هل تنتقل ليلة القدر من ليلة إلى أخرى باختلاف السنين؟
د/ محمد أحمد عبد الغني
اختلف العلماء في هذا على قولين:
القول الأول: إنها تَنتقل فتكون سنَةً في ليلة، وسنةً في ليلة أخرى، وإليه ذهب مالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، قال الحافظ العراقي: "وذهب جماعة من العلماء إلى أنها تَنتقِل فتكون سنَةً في ليلة، وسنة في ليلة أخرى،
وهكذا، وهذا قول مالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وغيرهم"[1]، وبه قالت الحنفية[2]، وهو قول للشافعية[3].
القول الثاني: إنها في ليلة واحدة بعينها لا تنتقِل، وهو مذهب ابن حزم، وبعض الشافعية، قال أبو محمد بن حزم:
"ليلة القدر في شهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر، خاصة في ليلة واحدة بعَينها لا تَنتقِل أبدًا، إلا أنه لا يدري أحدٌ من الناس أي ليلة
هي مِن العشر المذكورة، إلا أنها في وتر منها ولا بد"[4].
مناقشة القولين:
ولعلَّ القول الأول هو الراجح؛ لتضافر الأدلة على انتقالها؛ ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في سجود النبي صلى الله عليه وسلم على الماء والطين، قال أبو سعيد: "مُطرنا ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح، ووجهُه مُبتلٌّ طينًا وماءً"[5].
ولحديث عبدالله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُرِيت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبحَها أسجد في ماء وطين))،
قال: فمُطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف، وإن أثر الماء والطين على جبهتِه وأنْفِه[6].
قال الحافظ ابن حجر: "وأرجحُها كلها أنها في وتر مِن العَشر الأخير، وأنها تَنتقِل، كما يفهم من أحاديث هذا الباب"[7].
[1] كتاب شرح الصدر (ص: 41).
[2] انظر: إعانة الطالبين (2 / 256).
[3] انظر: فتاوى الإمام النووي (ص: 55)، والمجموع (6 / 459)، وفتح الباري (4 / 313).
[4] المحلى (6 / 446)، وانظر لقول الشافعية: حاشية البجيرمي (2 / 93) وحاشية الشرواني (2 / 478).
[5] رواه مسلم (4 / 824)، كتاب الصيام، باب: فضل ليلة القدر، رقم: (1167)
[6] رواه مسلم (2 / 827)، كتاب الصيام، باب: فضل ليلة القدر، رقم: (1168).
[7] فتح الباري (4 / 413).
[2] انظر: إعانة الطالبين (2 / 256).
[3] انظر: فتاوى الإمام النووي (ص: 55)، والمجموع (6 / 459)، وفتح الباري (4 / 313).
[4] المحلى (6 / 446)، وانظر لقول الشافعية: حاشية البجيرمي (2 / 93) وحاشية الشرواني (2 / 478).
[5] رواه مسلم (4 / 824)، كتاب الصيام، باب: فضل ليلة القدر، رقم: (1167)
[6] رواه مسلم (2 / 827)، كتاب الصيام، باب: فضل ليلة القدر، رقم: (1168).
[7] فتح الباري (4 / 413).
ليلة القدر .. أهي ليلة السبع والعشرين من رمضان؟
الشيخ ندا أبو أحمد
من الأخطاء العامة في رمضان
اعتقاد البعض أن ليلة "سبع وعشرين من رمضان" هي ليلة القدر
وهذا اعتقاد خاطئ حيث إنها تنتقل في الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان.
يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري":أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخيرة وأنها تنتقل.
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - هذا السؤال وفيه: اعتاد بعض المسلمين، وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟
نعم. لهذا التحديد أصل, وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة القدر، كما جاء ذلك في "صحيح مسلم" من حديث أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - لكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً: إن ليلة القدر في العشر الأواخر، ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين وقد تكون ليلة خمس وعشرين, وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين, وقد تكون ليلة تسع وعشرين....إلى آخر ما قاله - رحمه الله.
وقال الشيخ على محفوظ - رحمه الله - في كتاب "الإبداع في مضار الابتداع" تحت عنوان "المواسم التي نسبوها للشرع وليست منه":ومنها ليلة القدر، ولا شك أن إحياءها مستحب كسائر ليالي الشهر، خصوصاً ليالي العشر الأواخر منه، وقد حسمت الأحاديث في ذلك، فقد أخرج البخاري ومسلم: "مَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه"،
ولكن النظر في تخصيصها بالإحياء من بين الليالي فإنه يوهم الناس أن ذلك مشروع وهو ليس كذلك, فإنه - صلى الله عليه وسلم - حث على قيام ليالي رمضان كله، وحث على التماس ليلة القدر في العشر الأواخر منه, وهذا يفيد أن إحياء هذه الليلة بخصوصها وجعلها موسماً لا أصل له فهو بدعة.أضف إلى ذلك أن إحياءها يكون بغير ما رغب الشارع فيه من إيقاد المنائر، وكثرة الإضاءة في المساجد إلى غير ذلك مما لا فائدة فيه ولا غرض صحيح.
المصدر/ شبكة الألوكة
تعليق