إن الإنفاق في بعض الأوقات أفضل منه في غيرها كالإنفاق في رمضان، كما قال ابن عباس رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان بلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ) [في الصحيحين]،
وقد علمت أن الصدقة من أفضل الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله.
ومن الأوقات الفاضلة يوم أن يكون الناس في شدة وحاجة ماسة وفقر بيّن كما في قوله سبحانه: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ [البلد:11-14].
فمن نعمة الله عز وجل على العبد أن يكون ذا مال وجدة، ومن تمام نعمته عليه فيه أن يكون عوناً له على طاعة الله {فنعم المال الصالح للمرء الصالح }[رواه البخاري].
فضائل وفوائد الصدقة
* أنها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله صلى الله عليه وسلم: {إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى }[صحيح الترغيب].
*أنها تمحو الخطيئة، وتذهب نارها كما في قوله صلى الله عليه وسلم: {والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار } [صحيح الترغيب].
* أنها وقاية من النار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: { فاتقوا النار، ولو بشق تمرة }.
* أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {كل امرىء في ظل صدقته، حتى يُقضى بين الناس }. قال يزيد: ( فكان أبو مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة )، قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: {رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه }[في الصحيحين].
*أن في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله صلى الله عليه وسلم {داووا مرضاكم بالصدقة }. يقول ابن شقيق: ( سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به، فقال: اذهب فأحفر بئراً في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ ) [صحيح الترغيب].
*أن العبد إنما يصل حقيقة البر بالصدقة كما جاء في قوله تعالى{لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92].
*أن المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم {ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً }[في الصحيحين].
* أن صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: {ما نقصت صدقة من مال } [في صحيح مسلم].
* أنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به كما في قوله تعالى: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ} [البقرة:272]. ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها: قالت: ما بقى منها إلا كتفها. قال: {بقي كلها غير كتفها }[في صحيح مسلم].
* إن فيها انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلا اتسعت أو فرت على جلده حتى يخفى أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع [في الصحيحين]
( فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح بها صدره، فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه، فكلمَّا تصدَّق اتسع وانفسح وانشرح، وقوي فرحه، وعظم سروره، ولو لم يكن في الصَّدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبدُ حقيقياً بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ[الحشر:9].
*أنَّ الصدقة دليلٌ على صدق العبد وإيمانه كما في قوله صلى الله عليه وسلم {والصدقة برهان } [رواه مسلم].
* أنَّ الصدقة مطهرة للمال، تخلصه من الدَّخن الذي يصيبه من جراء اللغو، والحلف، والكذب، والغفلة فقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يوصي التَّجار بقوله: {يا معشر التجار، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة }[رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، صحيح الجامع].
أفضل الصدقات
1-الصدقة الخفية؛ لأنَّها أقرب إلى الإخلاص من المعلنة وفي ذلك يقول جل وعلا {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ }[البقرة:271]، ( فأخبر أنَّ إعطاءها للفقير في خفية خيرٌ للمنفق من إظهارها وإعلانها
2- الصدقةُ في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار
3- بذل الإنسان ما يستطيعه ويطيقه مع القلة والحاجة؛
4- الإنفاق على الأولاد
5- الصدقة على القريب
6- الصَّدقة على الجار
7- الصدقة على الصاحب والصديق في سبيل الله
8- النفقة في الجهاد في سبيل الله سواء كان جهاداً للكفار أو المنافقين، فإنه من أعظم ما بُذلت فيه الأموال؛
ما هى الصدقة الجارية ؟
هي ما يبقى بعد موت العبد، ويستمر أجره عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: {إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له } [رواه مسلم].
مجالات الصدقة الجارية
* سقي الماء وحفر الآبار
* إطعام الطعام
* بناء المساجد
* الإنفاق على نشر العلم، وتوزيع المصاحف،
*وبناء البيوت لابن السبيل، ومن كان في حكمه كاليتيم والأرملة
*قمْ بإرسال أدعية وأذكارٍ عبر البريد الإلكتروني أو قمْ بتحفيظ أو تعليم دعاء لأحدٍ أو شراء كتب أدعية ووزِّعها، في كلِّ مرَّةٍ يقرؤون من هذه الأدعية أو يتذكَّرونها سوف تكسب أنتَ حسنات
*قمْ بشراء براده لشرب المياه وضعها في مكان عام وسوف تكسب أنتَ حسنات عن كلِّ من يستخدمها.
* قمْ بزرع شجرة، فكل شخص، أو حيوان سوف يستظل بها، أو يأكل من ثمرها سوف تكسب أنتَ حسنات
* سورة الكوثر:
كلّنا يعرف أن سورة الكوثر أصغر سورةٍ موجودة في القرآن، يعني سهل حفظها.
إبحث عن أي واحد من إخوانك الصغار أو أولاد إخوانك أو أي ولدٍ صغير تعرفه وحاول تحفيظه هذه السورة أو أي سوره ثانية لكنَّ هذه السورة صغيرة وسهلة على الطّفل فتخيّل أنه كلّما قرأ هذا الطفل سورة الكوثر من الحين حتى يموت (يمكن بعد 80 سنة) وأنتَ تأخذ حسنات. وقِسْ عليها أيّ شيءٍ آخر من دعاء، أو حتى تعلِّمه الصّلاة فسوفَ تأخذُ أنتَ حسنات كلَّما صلّى.
* ورقه على جدار:
تُباع أوراقٌ صغيرة مكتوبٌ عليها تسبيح أو دعاء مثل: (سُبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده) وشكلها حلو مثلًا تشتري مجموعة منها تلصقها على باب المسجد في منطقتك، أو في العمل أو في المدرسة. ويمكن إلصاقها في مكانٍ واضح في السوق أو في محلك.
فتخيّل كل من قرأها تأخذ عليها حسنات، ويمكن له حفظها في هذه اللحظة ودائمًا يتذكَّرها فكلّ ما ذكرها تأخذ عليها حسنات. وقِسْ عليها أمورٌ أخرى مثل ورقه أكبر فيها فتوى أو غيرها من الأمور.
هناك آلاف الأبواب التي يمكنك طرقها للحصول على الصدقات الجارية. فقط قمْ بعمل شيءٍ ولا تعتمد على غيرك ليقوموا بعمل صدقاتٍ جاريةٍ بعد مماتك.
قد يأتي موعد وفاتك وأنتَ بعيدٌ عنهم، لذا قمْ واعمل صدقة جارية بنفسك قبل رحيلك عن هذه الدنيا وسوف تستمر كمصدر حسناتٍ لكَ وقد تُساعدك على دخول الجنة وبعدك عن نار جهنم.
تعليق