موسوعة شَـهْـر رَمَـضَـان
شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الهجري.
وهذا الشهر شهر مميز عند المسلمين عن باقي شهور السنة الهجرية. فهو شهر الصوم، يمتنع في أيامه المسلمون عن الشراب والطعام والجماع من الفجر وحتى غروب الشمس.
بالحب نستقبله ، وبعاطر التحايا نحييه ،
وبأشواق الفؤاد نلقاه ، فله في النفس مكانة ، وفي حنايا الفؤاد منزلة .
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام ** يا حبيبا زارنا في كل عام
قــد لـقـيناك بحــب مفــعم ** كل حب في سوى المولى حرام
إنه رمضان ، زين الشهور ، وبدر البدور ،إنه درة الخاشعين ، ومعراج التالين ، وحبيب العابدين ، وأنيس الذاكرين ، وفرصة التائبين ، إنه مدرج أولياء الله الصالحين ، إلى رب العالمين .
مع بزوغ أول ليلة من لياليه ، تخفق القلوب ، وتتطلع النفوس ، إلى ذلك النداء الرباني الخالد:
( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ..وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ) .
فيا الله ما أجمله من نداء ، يفرح به المؤمنون ، ويستبشر به المتقون ، فيعمرون المساجد ، ويقبلون على القرآن ، ويتلذذون بمناجاة الرحمن ، ويتصدقون على المساكين ، ويؤمون البيت الحرام معتمرين ومصلين .
العيون تدمع ، والقلوب تخشع ، والرقاب لربها تخضع ، تختلط دموع التائبين ، بلذة الخاشعين ، وتمتزج تلاوات التالين ، بدوي الذاكرين ، فترسم في الدنيا أبهى حلة ، وأجمل صورة ، تسطر معنى وجمال الحياة بطاعة الله.
-إنه رمضان ، يبشرنا فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم فيقول : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ ) متفق عليه.
-إنه رمضان ، قد ادخر الله لك أجر صيامه وسيجزيك به ، فما ظنك بصاحب الكرم والجود جل جلاله إذا ادخر لك شيئا ؟
يقول صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) رواه البخاري.
-إنه رمضان ، يشفع لك يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
-إنه رمضان ، إذا صمت نهاره وقمت ليله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك، قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) متفق عليه ،
وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) متفق عليه.
-إنه شهر القرآن ، فيه نزل ، وفيه أعظم ليلة ، يترقبها المؤمنون ، هي ليلة القدر.
-إنه حبيب المتقين ، فقد كان سيد المتقين صلى الله عليه وسلم يهتم به، فكانت له أحوال أخرى مع رمضان ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل عليه السلام في كل ليلة ، وكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، وكان يعتكف العشر ، ويكثر من الذكر .
وكذلك أئمة السلف من بعده صلى الله عليه وسلم...
فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين ، وقال نافع: ( كان ابن عمر رضي الله عنهما يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍ ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح ).
وكان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.
وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.
وكان محمد ابن شهاب الزهري إذا دخل رمضان فإنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام .
هذا رمضان قد أقبل ، فاحرص فيه على صلاة خاشعة ، وعمرة متقنة ، وصدقة على مسكين ، وترنم بآيات الكتاب ، واعتكاف في المسجد ، وتفطير للصائمين ، وتلمس لاحتياجات الفقراء والمساكين ، تنقل من حال إلى حال حتى تشعر بلذة رمضان .
أصل كلمة رمضان
اختلف في اشتقاق كلمة رمضان فقيل: إنه من الرمض وهو شدة الحر فيقال: يَرْمَضُ رَمَضاً: اشتدَّ حَرُّه. وأَرْمَضَ الحَرُّ القومَ: اشتدّ عليهم قال ابن دريد: لما نقلوا أَسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأَزمنة التي هي فيها فوافَقَ رمضانُ أَيامَ رَمَضِ الحرّ وشدّته فسمّي به. الفَرّاء: يقال هذا شهر رمضان، وهما شهرا ربيع، ولا يذكر الشهر مع سائر أَسماء الشهور الهجرية. يقال: هذا شعبانُ قد أَقبل. وشهر رمضانَ مأْخوذ من رَمِضَ الصائم يَرْمَضُ إذا حَرّ جوْفُه من شدّة العطش، قال الله عز وجل في القرآن الكريم: (( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )).
فضل رمضان
من فضل رمضان ان فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، لقول رسول الله صلي الله عليه و سلم بذلك .
" إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، ثُمَّ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ "
ويغفر الله لمن صام رمضان لقوله صلي الله عليه و سلم
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.متفق عليه
وفي رمضان تزكية للنفس وقرب من الله ،فيه أيضا تغلق أبواب النار وتصفد الشياطين وتفتح أبواب الرحمة.
وقت الصيام في رمضان من بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس, ورد في القرآن ((.. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ..)) (الآية 187 من سورة البقرة)
ومعظم الصائمين يصحون قبل بزوغ الفجر ويتناولون وجبة صغيرة ويشربون الماء (تسمى هذه الوجبة السحور) استعداداً ليوم الصوم, وقد ورد عن فضل السحور أن رسول الإسلام قال "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً"(متفق عليه).
وفي الصوم أيضاً يجب أن يمتنع المسلم عن الكلام البذيء والفعل السيئ كما ورد في الحديث الشريف "كُلُّ عَمَل ابن آدم لَهُ إلاَّ الصومَ فإِنَّه لي وأنا أجزي بهِ. والصِّيامُ جُنَّةٌ فإِذا كان يومُ صومِ أحدِكم فَلاَ يرفُثْ ولا يصْخَبْ فإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أو قَاتله فَليقُلْ إِني صائِمٌ، والَّذِي نَفْسُ محمدٍ بِيَدهِ لخَلُوفُ فمِ الصَّائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، لِلصائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهما؛ إِذَا أفْطَرَ فرحَ بِفطْرهِ، وإِذَا لَقِي ربَّه فرح بصومِهِ". قال تعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ"
وفيه تجب القيام بالأعمال الصالحة ولا تنسى ذكر الله والاستغفار مع قراءة كتاب الله عز وجل وفي هذا الشهر مؤازرة لإخواننا المسلمين في الدول الفقيرة وتعويد النفس على الصبر.
رمضان والقرآن
في هذا الشهر الله عزوجل أنزل القرآن على رسوله محمد في شهر رمضان وبالتحديد في ليلة القدر وهي ليلة يرجح البعض أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، ويرى آخرون أنها غير معلومة على وجه التحديد، وإنما هي في العشر الأواخر، وفي ليالي الوتر أوكد. ونزول القرآن، قيل إن أول آية نزلت على النبي في رمضان، وذلك كما ورد في حديث الرسول حين نزل عليه جبريل قائلا : اقرأ ! فقال محمد صلي الله عليه و سلم : ما أنا بقارئ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده - متفق عليه.
و من قبل ذلك شهد هذا الشهر نزولا آخر، إنه نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وكان ذلك في ليلة القدر، قال الله تعالى ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ))، قال ابن عباس : أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة [ النسائي والحاكم ]، وقال ابن جرير : نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان ثم أنزل إلى محمد على ما أراد الله إنزاله إليه.
قيام رمضان
صلاة التراويح هي صلاة نافلة يصليها المسلمون (السنة) في رمضان, وقتها بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، صفتها مثنى مثنى ثم يوتر بواحده أي ركعتين ركعتين ثم يصلي ركعة واحدة يدعو فيها بما شاء من خيري الدنيا والاخرة، لم يصلها الرسول (جماعة) إلا ثلاثة ليال حتى لا تفرض على المسلمين إلا أنه كان يصليها طول حياته ولم يكن يدع قيام الليل لا سفرا ولا حضرا، وسن عمر بن الخطاب صلاتها جماعة حتى لا تتعدد الجماعات في المسجد الواحد حيث قال عنها " نعمت البدعة".
عيد الفطر
حتفل المسلمون في أول أيام شهر شوال (الشهر الموالي لشهر رمضان في التقويم الهجري) بعيد الفطر (ويسمى أيضاً عيد رمضان والعيد الأصغر) لمدة ثلاثة أيام. تسن صلاة العيد في أول يوم من العيد .
يتبع ... عن قريب .. إن شاء الله
تعليق