إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رمضان والتوبة إلى الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رمضان والتوبة إلى الله

    رمضان وقفة للمحاسبة
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه
    ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
    من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    .... أما بعد ..أحبتي في الله
    ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    رمضان وقفة للمحاسبة


    --------------------------------------------------------------------------------




    الحمد لله رب العالمين ، إله الأولين والآخرين ، هو الأول بلا ابتداء ، والآخر بلا انتهاء ، كل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم وإليه المرجع والمآب .

    وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه ما فاحت الأزهار ، وما أشرقت الأنوار ، وما تعاقب الليل والنهار ، وسلم تسليماً كثيراً .

    أما بعد :

    إن من نظر إلى الدنيا بعين البصيرة لا بعين البصر ، أيقن أن نعيمها ابتلاء ، وحياتها عناء ، وعيشها نكد ، وصفوها كدر ، وأهلها منها على وجل ، فالدنيا إما نعمة زائلة أو بلية نازلة أو منية عاجلة أو آجلة .

    من اطمأن إليها أقلقته ، ومن ركن إليها ذلته ، ومن وثق بها خانته ، ومن استعان بها تركته ، ومن استنصر بها خذلته ، ومن فرح بها أحزنته ، ومن أراد منها الوصال هجرته ، ومن أراد منها القرب أبعدته .

    أختي إن من غفل عن نفسه تصرمت أوقاته ، واشتدت عليه حسراته ، وأي حسرة على العبد أعظم من أن يكون عمره عليه حجة ، وتقوده أيامه إلى مزيد من الردى والشقوة .


    أختي في الله : هل تذكرت الموت وسكراته ؟! وشدة هوله وكرباته ؟! وشدة نزع الروح منك ؟! فإن الموت كما قيل أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير ، وقرض بالمقاريض ، فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته ، وصعوبة كأسه ومرارته ، فالموت لا يخشى أحدا ، ولا يبقى على أحد ، ولا تأخذه شفقة بأحد ، وصدق الله حيث يقول سبحانه : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت ) آل عمران / 185 ، نعم ( كل نفس ذائقة الموت ) لا فرق بين نفس ونفس ، لا فرق بين صغير وكبير ، وعظيم وحقير ، وغني وفقير ، فجدير بمن الموت مصرعه ، والتراب مضجعه ، والدود أنيسه ، ومنكر ونكير جليسه ، والقبر مقره ، وبطن الأرض مستقره ، والقيامة موعده ، والجنة أو النار مورده ، أن لا يكون له فكر إلا في ذلك ، ولا استعداد إلا له .

    أختي المسلمة :

    هل تذكرت القبر وظلمته ؟! وضيقه ووحشته ؟ هل تذكرت ذلك المكان الضيق ، الذي يضم بين جوانبه جثث الموتى من عظيم وحقير ، ومالك ومملوك ، والقبر إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ، وإما دار كرامة وسعادة ، أو دار إهانة وشقاوة .

    فواعجباً لأهل المعاصي يعلمون أنهم إلى القبر صائرون ! ثم واعجباً لأهل الغفلة والإعراض ، كيف لا ينتبهون من غفلتهم ويستيقظون من سباتهم ، وهم يعلمون أنهم غداً في بطون اللحود مقيمون ؟!

    أختي : هل تذكرت أول ليلة في القبر ؟! حيث لا أنيس ولا جليس ، ولا صديق ولا رفيق ، ولا زوجة ولا أطفال ، ولا أحبة ولا أعوان ، ولا أقارب ولا خلان .. ( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) الأنعام / 62 .

    فيا أختي الحبيبة ! تخيل نفسك بعد ثلاثة أيام وأنت في قبرك وقد جردت من الثياب ، وتوسدت التراب ، وفارقت الأحباب ، وتركت الأصحاب ، ولم يكن معك جليس ولا أنيس إلا عملك الذي قدمته في الدنيا ، فماذا تحب أن تقدم لنفسك وأنت في زمن الإمهال حتى تجده في انتظارك يوم انتقالك إلى دار الجزاء والحساب ؟! ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ) آل عمران / 30 .


    أختي في الله ! هل تذكرت النفخ في الصور ؟! والبعث يوم النشور ؟! وتطاير الصحف ! والعرض على الجبار جل جلاله والسؤال عن القليل والكثير ، والصغير والكبير ، والفتيل والقطمير ! ونصب الموازين لمعرفة المقادير ! ثم جواز الصراط ، ثم انتظار النداء عند فصل القضاء ! إما بالسعادة وإما بالشقاء .

    أختي : فمثل نفسك وقد بعثت من قبرك مبهوتاً من شدة الصاعقة ، شاخص البصر نحو النداء ، وقد ثار الخلق ثورة واحدة من القبر ، مفزوعين من شدة النفخ ، ووقفوا في ذل وانكسار منتظرين بما يقضى عليهم فكيف حالك وحال قلبك ؟! فتأمل يا مسكين في طول هذا اليوم ، وشدة الانتظار فيه ، والخجل والحياء من الافتضاح عند العرض على الجبار جل جلاله ، ثم انظر كيف يساقون بعد البعث والنشور حفاة عراة غرلاً إلى أرض المحشر ، أرض بيضاء قاعاً صفصفا لا ترى فوا عوجاً ولا أمتا .


    عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصية النقى ليس فيها علم لأحد " رواه البخاري (6521) ومسلم (6686) . وقرصة النقي هو الدقيق النقي من الغش والنخال .

    قال تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً . وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً ) مريم /85 ، 86 ، فعندئذ أصبح الغيب شهادة ، والسر علانية ، والمستور مكشوفاً ، والمخبأ ظاهراً ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، يا أهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت .


    فيا أختي : هل خلوت بنفسك يوماً فحاسبتها عما بدر منها من الأقوال والأفعال ؟ وهل حاولت يوماً أن تعد سيئاتك وزلاتك ومعاصيك كما تعد حسناتك ؟ بل هل تأملت يوماً في طاعتك التي تفتخر بها وبذكرها فوجدت أن كثيراً منها مشوباً بالرياء والسمعة وحظوظ النفس ؟

    فكيف تصبر على هذه الحال ، وطريقك محفوف بالمكاره والأخطار ؟ وكيف القدوم على الله وأنت محمل بالأثقال والأوزار ؟


    قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) الحشر/18 .

    وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم " أخرجه الترمذي (7/145) (2416) وأبو يعلى (9/178) (5271) والطبراني في الصغير (1/269) وغيرهم , والحديث قواه الألباني بشواهده في "الصحيحة"(946) .

    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا " ، وفي رواية " وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، فإنه أهون عليكم في الحاسب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر " ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) الحاقة / 18 . أخرجه الترمذي (7/201) .

    فحري بك يا عبد الله أن تقف مع نفسك هذه الوقفة ، وتحاسب نفسك هذه المحاسبة ، فما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار .

    كان ميمون بن مهران رحمه الله تعالى يقول : يا معشر الشيوخ ، ما ينتظر من الزرع إذا ابيض ؟ قالوا : الحصاد ، فنظر إلى الشباب وقال : إن الزرع قد تدركه الآفة قبل أن يستحصد ، وقبيح بالشباب تأخير التوبة ، وأقبح منه تأخير الشيوخ .

    نعم : أختي الكريمة ، خذ من صحتك لمرضك ومن فراغك لشغلك ، ومن حياتك لموتك ، ومن غناك لفقرك ، وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ، فإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وقل لنفسك :


    ألا يا نفس ويحك ساعديني بسعي منك في ظلم الليالي

    لعلك في القيامة أن تفوزي بطيب العيش في تلك العلالي


    فيا أختي الكريمة : هذا شهر رمضان قد أقبل عليك بعد طول غياب ، جاء إليك بالخير والبشر والبركات ، فيه تتنزل الرحمات ، وتغفر الذنوب والسيئات ، وتقال فيه العثرات , وتفتح فيه أبواب الجنان , وتغلق فيه أبوب النيران , وتصفد فيه مردة الشياطين ، فهلا أخذت من رمضان وقفة للمحاسبة ، وفرصة للمصالحة مع الله ، وفتح صفحة جديدة من صفحات حياتك ، تكون بداية التوجه الصحيح إلى الله جل جلاله ، فرمضان وقفة للمحاسبة لمن أراد أن يحاسب نفسه ويسير بها على طريق الجادة .

    فيجب عليك أختي الكريمة : أن تجلس مع نفسك من حين لآخر وتعقد جلسة محاسبة مع نفسك ، تحاسبها بداية عن الفرائض ، مثل التوحيد والصلاة والزكاة والصوم وغير ذلك مما افترضه الله عليك فإن وجدت نقصاً وتقصيراً تداركته ، وبعد ذلك تحاسب نفسك على ما أنت واقع فيه من المعاصي والذنوب كعقوق الوالدين ، وقطعية الرحم ، وأكل الربا , والكذب , والغيبة والنميمة , والنظر إلى الحرام ، وارتكاب الفواحش ، وشرب المحرمات كالدخان والمسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الكبائر والصغائر التي نهاك عنها المولى جلا وعلا ، فيجب عليك أن تقلع على الفور ، وتتدارك ذلك بالتوبة والأوبة والرجوع إلى الله والندم من ما قد جنت يداك ، وعليك أن تكثر من الاستغفار والذكر والدعاء بأن يتوب الله عليك ، وأن يقبل توبتك ، وتدعوه أن يصرفك عن السوء بما شاء وكيف شاء ، وتحاسب نفسك كذلك على الغفلة والإعراض عن الله وعن طاعته ، وتدارك ذلك بالمسارعة في فعل الخيرات والحسنات الماحيات ، وتحاسب نفسك على حركات الجوارح ، ككلام اللسان ومشي الرجلين ونظر العينين ، وسماع الأذنين ، وغيرهما من الجوارح .. وتسأل نفسك عند كل كلمة أو فعلة أو حركة .. ماذا أردت بهذا ؟ ولمن فعلته ؟ وعلى أي وجه فعلته ؟ وما الفائدة من فعله ؟ فهذه الأسئلة تجعلك دائماً أبداً متيقظاً لنفسك آخذاً بخطامها ، وعليك أن تلجم نفسك بلجام التقوى , حتى تكون من الفائزين ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) النور/ 52 .

    هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
    </b>
    ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
    "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
    الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

  • #2
    رد: رمضان والتوبة إلى الله

    رمضان بين العادة والعبادة

    الحمد لله.. فرض على عباده صيام شهر رمضان وأنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:

    فاعلم أخي المسلم أن الصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام فرضه الله على عباده تزكيةً لنفوسهم وتربية لأبدانهم، وغذاءً لقلوبهم، قال سبحانه وتعالى:
    يَا أَيُهّا الذين آمنُوا كُتِبَ عَليكُمُ الصّيامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلكُم تَتقُونَ [البقرة:179]، لا كما يزعمه أهل الضلال والانحلال من أن الله فرضه ليشق على عباده ويكلفهم مالا يطيقون، وإنما السر: لِيَعلم اللّهُ من يَخَافُهُ بِالغَيبِ [المائدة:94]، وإلا لو قال العبد: إني صائم وانزوى في مكان عن أعين الناس يأكل ويشرب ويستمتع ما شعر به أحد، لكنه لا يغيب عمن لا تخفى عليه خافية، فهذه الخشية بالغيب هي سر التكليف لَعَكُم تَتَقُونَ .

    على من يجب؟.. وهو واجب على المسلم العاقل البالغ القادر المقيم. وحقيقته الإمساك عن جميع المفطرات بنية التعبد لله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    ماهو فضله؟.. هو من أجلّ العبادات وأفضلها، قال سبحانه:
    شَهّرُ رَمَضّانَ الّذي أُنزِلَ فيهِ الّقُرآنُ [البقرة:185]، فإنزال القرآن فيه علامة على فضله.

    وقال سبحانه في الحديث القدسي:
    { كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به } [متفق عليه من حديث أبي هرّيرة رضي الله عنه].

    قال ابن رجب في لطائف العارف: ( فاستثناء الصيام لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافاً كثيرة بغير حصر ولا عدد، فإن الصيام من الصبر والله قد قال في الصبر: إنّمَا يُوَفّى الصابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ [الزمر:10] ولهذا ورد عن النبي { أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر } [رواه أبو داود]، وفي حديث آخر قال: { الصوم نصف الصبر } [رواه الترمذي].

    والصبر ثلاثة أنواع، صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم، فإن فيه صبراً على ما يحصل للصائم فيه من الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن.

    شرف الزمان يحصل به مضاعفة الأجور على الأعمال.. جاء في الصحيحين عن النبي أنه قال:
    { عمرة في رمضان تعدل حجة }، أو قال: { حجة معي } ، وذكر أبو بكر بن أبي مريم عن أشياخة أنهم كانوا يقولون: ( إذا حضر رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة، فإن النفقة فيه مضاعفة كالنفقة في سبيل الله، وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة في غيره ).

    قلت: والمقصود بالانبساط في النفقة أي على الفقراء والمحتاجين وتفطير الصائمين ونحو ذلك لا ما يفعله كثير من الناس اليوم من الإسراف بالمآكل والمشارب.

    وقال النخعي.. صوم يوم في رمضان أفضل من ألف يوم، وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة، وركة فيه أفضل من ألف ركعة.

    وقد يضاعف الثواب بأسباب أخرى منها: شرف العامل عند الله وقربة منه، وكثرة تقواه، كما ضوعف أجر هذه الأمة على أجور من قبلهم من الأمم و أعطوا الكفلين من الأجر.

    أخي الحبيب.. بعد هذا الترغيب وما علمت من فضائل الصيام، دعني يا رعاك الله أنتقل بك إلى أحوال الناس في الصيام بين العادة والعباده فلعلك تكون ذاك المتعبد لا المتعود.

    صيام العارفين.. فالعارف بالله المحقق للعباده هو الذي عرف أن الصيام سرًّ بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره، لأنه مركب من نية لا يطلع عليها إلا الله وترك لتناول الشهوات التي يستخفي بتناولها في العادة ولذلك قيل: لا تكتبه الحفظة، وقيل: إنه ليس فيه رياء، كذا قاله الإمام أحمد، حتى كان بعض الصالحين يود لو تمكن من عبادة لا تشعر بها الملائكة الحفظة.

    وقال بعضهم: لما اطلع على بعض سرائره: إنما كانت تطيب الحياة لما كانت المعاملة بيني وبينه سراً ثم تمنى على نفسه بالموت فمات، فالمحبون يغارون من اطلاع الأغيار ( أي الغير ) على الأسرار التي بينهم وبين من يحبهم ويحبونه..


    نسيم صبا نجد متى جئت حاملاً *** تحيتهم فاطر الحديث عن الركب


    ولا تذع السر المصون فإنني *** أغار على ذكر الأحبة من صحبي

    وبعض المؤمنين لو ضرب على أن يفطر في شهر رمضان لغير عذر لم يفعل لعلمه بكراهة الله لفطره في هذا الشهر، وذلك من علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه فتصبر لأنه فيما يرضي مولاه وإن كان مخالفاً لهواه، ويكون ألمه فيما يكرهه مولاه وإن كان موافقاً، وإذا كان هذا فيما حرّم لعارض الصوم من الطعام والشراب ومباشرة النساء فينبغي أن يتأكد ذلك فيما حرّم على الإطلاق كالزنا وشرب الخمر وأخذ الأموال والأعراض بغير حق وسفك الدماء المحرمة، فإن هذا يسخط الله على كل حال، وفي كل زمان ومكان، فإذا كمل إيمان المؤمن كره ذلك كله أعظم من كراهته للقتل والضرب، ولهذا جعل النبي من علامات وجود حلاوة إيمان:
    ( أن يكره أن يعود الى الكفر بعد أن أنقذة الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) ، وقال يوسف عليه السلام: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [يوسف:33]، وسئل ذو النون المصري، متى أحب ربي؟ إذا كان ما يكرهه أمرّ عندك من الصبر... قال الشاعر:


    عذابي فيك عذب *** وبعدي فيك قرب


    وأنت عندي كروحي *** بل أنت منها أحب


    حسبي من الحب أني *** لما تحب أحب

    وهذا المحب العارف لربه علم أن الصيام كسر للنفس فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة، فإذا انكسرت النفس تخلى القلب للفكر والذكر، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب، ولهذا جعل النبي الصوم وجاء لقطعه شهوة النكاح.

    وخصلة أخرى من خصال هذا المحب المحقق لعبادة ربه في الصيام علمه بأنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرمه الله في كل حال، من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم عملاً بقوله :
    { من لم يدع قول الزور والعمل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } [أخرجه البخاري]، قال أحدهم:


    إذا لم يكن في السمع مني تصاون *** وفي بصري غض وفي منطقي صمت


    فحظي إذاً من صومي الجوع والظما *** وإن قلت إني صمت يومي فما صمت

    وهذا المحب أيضاً هو الذي استبشر بدخول الشهر لعلمه بما يجده من اللذه بصيامه ومن أنس في قيامه، فنهاره تسبيح وتهليل وتحميد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وصدقة وبر وإغاثة وإحسان، وليله لا يتهجع فيه إلا القليل تحسباً للهجوع الطويل
    كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:18،17]، سرى المحب في مناجاة حبيبه ونجوم الليل تضيء مواطن سجوده، تدبر واعتبار واستغفار بالأسحار فهو على هذا الحال طوال أيام شهره ولياليه، بل إذا أدركته العشر الأواخر جدّ كما كان يجدّ رسول الله فيشد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله مستشعراً قوله صلى الّه عليه وسلم: { من قام ليلة القدر إيماناً وإحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } مستحضراً قوله : { التمسوها في العشر الأواخر من رمضان } فإذا كانت صبيحة العيد تحققت له أولى الفرحتين ممزوجة بالحزن على فراق الحبيب الذي قضى في كنفه طوال أيام الشهر، فإذا دموعه تنهمر حين يصبح مفطراً حامداً لله على تمامه الصيام حزيناً على فراق رمضان ولسان حاله يقول:


    إذا الخل أرسى بالمقام رحاله *** تمنيت أن تبقى دواماً مدانيا


    نقيم على الإحسان والعيش طيب *** كأنا بجنة عدن بين تلك الرواتيا


    وفي لحظة عزم الرحيل وقال لي *** شددت رحالي صوب أهلي وداريا


    وفي قابل ألقاكم بعدغيبة *** فأشعرته قد لا أكون ملاقيا

    فمن كانت هذه حاله فهنيئاً له وليبشر فإن هذا من علامة قبول العامل وعمله، والله رؤوف رحيم لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً.


    صيام المتعودين:

    وأما الآخر ذلك الصائم بالعادة لا بالعبادة فحدث عن حاله ولا حرج، وهم في هذا الزمان كثير إلا من رحم الله، جعلني الله وإياكم ممن رحم. قال تعالى:
    وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، فمن هؤلاء من يصوم على الموائد لا على ما يقتضيه الإيمان ويوجبه، فلجهله وقلة فقهه قد لا يفطر لعذر، ولو تضرر بالصوم مع أن الله يحب منه أن يقبل رخصته، ولكن جرياً منه على العاده لا ينظر وهو مع ذلك قد اعتاد ما حرم الله من الزنا وشرب الخمر وأخذ الأموال والأعراض أو الدماء بغير حق، فهذا يجري على عوائد في ذلك كله لا على مقتضى الإيمان.

    ومن هؤلاء من إذا صام عن شهواته المحرمة التي اعتاد فعلها في غير رمضان كان صيامه عنها وقتياً فتراه يتحين غروب الشمس متى تغيب ليهرع إلى ما استمراً عليه من شهواته المحرمة، بل ربما بادر بالفطر على شيء من هذه المحرمات كما يفعل بعض المدخنين هداهم الله.

    وربما لو صام بعضهم عما أباحه الله من الأكل والشرب والجماع، لكنه في الحقيقة لم يصم عن بقية المحظورات كاللغو والسباب والغيبة والنميمة والغشّ في التعامل والربا والزور والبهتان وسائر العصيان مما حرمه الله على الإطلاق فكيف بحرمته على الصائم، وقد قال النبي :
    { رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر } فالصيام قربة ولكن هذا التقرب إلى الله بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب بترك المباحات كان بمثابة من ترك الفرائض ويتقرب بالنوافل، وفي مسند الإمام أحمد أن امرأتين صامتا في عهد النبي فكادتا أن تموتا من العطش، فذكر ذلك للنبي ، فأعرض، ثم ذكرتا له فدعاهما أن تتقيئا، فقاءتا ملء قدح قيحاً ودماً وصديداً ولحماً عبيطاً، فقال النبي : { إن هاتين صامتا عما أحل لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلستا إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس } [حديث ضعيف].

    ومن هؤلاء أصحاب الصوم بالعادة من تراه يتكلف السؤال عن أمور سكت عنها الشارع رحمة بالأمة وفي جعبته من الكبائر ما يحتاج إلى إصلاحها والتوبة منها، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: { ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم } [رواه البخاري ومسلم].

    ومن أهل الصيام بالعادة من لم يستشعر لذة الصيام وحلاوة القيام، فإذا أفطر من يومه كأنه انحط عنه ثقل عظيم، فإذا حل الفجر لصيام اليوم التالي عاد إليه ذلك الثقل وزاد عليه الهمّ يحسب لأيام الشهر متى يفرح بآخر أيام الشهر وكأن شهره دهر، وهو كذلك مع القيام في لياليه يحفظ عبارة ( ما هي إلا سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ) وفي المحرمات لم يحفظ ( يعاقب فاعلها ويثاب تاركها ) والصيام عند هؤلاء أيضاً يقطع عنهم لذة التمتع في نهارهم بأكل الحرام وشرب الحرام وارتكاب الحرام مع أنهم في لياليهم لا يتورعون عن ذلك كله، فليلهم يهدم نهارهم، وسيئاتهم تذهب حسناتهم، يقول قائلهم:


    إذا العشرون من شعبان ولّت *** تتابع شرب ليلك بالنهار


    ولا تشرب بأقداح صغارٍ *** فإن الوقت ضاق على الصغار

    فإذا انقضى انتابته سعادة جوفاء باهتة بانقضاء الشهر لا بالفرح بالصيام والقيام، وذلك لأنه لم يصم على سبيل التعبد ولكن على سبيل التعود، فلم يحدث الصيام عنده توبة أو إنابة ولا مزيد طاعة أو عبادة وإنما لسان حاله يقول:


    رمضان ولّى هاتها يا ساقي *** مشتاقة تسعى إلى مشتاق

    فما أن ينقضي الشهر إلا ويعود على ما كان عليه من الغفلة والإعراض، وهكذا دواليك زماناً بعد زمان حتى يبادره هادم اللذات كأن لم يثبت فيها إلا ساعة من نهار، ولو فحصت القوم لوجدت أهل العادة أكثر وأهل العبادة قليل، وصدق الله إذ يقول:
    إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ [ص:24].

    فهل لك أخي - يا من ترجو رحمة الله - أن تسعى لتكون من القليل، جعلني الله وإياك منهم ووالدينا وإخواننا المسلمين.

    وختاماً:
    هَذَا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيعلَمُوا أنَما هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيذّكّرَ أولُوا الألبابِ [إبراهيم:52].

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    </b>
    ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
    "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
    الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

    تعليق


    • #3
      رد: رمضان والتوبة إلى الله

      اصناف النساء فى رمضان
      الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..

      لما كانت أخواتنا الكريمات حريصات على عمل الخير وفعله والاجتهاد في طاعة الله تعالى واستغلال الفرص في مرضاة الله تعالى، كان البعض منهن يجهل بعض الأحكام في دين الله تعالى وسُنة نبيه محمد ، وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وهو شهر المسارعة والمسابقة في الخيرات، رأينا إصدار هذه المطوية من كتاب
      ( أصناف النساء في رمضان للشيخ محمد المسند ). حتى تستفيد منها الأخت المسلمة وتجتهد في طاعة الله تعالى على علم وصواب ولا نريد لها كما قال الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ( وكم من مريد للخير لم يبلغه ) [مركز الكتاب والشريط الخيري].


      أصناف النساء في رمضان


      منهن من تقضي جل وقتها في المطبخ فتنشغل عن ذكر الله وقراءة القرآن، ويفوتها الأجر العظيم المترتب على ذلك، وكأن شهر رمضان شهر الأكل والشرب لا شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن.

      ومنهن من ترغب في الصلاة والصيام مع الناس فتتعاطى حبوب منع العادة الشهرية، والأولى أن لا تفعل ذلك، وترضى بما كتب الله عليها، فإن مثل هذه الحبوب لا تخلو من أضرار ذكرها الأطباء، والله عز وجل إنما كتب ذلك على بنات آدم لحكمة يعلمها سبحانه ففي منعها مضادة للفطرة.

      ومنهن من إذا حاضت أو نفست فترت عن ذكر الله وتلاوة القرآن مع أن الحائض يجوز لها على الصحيح من أقوال أهل العلم أن تقرأ القرآن ولكن لا تمس المصحف بل تمسكه بحائل، كما أن بإمكانها قراءة الكتب المفيدة، والاستماع إلى القرآن وغيره من البرامج النافعة من المذياع أو الأشرطة المسجلة وهي متوفرة ولله الحمد، ولها الأجر على قدر نيتها.

      ومنهن من تخرج إلى المسجد لصلاة التراويح لكنها تخرج غير محتشمة قد كشفت ما لا يحل لها كشفه والمرأة كلها عورة، وربما جاءت إلى المسجد منفردة مع سائق أجنبي عنها وهذا من الخلوة المحرمة، فمثل هذه جلوسها في بيتها خير لها. ( وقد عقد الحافظ عبدالمؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله في كتابه: [المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح] فصلاً بعنوان: " ثواب صلاة المرأة في بيتها " ننقله مختصراً: (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { لاتمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن } [رواه أبو داود]. وعنه عن رسول الله قال: { المرأة عورة، وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها } [رواه الطبراني بإسناد جيد]. وعن ابن مسعود عن النبي قال: { صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها } [رواه أبو داود وابن خزيمة]. والمراد أن المرأة كلما استترت وبَعُد منظرها عن أعين الناس كان أفضل لصلاتها، وقد صرّح ابن خزيمة وجماعة من العلماء بأن صلاتها في دارها أفضل من صلاتها في المسجد، وإن كان مسجد مكة أو المدينة أو بيت المقدس، والإطلاقات في الأحاديث المتقدمة تدل على ذلك، وقد صرّح النبي بذلك في حديث أم حميد الآتي. فالرجل كلما بعد ممشاه وكثرت خطاه زاد أجره وعظمت حسناته، والمرأة كلما بعد ممشاها قل أجرها ونقصت حسناتها. وعن أم حميد - امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما - أنها جاءت إلى النبي فقالت: ( يا رسول الله إني أحب الصلاة معك ). قال: { قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي}. قال: فأَمرت فبُنيَ لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل [رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان]. وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد. هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول، فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا؟! ) انتهى كلامه رحمه الله وهو في القرن السابع.

      ومثلها من تأتي إلى المسجد بأطفالها الصغار فلا تسأل عما يحدث بعد ذلك.. فهذا يبكي، وهذا يصرخ، وآخر يجري هنا وهناك، وربما اجتمع بعضهم فحولوا المسجد إلى ساحة للعب والمطاردة، وقد تمتد أيديهم إلى المصاحف فيعبثون بها أو إلى المصلين فيؤذونهم، ناهيك عما يحدثونه من التشويش عليهم.

      ومنهن من تأتي بالبخور إلى المسجد، وهذا أيضاً ممنوع ومنهي عنه. قال : { أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة } [مسلم]، وعن أبي هريرة أنه رأى امرأة متعطرة فقال إني سمعت رسول الله يقول: { أيما امرأة تطيّبت ثم خرجت إلى المسجد لم تُقبل لها صلاة حتى تغتسل } [صححه الألباني].

      ومنهن من تأتي إلى المسجد لمجرد قضاء بعض الوقت خارج بيتها أو لرؤية فلانة وفلانة لا من أجل الصلاة، وربما حوّلن المصلى إلى منتدى للأحاديث الخاصة، وقد يرفعن أصواتهن فيسمعهن الرجال.

      ومنهن من لا تعرف أحكام صلاة الجماعة فإذا جاءت إلى المسجد متأخرة وقد فاتها بعض الركعات لا تدري ما تصنع، فربما كبرت بمفردها وصلت ما فاتها ثم دخلت مع الإمام، وربما فعلت غير ذلك، والصواب أن تدخل مع الإمام مباشرة على أي حال كان ثم تقضي ما فاتها بعد سلام الإمام ولا تسلَم معه.

      ومنهن - بل أكثرهن - لا يحافظن على تسوية الصفوف وإتمامها وسد الفرج، وقد يختلفن في الصف المفضل، فبعضهن يتأخرن في الصفوف الأخيرة، وبعضهن يتقدمن إلى الصفوف الأولى، وربما بقي وسط المصلى خالياً، وهذا بسبب اختلاف فهمهن لحديث: { خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها }. والصواب ما ذكره علماؤنا حفظهم الله من أن هذا الحديث إنما يعمل به في حال عدم وجود حاجز يفصل بين الرجال والنساء، أما إذا وجد هذا الحاجز وكان ساتراً، أو كان النساء في دور علوي بحيث لا يراهن الرجال فإن الصفوف الأولى تكون هي المفضلة لقربها من الإمام ومن القبلة، والله تعالى أعلم.

      ومنهن من تتأخر في الخروج من المسجد بعد انقضاء الصلاة حتى يخرج الرجال فتختلط بهم عند المخارج والأبواب، والواجب على النساء المبادرة إلى الخروج فور سلام الإمام، كما أن الواجب على الرجال التأخر قليلاً حتى ينصرف النساء.

      ومنهن - وهذا خاص بالفتيات - من تكون على وشك البلوغ، فيصيبها دم الحيض لأول مرة، تخفي ذلك عن أهلها، وتكمل صيامها وهي على غير طهارة - مع أن صيام الحائض لا يصح - ثم لا تقضي الأيام التي صامتها وهي حائض جهلاً منها أو حياءً، فالواجب على الأمهات التنبه لذلك، كما أن الواجب على من وقع لها مثل هذا أن تقضي تلك الأيام التي حاضتها مهما طالت المدة، فإن جهلت عدد الأيام اجتهدت وعملت بما يغلب على ظنها.

      ومنهن من تذهب مع أهلها إلى مكة، وتُحرم معهم بالعمرة ثم يصيبها دم الحيض فلا تخبر أهلها حياءً أو خوفاً، فتدخل معهم الحرم، وتصلي مع الناس، وربما طافت بالبيت وهي على غير طهارة، فتكون بذلك قد ارتكبت خطأً فادحاً، وعمرتها باطلة حتى تطهر فتطوف بالبيت وهي على طهارة، وعليها التوبة إلى الله مما صنعت.

      ومنهن من إذا أحرمت بالعمرة لبست النقاب والقفازين أو أحدهما، والمحرمة منهية عن ذلك لأن إحرام المرأة في وجهها وكفيها فلا تغطيهما إلا إذا كان بحضرتها رجال أجانب فيجب عليها سترهما بخمارها أو جلبابها لقول عائشة رضي الله عنها: { كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - أي محرمات - فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه }.

      علماً بأن النقاب الذي شاع لبسه في الآونة الأخيرة في أوساط النساء - هداهن الله - ليس هو النقاب المعروف في زمن النبي ، فقد توسع نساء هذا الزمن في إظهار العينين وربما بعض الوجه وتجميل العينين ببعض الزينة.. مع ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني وكثرة الخروج لغير حاجة، وعدم التورع من إطلاق البصر يمنة ويسرة، مما حدا بعلمائنا الأفاضل أن يحرّموا لبس مثل هذا النقاب سداً للذريعة وحسماً لمادة الفتنة، فلماذا يصر بعض النساء على لبسه؟

      ومنهن من تقضي ليالي رمضان - وخاصة العشر - في التجول في الأسواق، وأمام نوافذ الخياطين، وفي أماكن أخرى لا تزيدهن إلا غفلة وبعداً عن الله، وربما خرجن بدون محرم، أو متبرجات سافرات، فيرجعن إلى بيتهن مأزورات غير مأجورات، وكان الأولى أن تستغل هذه الليالي الشريفة فيما يقرب إلى الله عز وجل فالمحروم من حرم خيرها وبرها.

      وأيضاً فمن أبواب الخير الواسعة: قيامها على خدمة الصائمين في بيتها، كما في الحديث عنه : { ذهب المفطّرون اليوم بالأجر } كل هذا غير ما تحتسبه من أن يكتب لها مثل ما كانت تعمل أيام طهرها، ففي الحديث عن النبي : { إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً }.

      وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
      </b>
      ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
      "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
      الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

      تعليق


      • #4
        رد: رمضان والتوبة إلى الله

        رمضان والتوبة الى الله

        الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله التواب الرحيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الموصوف بكونه بالمؤمنين رحيما، أما بعد:

        يقول المولى جل وعلا:
        وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون [النور:31] ويقول أيضاً: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً [التحريم:8]
        ، فالتوبة ليست خاصة بالمذنب الجاني فحسب، بل هي عامة في حق جميع المؤمنين الذين يريدون الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة.

        فإن من أعظم نعم الله عز وجل على عباده أن جعل باب التوبة مفتوحاً للتائبين، وجعله فجراً تبدأ معه رحلة العودة إلى الله جل جلاله بقلوب منكسرة، ودموع منسكبة، وجباه خاضعة، وأعناق متذللة.

        عن أبي موسى الأشعري عن النبي قال:
        { إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها } [أخرجه مسلم:4/2113، 2759].

        وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله : { من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه } [أخرجه مسلم:4/2076،2703].

        وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: { إن الله عز وجل يقبل توبة العبد مالم يغرغر } أخرجه أحمد (2/132،1532) والترمذي (3537) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (3/218) (3143) والمشكاة (2343،2449).

        فيا أختي الكريمة: اعلمي إن رمضان فرصة عظيمة للتوبة إلى الله، والرجوع إليه، وتجديد العهد مع خالقك سبحانه وتعالى، واحذير أن تكون من المغبونين وذلك إن انقضى رمضان ولم يغفر لك عياذاً بالله من ذلك.

        عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله :
        { أتاني جبريل فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأُدخل النار فأبعده الله. قل: آمين. فقلت: آمين... } أخرجه ابن حبان في صحيحه والطبراني في الكبير. انظر صحيح الجامع (75).

        وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له... } أخرجه الترمذي (3545) وصححه الألباني في الإرواء (1/36)(6) والمشكاة (7،9).

        فهذا شهر رمضان، شهر بركة وخير، حباه الله بفضائل عديدة، وخصال حميدة، فهو شهر القرآن، وشهر الإحسان، وشهر التوبة وتكفير الذنوب والخطايا، فيه تنزل الرحمات، وترفع الدرجات، وتفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وتصفد فيه مردة الشياطين.

        عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :
        { إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين }، وفي رواية مسلم: { فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين } رواه البخاري (1898) ومسلم (1079).

        فيا أختي الحبيبة: جدي في التوبة، وسارعي في الرجوع والأوبة، فليس للعبد مستراح إلا تحت شجرة طوبى، ولا للمحب قرار إلا يوم المزيد، فبادري بالتوبة والفرار إلى الله، قبل أن تقضي عليك الذنوب، و تتلفك المعاصي والآثام، فاستيقظي من سباتك، وأفيقي من غفلتك، فالأيام تمضي وتمر، فاحذري أن تكوني من المغبونين، بزهدك في جنات النعيم، فسارعي إلى التوبة والندم على ما فات.

        فهذا سيد الأولين والأخرين رسولنا وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لا يفتر أن يتوب إلى الله ويستغفره في اليوم مرات عديدة، فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول:
        { والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة } أخرجه البخاري (6307)، وعن الأغر بن يسار المزني قال: قال رسول الله : { يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة } أخرجه مسلم (2702).

        فليكن لك في رسول الله الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة، فلا تؤجلي التوبة ولا تسوفي بها، ودعي عنك "سوف " وأخواتها.

        نعم وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [آل عمران:185]، فيا مضيعاً يومه وقد ضيعت أمس، قتلت نفسك بالمعاصي والذنوب، ارجع إلى مولاك، واندم على ما فرطت في جنب الله، وأسكب الدمع على أعتاب التوبة، وتذلل إلى ربك واطلب منه الإقالة، تجده فرحاً بك مسروراً.

        نعم إذا تبت إلى الله ورجعت إليه فرح بك فرحاً شديداً، أشد من فرح ذلك الرجل الذي عادت إليه دابته بعدما يئس من رجوعها، أتدري ما قصة هذا الرجل؟

        عن أنس قال: قال رسول الله :
        { لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فأفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك، إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح } رواه البخاري (6309) ومسلم واللفظ له (2747).

        أرأيت يا أمة الله كيف فرح الله بك حين تبتي ورجعتي إليه، وأنتي من أنتي؟ أنتي
        العبدةالفقيرة الذليلة الضعيفة الذي ليس لها حول ولاقوة، وهو من هو؟ هو الله ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى.

        فيا أختي لا تقنطي من رحمة الله، واعلمي أن الله جل جلاله لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا عبد مذنب جاء إليه أن يقبله فهو سبحانه وتعالى واسع العفو، كثير الغفران، غافر الذنب وقابل التوب، سبحانه، وسعت رحمته كل شيء.

        عن أنس قال: سمعت رسول الله يقول:
        { قال الله: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة } أخرجه الترمذي وحسنه الألباني في الصحيحة (1/249-250) (127) والمشكاة (4336).

        فيا أختي: يا من تاب الله عليك من ترك الصلاة إياك والتفريط في أدائها بعد ذلك.

        ويا من عافاك الله من سماع الأغاني الماجنة، ومشاهدة الأفلام الفاسدة، والمسلسلات الهابطة، إياك والرجوع إلى مثل تلك الذنوب العظيمة، والبلايا الخطيرة.

        ويا من أنعم الله عليك بترك شرب الدخان وغيره من الخبائث إياك أن تعودي إليها مرة أخرى بعد أن أنقذك الله من شرها، وشر عواقبها الوخيمة.

        ويا من يصوم عن ما أحل الله له، ولا يصوم عن ما حرم الله عليه من أكل الربا، وأكل أموال الناس بالباطل، بادر بالتوبة قبل أن تفوت الفرصة.

        وفي الجملة أقول لك:

        احمدي الله على أن بلغك شهر رمضان، ومن عليك فيه بالتوبة والغفران، وأسأليه سبحانه وتعالى الثبات على الحق حتى الممات.

        وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحيه وسلم تسليماً كثيراً.
        </b>
        ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
        "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
        الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

        تعليق


        • #5
          رد: رمضان والتوبة إلى الله

          قبل رمضان كلمة ايمان بل كنز تكتسبه
          الحمد لله و كفى والصلاة و السلام على رسوله المصطفى و بعد
          فإن رمضان شهر لطالما حنت إليه نفوس المتقين و اشتاقت إليه قلوب الصالحين ، وكيف لا تحن النفوس إلى شهر المغفرة و الرحمة ، كيف لا تشتاق القلوب إلى شهر الخير و البركة .
          إنه شهر تفتح فيه أبواب الجنان و تغلق أبواب النيران و تصفد الشياطين
          إنه شهر تعتق فيه الرقاب من النار و تضاعف أجور العمال .
          إنه شهر؛ المغفرة قاب قوسين أو أدنى من أحدنا و هذا فضل من الكريم الرحيم .
          أيه الاخوة :
          كيف نفوز بكنوز رمضان الثمينة ، كيف نربح المغفرة و العتق من النار في شهر الخير .؟
          هناك أسباب إذا علمناه و عمانا بها فسوف نربح و نفوز في رمضان .
          1- التوبة إلى الله :
          إن التوبة مطلوبة في كل وقت و لكنها قبل مواسم الخيرات تكون أشد طلبا ، وذلك لان الذنوب هي التي تحول بين العبد و بين اغتنام هذه المواسم يقول الله تعالى ( و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير )
          ومن أعظم المصائب المصيبة في الدين ، أن تمر عليك مثل هذه المواسم و لا تغتنمها في طاعة الله
          إن بعض الناس يظن أنه يعصي الله و الله لا يعاقبه ، وذلك لأنه يرى أن النعم عليه مستمرة و لا تنقطع فالمال موجود و الأولاد بعافية و كل شيء على ما يرام ، ولا يدرى المسكين أنه يعاقب وهو لا يشعر و ذلك بحرمانه اغتنام مثل هذه المواسم بالطاعات ،لان الطاعة شرف و العاصي لا يستحق هذا الشرف ، كان رجل في بني إسرائيل قد أسرف على نفسه بالمعاصي فقال : ( يا رب كم أعصيك و لا تعاقبني ) فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان أن قل له ( كم أعاقبك و أنت لا تدري ، أما حرمتك لذة مناجاتي و طاعتي )
          فيا أخي يا من يريد الفوز و المغفرة بادر بالتوبة و الإنابة قبل رمضان حتى تفوز في رمضان .

          2- الصدق مع الله :
          إن الله يطلع على القلوب و يعلم ما بها / و والله ما من عبد يطلع الله على قلبه فيرى أنه يريد الفوز في رمضان بصدق إلا أعطاه الله الفوز في رمضان و ما من عبد يطلع الله على قلبه فيرى أنه يريد الشهوات و عمل السيئات في رمضان إلا لم يبال الله به في أي واد هلك .
          فالصدق الصدق يا أخوتاها فعلى قدر صدقك يكون فوزك

          3- العزم على اغتنام لحظات و أوقات رمضان بالطاعة :
          إن من أعظم علامات الصدق أن يكون العبد عازما على اغتنام كل دقائق و لحظات رمضان في طاعة الله و ذلك بعمل برنامج يومي يملئ بالطاعات و العبادات حتى لا يترك مجالا لنفسه أن تشغله بالمعصية ، و أن يحاول قدر استطاعته أن يتقن هذه الطاعات و العبادات .
          بل وعليه أن يغتنم رمضان لتعويد النفس على أنواعا من الطاعات ، فلا ينتهي رمضان إلا و قد أخذ حظه منه و تزود بزاد من الأعمال الصالحة التي تربت النفس عليها .
          أن هذا العزم و هذه النية الصالحة في عمل الخير تفيدك كثيرا فلو قدر الله عليك فلم تستطع اغتنام رمضان بالطاعة لعذر و مانع مقبول فإن الله لا يضيع لك هذه النية الصالحة بل حتى لو قدر الله فمت قبل رمضان فإن الله يكتب لك كأنك عملت تلك الصالحات .

          أخي الحبيب :
          ألا ترى معي :
          لمن فتحت أبواب الجنان ، لمن غلقت أبواب النيران ، لمن صفدت الشياطين .
          إنها ليس من أجل الملائكة و لا من أجل خلق آخر ، بل من أجلك يا عبد الله حتى يغفر الله لك حتى يدخلك جنته و يبعدك عن ناره .

          أخي الحبيب أليس عندك قلب تعي به هذه الأمور
          إلى متى و أنت تهرب من ربك و مولاك الذي يريد أن يغفر لك و يرحمك ، إلا متى و أنت تفر من سيدك الرحيم بك الذي يريدك أن تربح معه .

          أخي البدار البدار إلى الجنة إلى المغفرة و الرحمة فالأسباب كله منعقدة لكي يغفر لك الأسباب كلها متوفرة لكي برحمك الله .
          تعرض لنفحات الله و خيرات الله
          يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب ، و غلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وصفدت مردة الشياطين ، وناد مناد من السماء : يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر ، و إن لله عتقاء من النار وذلك كل ليلة من رمضان



          </b>
          ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
          "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
          الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

          تعليق


          • #6
            رد: رمضان والتوبة إلى الله

            الطريق إلى رمضان



            إن المتأمل في كون الله الخالق يجد أن كل شيء يتم عن تنظيم وتدريج مسبق ومتقن من بديع السماوات والأرض حتى بدا كل شيء لا يتم فجأة دون تدريج أو مقدمات، فالمطر يسبقه سحاب،
            والعاصفة تسبقها الرياح،
            كما أن الليل لا يدخل فجأة على عالم البشر،
            أما النهار فبرغم حب الناس له فإنه لم ولن يأتي فجأة حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
            وإن يوم القيامة برغم أنه يوم حسم لا مثيل له فإن الله وضع له علامات كبرى تسبقها علامات صغرى.
            فقط لا يأتي شيء فجأة سوى الموت وحده دون دافع أو منازع ولله في كل ذلك شئون.


            وإن المتأمل في شرع الله تعالى يجد نفس التدريج في كل شيء حتى في العبادات والفروض والأركان؛
            فالصلاة يسبقها الأذان،
            والصلاة تسبقها سنن ورواتب مع أن كليهما صلاة!!
            والزكاة يرافقها صدقة التطوع بكل أنواعها،
            وحج الفريضة يقابله العمرة،
            وصوم الفريضة وأعني به رمضان يسبقه ألوان وألوان من أنواع صوم التطوع كصوم الإثنين والخميس وصوم يوم عرفة ويوم عاشوراء وصوم يوم 13، 14، 15 من كل شهر قمري،
            إضافة لصيام ستة أيام من شوال وبعض ألوان التطوع التي تقدمها النفس إلى خالقها رغبة ورهبة.

            إن من فضل الله عز وجل أن جعل لنا طريقًا إلى رمضان عبر بوابة رجب وشعبان؛ فلا يمكن الدخول إلى رمضان إلا عبرها،
            ومن الصعب أن تحقق كل شيء في رمضان دون الاستعداد له؛
            لأن من أراد السفر فلا بد أن يأذن بالرحيل وإلا ظل مكانه دون سفر أو رحيل.


            وإن المتأمل في أحوال كثير من الناس يجد نوعًا من التعامل الغريب مع رمضان؛ فبرغم أن الأغلب الأعم من الناس يتمنى رمضان كضيف عظيم يسعد به لدرجة يبكي فيها عند مفارقته فإن ثمة تناقضًا في الاستعداد لهذا الضيف!
            فبرغم أن كل الناس ترى رمضان وهو يقترب رويدًا رويدًا بدءاً من رجب ومرورًا بشعبان فإن الواقع العملي يؤكد أن أكثرنا يجد نفسه أمام رمضان وكأنه ظهر فجأة دون أن يظهر له شيء من الاستعداد.


            أما عندما تتفقد فهم الرسول صلى الله عليه وسلم لطبيعة المرحلة التي قبل رمضان؛ فمن المؤكد أن الوضع سيختلف مع رجل في مثل تفكيره ومنطقه،
            وهذا تميز يضاف إلى شخصه صلى الله عليه وسلم في كون أعماله دائمًا تتلمس فيها حسن التخطيط والتدبير،
            إضافة لنوع من التوازن الرائع بين متطلبات الروح والجسد دون أدنى إفراط أو تفريط.


            عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان" رواه البخاري،
            وفي رواية لمسلم: "كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا"، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره.
            وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: "ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".


            ويشير ذكاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى كون شعبان بين شهرين عظيمين -الشهر الحرام وشهر الصيام- وأن الناس قد اشتغلت بهما عنه، فصار مغفولا عنه!! وهذا ما يتميز به الأذكياء عادة أن يفكروا كما يفكر الناس، لكن لا يغفلون ولا ينسون عندما ينسى الناس.

            وفي كلامه صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه.

            وفي كلامه أيضًا دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق؛ لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة، فلماذا رأى الرسول صلى الله عليه وسلم إحياء الوقت المغفول عنه في شعبان بالطاعة؟؟


            1. حتى يكون أخفى للعمل؛ لأن إخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه؛ ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إذا أصبحتم صيامًا فأصبِحوا مدْهنين".

            2. لأن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس؛ لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين لقوله صلى الله عليه وسلم: "العبادة في الهرْج كالهجرة إلي".


            سر صيام النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان:

            رأى بعض العلماء في سر كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم- في شعبان بعض الحكم والأسباب، منها:

            1 - أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها.

            2 - وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك. وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان حتى يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان -كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو قيام الليل قضاه- فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها من فرض رمضان حينئذ لفطرها فيه بالحيض، وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.

            3 - وقيل "لأنه شهر يغفل الناس عنه"، وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان" رواه النسائي.

            4 - لأن صيام شعبان كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرّن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط. ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، كما قال سلمة بن سهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق تجارته وتفرغ لقراءة القرآن، وكان يقول: طوبى لمن أصلح نفسه قبل رمضان!!


            يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.
            </B>

            ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
            "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
            الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

            تعليق


            • #7
              رد: رمضان والتوبة إلى الله

              العشر الأواخر من رمضان

              الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... أما بعد:

              فهذه رسالة في بيان فضل العشر الأواخر من رمضان، وما يستحب فيها من الأعمال، وكيف كان حال النبي في هذه العشر؟
              وفيها بيان لليله القدر وفضل العمل فيها مع بيان أسباب مغفرة الذنوب في رمضان.

              وقد اخترناها من كتاب
              ( لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ) للحافظ ابن رجب الحنبلي، وقد سميناها ( العشر الأواخر من رمضان )
              نسأل الله تعالى أن ينفع بها المسلمين، وأن يهدينا جميعاً إلى الحق والدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

              عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
              { كان رسول الله إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله } وفي رواية: { أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر }
              [رواه البخاري ومسلم].


              الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان

              كان النبي يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعلمها في بقية الشهر:

              فمنها: إحياء الليل؛ فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، ففي حديث عائشة قالت:
              { كان النبي يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر - يعني الأخير - شمّر وشدّ المئزر } [رواه أحمد]. ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: { ما أعلمه قام ليلة حتى الصباح }.

              ومنها: أن النبي كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، قال سفيان الثوري: أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبي أنه كان يطرق فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما:
              { ألا تقومان فُتصليان } [رواه البخاري ومسلم].

              وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يُوتر. وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في وجهه. وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو هذه الآية:
              وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].

              وكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي تقول له بالليل: ( قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا ).


              يا نائماً بالليل كم ترقد *** قم ياحبيبي قد دنا الموعد


              وخُذ من الليل وأوقاته *** ورِداً إذا ما هجع الرّقد


              من نام حتى ينقضي ليله *** ثم يبلغ المنزل أو يجهد


              ومنها: أن النبي كان يشدّ المئزر. واختلفوا في تفسيره ؛ فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدِّه واجتهاده في العبادة، وهذا فيه نظر، والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون منهم سفيان الثوري، وورد تفسيره بأنه لم يأوِِ إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان. وفي حديث أنس: {وطوى فراشه، واعتزل النساء }.

              وقد قال طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ [البقرة:187]:
              إنه طلب ليلة القدر. والمعنى في ذلك أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر؛ لئلا يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالاستماع المباح، فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل، خصوصاً في الليالي المرجو فيها ليلة القدر، فمن ها هنا كان النبي يصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر.

              ومنها: تأخيره للفطور إلى السحر: رُوي عنه من حديث عائشة وأنس أنه كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحوراً. ولفظ حديث عائشة:
              { كان رسول الله إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شدّ المئزر، واجتنب النساء، واغتسل بين الأذانين، وجعل العشاء سحوراً } [رواه ابن أبي عاصم]. وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي ، قال: { لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر }، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: { إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مُطعم يُطعمني وساقٍ يسقيني }
              [رواه البخاري].

              وظاهر هذا يدل على أنه كان يواصل الليل كله، وقد يكون إنما فعل ذلك لأنه رآه أنشط له على الاجتهاد في ليالي العشر، ولم يكن ذلك مضعفاً له عن العمل؛ فإن الله كان يطعمه ويسقيه.

              ومنها: اغتساله بين العشاءين، وقد تقدم من حديث عائشة:
              { واغتسل بين الأذانين }
              والمراد: أذان المغرب والعشاء، قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر. وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر. وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين، ويستجمر ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا، يعني البصريين.

              فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين، والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجُمع والأعياد. وكذلك يُشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب؛ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً.

              ولا يصلح لمناجاة الملوك في الخلوات إلا من زين ظاهره وباطنه وطهرهما، خصوصاً ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى، وهو لا ينظر إلى صوركم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعماكم، فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس، وباطنه بلباس التقوى.



              إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقوى *** تقلب عُرياناً وإن كان كاسياً

              ومنها: الاعتكاف، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه،
              { كان رسول الله يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين }.
              وإنما كان يعتكف النبي في هذه العشر التي يُطلب فيها ليلة القدر، قطعاً لأشغاله، وتفريغاً لباله، وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

              فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقى له هم سوى الله وما يُرضيه عنه. وكما قويت المعرفة والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال.


              ليلة القدر

              قال تعالى:
              إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:1-3]. وعن أبي هريرة عن النبي أنه قال في شهر رمضان: { فيه ليلة خير من ألف شهر، منَ حُرم خيرها فقد حُرم }
              [رواه أحمد والنسائي]. وقال مالك: بلغني أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أُرِي أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العُمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر.

              وأما العمل في ليلة القدر فقد ثبت عن النبي أنه قال:
              { من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه }
              وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة، وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضاً.

              قال سفيان الثوري: الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة. ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً. وقد كان النبي يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكير. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

              وقالت عائشة رضي الله عنها للنبي : أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال:
              { قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفُ عني } والعفو من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يُحبُ العفو ؛ فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض ؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته. وكان النبي يقول: { أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك }
              [رواه مسلم].

              وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو الُمذنب المقصر.


              أسباب المغفرة في رمضان

              عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى عليه وسلم قال:
              { من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه } وعنه قال: قال : { من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه }
              [ رواهما البخاري ومسلم ].

              دل حديث أبي هريرة على أن هذه الأسباب الثلاثة كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، فقيام ليلة القدر بمجرده يكفر الذنوب لمن وقعت له، سواء كانت في أول العشر أو أوسطه أو آخره، وسواء شعر بها أو لم يشعر، ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر.

              وأما صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب له على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه بتمام السببين، وهما صيام رمضان وقيامه.

              فإذا كمل الصائمون صيام رمضان وقيامه فقد وفوا ما عليهم من العمل، وبقى ما لهم من الأجر وهو المغفرة؛ فإذا خرجوا يوم عيد الفطر إلى الصلاة قُسمت عليهم أجورهم، فرجعوا إلى منازلهم وقد استوفوا الأجر واستكملوه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص من الأجر بحسب نَقصِه، فلا يَلُم إلا نفسه. قال سلمان: الصلاة مكيال، فمن وفى وفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين. فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال؛ من وفاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين. أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.



              غداً تُوفّى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا


              إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساءوا فبئس ما صنعوا


              كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، وهؤلاء الذين يُؤتُونَ مَاآتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ [المؤمنون:60]. رُوي عن علي رضي اللّه عنه، قال: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27].

              وعن الحسن قال: ( إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا ). فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.

              ومن أسباب المغفرة فيه أيضاً: تفطير الصوام، والتخفيف عن المملوك، ومنها الذكر، ومنها الاستغفار، والاستغفار طلب المغفرة، ودعاء الصائم يستجاب في صيامه وعند فطره، ومنها استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا، فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محروماً غاية الحرمان.

              فمتى يُغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر؟ متى يُقبل من رُد في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصح من كان به فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟ كلّ ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يُقطع ثم يوقد في النار، من فرط في الزرع في وقت البِذار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسار.


              رمضان شهر العتق من النيران

              وأما آخر الشهر فُيعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار، واستوجب النار بالذنوب الكبار، فإذا كان يوم الفطر من رمضان أعتق الله فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.

              ولما كانت المغفرة والعتق من النار كل منهما مرتباً على صيام رمضان وقيامه، أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال:
              وَلتُكمِلُوا العِدةَ وَلِتُكَبِرُوا اللّه عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَكُم تَشكُرُنَ [البقرة:185].
              فشُكرُ من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته.

              يا من أعتقه مولاه من النار! إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رق الأوزار، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها؟ وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها؟ !

              فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر؛ ففي صحيح ابن خزيمه:
              ( فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان تُرضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والإستغفار. وأما اللتان لا غناء لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار ).

              فهذه الخصال الأربع المذكورة في هذا الحديث كل منها سبب للعتق والمغفرة. فأما كلمة التوحيد فإنها تهدم الذنوب وتمحوها محواً، ولا تبقي ذنباً، ولا يسبقها عمل، وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار. وأما كلمة الاستغفار فمن أعظم أسباب المغفرة، فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره، وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود. وأما سؤال الجنة والاستعاذة من النار فمن أهم الدعاء، وقد قال النبي : { حولهما نُدَندنُ } [رواه أبو داود وابن ماجة].
              وداعاً رمضان

              عباد الله، إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن كان فرط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه فيما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلام، وودِّعُوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.

              يا شهر رمضان ترفّق، دموع المحبين تُدفَق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقّق، عسى وقفة للوداع تطفىء من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرّق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يُطلَق، عسى من استوجب النار يُعتق، عسى رحمة المولى لها العاصي يُوفّق.

              وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

              </b>
              ياربى لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
              "ياالهى اسالك فرجا قريبا وصبرنا جميلا والعافيه من كل بليه والشكرعلى العافيه والغنى عن الناس ولاحول ولاقوة لابالله"
              الوْصُـولْ إلى رِضَــى آلنـَــآس‘أشـْـــــبَه بــِ طــَريق طَويـْل!يـَنْتهْي‘بــِ لـَوحَة آرشـــــــَآدية.مـَـكـُـتــــوب عـَـلـْـيهـَـا عــــُذراً .الطـــَريـْق‘ مــَـسْدُود فَـلاَ تَنْشَغِلْ إلاَ بـِ رِضى الله

              تعليق

              يعمل...
              X