اختَلَفَ أهلُ العِلمِ في مَن صلَّى العيدَ؛ هل تسقُطُ عنه الجُمُعةُ إذا كانَا في يومٍ واحدٍ؟ على قولين:
القولُ الأوَّل:
أنَّها لا تَسقُطُ، وهو مذهبُ جمهورِ الفُقهاءِ من الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وبه قال أكثرُ الفُقهاءِ
واختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ .
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب:
قال الله تعالى: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه) [الجُمُعة: 9]
وجه الدلالة:
أنَّه لم يَخُصَّ يومَ عيدٍ من غيرِه .
ثانيًا: مَنَ الآثارِ
قال أبو عُبَيدٍ: ثمَّ شهدتُ مع عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، فكان ذلك يومَ الجُمُعةِ، فصلَّى قبْل الخُطبةِ، ثم خطَبَ فقال: يا أيُّها الناسُ، إنَّ هذا يومٌ قد اجتمَعَ لكم فيه عِيدانِ؛ فمَن أحبَّ أن يَنتظِرَ الجُمُعةَ مِن أهلِ العوالي فليَنتظرْ، ومَن أحبَّ أنْ يَرجِع فقدْ أَذنتُ له .
وجه الدلالة:
أنَّه إنَّما خصَّ أهلَ العاليةِ؛ لأنَّه ليس عليهم جُمُعةٌ .
ثالثًا: أنَّ الجُمُعةَ فرضٌ، والعيدَ تطوُّعٌ, والتطوُّعُ لا يُسقِطُ الفَرضَ .
رابعًا: أنَّهما صلاتانِ واجبتانِ، فلمْ تَسقُطْ إحداهما بالأخرى، كالظهرِ مع العِيدِ .
القول الثَّاني:
أنَّه يَسقُطُ وجوبُ حضورِ الجُمُعةِ لِمَن حضَرَ صلاةَ العِيدِ، وإنْ كان يجِبُ على الإمامِ إقامتُها، وهذا مذهبُ الحَنابلةِ، وبه قالتْ طائفةٌ مِن السَّلَفِ ،
واختارَه ابنُ تيميَّة ، وابنُ باز ، وابنُ عُثيمين ، وبه أفتت اللجنةُ الدَّائمة ، وحُكِي الإجماعُ ذلك .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن إياسِ بنِ أبي رَملةَ الشاميِّ، قال: شهدتُ معاويةَ بنَ أبي سُفيانَ وهو يَسألُ زيدَ بن أرقمَ، قال: أشهدتَ مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ عِيدَينِ اجتمعَا في يوم؟ قال: نعمْ، قال: فكيفَ صنَعَ؟ قال: صلَّى العِيدَ ثمَّ رخَّصَ في الجُمُعةِ، فقال: ((مَن شاءَ أنْ يُصلِّيَ، فليصلِّ)) .
ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ إنَّما زادتْ عن الظُّهرِ بالخُطبة، وقد حصَل سماعُها في العيدِ، فأجزأَ عن سماعِها .
ثالثًا: أنَّ وقتَ الجُمُعةِ والعِيد واحدٌ عند الحنابلةِ؛ فسقطَتْ إحداهما بالأُخرى، كالجُمُعةِ مع الظُّهرِ .
المصدر : هنا
تعليق