السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع الصيام وحده بحدود شرعية والصلاة والسلام على خير من صام من البرية وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره من السنية... وبعد،
فإن المفطرات كما قال أهل العلم على نوعين :فمن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام ، فخروج هذه الأشياء من البدن مما يضعفه ، ولذلك جعلها الله تعالى من مفسدات الصيام ، حتى لا يجتمع على الصائم الضعف الناتج من الصيام مع الضعف الناتج من خروج هذه الأشياء فيتضرر بالصوم . ويخرج صومه عن حد الاعتدال .بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع الصيام وحده بحدود شرعية والصلاة والسلام على خير من صام من البرية وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره من السنية... وبعد،
ومن المفطرات ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب . فإن الصائم لو أكل أو شرب لم تحصل له الحكمة المقصودة من الصيام . مجموع الفتاوى 25/248
ومفسدات الصيام (المفطرات) سبعة . وهي :
1- الجماع .
2- الاستمناء .
3- الأكل والشرب .
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب .
5- إخراج الدم بالحجامة ونحوها .
6- القيء عمداً .
7- خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة .
وهذه المفطرات وهي مفسدات الصوم لا تفسده إلاّ بشروط ثلاثة، وهي:
-1- العلم.
-2- التذكر.
-3- القصد.
فالصائم لا يفسد صومه بهذه المفسدات إلاّ بهذه الشروط الثلاثة:
الأول:أن يكون عالماً بالحكم الشرعي، وعالماً بالحال أي بالوقت، فإن كان جاهلا بالحكم الشرعي، أو بالوقت فصيامه صحيح، لقول الله تعالى:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[القرة:286]، ولقوله تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب:5]. وهذان دليلان عامان.
ولثبوت السنة في ذلك في أدلة خاصة في الصوم، ففي الصحيح من حديث عدي بن حاتم أنّه صام فجعل تحت وسادته عقالين- وهما الحبلان اللذان تشد بهما يد البعير إذا برك-، أحدهما أسود، والثاني أبيض، وجعل يأكل ويشرب، حتى تبيّن له الأبيض من الأسود، ثمّ أمسك، فلمّا أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنّه ليس المراد بالخيط الأبيض، والأسود في الآية الخيطين المعروفين، وإنّما المراد بالخيط الأبيض، بياض النهار، وبالخيط الأسود الليل،
ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصوم. [خرجه البخاري ومسلم]؛ لأنّه كان جاهلاً بالحكم، يظّن أنّ هذا معنى الآية الكريمة.
وأمّا الجهل بالوقت ففي صحيح البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:«أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس»[أخرجه البخاري]،
ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلى الأمة، لقول الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9].
فلمّا لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله علم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم به، ولمّا لم يأمرهم به - أي بالقضاء - علم أنّه ليس بواجب،
ومثل هذا لو قام الإنسان من النوم يظّن أنّه في الليل فأكل أو شرب، ثم تبيّن له أنّ أكله وشربه كان بعد طلوع الفجر، فإنّه ليس عليه قضاء؟ لأنّه كان جاهلاً.
وأمّا الشرط الثاني:فهو أن يكون ذاكرا، وضد الذكر النسيان، فلو أكل أو شرب ناسياً، فإنّ صومه صحيح، ولا قضاء عليه، لقول الله تعالى:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:286] فقال الله تعالى:«قد فعلت»، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»[رواه مسلم].
الشرط الثالث:القصد وهو أن يكون الإنسان مختاراً لفعل هذا المفطر، فإن كان غير مختار فإنّ صومه صحيح، سواء كان مكرهاً أو غير مكره، لقول الله تعالى في المكره على الكفر:{مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل:106]،
فإذا كان حكم الكفر يغتفر بالإكراه فما دونه من باب أولى، وللحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنّ الله رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه»[أخرجه ابن ماجه].
وعلى هذا فلو طار إلى أنف الصائم غبار، ووجد طعمه في حلقه، ونزل إلى معدته فإنّه لا يفطر بذلك؟ لأنّه لم يتقصده، وكذلك لو أكره على الفطر فأفطر دفعا للإكراه، فإنّ صومه صحيح؛ لأنّه غير مختار، وكذلك لو احتلم فأنزل وهو نائم، فإنّ صومه صحيح، لأنّ النائم لا قصد له، وكذلك لو أكره الرجل زوجته وهي صائمة فجامعها، فإنّ صومها صحيح، لأنّها غير مختارة.
وها هنا مسألة يجب التفطن لها: وهي أنّ الرجل إذا أفطر بالجماع في نهار رمضان والصوم واجب عليه فإنّه يترتب على جماعه خمسة أمور:
الأول:الإثم.
الثاني:وجوب إمساك بقية اليوم.
الثالث:فساد صومه.
الرابع:القضاء.
الخامس:الكفارة.
ولا فرق بين أن يكون عالما بما يجب عليه في هذا الجماع،أو جاهلا، يعني أنّ الرجل إذا جامع في صيام رمضان، والصوم واجب عليه، ولكنّه لا يدري أنّ الكفارة تجب عليه، فإنّه تترتب عليه أحكام الجماع السابقة؛ لأنّه تعمد المفسد، وتعمده المفسد يستلزم ترتب الأحكام عليه، بل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه«أنّ رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ما أهلكك؟قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم»[أخرجه البخاري ومسلم]،
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة، مع أنّ الرجل لا يعلم هل عليه كفارة أو لا،
وفي قولنا: " والصوم واجب عليه " احترازا عمّا إذا جامع الصائم في رمضان وهو مسافر مثلا،
فإنّه لا تلزمه الكفارة، مثل أن يكون الرجل مسافرا بأهله في رمضان وهما صائمان، ثم يجامع أهله، فإنّه ليس عليه كفارة، وذلك لأنّ المسافر إذا شرع في الصيام لا يلزمه إتمامه، إن شاء أتمه، وإن شاء أفطر وقضى.
اللهم اجز علماء السنة خير الجزاء
تعليق