو من ذكر الله أكثروا أيها المسلمون من ذكر الله ولا تكونوا ممن أغفل الله قلبه عن ذكره واتبع هواه فإن ذلك تضيع عليه حياته ويكون أمره فرطا لا يكتسب شيئا ينزع الله البركة من عمره وعمله كما قال الله عز وجل ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)(الكهف: من الآية28) أيها المسلمون أكثروا من ذكر الله قبل أن يحال بينكم وبينه إما بموت أو بعجز أو بالحرمان من ذكر الله عقوبة لكم على غفلتكم نسأل الله أن يعفو عنا جميعا وأن يحيي قلوبنا بذكره أيها المسلمون لا يشغلنكم عن ذكر الله مال ولا بنون فإنما (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف:46) إن الباقيات الصالحات كل عمل صالح وعلى رأسها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله عباد الله إن ذكر الله ربح وغنيمة وإن الغفلة عن ذكره غرم وخسارة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تره فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم وإن التره إن التره هي النقص والحرمان فكل مجلس لا تذكر الله فيه ولا تصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه خسارة عليك أيها المسلمون إن ذكر الله تعالى يكون عاما مطلقا في كل وقت كما قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ويكون مقيدا إما بعمل كأذكار الوضوء والصلاة والحج وإما بزمن كأذكار الصباح والمساء وإما بأحوال ففي الوضوء التسمية في أوله والتشهد في آخره أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين والأذكار بعد الصلوات معروفة ومنها أن تستغفر الله ثلاثا حين تسلم وتقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وتسبح عشرا وتحمد عشرا وتكبر عشرا فتقول سبحان الله عشر مرات والحمد لله عشر مرات والله أكبر عشر مرات هذه صفة أو تقول سبحان الله ثلاث وثلاثين مرة والحمد لله ثلاث وثلاثين مرة والله أكبر أربع وثلاثين مرة وهذه صفة أو تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاث وثلاثين مرة فالجميع تسعة وتسعون وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لتكون مائة فهذه صفة ثالثة أو تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس وعشرين مرة لتكون مائة فهذه صفة رابعة وكذلك تقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار أما الصفات الأربع فإن بعضها بدل عن بعض أي أنك تقول هذا مرة وتقول هذا مرة وفي الحج يقول الله عز وجل (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرا)(البقرة: من الآية200) وأذكار الصباح والمساء معلومة ومنها أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو عل كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده وأعوذ بك من شر هذا اليوم ومن شر ما بعده رب أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر أو سوء الكبر وأعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر ويقول في الليل بدل أصبحنا وأصبح الملك لله يقول أمسينا وأمسى الملك لله ويقول بدل اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم يقول في الليل أسألك خير ما في هذه الليلة وأما الذكر في الأحوال فأنواعه كثيرة بحسب الحال فمن ذلك الذكر عند الكرب إذا أصاب الإنسان كرب فإنه يقول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ما دعا بها صاحب غم إلا فرج الله له بها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند ا لكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ومن ذلك أيضا الذكر إذا عصفت الريح واشتدت يقول اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ومن ذلك عند الرعد فقد كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا سمع الرعد وهو يتكلم قطع الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وقد صنف العلماء رحمهم الله كتبا كثيرة في الأذكار منها كتاب الأذكار للنووي والوابل الصيب لابن القيم والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيميه فرحمة الله عليهم أجمعين اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم اجعلنا في أهلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات من الذين اغتنموا أوقاتهم بالباقيات الصالحات اللهم أعصمنا يا مولانا من الغفلة عن ذكرك ومن التشاغل بما لا يقربنا إليك (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8) واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منقول
تعليق