انصح ولا تفضح .... انتقد ولا تجرح
--------------
الشيخ محمد الغزالي -:
قلت يوما لرجل تعود السكر -أي شرب الخمر-: ألا تتوب إلى الله؟
فنظر إلىَّ بانكسار ودمعت عيناه، وقال: ادع الله لي..!!
تأملت في حال الرجل ورق له قلبي..
إن بكاءه شعور بمدى تفريطه في جنب الله، وحزنه على مخالفته، ورغبته فى الاصطلاح معه، إنه مؤمن يقينا ، ولكنه مبتلى! وهو ينشد العافية ويستعين بي على تقريبها..
قلت لنفسي: قد يكون حالي مثل هذا الرجل أو أسوأ. صحيح أننى لم أذق الخمر قط ، فإن البيئة التي عشت فيها لا تعرفها ، لكني ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلنى أذهل عن ربي كثيرا ، وأنسى حقوقه. إنه يبكى لتقصيره ، وأنا وأمثالى لا نبكي على تقصيرنا ، قد نكون بأنفسنا مخدوعين..!!
وأقبلت على الرجل الذى يطلب مني الدعاء ليترك الخمر، قلت له: تعال ندع لأنفسنا معا.. (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
إننى أطلب من المشتغلين بالدعوة أن يتقوا الله في الناس ، وأن يتفقهوا في الدين فإن من يرد الله به شرا يحرمه الفقه في الدين ، ولو كان ثرثارا يخطب في كل ناد.
--------------------------
قال ابن القيم- رحمه الله- في عدة الصابرين:
قد يكون الفقر لبعض الناس أنفع، والغنى لآخرين أنفع،
كما تكون الصحة لبعضهم أنفع، والمرض لبعضهم أنفع
----- كما في الحديث الذي رواه البغوي وغيره عن النبي فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى:
"إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك.
---- إني أدبر عبادي بهم خبير بصير. انتهى.
===================
المشكلة في الوقوع في معصية مش مجرد إنك هيتحسب عليك ذنب وفقط، وإنما الأخطر من وجهة نظري إنك لما بتعمل معصية متعمدا، فكأنك بتزرع "جبهة مضادة للإيمان" في نظامك النفسي ...
- يعني ايه؟
النظام النفسي بتاعنا من خصائصه إنه Self-Organized System ... نظام بيميل إنه يتسق مع نفسه، مش بيعرف يعيش في تناقض، ولو حصل تناقض بيفضل في حالة من الصراع وعدم الاستقرار لغاية ما التناقض ده يتحل بشكل ما.
تقدر تلاحظ الخاصية دي لو انت مثلا كنت بتحب واحد، وبعد فترة بقى عندك مبرر قوي إنك تكرهه ... هتلاقي عقلك بدأ يجيب للشخص ده القديم والجديد ... بدل مانت كنت مركز على مميزات الشخص ده لما كنت بتحبه، هتلاقي نفسك مركز على عيوبه وقاعد بتفتكرله في مواقف تؤكد اتجاهك الجديد بكره الشخص ده بدلا من حبه.
كذلك تقدر تلاحظ الخاصية دي على مستوى أكبر ... لو تفتكر بداية التزامك، هتلاقي إن الموضوع بدأ بإنك مثلا قررت إنك تحافظ على الصلاة ... بعدها بشوية لقيت نفسك عايز تصلي في المسجد ... وشوية عايز تحفظ قرآن ... وشوية عايز تقرأ في الدين وتحضر دروس وووو ...
ايه اللي حصل؟
اللي حصل إن نظامك عايز يتكامل مع بعضه ... عايز يقفل الدايرة بتاعت الاتجاه الجديد عشان يبقى متسق مع نفسه وعايش في Integrity.
لو فهمت الفكرة دي كويس، هتفهم الخطورة الأكبر للمعصية ...
إنك لما بتعمل معصية، فانت كده زي ما ذكرت بتزرع جبهة مضادة للإيمان ... حاجة مش متسقة مع الاتجاه الإيماني اللي انت ماشي فيه ... حاجة بتنتمي لمعسكر الكفر مش معسكر الإيمان.
وبما إن نظامك بيحب يتسق مع نفسه، هيحصل نوع من الاضطراب والصراع ... يا ترى يعيد ترتيب نفسه بناء على أنهي جبهة؟ ... جبهة الإيمان ولا جبهة المعصية؟
فكل ما يعدي وقت وانت "مصرّ" على المعصية دي، كل ما جبهة المعصية هتبقى أقوى، وهتلم حواليها الأفكار والأفعال المتوافقة معاها، لأن نظامك عايز يتكامل مرة تانية ...
عشان كده، علماء السلف كانوا بيقولوا: عقوبة المعصية، المعصية بعدها ... وإن المعاصي بريد الكفر.
وعشان كده برضه العلماء بيربطوا بين اتباع الشهوات وبين الوقوع في الشبهات ... بمعنى إن كل ما كان الواحد أكثر اتباعا لشهوته "الجسدية"، كل ما كان أضعف أمام الشبهات "العقلية" ... لأن الاتنين ببساطة بيكملوا بعض ... المعاصي عايزة أفكار تدعمها ... عايزة مبررات "للتمرد" على الطاعة عشان تقدر تستمر في نظامك النفسي بدون صراع ووجع دماغ.
فهو ده باختصار أخطر شيء في وقوعك في المعصية ... إنك مع كل مرة بتعمل فيها معصية متعمدا، بتخلق جبهة مضادة لنظامك الإيماني ... وتبدأ الحرب!
والله أعلم ... هل ممكن في مرة جبهة المعصية هي اللي تنتصر؟!!
ربنا يستر.
=============
كلما كان الايمان قويا كلما كان الحرمان قويا ....
ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
----------------------------------
يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا .. 30
سورة الأحزاب
---------------------------------
حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه ... رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
----------------------------
--------------
الشيخ محمد الغزالي -:
قلت يوما لرجل تعود السكر -أي شرب الخمر-: ألا تتوب إلى الله؟
فنظر إلىَّ بانكسار ودمعت عيناه، وقال: ادع الله لي..!!
تأملت في حال الرجل ورق له قلبي..
إن بكاءه شعور بمدى تفريطه في جنب الله، وحزنه على مخالفته، ورغبته فى الاصطلاح معه، إنه مؤمن يقينا ، ولكنه مبتلى! وهو ينشد العافية ويستعين بي على تقريبها..
قلت لنفسي: قد يكون حالي مثل هذا الرجل أو أسوأ. صحيح أننى لم أذق الخمر قط ، فإن البيئة التي عشت فيها لا تعرفها ، لكني ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلنى أذهل عن ربي كثيرا ، وأنسى حقوقه. إنه يبكى لتقصيره ، وأنا وأمثالى لا نبكي على تقصيرنا ، قد نكون بأنفسنا مخدوعين..!!
وأقبلت على الرجل الذى يطلب مني الدعاء ليترك الخمر، قلت له: تعال ندع لأنفسنا معا.. (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
إننى أطلب من المشتغلين بالدعوة أن يتقوا الله في الناس ، وأن يتفقهوا في الدين فإن من يرد الله به شرا يحرمه الفقه في الدين ، ولو كان ثرثارا يخطب في كل ناد.
--------------------------
قال ابن القيم- رحمه الله- في عدة الصابرين:
قد يكون الفقر لبعض الناس أنفع، والغنى لآخرين أنفع،
كما تكون الصحة لبعضهم أنفع، والمرض لبعضهم أنفع
----- كما في الحديث الذي رواه البغوي وغيره عن النبي فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى:
"إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك.
---- إني أدبر عبادي بهم خبير بصير. انتهى.
===================
المشكلة في الوقوع في معصية مش مجرد إنك هيتحسب عليك ذنب وفقط، وإنما الأخطر من وجهة نظري إنك لما بتعمل معصية متعمدا، فكأنك بتزرع "جبهة مضادة للإيمان" في نظامك النفسي ...
- يعني ايه؟
النظام النفسي بتاعنا من خصائصه إنه Self-Organized System ... نظام بيميل إنه يتسق مع نفسه، مش بيعرف يعيش في تناقض، ولو حصل تناقض بيفضل في حالة من الصراع وعدم الاستقرار لغاية ما التناقض ده يتحل بشكل ما.
تقدر تلاحظ الخاصية دي لو انت مثلا كنت بتحب واحد، وبعد فترة بقى عندك مبرر قوي إنك تكرهه ... هتلاقي عقلك بدأ يجيب للشخص ده القديم والجديد ... بدل مانت كنت مركز على مميزات الشخص ده لما كنت بتحبه، هتلاقي نفسك مركز على عيوبه وقاعد بتفتكرله في مواقف تؤكد اتجاهك الجديد بكره الشخص ده بدلا من حبه.
كذلك تقدر تلاحظ الخاصية دي على مستوى أكبر ... لو تفتكر بداية التزامك، هتلاقي إن الموضوع بدأ بإنك مثلا قررت إنك تحافظ على الصلاة ... بعدها بشوية لقيت نفسك عايز تصلي في المسجد ... وشوية عايز تحفظ قرآن ... وشوية عايز تقرأ في الدين وتحضر دروس وووو ...
ايه اللي حصل؟
اللي حصل إن نظامك عايز يتكامل مع بعضه ... عايز يقفل الدايرة بتاعت الاتجاه الجديد عشان يبقى متسق مع نفسه وعايش في Integrity.
لو فهمت الفكرة دي كويس، هتفهم الخطورة الأكبر للمعصية ...
إنك لما بتعمل معصية، فانت كده زي ما ذكرت بتزرع جبهة مضادة للإيمان ... حاجة مش متسقة مع الاتجاه الإيماني اللي انت ماشي فيه ... حاجة بتنتمي لمعسكر الكفر مش معسكر الإيمان.
وبما إن نظامك بيحب يتسق مع نفسه، هيحصل نوع من الاضطراب والصراع ... يا ترى يعيد ترتيب نفسه بناء على أنهي جبهة؟ ... جبهة الإيمان ولا جبهة المعصية؟
فكل ما يعدي وقت وانت "مصرّ" على المعصية دي، كل ما جبهة المعصية هتبقى أقوى، وهتلم حواليها الأفكار والأفعال المتوافقة معاها، لأن نظامك عايز يتكامل مرة تانية ...
عشان كده، علماء السلف كانوا بيقولوا: عقوبة المعصية، المعصية بعدها ... وإن المعاصي بريد الكفر.
وعشان كده برضه العلماء بيربطوا بين اتباع الشهوات وبين الوقوع في الشبهات ... بمعنى إن كل ما كان الواحد أكثر اتباعا لشهوته "الجسدية"، كل ما كان أضعف أمام الشبهات "العقلية" ... لأن الاتنين ببساطة بيكملوا بعض ... المعاصي عايزة أفكار تدعمها ... عايزة مبررات "للتمرد" على الطاعة عشان تقدر تستمر في نظامك النفسي بدون صراع ووجع دماغ.
فهو ده باختصار أخطر شيء في وقوعك في المعصية ... إنك مع كل مرة بتعمل فيها معصية متعمدا، بتخلق جبهة مضادة لنظامك الإيماني ... وتبدأ الحرب!
والله أعلم ... هل ممكن في مرة جبهة المعصية هي اللي تنتصر؟!!
ربنا يستر.
=============
كلما كان الايمان قويا كلما كان الحرمان قويا ....
ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
----------------------------------
يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا .. 30
سورة الأحزاب
---------------------------------
حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه ... رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
----------------------------
تعليق