تتلخص مهمة الدين في إخراج الناس من ظلمات الجهل والجاهلية إلى نور العلم والإسلام، كما جاء في آياته كثيرة وأحاديث، منها قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[المائدة: 15-16]، وقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]، وقوله سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[الحديد:9]، {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا، رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[الطلاق:10-10]، وكذلك دين الأنبياء من قبل كمال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور}[إبراهيم:5]. هذا الخروج والإخراج من الظُّلُمات إلى النور يقتضي مجاهدة ومكابدة، وتضحيات جِسام؛ لأنه سوف يجد الصد والمعارضة من خفافيش الظلمات أعداء النور.. وكما لخَّصها ربعي بن عامر رضي الله عنه حين حيث بعثه سيدنا سعد إلى كسرى ليوصل له الرسالة التي جاءوا من أجلها، فجاء ربعي ودخل على كسرى وجلس بجانبه، فصرخ به الحاشية -ولكل حاكم حاشية- وقالوا له: انزل، قال: لا، فقال كسرى: اتركوه، ثم قال بلهجة وغلظة المتكبرين: يا أعرابي! سأعطي كل واحد منكم عشرة دنانير وتعودون إلى الصحراء التي جئتم منها، فإني أعلم أنه ما جاء بكم من الصحراء إلا الجوع؟ قال: يا هذا! إن الله عز وجل ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وجئنا لنخرج الناس من جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة. أيها الملك! بيننا وبينك أمور ثلاثة: إما أن تدخل في دين الله، وإما أن تدفع الجزية صاغرًا، وإما السيف".
فالدِّين الصحيح بالفهم الصحيح مُعَلِّم للشعوب، ومُنيرُ عقولهم، ومحررهم من كل أشكال الاستعباد، ومُخرجهم من غفلاتهم.. وهكذا كان السلف، ولكنَّ الأمة ابتُليَت بأفانين من التَّديُّن، لم يعد له ذلك الأثر الفاعل في تغيير مجريات الحياة، بل عاد على الدين الصحيح بنقيض قصده.
نعم هناك أَشكال للتَّديُّن الخاطئ، يُظهِرها المتدَيِّنون على أساس أنها هي الدين، وهي مظاهر خاطئة، تُحرِّف الدين وتشوِّهُه، وهو منها بَراءٌ، ومنها:
أن يكون أهل الدِّين يَتَزَيَّوْنَ بأزياءَ ويظهرون بأشكال لا يطلبها الشرع ولا يقبلها الوضع، وتُقدَّم للناس على أنها الدين العتيق، حينئذٍ يَجِد من يرفض الدين ما يُعلِّق عليها رفضَه، ويكونون بصنيعهم هذا فتنة لمن أراد الله فتنته.
أو أن يكون الدين مجرد طلاسم من أحجبة وأبخرة، تعيش في الميتافيزيقيا، أو تصوّفا مغرقًا يقول: إن الاستعمار قدر الله، ولا يخرج إلا بقدر الله، ومقاومته رفض لقدر الله!! عندئذ يصدق على هذا النوع مختصر قول ماركس:"الدين أفيون الشعوب"!
ومثله أيضًا حين يكون رجل الدين وإمامه ومُفتيه وداعيته وحزبه الإسلامي يعمل عمل القس في كنيسته، يُطوِّع الجماهير للملوك باسم طاعة الحاكم وإن أفسد البلاد وأذلَّ العباد، ويُلَبَّس لَبُوس الشرع والدين، والدين منه برىء، فالدين يعطي الحريات ولكنه يضبطها، ويأمر بمقاومة الظلم، ولكنه يضبط منهجه وأدواته وأدبياته، والدين يُقدِّر الحاكم ويُقدِّمه، ولكنه لا يُقدِّسه... وعندئذٍ يصدق على هذا النوع مختصر قول ماركس:"الدين أفيون الشعوب"!
وهناك أشكال للتَّدَيُّن في مجال السياسة، وكما سمَّاه سيد قطب رحمه الله "الإسلام الأمريكاني"، حيث تعمد أمريكا بالسماح لأنواع من المظاهر الإسلامية والأحزاب الإسلامية حتى على مستوى السياسة، وتوحي بذلك لأوليائها ووكلائها في بلاد المسمين؛ لتقول للناس: نحن لا نعادي الإسلام ولا نحاربه، وإنما نحارب التطرف والإرهاب- وهم الإرهاب!- فتُلقي بذلك مسحة من الشرعية أو الإسلامية على أنظمة في الحقيقة ضد شريعة الإسلام، وتُضفي على حُكَّامها تيجان وُلَّاة الأمور، فينخدع بها قُطاع من المسلمين فيندفعون يلوون أعناق النصوص لإضفاء الشرعية على الحُكَّام والحكومات التي لا تحكم بما أنزل الله تعالى ولا ترقب في الشريعة وأهلها إلًّا ولا ذمة، والواقع ينطق بذلك مِلء السمع والبصر.
وأشكال التَّدَيُّن الخاطئه هذه كلها تحرص الدولةُ العَلمانيةُ أن تُوجِدها في المجتمعات لِتُخدِّر بها الشعوب أو تشق بها صف المتدينين أو تُشَوِّهَ ساحتهم.
فالدِّين الصحيح بالفهم الصحيح مُعَلِّم للشعوب، ومُنيرُ عقولهم، ومحررهم من كل أشكال الاستعباد، ومُخرجهم من غفلاتهم.. وهكذا كان السلف، ولكنَّ الأمة ابتُليَت بأفانين من التَّديُّن، لم يعد له ذلك الأثر الفاعل في تغيير مجريات الحياة، بل عاد على الدين الصحيح بنقيض قصده.
نعم هناك أَشكال للتَّديُّن الخاطئ، يُظهِرها المتدَيِّنون على أساس أنها هي الدين، وهي مظاهر خاطئة، تُحرِّف الدين وتشوِّهُه، وهو منها بَراءٌ، ومنها:
أن يكون أهل الدِّين يَتَزَيَّوْنَ بأزياءَ ويظهرون بأشكال لا يطلبها الشرع ولا يقبلها الوضع، وتُقدَّم للناس على أنها الدين العتيق، حينئذٍ يَجِد من يرفض الدين ما يُعلِّق عليها رفضَه، ويكونون بصنيعهم هذا فتنة لمن أراد الله فتنته.
أو أن يكون الدين مجرد طلاسم من أحجبة وأبخرة، تعيش في الميتافيزيقيا، أو تصوّفا مغرقًا يقول: إن الاستعمار قدر الله، ولا يخرج إلا بقدر الله، ومقاومته رفض لقدر الله!! عندئذ يصدق على هذا النوع مختصر قول ماركس:"الدين أفيون الشعوب"!
ومثله أيضًا حين يكون رجل الدين وإمامه ومُفتيه وداعيته وحزبه الإسلامي يعمل عمل القس في كنيسته، يُطوِّع الجماهير للملوك باسم طاعة الحاكم وإن أفسد البلاد وأذلَّ العباد، ويُلَبَّس لَبُوس الشرع والدين، والدين منه برىء، فالدين يعطي الحريات ولكنه يضبطها، ويأمر بمقاومة الظلم، ولكنه يضبط منهجه وأدواته وأدبياته، والدين يُقدِّر الحاكم ويُقدِّمه، ولكنه لا يُقدِّسه... وعندئذٍ يصدق على هذا النوع مختصر قول ماركس:"الدين أفيون الشعوب"!
وهناك أشكال للتَّدَيُّن في مجال السياسة، وكما سمَّاه سيد قطب رحمه الله "الإسلام الأمريكاني"، حيث تعمد أمريكا بالسماح لأنواع من المظاهر الإسلامية والأحزاب الإسلامية حتى على مستوى السياسة، وتوحي بذلك لأوليائها ووكلائها في بلاد المسمين؛ لتقول للناس: نحن لا نعادي الإسلام ولا نحاربه، وإنما نحارب التطرف والإرهاب- وهم الإرهاب!- فتُلقي بذلك مسحة من الشرعية أو الإسلامية على أنظمة في الحقيقة ضد شريعة الإسلام، وتُضفي على حُكَّامها تيجان وُلَّاة الأمور، فينخدع بها قُطاع من المسلمين فيندفعون يلوون أعناق النصوص لإضفاء الشرعية على الحُكَّام والحكومات التي لا تحكم بما أنزل الله تعالى ولا ترقب في الشريعة وأهلها إلًّا ولا ذمة، والواقع ينطق بذلك مِلء السمع والبصر.
وأشكال التَّدَيُّن الخاطئه هذه كلها تحرص الدولةُ العَلمانيةُ أن تُوجِدها في المجتمعات لِتُخدِّر بها الشعوب أو تشق بها صف المتدينين أو تُشَوِّهَ ساحتهم.