الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد :
شهرٌ فضيلٌ وضيفٌ خفيفْ ، هُــو شهْـرٌ غيـر كُل الشُـهـورْ
شهْــرُ الإحســانْ والتوبــة والرحمة والمغفــرة والرضوانْ
شهــرُ البركات والعبادات وشهْـرُ الحسنات والصدقــاتْ
إنه شهرُ رمضان الكريم ، شهرُ الصيام والقيام وتلاوة القرْآنْ
فياباغي الخيْـر أقبلْ ، ويا باغي الشر أدبـــرْ
أحبتي في الله ...
ها نحن بدأنا العد التنازلي لاستقبال شهر رمضان المُبارك ، فلم يبْق الكثير ....
شهور ، بلْ هي أيام قلائلْ ويحــلُ علينا رمضانُ ببركاته ونفحاته العطرة
وها نحْـنُ نُعدُ العُدة ونجهـز أنفسنا ترقبا وشوقا لهــلال رمــضانْ
ولكــن ْ ، إخوة الإسلام ...
مـا هـي هذه العُـدة التي أعددْناها وما هـي التحضيرات التي جهزناها ؟
رمضانُ شهـرٌ يمـر علينا كُل عام ، لكـنْ لماذا لا نجــعلُ رمضان لهذا
العام مخْتلفا ومميزا عما سبق من الأعـــوام ؟
فقدْ انتشرت الكثير من العادات السيئة القبيحة والمفاهيم الخاطئة الـمُضللة بين الناس عن هذا الشهر المُبارك ، فلماذا لا نسعى لمحاربتها والقضاء عليها ليكون رمضانُ هذا العام فُــرصة لنا للعبادة وتجديد التوبة وصفاء القلب والعتق من النيران والفوز بأعلى درجات الجنانْ .
فهُناك من يرى أن شهر رمضان المُباركْ هو شهر التنويع في المأكولات
والمشروبات والحلويات وشتى أنواع الطعام ، فتجد شُغله الشاغل قبل رمضان هو كيفية تخصيص أكبر قدر من الميزانية والمدخول في اقتناء ما لذ وطاب لدرجة أن هناك من الناس من يلجأ إلى الاقتراض وجمع أكبر قدرٍ من الأموال قبل دخول رمضان لصرفها على مائدة السحور والإفطار ، وهذا أصبح هم الكثيرين من الأمة اليوم وهم غيرُ واعين بخُطورة هذا التبذير والإسراف في الطعام الذي نهانا عنهُ ربنا سبحانه ونبينا عليه الصلاة والسلام ... فلو قرأنا سيرة رسولنا الكريم وزوجاته أمهات المؤمنين وصحابته الطاهرين - رضي الله عنهم أجمعين - لو جدنا أن الكثير منهم لم يكن يصوم ويُفْطر إلا على التمر والماءْ .
وهناك من يترقب الشهـْر الفضيل فقطْ لمتابعة الفـوازير والأفلام والمُسلسلاتْ على مُختلف القنواتْ - والعياذُ بالله - هذه القنواتْ التي تدعي العُروبة الإسلامْ ولكنها تُحضر لاستقبال أفضل مواسم العبادة مجموعة من البرامج الساقطة التي تُفْسدُ الصيام فنجد هذه المحطات الفضائية تتنافس على عرض أجدد الـمُسلسلات والمُسابقاتْ بلْ تسْعى جاهدة لإشهارها والترويج لها قبل حلول شهــرٍ الأجدر بنا فيه مُضاعفة العبادة والطاعة لكسب رضا الرحمن بدل إفساد صيامنا وتضييع أثْمن أوقاتنا في تلك التفاهات والسفاهاتْ
بينما يوجــدُ الكثير من الناس الذي يقْــضي مُعْظم نهاره في رمضان نائمـا لأنهُ - حسب قوله - لا يتحملُ الصيامْ - وخاصة إذا كان من المُدخنين - ، فإذا حان وقت الإفطار سارع إلى مائدة الطعامْ ومنها إلى المقاهي أو التجول في الطرقاتْ حتى آخر الليل - فهو على حسب قوله ينتظرُ السحورْ - ، أقول لك أيها المُسلم نـمْت من السحور حتى الفطور ولم تُصل التراويح ولا القيام فكيف تُحس بنكهة رمضان ؟
أما عن العادات السيئة التي تنتشر بين النساء خاصة في رمضان فحدث ولا حرج .
فالكثيرات من النساء أصبحن مُدمنات على تلك السهرات في رمضان ، فيالتها كانت تجمُعات وعظ وتذكير وإرشاد ، أو حلقات ذكْرٍ وتلاوةٍ وتدبُرٍ في آيات وكلمات القُرآن بل هي - والعياذُ بالله - سهراتٍ فيها الكثير من المعاصي والـمُحرمات ، فمن الغيبة والنميمة وأكل لحوم الناس والخوض في أعراض فلانة وفلان إلى التحدُث عن حلقات المُسلسل الفُلاني وسيرة هذه الفنانة وذلك الفنان ْ.
أحبتي في الله ، هذه بعضٌ من العادات المُسْتقْبحة التي أصبحت مُنْتشرة بكثرة بين أفراد المُجْتمع الإسلامي في رمـضانْ .
فهلموا بنا إخوة الإيمان ،إلى رمضان مُميز لهذا العـامْ
فإذا كانت فينا عادة سيئة من تلك العادات ، فلنتعاهدْ على تركها والإقلاع عنها والتوبة النصوح منها والابتعاد عن كُل ما يُغضب الرحمن ، ولْتكُن هذه الأيام التي تفْصلُنا عن رمضان بداية لحياة جديدة ملؤُها العِبادةُ والطاعةُ والسعْيُ وراء كسب رضا الرحمن .
إخوتي في الله ، فلتكنْ مبادؤُنا ابتداءا منْ هذا اليوم كما يلي :
1 - أن ننوي التوبة النصوح والعودة إلى الله سُبْحانه بقلب خاشعٍ مُتبتل ْ فهو سُبْحانه يقبلُ التائبين ويفْرحُ بعودة المُذنبين ولنتذكرْ أنه مهما عظُمتْ ذنوبنا فعفوهُ أعظم ْ ورحمتهُ أوسعْ
2- مُحاولة الاستيقاظ لصلاة القيام ولو ركعتين كُل ليلة وما يليها من التسبيح والاستغفار والدعاء .
3 - التوبة والاقلاعُ عن مُتابعة المُسلسلاتْ والأفلام والأغاني فهي تُغْضب الرحمن وتسبب قسوة القلب والاشتغال بما يفيدنا في الدُنيا وفي الآخرة وملء أوقاتنا بالذكر والعبادة
4- الحرصُ والـمُداومة على تلاوة كتاب الله والتدبر في آياته و أن ننوي ونسعى إلى ختْمه عدة مرات في رمضانْ لمُضاعفة الأجر والثواب والحسناتْ .
5- أن يكون شعارُنا لاستقبال الضيف الكريم : أهلا بك يا رمضانْ ، يا شهر الرحمة والغُفْرانْ ، عاهدتُ نفسي أن تكون هذه المرة مختلفا ومُميزا عن كُل عام.
ختاما أحبتي في الله ...
لا يسعُني إلا أن أدعو الله القدير لكم ولنفْسي أن يُبلغنا رمضان لهذا العامْ ، وأن يجْعلنا فيه من العُتقاء من النارْ وأن يتقبل منا الطاعات والقُرباتْ ... آمين
والحمدُ لله رب العالمينْ .
م
ن
ق
و
ل
ياحافِظَ القُـرآنِ لستَ بـِ حافظٍ
حتى تكون لمِا حَفِظتَ مُطَبِقاً
ماذا يُفيدُكَ أن تُسَمَّـى حافظاً
وكتابُ رًبِّكَ في الفؤادِ تمزّقا